مقالة فلسفية حول تطبيق المنهج التجريبي على المادة الحية*البيولوجيا *
يقول كلود برنار* إن المادة الحية تشبه المادة الجامدة لذلك فهي تخضع لنفس المنهج الذي تخضع له المادة الجامدة *
أثبت موقف كلود برنار *
الطريقة استقصاء بالوضع :
المقدمة: ( طرح المشكلة )
لقد ارتبطت الدراسة العلمية بالمنهج التجريبي حيث اعتبر الأسلوب الوحيد لتحقيق القوانين العلمية خاصة بعد ما طبق على المادة الجامدة [الفيزياء ، الكيمياء ] و حقق بالفعل نتائج أبهرت العلماء إذ مكنتهم من التحكم في الظواهر و التنبؤ بها مستقبلا ولقد شاعت فكرة تقول إن هذا المنهج لا يمكن تطبيقه وتعميمه على المادة الحية لأنها تختلف جوهريا عن المادة الجامدة إلا أن هناك فكرة أخرى ظهرت تناقضها وتعارضها تؤكد على إمكانية التجريب على البيولوجيا ، وتبدو هذه الفكرة الأخيرة صحيحة وصادقة ، فكيف يمكننا إثباتها بالأدلة والبراهين .
وبعبارة أخرى كيف نثبت صدق الأطروحة التي تقول أن المادة الحية تخضع لنفس منهج المادة الجامدة ؟
العرض
محاولة حل المشكلة )
عرض منطق الأطروحة
يرى كلود برنار العالم البيولوجي الفرنسي أن المادة الحية تقبل الدراسة العلمية و يمكن أن تخضع لمقياس التجربة كما يمكن للبيولوجيا أن تصيغ القوانين و تعبر في علاقات رياضية عن ظواهرها و ليس الكائن الحي ذلك الكائن الغامض الذي ينفلت من قبضة الحتمية و يدخل في إطار الغائية و الصدفة
عرض مسلمات الأطروحة
يؤكد كلود برنار أن الكائن الحي يشبه الكائن الجامد فهو لا يعدو أن يكون مجموعة من العمليات الفيزيائية و مجموعة من التفاعلات الكيميائية فالظواهر البيولوجية كظاهرة التنفس ،الهضم ، الدورة الدموية لا تختلف عما يحدث في معمل فيزيائي أو مختبر كيميائي فإذا نظرنا إليها من هذه الزاوية وجدنا أن الكائن الحي يشبه الكائن الجامد و في هذه الحالة فهو يدخل تحت إطار الآلية و يمكن دراسته دراسة علمية و تطبيق مقياس التجربة عليه بسهولة
كذلك نجد العالم البيولوجي الفرنسي لويس باستور يسير في نفس الاتجاه حيث قام بالعديد من التجارب التي أكدت صحة فرضيات كلود بيرنار فصحح بذلك نظرية النشوء العفوي للبكتيريا وكذلك اكتشف مصل مضاد لداء الكلب بالإضافة إلى اكتشافه لعلاج داء الجمرة الخبيثة(malade de charbon ) الذي انتشر آنذاك بين الشياه .* الأغنام *
تدعيم الأطروحة بحجج شخصية :
إن تاريخ البيولوجيا يشهد على تجاوز العوائق التي أعاقت تطبيق التجربة بدء من تجربه كلود برنار على الأرانب و التي شهدت تطبيقا بسيطا للمنهج التجريبي بكل خطواته الثلاث ملاحظة ،فرضية وتجربه و إن كانت هذه التجربة تجريب مشاهدة فقط فإن البيولوجيا لم تقف عند هذا الحد بل انطلقت في إبداعاتها و اكتشافاتها من التشريح إلى الاستنساخ و ما ساعد على ذلك تطور لوسائل الملاحظة و التجريب من المجهر العيني إلى الأشعة فعرفت البيولوجيا تطورات علمية من الجراحة إلى زراعة الأعضاء ثم إلى استخدام أشعة الليزر
الرّد على الخصوم : نقد الخصوم :
يميل عدد من العلماء إلى إنكار إمكانية تطبيق المنهج التجريبي في البيولوجيا ومن بينهم جورج كوفيي على أساس أن المادة الحيّة تختلف عن المادة الجامدة ، نحن لا ننكر أن المادة الحية تختلف عن المادة الجامدة في عنصر الحياة لكن هذا لا يعني عدم قابلتها للدراسة العلمية فمادامت المادة الحيّة متشكلة في غالبيتها من المادة الجامدة مثل الماء،الأملاح المعدنية والمعادن ، و مادامت هذه المواد تقبل التجربة فيمكن تطبيق المنهج التجريبي عليها إضافة إلى أن الوظائف التي تقوم بها المادة الحيّة عبارة عن وظائف فيزيائية مثل ضخ الدّم ، و غيرها من الأنشطة الفيزيائية فإن تطبيق المنهج التجريبي يمكن تطبيقه على هذه الأنشطة إضافة إلى النشاطات الكيميائية التي يقوم بها الكائن الحي مثل التحلل ،الأكسدة إفراز المواد الكيميائية و هذه الأنشطة سبق إخضاعها للتجربة في الفيزياء فيمكن أن تعرف نفس المصير في البيولوجيا و أكثر من ذلك نموذج التجربة التي قام بها كلود برنار على الأرانب تعتبر دليلا على صحة الأطروحة إضافة إلى النتائج العلمية التي حققتها البيولوجيا في السنوات الأخيرة .
الخاتمة : ( حل المشكلة )
انطلاقا مما سبق تحليله و نظرا لما قدمته البيولوجيا من نتائج كبيرة ومذهلة نستنتج بان الأطروحة التي تقول بان المادة الحية تخضع لنفس قوانين المادة الجامدة ويمكن تطبيق التجربة عليها ، أطروحة صحيحة وصادقة ويمكننا الدفاع عنها والأخذ بها وبرأي مناصريها
إعداد الأستاذ : بودانة عبد الهادي