
بــاب المراقبــة
رواية رياض الصالحـــين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إن الله تعالى يغار، وغيرة الله تعالى أن يأتي المؤمن ما حرَّم الله عليه)) (298) متفق عليه. والغيرة: بفتح الغين
وأصلها: الأنفة.
الحديث برواية مسلم
قال مسلم في صحيحه : حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ , قال : حَدَّثَنَا
إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ عُلَيَّةَ , عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ ,
قَالَ : قَالَ يَحْيَى , وَحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ "
صحيح مسلم\ كتاب التوبة /باب غيرة الله تعالى وتحريم الفواحش/ رقم :4959
يلاحظ أن رواية مسلم فيها زيادة عن رياض الصالحين
هذه الكلمات "وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ "
الشرح
من كتاب رياض الصالحين شرح الشيخ
محمد بن صالح العثيمين رحمه الله /ج1/
قال المؤلف - رحمه الله تعالى - فيما نقله عن أبي هريرة
- رضي الله عنه- قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( إن الله تعالى يَغَار وغَيْرَةُ الله تعالى ان يأتي المرء ما حرم الله )).
قوله : (( محارمه )) أي : محارم الله . والغيرة صفة حقيقية ثابتة
لله- عز وجل - ولكنها ليست كغَيرتنا، بل هي أعظمُ وأجلُّ،
والله- سبحانه وتعالى - بحكمته أوجب على العباد أشياء،
وحرَّم عليهم أشياء، وأحلَّ لهم أشياء. فما أوجبه عليهم فهو
خير لهم في دينهم ودنياهم ، وفي حاضرهم ومستقبلهم ،
وما حرَّمه عليهم فإنه شر لهم في دينهم ودنياهم ، وحاضرهم
ومستقبلهم، فإذا حرَّم الله على عباده أشياء فإنه - عز وجل -
يغار أن يأتي الإنسان محارمه ، وكيف يأتي الإنسان محارم
ربه والله- سبحانه وتعالى - إنما حرمها من أجل مصلحة العبد،
أما الله- سبحانه وتعالى - فلا يضره أن يعصي الإنسان ربه،
لكن يغار كيف يعلم الإنسان أن الله سبحانه حكيم ، ورحيم ،
و لا يحرم على عباده شيئا ليعذبهم بحرمانه ، ولكن من أجل
مصلحتهم، ثم يأتي العبد فيتقدم فيعصي الله- عز وجل -
ولا سيما في الزنا - نسأل الله العافية - فإنه ثبت عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(( ما أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمَتُه ))
لأن الزنا فاحشة، والزنا طريق سافل سيء، ومن ثم حرم الله
على عباده الزنا وجميع وسائله، كما قال الله سبحانه:
﴿ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا ﴾ [الإسراء:32 ] ،
فإذا زنى العبد - والعياذ بالله - فإن الله يغار غيرة أشد
وأعظم من غيرته على ما دونه من المحارم. وكذلك أيضا-
ومن باب أولى وأشد- اللواط، وهو إتيان الذكر، فإن هذا أعظم
وأعظم ، ولهذا جعله الله تعالى أشد في الفحش من الزنا .
فقال لوط لقومه:
﴿أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾[الأعراف:80].
قال هنا: (الفاحشة) وفي الزنا قال: (فاحشة) أي: فاحشة من
الفواحش، أما اللواط فجعله الفاحشة العظمى نسأل الله العافية.
وكذلك أيضا السرقة وشرب الخمر وكل المحارم يغار الله منها،
لكن بعض المحارم تكون أشد غيرةً من بعض، حسب الجرم،
وحسب المضار التي تترتب على ذلك. وفي هذا الحديث:
إثبات الغيرة لله تعالى، وسبيل أهل السنة والجماعة فيه وفي
غيره من آيات الصفات وأحاديث الصفات أنهم يثبتونها لله
- سبحانه وتعالى - على الوجه اللائق به، يقولون: إن الله يغار
لكن ليس كغيرة المخلوق، وإن الله يفرح ولكن ليس كفرح
المخلوق، وإن الله- سبحانه وتعالى - له من الصفات الكاملة
ما يليق به، ولا تشبه صفات المخلوقين
﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى:11].
والله الموفق.
اللهم نسالك الهداية و الثبات و حسن الخاتمة اللهم آمين
منقووووووووووووول