رد الدكتور مختار حمحامي على الشيعي المتستر الصادق سلايمية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

رد الدكتور مختار حمحامي على الشيعي المتستر الصادق سلايمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-01-22, 21:58   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الكيفاني
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










B11 رد الدكتور مختار حمحامي على الشيعي المتستر الصادق سلايمية

رد الدكتور مختار حمحامي على الشيعي المتسترالصادق سلايمية

قد طفح الكيل ..

بقلم : د / حمحامي مختار

- البريد الإلكتروني حذف من قبل الإدارة (غير مسموح بكتابة البريد) -

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه الأطهار، أمّا بعد ..
إلى فضيلة الشيخ عبد الرحمن شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ونائبه الدكتور عمار طالبي وأمين مكتبها الوطني الدكتور عبد المجيد بيرم وإلى كلّ أبناء الجمعية الدّاعين للإصلاح، إلى هؤلاء جميعا أقول :
إنّ دعوة الجمعية مبنيّة على شعار "لا يصلح آخرُ هذه الأمّة إلاّ بما صلح به أوّلها"، وبهذا كانت الجمعية سلفية التّلقي، منطلقة من كتاب الله وسنّة رسول الله – صلّى الله عليه وآله وسلّم – وإجماع الأمّة، معظِّمة لصحابة رسول الله – رضي الله عنهم -، فقد أقام شيخُ مؤسسيها الشيخُ عبد الحميد – رحمه الله تعالى – دروسه تفسيرا للقرآن الكريم وشرحا لموطأ مالك – رحمه الله تعالى – وتدريسا للعقيدة بعيدا عن طرق المتكلمين، كما درّس الشفاء بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض، وكتاب العواصم من القواصم لابن العربي المعافري - وقد حقق هذا الأخيرَ ونشره الدكتورُ عمار طالبي تحت عنوان "آراء أبي بكر بن العربي الكلامية"-، ولم يختلف دارسو نشاط الجمعية في كونها جمعية تسير على نهج أهل السنّة والجماعة، تجمع الأمّة على حبّ النّبي، وعلى حبّ أزواجه وسائر أهل بيته الطاهرين، وعلى حبّ صحابته الأخيار، ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)﴾ [التوبة] ...
أقول هذا الكلام تذكيرا لمسؤولي جريدة البصائر - لسان حال الجمعية - وتنبيها على خطر الردّة بعد انبلاج النور، فقد أُفسِح المجالُ لأقلام تتنكر لمبادئ الجمعية -بل وتطعن في رموزها وتعيب سلفيتها-، فطالعتنا أعدادٌ من البصائر فيها مقالات لا تعدُو أن تكون تهريجا وخلطا للحقائق التاريخية والعلمية، ما يعود على الجمعية بالنّقيصة، من هذه المقالات بعض ما كتبه الأستاذ الصادق سلايمية. إنّ في كتاباته تحاملا على علماء أهل السنّة، وتأويلا لنصوص السنّة النّبوية على غير المنهج الأصولي المعروف عند أهل العلم.
وأكتفي في هذه الورقة بالتنبيه على خلطه الموجود في مقالته الموسومة بـ "الاعتزال في جزيرتي ضيق الصدر وقلّة العلم" التي نشرت مجزأة في عددي 506 و 507 لشهري جويلية وأوت من سنة 2010م.
1 – إنّ الأستاذ الصادق سلايمية يُحيي صراعا بين الشيعة والسنّة على أعمدة الجريدة التي تحاول الجمعية تجاوزه في الظروف الرّاهنة التي تمرّ بها الأمّة الإسلامية من شرذمة وتفكك.
2 - والأستاذ سلايمية إذ يُحيي هذا الصراع لا يطرقه للمباحثة العلمية الموضوعية، لأنّه لو كان كذلك ما كان لأحد من أهل العلم أن يضيق صدره، ولكن على أعمدة جريدة سنية الوجهة سلفية المنهج يُسب رموز السنّة؟! هذا لا يُطاق، ولا يسكت عنه إلاّ ضعيف الحجّة ناقص الغيرة على دين الله.
3 – مما يخالف المنهج العلمي تقعيد القواعد أوّلا ثمّ البحث لها عن أدلّتها، هذا ما عمد إليه الأستاذ، يقول: "... ثم سأل [موسى] الإعانة على تحمل المسؤولية بأن يبعث معه أخاه هارون وزيرا، لأنّ مستوعب الوحي الرباني – وهو النّبي – لابد له من مستودع يسقي النّاس من بعده، سواء كان من الأنبياء أو كان من الأوصياء، ﴿وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا﴾[المائدة]، (إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تظلوا بعدي أبدا كتاب الله وعترتي فإنّهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض)وهو الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره".
فما وجه الاستدلال بالآية الكريمة، إنّ نقباء بني إسرائيل لم يحملوا الرسالة بعد موسى – عليه السّلام – بل ما كان من خبرهم أنّهم ثَبَّطوا قومهم عن الجهاد و﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ﴾(المائدة:24)، على ما تحكيه الروايات في كتب التّفاسير.
ومن هم الأوصياء في نظر الأستاذ! إنّهم أهل البيت خاصّة – رضي الله عنهم -، وهي نظرة شيعية تُقصي أكثر الصّحابة عن وِراثة النّبي – صلّى الله عليه وآله وسلّم – ، والحديث الذي ذكره الأستاذ وقال أنّه في صحيح مسلم، غير صحيح، وإنّما الذي ورد في مسلم (رقم: 2408) عن زيد بن الأرقم: "... أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، ..." وهو صريح في الوصيّة بأهل بيت النّبي – صلّى الله عليه وآله وسلّم – وهذه الوصيّة "أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي" وصية بمراعاة حقوقهم بالحب والإحسان والموالاة، وليس فيه إشارة إلى أنّ العصمة محصورة فيهم، ولا إلى إقامة الخصومة بينهم وبين سائر الصحابة – رضوان الله عليهم -، وإنّما العصمةُ في كتاب الله، وهو صريح في الحديث السابق "كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ"، وهو موافق لما في خطبة الوداع، من حديث جابر (صحيح مسلم، كتاب الحجّ، رقم: 3009)، قال: "وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابَ اللَّهِ". وحديث مسلم السّابق هو غير الحديث المعترضِ على صحته، أمّا الروايات الأخرى التي فيها (ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض) وما شابه هذا ففيها الضعيف المردود، وفيها المقبول المنجبر، ومحلّها كتب الحديث والتّخريج.
4 - قوله أنّ حديث: "(كتاب الله وسنّتي) هو في الموطأ بدون إسناد، ومَن أسندوه أجمعوا على ضعفه، وهم من المحققين الكبار المختصين في الحديث". يبدو أنّ الأستاذ سلايمية يتجاوز حدود معرفته أوّلا، ثمّ يغالط ويُظهر أنّه أحاط بالمسألة علما – وهو ينعى قلّة العلم في أهل السنّة -. ولم يطّلع على أقوال المتخصصين في هذا الحديث، قال ابن عبد البرُّ في التمهيد(24 / 331): "حديث ثان وثلاثون من البلاغات: مالك أنّه بلغه أنّ رسول الله - صلى الله عليه و سلم - قال: تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه". وهذا أيضا محفوظ معروف مشهور عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - عند أهل العلم شهرة يكاد يستغني بها عن الإسناد وروى في ذلك من أخبار الآحاد أحاديث من أحاديث أبي هريرة وعمرو بن عوف". أين هو الإجماع الذي ادّعاه الأستاذ! أم أنّ الحافظ ابن عبد البر ليس من المحققين في علم الحديث في مذهبه، ثمّ حديث أبي هريرة الذي أخرجه ابن عبد البر لم ينفرد به هو دون غيره، إنّما أخرجه أيضا الحاكم في المستدرك وصححه (ج: 1، ص : 172، رقم: 319)، قال: أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنبأ محمد بن عيسى بن السكن الواسطي ثنا داود بن عمرو الضبي ثنا صالح بن موسى الطلحي عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض"، أو ليس الحاكم النيسابوري من المحققين! فأين هو الإجماع على تضعيفه! وإنّما هي العصبية التي يُلصقها بأهل السنّة حجبت عنه الحقيقة، ومن نافلة القول أن نشير إلى تصحيح الشيخ الألباني له (رقم: 2937 في صحيح الجامع)، والحديث أخرجه أيضا أبو بكر الشافعي في الغيلانيات(رقم: 597) عن أبى هريرة، وأورده صاحب كنز العمال(رقم: 875)، والسيوطي في الجامع الصغير ورمز له بالحسن(رقم: 5543)، وصححه الألباني أيضا (رقم: 3232 في صحيح الجامع). والمسألة لا تحتاج إلى كثير كلام، فإنّ التّحاكم إلى الكتاب والسنّة معلوم بالضرورة لا ينكره عوام المسلمين فكيف يرده أهل العلم منهم، والغرض بيان خطأ إدعاء الإجماع على ضعف الحديث، وقد ظهر ولله الحمد والمنّة.
5 – وتساؤلُ الأستاذ: لماذا أخذ النّاس (أهل السنّة) بحديث (كتاب الله وسنتي) وتركوا حديث (كتاب الله وعترتي أهل بيتي)؟! قلت هذا تساؤل ينمي عن جهل بما عند أهل العلم من حقّ وصواب، فإنّ الحديثين صحيحين ولا تعارض بينهما، والأمّة السنّية عملت وتعمل بالحديثين جميعا، ولم تنصب بينهما التعارض، وإنّما التعارض وقع لمن توقف عقله عند زمن الفتنة التي أحدثتها السبئية وأثارت بها الدهماء، فكان من نتائجها الاقتتال بين المسلمين وظهور فرق الشيعة والخوارج.
فالمسلم ملزم بالعمل بكتاب الله تعالى وبسنّة النّبي – صلى الله عليه وآله وسلّم -، وموالاة أهل بيته وحفظ حقوقهم، كما يُوالي سائر الصّحابة – رضي الله عنهم – وفي مقدمتهم الخلفاءُ الراشدون المهديون وفقهاؤهم ورواةُ سنّة النّبي – صلى الله عليه وآله وسلّم – لا نفرّق بين أحد منهم.
6 – أمّا عن فضائل علي بن أبي طالب – رضي الله عنه وكرّم وجهه – فإنّها كثيرة حوتها كتب الأحاديث عند أهل السنّة بالأسانيد الصحيحة وليست في كتب الشيعة، إنّ أهل السنّة لم يطمسوا مناقب أمير المؤمنين ولم يبخسوا حقّه – رضي الله عنه -، وإنّما التّزوير والكذب هو مِن الذي لا يريد أن يعترف بالحقيقة، بل لقد بالغت الذاكرة الجماعية عند المسلمين حتى أنّها اغتّرت بقصص الكذابين التي تُظهر علي بن أبي طالب بمظاهر البطولة على صور الإغراق في الخرافة، فكيف انطمست فضائل الإمام علي – رضي الله عنه – ولا يخلو كتاب من كتب السنّة الجامعة من ذكر مناقب علي بن أبي طالب وزوجته فاطمة بنت النّبي – صلى الله عليه وآله وسلّم –، وابنيهما الحسن والحسين وسائر فضائل أهل بيت النّبي – صلى الله عليه وآله وسلّم –، وقد طبع المجمع العالمي للتّقريب بين المذاهب الإسلامية في طهران (إيران) جزء "فضائل أهل البيت" من كتاب "فضائل الصحابة" للأمام أحمد بن حنبل، الطبعة الأولى، سنة 1425هـ/2004م، هل هذا الزخم الكبير من الروايات الحديثية عند أهل السنّة في مناقب عليّ – رضي الله عنه وكرّم وجهه – يعدُّ بخسا ؟! ...
7 – ادعى الأستاذ أنّ أبا بكر بن العربي المعافري صاحب العواصم من القواصم "أنكر كلّ الحوادث الدموية التي اقترفها البعض في صدر الإسلام، وما معركتا صفين والجمل وأخريات بالنسبة إليه إلاّ خرفات وأساطير"، من العجب أن يقول هذا على ابن العربي - دون تريث - ويظن أنّ قارئ المقالة يصدقه في ذلك، ولإسكات اللّجاج نذكر نصوص ابن العربي من العواصم (تحقيق د/ عمار طالبي، الجزائر، مط: الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، ط: 2، سنة: 1981م)، قال رحمه الله عن خروج طلحة والزبير وعائشة –رضي الله عنهم– وعن وقعة الجمل: "أمّا خروجهم إلى البصرة فصحيح لا إشكال فيه ... ويمكن أنهم خرجوا لينظروا في جمع طوائف المسلمين وضمّ تشردهم، وردّهم إلى قانون واحد، حتى لا يضطربوا فيقتتلوا، وهذا هو الصّحيح لا شيء سواه، وبذلك وردت صحاح الأخبار... والتقى طلحة والزبير وعثمان بن حنيف عامل عليّ على البصرة، وكتبوا بينهم أن يكفوا عن القتال، ولعثمان دار الإمارة والمسجد وبيت المال، وأن ينزل طلحة والزبير من البصرة حيث شاءا، ولا يعرض بعضهم لبعض حتى يقدم عليّ. وروي أن حكيم بن جبلة عارضهم حينئذ، فقتل بعد الصلح، وقدم عليّ البصرة، وتدانوا ليتراءوا، فلم يتركهم أصحاب الأهواء، وبادروا بإراقة الدماء، واشتجر بينهم الحرب..."(ص: 406 و407 و409). وقال عن حرب صفين التي وقعت بين عليّ ومعاوية: "أمّا وجود الحرب بينهم فمعلوم قطعا، وأمّا كونها بهذا السبب فمعلوم كذلك قطعا، وأمّا الصّواب فيه فمع عليّ..."(ص: 412). وبعد هذا النّقل، أتجد أيّها القارئُ المنصفُ أنّ الحافظ الفقيه ابن العربي يزوِّر التاريخ، أم أنّ الذي يرمي التّهم عليه يبوء بذلك؟!

8 – يتّهم الأستاذ سلايمية علماء أهل السنّة بالتزوير، قال: "إنّ التزوير لم يطل الشخصيات المزيفة فحسب بل طال أيضا حتى الأحاديث النبوية"، وأنّهم أضفوا على الصّحابة لبوس الملائكة، فقال: "حتى توضع بمثل هذه الشطحات عصابة سوداء على أعين الأجيال اللاحقة، فلا ترى في الأجيال المؤسسة السابقة إلاّ ملائكة يمشون في الأرض مطمئنين". بالله عليكم مَن قال من علماء السنّة أنّ الصحابة – رضوان الله عليهم – معصومين من الخطأ وأنّهم ملائكة يمشون في الأرض مطمئنين؟! اللهمّ هذا بهتان عظيم. ويدّعي أنّ التّزوير تمارسه "أغلبية كتب الأحاديث حيث ترى الأجيال السابقة تغرق في الخيرية الملائكية المحضة من خلال حديث (خيركم قرني ثمّ الذين يلونهم ثمّ الدين يلونهم)، وهي الثقافة المروجة في جميع أجيالنا عبر هذا الحديث كما يشتهي علماء التبرير، بينما توجد أحاديث صحيحة تعاكس هذا الاتجاه بنسبة 180 درجة، كالحديث الذي يحدث فيه المصطفى - عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام - عن وقوفه على الحوض يوم القيامة فلا يرد عليه ولا يشرب منه من أصحابه إلا قليل القليل حيث لم ينج منهم وهو يقول لهم : سحقا كما جاء في البخاري (إلاّ همل النعم)".
ينبغي – أوّلا - أن يُعلم أنّ حديث (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) صحيح أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة وأحمد، وأخرجه أبو داود والنسائي بلفظ: (خَيْرُ أُمَّتِي الْقَرْنُ الَّذِينَ بُعِثْتُ فِيهِمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ)، وأخرجه غيرهم من أهل الحديث، فإذا كانت هذه الكتب قد طالتها يدُ التّزوير فلا يُوثق بها في شيء، لا في هذا الحديث ولا في غيره، مثل الحديث السابق (كتاب الله وعترتي أهل بيتي) الذي اهْتَبَله الأستاذ، فكيف به يعزو لها الصحيح تارة، وأنّها ذكرت فضل أهل البيت، وتارة أخرى يرميها بالتّزوير، فيبدو أنّ الأستاذ له قواعد في التّصحيح والتضعيف تخالف قواعد جهابذة أهل الفنّ.
أمّا حديث الحوض فهو حديث صحيح أيضا أخرجه مالك والبخاري ومسلم وأحمد وغيرهم بألفاظ مختلفة، وأمّا قول الأستاذ: "فلا يرد عليه ولا يشرب منه من أصحابه إلاّ قليل القليل حيث لم ينج منهم - وهو يقول لهم: سحقا. كما جاء في البخاري - (إلاّ همل النعم)". فهو خطأ، وقول لا يدلّ عليه الحديث باختلاف صيغه، أقول هذا باعتبار منطوق الحديث فحسب، دون الالتفات إلى الأحاديث الدّالة على خيرية الصحابة – رضي الله عنهم –، فإنّ الألفاظ الواردة في الحديث لا تدلّ على كثرة مَن يُذاد عن الحوض، بل بعض هذه الألفاظ تدلّ على قلّتهم، فلدينا: "فَلَا يُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي" و "لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ نَاسٌ" و "لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ" و "وَلَيُصَدَّنَّ عَنِّي طَائِفَةٌ مِنْكُمْ" و"إِذَا زُمْرَةٌ حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ" و "يَرِدُ عَلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَهْطٌ". فلفظ "رجال" يدلّ على مطلق الجمع ولا يخلص لكثرة ولا لقلّة، أمّا " نَاسٌ" فهي أيضا لا تدلّ على الكثرة، والسياق الذي وردت فيه يدلّ على مطلق البعضية، ولفظ "زُمْرَةٌ" الفَوْجُ من الناس، وهو أيضا لا يدلّ على الكثرة، وأمّا لفظ "رَهْطٌ" فعدد يُجمع من ثلاثة إِلى عشرة، وبعض اللّغويين يقول: من سبعة إِلى عشرة، وقيل الرَّهْطُ ما دون العشرة من الرّجال لا يكون فيهم امرأَة، قال اللّه تعالى: ﴿وكان في المدينة تِسْعةُ رَهْط﴾، وقيل إِلى الأَربعين. وهذه كتب اللّغة فليرجع لها مَن شاء لتحقيق ذلك، فمن أين فهم الأستاذ سلايمية أنّ قليل القليل من الصّحابة من ينجوا من النار! بل في بعض الروايات ما يدلّ تنصيصا على أنّ هؤلاء الرجال قليلون كما جاء عند مسلم (رقم: 2304) من رواية أَنَس بْن مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ – قَالَ: لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ الْحَوْضَ رِجَالٌ مِمَّنْ صَاحَبَنِي حَتَّى إِذَا رَأَيْتُهُمْ وَرُفِعُوا إِلَيَّ اخْتُلِجُوا دُونِي فَلَأَقُولَنَّ أَيْ رَبِّ أُصَيْحَابِي أُصَيْحَابِي فَلَيُقَالَنَّ لِي إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ". فقوله "أُصَيْحَابِي" بالتّصغير يدلّ على قلّة عددهم، حكاه الإمام الخطابي، ولم يُعترض عليه في ذلك حتى جاء الأستاذ فقال: هم الأغلبية!
وقد أُشكل على الأستاذ فظنّ أنّ الهالكين هم من الصحابة الكرام المشهود لهم بالخيرية، وهذا خطأ عظيم لا يقع فيه مَن جمع نصوص الوحي من القرآن والسنّة على وجه يُصَدِق بعضها بعضا، لقد وَهم من ظاهر قوله "وَلَيُرْفَعَنَّ مَعِي رِجَالٌ مِنْكُمْ" وفي رواية "إِذَا زُمْرَةٌ حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ" وفي أخرى "لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِي" وفي أخرى "رِجَالٌ مِمَّنْ صَاحَبَنِي" قلت: دخله الوهم من ذلك فحملها على السابقين الأوّلين من الصّحابة – رضي الله عنهم -، فلو كان هذا الفهم صحيحا لكان قول الله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ (التوبة: 100) غير صادق - تعالى الله عن هذا علوّا كبيرا-، وقوله تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾(الفتح: 29)، وقوله تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)﴾(الحشر)، ﴿وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ(62)وَأَلَّف َ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(63) يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(64)﴾(الأنفال)، وقوله تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20)﴾(الفتح)، وغير ذلك من الآيات الدّالة على اصطفاء الله تعالى للجيل المؤسِّس للمجتمع المسلم، وأنّ الله تعالى حفِظ نبيَه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ – في أصحابه فاختار له صحابته بعناية حتى يحملوا عنه ما جاء به عن ربّه كما سمعوه منه، وقد سبق نهيُ النّبي - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ – عن النّقيصة فيهم الأستاذَ سلايمية، أخرج البخاري ومسلم أنّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وآله وسلم – قَالَ "لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ".
أمّا كونُ بعض أحاديثِ الحوض قد ذكرت مَن يُذاد عنه: "لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِي"، "لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي"، فهذا لا يعني أصحاب النّبي - صلى الله عليه وآله وسلم – الذين جاهدوا ونصروا، وإنّما هم المنافقون المعدودون من أصحابه ظاهرا، فقد ثبت عند مسلم (رقم: 2779) عَنْ قَيْسٍ بْنِ عُبَادٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَمَّارٍ: أَرَأَيْتُمْ صَنِيعَكُمْ هَذَا الَّذِي صَنَعْتُمْ فِي أَمْرِ عَلِيٍّ أَرَأْيًا رَأَيْتُمُوهُ أَوْ شَيْئًا عَهِدَهُ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ – فَقَالَ: مَا عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ - شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَلَكِنْ حُذَيْفَةُ أَخْبَرَنِي عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ – قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ -: فِي أَصْحَابِي اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا فِيهِمْ ثَمَانِيَةٌ ﴿لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ الدُّبَيْلَةُ وَأَرْبَعَةٌ لَمْ أَحْفَظْ مَا قَالَ شُعْبَةُ فِيهِمْ"، وفي رواية "قَالَ: إِنَّ فِي أُمَّتِي اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا ﴿لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ﴾ وَلَا يَجِدُونَ رِيحَهَا ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ الدُّبَيْلَةُ سِرَاجٌ مِنَ النَّارِ يَظْهَرُ فِي أَكْتَافِهِمْ حَتَّى يَنْجُمَ مِنْ صُدُورِهِمْ". وقصّة المنافقين مع النّبي - صلى الله عليه وآله وسلم – مذكورة في القرآن الكريم مفصّلة، وقصّة عَبْد اللهِ بْن أُبَىّ المنافق في إشاعة الفتنة معروفة حتى "قَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم – "دَعْهُ لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ"(متفق عليه).
وبعد هذا كلّه نقول للأستاذ بالله عليك، كم بقي من الصّحابة الذين ينجون من النّار؟! قليل القليل!!! أيّ دين هذا الذي قليل القليل من حملته ومؤسِّسي جماعته الأولى فقط يدخلون الجنّة، وأغلبيتهم حصبُ النّار، إنّهم بلّغوا لنا الكذب - إذن – عن رسول الله - عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام-، فكيف نثق بقرآن بلغنا عن أهل النار، وسنّة حملها أهل النار للأجيال اللاحقة! أما ترى معي أيها الأستاذ المثقف أنّ اختيارك الإسلام من هذه الوجهة هو اختيار غير موفق ..
من لوازم قوله السّابق أنّ عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين – رضي الله عنهم – من هؤلاء المحرومين من أن يردوا الحوض! فربّما يتنبّه الأستاذ إلى القول أنّ هؤلاء قد ثبت في حقّهم البشارة بالجنّة وهم أحياء، فلا يشملهم الوعيد، وهو معتقدُ أهل السنّة، وحينئذ نقول: قد ثبت مثلُ ما ثبت لأمير المؤمنين عليّ وسبطي النّبي - عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام – من البشارة بالجنّة لأبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وأبي هريرة وعائشة .. وأصحاب بدر وأصحاب الشجرة ... - رضي الله عنهم -. ورحمة الله على إمامنا مالك بن أنس القائل "مَن يبغض أحداً من أصحاب النّبي - صلى الله عليه وآله وسلم – ، وكان في قلبه عليهم غلّ، فليس له حقّ في فَيْء المسلمين، ثم قرأ: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ إلى قوله: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾(الحشر: 7 – 10). وذكر بين يديه رجل ينتقص أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم – ، فقرأ مالك هذه الآية: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ﴾(الفتح : 29) ثم قال: مَن أصبح من النّاس في قلبه غلّ على أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم – فقد أصابته هذه الآية".(الأمر بالإتباع والنّهي عن الابتداع للسيوطي، ص: 4)
9 – يزعم الأستاذ أن أبا العباس أحمد بن تيمية يقول في كتابه "رفع الملام عن أئمة الأعلام": أنّ خلفاء بني أمية في الجنّة، وهذا الكلام غير موجود لا في هذا الكتاب، ولا في غيره من كتب الشيخ، ولا في أيّ من كتب أهل السنّة، ولا أرى هذه التُهمة إلاّ من بنات خيال الأستاذ المحترم، وهو لا يقف عند هذا الحد بل يتّهم علماء أهل السنّة بالتبرير للواقع المنحرف الذي يعيشه المسلمون، فقد برّروا للظلم الأوّل في دولة بني أُمية وبذلك يبرِّرون للانحراف في هذا العصر، يُبيحون الدماء والأموال والفروج، ويُمنَُّون الزناة واللوطيين والسُحّاق بالجنّة ..
عذرا .. فالمقام لا يليق بهذا الحضيض، ولكنّي أوردتُ هذا الكلام لا للردّ عليه، لأنّه لا يستحقّ الردّ، ولكن ليظهر المستوى المنحط في التّعاطي مع القضايا التاريخية أو الفقهية ...

انتهى منه صبيحة يوم الخميس 16 رمضان 1431هـ
الموافق لـ 26 أوت 2010م








 


رد مع اقتباس
قديم 2014-01-22, 21:59   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الكيفاني
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

الرد العلمي الثاني للدكتور مختار حمحامي
على الشيعي الصادق سلايمية ( ليته سكت)

بسم الله الرّحمن الرّحيم، والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، لقد أرسلت هذا المقال إلى القائمين على جريدة البصائر لجمعية العلماء الجزائريين لنشره عبر البريد الالكتروني بتاريخ 19 أكتوبر 2011م، غير أنّهم لم يفعلوا، ولَمّا زرت مقر الجمعية بالجزائر العاصمة يوم 18 الأحد ديسمبر 2012م التقيت بالأمين العام للجمعية الدكتور بيرم عبد المجيد – شفاه الله تعالى – وأعضاء آخرين من المكتب الوطني، ودار الكلام حول أسباب عدم نشر المقال، ذكروا منها: أنّ الردّ جاء متأخرا جدّا، وأنّ المرحلة التي كتب الغِرّ سلايمية ما كتب قد انتهت، حيث تغير منهج العمل في الجريدة، وأنّهم متبرئون ممّا كان يكتب، وأنّ الأمر لم يكن بأيديهم، واقترحوا عليّ أن يخصصوا حيزا في جريدة البصائر لشرح أصول دعوة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي ذكرها الشيخ عبد الحميد بن باديس في المقال الذي نشر في البصائر: السنة الثانية العدد 71 الجمعة 9 ربيع الثاني 1356هـ 18 جوان 1937م، (ص 1، ع 1 و2 و3، وص 2، ع 1)، - أسأل الله العلي القدير على أن يوفقني لذلك - غير أنّ ما افتراه المفتون سلايمية على الحقّ الأبلج يستدعي نشر هذا الردّ ليطلع عليه المنصفون، ويستفيد منه المخلصون، ويكشف سوءة المفترين. فأقول مستعينا بالله تعالى:

ليته سكت ..
بقلم : د/ حمحامي مختار( )


أحمد الله حمد الشّاكرين، وأصلّي وأسلّم على مَن أوتي جوامع الكلِم، وعلى آله الطّاهرين وأصحابه الطّيبين، وعلى مَن تبع هُداهم إلى يوم الدّين.

قال أَبُو مَسْعُودٍ عُقبَةُ – رضي الله عنه - قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى الله عَلَيهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ -:
"إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ"( ).

1. "بَيَانٌ لِلنَّاس"
"قد طفح الكيل .." مقال نشرته جريدة البصائر الغرّاء في العدد 512 و 513 و 514 من شهر شوال 1431هـ/سبتمبر 2010م، كان رسالة مفتوحة إلى السّادة علماء الجمعية، كشفتُ لهم فيها زيف ما يُسطّر الكاتبُ الصُحُفي "سلايمية" في هذه الصحيفة، وخاصّة ما كتبه في مقالته الموسومة بـ "الاعتزال في جزيرتي ضيق الصدر وقلّة العلم" التي نُشرت مجزأة في عددي 506 و 507 لشهري جويلية وأوت من سنة 2010م. وانتظرت جوابهم طويلا من دون ردّ! ، ولكَوْن الجريدة لم تصلني بانتظام، وما يصلني منها يكون قد مرّ على صدوره شهور، لهذا السبب ولغيره لم أطّلع على ردّ "سلايمية" - الموسوم بـ (الخُلق المتسامي في الردّ العلمي على "الدكتور" حمحامي) وقد نشرته جريدة البصائر في أعدادها 517 إلى 521، - إلى أن وافاني به بعضُ الغَيُورين على السنّة - استخرجه من موقع جريدة البصائر الإلكتروني في شهر شعبان 1432هـ/جويلية 2011م –، فهالني ما قرأت فيه، لا لِخُلُقه المتهافت، وإنّما لصمت أهل العلم من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ونَشْرِ ما يجاهر به هذا الصُحُفي، ممّا أكسبه مزيدا من الجرأة على السنّة، إنّه يُعلِي مِن شأن الشّيعة لِكَوْن (الشّيعة لا يوجد عندهم كتاب بعد القرآن الكريم لا يجوز نقده ولا يجوز ردّ بعض الأحاديث التي فيه إذا تعارضت مع العقل والقرآن، فلا يوجد عندهم كتاب اسمه "الصّحيح" إلاّ القرآن والبقية قابلة للنقد والرفض والقبول وفق منطق القرآن والعقول)، هذا كلامه في (الخُلق المتسامي... عدد517)، وهذا غيض من فيض.

1. "جعجعة من غير طحين"
(الخُلق المتسامي في الردّ العلمي على "الدكتور" حمحامي) مقال من خمس (5) حلقات متواصلة الورود وهو يقول فيها: "سأبرهن للقارئ الكريم بالمنهج العلمي الأصيل مَن هو الذي يتلاعب بالحقائق".. ليته سكت، ولم يَعِد ... إنّه متهافت المنهج، سقيم الحجّة، ثرثار من غير فائدة، حظّه من كثرة التّسويد التّشغيب، لا يوجد في حلقاته الخمس ردٌّ علمي مطلقا، لأنّ البحث العلمي يُبنى على مقدّمات صحيحة ليُنتج عِلمًا. "قد طفح الكيل" مقال مُكَوّن من تسعة (9) ردود على شُبَه أثارها "سلايمية" في مقاله الأوّل، فمن المنهجية العلمية أن يكون ردُّه متوجها لهذه الردود، لا أن يحيد ليخترع شُبَها جديدة لم تكن واردة سابقا، ولم يَدَّعها الدكتور حمحامي، هكذا يتصرّف أهلُ الأهواء دائما، ومن المعلوم بالتّجارب أنّ صاحب الهوى لا يُسكته الدّليل، لأنّه لا يريد الحقّ، وإنّما همُّه إثارة الشُّبهات بين أبناء أهل السنّة لينال منهم. وسيأتي – إن شاء الله - تناول هذه الشّبهات بالتّفصيل، وبيان كيف أنّ "سلايمية" يحيد عن مناقشة ما يُثيره أوّلا ليولّد شُبهات جديدة بأسلوب استهتاري لا يحترم فيه قوانين الجدل، ولا يُعير أهميةً لعقول القارئين.

2. "مَنْ لاحاك فقد عاداك"
"ليته سكت .." مقال أنشره ليدرسه الكاتب الصُحفي "سلايمية" بتأنٍّ، فينظر فيه بعين العقل الذي يزن به الحقائق، ويعرضه على كلام العزيز الحكيم ليُدرك بَرَد الحقّ، لعله يُرزَق حسن الإتباع، فإنّ ما هو فيه يحتاج إلى مراجعات صادقة وليس إلى "مراجعات" الموسوي، مراجعات توقفه على خطورة ومسؤولية الكلمة ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾، ولا يلومني على صراحة الكلام وصدق المنطق .. وخير النّاصحين مَن لا ينافق في نصحه، أقول: إنّ العبث بأعراض الغافلين واتهامهم بما لم يقترفوا ليس بالهيِّن عند الله تعالى: ﴿وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾، وأمام عدالة الأمّة، فإنّ المدّعي مُطالب بالبيّنة وإلاّ فهو كاذب أفّاك، قال الصُحفي "سلايمية" - في ردّه العلمي !! -: "عِلما أنّ الردّة في عبارته هذه لا تحتاج إلى تأويل وقد لا تخصّني أنا وحدي، وهي تنتظر فقط مَن يُطبّق الحدّ على أعضائها وكتابها ومنهم العبد الضعيف بطعنة سكين أو برمي بالرصاص، والعجب كل العجب أن يتحوّل الدكتور إلى داعية سلم بعد قوله المعروف في قطع الرؤوس... كفّرني بسببهما الدكتور حمحامي ... وكيف لا يعجب القارئ والدكتور حمحامي هو الذي غرّرت فتواه هذه بالكثير من الشباب فخسروا الدّارين عندما انتهكوا الحرمات وسفكوا الدماء"ا.هـ، الله أكبر .. أيّ عقلٍ يحمله هذا الصُحفي، وقد أجاز له أن يُكيل التُهم والافتراءات!! وإلى أيّ كتاب يتحاكم في هذا الإفك المبين!! قاتل الله هذا "الخُلق المتسامي" على الحقائق التي غَمَطَها "سلايمية"، ظننت أنه يعرف التّأويل ولكنّه لا يُحسن إلاّ التّحريف! يا أيها القارئ .. أعرفُ أنّك لست غِرّا فتنخدع أو مجنونا فتُصرع، فاسمع إلى مناشدتي لأولي الأمر في جمعية العلماء: "... لم يختلف دارسو نشاط الجمعية في كونها جمعية تسير على نهج أهل السنّة والجماعة، تجمع الأمّة على حبّ النّبي، وعلى حبّ أزواجه وسائر أهل بيته الطاهرين، وعلى حبّ صحابته الأخيار، ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)﴾ [التوبة] ... أقول هذا الكلام تذكيرا لمسؤولي جريدة البصائر - لسان حال الجمعية - وتنبيها على خطر الردّة بعد انبلاج النور، فقد أُفسِح المجالُ لأقلام تتنكر لمبادئ الجمعية - بل وتطعن في رموزها وتعيب سلفيتها -، فطالعتنا أعدادٌ من البصائر فيها مقالات لا تعدُو أن تكون تهريجا وخلطا للحقائق التاريخية والعلمية، ما يعود على الجمعية بالنّقيصة، من هذه المقالات بعض ما كتبه الأستاذ الصادق سلايمية. إنّ في كتاباته تحاملا على علماء أهل السنّة، وتأويلا لنصوص السنّة النّبوية على غير المنهج الأصولي المعروف عند أهل العلم"أهـ. فهل تجد – أيها القارئ – في الكلام فتوى لإهدار دم المتصعلك، لقد اجتمع فيه جهلٌ بلغة العرب, وحقدٌ على صاحب العبارة، أَوَ ليس في سياق الكلام ما يشرح نسبة الردّة؟! فإنّها ردّة عن مبادئ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وطعن في رموزها ومنهجها السّلفي الذي يعتمد على الكتاب والسنّة وهدي الصّحابة – رضي الله عنهم-، فأين التّكفير لهذا "المخبول" في كلامي!؟ وأين هي فتوى الدماء المسفوكة والرؤوس المقطوعة والبطون المبقورة والرقاب المذبوحة والحرمات المنتهكة..!!؟ إنّ أسلوب العبارة أسلوب أدبيّ يُصور تناقضات الأمس واليوم، يُحاول أن يرسم التجاذبات بين حركية الإصلاح النقي المنير وبين معوقاته المبثوثة في الطّرق، ومن أعظمها الاختراق الفكري والبشري، وهذا مغاير لما عليه نصوص الفتوى، فإنّ أسلوبها يتسم بالعبارة المباشرة: يرسم حدود موضوع الفتوى، وحكمها، ودليلها، وبيان توفر أسباب وشروط تحقيق مناطها مع انتفاء المانع لها. أجدني مضطرا لذكر هذه المصطلحات، مع أنّ المقام لا يتحمل تطويل شرح باب الفتوى من الفقه الإسلامي وأصوله، ولا يفوتني أن أذكِّر "سلايمية": لعلّه قرأ الفتوى في غير مقال "طفح الكيل"، فإن كان صحيحا فليأت به. ولا يفعل، ولن يفعل، بسبب أنّ ما ذكره خرج من مخيلته المريضة وليس حقيقة.

3. "لا تسخر من شيء فيَحُور بك".
عجبت من موضوعية ردّ "سلايمية"! أيسخر من الدرجة العلمية "الدكتور"!؟ أم مِن التسمية؟! فهذا ليس من سيئاتي! أم من البحث العلمي - الموسوم بـ"القرائن وأثرها في فهم الخطاب الشرعي"، وقد أُجيز بملاحظة "مشرف جدا"، وتفضلت دار ابن الحزم اللبنانية بطبعه سنة: 1430هـ/2009م -؟ فهذه حيدة عمّا نحن فيه! وإن شئت أن تنتقد هذه الدراسة .. "فَخَلِّ الظعينةَ وانجُ بنفسك"!
أَسَائِرٌ اليَوْمَ وَقَدْ زال الظهرْ ... دُونَكَ فَارْبِعْ إِنَّ ذا سَيْرٌ نكرْ
ثمّ تزعم أنّ "الدكاترة" يقرؤون ما تكتب ولا ينكرون عليك محاربتك للسنّة! وهل هذه مفخرة !؟ ومَن يكونون هؤلاء "الدكاترة"؟ أو ليس "الدكتور حمحامي" أحدهم؟ أم هم ليسوا من جنسه؟ و"الدكتور حمحامي" لم يناوشك الكلام لكون أنّ "سلايمية" مُبدِع في مقالته، بل هي مقالات الشّيعة منذ القديم قد أصمّت كثيرا من شباب السنّة - حتى سَمُّوا هذه السنوات بمرحلة الظهور-. ولكنّ الرسالة كانت موجّهة ابتداء إلى السّادة الدكاترة والعلماء المذكورون في مناشدتي لهم أن يمنعوا أمثال "سلايمية" من استحمار "جمعية العلماء المسلمين الجزائريين"، ومناشدتي لهم لم تكن وِشاية، وإنّما مُكاشفة من ابن بار لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، تقلّد رئاسة شعبة ولاية وهران أكثر من ستة سنوات، وعضو لمجلسها الوطني، توارى عن الأنظار لمّا رأى أمثال "سلايمية" قد فُسح له، وإنّني انتظر جواب هؤلاء الفضلاء – الذين تحمّلوا حمالَةَ ابن باديس والبشير الإبراهيمي ... - إلى هذه السّاعة، وتأكّد الجواب لمّا صرّح "سلايمية" أن الدكتور عبد المجيد بيرم أمين المكتب الوطني للجمعية والشيخ بن يونس آيت سالم عضو المكتب الوطني للجمعية وآخرين من رجالات جمعية العلماء المسلمين الجزائريين قد قرؤوا "تحاملاته" على السنّة والصّحابة وأئمة الهدى ولم يروا فيه بأسا، فإنّ صمتهم لا ينبئ على الحياد، وإنّما يدلّ على مطاوعتهم لـ"سلايمية" فيما يكتب.

4. "رَمَتني بدائها وانسَلت"
من المضحكات المبكيات أن يصحّح "سلايمية" لغة المقال في سياقٍ استهتاري، وكأنّ أمّه مضر! قال: (ولا أعلّق على هذه التعتعة اللغوية من حضرة الدكتور عندما استعمل "على" بعد قوله "تنبيها" بدل "إلى")أهـ، نعم .. إنّ "سلايمية" يُعلّق قُصورَه على تَعاتِعَ( ) لا حقيقة لها، ثمّ أنّ التعتعةَ وصفُ حركة اللّسان حين يتردَّد في القراءة ويَتَبَلَّدُ فيها، ولا تُوصف التّراكيب بذلك، ومهما يكن فإنّ "سلايمية" يدّعي أنّ عبارة "تنبيها على خطر الردّة" ركيكة غير سليمة، لكون "تنبيها" يتعدّى بحرف الجرّ "إلى" وليس بحرف "على".. ليته سكت .. بهذا الاستدراك انكشفت عورتُه، وبَانَ خِلْوُ وِفاضِه من لغة العرب، فأهل اللّغة أطبقوا على صحّة تعدي "نبه" بحرف "على"، وإليك أيها القارئ بعضَ نصوص أهل اللّغة في هذه المسألة لتدرك جُرأة "سلايمية" فيما لا يدري، ولو سكت لارتفع اللّغط:

- قال الإمام الشّافعي المطلبي القرشي(ت: 204هـ) في "الرّسالة" (فقرة: 170): "فكان تنبيه العامّة على أنّ القرآن نزل بلسان العرب خاصّة .."
- وقال الجاحظ(ت: 255هـ) في "كتاب الحيوان"(2/227): "وإمَّا العَمّيّ فإنَّ بني عبد الملك الزياديِّين دعَوني مرَّةً ليعَجِّبوني منه ولم ينبِّهوني على هذه الخاصَّة التي فيه، لأكون أنا الذي أنتبه عليه، فدخلت على رجلٍ ضخمٍ...".
- وقال الطبري(ت: 310هـ) في "التفسير": "القول في تأويل قوله: ﴿ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾[آل عمران: 112]. أعلم رُّبنا جل ثناؤه عبادَه، ما فعل بهؤلاء القوم من أهل الكتاب، من إحلال الذلّة والخزي بهم في عاجل الدنيا، مع ما ذخر لهم في الأجل من العقوبة والنّكال وأليم العذاب، إذ تعدوا حدودَ الله، واستحلّوا محارمه تذكيرًا منه تعالى ذكره لهم، وتنبيهًا على موضع البلاء الذي من قِبَاله أتوا لينيبوا ويذّكروا".
- وقال أبو بكر الباقلاني(ت: 403هـ) في "إعجاز القرآن" (ص: 282): "تأمل قوله تعالى: ﴿أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ﴾[الزخرف: 5] في شدّة التّنبيه على تركهم الحقّ والإعراض عنه".
- وقال أبو منصور الثعالبي(ت: 429هـ) في "الإعجاز والإيجاز"(ص:10): "مَن أراد أن يعرف جوامع الكلم ويتنبه على فضل الإعجاز والاختصار ويحيط ببلاغة الإيماء ويفطن لكفاية الإيجاز فليتدبر القرآن..".
- وقال الحريري(ت: 516هـ) في آخر مقامة الإسكندريّة من "المقامات": "قال الحارثُ بنُ همّام: فلمّا رأيتُ صَغْوَ القاضي إليهِ. وفَوْتَ ثمرَةِ التّنبيهِ علَيْهِ. غَشِيَتني نَدامَةُ الفرَزْدَقِ حينَ أبانَ النّوارَ. والكُسَعيِّ لمّا استَبانَ النّهارَ".
- وقال ابن الأثير الكاتب(ت: 637هـ) في "المثل السائر" (2/84): "فهذا الكلام كما تراه يحتاج إلى تقدير حتى يتّصل بعضه ببعضِ، وهو من أغمض ما يأتي من المحذوفاتِ، وبه يُتنبّه على مواضع أخرى غامضة".
- وقال الصفدي(ت: 764هـ) في "تصحيح التّصحيف وتحرير التّحريف" (ص: 64): "وقد جعلْتُ لكلّ مُصَنَّفٍ نقلتُ عنه رمزاً يَخُصًّه، وإشارةً من حروف المُعجَم تُنَبِّه على فصِّه وتَقُصُّه".

وممّا جاء في معاجم اللّغة العربية :

- قول الزمخشري(ت: 538هـ) في "أساس البلاغة" (نبه): "ومن المجاز: سمعت كلاماً فما نَبِهتُ له: فما فَطِنتُ له. ومالي به نُبْهٌ ونَبَهٌ. ونَبَهْتُه من غَفلته، وتنبّهتُ على الأمر: تفطّنتُ له".
- وقول ابن منظور(ت: 711هـ) في "لسان العرب" (نبه): "تَنَبَّه على الأَمر شَعَرَ به، وهذا الأَمر مَنْبَهَهٌ على هذا أَي مُشْعِرٌ به ومَنْبَهَةٌ له: أَي مشعر بقدره ومُعْلٍ له، ومنه قوله: المال مَنْبَهَةٌ للكريم ويُسْتَغْنى به عن اللئيم. ونَبَّهْتُهُ على الشّيء وَقَّفْتُهُ عليه فَتَنَبَّه هو عليه، وما نَبِهَ له نَبَهاً أَي ما فَطِنَ".
وبتوظيف الباحث الآلي في النّسخة الإلكترونية لكتاب "لسان العرب" ظهر أنّ ابن منظور كرّر صيغة "تنبيهاً على" تسع (09) مرّات، وكرّر صيغة "التّنبيه على" ستّ (06) مرّات، وكرّر صيغة "نبه على، يُنبه على" أكثر من أربع وعشرين (24) مرّة.

كما ألّف كثير من أهل العلم كتبا وَسَمُوهَا بعناوين فيها عبارة "التّنبيه على" وأشباهها، منها:
- "التّنبيه على فضل علوم القرآن"، لأبي القاسم محمد بن حبيب النيسابوري(ت: 245هـ)
- "التنبيهات على أغاليط الرّواة"، لأبي القاسم علي بن حمزة البصري(ت: 375هـ)
- "التّنبيه على النّقط والشّكل"، لأبي عمرو الداني(ت: 444هـ)
- "الإنصاف في التّنبيه على الأسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين في آرائهم" لأبي محمّد البطليوسي(ت: 521هـ)
- "التنبيه على إعجاز القرآن"، لمحمّد بن أبي القاسم الخوارزمي الحنفي(ت: 562هـ)

ومن أراد الاطلاع على هذه العنوانين وغيرها فليُراجع كتاب "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون" لحاجي خليفة، وذيله لإسماعيل باشا. ولو خَبَرَ "سلايمية" ما ألَّفَه رجالاتُ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لما غاب عنه "معجم الأفعال المتعدية بحرف" للأستاذ اللّغوي موسى بن محمّد بن الملياني الأحمدي "نوَيوات" تلميذ الشّيخ ابن باديس، حيث قال في معجمه: "ونَبَّهَهُ على كذا: وقَّفَهُ عليه" (بيروت، ط: 1979م، دار العلم للملايين).

5. مغالطة تعارض العقل مع النّقل.
أفضل العقل معرفةُ المرء بنفسه، وأفضل العلم وقوفُ المرء عند علمه، وأفضل المروءة استبقاءُ الرجل ماء وجهه. هذا في ميزان الحكمة، ولكن ربّما تَزَيَّا القاصرون بأزْياء العارفين، بَيْدَ أنّهم يعيشون دائما في الحضيض، تعارضُ العقل مع النّقل مسألةٌ سوَّدت قَراطِيسَ بيض، وأفنت قلوبا عَقولَة، يَتَناولها الصُحفي "سلايمية" بأسلوب متهاوي، يُحاكي فيه أقوال السُكارى وهم يَتعشَّقُون الخمر:
رقّ الزجاج ورقّ فيه الماء *** فتشابها فهما هناك سواء
فإذا الإناء بدون ماء إذ ترى *** أو محض ماء ما احتواه إناء
وأصل هذا الكلام ما يُنسب للوزير الصاحب( ) بن عباد الشّيعي المعتزلي المبتدع( )، وقيل هو لأبي نواس الماجن: رقَّ الزجاجُ وَرَقَّت الخمرُ *** وَتشابها فَتَشاكل الأَمرُ
فَكَأَنَّما خمـرٌ وَلا قَـدحٌ *** وَكَأَنَّما قَـدحٌ وَلا خمرُ

أيُّ عقل يقصد "سلايمية"؟ وعلى أيّ اصطلاح يريده؟ على اصطلاح المتفلسفة أم على اصطلاح المناطقة ... أم يريد عقل "سلايمية" المُتَحَذْلِق!! ؟

يُطلق لفظ"العقل" ويُراد به تارة العلوم الضرورية كالعلم باستحالة اجتماع الضدين، واستحالة كون الجسم في مكانين مختلفين في زمن معيّن واحد، وأنّ الواحد أصغر من الاثنين، والعلم بموجب العادات ... وبهذا المعنى للعقل يكون صاحبه مميّزا عاقلا غير مجنون، وبه يكون مناط التّكليف شرعا. ويُطلق لفظ"العقل" ويراد به تارة أخرى العمل بمقتضى العلم لجلب المصالح ودرء المفاسد، قال الله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾(الملك: 10) فالمنفي في اعتراف أهل النّار هو العمل بمقتضى ما جاءت به رسل الله ﴿ ... سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9)﴾، فهم مكلّفون شرعا مستحقّين للحساب، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾(الأنفال: 22)، وقال: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾(العنكبوت: 63)، فهؤلاء منفي عنهم العقل العاصم من الضلال بسبب إعراضهم عن متابعة رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم -، فهم لا يعقلون، ولا يصيبون الحقّ، ولا يهتدون إليه، وحينها تتهاوى مقولة "العقل المجرد" عن الاعتبار، فهو لا ينبني على غير أصل، بل لابد أن يتقدّمه وحي معصوم يسنِده إلى صِدق الشّرع، فإن لم يكن كذلك ارتمى بين أحضان هوى مُضِل أزلَّه في مكان سَحِيق، فهل يبقى بعد هذا البيان القرآني فسحةٌ يدّعي فيها "سلايمية" أن الغربيين والعلمانيين يصيبون الحقّ في هداية الإنسان من غير أن يرجعوا إلى مصادره من الكتاب والسنّة، أفترى أحدا من أهل البصيرة يقول: (الاعتماد على العقل وحده وهو منهج الغربيين والعلمانيين من العرب والمسلمين. وهو منهج يخطئ ويصيب. وأحاول أن أستفيد من صواب أهله ما أمكن بإخضاعه للمنهج الأول)أهـ من"الخلق المتسامي"، الغربيون لهم صواب بما أدركوه بعقولهم وحدها دون الإيمان بالقرآن الكريم، ولا يمكن بحال أن يدّعي مُكنَتَهم في الهيمنة المدنية، لأنّ الكلام في الهداية البشرية، وهذا واضح لا لُبس فيه، والقرآن يثبت للكافرين العلوم الكونية المتعلّقة بظاهر الحياة الدنيا، ولكنّهم لا يعقلون علوم الآخرة قال الله تعالى: ﴿ الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (8) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9) ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ (10)﴾[الروم].

كيف يستقيم عند العقلاء أن يكون المرء مالكيا شافعيا حنفيا إباضيا شيعيا ...؟! إنّ المذاهب إذا ذُكرت في مسألة علمية لزم ذلك الاختلاف في الأقوال، لأنّ في حالة الاتفاق ينعقد الإجماع، ولا مذهب حينئذ في تلك المسألة إلاّ قول واحد، ثمّ بالله عليك يا "سلايمية" كيف تكون مالكيا شافعيا حنفيا إباضيا وأنت تدّعي أنّ أكثر صحابة رسول الله - رضي الله عنهم – في النّار بكلّ تبجّح!!! نعم لك أن تقول ذلك حينما انطمست البصائر، وفُتحت لك صفحات "البصائر"! والله المستعان على ما تقول.

وتعارضُ العقل الصّحيح مع النّقل الصّريح لا يقع في واقع الأمر، وإنّما قد يقوم المعارضُ في عقل النّاظر لتقصيره في جمع آلة الاجتهاد أو لِما يعتري النّظرَ من مثارات الغلط، فإنّ الذي أنزل القرآن وأردفه بالبيان ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾(الحجر: 9)، ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾(النحل: 44) هو الذي خلق العقل وركّبه في الإنسان ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴿(الملك: 14).

6. "مَن عَيَّر النّاسَ الشّيءَ ورَضِيه لنفْسه فذاك الأحْمقُ نفسُه".
عجبا ممّن يدّعي وَصْلاً بالعقلِ أن يهجر العقلَ في مقام النّظر! ثمّ أنّ النّاقد يلزمه أن يكون خبيرا بدقائق العلم الذي يتكلّم فيه بَلْهَ بأبجدياته، وإنّ ممّا أثاره المتطفّلُ "سلايمية" من شبهات في مقاله قوله: إنّ الشّيعة ليس عندهم "الصّحيح" الذي لا يقبل النّقد بخلاف أهل السنّة. وهذا افتراءٌ وكذبٌ أو جهلٌ بعقائد الشّيعة وعِِمايَةٌ، ولا أُطيل الكلام ولا أُطَوِّلُ النّقاش في هذه المسألة، فإنّ الشّيعة لهم من المصادر النّقلية الإخبارية ما يعتقدون أنّه فوق النّقد، وإليك أيّها القارئ ما قاله عبد الحسين شرف الدين الشّيعي في كتابه "المراجعات" - وهو أكثر كتب الشّيعة ترويجا بين أبناء السنّة - (المراجعة110): (وأحسن ما جُمع منها [أي كتب الشّيعة] الكتب الأربعة التي هي مرجع الإمامية في أصولهم وفروعهم من الصّدر الأول إلى هذا الزمان، وهي: "الكافي"، و"التهذيب"، و"الاستبصار"، و"مَن لا يحضره الفقيه"، وهي متواترة، ومضامينها مقطوعا بصحتها، و"الكافي" أقدمها وأعظمها وأحسنها وأتقنها، وفيه ستة عشر ألف ومائة وتسعة وتسعون حديثا) ثمّ قال في نهاية هذه المراجعة: (ومَن تتبّع أحوال السّلف من شيعة آل محمّد - صلّى الله عليه وآله وسلّم -، واستقصى أصحاب كلّ من الأئمّة التسعة من ذرية الحسين، وأحصى مؤلفاتهم المدونة على عهد أئمّتهم، واستقرأ الذين رووا عنهم تلك المؤلفات، وحملوا عنهم حديث آل محمّد في فروع الدّين وأصوله من ألوف الرجال، ثمّ ألمّ بحملة هذا العلم في كلّ طبقة طبقة، يدا عن يد من عصر التسعة المعصومين إلى عصرنا هذا، يحصل له القطع الثابت بتواتر مذهب الأئمّة، ولا يرتاب في أنّ جميع ما ندين الله به من فروع وأصول، إنّما هو مأخوذ من آل الرّسول، لا يرتاب في ذلك إلاّ مكابر عنيد، أو جاهل بليد)اهـ.

أما ترى أيّها القارئ أنّ الشّيعة يُرهبون أصحاب العقول الباحثة عن الحقّ إنْ هم انتقدوا كتبَهم المروية عن أئمّتهم "المعصومين" - لأنّهم يدّعون أنّهم يتلقّون عن الله تعالى – بزعمهم، ومَن يفعل ذلك يكون في مرمى كيدهم وقدحهم (مكابر عنيد، أو جاهل بليد)!!. والمتتبع لأدبيات علماء السنّة ومسطوراتهم لا يعثر على مثل هذه الدعوى عندهم، فهم يقولون أنّ "صحيح البخاري" فيه المتواتر، وفيه الآحاد وهو الأكثر عدًّا. ثمّ إنّّ أحاديث الصّحيح ليست على درجة واحدة فهي مرتبتان: أحاديث هي أصول الصّحيح، وإليها القصد بالتّأليف، وعليها يَصدُق مَن يقول: على شرط البخاري. وأمّا الثانية فأحاديث متابعات وشواهد، وفيها المعلقات والبلاغات ...، وهذه المجموعة إذا أطلق لفظ "الصّحيح" تكون غير مقصودة بالوصف عند أهل الحديث، فلا يصحّ للعالم أن يذكر من معلّقات البخاري والبلاغات ثمّ يقول: أخرجه البخاري. ويسكت، فهذا تدليس لا يصحّ، ولا يُقرّه المحدثون من علماء أهل السنّة والجماعة، لأنّ ما ورد معلّقا أو بلاغا (مقطوع السند) فيه الصّحيح وغير الصّحيح.

وعلماء السنّة لم يقولوا: إنّ صحيح البخاري وصحيح مسلم فوق النقد، هذا افتراء عليهم، بل يقولون - بكلّ ثقة -: إنّ أصحّ كتاب بعد كتاب الله تعالى صحيح البخاري وصحيح مسلم. وفرق شاسع بين العبارتين، فالعبارة الأولى باطلة، والعبارة الثانية فيها مُباحَثَة علمية واسعة بين علماء السنّة اتسعت لها دواوين نقد الرّواية بصفة عامّة، كان بطلها أئمّة النقد في مقدمتهم الإمام أبو الحسن علي الدَّارقُطْنِيّ (ت: 385هـ) والإمام أبو علي الغسّاني الجياني(ت: 409هـ)، ولقد بسط فيها الكلام الحافظ ابن حجر العسقلاني(ت: 852هـ) في شرحه على البخاري ثمّ قال: "هذا جميع ما تعقبه الحفاظ النّقاد العارفون بعلل الأسانيد، المطلعون على خفايا الطّرق، وليست كلّها من أفراد البخاري بل شاركه مسلم في كثير منها، كما تراه واضحا ومرقوما عليه رقم مسلم، وهو صورة (م)، وعِدّة ذلك اثنان وثلاثون حديثا، فأفراده منها ثمانية وسبعون فقط، وليست كلّها قادحة بل أكثرها الجواب عنه ظاهر والقدح فيه مندفع..."اهـ.

وبعد هذا كلّه، فأهل السنّة لا يدّعون العصمة لأحد من أئمّتهم، ولا لأحد مِن قبلهم ولا لِمَن بعدهم، والمعصوم هو صاحب الرّسالة - فقط – محمّد بن عبد الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم -، ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)﴾(النّجم).

7. تزوير وتلبيس أو جهل وعمى.
عقيدة "عِصمة" الأئمّة عند الشّيعة من أصول مذهبهم، وهذا أمر مشهور معلوم لسائر الطّوائف المخالفة لهم، ولا أظن أن يُحتاج لنقلٍ في هذه المسألة، ولكن لِكَوْن "سلايمية" جاهل لعقيدة الشّيعة أذكر ما رواه الكليني في أصول الكافي (1/196) أن أبا عبدالله (ع) قال: "ما جاء به عليّ آخذُ به وما نهى عنه انتهي عنه ... الْمُتَعَقِبُ عليه في شيء من أحكامه كالمتعقب على الله وعلى رسوله, والرّادُ عليه في صغيرة أو كبيرة على حدّ الشّرك بالله". وقال ابن بابويه القُمِّي في "اعتقادات الصدوق" (ص: 108): "مَن نفى عنهم العصمة في شيء من أحوالهم فقد جهّلهم، ومَن جهّلهم فهو كافر".

أما ترى أيّها القارئ أنّ "سلايمية" - لمّا قال: أنّ (الشّيعة لا يوجد عندهم كتاب بعد القرآن الكريم لا يجوز نقده ولا يجوز ردّ بعض الأحاديث التي فيه إذا تعارضت مع العقل والقرآن، فلا يوجد عندهم كتاب اسمه "الصّحيح" إلاّ القرآن والبقية قابلة للنقد والرفض والقبول وفق منطق القرآن والعقول) - يكون مزورا للحقائق أو جاهلا بها، متعالما على النّاس، ولو قال هذا الكلام داخلَ حسينية شيعية لرُدّ على وجهه، لما فيه من نفي العصمة عن أئمّتهم، فإنّ الشّيعة لا يسألون أئمّتهم دليلا على صحّة أقوالهم، ولا مُعقِّب لأقوالهم، لأنّهم يعتقدون أنّهم لا يقولون إلاّ حقّا. مَن انتقد أقوال أئمّة الشّيعة ووازنها بميزان القرآن والعقول فهو كافر عند أتباعهم!!

8. "إِنَّمَا شِفَاءُ الْعيِّ السُّؤَالُ"( )
وممّا أثاره المتطفّلُ "سلايمية" من الشّبهات - أيضا - في مقاله: إنّ أهل السنّة والجماعة يُلغون العقل ويعتمدون على النّقل وحده من السنّة المطهرة والموضوعة التي "يزعمون أنّها مطهّرة" ولو خالف القرآن والعقل، ومن صنوف هذا النّقل المنسوب إلى الرسول الأعظم، والرسول منه بريء: أنّه هَمَّ بإلقاء نفسه من شاهق. وهذا جهلٌ بما عند أهل السنّة، وبهتانٌ عليهم من المتعالم "سلايمية"، بل هم يقولون - بملء أفواههم قد ضجُّوا بها الثقلين -: إنّ هذا الخبر ذكره البخاري بلاغا عن ابن شهاب الزهري، فهو مرسل لا يصحّ إسناده، ولم يصله ثقةٌ مرضيُ الرّواية عند أهل العلم، مع مخالفة قاعدة حفظ النّفس وهي من الضروريات، وقد ثبت "عن أَبِى هُرَيرَةَ - رضي الله عنه - عنِ النَّبِيِّ - صلّى الله عليه وآله وسلّم – قَالَ: "مَن تَرَدَّى مِن جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفسَهُ، فَهوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا" (متفق عليه). فالحديث ضعيف إسناداً، منكر متناً، ومَن أراد التّفصيل فليراجع مصادر أهل العلم أو المراجع التي تحيل عليها مثل"سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمّة"، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، (ج: 10، ص: 450 ، رقم: 4858).

9. وليس يَصحُّ العقلُ مِن فاسد الحِسِّ( )
وممّا أثاره المتطفّلُ "سلايمية" من الشبهات - أيضا - في مقاله: إنّ الشّيعة يوافقون العقل في قولهم: إنّ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - دخل بأم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها – وعمرها مابين 14 و17 سنة، بخلاف أهل السنّة يقولون 9 سنوات.

من سوآت التّطفُّل في المعارف أن يَهْرِف الدّخيلُ بما لا يعرف، أَوَ لا يُفرّق طلابُ العلم بين الحكم العقلي وبين غيره من الأحكام؟! إنّ العقل يقرّر الإثبات أو النّفي في أحكامه (واجب الوجود – مستحيل الوجود – ممكن الوجود)، وقضية دخول رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم – بأمّ المؤمنين عائشة الصدّيقة ابنة الصدّيق - رضي الله عنهما – هي من الممكنات، وليست من المستحيلات، فكيف يرجّح عقل "سلايمية" بين الممكنات؟! - عفوا - بل فكيف يرجّح العقل الصّحيح بين الممكنات؟ جواب ذلك يرجع إلى طبيعة القضايا الممكنة، فلمّا كانت المسألة التي أثارها "سلايمية" قضية خبرية لزم المنهجُ أن يستحضر قواعد نقد الأخبار، لا أن يُطلق الأحكام جزافا دون ميزان العدل.

وخَبَرُ النّبي - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أنّه بنى بأمّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها – وهي ابنة تسع (9) سنين متفق عليه، أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما في دواوين السنّة، فعند البخاري(رقم: 3605) عن عَائِشَةَ، قَالَت: تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ - صلّى الله عليه وآله وسلّم -، وَأَنَا بِنتُ سِتِّ سِنِينَ، فَقَدِمنَا الْمَدِينَةَ، فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ، فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ شَعرِي، فَوَفَى جُمَيْمَةً، فَأَتَتْنِي أُمِّي، أُمُّ رُومَانَ، وَإنِّي لَفِي أُرجُوحَةٍ، وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي، فَصَرَخَت بِي فَأَتَيْتُهَا لاَ أَدْرِي مَا تُرِيد بِي، فَأَخَذَت بِيَدِي حَتَّى أَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ، وَإِنِّي لأَنْهجُ حَتَّى سَكَنَ بَعضُ نَفَسِي، ثُمَّ أَخَذَت شَيْئًا مِن مَاءٍ فَمَسَحَت بِهِ وَجهِي وَرَأسِي، ثُمَّ أَدْخَلَتنِي الدَّارَ، فَإِذَا نِسوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي الْبَيتِ، فَقُلنَ: عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيرِ طَائِرٍ. فَأَسلَمَتنِي إِلَيهِنَّ، فَأَصلَحنَ مِن شَأنِي، فَلَم يَرُعْنِي إِلاَّ رَسُولُ اللهِ - صلّى الله عليه وآله وسلّم - ضُحًى، فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيهِ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنتُ تِسعِ سِنِينَ"(كتاب مناقب الأنصار، أطرافه: 3896، 5133، 5134، 5156، 5158، 5160). وعند مسلم( رقم: 2550) عَن عَائِشَةَ قَالَت: تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلّى الله عليه وآله وسلّم - وَهِيَ بِنتُ سِتٍّ، وَبَنَى بِهَا وَهِيَ بِنتُ تِسعٍ، وَمَاتَ عَنهَا وَهِيَ بِنتُ ثَمَانَ عَشْرَةَ". فليت شعري لسلايمية أن يُظهر علل هذه الأحاديث الصّحيحة الْمُعتَبَرة عند العالِمِين بقواعد الرّواية وطرق الدّراية، أمْ أنّ الخبر لا يجري على مألوف عقله الممتلئ بشبهات الحاقدين على رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم -! فهو أسير تصورات واهمة لقولها - رضي الله عنها - "فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيهِنَّ"، أمْ أنّ المطيقة للنّكاح لا تلعب بالأُرجُوحَة! فلعلّ "سلايمية"لم ير في عالمنا الجديد تهافت النّساء على اللّعب، بل صارت الأُرجُوحَةُ في أفنية الدور الميسورات وحدائقها منتشرة! أم أنّ كلّ ابنة تسع سنين لا تتحمّل المعاشرة الجنسية عادة! وهذا باطل بحوادث الواقع فكثيرات منهنّ حملن وأنجبن، والخبر اليقين في المستشفيات الغربية وهيئات حقوق الطفل العالمية...

10. "إذا ذُكر العلماءُ فمالكٌ النّجمُ"
إنّ الخصومة تقتضي استحضار البيّنات، ولكن ما العمل أمام خصم لا يتورع عن البَهْت، بالله عليك يا "سلايمية" مَن قال من علماء السنّة: أنّ الإمام مالك هالك. فإن لم يكن قد قالها أعداءُ السنّة فلم يقلها أحد، كيف لا يقولها أعداء السنّة والإمام مالك – رحمه الله تعالى – يقول لمّا سُئِلَ عن الرّافضة: "لا تكلّمهم ولا تروِ عنهم، فإنهم يكذِبون"، فأهل السنّة يرددون قول رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم – "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم"، فهم يعتقدون أنّ أفضل الأمّة في كلّ عصر علماؤها الربّانيون مصداقا لقول رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم -: "إنَّ فَضلَ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضلِ القَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الأَنبِيَاءَ لَم يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرهَمًا، وَرَّثُوا العِلمَ، فَمَن أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ"( )، ولازال فينا حبُّ مالك بن أنس – رحمه الله – شعارا للزوم السنّة.

11. "أََكْذَبُ مِن حُجَيْنَةَ
ادّعى "سلايمية" أنّ السّلفية - يكفرون الإباضية، (ويكفرون كلّ أبناء المذاهب الأخرى من أشاعرة ومعتزلة وشيعة). جهلٌ بالْمُصطلح، وكذبٌ في الادِّعاء، وتخليطٌ بين الأقوال. إنّ السّلفية منهجُ تلقي فقه الدّين، فمَن كانت مصادرُ علمِه كتاب الله تعالى، وسنّة النبيّ - صلّى الله عليه وآله وسلّم -، وإجماع الأمّة، وزكّى الصّحابة - رضي الله عنهم - فيما نقلوه عن رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم -، ولم يخرج عن أقوالهم فيما اختلفوا فيه، وأحبّ أئمّة السّلف من أهل القرون الأولى، منهم أبو حنيفة ومالك بن أنس والشّافعي وأحمد بن حنبل، والْتَمَس لهم الأعذار فيما اختلفوا فيه، وحمله على أحسن المحامل التي تليق بهم - رحمة الله عليهم جميعا -، ولم يَرُم التّوفيق بين الوحيين وبين الفلسفة، ولا قدّم عليهما قواعد المتكلّمين بالتّأويل، فهو سلفي التّلقي، فمَن قال: إنّ السّلفية ذهبت إلى كذا .. فهو يزعم أنّ طائفة من أهل السنّة ذهبت ذلك المذهب، والأشعريةُ من أهل السنّة والجماعة، والخلافُ بينهم وبين أهل الحديث خلافٌ لا يقع به التّكفير.

و"سلايمية" مطالَبٌ باستحضار أمثلة من أقوال المكفّرين للأشاعرة والإباضية، والمعتزلة وغير غلاة الشّيعة، ومِن عجيب أمر هذا المسكين التّخليطُ بين المصطلحات، ففي مقاله "الاعتزال في جزيرتي ضيق الصدر وقلّة العلم" يهاجم علماء أهل السنّة ويتّهمهم بتزوير الحقائق التاريخية، وهو حينها لا يُميّز بين مذاهب أهل السنّة، ويسمّي علماء بأعيانهم، منهم أبو بكر بن العربي المعافري صاحب العواصم من القواصم، وهو أشعري العقيدة مالكي الفقه، عَلَمٌ من أعلام أهل السنّة والجماعة، مصادر تلقيه كتاب الله تعالى وسنّة النبيّ - صلّى الله عليه وآله وسلّم -، وإجماع الأمّة، ثمّ هو يدّعي أنّ التّزوير تمارسه (أغلبية كتب الأحاديث حيث ترى الأجيال السابقة تغرق في الخيرية الملائكية المحضة من خلال حديث "خيركم قرني ثمّ الذين يلونهم ثمّ الدين يلونهم"، وهي الثقافة المروجة في جميع أجيالنا عبر هذا الحديث كما يشتهي علماء التبرير)، فكيف يرفع عقيرته للدّفاع عن الأشاعرة بعدما وصفهم بأنّهم علماء التبرير لمآسي آل البيت .. ؟!!

12. "مَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ"( )
ليس عجبا أن يدّعي "سلايمية" دعاوى لا يحتملها التّاريخ وتأباها المناهج مادام يُحقّق بها اندِساسَه بين أهل السنّة والجماعة، أَوَ يُعقل أن نصدّق مَن يخبرنا أنّ جمعية العلماء الجزائريين ضمّت بين صفوفها بعض الجزائريين الشّيعة؟! وهل كان للشّيعة ذكرٌ في الجزائر قبل تواجد الخميني في فرنسا واتصال بعض الطلبة الجزائريين به؟ إنّ أبجديات الجمعية كلّها تحقّق هويّة أهل السنّة والجماعة وتجعل من الصّحابة أمثلةَ الاستقامة للأجيال النّاشئة، ولرفع اللّغط على "سلايمية" وأمثاله نطالبه أن يستحضر شخصيات شيعية كانت لها مشاركة ضمن جمعية العلماء الجزائريين ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾[النمل: 64].

13. جمعية العلماء وموقفها من الطرقية
قال "سلايمية" أنّ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ضمّت بين صفوفها أشخاص من الطرقية ومثَّلَ لذلك بالشّيخ محمّد آل خليفة شاعر الجمعية – رحمه الله – وقال: أنّه تيجاني. والسؤال المتبادر - إن صحّ كون محمّد آل خليفة نشأ تيجانيا – هل بقي الشّيخ يمارس أوراد طريقته وطقوسها بعد انخراطه في نشاطات جمعية العلماء المسلمين؟ أم أنّه صار عالما إصلاحيا يحمل فكر الجمعية ومبادئها؟ ومن المعلوم المشهور أنّ الصّراع كان - ومازال – بين الجمعية وبين الطّرق الصّوفية محتدما، ومنشورات الجمعية مستوعِبةٌ لمقالات الشّيخ البشير الإبراهيمي، منكرة على الطرق الصوفية بدعهم وانحرافهم ومن بينها "الطريقة التيجانية"، وفي هذا المقام ننقل بعض كلام الشّيخ الإبراهيمي في علاقة الجمعية بالطرقية وموقفها منها، قال - رحمه الله -: "لم يكن تأسيس جمعية العلماء المسلمين خفيف الوقع على الجماعات التي ألِفت استغلال جهل الأمّة وسذاجتها وعاشت على موتها، ولكن التيار كان جارفا لا يقوم له شيء، فما كان من تلك الجماعات إلاّ أن سايرت الجمعية في الظّاهر وأسرّت لها الكيد في الباطن، وكان المجلس الإداري الذي تألّف بالاختيار في السّنة الأولى غير منقّح ولا منسجم لمكان العجلة والتّسامح، فكان من بين أعضائه أولو بقيّة يخضعون للزوايا وأصحابها رَغَبا ورَهَبا، وكان وُجودهم في مجلس الإدارة مُسلّيا لشيوخ الطّرق ومخفّفا من تشاؤمهم بالجمعية لسهولة استخدامهم لهم عند الحاجة، فإمّا أن يتخذوهم أدوات لإفساد الجمعية وإسقاطها، وإمّا أن يتذرّعوا بهم لتصريفها في مصالحهم وأهوائهم. أمّا المصلحون فقد صرّحوا من أوّل يوم بأنّهم سائرون بهذه الجمعية على المبدأ الذي كانوا سائرين عليه من قبلها، ومنه محاربة البدع والخرافات والأباطيل والضلالات ومقاومة الشّر من أي ناحية جاء" أهـ. [أثار محمد البشير الإبراهيمي، جمع وتقديم: أحمد طالب الإبراهيمي، ط:1، سنة:1997م، بيروت، مط: دار الغرب الإسلامي، ج: 1 ، ص: 188]، وقال: "وانظر الآن إلى الطُّرق وإلى أهل الطّرق بعد أن باعدوا بين الأمّة الإسلامية وبين قرآنها، وخلا لهم وجهها، وخلت جنبات النّفوس من الحارس اليقظ، ومكّنوا فيها خُلُق الخوف منهم والرجاء فيهم والطّاعة والخضوع لهم ... إنّهم بعد أن أفسدوا فطرتها وأماتوا ما غرسه الإسلام فيها من فضيلة، وفكّكوا كلّ ما أحكم بينها من روابط أخوّة، وراضوها على الذلّ والمهانة والخضوع وسدّوا عليها منافذ النّور فاستقامت لهم على ذلك، فرّقوها فرقا وقسّموها إلى مناطق نفوذ يتزاحمون على استغلالها واستعمارها، وأغروا بينها العداوة والتضريب والبغضاء، وإنّك لتسمعهم يقولون الأخوّة والإخوان، فاعلم أنّهم لا يريدون أخوّة الإسلام العامّة ولا يرعون من حقوقها حقّا، وإنّما يريدون أخوّة الشّيخ وأخوّة الطّريق، وكلّ ما يجب عليك من حقّ فهو لأخيك في الطّريق – أعاذك الله منها -، وأنّ هذه الأخوّة القاطعة تفرض عليهم أن يبغضوا كلّ مَن لم يتصل معهم بحبل الشّيخ، ويُنابذوه ولا يجتمعوا معه ولو في العبادات الشّرعيّة كالصّلاة وقراءة القرآن، أو البدعيّة كحِلَقِهم الخصوصيّة، بل يبلغ الغلو ببعضهم (كالتيجانيّة) أن لا يصلّوا خلفه ولا يصاهروه ... لعمرك إنّ الطرقيّة في صميم حقيقتها احتكار لاستغلال المواهب والقوى، واستعمار بمعناه العصري الواسع، واستبداد بأفضع صوره ومظاهره ..." أهـ. [أثار الإبراهيمي، ج: 1 ، ص: 172]، إنّ علماء الجمعية لم ينكروا على الطرقيين نشأتهم التي كانت بفعل الوراثة الواقعية، وإنّما أنكروا عليهم تدينهم بغير الهدي النّبوي وما بان من مسالك علماء السّلف – رضي الله عنهم – وإذا أردت الاستزادة من موقف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين من الفِرق فوثائق الجمعية مطبوعة منشورة من بينها مقال "فلسفة جمعية العلماء" للشيخ البشير الذي أخذت منه كلامه السّابق، وقد كتبه في سبتمبر سنة 1935م.

ومن عيون ما كتبه الشيخ عبد الحميد بن باديس- رحمه الله – في هدف تأسيس صحيفة الشّهاب، قال: "هو الرجوع بالمسلمين إلى جوهر دينهم الأصلي البريء من جميع الضلالات والخرفات والتعصبات، المحرِّر للعقول، المهذِّب للنفوس، والسّاعي بالإنسانية إلى الصراط المستقيم، إلى سعادة الدّارين، ولمّا كانت الطُرُق في معظم أمرها منبعا لكثير من هذه المهلكات، وقف الشّهاب لها وقفاته المعروفة لنقدها ومحاولة إصلاحها" أهـ. (نقلا: صراع بين السنة والبدعة، للشيخ أحمد حماني، ط: ج:1، ص: 60 ). ونتيجة فضح أمر الطرقية في الجزائر سعت الطريقة "العْلِيوِيَة" - التي كان شيخها يومئذ أحمد بن عليوة المستغانمي - في محاولة يائسة لاغتيال الشيخ عبد الحميد بن باديس مساء 09 جمادى الآخرة 1345هـ الموافق لـ 14 ديسمبر 1926م. [ينظر: صراع بين السنة والبدعة، للشيخ أحمد حماني، ط: ج:1، ص: 60 وما بعدها].

14. ﴿قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ﴾
قال "سلايمية": (وفي الحلقتين السّابقتين محلّ النّقاش سقطت هذا الفقرة التي تحدّث فيها عن منهاج السنّة لابن تيمية وهي بين قوسين أمام القارئ الآن "وكيف ألحق هؤلاء الظلمة بالخلفاء الراشدين ليكونوا في نظر الأمّة من الأئمّة الأعلام فسقطت إلاّ "رفع الملام عن الأئمّة الأعلام" ففهم "الدكتور" أنّ ابن تيمية قد نسبهم إلى الأئمّة في هذا الكتاب وهذا دليل على أنّه لم يقرأ لابن تيمية منهاج السنّة أصلا)أهـ.

هَبْ أنّ "الدكتور"لم يقرأ لابن تيمية "منهاج السنّة" أصلا، أيكون ذلك فحولة أن تكذب على الرّجال؟! أم أنّك تريد أن تواري سَوْأَةَ جهلِك، ولن تستطيع أن تكون أَرْوَغَ مِن ثَعْلب، فهاك ما كتبت يدُك بعد التّصحيح الذي زعمت، ونرى هل يستقيم المعنى كما ادعيت أم أنّ المعنى يبقى دالاّ على ما فهمه "الدكتور"، لقد قلتَ: (لاسيما إذا اكتشفتْ [الأجيال اللاّحقة] وهي تطالع بنَهَم "لاعبا مراوغا" باسم مشيخة الإسلام يبرر ليزيد بن أبي سفيان استباحة مدينة الرسول ثلاثة أيام وأدخله وأدخل قبله أباه ومن بعدهما مروان والوليد وكلّ طغاة الجناحين المرواني والسفياني جنّة المأوى من أي أبوابها الثمانية شاءوا كمجتهدين مأجورين على الخطأ في الاجتهاد الذي كان في استحلال دماء وفروج وأعراض الأطهار من المسلمين وكيف ألحق هؤلاء الظلمة بالخلفاء الراشدين ليكونوا في نظر الأمّة من الأئمّة الأعلام في كتاب "رفع الملام عن الأئمّة الأعلام")أهـ.[من مقال: الاعتزال في جزيرتي ضيق الصدر وقلّة العلم]. بأي لغة تتكلّم يا مَن ترى القُرّاء أغبياء، وهل هذا السّقط – حتى وإنْ كان صدقا – يغيّر من المعنى الواضح من أنّ ابن تيمية – رحمه الله – ذكر ذلك في كتاب "رفع الملام عن الأئمّة الأعلام"، أنا لا أنتظر منك التّوبة والاعتراف بالخطأ، ولكن أعرف كثيرا من المخالفين لابن تيمية لا يكذبون عليه ولا على خصومهم، الفحولةُ ليست بَصْمَة في وثائق الهُويّة، وإنّما هي صدق في المقال وشجاعة في النِزال، ابن تيميّة يصرُخُ بملء فيه: أنّ "الخوارج والمروانية وكثير من المعتزلة وغيرهم يقدحون في عليّ - رضي الله عنه -، وكلُّهم مخطئون في ذلك، ضالّون مبتدعون، وخطأُ الشّيعةِ في القدح في أبي بكر وعمر أعظمُ من خطأ أولئك"[منهاج السنّة، القاهرة، ط: 1، 1423هـ/2002م، دار الآثار، ج: 4، ص: 457].

15. "باحِثةٍ عن حَتْفها بظِلْفها"
المسكين "سلايمية" يَحِيد عن محلّ البحث ليُثير الغَبَش ويُوهِم الأعشى بأنّه مُحدِّث جامع، إنّ الكلام عن حديث النّبي - صلّى الله عليه وآله وسلّم -: "كتاب الله وسنّتي" لم يكن كلاما مبتَدَأ مؤسِسا لحكم درجة الحديث من الصّحة أو الضعف، وإنّما هو ردّ على شُبهتك التي أطلقتها في مقالة "الاعتزال"، فقلتَ: "(كتاب الله وسنّتي) هو في الموطأ بدون إسناد، ومَن أسندوه أجمعوا على ضعفه، وهم من المحقّقين الكبار المختصين في الحديث"أهـ. قلتُ لك: هذا كذب على العلماء لم يُجمعوا على ذلك، وقد صحّح مِن أهل الحديث ابن عبد البر والحاكم النيسابوري، وحسّنه السّيوطي في الجامع الصّغير، وصحّحه الألباني أيضا، ثمّ قلتُ: "والمسألة لا تحتاج إلى كثير كلام، فإنّ التّحاكم إلى الكتاب والسنّة معلوم بالضرورة لا ينكره عوام المسلمين فكيف يرده أهل العلم منهم، والغرض بيان خطأ إدعاء الإجماع على ضعف الحديث، وقد ظهر ولله الحمد والمنّة"أهـ من [طفح الكيل].

وبعد هذا الجلاء من الكلام، يبدو أنّني أخاطب أصم لا يعقل قوانين الجدل، يقول بحماس منقطع النّظير: "كتاب الله وسنّتي: ليس بسند صحيح قط، فكلّ الطّرق التي وردت بها هذه الرّواية ضعيفة، ونحن سنستعرض طرقها ونبين جهة الضعف في سندها"أهـ من [الخلق المتسامي]. الله أكبر محدّث نحرير ولا ندري .. ما لي أراك لا تعرف قَبِيلاً مِن دَبِير!! جمعتَ كلاما من كتب أهل السنّة عن حديث السنّة، وهذا وسام صدقِ أهلِ الحديث في نقد مروياتهم، وكثيرٌ من حملة العلم تكلّم فيهم أقرانُهم وهم من الثِّقات، وقد ألّف الإمام الذهبي كتاب "الرّواة الثِّقات الْمُتكلَّم فيهم بما لا يُوجِب ردّهم" حقّقه محمّد إبراهيم الموصلي، ونشرته دار البشائر الإسلامية اللبنانية سنة: 1412هـ/ 1992م، وأنت لست من أهل هذا الفن النّبيل حتى تُدخِل ظِلَفك في ثغره، وحسبك أن تعلم أنّ السنّة أصلٌ من أصول الدّين لا يُنكِر ذلك إلاّ جاهل مبتدع، واعلم أنّ الدندنة حول مثالب المروانية والسفيانية والبكاء على أطلال الكِسروية المتوارية بآل البيت لا يحقّق أمنا، ولا يبني أمّة، ولا يجلب فخرا، بل يترك خِزيا، ويُفجِر شرّا، وأراك داعية فتنة تطلب ملك الفاطميين بين شباب الأمّة.

16. لا تحسب أنّ كلّ بيضاء شحمة، ولا تظن أنّ كلّ سوداء ثمرة
تتجاوز الأمم أسباب الانتكاس لَمّا تُسلّم لأهل العافية قيادتها، أمّا إذا امتطاها القَشّاشُ والرمّامُ، وملك أمرها الرُّوَيْبِضَةُ، وهجرها العالِمون، ومَن بقي فيها من الصّالحين تتبّع القَطْرَ في وِهاد الخُمول، إذا كان هذا حالها طال ليلُها، وحَلَك ظلامُها، وتَطَلَّب العَتاقُ - بفتح العين - نفاسَةَ الْمَبْذُول مع جزالة العطاء، وطالبُ الحسناء لا يستكثر المهر. ولكن مِن عادة الأقزام استهجان الفارِع من الأشياء لصعوبة اعتلائه، وإذا اعتبر نظر إلى قَيْسِه ليَنْسُج على منواله.









رد مع اقتباس
قديم 2014-02-24, 14:43   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الكيفاني
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

يرفع رفع الله قدر أهل السنة والصحابة الأبرار










رد مع اقتباس
قديم 2014-02-24, 16:45   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
Trilli555
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2014-02-28, 22:22   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
الكيفاني
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

وفيك بارك الله










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
محتار, المتستر, الدكتور, الساحق, الشيعي, حمحامي, سلايمية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 20:35

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc