اعْتَرَضَتْ تَجَهُمَ مَسَائي إِشْراقَةٌ إِنْسِيَة
أَنَارَتْ عَيْناهَا مَحَاجِرَ ذِكرَياَتي المَنْسِيَة
أيْقَظَتْ وُعُوداً بِسِرْدَابِ المَاضِي مَنْفِيَة
شَعْثَاءٌ ثَمِلَة سَفَّت آخِر أَمَالٍ مَُتبقِيَة
تَقِفُ أمَامي عليها ابتِسَامةٌ مَخْفِيَة
تَعُضُ الأَنَامِل تُحَيّيني بأَنْظارٍ طُفولِيَة
يَتَسَللُ الحَنينُ في زَفَراتِها الشَجِيَة
داخِلي يُزيلُ ما كَمُنَا من عِتابٍ وأذِيّة
أحْيَا بِسَطْوَتِه فُصُولاً غيرَ منتهية
لقِصَةٍ غَفَتْ من سَنةٍ بليْلةٍ صَيفِيَة
عَادَتْ وعَادَ الرَبيعُ بِطَلتِهِ البَهيَةِ
تُلَوِحُ بي كأَنِي بِيَدِها وُرُودا زَكِيَة
تَإِنُ عِطْرا وتَذْرِفُ أَنغَامًا شّجِيَة
ما بيْنَ الضُلُوعِ كانَتْ صَرَخاتٍ قَْلبِيَة
جَعَلَتْها الأيَامُ وَاجِفَةَ النَبْضِ مُنْتهَِيَة
أَرَْدتْها جُثَةً تَتَآكلُها الأَحْزانُ بِرُوِيَة
فإِذْ بِها تَهُبُ فَجأةً نُسُما مَلْساءً شَرقِيَة
تَطْرُقُ نَوافِذَ عُبوسِي طَرَقاتٍ سِحْرِيَة
وتَحُومُ بي كَصَدا جَلْسَةِ طَرَبٍ ليْلِيَة
بِها الكَواكِبُ ضَواحِكٌ والأَنْجُمُ مُنْتَشِيَة
تَتَراقَصُ تَحت اِلتِماعِ الَقمَر بِحُرِيَة
بَعَثَتْ من جَفا مُحْيَاي بَسْمَةً نَدِيَة
.................تقول.........................
خُدْني إِليْكَ لَعَلي أَجِدُ طَريق العَوْدَة
أو عَسَانِي أَتَناثَرُ حُمرةً مِثلَ الوَرْدة
فَتَنْحَني أَحاسِيسُكَ إلي مُستَنِدة
إِجْلالًا مَلِكَةً أنا على عَرْشِ المَوَدَة
تَهْدي حُبا كَحُلُمٍ أفَاقَتْ منهُ مُتوَرِدَة
تَبْتسِمُ عَبَقا وتُثَرثِرُ كطيور مُغرِدَة
لَحْنا ابْتَهَلَتْ عَليهِ حَواسي مُتَعبِدَة
تَبَتلَتْ شَوقاً تَطلُبُها في كل سَجْدَة
وفي عُنفُوان هَيامٍ لانت له أفئدة
تَجَبرتْ خَلفَ جُمودها مُسْتَأْسِدة
بُعِثَتْ خَاضِعَة رغَباتي المَوْؤودَة
تَتراءَى لها أبْوابَ الحيَاة المُوصَدَة
تَوَهجَتْ دَهْشةً بلَهفَةِ الوصال موقدة
ما لَبِِثَتْ أن خَبَتْ خُشوعاً خامِدَة
بعَتَبةِ عيْنَيها آسيرة بالمُنى مُقَيدَة
وروح اسْتَحالَ تَرْويضُها ثائِرَة مُتَمَرِدة
خَلَعَتْ كبريائها وفَرتْ إليها عَنهُ مُرْتدَة
حافِيةَ الأَنفاسِ فَكَتْ عنها كل عُقْدَة