حينما نريد أن نصنع منتوجا ما أو نقدم خدمة معينة في عالمنا المعاصر لا شك كما هو معروف أن ندرس أذواق ورغبات مستهلكي هذه المنتوجات والخدمات ويمتد الأمر حتى لدراسة سلوكياتهم فإن أردنا أن نصنع حاسوبا مثلا راعينا بأن هذا المستهلك يرغب في أن يكون حاسوبه ذو سرعة عالية وقدرة تحمل وحجم ذاكرة كبير وراعينا أن يكون هذا الحاسوب مليئا بالاختيارات عند الاستعمال ولابد أن نراعي الحجم أيضا فمستهلك اليوم كثير التنقل ولربما أمورا أخرى يعرفها أهل الاختصاص.
وإذا أردنا زرع البطاطا وتسويقها سندرس حتما هل أصحاب المنطقة الفلانية يأكلون البطاطا؟ وهل يأكلون البطاطا البيضاء أم الحمراء؟ وهل يرغبون في البطاطا لقليها أم لطهيها؟ وما هو حجم استهلاكهم لها؟ وما هو مقدار مداخيلهم؟ وما هو مقدار دخلهم المخصص لشراء البطاطا؟... فما الداعي لزراعة البطاطا إن لم يكن أصحابنا لا يأكلون البطاطا.
إن كل ما كتبناه حتى الآن يخص فقط التجارة والتجار ولكن،
لا يتوقف الأمر عند التجارة والتجار بل يمتد الأمر إلى كثير من المجالات فنجد التسويق السياسي والمنتوجات السياسية وغيرها من المجالات وحتى المنتوجات التجارية ليست في صورة بطاطا وحواسيب فقط بل في صورة أفلام وأغاني ومسلسلات ومن يعلم؟ ربما حتى الكرة ولكن،
قلنا أولا أنه يتم دراسة سلوك مستهلكي السلع حتى نصنع السلع وفقا لرغبات المستهلكين ولكن،
ماذا لو قمنا بالعملية العكسية، ماذا لو أثرنا في سلوك الأشخاص المستهلكين في عوض أن نهتم بالسلعة؟، ماذا لو جعلنا كل الناس يأكلون البطاطا؟ ماذا لو جعلنا كل الناس يأكلون مأكولات معينة ويلبسون بطريقة معينة ويتطبعون بطباع معينة؟ ماذا لو جعلنا شعوبا بأكملها تتطبع بطباعنا وتنحى منحانا؟ ألا تصبح الأمور أكثر سهولة وإثارة؟؟؟؟؟
التجار يقطفون أموالا ولكن؟؟؟؟
ماذا لو كان المقابل الذي نجنيه من هؤلاء المستهلكين وهؤلاء الشعوب أمورا أغلى وأعظم من الأموال؟؟؟ ألا يصبح الأمر أكثر إثارة؟؟؟؟؟