منهج التربية عند شيوخ الزاوية الوزانية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الأنساب ، القبائل و البطون > منتدى العائلات و الألقاب الجزائرية

منتدى العائلات و الألقاب الجزائرية لكل من يبحث عن امتداد عائلته، و التدقيق في تاريخ و أصل و انتشار لقبه... لأجل التعارف...التواصل و صلة الأرحام

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

منهج التربية عند شيوخ الزاوية الوزانية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-09-15, 11:36   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
حكيم عياض
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










New1 منهج التربية عند شيوخ الزاوية الوزانية

منهج التربية عند شيوخ الزاوية الوزانية
د.محمد العمراني
جامعة فاس، المغرب


ضرب شيوخ
الزاوية الوزانية بسهم وافر في تربية المريدين وجمعهم على الله، والسلوك بهم أثر القوم، في إطار طريقة صوفية جزولية شاذلية، تغترف من معين السنة النبوية الشريفة، وتكرع من حياضها، وتمتح منها العناصر الضرورية لمجابهة البدع والدعاوى الزائفة، وكل ما يعكر الصورة النقية للدين الإسلامي الحنيف والتصوف الإسلامي الخالص، وذلك منذ تأسيسها على يد الشيخ الصوفي مولاي عبد الله الشريف الوزاني[i][1] خلال أواسط القرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي. فقد ذكر الفقيه الصوفي حمدون الطاهري الجوطي الفاسي (ت.1191هـ/1777م) أن هذا الشيخ المؤسس كان «عالماً بطريقة الصوفية، عارفاً وماهراً بأحكام التربية»2، وأن خليفته من بعده ولده الشيخ سيدي محمد3 كان «حافظاً للسنة وآدابها، من أعظم فحول أهل الطريقة الصوفية ورجالها»4، وأن حفيده الشيخ مولاي التهامي5 كان «ممن تشد إليه الرحال، وتنفك عند سماع ذكره الأوحال...، لا تراه إلا لاهجاً بالذكر والاستغفار والتسبيح والتقديس والتهليل والتكبير...، وكان...من زهاد هذه الأمة، وأعلمهم بالسنة»6. كما ذكر الطاهري أيضاً أن الشيخ مولاي الطيب الوزاني7 كان «الورع شيمته، والزهد سجيته...، يدل على الله تعالى بأقواله وأفعاله، قد عمر قلوب الفقراء المريدين بمحبته، فلا يرون به بديلا، يداوي القلوب المرضى فلا ترى بساحته عليلا،وإذا جلس بين الإخوان خِلتَه كالبحر الزاخر، يرمي بموج الأسرار أو كالشمس والقمر الزاهر، تستمد من سناه الأنوار، وفدت عليه الوفود من كل الأقطار والبلدان، وقصده من كل مكان أعيان الأعيان، فروى قلوب السالكين بلذيذ شرابه، وملأ بضاعة العارفين والمقوين من رطبه وأثماره، فهو بين العارفين إمام، يستسقى بوجهه الغمام»8، وشهد في حقه الفقيه الصوفي محمد بن حمزة المكناسي(كان حيا عام 1237هـ/1821م) بكونه «كان...في طريقة القوم وحسن التربية عارفاً بسبك ذهبها، وصنعة تصفيتها، انتفع به خلق كثير وجم غفير، من أهل الظاهر والباطن»9.
ويحدثنا المكناسي المذكور أن الشيخ سيدي أحمد بن الطيب الوزاني10 كان «هلالاً ساطعاً، وبرهاناً لائحاً قاطعاً، وارثاً لتلك المحاسن والأسرار، مغترفاً من بحر معارف السادات الأبرار، سقاه الله من بحر مدد جده سيد البشر صلى الله عليه وسلم وصحابته الأخيار، وكان...جبل النور وذروته، وكعبة الصلاح ومَرْوته، من فحول أرباب الطريقة، تُشد إليه الرحال، وتأتيه أعيان الأعيان من أقطار البلدان...، عارفاً بأمور التربية، متخلقاً بالأخلاق المرضية، محافظاً على السنة، خالياً من الدعوة، متبرئا من الحول والقوة»11، وأن وارث سره من بعده ولده سيدي علي12 كان بدوره «هلالا ساطعاً، ونوراً لامعاً، وبرهاناً قاطعاً، ممن تشد إليه الرحال، وتخضع لهيبته رقاب الرجال»13، وقد حلاَّه بـ«عالم العلماء، وحكيم الحكماء، وفهيم الفهماء...، ملقن الصادقين، ومبشر الصابرين، ومنار العارفين، ومنهاج المحققين، أبو المؤمنين، ومزيد المريدين، ومقطنهم في رحمة رب العالمين، ومجذبهم إلى أوليتهم، ومسلكهم إلى آخريتهم»14، وأنه كان «سنيا شرعيا حقيقيا، لا سكون ولا حركة له إلا بإذن الله، موافقاً لأحكام التنزيل وسنة الرسول، محافظاً عليها من غير تغيير ولا تبديل، ذاكراً لله على الدوام، آخذاً بحديث نبينا عليه السلام»15.
فبعد استعراضنا لهذه النعوت والتحليات الواردة في حق شيوخ الزاوية الوزانية الأم، التي تؤكد على رسوخ قدمهم وعلو كعبهم في العلوم الصوفية والدينية، واتساع هيبتهم وشهرتهم بالبلاد المغربية والإسلامية، يجدر بنا أن نتساءل عن طبيعة المنهج المتبع في التربية الصوفية لدى هؤلاء الشيوخ، وعن الخاصيات والسمات التي تميز تربيتهم عن بعض طرق التربية الأخرى، كطريقة التربية عند شيوخ الزاوية الدرقاوية على وجه الخصوص.
أجل، إن المتتبع لمناقب الزاوية الوزانية تطالعه معطيات مهمة تفيد بكون تربية المريدين عند شيوخ هذه الزاوية كانت تتم «بالنظر والهمة، لأن التربية بالاصطلاح اندثرت لضعف حال المريدين وقلة الرغبة في الدين، وكثرة الإقبال على الدنيا، وإعراض الناس عن الآخرة»16. والتربية بالنظر والهمة التي تدعى أيضاً بطريقة التبرك والتلقين، أو بطريقة الإفادة بالهمة والحال- هي في واقع الأمر طريق الشاذلية نفسها17، وتتلخص تعاليمها في «تلاوة الأوراد والأذكار والأحزاب، وتلاوة القرآن، والصلاة على مولانا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، آناء الليل وأطراف النهار، مع اتباع السنة والتنفل بالصوموالتهجد بالليل، والشيخ يرقيه (أي المريد)مع ذلك كالمرأة الحاضنة للطفل من مقام إلى مقام إلى أن يصير كهلا راشدا مرضيا»18، وقد أخذها الشيخ مولاي عبد الله الشريف الوزاني عن شيخه سيدي علي بن أحمد الصرصري19، وعليها جرى عمله في تربية المريدين الذين كانوا يجتمعون عليه سواء إبان إقامته بقبيلة مصمودة أو بعد ارتحاله إلى وزان، وأذن لمريده الحاج الخياط الرقعي الفاسي20 في تلقينها لأصحابه الفقراء بفاس، وسار على هذا النهج التربوي نفسه سائر خلفاء الشيخ المؤسس شيوخاً ومقدمين.
وتتميز هذه الطريقة بوسطيتها واعتدالها، وتمسكها بالكتاب والسنة، وبمراعاتها للمقاصد السامية للتصوف الإسلامي السُّني في عملها بمفهومي«التحلية»و«التخلية» : تحلية النفس بمكارم الأخلاق والفضائل، وتخليتها عن العيوب والشهوات والرذائل، وبذلك أمكن لها البقاء منتشرة في المغرب وغيره من بلدان العالم الإسلامي، منذ عهد الشيخ أبي الحسن الشاذلي(ت.656هـ/1268م) إلى يومنا هذا. أما طريقة «التربية بالاصطلاح» المشار إليها، فهي طريقة الصحبة والاقتداء بالشيخ وتأديبه باصطلاحه، وقد عرفت نشاطاً متميزاً خلال العصر الوسيط، غير أنه لما فشى الضعف في كيان الأمة الإسلامية في العهود الأخيرة من هذا العصر انقرضت وارتفع إنتاجها، ومن ثم أصبحت طريقة الإفادة بالهمة والحال ناسخة لها ولسائر الطرق الصوفية الأخرى، مثلما نسخت الديانة الإسلامية سائر الديانات السماوية السابقة.
وبقراءتنا لكتاب«تحفة الإخوان» لحمدون الطاهري الجوطي السالف الذكر، تطالعنا إشارتان هامتان عن انقطاع التربية بالاصطلاح في العهد الذي ذكرناه،إحداهما للشيخ الصوفي أحمد بن عقبة الحضرمي اليمني (ت895هـ/1490م)، والأخرى لتلميذه الشيخ الصوفيأحمد زروق البرنسي الفاسي(ت.899هـ/1494م).يقولالشيخ الحضرمي :«ارتفعت التربية بالاصطلاح في سنة أربع وعشرين وثمانمائة،ولم يبق غير الإفادة بالهمة والحال، فعليكم باتباع السنة من غير زيادة ولا نقصان، يعني الجادة مع التزام الصدق، وبالله التوفيق»21. أما الشيخ أحمد زروق فيقول : «والتربية لا ترتفع أبداً، لكنها تارة تجري بالاصطلاح من الخلوات والتربيات ونحوها، وتارة بحفظ الأصول فقط، وتارة بحفظ الحرمة ليس إلا، وتارة بعلو الهمة وقوة الحزم والعزم، وتارة بمجرد التلقي، وهذه الأمور لا تزال أبد الآبدين، غير أن الاصطلاح قد انقرض في هذه الأزمنة وارتفع إنتاجه، حسبما دلت عليه العلامات،وشهد بهالاستقراء»22.
والملاحظ أنه في الوقت الذي اتفقت فيه كلمة العلماء والصوفية على اندثار التربية بالاصطلاح وبقاء طريقة الإفادة بالهمة والحال عنواناً للتربية الصوفية23،فإن الشيخ الصوفي أحمد بن عجيبة التطواني(ت1224هـ/1809م) يرى أن حكم زروق حول انقراض «الاصطلاح» يُفسَّر بكثرة عدد المدعين للمشيخة في عهده، وأنه لا يجوز تعميم هذا الحكم حول انقضاء شيوخ التربية المخلصين. ويذهب إلى القول بأن ما ذكره زروق «فيه نظر من وجهين : أحدهما أن الاستقراء الذي ذكره متعذر في جميع أقطار الأرض، وشيوخ التربية الغالب عليهم الخفاء، لأنهم كنوز لا يظفر بهم إلا من أسعده الله، والثاني أن دائرة الأولياء لا تنقطع أبداً، من أقطاب وأبدال وأوتاد...، وبلوغه إلى مقام القطبانية لا يكون من غير تربية أبداً»24.
ويدافع ابن عجيبة عن ضرورة وجود الشيخ المربي ليسلك بالمريدين منعرجات الطريق الصوفي، وعن استمرارية التربية بالاصطلاح بالمغرب في وقته، للرد على قول الشيخين الحضرمي وزروق بخصوص اندثار الاصطلاح في عصرهما، إذ يقول : «فإن قلتَ : يكفي فيه(الشيخ) الهمة والحال، قلنا : لا نسلم ذلك، لأن تربية الهمة والحال دون اصطلاح المقال، لا يترقى صاحبها من مقام إلى مقام، ولا من حال إلى حال، فلا يخرج من السلوك إلى الفناء، ولا من الفناء إلى البقاء، إلا بتربية المقال، وهي الاصطلاح. وإن أراد بالاصطلاح : الخلوة، وترتيب الأوراد، فلا نسلم أيضاً أنه انقطع، إذ من بلغ إلى درجة التربية يربي كيف شاء، فمن تصلح به الخلوة ربَّاه بها، ومن تصلح به الخلطة رباه بها، فشيخ التربية لا ينقطع أبداً عن تربية الهمة والحال والمقال والاصطلاح، وإذا كان الحضرمي تكلم على ما ظهر له في زمانه، فلا يلزم عمومه فيما بعده»25.
ثم إنه ليس صحيحاً -برأيه- كلما تقادم العهد على زمن النبوة سارع الانحطاط إلى المسلمين، فليس خير عصور المسلمين هو عصر النبوة والتابعين وحسب، فـ«نور النبوة في الزيادة لا في النقصان»26. كما يعلق على كلام الحضرمي المذكور قائلا : «لم يقصد الحضرمي انقطاعها على الأبد، وحاشا الحضرمي أن يتحكم على الله ويعجز قدرة الله، وإنما أراد أن في زمانه مدعين كثيرين، فحذر أهل زمانه منهم، ومعرفة الحضرمي وزروق رضي الله عنهما تنافي هذا القصد، وعلى تقدير صدورها منهما، فليسا بمعصومين، فكل كلام يرد ويقبل إلا(كلام) صاحب الرسالة(ص)،فقد وجد بعد الحضرمي رجال كانوا من أهل التربية النبوية بالحال والمقام والهمة لا يمكن عدهم، وهم موجودون في زماننا هذا مشهورون كنار على علم، قد هدى الله على أيديهم خلقا كثيراً، وخرج على أيديهم من الأولياء ما لا يعلمهم إلا من مَنَّ عليهم بمعرفتهم»27.
ويذكر لنا ابن عجيبة في هذا الصدد طائفة من الصوفية المحققين ممن وجدوا بعد الحضرمي وحتى في زمانه، والذين اتفق الناس على تربيتهم، منهم عبد الله الغزواني، ويوسف التليدي، وعبد الله الهبطي، وعبد الرحمن المجذوب، وامحمد الشرقي، ويوسف الفاسي، وعبد الرحمن الفاسي، ومحمد بن عبد الله مَعْن الأندلسي وغيرهم، «فإنكار كمال هؤلاء وتربيتهم-في نظره- مكابرة وخذلان، والعياذ بالله من الطعن في أولياء الله...، ولكن من كان خَفَّاشاً لا يستطيع أن يُبصِر شعاع النور»28 على حد تعبيره.
ويبدو أن الشيخين الحضرمي وزروق قد قطعا باندراس الاصطلاح وارتفاع إنتاجه في زمنهما اعتباراً لجملة من الدلائل والعلامات الظاهرة، منها عدم وجود صوفية محققين تتوفر فيهم شروط التربية الصوفية التي انتهجها أعلام التصوف الأوائل، وظهور كثير من أهل الدعاوي الباطلة، وأرباب الطوائف «الصوفية» الشاذة، الذين لم تكن تربطهم بالتصوف الإسلامي الخالص أية نسبة تذكر، وإنما نسبوا أنفسهم إلى طريق القوم زُوراً، فدسُّوا على هذا الطريق أفكاراً دخيلة، وأدخلوا عليه بِدعاً ومحدثات غريبة، فكدَّروا صفوه، وشوَّهوا صورته، فضلُّوا وأَضَلُّوا.
ومنها الضعف الذي دَبَّ في جسم الأمة الإسلامية خلال هذا العصر وقبله، بحيث ابتعد الناس عن تعاليم الدين، وأقبلوا على الدنيا، وركنوا إلى اتباع الشهوات، وقلة المبالاة، ولم تعد للمريدين الرغبة في البحث عمن يسلك بهم منعرجات الطريق، ويتعاهدهم بالتربية الروحية، ويرقيهم في المراتب والمقامات من أشياخ وقتهم، لضعف حالهم، وفساد زمنهم.
ومن ذلك اقتناع الصوفية أنفسهم إبان هذا العصر وقبله باندثار التصوف وانطماس أعلامه، ويؤيد هذا ما ذهب إليه الشيخ الصوفي أبو العباس أحمد بن محمد بن يوسف التجيبي المعروف بابن البنَّا السرقسطي في أرجوزته المسماة بـ«المباحث الأصلية»، حينما قال :

إن الـذي سألـتَ عنـه مــات
وصـار بعد أعظمـاً رفــات
فطمسـت أعـلامـه تحقيقـــاً
فلم تجـد بعـد لهـا طريــقاً29.

وإذا كان الحضرمي وزروق قد اتفق رأيهما مع رأي ابن البنا السرقسطي فيما يخص انقراض التصوف وطريقته وتربيته بانقراض أهله، فإن لابن عجيبة تفسيراً خاصا لكلام ابن البنَّا، لا يخرج عن التفسير الذي ظل دائماً متمسكاً به حيال وجود واستمرارية التربية بالاصطلاح، وانتشار أشياخها في زمنه انتشاراً كثيراً بحسب رأيه، فقد ذهب إلى القول بأن مضمون كلام ابن البنا هو أن «الصوفية المحققين السالكين على منهاج المتقدمين قد قلوا جدًّا، حتى كأن علومهم ماتت وبليت، وصارت رميما، وطرقهم قد طمست، وأذواقهم قد اندرست، ولم يبق على منهاجهم إلا القليل، ومثل ما قاله الناظم (ابن البنا) قاله مَن قبله، ففي كل عصر يقول أهله : قد ذهب التصوف وذهب أهله، لما يرون ما انكب عليه الجاهلون، وما استجلبه المدعون»30.
وساق ابن عجيبة في هذا الصدد طائفة من أقوال الصوفية المتقدمين والمتأخرين، ابتداء من أبي القاسم الجنيد إلى بعض أشياخ وقته، كلها تتفق على أن التصوف قد ذهب أثره، ولم تبق إلا رسومه، منها قول الشيخ الصوفي أبي مدين الغوث التلمساني (ت.594هـ/1198م) في رائيته :

واعلم بـأن طريـق القـوم دارسـة
وحال من يدَّعيها اليوم كيف ترى

وقول الشيخ الصوفي الشريف سيدي علي بن عبد الرحمان العمراني المعروف بالجمل(ت1194هـ/1780م) : «من تونس إلى واد نون لا تجد من يتكلم في هذا العلم إلا رجلا أو رجلين»31، وغير ذلك من الأقوال المماثلة. ويرى ابن عجيبة في هذه الآراء الواردة عن صوفية مشهود لهم بالتبحر في علوم الشريعة والحقيقة «كناية عن قلة وجود المحققين، ولا يدل هذا على انقطاعهم، ففي كل زمان رجال يرحم الله بهم عباده، فالعدد المعلوم لا ينقطع حتى ينقطع الدين»32 بحسب تأويله.
ولعل دفاع ابن عجيبة عن انتشار شيوخ التربية بالاصطلاح بعد الحضرمي وزروق ووجودهم في زمنه يستند إلى تجربته الصوفية الشخصية مع أحد الشيوخ الذين توفرت فيهم-حسب رأيه- شروط التربية على الكمال، ذوو همة وحال ومقال، ويتعلق الأمر بشيخه مولايالعربي الدرقاوي(ت1239هـ/1823م)، الذي قَدِم مع الشيخ علي بن عبد الرحمن العمراني السالف الذكر إلى قبيلة بني زروال الجبلية فـ«جدَّدَا الطريقة بعد دروسها، وأشرقت على يديهما شموس الحقيقة بعد خمودها، وكثر اللهج بذكر الله، وانقلب كل العباد إلى الله»33 كما يؤكد ابن عجيبة.
وحقيقة الأمر، أن شيخه مولايالعربي الدرقاوي المذكور، الذي لم يكن راضياً عن النهج التربوي السائد لدى أشياخ الطرق الصوفية في وقته، كان يرغب في إعادة بعث وإحياء زمن رجال التصوف القدامى، وإسقاط تجربتهم وفلسفتهم الصوفية على أرض الواقع المغربي الحديث، في وقت لا تجد فيه من يقبل على الخوض في مسائل التصوف الفلسفي، فبالأحرى الإقدام على اعتناقه، والتمذهب بمذهبه وطريقه، وهذا ما دفعه إلى إحياء الطريقة الدرقاوية من جديد خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي، على أساس تبني تصوف جديد-قديم يقول بالتجريد والفناء والأحوال والإشراق، لكن تصوفه هذا لم يكتب له الذيوع كثيراً في الأوساط الحضرية لغلوه وتطرفه، وقصور العامة عن كنه مقاصده ومغازيه، فضلا عن عدم مسايرته من جهة لمصالح بعض الزوايا الشمالية، كالزاويتين الوزانية والريسونية المعروفتين باعتدالهما في السلوك، والتزامهما بآداب التصوف الإسلامي السني، ومن جهة أخرى لمصالح المخزن المغربي الذي كان يرى في «التصوف الدرقاوي» عاملاً يهدد الاستقرار الاجتماعي.
ويكفي أن نشير مثلا أن نخبة تطوان ووجوهها وأعيانها وقِسم من عامتها، الذين كانوا يدينون بالولاء الروحي للشرفاء الوزانيين والريسونيين، كانوا يناوئون الطريقة الدرقاوية، ويضربون عليها الحصار كي لا تدخل مدينتهم34، وحتى لما دخلت هذه الطريقة مدينة تطوان إبان تسعينات القرن الثامن عشر كانت مضطهدة فيها، لا يستطيع أحد أن ينتمي إليها، وقد تعرض أتباعها- بمن فيهم أحمد ابن عجيبة نفسه- لكثير من الإهانات والاعتداءات من قبل الأهالي وأعوان المخزن على حد سواء خلال فترة حكم السلطان مولاي سليمان35. وكانت أعنف هذه التجاوزات تلك الحملة «التطهيرية» التي قادها قائد تطوان حمان الصريدي ضد أنصار الطريقة المذكورة في عام 1209هـ/1795م، والتي انتهت بسجن حامل لواء الفكر الدرقاوي بتطوان الصوفي أحمد ابن عجيبة المذكور، وكذلك جماعة من أصحابه بعدما اتهموا بإفساد الشباب بسبب ممارستهم الصوفية الشاذة، كالاختلاط بالنساء، وخرق العوائد بلبس المرقعات، والمشي بالحفا، ومد اليد للسؤال، والاجتماع على الرقص، وغير ذلك من الممارسات التي تعكر صفو التصوف الإسلامي السني، وجو المدينة ذو الطابع الحضري الأندلسي الأصيل.
وقد حاول القائد الصريدي مراراً الضغط على ابن عجيبة للتخلي عن لبس المرقعة، وعن سلوك حياته الجديد، كالتجول في المدينة عاري الرأس، حافي القدمين، وتنظيف السوق، وحمل الأزبال، والتسول أمام الطرقات، وحمل القربة على الظهر والطواف بها على الناس لأجل سقايتهم، والعودة بذلك إلى مباشرة وظيفته العلمية بمساجد تطوان كما كان من قبل، فرفض في البداية العدول عن سيرته، لكنه ما لبث أن أذعن لتلك الضغوط، وأشهد على نفسه بالتخلي عن فلسفته الصوفية الجديدة ظاهريا على الأقل «والقلب- كما يقول-مطمئن بالإيمان»36، فأُطلِق سراحه بينما مكث أصحابه بالسجن بعدهمدة من الزمن. ولعل في تخليه عن ممارساته وأفكاره الصوفية المتطرفة ما يدل على أنه كان يدرك المصير الذي ينتظره في حال ما أصر على طريقه، وقد عبر عن ذلك في «فهرسته» حينما ذكر أن السلطان مولاي سليمان أرسل إلى قائده بتطوانحمانالصريدي يقول له : «إن لم يرجع الفقيه ابن عجيبة عن ذلك، فقيده بالسلاسل واسجنه وأرسله إليَّ»37، فخشي ابن عجيبة أن يكون جسوس38 عصره، فتخلى عن «ثورته»، وغادر المدينة للاستقرار بالبادية، معلنا بذلك عن فشل «الثورة»39.
وخلال أيام مكوثه بالسجن، قدِم لزيارته وفد يضم ممثلين عن الطريقة الدرقاوية بجهات المغرب، لكن بمجرد وصولهم إلى تطوان ألقي عليهم القبض، وأدخلوا السجن هم كذلك، بعدما أرغموا على التحلل من ممارساتهم الصوفية، وقد تعرض محمد المكودي (ت1214هـ/1799م) لذكر الأزمة التي عاشها أعضاء هذا الوفد-وكان من بينهم- بسجن تطوان في مؤلَّفه «الإرشاد والتبيان»، فمما ذكره عن هذه الأزمة قوله : «فدخلنا الباب(باب مدينة بتطوان)، فلم نصل الحدادين حتى اجتمع علينا هيلولة عظيمة من الرجال والصبيان وهم يقولون هَاهُمْ، هَاهُمْ، ونحن على حالنا من السكون، وكل واحد يذكر الله في نفسه، فلم نشعر إلا واثنان وعشرون من الزبانية قد أحاطت بنا، اثنان مع كل واحد، كأننا محاربون لله ولرسوله، أو نصارى صادفوهم يتسورون المدينة، فانصرفوا بنا إلى دار القائد»40، ويضيف أنه بمجرد وصولهم إلى دار القائد أمر القائد مساعده أحمد الزواق بـ«نزع عن كل واحدسُبحته ومُرقَّعته وعُكَّازه، وأمَر بهم إلى السجن، فلما دخلوا وجدوا الشيخ ابن عجيبة ومن معه، ولهم ثلاثة أيام في السجن وقد ضُرب جلهم»41، هذا في الوقت الذي تم فيه إغلاق فرع الطريقة الدرقاوية بتطوان42.
ولم يفتر التضييق عن هذه الطريقة إلا بعد أن تولى أمرها بهذه المدينة عند أواخر عهد السلطان مولاي سليمان الشيخ الصوفي محمد الحراق العلمي(ت1261هـ/1845م)، الذي عدَّل كثيراً مما كان يكثر النقد حوله، وترك لفقرائه أن يسألوا، ورباهم على متابعة الشريعة حسبما وردت به النصوص، وأزال عن الطريقة سمة التقشف، وسار بها كما يقتضيه طبعه الرقيق43.
وبهذا التوجه الجديد ساهم الحراق في خلق نوع من الانفراج والتطبيع في العلاقات بين فرع الزاوية الدرقاوية بتطوان والمخزن من جهة، وفي تحسين صورة هذه الزاوية في عيون كل من العلماء والأشراف والأعيان والأهالي بالمدينة من جهة أخرى، خاصة وأنه عالم وأديب وشريف علمي، يحظى باحترام وتبجيل عامة الناس وخاصتهم، وله نفوذ قوي في الدوائر الحكومية، حتى كان باشا تطوان الحاج محمد أشعاش الكبير لا يكاد يقطع أمراً دون مشاورته44. غير أن الشيخ الحراق إذا كان قد تمكن من تقويم السلوك الصوفي للطريقة الدرقاوية بمدينته، فإن سائر أتباعها بالمغرب ظلوا على ما كانوا عليه من الاشتغال بالبدع والأعمال المنافية لآداب الشرع، وهذا ما جعل شرفاء وزان يرددون دائماً القولة الشهيرة «إذا كثر في الدنيا دَرْقَـاوَا وهدَّاوَا، فإنه لم يبق فيها ما يدَّاوَا»45، بل إن الفقيه العالم محمد بن محمد بن الحسن الجنوي المعاصر لابن عجيبة قد قرن الدعوة الدرقاوية بالثورة الفرنسية فيما ينشأ عنهما من الفساد ومحدثات الأمور، حيث قال : «إن درقاوة قاموا (ثاروا) في هذا القطر(المغرب)، والنصارى الفرنصيص قاموا في قطرهم46، وكلهم ينشأ منهم فساد هذا العالم»47.
وهكذا يمكن القول بأن مؤلفي المناقب الوزانية حينما صرحوا بكون «التربية بالاصطلاح اندثرت»، وأن تربية المريدين عند شيوخ زاوية وزان كانت تتم «بالنظر والهمة»، كانوا متحققيق مما يقولونه، متتبعين ومستقرئين لواقع الأمة الإسلامية، الذي بات مترديا لا يقبل الخوض في الأمور المشكلة التي تستعصي على الأفهام، ولا توافقه السلوكات المتطرفة التي لن تؤدي سوى إلى السقوط في البدع والآثام، ومستندين في قولهم إلى آراء من سلفهم من العلماء ومشايخ الصوفية الأعلام، والتي أكدت أن لا بديل عن انقطاع التربية بالاصطلاح إلا بالتمسك بالكتاب والسنة، ومشاورة شيخ الإفادة والهمة في الأمور المهمة، وأخذ أوراده وأذكاره وأحزابه، واتباع أمره ونهيه، وزيارته ولو مرة في السنة، ومواصلته بالهدية، وأن من رام سلوك أثر القوم من غير هذا الباب ربما وقع في المحظور، وعرض نفسه للتهمة، و«من عرَّض نفسه للتهمة فلا يَلومَنَّ مَن أساء به الظن» على حد قول الخليفة عمر بن الخطاب.
هذا وتحتفظ المصادر المغربية بمعطيات كثيرة عن أناس اشتغلوا في البداية بـ«الأحوال»، و«الفناء»، و«الحلول»، ثم عدلوا عن كل ذلك بعدما ظهر لهم زيف ما كانوا عليه، فندموا على ضياع أوقاتهم في الوساوس والدعاوي الواهية، وتبرأوا مما صدر منهم من أقوال أو أفعال تَمُتُّ بصلة لسالف عهدهم، بل أكثر من ذلك، جندوا أنفسهم لمحاربة التصوف الشعبي الذي اعتبروه أساس البدعة، ومقابل ذلك أقبلوا على خدمة التصوف السني الذي لا يتنافى مع الحدود الشرعية48.
ونريد التأكيد في هذا المضمار مرة أخرى -قطعا للالتباس- أن شيوخ الزاوية الوزانية ما سلكوا في تربيتهم للمريدين سوى سلوك طريقة «النظر والهمة»، أو طريقة «التبرك والتلقين»، أو طريقة «الإفادة بالهمة والحال»، وهي اصطلاحات لمعنى واحد، ولم يثبت عن أحد منهم على الإطلاق أنه انتهج في التربية الصوفية غير هذا السلوك. وأما ما ذهب إليه الأستاذ محمد المنصور حينما صنف الممارسة الصوفية لشيوخ الزاوية الوزانية إلى مرحلتين اثنتين : مرحلة «طريقة التربية»، وهي التي كانت جارية أيام مشيخة الشيخ المؤسس مولاي عبد الله الشريف، الذي دعاه «شيخ تصوف»، ومرحلة «طريقة التبرك»، وهي التي سادت بعد وفاة هذا الشيخ مع خلفائه، الذين نعتهم بـ«الشيوخ البركة»، أو«شيوخ التسيير»49، لا ينهض على أساس متين. فلو تمعن بشكل دقيق في كتاب «التحفة القادرية»، الذي اعتمده كواحد من مصادر دراسته للممارسة الدينية والاجتماعية للزاوية الوزانية، لتأكد له بشكل صريح أن الشيخ المؤسس مولاي عبد الله الشريف ما اتخذ يوماً طريقة التربية بالاصطلاح منهاجاً لتربية المريدين، ولا حاد عن تعاليم طريقة «التبرك والتلقين» البتة، ولآنْكشفَ له بصورة واضحة أن شيوخ الزاوية الوزانية اللاحقين ساروا على السلوك التربوي نفسه للشيخ المؤسس.
فبعد أن ذكَّر صاحب «التحفة القادرية» بأنواع الطرق عند الصوفية، أتى للحديث عن طريقة الشيخ مولاي عبد الله الشريف فقال : «وقـد أخذ( مولاي عبد الله) جميع ذلك، عدا الطريقة الأولى التي انقطعت وهي طريقة التربية، عن شيخه ابن عطية50... بفاس، لكن لم يأذن له أن يأخذها لأحد بذلك، أو يأخذ ذلك عنه غيره، فلذلك لم ينتسب إليه»51. وفي موضع آخر من الكتاب نفسه يحدثنا القادري بقوله : «والطريقة طريقتان : طريقة الصحبة والاقتداء بالشيخ وتأديبه وتربيته باصطلاحه، وقد انقطعت هذه الطريقة الآن، والطريقة الأخرى هي طريقة التبرك والتلقين والإفادة بالهمة من الشيخ...، وهذه الطريقة عليها العمل اليوم، وهي طريقة مولانا عبد الله بن مولانا إبراهيم الشريف...صاحب وزان»52.
والجدير بالذكر، أن شيوخ طريقة التبرك والتلقين لم يُسقِطوا مبدأ الصحبة من حسابهم كما يتوهم البعض، بل إن للصحبة منزلة خاصة في سلوكهم التربوي، فبها يُرشَد المريد، وتُسدى له النصيحة، ويُؤخَذ بيده، ويُرقَّى في التربية من مقام إلى آخر حتى يصل سالماً غانماً إلى شاطئ الأمان53. وعلى هذا النحو كان دأب شيوخ الزاوية الوزانية على الدوام، فعلاوة على تلقين مريديهم الأوراد والأذكار والأحزاب، والتصدر لتدريسهم علوم القوم، والإذن لهم بتلقين الطريقة لمن يجتمع عليهم من الناس في أوطانهم، أولى هؤلاء الشيوخ منذ البداية اهتماماً كبيراً بمسألة الصحبة في منظومتهم التربوية الصوفية، وهو اهتمام لا يخرج عن نطاق ما دعا إليه الصوفية في القديم من وجوب المسارعة إلى صحبة المشايخ، حتى أنهم كانوا ينظرون بعين الشك والارتياب إلى كل صوفي لم يصحب شيخا من المشايخ يتربَّى به، مستندين في ذلك إلى مقولة الشيخ الصوفي أبييزيد البسطامي(ت261هـ/875م) : «من لم يكن له أستاذفإمامهالشيطان»54، كما أن هذا الاهتمام يعزى إلى كون الطريقة الوزانية ترتكز في جانب منها على مخالطة أهل الخير ومجانبةأهل الشر55.
ولذلك نجد مصنفي المناقب الوزانية يؤكدون كثيراً على أهمية الصحبة الصوفية باعتبارها المجال الحيوي الذي يؤديإلى ترسيخ السلوك الصوفي الصحيح لدى سالكي طريق القوم، وتجسيد هذا السلوك لا يتم إلا بوجود «شيخ ناصح، عارف بتربية الخلق، برهانه واضح»56، وليسكما يعتقد البعض بأن ذلك يتم بواسطة الاستناد إلى كتب التصوف والركون إليها،لأن الناظر في هذه الكتب «لا يهتدي إلى ولي زمانه أبداً، وإن اهتدى إليه لا ينتفع به، وقياس المتقدمين على المتأخرين قياس باطل، لأن الله يبعث في كل زمان وليا على قدر ذلك الزمان»57. وإلى هذا المعنى ذهب الصوفي أحمد بن عجيبة السالف الذكر حينما أكد أن التصوف «ليس هو اللقلقة باللسان، وإنما هو أذواق ووجدان، ولا يؤخذ من الأوراق، وإنما يؤخذ من الأذواق، والله ما أفلحمن أفلح إلا بصحبة من أفلح»58.
وبالإضافة إلى مهامهم التربوية والعلمية، لم يسقط شيوخ زاوية وزان من حسابهم تعاطي الأسباب أيضاً، من الاشتغال بالفلاحة والتجارة وتربية الماشية وغير ذلك من الأعمال الحرة، فالشيخ المؤسس مولاي عبد الله الشريف لم يعش حياة الكفاف طول حياته، بحيث كان له من الأملاك المتحصلةمن تركة والده59 ما سمح له بمتابعة دراسته بتطوان وفاس في ظروف مريحة، فأثناء مقامه كطالب بالمدرسة المصباحية كان يلبس الثياب الفاخرة كما كانيلبسالعلماء بفاس60، وتمكن من شراء غرفتين بالمدرسة المذكورة لسكناه، واستغنىعن قبض راتب الأحباس الذي كان يتصدق به أهل فاس على طلبة العلم بالمدارس، بل إنه استخدم خادماً من الطلبة ليطبخ له طعامه61.
ولما استقر بوزان وأخذت طريقته في الاتساع احتاج إلى موارد مادية لسد احتياجات المريدين والزوار من الملجأ والمأكل، فاستصلح الأراضي الزراعية، وبنى الدور والبيوت والأروية، وحفر سواقي الماء، وغرس الأجنة بأنواع الفواكه، واتخذ مواضع لزراعة الخضر، وملك العزائب والضياع، وسهر على تربية الماشية62، كل هذا يدل على أن الشيخ مولاي عبد الله الشريف-على الرغم من تصوفه وزهده، وانشغاله بتربية مريديه-«لم يكن مستعدا للتخلي عن قدر أدنى من سعة العيش»63، وهذا ما يتأكد لنا بشكل جلي من قراءتنا للمتخلف الذي تركه عند وفاته، فقد ترك 1136 شاة من الغنم، و 84 بقرة، ومن الخيل ثمانية، ومن الحمير ثلاثة، ومن العبيد ثلاثة، ومن الأرحية ثمانية64.
وكان الشيخ مولاي التهامي-على الرغم من زهده وتصوفه أيضا- من كبار الأثرياء،فمما ورد في«تحفة الإخوان» أن لهذا الشيخ أراضي فلاحيةبقبيلة سطة كانت تستغل في زراعة الحبوب65،وله أجنة وغراسات بوزان66، وفي غيره أنه كان حريصاً على توجيه أبنائه لتعاطي الأسباب حتى لا يقع لهم طمع في الناس67، فمنهم من كان يتعاطى كسب الأصول والأجنة وسكنى البادية، ومنهم من كان يسكن القرى ويتعاطى كسب الماشية والحرث، ومنهم من جمع بين ما ذكر68.
وكان للشيخ مولاي الطيب عزبان وأملاك عديدة بأحواز وزان، والقصر الكبير، وتطوان69، وقطعان الماشية من البقر والغنم70، وقد أشار الطاهري إلى اتساع ثروة هذا الشيخ وتعدد أملاكه بقوله : «فلا تكاد تمر بقطر من الأقطار إلا وتجد له فيه ربعاً وبساتين وثماراً وأشجاراً»71، ويؤيد هذا ويؤكده، ما أورده صاحب «نشر المثاني» عن هذا الشيخ بكونه «احترف الحرث والغرس وكسب الماشيةوملك الأصول»72،وبأن «له مال عريض، قلما تخلو بلاد من مدن المغرب وباديته من أملاكه مما هو معتبر جدا عند أهله»73. وخلافاً لما دأب عليه البعض من التقليل بشأن هذا الشيخ في تربية المريدين، فإن تلامذته ومريديه يعتقدون فيه «القطبانية العظمى» ويصرحون بذلك، وهذا ما شهد به القادري حينما قال : «ولم نر ما ينفي اعتقادهم إلا ما يثبتونه، لما جمع فيه من علو النسب وكمال العرفان والولاية التي لا يبعد من أن تحكي الاتفاق عليها»74.
ويماثل شيوخ الطريقة الوزانية في هذا النهج التربوي، معظم شيوخ الطرق الصوفية الشاذلية بالمغرب وغيره، ممن اقتفوا أثر الكتاب والسنة، والتزموا بمبادئ الإمام أبي الحسن الشاذلي، التي تتلخص في كون التصوف والحياة صنوان لا تعارض بينهما، فقد «سلك الشاذلي مسلكاً فريداً في التصوف لم يسلكه من سبقه في هذا الميدان، حيث دعا جهاراً إلى التنعم بالملابس والمراكب وغير ذلك، وكان...-وهو الشيخ المربي- يلبس الفاخر من الثياب، ويركب الفاره من الدواب، ويتخذ الخيل الجياد. وكان لا يعجبه الزي الذي اصطلح عليه الفقراء، ولا يتخذ المرقعات التي يتخذها الصوفية»75، و حُفِظ عنه قوله لرجل فقير«أنكر» عليه لبس الثياب الفاخرة الجميلة : « لباسي يقول للناس أنا غني عنكم فلا تعطوني، ولباسك يقول إني فقير إليكم فاعطوني»76، وفي هذا أساس ما يسميه البعض بـ« طريقة الشكر» الشاذلية، في مقابل طريقة الزهد والتقشف القديمة77.
ومن بين شيوخ الطرق الصوفية الذين تقيَّد تصوفهم بالكتاب والسنة، وتمثلوا التعاليم الشاذلية في سلوكهم التربوي وفي حياتهم الخاصة-شأنهم في ذلك شأن شيوخ الطريقة الوزانية- يمكن أن نذكر هنا على سبيل المثال فقط لا الحصر، الشيخ الصوفي أحمد بن محمد بن عبد الله مَعْن الأندلسي78، صاحب زاوية المخفية بفاس، الذي كان «من الأعلام المنفردين في زمنه برسوخ القدم في الطريقة، واتِّباع السنة على قدم السلف الصالح...، رأساً في علوم القوم وتحرير عباراتهم، وتدقيق إشاراتهم»79، ومع ذلك كان « يتعاطى الأسباب، ولا سبب له سوى ما يتعلق بماله من أجنة ونحل ونحوها، فيكثر الذهاب لخارج المدينة لمناولة ما يحتاج له، ويباشر أمورها بيده، من زبر دوالي العنب وخدمتها، وتفقد النحل بعمل ما يصلح له، وقطع الشهد وعصره، وغير ذلك من أمور الحراثة وغيرها...، ولا يترك السبب في وقت من الأوقات، حتى إنه إذا لم يخرج خارج المدينة لا تراه إلا منشغلاً بعمل شيء من الآلات التي يحتاجها لمناولة أسبابه إن كانت، وإلا رأيته يفتل العشف بالزاوية أو غيرها، فلا يترك العمل إلا إذا لم يجد شيئاً يصنعه»80.
وخلاصة القول، إن شيوخ «دار الضمانة» كانوا عارفين بالتربية الصوفية، سالكين سبيل الطريقة الجزولية الشاذلية، المبنية على القواعد الشرعية، والسنن المحمدية،والحقائق الربانية، فاحتكوا بالمريدين، وتعاهدوهم بالرعاية والتربية، ولقنوهم الأوراد والوظائف الوزانية، ونظموا المجالس العلمية والصوفية للدلالة على الله، فتخرج على أيديهم كثير من العارفين بالله، فكانوا بذلك أشياخ مربين كغيرهم من مشايخ الصوفية المعاصرين لهم81، بخلاف ما ذهب إليه محمد المنصور من أنه باستثناء الشيخ المؤسس مولاي عبد الله الشريف، فإن باقي خلفاءه عمدوا إلى استثمار شرف نسبهم على حساب الإرث الصوفي، بحيثأصبحوا - برأيه - شيوخ بركة وحسب، يقصدون للتبرك أكثر مما يقصدونللهداية الروحية82. ولم ينس هؤلاء الأشياخ نصيبهم من الدنيا، فتعاطوا الأسباب، وسعوا في الأرض لتحصيل الرزق الحلال، وتنعموا بما تحصل لديهم من النِّعم، لأن التنعم بالنِّعم الناتج عن تعاطي الأسباب هو مبدأ من مبادئ وتعاليم الطريقة الشاذلية، بخلاف التصوف الفلسفي القديم الذي من خصائصه الإعراض عن العمل واللجوء إلى الكسل83.

الهوامش والإحالات :




[i][1] هو أبومحمد عبد الله بن إبراهيم بن موسى الشريف الحسني العلمي الوزاني، الشيخ المؤسس للزاوية الوزانية بالمغرب خلال أواسط القرن 11هـ/ ق17م.ولد بقرية تازروت من حوز جبل العلم سنة 1005هـ/1596م ونشأ بها وتعلم، ثم أكمل دراسته بتطوان وفاس، فتخرج عالما متبحرا في العلوم الدينية، وسلك طريق القوم على يد الشيخ سيدي علي بن أحمد الصرصري وإليه انتسب في الطريقة، ثم على يد الشيخ سيدي محمد بن عطية السلوي الفاسي بفاس. توفي بوزان في 12 شعبان سنة 1089هـ/28 شتنبر 1678م. ممن ترجم له : محمد الصغير الإفراني، صفوة من انتشر، تقديم وتحقيق عبد المجيد خيالي، مركز التراث الثقافي، الدار البيضاء، 2004، ص.334؛ محمد بن الطيب القادري، نشرالمثاني، تحقيق محمد حجي وأحمد التوفيق، مكتبة الطالب، الرباط،1982، ج2، ص ص.233-236؛ محمد الزبادي، سلوك الطريق الوارية، مخطوط الخزانة العامة، رقم 247 كـ، ص ص.241-244.

2- حمدون الطاهري الجوطي، تحفة الإخوان ببعض مناقب شرفاء وزان، دراسة وتحقيق محمد العمراني، أطروحة جامعية لنيل الدكتوراه في التاريخ، طبعة مرقونة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 2004، ص.345، 552.

3- هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله الشريف الحسني العلمي الوزاني، الشيخ الثاني للزاوية الوزانية. ولد سنة 1040هـ/1630م، ونشأ بوزان وبها درس على يد والده مولاي عبد الله الشريف، وأخذ عنه الطريقة الصوفية، وبعد وفاة والده تصدر للمشيخة، فسهر على تربية المريدين، وتلقين الأوراد والأحزاب والأذكار لمن يفد عليه بزاويته من الوافدين، وانكب على تدريس الحديث الذي كان له فيه صيت كبير. توفي بوزان في ليلة الجمعة 29 محرم عام1120هـ/1708م. ممن ترجم له: محمد بن الطيب العلمي، الأنيس المطرب، المطبعة الحجرية الفاسية، 1897، ص.144، 145، م.القادري، نشر المثاني، ج3، ص.192-195؛ محمد الطالب ابن الحاج، الإشراف على من بفاس من مشاهير الأشراف، تحقيق جعفر ابن الحاج السلمي، منشورات جمعية تطاون أسمير، تطوان، 2004، ص.242.

4- حمدون الطاهري الجوطي، تحفة الإخوان...، مصدر سابق، ص.353.

5- هو أبو عبد الله مولاي التهامي بن محمد بن عبد الله الشريف الحسني العلمي الوزاني، الشيخ الثالث للزاوية الوزانية، ولد بوزان سنة 1061هـ/1650م، وبها تلقى تكوينه العلمي والصوفي على يد والده سيدي محمد وجده مولاي عبد الله الشريف حتى صار ينعت بالصلاح والزهد وسعة العلم والتصوف. أخذ عنه كثير من العلماء الأعلام المشهورين. توفي بوزان صبيحة يوم الاثنين فاتح محرم عام 1127هـ/8 يناير1715م. ممن ترجم له: حمدون الطاهري، تحفة الإخوان، ص ص. 375-405؛ م.القادري، نشر المثاني، ج3، ص ص.219-227، م.العلمي، الأنيس المطرب، ص.147؛ محمد بن جعفرالكتاني، سلوة الأنفاس، دار الثقافة، الدار البيضاء، 2004، ج1، ص.108.

6- حمدون الطاهري، تحفة الإخوان...، م.س، ص.375، 387.

7- هو أبو محمد مولاي الطيب بن محمد بن عبد الله الشريف الحسني العلمي الوزاني، الشيخ الرابع للزاوية الوزانية. ولد بوزان عام 1101هـ/1689م ونشأ بها، تتلمذ في التصوف على يد والده الشيخ سيدي محمد، ثم على يد أخيه مولاي التهامي والشيخ محمد بن الفقيه الزجني، وبعد وفاة أخيه مولاي التهامي عام 1127هـ/1715م تولى أمور الزاوية الوزانية التي عرفت في عهده تطورا ملحوظا على المستويين الروحي والمادي. تتلمذ له في التصوف ثلة من كبار علماء المغرب، كالتاودي ابن سودة، ومحمد ابن زكري، وسليمان الحوات، ومحمد بن الحسن بناني، وحمدون الطاهري الجوطي وغيرهم. توفي هذا الشيخ بوزان يوم الأحد 18 ربيع الثاني عام1181هـ/22 غشت 1767م. ممن ترجم له: الطاهري، تحفة الإخوان، ص ص.406-441؛ القادري، نشر المثاني، ج4، ص ص.178-180؛ الزبادي، سلوك الطريق الوارية، ص ص.251-257؛ محمد بن جعفرالكتاني، سلوة الأنفاس، ج1، ص ص.108-109.

8- حمدون الطاهري، تحفة الإخوان...، م.س، ص.406.

9- محمد بن حمزة المكناسي، الكوكب الأسعد في مناقب الشيخ سيدي علي بن أحمد، المطبعة الحجرية الفاسية، 1906،ص ص.80-81.

10- هو أبو العباس مولاي أحمد بن الطيب بن محمد بن عبد الله الشريف الوزاني، الشيخ الخامس للزاوية الوزانية. ولد بوزان، وأخذ عن والده مولاي الطيب وتربى وتأدب به. برع في قرض الشعر وفي التنجيم، وانصرف إلى تنشيط المجال الثقافي بالزاوية، وأوكل إلى ابنه مولاي علي تحمل الأعباء السياسية والاقتصادية في قائم حياته، وربط علاقات متينة مع بعض العلماء وبخاصة مع العالم الدراكة سليمان الحوات. توفي بوزان في 18 صفر عام 1196هـ/1781م. ممن ترجم له: م.القادري، نشر المثاني، ج4، ص ص. 266-267؛ م.الزبادي، سلوك الطريق الوارية، ص.257؛ أحمد بن خالد الناصري، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1956، ج7، ص.107، ج8، ص.85.

11- محمد بن حمزة المكناسي، الكوكب الأسعد...، م.س، ص ص.83-85.

12- هو أبو الحسن سيدي علي بن أحمد بن الطيب الوزاني، الشيخ السادس للزاوية الوزانية. ولد بوزان وبها نشأ وتعلم، فأخذ العلوم الصوفية عن والده سيدي أحمد وعن جده مولاي الطيب، وأخذ العلوم الدينية عن ثلة من العلماء الأكابر، أمثال محمد الرهوني ومحمد التاودي ابن سودة ومحمد بن الصادق ابن ريسون العلمي، فكان له القدم الراسخ في التصوف والفقه والحديث والأدب والأوفاق. وفي عهده شهدت الزاوية الوزانية ازدهارا لافتا على مستوى الحياة الثقافية والاقتصادية، ونشاطا متميزا على صعيد الحياة السياسية. توفي بوزان يوم 29 ربيع النبوي، عام 1226هـ/1811م. انظر ترجمته عند: محمد المكناسي، الكوكب الأسعد، ص.37 وما بعدها؛ محمد الكتاني، سلوة الأنفاس، ج1، ص.109؛ عبد الإله لغزاوي، الممارسة الثقافية للزاوية الوزانية : معالجة في التفكيك والتركيب، رسالة جامعية لنيل د.د.ع. في الأدب المغربي، طبعة مرقونة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 1996، ص.130.

13- محمد بن حمزة المكناسي، الكوكب الأسعد...، م.س، ص.117.

14- المصدر نفسه، ص.149.

15- المصدر والصفحة نفسها.

16- حمدون الطاهري، تحفة الإخوان...، م.س، ص.418.

17- أنظر : أبو عبد الله الفرويصي، شرح قصيدة أنوار السرائر وسرائر الأنوار للشيخ أحمد بن محمد البكري المعروف بالشريشي. مجموع مخطوط الخزانة العامة، رقم 2309 ك. ص.211.

18- انظر : عبد السلام القادري، التحفة القادرية في ترجمة مولاي عبد الله الشريف ورجال الشاذلية. مخطوط الخزانة العامة، رقم 2321 ك. ج1، ص.76.

19- هو أبو الحسن علي بن أحمد الصرصري. شيخ صوفي، صاحب زاوية صرصر قرب القصر الكبير، أخذ عن الشيخ عيسى بن الحسن المصباحي، وانتسب إليه في الطريقة، وصحب الشيخ أبا المحاسن يوسف الفاسي، فكان يلازمه بالقصر ويرفع نعليه إذا دخل إلى الجامع للإقراء، فإذا خرج منه مَدَّهما له. توفي عام 1027هـ/1618م. انظر : عبد الرحمن الفاسي، ابتهاج القلوب بخبر الشيخ أبي المحاسن وشيخه المجذوب، دراسة وتحقيق حفيظة الدازي، رسالة جامعية لنيل د.د.ع. في التاريخ، طبعة مرقونة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 1991، ص.402؛عبد الله الفاسي، الإعلام بمن غبر من أهل القرن الحادي عشر، دراسة وتحقيق فاطمة نافع، رسالة جامعية لنيل د.د.ع. في التاريخ، طبعة مرقونة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 1992، ص ص.162-163.

20- هو أبو عبد الله محمد المدعو الحاج الخياط الرقعي الفاسي، فقيه من المشايخ، تتلمذ في التصوف على الشيخ مولاي عبد الله الشريف الوزاني ولازمه في السفر والحضر، ثم أذن له في تأسيس زاوية وزانية بفاس، فجعل يعطي بها الأوراد، ويطعم الطعام للوُرَّاد، وبعد وفاة شيخه مولاي عبد الله أخذ عن ولده سيدي محمد فأقره على رأس الزاوية المذكورة، ولم يزل متحملا لهذه المهمة إلى أن توفي ليلة الثلاثاء 12 محرم سنة 1115هـ/1703م، ودفن بزاويته بالشرشور من فاس القرويين. انظر ترجمته عند : حمدون الطاهري، تحفة الإخوان، ص ص.467-485؛ م.القادري، نشر المثاني، ج3، ص.149.

21- حمدون الطاهري، تحفة الإخوان...، م.س، ص.553.

22- المصدر والصفحة نفسهما.

23- انظر : عبد السلامالقادري، التحفة القادرية...، م.س، ج1، رقم 2321ك، ص.60؛ ج2، رقم 2310ك، ورقة 187(ظهر).

24- انظر : أحمد بن محمد ابن عجيبة التطواني، الفتوحات الإلهية في شرح المباحث الأصلية، تحقيق عبد الوارث محمد علي، دار الكتب العلمية، بيروت، 2000، ص.63.

25- المصدر والصفحة نفسهما.

26- المصدر والصفحة نفسهما.

27 أحمد ابن عجيبة التطواني، إيقاظ الهمم في شرح الحكم، دار المعارف، القاهرة، 1985، ص.514.

28- أحمد ابن عجيبة التطواني، الفتوحات الإلهية...، م.س، ص.64.

29- المصدر نفسه، ص.11.

30- المصدر والصفحة نفسهما.

31- المصدر نفسه، ص.12.

32- المصدر والصفحة نفسهما.

33- المصدر نفسه، ص.14.

34- التهامي الوزاني، الزاوية، تطوان، 1942، ص.119.

35- المرجع نفسه، ص.169.

36- أحمد ابن عجيبة، الفهرسة، تحقيق وتقديم عبد الحميد صالح حمدان، دار النشر العربي، القاهرة، 1990، ص.57.

37- المصدر نفسه، ص.58.

38-المقصود هو الفقيه العالم المحدث أبو محمد عبد السلام جسوس، كان من علماء فاس الذين رفضوا التوقيع على ديوان الحراطين، وأفتوا بعدم جواز تمليك هؤلاء الحراطين شرعا لكونهم أحرار، فَجَرَّ عليه موقفه هذا نقمة السلطان مولاي إسماعيل، فامتحن امتحانا عسيرا، وانتهى الأمر بوفاته قتيلا بسجن فاس ليلة الخميس25 ربيع الثاني عام1121هـ/1709م. انظر : م.القادري، نشر المثاني، ج3، ص ص.207-208؛ م.الكتاني، سلوة الأنفاس، ج2، ص ص.17- 19.

39- خالد الرامي، تطوان خلال القرن الثامن عشر : تاريخ وعمران، مساهمة في دراسة المدينة المغربية، مطبعة الخليج العربي، تطوان، 2005، ص.93.

40- محمد بن محمد التازي المكودي،الإرشاد والتبيان في رد ما أنكره الرؤساء من أهل تطوان، مجموع مخطوط الخزانة العامة، رقم 1856د، ص.206.

41- المصدر نفسه، ص.207.

42-محمد المنصور، المغرب قبل الاستعمار : المجتمع والدولة والدين 1792-1822، ترجمه عن الإنجليزية محمد حبيدة، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، الطبعة الأولى 2006، ص.283.

43- التهامي الوزاني، الزاوية، م.س، ص.169.

44- المرجع والصفحة نفسهما. .

45- المرجع نفسه، ص.112.

46- يقصد بذلك الثورة الفرنسية التي اندلعت عام 1203هـ/1789م.

47- عبد السلام بن أحمد السكيرج، نزهة الإخوان في أخبار تطوان، تقديم وتحقيق يوسف احنانة، مطبعة الخليج العربي، تطوان، 2005، ص.102.

48- نذكر من بين هؤلاء على سبيل المثال فقط لا الحصر، الفقيه الصوفي أحمد بن أبي محلي السجلماسي(ت.1022هـ/1613م)، الذي تمرد على «الأحوال» معتبرا إياها «بحر من الطمع، من هام فيها وقع في البدع»، وأنها «تحفظ ولا يقاس عليها، بل قد يلتذ بسماعها، ولا يعول عليها، لأن أكثرها زائف وزائل». ولهذا نجده يتبرأ من تجربته الصوفية السالفة قائلا: «فما صدر منا في الأحوال فسبيله التوقف...فمن سمع مني شيئا فيه أو في غيره فلا سامحني فيه البتة». راجع : عبد المجيد القدوري، ابن أبي محلي الفقيه الثائر ورحلته الإصليت الخريت، منشورات عكاظ، الرباط، 1991، ص ص.80-82.

49- محمد المنصور، تصوف الشرفاء : الممارسة الدينية والاجتماعية للزاوية الوزانية من خلال مناقبها، في ندوة: التاريخ وأدب المناقب، منشورات عكاظ، الرباط، 1989، ص.16، 18، 19، 22.

50- هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن علي بن عطية السلوي الفاسي، شيخ صوفي شهير، درس عليه الشيخ مولاي عبد الله الشريف بفاس وتخرج به في العلم والعرفان، فكان ابن عطية ينوه بأمره ويخبر أصحابه بأنه هو رأس العارفين في زمنه. توفي بفاس سنة 1052هـ/1643م، ودفن بحي الرميلة من عدوة فاس الأندلس. انظر : الإفراني، صفوة من انتشر، ص.155 ؛ م.القادري، نشر المثاني، ج2، ص ص.24-25؛عبد الله الفاسي، الإعلام بمن غبر، ص.182.

51-عبد السلام القادري، التحفة القادرية...، م.س، ج1، ص.60.

52- المصدر نفسه، ج2، ورقة 187(ظهر).

53-حمدون الطاهري، تحفة الإخوان...، م.س، ص.348، 411، 419 ، 486، 492، 493، 500، 547.

54- أحمد ابن عجيبة التطواني، الفتوحات الإلهية...، م.س، ص. 74.

55- حمدون الطاهري، تحفة الإخوان...، م.س، ص.552.

56- المصدر نفسه، ص.269.

57- المصدر نفسه، ص.489.

58- أحمد بن عجيبة التطواني، إيقاظ الهمم...، م.س، ص. 23؛ الفتوحات الإلهية...، م.س، ص.104.

59- ذكر عبد السلام القادري أن والد مولاي عبد الله الشريف ترك بعد وفاته عام 1117 هـ/1608م ميراثا كافيا أبعد ولده عبد الله عن حياة الخصاصة وحاصله : «دار سكناه بقرية تازروت، وعرصة مغروسة بدواليالعنب وأشجارالكرم، وزريبة نحل، ونحو المائتين من المعز، وغابة زيتون، ودابتان،ونحو عشرة من البقر،ونحو مائة مثقال دراهم». راجع: عبد السلام القادري، التحفة القادرية...، م.س، ج1، ص.47.

60- المصدر نفسه، ج1، ص.46.

61- المصدر نفسه، ج1، ص.49.

62-المصدر نفسه، ج1، ص.72، 83.

63- م.المنصور، تصوف الشرفاء ...، م.س، ص.17.

64- ع. الوزاني، الروض المنيف...، م.س، ج1، ورقة 24 (وجه).

65- حمدون الطاهري، تحفة الإخوان...، م.س، ص. 398.

66- المصدر نفسه، ص.512.

67 م. القادري، نشر المثاني...، م.س، ج4، ص.258.

68- ع.الوزاني، الروض المنيف...، م.س، ج1، ورقة 135 (وجه).

69- حمدون الطاهري، تحفة الإخوان...، م.س، ص.391، 411، 429.

70 المصدر نفسه، ص.409.

71- المصدر والصفحة نفسهما.

72 م. القادري، نشر المثاني...، م.س، ج4، ص.178.

73- م. القادري، التقاط الدرر، ومستفاد المواعظ والعبر، من أخبار أعيان المائة الحادية والثانية عشر. تحقيق هاشم العلوي القاسمي، دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1983، ص.448.

74 م. القادري، نشر المثاني...، م.س، ج4، ص.179.

75- عبد المجيد الصغير، إشكالية إصلاح الفكر الصوفي في القرنين 18 و19م، دار الآفاق الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الثانية 1994، ص.32.

76– عبد اللطيف الشاذلي، التصوف والمجتمع : نماذج من القرن العاشر الهجري، منشورات جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، مطابع سلا، 1989، ص.153.

77- عبد المجيد الصغير، إشكالية إصلاح الفكر الصوفي...، م.س، ص.32.

78هو أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله مَعْن الأندلسي، أحد كبار شيوخ التصوف بفاس، وصاحب زاوية المخفية بها. ألف عبد السلام القادري في مناقبه مؤلفا سماه «المقصد الأحمد في التعريف بسيدنا ابن عبد الله أحمد»، وإلى جانب تصوفه، لعب هذا الشيخ دورا سياسيا مهما خلال عهد السلطان مولاي إسماعيل.توفي بفاس عام 1120هـ/1708م. ممن ترجم له : الإفراني، صفوة من انتشر، ص ص.362-363؛ م.القادري،نشر المثاني، ج3، ص ص.182-192؛ أحمد بن محمد الولالي، مباحث الأنوار في أخبار بعض الأخيار، دراسة وتحقيق عبد العزيز بوعصاب، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 1999، ص ص.292-296.

79 - م. القادري، نشر المثاني...، م.س، ج3، ص.182، 190.

80– عبد السلام بن الطيب القادري، المقصد الأحمد في التعريف بسيدنا ابن عبد الله أحمد، المطبعة الحجرية الفاسية، 1932، ص.99.

81– تواتر الخبر عن الشيخ المؤسس مولاي عبد الله الشريف أنه «لم يمت حتى ترك من الرجال العارفين خمسمائة واحد كلهم يدلون على الله ويوصلون إليه». راجع : حمدون الطاهري، تحفة الإخوان...، م.س، ص.330.

82 محمد المنصور، تصوف الشرفاء...، م.س، ص.18؛ المغرب قبل الاستعمار...، م.س، ص.275؛ مادة «الوزانية-الزاوية»، في معلمة المغرب، المجلد 22، إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، نشر مطابع سلا، 2005.

83– التهامي الوزاني، الزاوية، م.س، ص.144.

رابط الموضوع : https://www.aljabriabed.net/fikrwanakd/n94_08amrani.htm








 


رد مع اقتباس
قديم 2009-09-22, 00:41   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ابن الصافي
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










Hourse

مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووور الاستاذ حكيم عياض بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2009-10-03, 01:21   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
بن رمضان
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بعد التحية والسلام من خديم خديم خديم الاخوان ومقبل تراب الأقدام إلى حضرة أستاذنا الفاضل حكيم عياض
فتح الله عليك فتوح العارفين ورفعك إلى مقام الصديقين وجعلك من الوارثين.










رد مع اقتباس
قديم 2009-10-10, 09:12   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
حكيم عياض
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

مشكورين على المرور










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:24

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc