ظاهرة البلى اللفظي - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الثّقافة والأدب > منتدى اللّغة العربيّة

منتدى اللّغة العربيّة يتناول النّقاش في قضايا اللّغة العربيّة وعلومها؛ من نحو وصرف وبلاغة، للنُّهوضِ بمكانتها، وتطوير مهارات تعلّمها وتصحيح الأخطاء الشائعة.

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

ظاهرة البلى اللفظي

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-06-25, 18:46   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أحمد محمدي الجزائري
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية أحمد محمدي الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










Post ظاهرة البلى اللفظي


ظاهرة البلى اللفظي للشيخ محمد سعيد رسلان
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

وبِه نَسْتَعِينُ وعلَيْه نتَوكَّلُ

إِنَّ الحمدَ لله نَحْمدُهُ ، ونَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ ، ونَعُوذُ بِالله مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا ومِنْ سَيِّـئَاتِ أَعْمالِنا ، مَنْ يَهْدِه اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه ، ومَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَه ، وأَشْهدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَه ، وأَشْهدُ أَنَّ محمَّدًا عبدُه ورسُولُهُ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ ، أَمَّا بَعْدُ :
فإِنَّ أَصْدَقَ الحدِيثِ كِتابُ الله ، وخَيْرَ الهدْيِ هَدْيُ محمَّدٍ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ ، وشَرَّ الأُمُورِ مُحدَثاتُها ، وكُلَّ مُحدَثَـةٍ بِدْعةٌ وكُلَّ بِدْعةٍ ضَلالةٌ ، وكُلَّ ضَلالةٍ في النَّارِ ، أَمَّا بَعْدُ :
فَمِنَ الحقَائقِ المقرَّرةِ عندَ المحدَثِـينَ مِنْ عُلماءِ اللُّغاتِ أَنَّ كثرةَ الاسْتِعْمالِ تُـبْلي الأَلْفاظَ ، وتَجْعلُ الأَلْفاظَ عُرْضَةً لِقَصِّ أَطرافِها تَمامًا كما تَـبْلَى العُملاتُ المعْدِنيَّـةُ والورَقِيَّـةُ الَّتي تَتبَادلُها أَيْـدِي البشَرِ ؛ فيُصِيبُ الألْفاظَ مِنَ البِلَى ما يُصِيبُ العُملاتِ المعْدِنيَّـةَ والورَقِـيَّـةَ .
والكلِماتُ القَصِيرةُ كثيرًا ما تُقاوِمُ الانْحِرافاتِ الَّتي تُصِيبُ الكلِماتِ الطَّويلةَ بِاطِّرادٍ ، أَمَّا الكلِماتُ الطَّويلةُ فعلَى العَكْسِ مِنْ ذلِكَ ؛ تُـقَدِّمُ لَنا في بَعْضِ الأَحيانِ انْحِرافاتٍ خاصَّةً ناجِمةً مِنْ طُولِـها .
وهذِه بِوَجْهٍ خاصٍّ هِيَ الحالُ بِالنِّسْبَـةِ لِكلِماتٍ كثيرةِ الاسْتِـعْمالِ ، ومِنْ ثَـمَّ يُمْكِنُ فَهْمُها قَبلَ النُّطْقِ بِها لِكَـثْرةِ اسْتِعْمالِـها ، إِلَى حَدِّ أَنَّ المتكلِّمَ يَسْتَطيعُ أَنْ يُعْـفِيَ نَفْسَه مِنْ تَوْضِيحِ النُّطْقِ بِها مُكتَـفيًا بِنُطْقِها في صُورةٍ مُختَصَرةٍ ؛ فالبِلَى الصَّوْتِيُّ واضِحٌ فيها بِدرجةٍ خاصَّةٍ .
وهذِه الأَلْفاظُ في عُمُومِها : إِمَّا آلاتٌ مُسَاعِدةٌ في اللُّغةِ ، وإِمَّا عِباراتٌ مَحفُوظةٌ مُتدَاوَلةٌ ؛ وهِيَ لذلِكَ لَيْسَتْ في حاجةٍ إِلَى وُضُوحِ النُّطْقِ الَّذي تَقْـتَضِيه الرَّغْبةُ في الإِفْهامِ ؛ فيُصِيبُها حينَـئِذٍ تِلْكَ الظَّاهِرةُ الَّتي سَمَّاها اللُّغَوِيُّونَ : ( البِلَى اللَّفْظِـيَّ ) ، كما يبْـلَى الثَّوْبُ وكما تَبْـلَى العُملاتُ الوَرقِيَّـةُ والمعدِنيَّـةُ لِكثرةِ التَّداوُلِ بِالأَيْـدِي تَبْلَى الأَلْفاظُ أَيْضًا .
ومِنَ الأَلْـفَاظِ الَّتي تُـعَاني هَـذَا القَـصَّ والبِـلَى : الأَدواتُ الَّتي تَـدُورُ كـثيرًا في الكَـلَامِ ، وكذلِكَ كلِماتُ التَّحِيَّـةِ الَّتي يُـرَدِّدُها النَّاسُ صَباحَ مَسَاءَ ، وما شَابَههَا .
كعِبارةِ : ( عِمْ صَباحًا ) ، هذِه تَطوَّرتْ عنْ : ( أَنْعِمْ صَباحًا ) (1) .
وكعِبارةِ : ( مُ اللهِ ) وهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ : ( أَيْـمُنُ اللهِ ) (2) .
وفي مِصْرَ يَقُولُونَ : ( سَ الْخِـير ) ! بَدَلًا مِنْ : ( مَسَاءِ الـخَـيْرِ ) .
وفي العِراقِ يَقُولُونَ : ( اللهْ بِالخِيرْ ) ! أَيْ : ( صَبَّحكَ اللهُ بِالخيْرِ ) أَوْ ( مَسَّاكَ اللهُ بِالخيْرِ ) ، فأَصَابَ العِبارةَ البِلَى اللَّفْظِـيُّ وهذَا القَصُّ مِنها حَتَّى صَارتْ إِلَى هذَا الَّذي وَصَلَتْ إِلَيْه (3) .
أَيْضًا كلِمةَ ( للسَّاعةِ ) ، مَثَـلًا : للسَّاعةِ لَـمْ يأْتِ فُلانٌ ، يَعْني : لِلآنِ لَـمْ يَأْتِ فُلانٌ ، أَصْبحتْ في مِصْرَ : ( لِلسَّـهْ ) ! ولا يَـدْرِي كثيرٌ ممَّنْ يتكلَّمُ بِها مَعْناها ومِنْ أَيْنَ جاءَتْ ، هِيَ في الأَصْلِ : ( لِلسَّاعةِ ) يَعْني : لِلْآنِ .
في شَمالِـيِّ إِفْرِيقـيا يقُولُونَ : ( لِلسَّـعْ ) ! ، وفي السُّودانِ : ( لِلسَّاتِي ) ! (4) .
وكذلِـكَ كلِمةَ ( حَـتَّى ) أَصْبَحتْ في نُطْقِ أَهْلِ سُوريا الـيَـوْمَ : ( تَـا ) ، بَعْضُهُمْ يقُولُ : ( طَـوِّلْ رُوحَكْ تَا احْكِي لَكْ ) ! ، بِمَعْنَى : مَهْلًا حَتَّى أَحْكِيَ لَكَ .
رُوِيَ هذَا التَّطَـوُّرُ في كلِمةِ ( حَتَّى ) في القَدِيمِ ، ذكَرَهُ الجَوالِـيـقِيُّ ( المتوَفَّى سَنةَ 539 ) (5) ، يقُولُ عنْ عَوامِّ عَصْرِه : (( ومِنْ كَلامِهم الـمُحالِ الغَثِّ : ( جِئْتُ تَـا أَلْقاكَ ) ، يَعْني : حَتَّى أَلْقاكَ )) .
بلْ يُمْكِنُ أَنْ تَعُودَ بِهذِه الظَّاهِرةِ إِلَى عُصُورِ الاحْتِجاجِ في العَرَبِـيَّـةِ ، في مِثْلِ قَوْلِ أَبِي وَجْزةَ السَّعْدِيِّ (6) : [ الكامل ]

العَـاطِـفُونَ تَحِـينَ ما مِنْ عاطِـفٍ.........والـمُطْعِمُونَ زَمانَ أَيْنَ الـمُطْعِمُ

( العاطِفُونَ تَحِـينَ ) حَتَّى حِينَ ( ما مِنْ عاطِفٍ ) لا يُوجَدُ مَنْ يَعْطِفُ ، وإِنْ كانَ نُحاةُ العَربِيَّـةِ قدِ اخْتلَطَ علَيْهمُ الأَمْرُ في شَأْنِ هذَا البَـيْتِ (7) .

وإلَى الملْـتَـقَى بمشِيئَـةِ الله تعالَى ..

ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) لعلَّ هذَا القَوْلُ هُو الأقْربُ ، وقيلَ : إِنَّه فِعْلُ أَمرٍ منْ ( وَعَمَ يَـعِمُ ) ، قالَ امرُؤُ القَيْسِ في قَصِيدتِه الَّتي تقارنُ بِمعلَّقتِه في الجوْدةِ : [ الطَّويل ]

أَلَا عِـمْ صَـباحًا أَيُّها الطَّـلَـلُ الـبَـالِي......... وهَلْ يَعِمَنْ مَنْ كانَ في العُصُرِ الخالِي

(2) وقَدْ تُصُرِّفَ فيها تَصَرُّفاتٍ عجيبةً ، انظُرْها في اللِّسانِ ، مادَّة ( ي م ن ) .
(3) وفي بَعْضِ البِلادِ : ( صَبَّحْكْ بِالخِير ) و ( مسَّاكْ بالخير ) ، أوْ ( مَسِّيكْ بالخير ) كأنَّهُ مِنْ : يُمَسِّيكَ المضارعِ .
(4) أَوْ : ( لِلسَّـادِي ) كأنَّها اخْتِصارُ ( للسَّاعةِ هذِه ) = ( لِلسَّاعة ذِي ) ، ويُلاحظُ أنَّ ( لِلسَّه ) ونحْوها إِذَا أدرِجتْ في جُملةٍ كانَ معناها ( إِلَى الآنِ أوْ حَتَّى هذِه السَّاعةِ ) وأمَّا إِذَا كانتْ مُفردةً في جَوابِ سُؤالٍ عنْ حُصُولِ شَيْءٍ فهِيَ تُؤَدِّي معْنَى ( إِلَى الآنِ لا ) أيْ ( لَـمَّا بَعْدُ ) .
وممَّا يُشْبِـهُ هذَا قوْلُهمْ لـ ( في هذِه السَّاعةِ ) بِمَعْنى ( الآنَ ) : ( ها السَّعْ ) ويقلبُ أهلُ العِراقِ العَيْنَ إِلَى همزةٍ ( ها السَّأْ ) ، ويُسْقِطُها أَكثرُ أهلِ الشَّامِ ( ها السَّ ) .
(5) الجوالِـيقِيُّ هُو : مَوْهُوب بْنُ أَحمدَ بْنِ الحسنِ بْنِ الخضرِ البَغْداديُّ ، والجواليقِيُّ نِسْبةً إِلَى عَملِ الجواليقِ وبَيْعِها ـ جَمْعُ جُوالِق وجُوالَق ، وِعاءٌ مَعْرُوفٌ ، مُعرَّبٌ ، في اللِّسَانِ عنِ ابْنِ الأَعْرابِيِّ ـ ، عالِمٌ بِاللُّغةِ والأَدبِ ، ترجمتُهُ في مُعْجمِ الأُدباءِ و وفياتِ الأَعيان وسِيرِ أَعلامِ النُّبلاءِ وغيْرِها .
وممَّا ذكرُوا مِنْ مناقِبه ـ وهذَا ما يَنبَغي أَنْ يُعْنَى بِه في التَّراجُمِ ـ : كانَ طويلَ الصَّمتِ شَديدَ التَّحرِّي فيما يقُولُ ، لا يقُولُ شَيْـئًا إِلَّا بعْدَ التَّحْقِيقِ ويُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ ( لا أَدرِي ) حتَّى قالَ ابْنُ الجوزِيِّ ـ وهُو مِنْ تلامِذَتِه ـ : ( رُبَّما سُئِلَ المسألةَ الظَّاهِرةَ الَّتي يُبادِرُ بِجوابِها بَعْضُ غِلْمانِه فيتَوَقَّفُ فيها حتَّى يَتيَـقَّنَ ) لله دَرُّهُ .
وكانَ ملِيحَ الخطِّ يتنافسُ النَّاسُ في تَحْصِيلِه والمغالاةِ بِه ، مِنْ مُصَنَّفاتِه المشْهُورة : ( المعرَّبُ منَ الكلامِ الأَعْجمِيِّ ) و ( شَرْحُ أَدبِ الكاتِبِ ) و ( تكمِلةُ إِصْلاحِ ما تَغلطُ فيه العامَّـةُ ) أَكملَ بِه دُرَّةَ الغَوَّاصِ لِلحَرِيرِيِّ وكُلُّها مَطْبُوعةٌ .
وقدْ تَبعَ الشَّيْخُ حفظَهُ اللهُ ياقُوتَ وابْنَ خلِّكانَ في سَنةِ وفاتِه ، وقالَ الذَّهبِيُّ رحمهُ اللهُ في السِّيرِ (20/90) : ( ماتَ في المحرَّمِ سَنةَ أَرْبعينَ وخمسمِئَـة ، وغلِطَ مَنْ قالَ : سَنةَ تِسْعٍ وثلاثِينَ ) اهـ .
(6) يَزِيد بْنُ عُبَـيْدٍ أَبُو وَجْزَةَ ـ بِفَتْحِ الواوِ وسُكُونِ الجِيمِ بَعْدَها زَايٌ ـ السَّعْدِيُّ المدَنِيُّ الشَّاعِرُ : ثِقَةٌ ، مِنَ الخامِسَةِ ماتَ سَنةَ ثَلاثِينَ ومِئَـةً ( د ، س ) . أيْ : رِوايتُه عِندَ أَبي داوُدَ والنَّسائِيِّ ، كذَا في التَّقْرِيبِ ، وفي الكاشِفِ للذَّهَبيِّ : عنْ عُمر بْنِ أَبي سَلمةَ وعنهُ ابْنُ إِسْحاقَ وسُليْمانُ بْنُ بِلالٍ ، ثقةٌ ، وانظُرْ ترجمتهُ أيْضًا في ( الشِّعْر والشُّعَراء ) لابْنِ قُتَيْـبَةَ رحمه الله (2/691) ت : الشَّيخ أحمد شاكر رحمه الله .
(7) رِوايةً ودِرايَـةً ، انْظُر رِوايةَ البَيْتِ والخِلافَ في تَوْجيه التَّاءِ في ( تَحينَ ) في اللِّسانِ ، مادَّةَ ( ح ي ن ) ، وفي الإِنْصافِ لابْنِ الأَنبارِيِّ ص (86.) ط ( المكتبة العصْرِيَّـة ) معَ تعْلِيـقِ محقِّقِـهِ محمَّد مُحيِي الدِّينِ عبدِ الحميدِ .
يتبع.....









 


رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
اللفظي, الثلج, ظاهرة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:57

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc