![]() |
|
خيمة الأدب والأُدباء مجالس أدبيّة خاصّة بجواهر اللّغة العربيّة قديما وحديثا / مساحة للاستمتاع الأدبيّ. |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
الضحية المنفلوطي تبكي من يقراها
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() نشأت مرغريت غوتيه فقيرة لا تملك مالا تشتري به زوجا ولا تجد بين الرجال من يبيعها نفسه بلا مال أو يحسن إليها بما يسد خلتها ويستر عورتها وكان لا بد لها أن تعيش فلم تجد بين يديها سوى عرضها فذهبت به إلى سوق الشقاء والآلام فساومها فيه بعض المساومين فباعته إياه كارهة مرغمة وكانت من الخاسرين . لقد كان جمالها شؤما عليها فلو أنها كانت شوهاء لوجدت في الناس من يرحمها ويحنو عليها ولكن الجمال سلعة من السلع لنافقة لا يستطيع صاحبه إن ينال ما في ا يدي الناس إذا كان فقيرا معوزا إلا من طريق المساومة فيه لذلك نقمت تلك الفتاة المنكوبة على الرجال جميعا وأقسمت أن تتخذ من جمالها الذي هو مطمح أنظارهم وقبلة أمالهم آلة انتقام تنتقم بها منهم لعرضها وشرفها. ولقد برت بيمينها بر الوفي بعهده فعاشرت الرجال ولم تحبهم ونكبتهم في أموالهم وأنفسهم ولم تأسف عليهم ونظرت إلى دموع الباكين تحت قدميها نظرات الغبطة والسرور وهي تقول: ويح لكم أيها الرجال ما كنت اطلب منكم باسم الفضيلة والشرف إلا رغيفا واحدا لغذائي وأخر لعشائي فأبيتموهما علي فلما طلبت باسم الرذيلة جميع ما تملك أيديكم بذلتموه لي طائعين مختارين فما اصغر نفوسكم وأخس أقداركم . لقد كان في استطاعت أصغركم شانا وأهونكم على نفسه وعلى الناس جميعا إن يشتري ني جسمي وقلبي وحيلتي سوى سد خلتي وصيانة عرضي فلم تفعلوا فهاهم ألاء اليوم عظماؤكم وأشرافكم يجثون تحت قدمي جثي الكلب الذليل تحت مائدة سيده فلا ينالون من اثر مما ينال منها. أحببتم المال حبا جما فأبيتم إلا تتزوجوا ذات مال لتضموا طرفها إلي تلبدكم فابذلوا اليوم لإمرة مومس لا تمنحكم مالا ولا حبا جميع مافيا يديكم من ذهب وفضة حتى لا يبقى لكم طارف ولا تليد. ظهرت مارغريت في سماء باريس كوكبا متلألئا يبعث الأنوار ويبهر الأنظار ويملا أجواز الفضاء بهجة وضياء فطارت نحوها العقول طيران النحل نحو الزهر وسال النضار بين يديها سيلان الجدول المتدفق تحت أشعة الأصيل وعنت لها الوجوه الكريمة وتعفرت تحت قدميها الجباه الرفيعة وأصبحت أعناق الرجال في يدها كأنما قد سلكتهم في سلك واحد ثم أمسكت بطرف السلك تحركه فيتحركون وتمسك عنه فيمسكون وكان شانها معهم شان صاحب الكلب مع كلبه لا يشبعه فيستغني عنه ولا يجيعه فييأس منه فكانت تملا نفس عاشقها أملا ورجاء حتى إذا ظن أن قد دنا به حظه وليس بين أمله إلا أن يمده فيناله ذادته عنه ذود الظامئ الهيمان عن ورده أدنى ما يكون إلى فمه فإذا علمت أن اليأس قد بلغ من نفسه وانه أزمع أن يركب رأسه إلى حيث لا مرد له أرسلت وراءه شعاعا من أشعة ابتسامتها العذبة الخلابة فاستردته إليها صاغرا مستسلما. وكذلك أصبحت تلك الفتاة الجائعة العارية التي كانت تعوزها بالأمس القمة وتعييها لخرقة سيدة باريس وصاحبة عرشها ومالكة أزمة رجالها فاجعة قلوب نسائها والنجم الخالق الذي تبتهل إليه العيون والسر الغامض لتي تحار فيه الضنون. ذلك مايعلمه الناس ن أمرها إما ماتعلمه من أمر نفسها فهي ترى كل ما يبذله الناس من فضة وذهب وأثاث وريا ش وقصور ودور وجياد ومركبات لا يساوي دمعة واحدة من تلك الدموع التي سكبتها على نفسها يوم باعت عرضها وان جميع هذه اللالىء والجواهر والأردية والتيجان التي يهبونها إياها إنما يهبونها لأنفسهم ليتمتعوا بمنظرها فوق جسمها كما يتمتع صاحب الكلب بمنظر القلادة في عنق كلبه وماله م ذلك شيء فكأنما باعت عرضها بلا ثمن لا جزاء . كانت تخلو بنفسها حينا فتذكر أن جميع هذه لقلوب الطائرة حولها إنما تطير على جمالها لا عليها وإنها إن حرمت هذا الجمال ساعة انفض الناس من حولها وأصبحت وحيدة في هذا العالم لا يعطف عليها قلب ولا تبكي عليها عين فتبكي بكاء الأشقاء على أنفسهم بل ترى أنها شقية مثلهم لأنها تعاشر من لا تحب وتحيا بين قوم لا يحبونها إلا حبا كذب . وربما مرت في غدوتها أو روحتها بحارس قصرها وهو جالس بين زوجته وأولاده يمنحهم حبه وإخلاصه ويمنحونه من ذلك مثل ما يمنحهم فتتمنى لو كان كل حظها من هذه الدنيا غرفة كهذه الغرفة وزوجا وأولاد كهذا الزوج وهؤلاء الأولاد ثم لا تقترح على دهرها بعد ذلك شيئا. وماراها الناس استقبلت في قصرها رجلا متزوجا أو خاطبا فكانوا يحملون هذا الأمر محمل الأثرة ويقولون إنها امرأة طامعة لا تحب إلا أن يكون عاشقها خالصا لها ولو أنهم عرفوا حقيقة آمرها وألموا بسريرة نفسها لعلموا أنها امرأة حزينة منكوبة قد فجعها الدهر في السعادة الزوجية فلا تريد أن تفجع امرأة غيرها.
|
||||
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
المنفلوطي, الضحية, تبكي, يقراها |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc