هذه هي عقيدتنا - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

هذه هي عقيدتنا

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-02-24, 10:23   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي العذر بالجهل

.................................................. .................................................. .............................









 


قديم 2014-02-24, 15:43   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي "28" سؤالاً في الدعوة السلفية

لفضيلة الدكتور الشيخ العلامة:
محمد أمان بن علي الجامي -رحمه الله تعالى-

1349 هـ ـ 1416هـ
عميد كلية الحديث الشريف ورئيس شعبة العقيدة بالدراسات العليا
بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية سابقا

تفريغ: محمد مصطفى الشامي
فلسطين- 1427هـ

بسم الله الرحمن الرحيم ([1])

الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وإمام المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

نواصل بتوفيق الله تعالى الإجابة على أسئلتكم التي وردتْ الليلة الماضية...

سائل يستفسر عن درس الفتوى الحموية - هذه الرسالة العظيمة التي بدأنا فيها ونحن لا نزال في مقدمتها- فيسأل السائل عن تنظيم هذا الدرس ومتى سيكون موعد الدرس؟ وفي أي يومٍ من أيام الأسبوع؟ لِيَتَسَنّى الحضور لمن يرغب وتعمه الفائدة إن شاء الله.

الجواب:

بعد عودتي إن شاء الله من المدينة غدا أو بعد غد سوف أُنسق بين دروس المسجد النبوي وبين درسنا في هذا المسجد حتى أبعث لكم بالجدول بتوفيق الله تعالى..

****

﴿1﴾ سائل آخر يسال ما هي الكتب التي تنصح بقراءتها في العقيدة، وفي التفسير، وفي الحديث وعلومه، وفي الفقه؟

الجواب:

أول رسالة أنصح بها لمن يريد أنْ يبدأَ في طلب العلم أن يحفظ الأصول الثلاثة وأدلتها وأركان الصلاة وواجبات الصلاة وشروط الصلاة فهي نسخة جامعة لهذه المعلومات، مع القواعد الأربعة، ويستحسن أن يحفظ أيضا شروط "لا إله إلا الله" ونواقض"لا إله إلا الله" فينبغي أن يحفظ هذه المسائل حفظا جيدا، ثم يعرض على طلاب العلم ليأخذ العلم من أفواه الرجال لا من بطون الكتب, وبعد هذا إن تيسر له أن يحفظ كشف الشبهات فَحَسَنُ ولكن الكتابَ الذي لا بد منه ان يحفظ فيدرس طالب العلم في باب العقيدة خصوصاً في توحيد العبادة وتوحيد الحاكمية بالأسلوب الجديد هو "كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد" كتابٌ عظيمٌ وهو عبارة عن الآيات المختارة من كتاب الله تعالى والأحاديث النبوية وآثار بعض أهل العلم، وهو كتاب نفع الله به كثيرا فننصح شبابنا أن يهتموا بهذا الكتاب حفظا وفهما وبالنظر في شروحه حتى يكونوا على يقين في هذا الباب باب العقيدة، ثم بعد ذلك بالنسبة لتوحيد الأسماء والصفات فعلى الطالب الذي لديه نهمة شديدة في العلم أن يحفظ متن الواسطية أو أن يدرس فيفهم ثم تلك الرسائل التي جُمِعَتْ تحت عنوان " مجموع فتاوى شيخ الإسلام" في هذا المجموع رسائل مهمة جدا ينبغي ان يدرسها طالب العلم واذا أراد ان يتوسع في كتابٍ مؤلفٍ في باب الأسماء والصفات – بتوسع - عليه أن يدرس شرح الطحاوية لأن صاحب شرح الطحاوية نقل كتابه كله أو جلّه من كتب شيخ الإسلام بن تيمية وتلميذه ابن القيم وكتب ابن كثير وهو كتاب جامع ومفيد.

وأما بالنسبة للتفسير فينبغي أن يبدأ طالب العلم الصغير بتفسير الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله لأنه مختصر ومنهجه معروف منهج سلفي فإذا كان لديه إطلاع على فروع اللغة العربية وكان متمكنا من اللغة وَوُفِّقَ إلى مدرسٍّ ومفسر سلفي فعليه أن يدرس فتح القدير للشوكاني وإنما تحفّظت هذا التحفظ وشرطت هذه الشروط لأن الإمام الشوكاني على الرغم من سعة علمه وحسن تأليفه خصوصا في فتح القدير ونيل الأوطار لم يسلمْ من تأويل بعض النصوص والصفات؛ لئلا ينطلي عليه هذا ينبغي أن يختار المفسر السلفي فيدرس هذا الكتاب؛ لأنه يعينه على تذوق كتاب الله تعالى إذ ينبهه على أوجه الإعراب وأحيانا على النكت البلاغية ثم التفسير المشهور عندنا هو تفسير ابن كثير لا بأس أن يدرس المختصرات التي اخْتُصِرتْ من هذا التفسير حتى يتوسع فيما بعد وكل ذلك كما قلت لا ينبغي أن يكتفي طالب العلم بالمطالعة بل لابد من العرض على أهل العلم, وأما الحديث وعلومه وينبغي أن يدرس علوم التفسير أيضا فمن علوم التفسير فن التجويد ومن علوم التفسير فروع اللغة العربية كلها من علوم التفسير.

ثم يدرس الحديث فيحفظ المتون كما ذكرنا في الليلة الماضية بدءا من الأربعين النووية وعمدة الأحكام وبلوغ المرام ثم ينظر في الشروط ويعرف هذه الكتب ويدرسها على أهل الاختصاص.

والفقه وإن أراد التوسع طالب العلم ويطلع على خلافات أهل العلم الفرعية فعليه أن يحفظ من كل مذهب من المذاهب الأربعة مَتْنَاً وألا يعوّد نفسه التمسك بمذهبٍ معين لأن الفقه الصحيح هو ما درسه في عمدة الأحكام وبلوغ المرام "فقه السنة" وبعض كتب الإمام الشوكاني شريطة كما قلتُ عدم التعصب لشخصٍ معين أو لمذهبٍ معين بل يكون هدفه طلب العلم.

﴿2﴾ السائل يقول: ما هي نصيحة الْمُجَرِّب في طلب العلم والتحمل مما نستفيد منكم إن شاء الله مع العلم بأننا لم نستفد من كل هذه الحركات إلا ضياع الوقت ؟؟؟

الجواب:

الحمد الله الذي انفدك طالما أدركت بأن المرض إذا شخص عولج وقد شخصت المرض فعالج والعلاج في طلب العلم والتجرد لطلب العلم على الطريقة التي اشرنا إليها وهناك من هو أوسع مني علما وتجربةً لك أن تتصل بمشايخنا وزملاءنا اهل العلم والفضل والإطلاع لتستفيد منهم.

****

﴿3﴾ يقول السائل:بحكم تجربتكم وطلبكم للعلم، فهل طلب العلم وحفظ المتون والاشتغال بالفقه والبحث والقراءة يتنافى مع الدعوة إلى الله ؟؟؟

الجواب:

اعتقد أن هذا السؤال ليس في حاجة الى الجواب فالجواب (..) الصحيح هذه من أساليب ومن مقدمات الدعوة الى الله طلب العلم بهذه الطريقة لأنك تهيئ نفسك لطلب العلم تهيئ نفسك بطلب العلم للدعوة فالدعوة واجبة لكن على اهل البصيرة وهذه الطريقة هي التي تفقدك البصيرة والعلم حتى تدعوا الى الله.

الدعوة إلى الله ليست بالأمر الهين حتى يخرج الإنسان من بيته يريد أن يدعو الناس إلى الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وهو جاهل لم يتعلم لا، كوّن نفسك بهذه الطريقة فاطلب العلم ثم أدعو الى الله.



****

﴿4﴾ ما رأيكم فيمن يقول: "إن هؤلاء الدعاة - لستُ أدري مَنْ هم المشار إليهم - سوف يرجعون بالأمة إلى القرون القديمة مثل قرون الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب قرن الفتن" - هكذا العبارة -؟؟؟

الجواب:

اسأل الله لي ولك العافية في الزمن الذي ظهر فيه وقام بالتجديد الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوته هي التي قضت على الفتن وقضت على القتال الذي كان يدور بين القبائل وقضت على الوثنية والشرك وعلى الحكم بغير ما أنزل الله هذه من الفتن وقضت على التفرق وحصل بسبب هذه الدعوة المباركة في هذه الجزيرة الوحدة الإسلامية بين الأمة وارتفعت راية التوحيد وتَمَتّع مجتمع هذا البلد بسلامة العقيدة والأمن والأمان والاستقرار والتمتع بحكم شريعة الله، حيث لا يَحْكُم هذا المجتمع إلا شرع الله هذا ما يدعو إليه هؤلاء الدعاة الذين أنت تشير إليهم فهم ما يريدون إلا الإصلاح و إلا النصح لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم واسأل الله لي ولك العافية وأن يهدي قلبك حتى يفهم الفهم الصحيح...

﴿5﴾ يقول السائل: ذكرتَ دعوة الإخوان المسلمين ضمن الدعوات التي فشلت منذ قيامها وأن دعوة الإخوان لها أكثر من نصف قرن وهي فاشلة؛ ولكني استمعتُ (السائل) إلى أشرطة بعنوان لقاء مع مجلة المجتمع أُجري لقاء مِن رئيس المجلة مع طالب علم فجاء في التحقيق أو في المقابلة السؤال عن دعوة الإخوان المسلمين وقال طالب العلم الذي يناقش مع هذا الذي سُئِلَ عن دعوة الإخوان قال عن دعوة الإخوان ومؤسسها:"لو لم يكن للشيخ حسن البنا رحمه الله من الفضل على الشباب المسلم سوى أنه أخرجهم من دور الملاهي والسينما ونحو ذلك كالمقاهي وكتلهم وجمعهم على دعوةٍ واحدة ألا وهي دعوة الإسلام، لو لم يكن من الفضل إلا هذا لكفاه فضلاً وشرفاً، فهذا ما صرح به طالب علم كبير لمجلة المجتمع؟؟؟

وهذا الشخص عشتُ معه فترة من الزمن متجاورين ومتلازمين في العمل والذي اعرفه منه خلاف ما ذكر الآن ونتركه هو فكلنا نعلم دعوة حسن البنا صحيح أنه أخرج الشباب التائهين من المقاهي ومن دور السينما فهذا شيء لا يُنْكَر ويذكره كل من يعرفه؛ لكن بعد أن أخرجهم من تلك الأماكن ماذا فعل معهم؟؟ هل دعاهم بأسلوبِ وبدعوة الأنبياء أم نقلهم فجمعهم فتفرقوا على الطرق الصوفية؟؟؟ فكأنه نقلهم من جاهلية الى جاهلية فلم ينقلهم إلى المفهوم الصحيح للإسلام وكان الشيخ نفسه له طريقة صوفية وهؤلاء الذين نقلهم من دور السينما إما اعتنقوا طريقته أو طرق أخرى، وهل دعوة الشيخ حسن البنا قضت على عبادة غير الله عَلَنَاً مِنْ بلده؟؟ وهل أخرج الناس من الطواف بالأضرحة بضريح الحسين وزينب والبدوي؟؟ وهل أخرج الناس من الحكم الديمقراطي إلى حكم الله؟؟ هذا هو الشرف فلو كانت الدعوة جاءت هكذا فتكون الدعوة الإسلامية الصحيحة, أما التجمع السياسي والحركات المنافسة للجماعات الأخرى والأحزاب الأخرى ويُكتب على الغلاف الإسلام وليس في داخل الكتاب هذا الإسلام، بل شيء آخر حركة سياسية مزركشة ليست هذه دعوةٌ إلى الإسلام ويَعْلَمُ كل طالب علم درس مذكراته وما تحدث فيها عن نفسه من تجوله من ضريح إلى ضريح هو نفسه يحدث عن نفسه تردده إلى بعض الأضرحة وكما قال الشاعر:

إِذا كانَ رَبُّ البَيتِ بِالدُفِّ ضاربة ‍


فَشيمَةُ أَهلِ البَيتِ كُلِهِمِ الرَقصُ




فإذا كان هو نفسه لم يصل من العلم ومعرفة والمفهوم الصحيح للإسلام إلى مقاطعة الأضرحة ومحاربة من يطوف بها ودعوتهم وإرشادهم بل ونفسه يفعل كما يفعل العوام، فماذا فعل بأصحاب الملاهي؟؟

هذا يذكرني بما تدعي الصوفية من أنهم هم الذين أدخلوا الإسلام في القارة الإفريقية ولي ردٌّ في بعض محاضراتي على هذا السؤال.

الجواب:إنهم نقلوا بعض الوثنيين من الأفارقة من عبادة الأشجار والأحجار إلى عبادة البشر أخرجوهم من عبادة الجمادات إلى عبادة مشايخ الطرق فلا فرق بين أن يكون المعبود حجراً أو شجراً أو إنساناً أو ذمياً أو ملكاً لأن العبادة لا تكون إلا لله، فلذلك مثل هذه الدعوة لا ينبغي ان تنطلي على طلاب العلم، وأقول دائما لشبابنا كونوا على يقينٍ في عقيدتكم حتى لا يلبس عليكم الأمر فكل إنسان بسيط في باب العقيدة يعلم أن ذلك التصرف ليس من الدعوة الإسلامية في شيء.

فعفا الله عمن صرح هذا التصريح وهو مستغرب جدا من مثله وكان ينتقد هذه الجماعة انتقادا لاذعا عندما كنا معا في الجامعة الإسلامية ويتهمهم بأنهم يحاربون السنة فنسأل الله تعالى أن يثبتنا على الحق..

****

﴿6﴾ الآن في الساحة الإسلامية ثلاث جماعات "جماعة الإخوان وجماعة أنصار السنة وجماعة التبليغ" أيهم أفضل جزاك الله خيرا ؟؟؟

الجواب:

وجزاك الله خيرا، يصدق عليك قول الشاعر بالنسبة لهذه المقارنة بين السلفية وبين هذه الجماعات:

ألم تر أن السيف ينقص قدره ‍


إذا قيل إنّ السيف أمضى من العصا




فالمقارنة بين السيف والعصا يحط من قيمة السيف، فأنصار السنة الذي تذكرهم هم السلفيون هم الذين تأثروا بهذه الدعوة المباركة يقال لهم في بعض البلدان "أنصار السنة" وفي بعض الأقطار "السلفيون" وفي بعض الأقطار "أهل الحديث" في القارة الهندية, فلا يجوز المقارنة بينهم وبين هذه الحركات الحديثة التي تجددت لأن الدعوة السلفية هي المفهوم الصحيح للإسلام فالمفهوم الصحيح للإسلام هو المفهوم السلفي، السلفية نسبة إلى السلف, السلف سلفنا الصالح هم الصحابة والتابعون وأئمة تابعي التابعين الأئمة الأربعة وهم المعنيون بقوله تعالى: )وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ [، [التوبة: 00 1] فالسلفية عقيدة قديمة مأخوذة من كتاب الله تعالى على فهم السلف الصالح ليست بالمفهوم الجديد.

أتقارن بين من يسير على الجادة على الخط الأصيل بمن خرجوا الى بٌنَيَّاتِ الطريق؟؟ فلا مقارنة أبداً وهذه المقارنة ظلم, ويجب أن تفهم إن أولئك الذين ذكرتهم هم محل دعوتنا نحن ندعوهم ليرجعوا إلى الجادة ويبتعدوا عن بنيات الطريق لئلا يهلكوا، يجب أن نشفق عليهم وندعوهم إلى الجادة أما أيهم أفضل فهذا غير وارد.

****

﴿7﴾ ذكرتَ في المحاضرة لفظ الوهابية ولقد استمعتُ (السائل) إلى شريط لبعض طلاب العلم عنوانه ( نقاش سلفي تبليغي ) قال فيه السلفي الذي يناقش التبليغي:"أما الوهابية فمالي ولها" ؟؟

الجواب :

وقد عاش بينها معدودا منها فترة من الزمن هو الشخص الأول نفسه الذي وصفته لقد عاش مع من سماهم بالوهابية، لفظة الوهابية لقبُ أطلقه أعداء الدعوة وخصوم الدعوة على أصحاب هذه الدعوة لقد سمعتم ما ذكرتُ لكم في الليلة الماضية عندما بدأ يشيع في العالم الوهابية والوهابيون قال الملك عبد العزيز رحمه الله: ( إن عقيدتنا ليست عقيدة جديدة عقيدة السلف الصالح ونحن نحترم الأئمة الإمام مالك والشافعي واحمد وأبي حنيفة ) قال كلاماً هذا معناه فراجع في مقدمة شرح الطحاوية طبعة الدكتور عبد الله التركي ستجد كلاما عظيما، الشاهد لفظة الوهابية أطلقها خصوم الدعوة على هذه الدعوة والرجل يقول:"مالي ولها "، - لا بأس أنا أنقدها ربما أكثر من غيري - عجباً هل انتقدها ونصحت أهلها عندما عشتَ بينهم سنتين أو ثلاث سنوات!! ولم يظهر منك شيء من هذا الاستنكار فلستُ أدري ما الذي حدث في الأمس؟؟!! ثم يقول:"ما لنا وللوهابية هذه الدعوة ذهبت مع التاريخ وهؤلاء السعوديين ـ حسب الكتابة ـ جرفتهم الدنيا وجرفتهم السياسة نحن الآن أمام دعوة انتشرت في العالم الإسلامي رضي من رضي" هذا كلام ينقد أخره أوله، فإذا كانت الوهابية كما زعمت ذهبت مع التاريخ وجرفتها السياسة والدنيا فمن الذي نشر ما اعترفتَ بِهِ بأن الدعوة والإسلام أخذ ينتشر على يدِ مَنْ؟؟ على يدك أنت وأيدي أتباعك ؟؟ الذين ينشرون الدعوة الإسلامية الآن في العالم مَنْ هم؟؟ هم تلاميذنا مِن أصحاب هذه الدعوة ومن خريجي جامعاتنا الذين تخرجوا في الجامعة الإسلامية وجامعة الإمام وبعضهم في جامعة أم القرى والشاهد هم الذين دَرَسُوا المنهج السلفي الذي وصفته بأنه وهابي والذي زعمت بأنه ذهب وهو لم يذهب ولن يذهب لأن الحق باقٍ.

السلفية أو السلفيون هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة التي تدافع عن الحق وتقاتل دون الحق وتستميت في الدفاع عن الحق وبحمد الله تعالى في هذا الوقت على الرغم من أننا نعيش في وقت الفتن لكن سَير الدعوة السلفية اليوم ملموس لمس اليد لكل مَن له اتصال بالعالم الخارجي وهذه الكتب التي ذكرتُ لكم قبل قليل وطلبت أن تُحْفَظَ استمعتُ إلى أطفال في "مالي" في غرب إفريقيا - أنا وزملائي - و يحفظون هذه الكتب حفظ الفاتحة بحمد الله تعالى والمدارس الأهلية السلفية انتشرت وغير المسلمين من النصارى بتلك الأقطار اعترفوا بأن الإسلام الصحيح هو ذلك الذي يأتي من السعودية.

يعني ذكرت لكم قصة غريبة لداعيةٍ تخرج من الجامعة الإسلامية يعمل في بعض دول إفريقيا اصطدم مع مشايخ الطرق إلى أن وصل الأمر إلى الحاكم العسكري المسيحي - مسيحي متعلم تعلم في أوروبا- وعند الاستجواب سأل الداعية: أنه أين درس؟؟ ، فقال له:"درس في السعودية في المدينة النبوية"، ويحمل شهادة: "نعم من الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية" والمشايخ: "أين درستم قالوا:"في بلدنا هذا"، قال لهم اسمعوا يقول:" هو وزملاؤه ذهبوا إلى أوروبا فدرسوا المسيحية هناك ووجدوا أن بعض الطقوس التي يزاولها القساوسة في أفريقيا باطلة لا أصل لها" فقال: "لهم أخشى أن يكون مفهومكم غير صحيح فما دام جاء هذا من السعودية أنتم رسولكم من السعودية - لأن السعودية في مفهومها حتى في عهد النبي هذا البلد سعودية عندهم- رسولكم من السعودية ولد بمكة ودفن بالمدينة وهذا أخذ شهادة من المدينة التي دفن فيها نبيكم, الإسلام الصحيح هو الذي يأتي من السعودية فإما أن تدرسوا عليه وإلا لا يأتيني منكم أحد بعد اليوم"، انهدمت الصوفية على يد مسيحي، صدق قوله عليه الصلاة والسلامإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ).

هكذا الوهابية أو بالمفهوم الصحيح السلفية التي وصفها الرجل بالوهابية أنها ذهبت هي لم تذهب ولكنها تسير سيرا هادئا في العالم بدون جعجعة وبدون الطبول والدفوف وتسير هكذا تدخل البلاد وتفتح القلوب وبالمستوى الشعبي الدعوة السلفية عمّت العالم الى ما شاء الله لا بالمستوى الرسمي، وكونها ذهبت عفا الله عن هذا القائل ويتوب عليه ويشرح صدره للحق فهذا كلام خطير جدا عليه هو لستُ أدري هل الأرجح و هل من المصلحة ذكر هذا الشخص أو عدم ذكره عندي تردد لذلك أؤخر إلى وقتٍ آخر.

﴿8﴾ أرجو أن توجهوا كلمة مختصرة إلى كل شاب يريد أن يكون داعية إلى الله تعالى على بصيرة لأننا نلمس أن بعض الشباب لديه حب الدعوة ولكنه وبكل أسف يدعو بطرقٍ خاطئةٍ...


الجواب:

طالما توجه الشباب إلى الدعوة وتركوا ذلك الضياع -كم قال صاحب السؤال- هذا الاتجاه نفسه نشكر الله عليه ونشجعهم ولكن ندلهم على الطريقة المثلى: العلم أولاً – التعلم- لتكون على بصيرة والشاب الصغير لا ينبغي أن يحمله تحمسه وغيرته على الخوض في مجال الدعوة إلى الله وهو غير مسلح بسلاح العلم نصيحتي لهؤلاء الشباب أن يجتهدوا في التحصيل بالطريقة التي شرحناها.

﴿9﴾ يشكو السائل أن بعض الشباب ربما تأثروا ببعض الجماعات، أثّرت فيهم بعض الجماعات فينالون من الدعوة السلفية والسلفيين فما الحيلة؟؟


الجواب:

الحيلة أولاً الدعوة الصالحة لهم، وثانياً العمل بالأسباب ومن العمل بالأسباب أن تسعوا إلى إيجاد عدد كافٍ من المدرسين في مدينتكم لأنها مدينة عظيمة فلا يكفي مدرس أو مدرسين وينبغي أن يتعاون الدعاة والمشايخ على نشر العقيدة وتصحيح المفاهيم لشبابنا في هذه المدينة ولو أن كل واحدٍ منا يقضي إجازته الأسبوعية في جدة موزعين على المساجد لعالجوا الكثير من مشاكل الشباب فنسأل الله لنا ولهم التوفيق..

﴿10﴾ هل الحكّام الذين لا يحكمون بشرع الله تجب طاعتهم ومبايعتهم أم ماذا؟؟ وما هي نصيحتكم للشباب المسلم في غير هذه البلاد، وذكر عدة بلدان من البلدان العربية والإسلامية التي تحكم بالقوانين ولم تقتنع بالشريعة الإسلامية ؟؟؟


الجواب :

هذا السؤال وارد، يوجد عدد كبير من أبناء الدول العربية و الإسلامية في الجامعة الإسلامية وغيرها و في الحرمين الشريفين يتفقهون فَنِيَّتَهُم الإصلاح بعد العودة وبعد الرجوع الى أوطانهم ماذا يعملون، يعني بعض الشباب من الأفغانيين تخرجوا من الجامعة الإسلامية طلبوا مني ان أتعاون معهم لأنهم يريدون إيجاد جبهة إسلامية في أفغانستان جبهة جديدة قلت لهم:"لا" إذا أنشئتم جبهة إنشاءكم للجبهة الإسلامية إثارة في نفوس الخصوم ويستعدون لكم للقضاء عليكم إذن الطريقة ما هي؟

طريقة التعليم, يرجعون الى بلادهم فيفتحون مدارس تحفيظ القران والمدارس الابتدائية والمتوسطة إلى الثانوي على المنهج الذي يدرس في هذا البلد - في مدارسنا- كما فعل الأفارقة والإخوان الذين في القارة الهندية حيث يبنون الرجال ويربون الشباب على هذا المنهج ولا يتصلون في الحكام إلا بعد فترة واتصالهم بأولئك الحكام يكون اتصالاً سليماً بعيداً عن الحزازات السياسية والمنافسة السياسية بحيث لا يشعر أولئك الحكام أن هؤلاء الدعاة ينافسوهم لِيُنْزُلُوهم من كراسيهم، فليس من العدل أن توجد لك أعداءاً وخصوماً في أول بدئك في الدعوة، فابنِ نفسك وابنِ الرجال وربِّ الشباب وتدرج ثم اتصل بالعقلاء وبالأعيان إلى أن تصل شيئا فشيئا الى أولئك الحكام وتعرض عليهم الدعوة عرضا وإياك أن تسلك مسلك الإثارة والتهييج والطعن والسب "لا" ليس هذا أسلوبا أبدا ولو كان الحاكم طاغوتا يحكم بغير ما انزل الله راضياً به ليس من الحكمة أن تبدأ بالهجوم والعنف وأنت عاجز لا تقدر تعمل شيء.

فيبدأ بالطريقة السلمية والتعليم وبناء الرجال حتى يصل إلى ما يريد فإن جاءه اجله قبل أن يصل إلى ما يريد يثاب على نيته الصالحة وعلى هذه العزيمة العظيمة لأنه كان عازماً على الإصلاح ويتولى مَن بعده المنهج وهكذا ولا ينبغي أن يتعجل، أما كون الشاب فور تخرجه يعود إلى بلده يحاول أن يقيم دولة إسلامية بين عشيةٍ وضحاها هذا طيش جهل لا ينبغي...

﴿11﴾بعض الشباب يُكفِّرون كل من ينتمي إلى طريقتهم ؟؟؟


الجواب:

هذه كما سماها فضيلة الشيخ ابن عثيمين فتنة, فتنة الشباب، فمن الفتن التي ابتليَ بها بعض الشباب التسرع في التكفير والتبديع والتضليل والخوض في أعراض الناس وكأنهم يرون إنما تحرم الغيبة والنميمة والطعن والسخرية فيمن يَنْتَمِي إلى الاتجاه الذي هم فيه ومن خالف هذا الاتجاه استباحوا تكفيره وما دون التكفير من باب أولى.

هذه فتنة يجب أن يعالجها العلماء والعلاج التعليم وكل هذا من الجهل ومن التأثر ببعض الأفكار الواردة من خارج هذا البلد فليعلم شبابنا بأنهم يُحسدون ومحل الحسد -كل ذي نعمة محسود- أنتم تتمتعون بنعمٍ لا يتمتع بها غيركم, فسلامة العقيدة والأمن والأمان والاستقرار والصلة الطيبة بينكم وبين ولاة الأمر والتعليم المجاني والأمور ميسرة في التعليم والعلاج وفي كل ما تحتاجون، هذه أمور تمتازون بها وقد حسدكم غيركم على هذه النعمة فضرب بعضكم ببعض فانتبهوا لهذه الفتنة "التكفير" ليس بالأمر الْهَيِّنْ.

المعتزلة الذين نفوا جميع صفات الله تعالى لم يكفرهم أهل العلم كما كفروا الجهمية لإثباتهم الأسماء، قالوا لأنه يلزم من إثبات الأسماء إثبات الصفات لذلك تورعوا في تكفيرهم، أما كونك تجرؤ على تكفير كل من لم يَنْتَمِ إلى طريقتك وإلى اتجاهك وإلى جماعتك ما هذا ؟؟؟ هذا ليس من العقل في شيء، قبل أن نقول شرعاً حتى عقلاً هذا مذموم فنسأل الله لنا ولهم الهداية...



﴿12﴾ إن تعارض العلماء قد أحدث إرباكاً بَيْنَ الشباب الملتزم، لا بد من إنكار المنكرات الموجودة في هذا البلد التي لا تخفى عليك فكيف ننكرها ؟؟


الجواب:

إنكار المنكر واجب إلا إذا كنتَ تعني بإنكار المنكر عدم وقوع المنكر، فالمنكرات الواقعة وتُنْكَرْ ومَنْ يَراها يُنكرها وتسمع من ينكرها في الإذاعة والتلفاز وفي المحاضرات والعلماء يبينون خطورة انتشار المنكرات فينكرون نحن علينا أن ننكر المنكر بألسنتنا ونبين خطورة انتشار المنكر فهذا كل ما يجب علينا وليس علينا إزالة ذلك باليد هذه وظيفة غيرنا فنسأل الله أن يوفق ولاة الأمور للتغلب على بعض ما انتشر من المنكرات بين المجتمع كانتشار الربا.

ثم إنكار المنكر شيء وتكفير الناس لأجل انتشار المنكر شيء آخر وقوع المعاصي والمنكرات في البشر أمر لابد منه فلماذا نزلت الحدود والتعزيرات والعقوبات؟ لأن الله يعلم خلق أنه خلق البشر فيهم نزعاتٍ مما يوقعهم في المعاصي وهو سبحانه وتعالى أرحم الراحمين وَعَدَهُمْ بالتوبة لمن تاب إليه.

فإذا كان يتصور بعض الناس أن المجتمع الإسلامي هو ذلك المجتمع الذي لا تقع فيه المنكرات والمعاصي هذا تصور خاطئ لم يحصل ولن يحصل فخير مجتمع عاش على وجه الأرض المجتمع الذي كان يقوده رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل ذلك المجتمع سَلِمَ مِنَ المعاصي؟؟ "لا" شُربِتْ الخمور وحَصَلتْ السرقة وفاحشة الزنا كل ذلك وقع ،وهل أخرج ذلك الدولة الإسلامية المحمدية من كونها دولة إسلامية؟؟ "لا؟ إذن الدولة الإسلامية هي التي تقيم الحدود إذا وقعت المعاصي وتُعَاقِبُ الجاني بذوات الحدود – بالحد- وفيما دون ذلك بالتعزير وهذا هو الحاصل الآن عندنا الحمد الله ماذا تريد أكثر من هذا؟؟!! صحيح نحن معترفون بالتقصير، لسنا كسلفنا الصالح لا نحن طلابَ العلمِ ولا حكامُنا ولا مجتمعُنا فالنقص حاصل والتقصير حاصل ولكن كما قلت غير مرة لن نَنْزِلَ عن درجة المؤمن الضعيف ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كلٍ خير ) لا ننزل عن هذه الدرجة أي لسنا بكفار.

ومن يريد مرة أخرى مجتمعاً لا تقع فيه المعاصي والمنكرات فكأنه يريد أن يتصور مجتمعا من الملائكة يرأسهم جبرائيل وهذا غير واقع - فتتحدث عن المستحيل - نحن بشر ولكن إن كنت ذا إنصاف قارن بين هذا البلد وبين المجتمع الذي أنت تعيش فيه وبين المجتمعات الأخرى التي أعرضت عن الإسلام إعراضا كلياً مع الانتساب للإسلام إنما تعرف الأشياء بأضدادها.

﴿13﴾لقد تكلمتَ عن السياسة أكثر من مرة فأي سياسةٍ تريد ؟ آلسياسة الربانية أم ماذا؟؟

الجواب:

من منكم يعرف السياسة الربانية؟؟ في سياسة اسمها سياسة ربانية ؟؟؟ السياسة الشرعية يكفي، نعم فالسياسة التي ندعوا إليها إلى دراستها ثم العمل بها بعد الدراسة هي السياسة الشرعية والسياسة التي ننكرها هي السياسة العصرية المخالفة لتعاليم الإسلام ونحن بحمد الله يسوسنا حكامنا بالسياسة الشرعية، فلا تستغرب ربما ضحك عليك بعض الناس قالوا:"أنتم تعيشون تحت الحكم الفردي يحكمكم فرد واحد" وربما سموا الحكم "الديكتاتورية" فخذوا جوابا شافيا هنا, نحن في هذا البلد لا نعيش تحت حكم جمهوري برلماني تتعدد فيه الأحزاب ولا نعيش تحت حكم ديكتاتوري يحكم بالسلاح وليس هناك لا يحكمنا لا فرد ولا جماعة، فما الذي يحكم مجتمع هذا البلد؟؟ شريعة الله، وحكام هذا البلد يُعْتَبَرُون السلطة التنفيذية فقط وليس سلطة تشريعية لا توجد عندنا السلطة التشريعية ولا ينبغي أن توجد بل لا يجوز لدى كل المسلمين أن توجد السلطة التشريعية التي تشرع مع الله.

يحكمنا في هذا البلد شرع الله وهذا شيء يعرفه حتى رجل السوق يعلم ذلك، فإذا ضُبِطَتْ الجناية كيف يتم تنفيذ الحكم؟؟ تبدأ الإجراءات من عند الشرطة إلى المحكمة وتمر مراحل كثير في المحاكم فيدرس الحكام القضاة فيفحصون فحصاً على ضوء الكتاب والسنة هذه الجناية وهذه الجريمة ويتخذون فيها صكا بأن الشرع يحكم على زيد بن عمرو بالقصاص أو بقطع اليد أو.. أو.. أو..الخ الأحكام، فترفع هذه الأحكام إلى ولي الأمر فيدرس فيأمر بتنفيذ حكم الله - انتبه لهذه العبارة -يأمر بتنفيذ حكم الله في زيد بن عمرو الذي قتل النفس بغير حق، مَنْ الذي حكم إذن وأمر بالتنفيذ؟؟ فترجع المعاملة إلى الداخلية فمندوب الداخلية يتلو آية من القران المناسبة إما للقصاص أو لقطع اليد فينفذ حكم الله، إذن من الذي حكم؟ "الله في كتابه" ماذا فعل الحكام؟؟ "نفذوا" فهم سلطة تنفيذية - افهموا جيدا- الذي كان هناك يسأل قبل قليل في السياسة هذه هي السياسة الشرعية وهل مجتمع كهذا وشعب كهذا يقال له يحكمكم فرد وحكم ديكتاتوري؟؟ "لا", فهذا البلد تحكمه شريعة الله وهؤلاء لهم الفضل ولهم الشرف في أن ينفذوا حكم الله هذه الحقيقة التي ينبغي ان يفهمها طلاب العلم ويشرحوا لمن انطلت عليه الأمور بواسطة بعض التلبيسات..

﴿14﴾: هناك أناس إذا صعدوا المنابر أو في جلسة عامة يقولون خلاف أقوالهم في الجلسات الخاصة ما هو توجيهكم جزاكم الله خيرا والله المستعان؟؟


الجواب:

إن كان ما تقوله واقع من بعض الناس نسأل الله أن يتوب علينا وعليهم، المؤمن يجب أن يكون دائما صريحا وصاحب كلمة واحدة ولا ينبغي أن يتناقض باتخاذه مجالس خاصة للحديث الخاص وبين الناس يصرح خلاف ذلك نرجو ألا يوجد ذلك وإن وُجِد بقلة فنسأل الله أن يتوب علينا وعليهم..

﴿15﴾ ما حكم الأناشيد الإسلامية ؟؟


الجواب:

لا اعلم أنا الأناشيد الإسلامية، حسب علمي القصائد والأناشيد إن قُرئت لله تعالى أي عبادة كما صرح (.....) هذه بدعة منكرة ربما تؤدي إلى التشريع، إنْ قُرِئَتْ القصائد لا يقال لها إسلامية وأناشيد في مناسبات، لا بأس في أناشيد عربية وقصائد عربية لأنها باللغة العربية أما تسميتها إسلامية خطأ فلا يوجد في الإسلام أناشيد أو قصائد إسلامية أمر بها الإسلام جاء بها الإسلام أو شرعها الإسلام "لا" هذا خطأ..

﴿16﴾كيف يطور طالب العلم نفسه - حسب تعبيره - في ظل عدم وجود دروس منهجية؟؟ وهل المحاضرات المتفرقة ترفع من مستوى طالب العلم والداعية؟؟


الجواب:

المحاضرات المتفرقة تعين؛ لكن لابدّ من الدراسة وهذا ما ندعو إليه دائماً فمنذ حرب الخليج وأنا أصيح في الشباب "التحصيل.. التحصيل" - لو كان يطاع لقصير أمر - دعوت كثير شبابنا أن يبتعدوا عن تلك الطلعات والشغب السياسي و يشتغلوا بتحصيل العلم ودراسة العلم دراسة منهجية كما وصفنا هي التي تبني الرجال، أما المحاضرات فمعينة تعين ومثل هذه الجلسة تعتبر درساً لو تتابع فيذهب هذا ويأتي آخر ويذهب ذاك ويأتي الثالث هذه تعتبر دراسة دروس لكن الدروس المنهجية المنظمة المركبة على أبواب الفقه هي التي تبني الرجال وهي التي نَفْقِدُها نسأل تعالى لنا ولكم العون- يحصلْ ذلك-.

﴿17﴾إذا تحدث شخص وقال إن قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن وأشار بإصبعيه، فما حكم هذا التشبيه؟؟


الجواب:

عجباً!! لو قلتَ فما حكم هذه الإشارة؟؟ لأنصفت لماذا سميت تشبيها؟ هل النبي صلى الله عليه وسلم عندما أشار هكذا وكان الله سميعا وبصيرا أكان مشبها؟؟ "حاشا" وعندما أشار هذه الإشارة "اللهم أشهد" في خطبة يوم عرفة بعد أن قال للصحابة:"أنتم مسئولون عني فماذا أنتم قائلون؟؟" قالوا: "نشهد بأنك بلغت ونصحت" قال: "اللهم اشهد اللهم اشهد" يرفع إصبعه، إلى من؟؟ "إلى الله"، يا سبحان الله!! يقول:"اللهم اشهد" إلى الله؛ لأن الله فوق جميع المخلوقات ويشهده عليهم لأنهم شهدوا له والإشارة للتأكيد ليست للتشبيه فهي لتأكيد المعنى الحقيقي أن ذلك المعنى الحقيقي إذا أشار الإنسان بإصبيعه إشارة إلى الحقيقة وليس في ذلك تشبيه ولا ينبغي التسرع في الحكم في أن ذلك تشبيه..

﴿18﴾ سائل يسأل عن المغيث هل هو من أسماء الله تعالى؟؟


الجواب:

حسب علمي ليس من الأسماء الحسنى ولكن يستعمل من باب الإخبار كالصانع والمتكلم والمريد يقال الله صانع هذا الكون، الصانع ليس من أسماء الله ولكن يقولون:"ويُتَسَامَح في باب الإخبار ما لا يتسامح في باب الصفات".

﴿19﴾ ما حكم الإسلام فيمن يستعمل ويقوم بفعل العادة السرية خشية أن يقع في الفتنة في فاحشة الزنا؟؟


الجواب:

خطأ، لا يجوز ومن خاف على نفسه من الفتنة دلّه النبي عليه الصلاة والسلام على الطريقة الصحيحة يكثر من الصيام فالشاب الذي يخاف على نفسه الوقوع في الفاحشة يكثر من الصيام ولا ينبغي أن يقع في هذه فيما سماه بالعادة السرية..

﴿20﴾ هل عبارة سلفي صوفي معاً صحيحة الخ... السؤال؟

الجواب:

القول بأن فلان سلفي صوفي وأن طريقة فلان سلفية و صوفية، هذه تناقضات، الذي يقع أنْ يكون المرء في أول حياته صوفياً ثمَّ يتضح له الحق ويتوب من شطحات الصوفية وينهج منهج السلف وهذا ما وقع للإمام ابن القيم كما يحكي عن نفسه حيث أنقذه الله من الصوفية بشيخه شيخ الإسلام وبعد رجوعه وعمله في مجال الدعوة السلفية بالأسلوب الذي يعرفه طلاب العلم ليس أسلوبا دفاعيا فقط بل في أسلوب هجاء، في أسلوب ميداني وهجومي كما في كتابيه "اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة و الجهمية" و"الصواعق المرسلة" هذه كتب هجومية يهاجم الجاهلية فيها بكل قوة وشجاعة فلا يقال لمثله مثلا بعد هذا أنه صوفي لكن من باب الإخبار يمكن أن يقال كان صوفيا ثم هداه الله...

﴿21﴾ هل الدعوة الإسلامية الدعوة تكون واجبة على الجميع أرجو مزيد بيان ؟؟

الجواب:

الدعوة الإسلامية والدعوة إلى الله والدعوة إلى سبيل الله تجب على طائفة معينة مِنَ الناس هم أهل العلم والبصيرة والذي لا يملك العلم والبصيرة ليس مؤهلا لِأَنْ يُسمي نفسه داعية ويتخبط ما يفسده أكثر مما يصلحه، إذن الدعوة إلى الله وإلى دين الله وإلى الإسلام إنما هي واجب العلماء اهل العلم والبصيرة..

﴿22﴾ الصوفية البعض يقول إنما بينهما الزهد والتعبد وأنتم لا تُفَصِّلونَ عند الكلام على الصوفية، هل الصوفية سواء ؟؟


الجواب:

قبل قليل كنا نتكلم في هذا الصوفية العادية والصوفية الملاحدة، فالصوفية الملاحدة هم وحدة الوجود، والحلولية الذين لم يصلوا إلى الوحدة ولكن يزعمون أن الله يحل في بعض الشخصيات وفي بعض الأجسام هؤلاء ضُلال يصل ضلالهم إلى الكفر.

أما الصوفية العادية مبتدعة لا تصل بدعتهم إلى الكفر لكن إيمانهم بفكرة ابن عربي فكرة وحدة الوجود والحلولية والسعي للوصول إلى هذه الدرجة هذا هو الخطأ وهذا يدل على جهلهم وحسن الظن بِهذا الملحد الكبير ابن عربي الطائي الذي قال فيه الإمام ابن تيمية:"أتى بكفرٍ لم يأت به كفار قريش"، وهذا شيء معقول أبو جهل ما ادعى بأن الله اتحد معه - صار أبو جهل والله شيء واحد ما قال هذا-، أبو جهل يعلم وجود الله ويؤمن بتوحيد الربوبية وإنما كفر بتوحيد العبادة إذن هو أحسن حالاً من ابن عربي الذي يقول ليس في الجبة إلا الله لأن الله اتحد معه فالإيمان بهذه الفكرة وتصديقها والسعي إليها هذا من أخطاء الصوفية العادية.

﴿23﴾ بِما تنصح شبابنا الذين حفظوا القران ثم تهاونوا فيه؟؟

الجواب:

لعل سبب التهاون ما سأله بعض شباب جدة وأنا في المدين؛ لأن بعضهم يقولون لهم لا فائدة في حفظ القران إذا كنتم لا تفهمون المعاني، هذا خطأ عليك أن تحفظ كتاب الله فهمتَ أولم تفهم، قراءة القران عبادة، من أفضل العبادات؛ بل أفضل العبادات على الإطلاق، ولو كنتَ لا تفهم المعاني، فبالحرف الواحد عشر حسنات، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( لا أقول آلم حرف بل ألف حرف ولام حرف وميم حرف) هذه الحروف المقطعة التي في أوائل بعض السور والله أعلم بمراده بها لا نعلم معناها مع ذلك نثاب على تلاوتها.

تَثْبِيطُ الشباب عَنْ حِفظِ القرآن والحيلولة دونهم بدعوة أنهم لا يفهمون المعاني فهذه دعاية سيئة لا ينبغي أن تُقْبَلَ فاحفظ القران وما نسيت راجع واضبط وخُذ بعض المصاحف التي في الهامش تفسير لبعض الكلمات والمفردات أو كتيب صغير كلمات القران واسأل اهل العلم واستعن بالله.

﴿24﴾ هل يجوز لعنُ الْمُعَيَّن؟؟


الجواب:

لا يجوز، لعن المعين ولو كان كافرا لأن هذا المعين "زيد" من الناس إذا قلتَ:"لعنه الله" وسميته فاللعن معناه الإبعاد من رحمة الله، ولا تدري بما يختم لهذا المعين من إيمان بالحسنى - لا تدري- فلذلك الْمَشْرُوع أنْ تلعنَ الكافرين و الظالمين والفاسقين بالجملة، "لعنة الله على الظالمين وعلى الكافرين"، وأما لعن الْمُعَيَّن فلا، ثم إن الإكثار من اللعن ليس من صفات المؤمنين...

﴿25﴾ هل المستخف بالمعصية كافر؟ هل يكون الاستخفاف بالمعصية بمعنى الاستهزاء ؟

الجواب:

إذا كان هذا مرادك بالاستخفاف أنه قد يتبع هواه فيقع في المعصية مع العلم بأنها معصية وحرام هذا المقدار لا يُكَفِّر كفرا بواحا؛ ولكن إذا سخر من النصوص التي حرمتْ هذه المعاصي بل لو سخر من النصوص التي شُرِعَت بها السنن يَكْفُر؛ ولكن لا نحكم على كل من وقع في المعصية بأنه سخر منها وسخر من النصوص أو استخف بها إنما زين له الشيطان ونفسه الأمارة بالسوء فوقع فترجى له توبة فلو مات على ذلك فأمره مفوض إلى الله.

﴿26﴾ إن بعض الملتزمين قد يتراجعوا وينتكسون - والله المستعان- فيتركون الالتزام فيقعون في المعاصي، ما النصيحة؟؟

الجواب:

النصيحة أولاً الدعوة الصالحة لهم أنْ يثبتنا الله وإياهم وأن يهديَ قلوبنا، إلا أننا ليس من شرط أنْ يكون الطالب أو الشاب سلفيا ملتزماً ألا تقع المعاصي منه، والمعاصي وقعت من بعض الصحابة لكن الواجب المبادرة، فلا تكون المعصية والمخالفة صفة له إذا وقع وهَفَا، بَادَرَ بالتوبة هذه الميزة هي ميزة المؤمن ( المؤمن من سرته حسناته وأساءته سيئاته) المؤمن قد يسيء ويعصي ولكن يَسْتاء فيتوب فيبادر في توبته..

﴿27﴾: ما هو رأيكم فيمن يذكر عن محنة الإمام أحمد ولَمْ يتطرق لموقفه رحمه الله من السلطان؟؟

الجواب:

لست أدري ماذا يقصد الخلفاء الذين آذوه وعذبوه كالمأمون الذي هو راس الفتنة والمعتصم بالله والواثق بالله الذيْن توليا تعذيبه وامتحانه، هل يقصد بأن بعض الناس لا يبينون موقف هؤلاء؟ أو يقصد ما موقف الإمام من هؤلاء؟؟ يحتمل: على الاحتمال الأول ذكر المحنة يستلزم أن يذكر من امتحنه وعذبه وكان يربط ويرمى بين يدي المعتصم فيضرب رحمه الله ليقول بأن القرآن مخلوق ولينفي الصفات فيصبر ويتحمل لكن لما جاء عهد المتوكل على الله الخليفة العاشر من خلفاء بني العباس أفرج عنه وألغيت سياسة القول بخلق القران ونفي الصفات، كانت هذه سياسة الدولة من عهد المأمون إلى عهد المتوكل هذا البيان مطلوب إن كان يريد هذا فهذا واضح.

وإن كان يريد هل الإمام موقفه من هؤلاء كان يكفرهم؟؟ الجواب: "لا" بل الإمام هو وغيره يدعون للسلاطين ولو كانوا ظلمة، بل ينتهزون الفرص والأوقات التي يجدونها أنها أوقات الإجابة فيدعون لولاة الأمور أن يهديهم الله ويتوب عليهم ولو ظلموهم لا ينتقمون لأنفسهم بل يحرصون على نصحهم والدعوة لهم.

﴿28﴾ ما حكم من سب الله سبحانه وتعالى- يا سبحان الله- وسب الدين أو سب الرسول عليه الصلاة والسلام مع التفصيل حيث إن هنالك فتوى بأن مَن سب الله وإن تكرر منه ذلك باستمرار طالما أنه يصلي فهو فاسق وليس بكافر ؟


الجواب:

نحن في عصر العجائب وهذه الفتوى من العجائب إنْ كان المفتي مِن أهل العلم، فَكُفْرُ مَنْ سَبَّ الله ورسوله والدين الإسلامي محل إجماع ولا نعلم الخلاف في ذلك أبدا - قبل هذا المفتي- كائنا من كان - قبل هذا المفتي - أهل العلم مجمعون على أن مَنْ سب الله يعتبر كافر كفر بواحا ومن سب رسوله عليه الصلاة والسلام أو الدين الإسلامي أو سخر من الرسول أو سخر من الدين أو سخر من الله، فينبغي أن ننظر في المسألة نظرة عقلية، فالذي يسب الله أليس معنى ذلك يكره الله؟؟

شاب سألني البارحة أو قبل قال:"لو سب الله في حالة غضب، ما الحكم؟؟

الجواب:غَضِبَ على مَنْ؟؟!! يعني غضب على الله فسبه؟؟ وأراد الشاب أن يزيد - لعله دارس للفقه- قال:"على طلاق الغضبان"، الجواب: هذا قياس مع الفارق غضب زيد على امرأته لسوء عشرتها غضبا شديدا حتى فقد الشعور فطلقها لا يقع الطلاق؛ لكن تعالوا هل تتصورون عبدا من عبيد الله يغضب على رب العالمين فيسبه؟ يسب الله!!، هل تسب من تحبه؟؟!! "لا"، إنما تسب من تبغضه هنا سر الكفر؛ لأنه يُبْغِضُ الله -كره اللهَ حتى سبه-!!!

إذا كره الله كفر لأن كراهة الله خراب القلب - حقيقة الكفر خراب القلب - ومن خرب قلبه و كره خالقه وسب الله لا يجوز لمسلمٍ أن يشك في كفره ومَنْ يشك في كفره فلم يُكَفِّرْه فَيَكْفُر هو الثاني.

فانظر إلى المسألة بعين البصيرة "محبة الله روح الإيمان" ومحبة رسول الله عليه الصلاة والسلام شعبة عظيمة من شعب الإيمان، فكيف يجرؤ مسلم أن يسب رسول الله عليه الصلاة والسلام؟؟!! ، رسول الله الذي أثنى عليه أبي طالب وهو لم يؤمنْ به وأثنى على دينه - يا سبحان الله- أبو طالب يقول وهو يعترف بصحة دين محمد عليه الصلاة والسلام:

وَلقد علمت بأن دين محمدٍ ‍
لَولا المَلامَةُ أَو حِذارٌ مسُبَّةً ‍


مِن خَيرِ أَديانِ البَرِيَّةِ دينا
لَوَجَدتَني سَمحاً بِذاكَ مُبينا




مَنَعَ أبا طالب من الإيمان خوفُ المسبة وخوفُ الملامة؛ ولكنه يُقَدِّرُ رسول الله عليه الصلاة والسلام ويستميت في الدفاع عنه فآزره حتى بلغ رسالة ربه.

و يأتي في هذا الوقت يفتي مفتٍ:"ولو سب الله ولو سب رسول الله عليه الصلاة والسلام طالما يصلي فهو فاسق ليس بكافر"!!!، وهل صلاته تقبل؟!!! وهل صلاة المرتد تقبل؟؟!! أليس من شرط قبول الأعمال الإيمان؟؟ فهذا ليس بمؤمن، لذلك لا ينبغي أن ننخدع إذا هفا عالم هفوة فلكل جوادٍ كبوة ولكل عالمٍ هفوة ولكنها زلة، "زَلةُ العالِم زلةُ العالَم" وخصوصا في هذا الوقت هذه الأشرطة أصبحت تنقل كل شيء من خير وشر إلى العالم في الداخل والخارج.

فكم يكون عيبا وعارا أن ينقل من عالم سني فتوى يفتي فيها بأن من سب الله ورسوله ليس بكافر، وقد اجمع العلماء قبله على ذلك(كفره) وسر الكفر واضح كما علمتم لأن سر ذلك خراب القلب فنسال الله لنا ولكم الثبات فالمسالة خطيرة ومن يتصدون للفتوى عليهم أن يراقبوا الله رب العالمين وإلا فموقفنا خطير.


--------------------------------------------------------------------------------

[1]) (قمت بعمل بعض التغييرات القليلة في الكلمات بسبب استخدام الشيخ العامية أحياناً، وكي يكتمل المعنى فالحديث غير الكتابة فتنبه!!










قديم 2014-02-24, 15:45   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي تصحيح المفاهيم في جوانب العقيدة

لفضيلة الشيخ محمد أمان بن علي الجامي
رحمه الله تعالى
(عميد كلية الحديث الشريف والدراسات الإسلامية سابقاً)

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد، سبق لي أن تحدثت تحت هذا العنوان في موسم المحاضرات لعام 94-95هـ وتناولت بالحديث النقاط التالية:
1- العبادة.
2- التوسل.
3- مبحث الصفات.
4- القرآن الكريم.

ووعدت بأني سوف أعود فأتحدث مرة أخرى تحت العنوان ذاته إن شاء الله فها أنا ذا أعود إلى العنوان بمشيئة الله تنفيذاً للوعد المذكور وأختار هذه المرة النقاط الآتية:
1- الأولياء والكرامات.
2- الشفاعة.
3- السنة النبوية.

والذي دفعني إلى الحديث في تصحيح المفاهيم هذه المرة والمرة التي قبلها هو إدراكي التام ما عليه عامة المسلمين - كما يدرك غيري- من تصورات بعيدة عن حقيقة الإسلام في الموضوعات المذكورة وغيرها في جوانب الإسلام حتى صار البون شاسعاً بينهم وبين المنهج المحمدي الذي أشار إليه النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: «تركتكم على بيضاء نقية لا يزيغ عنها إلا هالك»، وعلى الرغم من هذا التوجيه النبوي المتضمن للإنذار فقد زاغ جمهور المسلمين عن المنهج فصاروا يعملون خارج المنهج في جوانب كثيرة، مغيرين بذلك مفاهيم وتصورات كثيرة، فحياة المسلمين اليوم أقرب إلى الجاهلية التي قبل مبعث النبي منها إلى الحياة الإسلامية مما جعل حياتهم مغايرة لحياة الرعيل الأول من الصحابة والتابعين الذين أخذوا تلكم المعاني من صاحب الشريعة مباشرة أو بسند عال، ولعل سر ذلك انصراف الناس عن دراسة مصادر الإسلام الأصلية وتسرب كثير من عادات وتقاليد غير إسلامية إلى صفوف المسلمين. كالهندوكية والبوذية والثقافة اليونانية. وهذا التركيب المزجي خلف في صفوف المسلمين ريبة مدللة ومضللة في الوقت ذاته أطلق عليها "الصوفية" وكنتيجة حتمية لوجودها كثر المحترفون باسم الدين بعد أن لقبوا أنفسهم برجال السلوك فسلكوا بأتباعهم غير سبيل المؤمنين وصنفوا أنفسهم كالآتي:
- العارفون بالله
- والأقطاب
– والأوتاد.
أيها الإخوة، لا نعلم أن المسلمين ابتلوا ببلية أو أصيبوا بمصيبة أعظم وأخطر من مصيبة الصوفية إذ من بابهم دخلت على المسلمين تصورات أجنبية ومفاهيم غربية لا عهد للمسلمين بها في ماضيهم بل هي باب لكل بدعة دخلت على عبادة المسلمين وعقائدهم التي منها هذه التصورات الطارئة على المعاني أو النقاط التي سوف أتناولها بالبحث في هذه العجالة محاولاً بيان التصور الصحيح لها والتصور غير الصحيح لعلي أكون أديت بذلك بعض ما يجب أداؤه من واجب النصح لعامة المسلمين لأني لا أريد بمحاضرتي هذه أداء واجب الموسم الثقافي للجامعة فحسب بل أرجو أن تصل هذه المحاضرة يوماً إلى أيدي من تعنيهم وتتحدث عنهم وعن سوء فهمهم فتصحح لهم تصوراتهم تلك بإذن الله في هذه الجوانب.
والله أسأل وبمحبة رسوله أتوسل أن يجعل عملي مخلصاً لوجهه الكريم إنه خير مسئول وأكرم مجيب.

وبعد هذه المقدمة التي أرجو ألاّ تكون مملة نأخذ في الحديث عن النقاط الثلاث التي اخترتها لحديثي، هذه المرة على النحو التالي:

أولاً: الأولياء:
الأولياء جمع ولي:
الولي من تولى الله أمره وخصه بعنايته لصلاحه لأن الله يتولى الصالحين ويحب المؤمنين ويدافع عنهم ?إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا?، وفي الحديث القدسي: «من عادى لي وليا فقد آذنته بحرب».
ويعتبر الصلاح والتقوى من العناصر الأساسية في الولاية ومن مستلزماتها: العلم، ونعني بالعلم معرفة الله بأسمائه وصفاته وآلائه جملة وتفصيلاً ومعرفة شرعه الذي جاء به رسوله المصطفى ونبيه المرتضى عليه الصلاة والسلام. وقد تولى القرآن الكريم تعريف الأولياء بما لا يترك مجالاً للتردد أو التساؤل أو التوقف:
?وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً?، إذ يقول الله عز وجل من قائل:?أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ?، ويقول أيضاً:?إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ? وقد حصر القرآن- كما ترى- الأولياء فيمن يتصفون بصفة التقوى. والتقوى تستلزم العلم والمعرفة - كما قلنا - لأن حقيقة التقوى امتثال المأمورات واجتناب المنهيات خوفاً من عذاب الله وسخطه وتطلعاً إلى رضائه وجنته وكرامته ولا يتم ذلك إلا بالفقه في الدين، فالخير كله في الفقه في الدين كما أن الشر كله في الجهل بالدين والإعراض عنه. يقول الرسول الكريم في هذا المعنى: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» ولا يخفى على طالب العلم المفهوم المخالف للحديث. وهو أن من لن يُرزَق الفقه في الدين قد فاته الخير. وماذا بعد الخير إلا الشر؟..

هكذا بيّن الكتاب والسنة صفات أولياء الرحمن التي منها: العلم والمعرفة والصلاح والتقوى. وذلك يعني أن الأولياء هم العلماء العاملون والفقهاء المبرزون حملة كتاب الله المتبعون لسنة نبيه عليه الصلاة والسلام لنخلص إلى القول:
بأن الله لم يتخذ ولياً جاهلاً يجهل دينه وما جاء به نبيه عليه الصلاة والسلام، لنقضي بذلك على الزعم الشائع بين كثير من الناس أن الأولياء هم أولئك الجهال المخادعون من الكهنة والمشعوذين ومن السحرة أحياناً الذين يسحرون أعين الناس ثم يتظاهرون بفعل أشياء مثيرة. وهم في الواقع لم يفعلوا شيئاً وكثير من أولئكم الكهنة يستخدمون الشياطين أو على الأصح تستخدمهم الشياطين لتوحي إليهم. وقد تأتي لهم بأموال مسروقة فتظن العامة أنهم من أولياء الرحمن وما يخبرون به أو يأتي إليهم من الأموال من قبيل الكرامات وأنى لهم الكرامة؟ بل الإهانة أولى بهم وحقاً إنهم مهانون إذ حرموا ولاية الله والأنس به ووقعوا في أسر عدو الله: الشيطان، فأصبحوا أولياءه ?وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ?.
والذي أريد أن أصل إليه أنه لا تلازم بين الولاية وبين ظهور الأمور الخارقة للعادة. وفي هذا المعنى يحكى عن الإمام الشافعي رحمه الله قوله:" لو رأيتم رجلاً يسير في الهواء. أو يمشي على الماء لا تقبلوا منه دعوى الولاية حتى تعرضوا أعماله على الكتاب والسنة " أو كلام هذا معناه. يعنى الإمام الشافعي رحمه الله أن ظهور الأمور الخارقة للعادة ليس من مستلزمات الولاية بل قد لا تظهر تلك الأمور على أيدي كثير من أولياء الرحمن لأنها ليست من صنع الأولياء. وإنما هي من فعل الرب تعالى الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. وقد تظهر تلك الأمور على أيدي أناس غير صالحين كما سبقت الإشارة إلى هذا المعنى وكما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله مفصلاً.
وبالجملة من رزق الفقه في الدين يدرك تماماً إن باب الولاية أوسع مما يظنه كثير من العوام وأشباه العوام الذين ضيقوا مفهوم الولاية بل غيروه فحصروا الولاية في بيوت معينة أو أشخاص معينين. يتظاهرون بالدروشة. وخفة العقل. ومباديء الجنون أحياناً ويهذون هذياناً وربما أخبروا الناس عن مكان الضالة وعن بعض الحوادث التي تقع في أماكن بعيدة عن أماكن وجودهم بواسطة شياطينهم التي تنقل إليهم الأخبار من أماكن بعيدة صادقة أو كاذبة. هذا هو مفهوم الولاية عندهم ولا يخفى وجه خطأ هذا المفهوم. وقد استغل القوم جهل العوام فأثبتوا لأنفسهم منصباً وراثياً يرثه الأبناء عن الآباء فينتقل إلى الأبناء بطريقة أوتوماتكية ( تلقائية ) لأن القاعدة تقول كل من كان أبوه ولياً لا بد أن يكون ولياً ولا محالة. لأن الولاية عندهم غير مقيدة بقيود مكتسبة كالعلم والصلاح والتقوى. بل إن واقعهم على العكس من ذلك إذ يتصفون بالجهل والجرأة على الله والخروج على شرعه والابتداع في دينه وكراهة أوليائه وأهل طاعته من العلماء العاملين والدعاة الغيورين.

أقسام الأولياء:
يتضح لنا مما تقدم أن الأولياء ينقسمون إلى قسمين:
1- أولياء الرحمن الذين تقدم الحديث عنهم وتولى القرآن تعريفهم. وهم الذين تولى الله أمرهم ووفقهم وتفضل عليهم بالكرامات التي من أعظم أنواعها: معرفة الحق واتباعه والاستقامة عليه الاستقامة التي تنتهي بالعبد إلى دار الكرامة الجنة (نسأل الله من فضله).
2- أولياء الشيطان الذين وثقوا صلتهم بالشيطان ونظموا معه حياتهم بعد أن قطعوا صلتهم بالله أو ضعفت على الأقل إذ لا يقع العبد في ولاية الشيطان وحزبه مع قوة صلته بربه أبداً. والله المستعان.
وكما أن أولياء الرحمن تتفاوت درجاتهم عند الله. كذلك يتفاوت أولياء الشيطان في بعدهم عن الله. وذلك أمر معروف بحيث لا يحتاج إلى دليل.

الأمور الخارقة للعادة على أيدي أولياء الشيطان:
وقد أوضحنا فيما تقدم أنه لا ملازمة بين الولاية وبين الأمور الخارقة للعادة وأنها قد تظهر على أيدي غير الصالحين. وبقي أن تعرف حقيقة تلك الأمور. فهي تنقسم إلى:
1- قسم يجريه الرب سبحانه على أيديهم استدرجاً ليستدرجهم بها ليزدادوا إثماً على إثمهم عقوبة لهم على جريمتهم جريمة عبادة الشيطان وطاعته واتخاذه ولياً من دون الله. يستدرجهم من حيث لا يعلمون ويملي لهم ومن يراها أنها من الكرامات فهو إما جاهل أو متجاهل مغلط لحاجة في نفسه.
2- القسم الثاني: ما يجري على أيدي بعضهم من قبيل السحر. وقد أثبتت التجربة إن كثيراً من الدجالين مَهَرة في السحر فكثيراً ما يسحرون أعين الناس فيقوم أحدهم بأعمال غريبة ومثيرة وخارجة عن المعتاد والقانون المتبع في حياة الناس مثل أن يلقي بنفسه في النار ثم يخرج منها قبل أن تحرقه أو تصيبه بأي أذى في جسمه. ومثل أن يتناول جمرة فيأكلها كما يأكل تمرة حلوة والناس ينظرون إليه فيندهشون. أو يمشي على خيط دقيق ممدود بن عمودين مثلاً وغير ذلك من الأعمال التي يعرفها كل من يعرف القوم. وهو في واقع الأمر لم يعمل شيئاً من تلك الأعمال بل كان على حالته العادية إلا أنه سحر أعين الحاضرين فيخيل إليهم من سحره أنه يفعل شيئاً وأنه يطير أو يذبح نفسه أو يذبح ولده. وكل ذلك لم يقع ولا بعضه.
فالطائفة الأولى المستدرجة والأخرى السحرة هم المعروفون عند السذج من عامة المسلمين أنهم أصحاب الكرامات ولما أدرك القوم أنه قد انطلى على العوام باطلهم هذا لفرط جهل العوام وبعدهم عن الثقافة الإسلامية. استغلوا فيهم هذا الجهل وتلك السذاجة فاتخذوا الولاية المزعومة مزرعة وباباً من أبواب الدخل. فكما يطور أهل العلم معلوماتهم، وأرباب المهن والصناعات مهنهم وصناعاتهم حتى ينتجوا أحدث المصنوعات كذلك يطور هؤلاء الأولياء أساليب دجلهم وخداعهم ليطير صيتهم وتزداد شهرتهم فيرتفع بذلك دخلهم وهذا الدخل هو الغاية عند القوم من دعوى الولاية والكرامة ومن الخداع المتطور.
ومن أحد أساليبهم المتطورة في هذا العصر أن زعم بعضهم أن هذه التكاليف الشرعية من امتثال المأمورات واجتناب المنهيات. أمور مؤقتة ولها حد تنتهي إليه ثم تسقط وزعم هذا الزاعم أنه قد وصل تلك المنزلة فسقطت عنه جميع الواجبات وأبيحت له جميع المحرمات حيث لا يقال في حقه هذا حرام أو حلال. أو هذا واجب وهذا مستحب. وهو يحاول بذلك أن يقتفي أثر رئيس الملاحدة وقطب وحدة الوجود ابن عربي الطائي وشاعر تلك الملة ابن القارض ويحذو حذوهما. وتبدو الفكرة جديدة ومتطورة لدى كثير من الناس لغرابتها ولما أدخل عليها من بعض الزخرفة والزركشة حتى ظهرت الفكرة كأنها فكرة حديثة وهي في أصلها فكرة قديمة قدم كفر وحدة الوجود التي منشأها تعطيل الصفات على طريقة الجهمية المعروفة وهي فكرة يؤمن بها كل صوفي- وللأسف- ويسعى لها بأنواع من المجاهدة في زعمهم وهو سر انتقادنا للصوفية وشطحاتهم. وما يؤخذ عليهم كثير جداً لو وسعنا التعداد، ولا يشك كل من له أدنى فقه في الدين إن فكرة وحدة الوجود ملة مغايرة للإسلام وآخر التطورات التي علمناها في هذا الخصوص دعوى محمود محمد طه السوداني حيث زعم أن تلكم الفكرة الإلحادية التي يدعو إليها هي مضمون الرسالة الثانية من الرسالتين المحمديتين على حد زعمه حيث زعم أن الرسول عليه الصلاة والسلام بعث برسالتين اثنتين. أما الرسالة الأولى فقد بلغها. وأما الثانية فلم يبلغها. ويعلل ذلك بقوله: إن القوم الذين بعث فيهم رسول الله أول ما بعث ليسوا على استعداد لفهمها والعمل بها لأن مستواهم العقلي لا يؤهلهم لفهمها. أما الآن وقد نضجت العقول وتقدم الفكر البشري قد آن الآوان للدعوة إليها والعمل بها إلى آخر تلك الجعجعة - المثيرة للضحك والبكاء في وقت واحد. نعم أنها تثير الضحك إذا نظرت إليها ككلام ساقط ليس له أي قيمة علمية وإنما هو هذيان لا ينطلي على العقلاء، ومثيرة للبكاء حيث وصلنا نحن المسلمين إلى هذا المستوى من البرودة وضعف الغيرة على شريعة الله التي يتلاعب بها أمثال محمود ولا يجد رادعاً يوقفه عند حده بل لا توجد غضبة إسلامية يحسب لها حساب في المجالات الرسمية.. والله المستعان.
ولعل بعض الحضور يحسب أنني أتحدث عن أساطير الأولين، وليس الأمر كذلك به إن صاحب هذه الدعوة حتى يرزق بمقربة منا في السودان - كما قلت آنفاً ولا يزال يعمل جاداً لهدم الرسالة الأولى وليقيم على انقاضها الرسالة الثانية المزعومة لو استطاع إلى ذلك سبيلاً - وفي الواقع أن الرجل مدع للنبوّة ولكنه لن يستطع التصريح بها خشية أن يغضب الشعب السوداني غضبة إسلامية فتكون نهاية له لكنه لدهائه ولباقته استطاع أن يتظاهر بمظهر المصلح المجدد علماً بأنه ليس لديه أي جديد بل تنحصر فكرته في عقيدة وحدة الوجود التي يرأسها ابن عربي الطائي الملقب بمحي الدين مع عاشقهم المعروف بابن الفارض ومن يدور في فلكها - كما سبق أن أشرت - مع محاولة السير مع الوادي حيث ما توجه. شرق أم غرب. كعادة المحترفين باسم الدين أو التجديد.
والمسألة في الأصل- كما قلت - نتيجة حتمية لعقيدة غلاة الجهمية الذين يعطلون جميع صفات الرب تعالى وأسمائه حتى لا يبقى هناك إلا ذات مجردة عن جميع الصفات والأسماء التي لا يتصور لها وجود في الخارج أي خارج الذهن وإنما يتصوره الذهن كما يتصور المحال والأمور الخيالية، وهذه العقيدة هي التي أفضت بالقوم إلى القول بالحلول والاتحاد ليتحقق وجود الله خارج الأذهان حالاً في مخلوقاته ومتحداً معهم هذا هو منشأ الحلول والاتحاد الذي هو آخر منزلة تنتهي إليها الصوفية ولها يسعون وفيها يتنافس المتنافسون منهم وهذه الفكرة كفر باتفاق المسلمين لأنها تجعل الرب سبحانه حالاً في مخلوقاته، بل يرى شارح الطحاوية أن فكرة الحلول والاتحاد أقبح من كفر النصارى لأن النصارى خصوا الحلول بالمسيح وهؤلاء عمموا جميع المخلوقات.
وقديماً قال زعيمهم ابن عربي:
ومـا الكلب والخـنزير إلا إلـهنا ومـا الله إلا راهـب في كنيسة

هذا ما تنتهي إليه ولاية أولياء الشيطان وما قبل هذه المنزلة وسائل مفضية إلى هذه الغاية ما أرخصها من غاية وما أقبحها من كفر وهو داء لا علاج له إلا آخر العلاج وآخر العلاج الكى فلا يردع هذا إلالحاد إلا قوة السلطان لأن الله ينزع بالسلطان ملا لا ينزع بالقرآن كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولكن أين قوة السلطان اليوم؟ ؟ ! ! إلا ما شاء الله.



الكرامات:
إذا كنا تحدثنا عن الأولياء وصفاتهم وأقسامهم واستطردنا بعض تصرفات أولياء الشيطان التي يظنها بعض الناس أنها من الكرامات وبينا أنها لا علاقة لها بالكرامة إذا كنا قد تحدثنا هذا الحديث فلنتحدث الآن عن الكرامات وعن موقف الناس منها بل قد استطردنا لمفهوم الكرامة لدى أتباع أولياء الشيطان وبينا تصورهم الخاطىء فلنحصر بحثنا هنا في كرامات أولياء الرحمن وتحقيق القول في ذلك بتوفيق الله.
موقف المعتزلة من كرامات الأولياء:
انقسم الناس في مسألة كرامات أولياء الرحمن إلى قسمين: ناف ومثبت، وعرفت المعتزلة من بين الطوائف المنتسبة إلى الإسلام بنفي كرامات الأولياء بدعوة أن إثباتها يوقع في لبس إذ تلتبس الكرامة بمعجزة الأنبياء. وليس لديهم أي دليل أو شبه دليل سوى هذه الدعوة وهي دعوة- كما ترى- لا تنهض لمقاومة النصوص الصريحة التي سيأتي ذكرها إن شاء الله. وقد ناقشهم كثير من أئمة الهدى الذين عُرِفوا بمناضلة أهل البدع والهوى وفي مقدمتهم الإمام ابن تيمية في كتابه (الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان)، وكتاب: (النبوات) كما ناقشهم الإمام الشوكاني في بعض رسائله مثل رسالته التي سماها ( بحث في الاستدلال على ثبوت كرامات الأولياء ) ومن أراد الإطلاع على شبههم ودحضها فليراجع تلك المراجع.
موقف أهل السنة من كرامات الأولياء:
أما أهل السنة فقد أجمعوا على إثبات كرامات الأولياء اعتماداً على النصوص التي سنذكرها الآن إن شاء الله، وفي الإمكان سرد كلامهم والوقائع التي ذكروها ولكنني أرى الاكتفاء بما جاء في كتاب ربنا الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وقد نضيف إلى آيات الكتاب ما صح عنه عليه الصلاة والسلام في السنة المطهرة فنكتفي بذلك لأن فيهما الغنية لمستغن، وقد قص الله علينا في كتابه العزيز عن صالحي المؤمنين الذين لم يكونوا أنبياء وكراماتهم المتنوعة. لنستمع إلى هذا النموذج من كراماتهم:
أ- قصة أولئك الفتية الذين آمنوا بربهم وثبتوا على إيمانهم وسط تلك البيئة الكافرة بعيدين عن المداهنة وقد قص القرآن علينا قصتهم البطولية إذ يقول الله عز من قائل: ?أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً? إلى أن قال وهو يصفهم بإيمان والهدى والثبات: ?نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً?.
فطبيعي أن هذا ليس موقف أناس عاديين ولكن الله أكرمهم بالإيمان والثبات على الهدى فصارحوا جبابرة قومهم: بأنهم لا يدعون مع الله أحداً وهو إعلان بالكفر بآلهة قومهم مع الثبات على الإيمان بالله وحده وهذه كرامة وأي كرامة.
ب- قصة مريم التي حكاها القرآن إذ يقول الرب تعالى: ?كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً? إلى آخر الآية، ويقول في موضع آخر: ?وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً?.
جـ - قصة الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة وهم في الغار. وقصتهم معروفة لدى جمهور الحاضرين وهم أولئكم الذين خرجوا في سفر ما ولما أدركهم الليل دخلوا غاراً في الجبل ليبيتوا فيه وفي أثناء الليل سقطت صخرة عظيمة من عل فسدت عليهم باب الغار فوقعوا في حيرة من أمرهم فتشاوروا فقرروا أنه لا ينجيهم مما هم فيه إلا الالتجاء إلى الله فيدعونه بالأعمال الصالحة التي عملوها مخلصين له فتوسل أحدهم إلى الله ببر الوالدين إذ كان له أبوان شيخان كبيران وكان يحسن إليهما ويبرهما كأحسن ولد. ومن بره لهما كان لا يتناول عشاءه هو وأولاده قبلهما وكان عشاؤهم حليب الإبل ومن عادته أن يقدم لهما عشاءهما في وقت مناسب، وفي ذات ليلة نأى به طلب الشجر لإبله. وجاء بعشائهما في وقت متأخر من الليل فوجدهما قد ناما فكره أن يوقظهما خشية أن يقطع عليهما نومهما فيعكر راحتهما كما لم يستحسن أن يتناول عشاءه قبلهما هو وأولاده فظل واقفاً على رأسهما رجاء أن يستيقظا في أثناء الليل ولم يستيقظا إلى أن أصبح الصبح وهو واقف والحليب في يده. فتذكر هذا العمل الجليل فدعا الله به فأكرمه الله وأجاب دعوته فنزلت الصخرة حتى دخل لهم الهواء فطمعوا في الخروج.
وأما الآخر فتوسل إلى الله بعفته والخوف ومن الله وملخص قصته أنه كانت له ابنة عم وكان يحبها كأشد ما يحب الرجل امرأة. فراودها فامتنعت ورفضت طلبه إلى أن ألجأتها الحاجة إليه فقدم لها مبلغاً من المال بقدر مائة وعشرين ديناراً تقريباً مساعدة لها وسداً لحاجتها فأعاد المراودة بعد هذا الإحسان- فطالما استعبد الإحسان إنساناً وألح في طلبه طبعاً وأخيراً وافقت على تحقيق رغبته تحت الحاجة وتأثير الإحسان ونفسها غير مطمئنة بالمعصية فمكنته من نفسها فقعد منها مقعد الرجل من المرأة فصرخت في وجهه قائلة: اتق الله يا عبد الله لا تفض الخاتم إلا بحقه- تعنى- إلا بنكاح وبطريقة شرعية. هكذا ذكرته بالله فتذكر لأنه مؤمن. ?وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ? فقام من مقعده ذلكم فوراً مالكاً نفسه قاهراً شهوته وهواه وهو موقف صعب كما ترون.
هذا ملخص قصة صاحب العفة فقال وهو في الغار اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه فأجاب الله دعوته وأكرمه بكرامته فنزلت الصخرة مرة أخرى بيد أنهم لا يقدرون على الخروج. ولكن أملهم أقوى في الخروج من ذي قبل ولا شك.
وأما الثالث: فتوسل إلى الله بحفظ الأمانة إذ عمل عنده أجراء كثيرون فأخذ كل أجير أجرته وذهب إلا واحداً منهم فترك أجرته وذهب وبعد مدة طويلة جاء فطلب أجرته فقال له: إن كل ما تراه من الإبل والبقر والغنم من أجرتك لأني نميتها لك لما طال غيابك خشية أن تضيع، ولم يصدقه بل قال لا تستهزئ بي يا عبد الله فقال له لست مستهزئاً بك وإنما الواقع ما قلته لك فسُقْ مالك فأخيراً أخذ أمانته بنمائها وزيادتها.
فقال الذي حفظ الأمانة: وهو يتوسل إلى الله بعمله هذا اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه فأجاب الله دعوته وأكرمه بإخلاصه وصدقه فنزلت الصخرة فخرجوا يمشون. هذا ملخص قصة الثلاثة.
ومما يدل على ثبوت الكرامات من السنة- قوله عليه الصلاة والسلام؛ : «رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره»، وقصة أسيد بن حضير وعباد بن بشر الأنصاريين وملخصها "أنهما كانا عند النبي عليه الصلاة والسلام: في ليلة ظلماء فلما خرجا أضاءت عصا أحدهما فمشيا في ضوئها. فلما افترق بهما الطريق أضاءت عصا الآخر فمشى كل واحد منهما في ضوء عصاه حتى بلغ أهله" والقصة في صحيح البخاري في كتاب مناقب الأنصار وقوله عليه الصلاة والسلام في حديث أبي هريرة عند البخاري في فضائل الصحابة «لقد كان فيما قبلكم الأمم أناس محدثون فإن يكن في أمتي أحد فإنه عمر» وفي لفظ «لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن من أمتي منهم أحد فعمر».
واكتفى بهذا المقدار من نصوص الكتاب والسنة التي تثبت دون شك كرمات الأولياء وهناك نصوص أخرى كثيرة مرفوعة أو موقوفة. وكلها تُثبِت لكثير من الصحابة رضوان الله عليهم كرامات أكرمهم الله بها. ومن راجع كتب الحديث وكتب السير يرى الشيء الكثير من الوقائع في هذا المعنى. وإذا كان ذلك كذلك فلا حاجة بنا إلى سرد قصص أو روايات لإثبات كرامات الأولياء من أقوال التابعين وتابعيهم ومن بعدهم [إلى يوم الناس] هذا ليقيني الذي لا يخالطه شك بأنهم أكثر تطلعاً إلى سماع النصوص منكم إلى سماع القصص والحكايات والروايات وهو موقف محمود تغبطون فيه ولله الحمد والمنة.
وبعد، لعلي وصلت بهذه المحاولة إلى بيان التصور الصحيح في مسألة الأولياء وكراماتهم على ضوء الكتاب والسنة كي يتبين الحق من الباطل. والحق أبلج والباطل لجلج والحق وسط بين التفريط والإفراط.
الموقف السليم من الأولياء:
إذا كنا قد تحدثنا عن الأولياء والكرامات وأثبتنا الولاية بشكل واضح ودعمنا حديثنا بنصوص الكتاب والسنة. ثم أثبتنا الكرامات كذلك إثباتاً يعتمد على الكتاب والسنة، بقى أن نفهم ما هو الموقف السليم في معاملة الأولياء في نظر الإسلام؟ وقبل أن أجيب على هذا التساؤل استحسن أن أوضح السبب المثير لهذا التساؤل. وذلك هو موقف جمهور المسلمين المحزن من الأولياء وهو الغلو في الصالحين الذين يصل أحياناً إلى حد العبادة، بدعوى المحبة والتقدير، ومن يذهب إلى تلك الأضرحة المنتشرة في أكثر عواصم المسلمين ومدنهم يرى عدداً كبيراً من المسلمين معتكفين عند تلك الأضرحة ليتبركوا بها وبأصحابها وربما وصل هذا التبرك إلى حد الطواف بالضريح بل إلى حد السجود على عتبة الضريح. والأدهى والأمر أن يجد هذا السادن الذي يسجد لغير الله ولا يلهج لسانه إلا بذكر صاحب الضريح من يفتي له بجواز ذلك وأنه ليس من باب الشرك وإنما هو من باب محبة الصالحين أو التوسل بهم. وهذا المفتي أو الفتان على الأصح معدود من علماء المسلمين المشار إليهم، والله المستعان وإليه المشتكى.
إنه لموقف خطير: العامي يقع في عبادة غير الله جهلاً والعالم يفتى بجواز ذلك ويجد له تفسيراً وتأويلاً وتخريجاً، وخطورته تأتي من حيث أصبح الولي نداً لله في هذا التصور وشريكاً له في استحقاق العبادة باسم المحبة أو التبرك بفتوى ممن ينتسبون إلى العلم ويجهلون حق الله على عباد الله. أعود فأقول: هذا الموقف وهذا التصور الذي يسود صفوف العوام وأشباه العوام هو الذي أثار تساؤلي:
ما هو الموقف السليم من الأولياء ؟ ؟ ! !
فأما الجواب عليه: أن الموقف السليم هو عدم الغلو فيهم مع عدم الجفاء والاستخفاف بهم وإيذائهم. بل الواجب محبتهم في الله وموالاتهم ولك أن تطلب منهم الدعاء في حياتهم ويسمى الاستشفاع بهم أو التوسل بهم. ويجب أن تفرق بين محبتهم في الله ومحبتهم مع الله. ومحبتهم في الله عمل صالح وأما محبتهم مع الله فعمل غير صالح بل هو يريد الشرك أو الشرك ذاته. ويختلف ذلك باختلاف ما يقوم بقلب العبد وسر التخبط لدى كثير من المسلمين والخلط في عباداتهم هو عدم التفريق بين الحقوق، مما جعلهم يصرفون كثيراً من حقوق الله على العباد للعباد أنفسهم.
الحقوق الثلاثة:
إن الدارس لكتاب الله وسنة رسول الله والفاهم لمعنى كلمة التوحيد حق فهمها يستطيع أن يستنتج الحقوق الثلاثة التي يأتي شرحها، ومعرفة تلكم الحقوق تُحدد للعبد طريق السير إلى الله والدعوة إليه على بصيرة قبل أن يخلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، ويخرج عن الصراط المستقيم ويتخبط في بنيَّات الطريق.
1- حق الله على عباده وهو أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً في عبادته. وذلك بعد تصور مفهوم العبادة بأوسع نطاقها. وقد وجه النبي عليه الصلاة والسلام سؤالاً إلى معاذ ذات مرة هكذا: «يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟» ولم يسع معاذاً إلا أن يقول: الله ورسوله أعلم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام- بعد أن أثار انتباهه ولعل ذلك هو المقصود من السؤال قال: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً» الحديث، وهو معنى قولنا أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له.
2- حق الرسول على أتباعه الذي يؤخذ من قولهم أشهد أن محمداً رسول الله وحقيقة ذلك محبة رسول الله عليه الصلاة والسلام المحبة الصادقة التي تثمر الطاعة والإتباع وعبادة الله بما جاء به فقط. وهو المعنى الذي يشير إليه الحديث الشريف «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده والناس أجمعين».
3- حقوق عباد الله الصالحين تلك الحقوق التي نستطيع أن نستنتجها من قوله عليه الصلاة والسلام: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، وقوله عليه الصلاة والسلام: «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا» الحديث. وقوله عليه والصلاة والسلام: «من عادى لي ولياً فقد آذنته بحرب»، وغير ذلك من النصوص الكثيرة.

فمعرفة هذه الحقوق، ثم إعطاء كل ذي حق حقه أمر له أهميته ولا سيما حق الله على عباده، تجب العناية به علماً وعملاً لأنه الغاية التي من أجلها خلق الإنسان، والتقصير في هذه الغاية ذنب لا يغتفر إلا لمن تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً.
وهذا التقصير واقع من كثير من المسلمين- مع الأسف الشديد- وهو سر اختيارنا لهذه النقطة ضمن النقاط الثلاث. رجاء أن ننبه إلى هذا الخلط الشائع بين جمهور المسلمين من إدخال بعض الحقوق في بعض، وصرف كثير من حقوق رب العالمين لعباد الله الصالحين بدعوى محبتهم كنتيجة لهذا التقصير.
والله المستعان...
النقطة الثانية: الشفاعة:
فلفظ الشفاعة من الألفاظ التي تغير مفهومها عما كان عليه في عرف الصحابة ولغتهم: استشفع أو توسل بفلان أي طلب منه الدعاء لتقضى حاجته عند الله من إنزال المطر أو دفع الضر أو جلب المنفعة، فالإستشفاع بالنبي عليه الصلاة والسلام في حياته أو التوسل به هو طلب الدعاء منه، وهذا أمر لا نزاع فيه لدى الصحابة وأتباعهم. وقد كان الصحابة يستشفعون به في عدة مناسبات، مثل مناسبة القحط ليغيثهم الله بدعائه عليه الصلاة والسلام، وقد يأتي إليه من فقد بصره فيطلب منه الدعاء ليرد الله له بصره فيدعو له النبي عليه الصلاة والسلام ويأمر الأعمى أن يدعو الله ليجيب الله دعاء نبيه فيفعل الأعمى ما أمر به فيرد الله له بصره بدعائه عليه الصلاة والسلام وشفاعته وشفاعة الأعمى معاً. وقصة الأعمى معروفة لدى طلاب العلم.
وقد كان الأعرابي يأتي إلى النبي عليه الصلاة والسلام وهو يخطب خطبة الجمعة فيقول: يا رسول الله انقطعت السبل وهلكت الأموال ادع الله يغيثنا، فيرفع رسول الرحمة يديه إلى السماء فيدعو الله تعالى فيغيثهم الله، هذا وغيره يسمى شفاعة ويسمى توسلاً.
وقد تغير هذا المفهوم لدى كثير من الناس فترى أحدهم يدعو رسول الله عليه الصلاة والسلام أو يدعو عبداً صالحاً يطلب منه مالا يُطلَب إلاَّ من الحي القيوم، يطلب منه شفاء مريضه..!! يطلب منه نزول المطر..!! يطلب الولد..!!، إلى غير ذلك من المطالب.
وإذا قيل له في ذلك قال: هذا استشفاع أو توسل أو هذه محبة الصالحين. فلنقارن بين المفهومين: الأعرابي يذهب إلى رسول الله في مسجده فيطلب منه الدعاء، فيقول في طلبه ادع الله يغيثنا والأعمى يتكلف الذهاب إلى النبي عليه الصلاة والسلام فيطلب منه الدعاء ليرد الله له بصره.
أما اليوم: قد نرى من يجلس في منزله أينما كان منزله فيطلب نزول المطر أو رد الضالة أو غلبة العدو وما إلى ذلك من المطالب فيقول في طلبه أغثني يا رسول الله، أغثنا يا جيلان، المدد يا حسين إلى غير ذلك من العبارات الوثنية التي صارت مألوفة لدى جماهير المسلمين وللأسف الشديد.
أولاً: لا يكلف نفسه بالذهاب إلى من يستشفع به أو يتوسل به.
ثانياً: يوجه الطلب للمخلوق دون الخالق ثم يسمي هذا الطلب توسلا أو استشفاعاً ولو حاولت توجيهه اتهمت بأنك لا تحب الصالحين وتنكر التوسل بهم بل ولا تحب رسول الله إلى أخر تلك العبارات التقليدية التي يرددها علماء السوء ومقلدوهم الذين حالوا بينهم وبين المفهوم الصحيح في كثير من المعاني الإسلامية عاملهم الله بما يستحقون. كم استغلوا جهل الناس وسذاجتهم وطيبة نفوسهم فصاروا لهم حجر عثرة في سبيل فهم الإسلام.
المفهوم الصحيح للشفاعة:
نعود فنقول: لا نزاع بين جمهور الأئمة من أهل السنة أنه يجوز أن يستشفع بالنبي عليه الصلاة والسلام في الدنيا في حياته كما سبق أن أشرنا إلى قصة الأعرابي وهي في صحيح مسلم. وقصة الأعمى المعروفة عند أهل السنن كما يشفع عليه الصلاة والسلام يوم القيامة لأهل الكبائر من أمته الذين استوجبوا النار ليدخلوا الجنة بشفاعته عليه الصلاة والسلام ولم ينكر هذه الشفاعة إلا الخوارج والمعتزلة بناء على أصلهم المعروف من أن صاحب الكبيرة مخلد في النار مع الكفار. وهو أصل باطل مصادم للنصوص كما لا يخفى، ومن أعظم الشفاعة لرسول الله عليه الصلاة والسلام شفاعته لأهل المحشر حين يعتذر أبو البشر وجميع أولي العزم من الرسل ويقول كل واحد منهم نفسي إن الله قد غضب اليوم غضباً لم يغضب من قبله مثله ولن يغضب بعده مثله: نفسي نفسي، في ذلك الموقف الرهيب يتقدم أهل المحشر إلى سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام فيطلبون منه الشفاعة عند الله، فيقول عليه الصلاة السلام أنا لها فيسجد تحت عرش الرحمن سجدة طويلة يثني فيها على الله ثناء ويحمده حمداً كثيراً ويفتح الله عليه من الثناء مالا يعلمه قبل ذلك كما صح عنه عليه الصلاة والسلام في أحاديث الشفاعة ثم يقال له يا محمد ارفع رأسك سل تعط واشفع تشفع فيرفع رأسه فيحد الله له حداً ويتكرر منه ذلك عدة مرات. وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام عند مسلم وأبي داود قوله: «أنا أول شافع وأول مشفع وأول من ينشق عنه القبر».
وله صلى الله عليه وسلم: أنواع من الشفاعات في الآخرة كما ذكرنا أن له أنواعاً من الشفاعات في الدنيا ومعنى الشفاعة في كلتا الدارين لا يخرج عما ذكرنا من أنه طلب الدعاء ويلتقي معنى التوسل والشفاعة عند هذا المعنى بالذات كما اتضح مما تقدم. ومما يؤيد ما ذكرنا أن أصحاب رسول الله الذين رأيناهم يستشفعون برسول الله في حياته: رأيناهم مرة أخرى قد عدلوا عن التوسل والاستشفاع به عليه الصلاة والسلام بعد وفاته فجعلوا يتوسل بعضهم ببعض ويستشفع بعضهم ببعض:" ففي عام الرمادة أصيب أهل المدينة بجفاف فجمع عمر بن الخطاب المسلمين في صعيد واحد في المدينة فقال: اللهم إنا كنا إذا أجدينا نتوسل إليك بنبيك فتسقينا والآن نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا فطلب من العباس عم النبي الدعاء فدعا الله فأغاثهم الله ".
وهكذا فعل معاوية بن أبي سفيان مع الأسود بن اليزيد عندما أصيب المسلمون في الشام بالقحط جمع الناس فطلب من الأسود بن اليزيد أن يدعو الله تعالى فدعا الله تعالى فأجاب دعاءه فأغاثهم الله تعالى ولو كان معنى التوسل عندهم كما يظن هؤلاء العوام وأشباههم من الذهاب إلى قبور الصاحين أو المراد بالتوسل بالصالحين هو التوسل بذواتهم لما عدلوا عنه عليه الصلاة والسلام بل لذهبوا إلى قبره فدعوا الله عند قبره أو توسلوا بذاته لأن جسده الطاهر لا يزال في قبره لأن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسام الأنبياء كما صح ذلك عنه عليه الصلاة والسلام.
فعدولهم رضوان الله عليهم عنه واستشفاع بعضهم ببعض يؤيد ما قررنا من أن معنى الاستشفاع أو التوسل هو طلب الدعاء من الحي الصالح. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في صدد حديثه في هذا المعنى : "يقول العلماء يستحب أن يستسقى بأهل الدين والصلاح. وإذا كان بأهل بيت الرسول فهو أحسن" كأن شيخ الإسلام يشير على صنيع عمر مع العباس عم النبي عليه الصلاة والسلام حيث استسقى به لأنه عم النبي عليه الصلاة والسلام كان سر اختياره كونه من أهل بيت الرسول.
وبعد:
فلو درس المسلمون حياة الصحابة وعرفهم واصطلاحاتهم بل ولغتهم ثم حاولوا أن يطبقوا حياتهم على حياة أولئك السادة لساعدهم ذلك على تصور هذه المعاني التي ساءت فيها مفاهيمهم وأخذوا يخلطون عملاً صالحاً وآخر سيئاً ويتخبطون في عباداتهم وجميع أعمالهم لأن القوم قد باشروا الوحي وأخذوا الإسلام غضاً طرياً عن صاحب الرسالة محمد عليه الصلاة والسلام.
ولا يخالطنا أدنى شك في أن الصحابة فهموا هذا الدين فهماً لا مزيد عليه وانحصر الحق فيما فهموه ثم لا يخالطنا أدنى شك بأنهم بلغوه لمن بعدهم كما فهموا وهكذا الذين يلونهم ثم الذين يلونهم بالجملة إلى آخر القرون المفضلة الذين شهد لهم بالخيرية الصادق المصدوق محمد عليه الصلاة والسلام حيث يقول: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» الحديث. وأخيراً طرأ على المفاهيم والتصورات ما طرأ فساءت المفاهيم وتغيرت التصورات وحدثت تصورات لا وجود لها عند المسلمين الأولين في عهد الوحي وفي الذين يلونهم ليصدق قوله عليه الصلاة والسلام «ما من عام إلا والذي بعده شر منه».. والله المستعان.
ولعل المستمع الكريم استطاع أن يسايرني فيما أردت من بيان المفهوم الصحيح والمفهوم الخاطىء في باب الشفاعة والتوسل، وأنهما بمعنى واحد- ولا يعدوا معناهما طلب الدعاء من الحي الذي يدعو، وأن الخروج بهما عن هذا الإطار إلى دعوة غير الله وما في معناها من أنواع العبادة فمفهوم غير سليم، هذا ملخص ما أردنا أن نقوله في هذه النقطة وإلى النقطة الثالثة والأخيرة بعون الله تعالى.
السنة النبوية:
أيها الإخوة هكذا نصل إلى النقطة الثالثة من النقاط الثلاث المختارة لحديثنا هذه المرة وهي السنة النبوية. مما لا يختلف فيه اثنان إن ديننا الإسلامي مبني على أصلين اثنين:
الأصل الأول: أن يعبد الله وحده دون أن يشرك به غيره. وهو معنى قولنا أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له.
والأصل الثاني: أن يعبد الله بما شرعه على لسان رسوله وخليله محمد عليه الصلاة والسلام وهو معنى قولنا: أشهد أن محمداً رسول الله.
وصحة الأصل الأول تتوقف على تحقيق الأصل الثاني. ويمكن أن نوجز معنى تحقيقه في صدق متابعة رسول الله عليه الصلاة السلام لأن اتبعاه دليل محبة الله عز وجل الذي محبته والأنس به ومراقبته غاية سعي العبد وكده وهي أيضاً جالبة لمحبة الرب عبده ومغفرته له إذ يقول الرب تعالى:?قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ? ذلك لأنه رسوله المختار ليبلغ عنه دينه الذي شرعه لعباده، وهو المبلغ عنه أمره ونهيه وتحليله وتحريمه، فالحلال ما حلله، والحرام ما حرمه والدين ما شرعه. والرسول واسطة بين الله وبين عباده في بيان التشريع وما يترتب عليه من وعده ووعيده. وتبليغ وحيه الذي اشتمل على ذلك كله. قرآناً وسنة. وقد كلف بذلك بقوله تعالى?بَلِّغْ? وبقوله ?لِتُبَيِّنَ? وبقوله ?ادْعُ? إذ يقول الرب عز وجل:?يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ?.. ?مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ?.. ?وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ?.. ?ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ? الآية.
إن هذه الآي من الذكر الحكيم تعلن بوضوح وظيفة الرسول عليه الصلاة والسلام وهي التبليغ والبيان والدعوة إلى الله إلى دينه وشريعته، وهذه الأوامر الربانية الثلاثة تحقق غرضاً واحداً وهو دلالة الخلق على الطريق الموصل إلى الخالق وهو راض عنهم حتى يكرمهم في دار كرامته لقاء ما قاموا به من أداء التكاليف في هذه الدار حتى يصدق في حقه عليه الصلاة والسلام ?وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ?.
إنه والله رحمة مهداة ونعمة مسداة ولكن الشأن كل الشأن هل رفع أتباعه رؤوسهم لدراسة سنته كما يجب - مكتفين بها ومتجردين لها- تلك السنة التي هي ذلكم البيان وذلك البلاغ وتلكم الدعوة؟.
هذا هو موضع بحثنا من هذه النقطة؟ ! ولا يشك مسلم ما مهما انحطت منزلته العلمية وضعفت ثقافته وضحلت معرفته أن الرسول الكريم بلغ ما نزل إليه وهو القرآن وذلك لأن الإيمان بأن الله نزل القرآن على محمد عليه الصلاة والسلام. وأنه بلغه كما نزل وأنه بين للناس ما يحتاج إلى البيان وأنه دعا الناس إلى سبيل الله ولم يفتر عن الدعوة إلى الله حتى التحق بالرفيق الأعلى.
إن هذا المقدار من الإيمان من أصول هذا الدين وأساسه الذي ينبني عليه كل ما بعده. إذا كنا نؤمن هذا الإيمان - ويجب أن نؤمن - فأين نجد بيانه الذي به يتحقق امتثاله عليه الصلاة والسلام لتلك الأوامر ?بَلِّغْ?، ?لِتُبَيِّنَ?، ?ادْعُ?، الجواب نجد ذلك في سنته المطهرة التي قيض الله لها من شاء من عبادة فصانوها وحفظوها من كل قول مختلق وكل معنى مزيف، ليصدق قوله تعالى?إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ? والذكر المنزل المحفوظ هو القرآن في الدرجة الأولى وتدخل السنة في الدرجة الثانية عند التحقيق وإمعان النظر! !
وهذه السنة التي يتم بها البيان المطلوب هي أقواله وأفعاله وتقريراته.
الآحاد والمتواتر:
في أثناء الفتوحات الإسلامية الواسعة دخلت على المسلمين اصطلاحات أجنبية بواسطة الكتب اليونانية التي ترجمت إلى اللغة العربية في عدة علوم ومن أخطرها علم المنطق والفلسفة، فدخلت تلكم البحوث والاصطلاحات في الإلهيات، فأفسدت على الناس جوانب خطيرة من عقيدتهم لأنها وجدت تشجيعاً رسمياً ودعماً قوياً من الخلفاء المعاصرين وفي مقدمتهم المأمون العباسي الذي تعرفون موقفه من كبار علماء المسلمين والأئمة البارزين كالإمام أحمد بن حنبل، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في صدد حديثه عن موقف المأمون:" ما أظن الله غافلاً عما فعل المأمون بعقيدة المسلمين ".
ومن تلكم الاصطلاحات الغربية والدخيلة تقسيم الأحاديث النبوية إلى ظنية وقطعية كخطوة أولى في سحب ثقة المسلمين من أحاديث نبيهم.
فزعموا أن الآحاد من الأحاديث لا تقيد العلم ولا يجوز الاستدلال بها في باب العقيدة، وإنما يستدل في هذا الباب بالأدلة القطعية، وهي الأحاديث المتواترة أو الآيات القرآنية، وقد انطلى- وللأسف الشديد- على علماء الكلام هذا القول المزخرف لضعف بضاعتهم في علوم السنة وانشغالهم بالاصطلاحات الكلامية عن الكتاب والسنة، ثم جعل المتأخرون من علماء الأصول يتناقلون فيما بينهم هذا الاصطلاح وهذه الدعوى مما جعل جمهور الخلف يعتقد هذا الاعتقاد، وظن الناس أن هذا هو معتقد المسلمين سلفاً وخلفاً. وخشية أن يفطن بعض الحذاق لهذا الخداع المقنع خطوا خطوة أخرى كذر للرماد في العيون. فقالوا قولة حق أرادوا بها الباطل وهي قولتهم المشهورة "أن طريقة السلف أسلم" وأوهموا الناس أن طريقة السلف مجرد سرد النصوص دون فهم لمعانيها حتى أطلق عليها بعضهم "أنها طريقة العوام" وأما الطريقة المثلي التي فيها التحقيق والتدقيق هي طريقة الخلف، ولما هدأوا الجمهور بعباراتهم تلك مضوا في طريقهم في إفساد عقيدة المسلمين وإبعادهم عن سنة نبيهم ولم يقف القوم عند هذا الحد بل خطوا خطوة أخرى أخطر من التي قبلها إذ قالوا: إن باب العقيدة باب خطير ومبحث هذا الباب أساس في الإسلام فلا ينبغي أن يستدل فيه إلا بدليل قطعي لا يتطرق إليه النسخ ولا يخضع للتخصيص أو التقييد. ألا وهو الدليل العقلي هذه هي الغاية في تدرجهم، وأنت ترى أن مفهوم الدليل القطعي قد تغير، فبينما كان المراد به في الخطوة الأولى الأحاديث المتواترة أو الآيات القرآنية فإذا يراد به هنا الدليل العقلي فقط. وأما الأدلة اللفظية أو النقلية قرآناً وسنة فلا تنهض للاستدلال بها استقلالاً في هذا الباب. وإنما يستأنس بها إن وافقت الأدلة العقلية القطعية. هكذا تدرج القوم في أسلوبهم إلى أن عزلوا نصوص الكتاب والسنة عن وظيفتها وهي هداية الناس ?إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ? والسنة مثل القرآن في الهداية «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما. كتاب الله وسنتي»، «لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لا أدري!! ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه» رواه الترمذي، وفي لفظ «ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه،ألا وإن ما حرمه الرسول مثل ما حرمه الله» أو كما قال..
وعلى الرغم من هذا النصوص وغيرها من النصوص التي تصرخ بأعلى صوتها بأن الهداية كل الهداية والخير كل الخير في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وفي سنة رسوله المبينة للقرآن المفصلة ما أجمل فيه المقيدة لإطلاقه على الرغم من ذلك كله قد التمس القوم الهدى في غير وحي الله فأضلهم الله عقوبة لإعراضهم عنه واستخفافهم بشرعه. وفي حديث على بن أبي طالب عند الترمذي في وصف القرآن «من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله».
وإذا ما عزلت النصوص كما رأينا. ولم تعد تصلح للاستدلال بها على سبيل الاستقلال فلم يبق إلا أن يرجع الناس إلى ما كانوا عليه قبل الوحي وهو التحاكم إلى العقول فنتيجة لذلك خاضوا بعقولهم في المطالب الإلهية فتكلموا في صفات الله فاختلفت العقول وتنازعت- ولا بد أن تتنازع- فافترقوا فرقاً مختلفة يضلل بعضهم بعضاً بل ربما كفر بعضهم بعضاً وكلهم على غير هدى طبعاً على تفاوت في ضلالهم.
1- فريق يثبت بعض الصفات وينفى البعض الآخر بدعوى أن ذلك مقتضى العقل وبعبارة صريحة: إن عقول الأشاعرة والماتريدية تثبت صفات الذات كالقدرة والإرادة والعلم مثلا. وترى وجوب تأويل صفات الأفعال كالرحمة والمحبة والغضب والاستواء على العرش وغيرها من صفات الأفعال. هذا مقتضى عقول الأشاعرة وأتباعهم.
2- أما المعتزلة فقد انقسموا على أنفسهم فافترقوا عدة فرق فأقربهم من يثبت الأسماء مع نفي الصفات مع ملاحظة أن أسماء الله عندهم كالأسماء الجامدة التي لا تدل على المعاني ومن غلاتهم من ينفى الصفات والأسماء معاً ولا يثبتون إلا ذاتاً مجردة من الأسماء والصفات حتى أصبح وجود الله عندهم وجوداً ذهنياً فقط، ولا يتصور وجوده في الخارج.
هذا ما نتج من ذلك التصرف والتلاعب بالنصوص بل عزلها عن وظائفها كما قلنا سابقاً وفي النهاية استولت عليهم الحيرة واستوحشوا مع أنفسهم بعد أن فقدوا الأنس بالله، ومهما تستر القوم بما أبدوا من تعظيم مبحث العقيدة بتلكم العبارات المعسولة التي سبق ذكرها والتي لا تنطلي إلا على من يجهل القوم على صورتهم الحقيقية، فقد انجلى لكم دارس فاهم ما انتهى إليه أمرهم فاسمعوا معي ما قال بعض فطاحلتهم متندمين في آخر جولاتهم في علم الكلام والفلسفة ولعل الله ختم لهم بالتوبة النصوح وحسن الخاتمة يقول الرازي متندماً وواصفاً لحياة علماء الكلام:

1- نهـاية أقـدام العقـول عقـال وغـاية سعي العـالمين ضـلال
2- وأرواحنا في وحشة من جسـومنا وحاصـل دنيـانا أذى ووبـال
3- ولم نستفد من بحثنا طول عمـرنا سوى أن جمعـنا فيه: قيل وقالوا

إلى أن قال:" لقد تأملت الطرق الكلامية والمفاهيم الفلسفية، ما رأيتها تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن، أقرأ في الإثبات ?الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى? ?إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّب? وأقرأ في النفي ?لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ? ?وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً?، ثم قال: ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي ". ويقول الشهرستاني هو الآخر:" إنه لم يجد عند الفلاسفة والمتكلمين إلا الحيرة والندم حيث يقول:
لعمري لقـد طفت المعـاهد كلـها وسيرت طـرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضـعاً كـف حـائـر على ذقن أو قـارعاً سن نـادم
وثالثهم أبو المعالي الجويني يقول:" يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلت به. وقال عند موته: لقد خضت البحر الخضم وخليت أهل الإسلام وعلومهم ودخلت في الذي نهوني عنه والآن إن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لابن الجويني وهأناذا أموت على عقيدة أمي أو قال: على عقيدة عجائز نيسابور" (يعنى الفطرة).
ويحكى عن بعض تلامذة فخر الدين الرازي:" واسمه شمس الدين الخسر وشاهي يحكى عنه أنه قال لبعض الفضلاء وقد دخل عليه يوماً: ما تعتقد؟ قال: ما يعتقده المسلمون فقال الخسر وشاهي: وأنت منشرح الصدر لذلك ومستيقن به؟ فقال: نعم فقال: اشكر الله على هذه النعمة، ولكني والله ما أدري ما أعتقد. والله ما أدري ما أعتقد. والله ما أدري ما أعتقد ثلاث مرات وبكى حتى أخضل لحيته"، ثم لنسمع الأبيات الآتية: لابن أبي الحديد الفاضل المعروف بالعراقي وهو يذم علم الفلسفة ويرى أن تسميتهم إياه بالنظر غير صحيحة فلنسمع نص كلامه:

فيـك يـا أغلـوطة الـفـكر حـار أمري وانقـضى عمري
سـافرت فيـك العقـول فـما ربحـت إلا أذى الســفـر
فلا حـيا الله الأولى زعـمـوا أنـك المعـروف بالنـظــر
كـذبـوا أن الـذي ذكـروا خـارج عـن قـوة البـشـر

ونختتم هذه النقول بحكايتين قصيرتين ولكنهما خطيرتان:
إحداهما يروى عن بعضهم: وهو (الخوفجي) أنه قال عند موته:" ما عرفت مما حصلت شيئاً سوى أن الممكن يفتقر إلى المرجح. ثم قال: الافتقار وصف سلبي أموت وما عرفت شيئاً" هكذا نتركها دون تعليق لننقل لكم الحكاية الثانية والأخيرة، وقد تحاشى الرواة ذكر اسم هذا الأخير لأمر ما وهو يقول:" أضطجع على فراشي وأضع اللحفة على وجهي، وأقابل بين حجج هؤلاء وهؤلاء حتى يطلع الفجر ولم يترجح عندي منها شيء" ويقول شارح الطحاوية:" وهو يعلق على أصحاب هذه النقول بصفة عامة والأخيرتين بصفة خاصة: يقول:" ومن وصل إلى مثل هذه الحال إن لم يتداركه الله برحمته وإلا تزندق، كما قال أبو يوسف: من طلب الدين بالكلام تزندق ".

ومسك الختام لهذه النقول: كلام لإمام من أئمة الهدى الإمام الشافعي عرف القوم وعرف فيهم ما لا يظن وجوده عندهم فلنسمع ماذا يقول الإمام:" لقد اطلعت من أهل الكلام على شيء ما ظننت مسلماً يقوله، ولأن يبتلى العبد بكل ما نهى الله عنه ما خلا الشرك بالله- خير له من أن يبتلى بالكلام "( شرح الطحاوية ص 227 – 229).
وبعد: لعلي لست بحاجة إلى التعليق على هذه النقول المختلفة، بعد أن أعلن علماء الكلام أنفسهم ممثلين في أئمتهم الذين يحتجون بكلامهم بأنهم ليسوا على شيء وأنهم فضوا أعمارهم فيما لا طائل تحته بل في كلام بعيد عن علوم المسلمين ثم توج إعلانهم ذلك كلام الإمام الشافعي الذي سمعناه ولكن الذي يهمنا في المقام أن ندرك أن تلك المحاولة الجهمية الجهنمية التي قام بها علماء الكلام والتي سبق أن تحدثنا عنها والتي قدمت للمسلمين السذج بأسلوب خداع أظهر تعظيم شأن العقيدة أن تلك المحاولة هي التي نجحت - وللأسف وانتجت هذا الموقف الخطير على عقيدة المسلمين.
ما هو الموقف السليم:
إذا أثبتنا أن ما ذهب إليه علماء الكلام وتبعهم فيه قوم آخرون أنه غير سليم لابد أن يطرح هنا هذا السؤال: ما هو الموقف السليم إذاً ؟ ؟ !..
واب: بديهي أن الموقف السليم هو ذلك الذي كان عليه الرعيل الأول قبل أن يوجد علم الكلام بفروعه المتعددة.
وتوضيح ذلك أن السنة مثل القرآن في الاستدلال بها فيستدل بالسنة في كل مقام يستدل فيه بالقرآن، ولا يشترط لذلك إلا صحة الثبوت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا فرق بين متواترها وآحادها من حيث الاستدلال بالجملة وكل ما في الأمر أنه يقدم المتواتر على الآحاد في حالة التعارض كما يقدم الصحيح على الحسن عند التعارض وهذا معروف لدى طلاب العلم.
أما القول بأنه لا يستدل بالآحاد في باب العقيدة أو لا يستدل بالأدلة النقلية على وجه الاستقلال في هذا الباب فقول مبتدع في الإسلام.
ولنبرهن على صحة ما قررنا نذكر ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام وخلفاؤه من عدم اعتبار هذه الاعتبارات المحدثة التي أحدثها من أحدثها ليلبسوا بها على المسلمين السذج الذين لا يفرقون بين الشحم والورم وبين التمرة والجمرة.
1- بعث رسول الله معاذ بن جبل إلى اليمن ليدعوهم إلى الله ويبلغهم عن رسول الله وكان باليمن جماعة من أهل الكتاب: اليهود فأرشده النبي عليه الصلاة والسلام كيف يعاملهم: وأمره أن يكون أول ما يدعوهم إليه شهادة ألا إله إلا الله فإن هم أطاعوه في ذلك يخبرهم بأن الله فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة الحديث :
ومما يلاحظ أن معاذاً كلف ليدعوهم إلى أصول الدين وفروعه معاً وهذا يعنى أن الإسلام لا يفرق بين باب العقيدة والأحكام فكما يجوز أن يبلغ فرد واحد الأحكام الشرعية كذلك يجوز أن يبلغ فرد واحد العقيدة الإسلامية فحيث تقبل أخبار الجماعة يقبل خبر الواحد العدل هذا ما درج عليه سلف هذه الأمة فرسل رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى اليمن كأبي موسى الأشعري وعلي بن أبي طالب ورسله إلى غير اليمن وجميع دعاة الإسلام من يزوغ فجر الإسلام إلى يومنا هذا كانوا يدعون إلى الله أفراداً وجماعات ويبلغ بعضهم عن بعض ولا يعلم لهذا الاصطلاح ذكر في الأوساط الإسلامية فيما نعلم وإذا كان كذلك فلا يكون اليوم ديناً ما لم يكن ديناً في عهد الوحي وما لم يعرفه أولئك السادة من الصحابة والتابعين الذين نقلوا الدين إلى من بعدهم ممثلاً في القرآن والسنة المطهرة. ليتضح أن هذا التصرف باطل من القول وما ترتب عليه من الأحكام التي منها التفريق بين الصفات الثابتة بالآحاد والثابتة بالمتواتر أو القرآن. والقول أن المعول عليه هو الدليل العقلي. وأما النقلي فتابع له إن وافق قبل وإلا رد كل ذلك تصرف محدث في الدين وقول في شريعة الله بلا هدى ولا دليل منير. وكل ما كان كذلك يجب رده صوناً للشريعة وحفظاً للعقيدة..
وبعد: فليس بعجب أن يصاب هؤلاء العلماء الذين تحدثنا عنهم بذلك المرض- مرض علم الكلام- في تلك العصور الخالية. ثم يتوب الله عليهم فيتوبوا لأن المرض الغريب المعدي الطارىء قد ينتشر بين الناس قبل أن تعرف أعراضه لجهل الناس بحقيقته حتى يقابل بالوقاية أولاً ثم بالعلاج إذا نزل، ولكن العجيب المثير أن يعرف المرض ويصاب به من شاء الله من عباده. ثم ينزل الله الشفاء على من شاء منهم فيزول البأس فيصف أولئك المرضى- بعد أن عافاهم الله- خطورة ذلك المرض وسوء حالهم ووحشتهم عند ما كانوا مصابين به ثم ينشطوا في تحذير الناس من التعرض لأسبابه وينصحوا بالابتعاد عنه واستعمال الوقاية ضده، وبعد هذا كله يتعرض بعض الناس لهذا المرض فيصاب به عدد كبير من شباب المسلمين.. ويعيش هؤلاء المرضى بين الأصحاء مختلطين بهم وهم لا يشعرون أنهم مرضى ومن عرف منهم أنه مريض يتجاهل مرضه ويخفيه.
هذا هو حال علم الكلام وعلماء الكلام ومثلهم أصيب الفخر الرازي والإمام الجويني والشهرستاني والغزالي وغيرهم من كبار علماء المسلمين بداء الكلام. وفي نهاية المطاف أدركوا أنهم قضوا أعمارهم فيما لا طائل تحته، وأن علم الكلام حال بينهم وبين النظر في كتاب الله وسنة نبيه والانتفاع بهما ثم تاب الله عليهم فتابوا وألفوا كتباً تدل على توبتهم أو نشروا مقالات أو أبياتاً تدل على أنهم تابوا ومما كتبه الرازي في توبته كتابه المعروف (أقسام اللذات).
كما كتب الإمام الجويني بعد توبته رسالته المشهورة (الرسالة النظامية).
وقد كتب الشهرستاني وهو ثالثهم كتاباً أبدى فيه ندمه البالغ وهو (نهاية أقدام العقول).
وأما الإمام الغزالي فقد كتب كتاباً ينصح فيه العوام وأشباههم عن الخوض في علم الكلام.
سماه (إلجام العوام عن علم الكلام).
وبعد هذه التوبة المعلنة من هؤلاء الأئمة المجربين ونصحهم للناس ألا يقربوا علم الكلام بعد هذا كله أتى أناس أدخلوا هذا العلم في معاهد وجامعات إسلامية بعد تغيير العنوان أو الاسم فقط مع بقاء الحقائق كما كانت فسموه (مادة التوحيد) أو (مادة العقيدة) لا توحيد ولا عقيدة اللهم إلا ما كان من توحيد الربوبية الذي لم يجهله أحد من بني آدم عبر التاريخ الطويل اللهم إلا ما كان من الشيوعيين الجدد في الآونة الأخيرة. من إنكارهم لوجود الله متجاهلين ومعاندين. ذلك التجاهل الذي قد تمليه أحياناً أوضاع سياسية واقتصادية. حيث تنكر وجود الله بعض الجهات فترة من الزمن ليكون ذلك الإنكار ثمنا لأسلحة سوفييتية متطورة.
وإذا ولت السياسة وجهها شطر الغرب اختفى الإلحاد وارتفع الإنكار ولو مؤقتاً كنتيجة لضعف الإيمان باليقين- والله المستعان.
أما توحيد العبادة قال ذكر له إلا ما كان بالاستطراد. وأما توحيد الأسماء والصفات فقد صار مفهوم التوحيد في هذا القسم نفي الصفات كلها أو بعضها.
ولا أستثنى من هذه المعاهد والجامعات إلا المعاهد والجامعات السعودية التي يرجع الفضل في سلامتها من هذا الوباء- بعد الله- لدعوة محمد بن عبد الوهاب جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير ما جزى به المصلحين. وقد وقفت هذه الدعوة المباركة سداً منيعاً أمام تيار الإلحاد والفساد وما انحرف عن الاعتقاد. ولا تزال كذلك وقد صان الله بها عقيدة شباب هذا البلد الطيب ومن هاجر إليه أو طلب العلم في معاهده وجامعاته من الانزلاق في تلك المزالق كما هو معروف لدى الحضور ومما يبشر بالخير أن بعض المعاهد والجامعات في بعض الدول الإسلامية أخذت تنهج منهجاً سلفياً في دارسة القعيدة على قلتها، وجلها من الجامعات الأهلية. ويحق لنا أن نقول "أول الغيث القطر ثم ينهمر".. ولله الحمد والمنة.
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يحفظ علينا ديننا وعقيدتنا ويختم لنا بحسن الخاتمة من هذه الحياة. أنه سميع مجيب الدعاء.
وصلاة الله وسلامه إلى نبيه ومصطفاه محمد وآله وصحبه..

العدد 42، المقال 6
من مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة










قديم 2014-02-24, 18:59   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم الله خيرا على النقولات النافعة ورحم الله الشيخ العلامة الجامي










قديم 2014-02-24, 19:01   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2014-02-25, 13:13   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
SuperMarket
بائع مسجل (أ)
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله عنا كل خير
اللَّهُمّے صَلٌ علَےَ مُحمَّدْ و علَےَ آل مُحمَّدْ كما صَلٌيت علَےَ إِبْرَاهِيمَ و علَےَ آل إِبْرَاهِيمَ وبارك علَےَ مُحمَّدْ و علَےَ آل مُحمَّدْ كما باركـت علَےَ إِبْرَاهِيمَ و علَےَ آل إِبْرَاهِيم فى الْعَالَمِين إِنَّك حَميدٌ مَجِيدٌ









قديم 2014-02-25, 14:46   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

واياكم بارك الله فيكم










قديم 2014-05-21, 09:54   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
yacine dzz
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية yacine dzz
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2014-05-24, 17:29   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
momar2014
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية momar2014
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عقيدتنا عقيدة أهل السنة و الجماعة و من ابتغى غيرها ضل و أضل، و هم أهل الحديث أتباع السلف الصالح لهذه الأمة فاللهم ثبتنا على دينك أنت القدير على ذلك و للمؤمنين أجمعين آمين










قديم 2014-05-25, 17:51   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
kc_6969
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم










قديم 2014-05-26, 10:50   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
emma.92
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك









 

الكلمات الدلالية (Tags)
عقيدتنا


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:35

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc