![]() |
|
قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث .. |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
تتبُّع الرُّخص بين الشرع والواقع
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() تعريف الرُّخصة الشَّرعيَّة قبل تعريف الرُّخصة الشَّرعية بمفهومها الاصطلاحيّ يحسن أن نبيِّنَ مدلول كلمة (الرُّخصة) من حيث معناها اللُّغويِّ؛ حيث إنَّها تُطْلَقُ ويراد بها عدَّة معان، منها: التَّسْهيل والتَّخفيف والتَّيسير. يقول ابن فارس (ت: 395): (الراء والخاء والصاد أصل يدلُّ على لين وخلاف شدة)([1]). ويقول ابن منظور (ت: 711): (الرُّخصةُ ترخيصُ الله للعبد في أشياء خفَّفها عنه، والرُّخصة في الأمر خلاف التَّشديد)([2]). أمَّا ما يتعلَّق بتعريف الرُّخصة الشَّرعيَّة اصطلاحًا، فالنَّاظر في كتب أصول الفقه يجد أنَّه لا يخلو كتابٌ أُلِّفَ في هذا الفَنِّ قديمًا وحديثًا إلا ويوجد به تعريفٌ للرُّخصة الشَّرعيَّة؛ لهذا فقد كثرت تعريفاتُ العلماء لها وتنوَّعت، وأجودُ هذه التَّعريفات– كما قال الشيخ محمد الأمين الشّنقيطي([3]) (ت: 1393)– تعريف تاج الدِّين السُّبكيّ الشَّافعيّ (ت: 771)؛ حيث عَرَّفَها بقوله: «الحكمُ الشَّرعيُّ الذي غيَّر من صعوبة إلى سهولة ويسر لعذر اقتضى ذلك، مع قيام سبب الحكم الأصليِّ»([4]). ولو أخذنا التعريفَ بمعناه العامّ وبعيدًا عن شرح مفرداته ومحترزاته التَّفصيليَّة تبيَّن لنا المقصود؛ حيث إنَّها رُخَصٌ شرعيَّةٌ معتبَرَةٌ جاء بها الشَّارع الحكيم تخفيفًا على المكلَّفين وتسهيلاً للأحكام وتيسيرًا للعمل ودفعًا للمشقَّة والحَرَج؛ فمثلاً: الذي لا يستطيع استعمالَ الماء لعدم القدرة عليه، أو أنَّه لم يجده، أبيح له التَّيمُّمُ بقوله– عز وجل: }فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا{ [النساء: 43]، وهي مسألةٌ معلومةٌ مفصَّلةٌ في كتب الفقه. ومن الأمثلة أيضًا أنَّ القرآنَ الكريمَ نصَّ على أنَّ حكمَ أكل الميتة محرَّمٌ بقوله– تعالى: }حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ{ [المائدة: 3]؛ لكن جاءت بعد ذلك الرُّخصةُ الشَّرعيَّةُ المشروطةُ بقوله– تعالى: }فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ{ [المائدة: 3]. قال ابنُ قدامة المقدسي (ت: 620): «فإن قيل: فكيف يسمَّى أكلُ الميتة رخصةً مع وجوبه في حال الضَّرورة؟ قلنا: يُسَمَّى رخصةً من حيث أنَّ فيه سعةً؛ إذ لم يكلِّفه الله– تعالى– إهلاكَ نفسه...»([5]). فهذه الأمثلةُ ونحوُها ممَّا يندرج تحتَ هذا الأصل جاءت بها نصوصٌ عديدةٌ عامَّةٌ من الكتاب والسُّنَّة تؤصِّلُه وتدلُّ عليه؛ مثل قوله– عز وجل: }يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ{ [البقرة: 185]، وقوله– تعالى: }وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ{ [الحج: 78]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «عليكم برخصة الله الذي رخَّص لكم ...»([6]). إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الكثيرة التي جاءت في كتاب الله– عَزَّ وجَلَّ– وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ حيث استنبط منها أهلُ العلم قواعدَ كثيرةً جامعةً، وقرَّروها في كتبهم ومصنَّفاتهم؛ مثل قولهم: «المشقَّةُ تجلب التَّيسير». و«الحرج مرفوع». و«الضرر يزال». و«إذا ضاق الأمر اتسع»... وغيرها. ومن خلال هذه الآيات والأحاديث والقواعد الشَّرعيَّة المعتبرة يتَّضح بجلاء أنَّ التَّيسيرَ والتَّخفيفَ والتَّرخيصَ للمكلَّفين عند المشقَّة مقصدٌ عظيمٌ من مقاصد الشَّرعيَّة، وأصلٌ مقطوع به من أصولها؛ حيث إنَّها تحفظ على الناس ضروريَّاتهم وحاجياتهم، وتوسِّع عليهم، وترفع الضَّررَ عنهم؛ فهي من رحمة الله بهم وفضله عليهم؛ لئلَّا يكون إعنات أو حرج فيما كلفوا به ([7]). وقبل أن نَختمَ هذا المبحثَ ينبغي التَّنبيهُ على أنَّ لهذه الرُّخص أحكامًا وشروطًا وضوابط أَفْرَدَ لها علماءُ الأصول أبوابًا مستقلَّةً في كتبهم؛ وإنَّما ذُكر مفهومها وأمثلتُها هنا لكي لا تلتبسَ بالمقصود في هذه الرِّسالة؛ وهو تَتَبُّعُ رخص العلماء؛ حيث إنَّ الرُّخَصَ الشَّرعيَّة لا خلافَ في الأخذ بها إذا توفَّرت الشُّروط وانتفت الموانع؛ كما سيأتي. ([1]) مقاييس اللغة، مادة (رخص)، (2/500). ([2]) لسان العرب: (7/40). ([3]) ينظر مذكرة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في أصول الفقه، ص(60). ([4]) رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب، للسبكي: (2/26). ([5]) روضة الناظر وجنة المناظر: (1/261). ([6]) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب: الصيام (1115). وأخرجه النسائي: (2258)، بلفظ: «عليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها». وصححه ابن القطان في بيان الوهم والإيهام: (2/579)، والشيخ الألباني في صحيح النسائي (2257). ([7]) ينظر كتاب: رفع الحرج في الشريعة الإسلامية، ضوابطه وتطبيقاته، للشيخ الدكتور: صالح بن حميد ص(93). وكتاب: الدرر البهية في الرخص الشرعية، لأسامة الصلابي، ص(60)؛ بتصرف.
|
||||
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الرُّخص, الشرع, تتبُّع, والواقع |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc