يجعل الأطراف يتقاعسون عن متابعة حقوقهم بجدية أمام قاضي الموضوع مما قد يضر بمصلحة احد الأطراف المتنازعة خاصة وأن المشرع لم يشترط لطلب فرض الحراسة أن ترفع دعوى بموضوع النزاع أمام الجهة القضائية المختصة بل يكفي مجرد الخلاف بين صاحبي المصلحة ، مما يجعل من الحراسة القضائية في بعض الأحيان إجراء تعسفيي لا يقصد من ورائه إلا الإضرار بالطرف الآخر من جهة وينزع عن الحراسة القضائية صفة التأقيت ويضفي عليها صفة الديمومة والاستمرارية غير انه ليس هناك ما يمنع المتضرر من فرض الحراسة القضائية أن يتقدم بطلب رفعها إذا ثبت عدم جدية المنازعة ونية الإضرار ، أو إذا زال الخطر الذي كان سببا في قيامها ، خاصة إذا استمرت مدة من الزمن دون أن يتبين جدية النزاع ، وبالرغم من انه لا يكفي رفع دعوى بالموضوع للقول بجدية النزاع فليس هناك ما يمنع المشرع مــــن أن يــــقيد قــــبول طــلب الحراسة بضرورة عرض النزاع في موضوعه على الجـــهة المختـــصة تحت طائلة رفع الحــــراسة الـــــقضائية إذا لــــم ترفــــع دعوى الــــموضوع خــــلال مــــدة مـــعينة أسوة بشرط المدة المقررة في الحجز التحفظي أو تقديم كفالة تناسب المال المطلوب وضعه تحت الحراسة (2)..
ب- إجراءات السير في دعوى الحراسة القضائية :
بعد فحص ملف الدعوى من قبل قاضي الاستعجال من حيث مدى مراعاة الإجراءات الدعوى وشروط قبولها والوثائق والمستندات المقدمة من قبل الخصوم المدعمة لادعاءاتهم ،ووصوله إلى قناعة بضرورة فرض الحراسة القضائية يصدر حكمه بفرض الحراسة القضائية فيعين حارسا قضائيا ، يحدد له المهمة التي يقوم بها موضحا له التزاماته وحقوقه وسلطته والمدة التي تمكنه من ذلك . وهذا حتى يفهم الحارس مهمته وينفذها بشكل سليم . وعليه سنبرز خلال هذا العنصر الحكم الصادر بدعوى الحراسة القضائية وتنفيذه وطرق الطعن فيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حمدي باشا عمر .القضاء العقاري .قرار رقم 62635مؤرخ في :30/01/1989 م ق1990 عدد 04.ص 78
(2) - الحراسة القضائية مذكرة ماجستير ـ الطالب بوعليلي احمد ـ ص27
1- الحكم الصادر في دعوى الحراسة القضائية :
◄ - تعيين الحـــارس القضـــائي
1)
تجيز المادة 605 من القانون المدني للأطراف المعنية تعيين الحارس القضائي باتفاقهم جميعا كما تجيز للقضاء القيام بتعيينه إذا لم يحصل اتفاق الأطراف على ذلك بالنص كما يلي :"يعين الفريقان الحارس بإتفاقهما فإن لم يحصل الإنفاق فالقاضي هو الذي يعين الحارس " وعليه سنتطرق في نقطة أولى إلى تعيين الحارس القضائي باتفاق الأطراف ثم في نقطة ثانية إلى تعيين الحارس القضائي من قبل القضاء.
◙ تعيين الحارس القضائي باتفاق الأطراف : اتفاق الأطراف على تعيين حارس قضائي لا يعتبر أصلا في الحراسة الاتفاقية فقط و إنما يعتبر كذلك في الحراسة القضائية. فمتى اتفق أطراف النزاع على مبدأ الحراسة – الحراسة الاتفاقية أو الحراسة القضائية ـــ فان أمر تعيين الحارس يترك في كل الحالتين للمتنازعين إذا أمكنهم الإجماع على ذلك. فان لم يحصل الاتفاق تدخل القاضي لتعيين الحارس القضائي بدلا من الأطراف اللذين فشلوا في ذلك.
غير أن اتفاق جميع الأطراف على تعيين شخص ما حارسا قضائيا لا يعني أن الحراسة القضائية تتحول إلى حراسة اتفاقية، لأن العبرة في كون الحراسة اتفاقية أو قضائية تسند للجهة التي فرضت الحراسة في ذاتها، إما جهة الأطراف باتفاقهم عليها أو جهة القضاء بالأمر بها، أما و أن مبدأ الحراسة قد تقرر من طرف إحدى الجهتين فان تعيين الحارس لا يعني أن يكون تابعا لذلك المبدأ، و عليه إذا كانت الحراسة اتفاقية فان طبيعتها لا تتغير و إن تم تعيين الحارس من طرف القضاء.و إذا كانت الحراسة قضائية فان طبيعتها أيضا لا تتغير و إن كان الأطراف هم اللذين اتفقوا على تعيين الحارس، و توضيحا لذلك فان وقوع أي نزاع بين الشركاء في مال مشترك، و طلب بعضهم من القضاء وضعه تحت الحراسة ثم حصل اتفاق بين أغلبيتهم على شخص الحارس القضائي فان القاضي المختص الذي أمر بوضع هذا المال تحت الحراسة القضائية يأخذ برأي هذه الأغلبية و يعين الحارس المتفــق عليــه.(2)
و هكذا إذا اتفق ذوي الشأن جميعا على تعيين شخص يكون حارسا قضائيا وجب على القضاء تعيين هذا الشخص. أما إذا لم يحصل هذا الإجماع على تعيين شخص الحارس القضائي فللقاضي السلطة المطلقة بتعيينه وهذا ما نعالجه في النقطة التالية:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1)- بالنسبة لتنحي الحارس القضائي فانه يجوز للحارس القضائي أن يطلب إعفاءه من مهمته إذا أصبح متعذرا عليه القيام بها كالمرض و العجز وضرورة السفر وتقدر المحكمة أسباب التنحي فان رأت فيها وجها أعفته وإلا ألزمته بالبقاء في الحراسة.كما أن عزله واستبداله بآخر يتم برفع دعوى أمام القاضي المستعجل عند الاستعجال و يمكن رفعها أمام المحكمة التي عينت الحارس ويرفع الدعوى أي شخص له مصلحة فيها وذلك في مواجهة الخصوم في دعوى الحراسة ومواجهة الحارس المطلوب عزله واستبداله إذا تبين للمحكمة جدية المطاعن قضت بعزله و استبداله أو عينت حارس معه ويحق للحارس استئناف الحكم بعزله: المحامي وسيم ياسين الحراسة القضائية في القانون المدني السوري__ الموقع السوري للاستشارات والدراسات القانونية
2)- غير أنه يشترط في ذلك ألا يوجه أحد من أصحاب الأقلية أو كلهم أي مطعن ضد الحارس القضائي المعين من طرف الأغلبية من شأنه إضعاف الثقة به، إذ في هذه الحالة إذا تبين لقاضي المستعجلات جدية ذلك المطعن فانه يرفض تعيين ذلك الحارس و يختار أخرا، لأن رأي الأغلبية يلزم الأقلية في حدود ما نصت عليه المادة 917 من ق. ل. ع فهو لا يلزم قاضي المستعجلات ذلك أن مجال تطبيق أحكام إدارة المال الشائع الوارد في المادة 971 و 972 من ق. ع. ل يختلف عن مجال تطبيق أحكام الحراسة على منقول أو عقار قام بشأنه نزاع و كانت تجمعت لدى صاحب المصلحة فيه من الأسباب المعقولة ما يخشى منه خطرا عاجلا من بقاء المال تحت يد حائزه، فان البث بخصوص هذا النزاع يدخل فيما نصت عليه المواد 819 و ما بعدها من ق. ل. ع المنظمة للحراسة و يكون تعيين الحارس القضائي باتفاق ذوي الشأن جميعا فإذا لم يتفقوا تولى القاضي تعيينه وفقا للمادة 819 من ق. ل. ع و عليه إذا فرضت الحراسة القضائية على مال شائع تعين على القضاء تطبيق أحكام الحراسة في شأن هذا النزاع.
◙ تعيين الحارس القضائي من طرف القضاء .
انطلاقا من المادة السالفة الذكر يتعين على القضاء إذا اتفق ذوي الشأن جميعا على تعيين شخص يكون حارسا قضائيا أن يعين هذا الشخص. أما إذا لم يحصل هذا الإجماع على تعيين شخص الحارس القضائي فللقاضي السلطة المطلقة بتعيينه، و قد يعين شخصا تتفق عليه أغلبية الأطراف و قد لا يعينه إذا قدمت الأقلية أدلة تثبت عدم كفاءة الشخص المقترح من طرف الأغلبية(1). وهذا الشخص قد يكون أحد الأطراف أو أحدا من غير الأطراف .كما يمكن أن يكون شخصا بمفرده أو عدة أشخاص
- اختيار أحـد الطرفيـن حارســا قضائيــا.
يجوز تعيين أحد الطرفين المتخاصمين حارسا إذا اتفق الطرفان على ذلك, أو إذا رأى القاضي أن في تعيينه مصلحة محققة للطرفين و ذلك أخدا من عموم نص المادة 605 من القانون المدني التي تقرر أن تعيين الحارس يكون باتفاق الفريقين فإذا لم يتفقوا تولى القاضي ذلك. وتقوم المحكمة عادة بتعيين أحد الطرفين في الحراسة إذا لمست فيه الكفاءة في الإدارة و الاستقلال في العمل و أنه يمكنه القيام بمهمته على الوجه الأكمل الصحيح بنزاهة وأمانة خصوصا إذا كان يقبل الحراسة بغير أجر وكانت قيمة الشيء المتنازع عليه قليلة لا تتحمل مصاريف الحراسة الباهظة, ولا يؤثر في تعيين أحد الطرفين في الحراسة منازعة الطرف الآخر في ذلك وعدم رضائه عن هذا التعيين إذا ظهر للمحكمة عدم جدية الطعون الموجهة إلى الحارس وأن في تعيينه صالح للجميع, بل أنه ليس ثمة تضارب في أن تـــــعيين المحكمة المدعى عليه نفسه حارسا قضائيا في الوقت الذي تقضي بفرض الحراسة على المال الذي يضع يده عليه.
كما يكون من الأصوب تعيين حارس على الشركات ومحال التجارة, الشريك القائم بأعمال الإدارة لما في تنصيب أجنبي لا يدري شيئا عن أعمال الشركة وعن كيفية إدارتها من خطر على حقوق الجميع و يعطل الإدارة(2).
- اختيار أجنبي عن الطرفين حارسا قضائيا.
أوضحنـا أنه يجوز أن يختار القاضي أحد الطرفين حارسا, أما إذا كانت مصالـــــح الطرفين متضاربــــة و بينهما من المنازعات و الخصومات ما يشكك في وجود الاستقلال و الــــــنزاهة في كــــل منهما فيجب أن يكون الحارس أجنبيا عن الطرفين ويكون عادة من بين الخبراء المسجلين بالــــجداول المشهود لهم بالنزاهة والذمة و الاستقامة و الاستقلال, أو أي شخص آخر تراه المحكمـــة حائزا لهذه الصفات, ويفضل تعيين الأخير إذا قبل الحراسة بغير أجر متى كانت الأموال المطلوب وضعها تحت الحراسة مستــغرقــــة بالديـــون ولا تــــتحمل أتعاب الحارس المعين من خبراء الجداول, وإذا حالت الظروف دون تعيين خبير من الجدول كما لو كانت إدارة المال تتطلب خبرة خاصة و رأى القاضي أنها غير متوفرة في أحد من خبراء الجدول فلا بأس من أن يعهد بالحراسة إلى أحد من لهم تخصص في هذا المجال ممن يمكن الاطمئنان إليهم وذلك مثل بعض الفنادق الراقية, أو سفن الصيد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
(1)-و هذا التعيين بشخص الحارس القضائي يلزم أطراف النزاع سواء رضوا أو رفضوا ذلك مع حق من لم يرض بذلك التعيين سلوك طرق الطعن المخولة له قانونا أو في
رفع دعوى أمام قاضي الاستعجالات الذي قام بتعيين شخص الحارس القضائي يبين فيها أسباب عدم اقتناعه و عدم رضاه بذلك التعيين حتى إذا تبين لذلك القاضي جدية تلك الأسباب أعاد النظر في ذلك التعيين
(2) محمد علي راتب و نصر الدين كامل ومحمد فاروق راتب. المرجع السابق . ص505.
- حـــالة اختيار أكثـــر من حارس:
قــد لا تكتف المحكمة بتعيين حارس قضائي واحد على العين, بل تعين أكثر من حارس قضائي عليها, كأن تعين حارسين أو ثلاثة لأداء المهمة التي تناط بهم و عند ئد يتعيـــــن عليــــــهم أن يباشروا العمل مجتمعين على الوجه الذي يشير إليه الحكم فإذا أبرم أحدهـــــم عملا قانونيا دون موافقة الباقين فإنه يكون قد خرج عن حدود نيابته, وليس معنى الإشارة في الحكم إلى عملهم مجتمعين أنهم يجب أن يجتمعوا عند إبرام العمل القانوني في وقت واحد بل مـــــــعناه أنه يجب موافقتهم جميعا, بمعنى أنه من المتصور أن يتعاقد أيهم مع الغير في وقت معيــــن ثـــم تصدر موافقة الباقين في وقت لاحق , ويلاحظ من جهة أخرى أنه يجوز إنفرادهم في العمل القانــوني إذا
كان مما لا يحــتاج إطلاقا إلى تبادل الرأي إذ في هذه الصورة تنتفي علة وجوب اجتماع الحراس
لـــكون الأمــر لا يحتاج إلى أي تبادل في الرأي , وبالتالي لا خطر في الإنفراد على مصلحة ذوي الشأن , والمقـــــرر في هذا الصدد أن وفاة أحد الحراس لا تؤدي إلى تعطيل عمل الحراسة , وبالتالي لا تمنع الحــــارس الذي بقي حيا من الاستمرار في أداء عمله, وذلك حفظا لأموال الحراسة إلى أن تتم المهمـــــــة التي عين من أجلها أو يحصل استبدال حارس آخر به , ومسألة تعيين أكثر من حارس يرجى تـــحاشيها قدر الإمكان لما في تعدد الحراس من احتمال وقوع الخلاف و الاضطراب في العمل.
◄التزامات وحقوق الحارس القضائي :
ورد في المادة 606 من القانون المدني على مايلى :" يحدد الاتفاق أو الحكم القاضي بالحراسة ماعلى الحارس من التزامات وماله من حقوق وسلطة ،وإلا تطبق أحكام الوديعة والوكالة بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع الأحكام الآتية" وهكذا يتضح أن المشرع لم يجعل من أمر تحديد التزامات وحقوق وسلطة الحارس القضائي ملزم ، وهذا لاعتباره أن الحراسة كعقد الوديعة والوكالة ومن ثم تكفل ببيان ذلك بنصه على تطبيق أحكامهما مع عدم الإخلال بالأحكام التي أوردها في نصوص متعلقة بالحراسة التي سنتطرق إلى سردها .
ولكن قبل ذلك ،بودنا أن نشير إلى أنه كان من المفيد لو أن تحديد هذه الالتزامات والحقوق والسلطة للحارس القضائي في الحكم القاضي بفرض الحراسة جاء على وجه الإلزام ،بل أن تكون محددة بدقة وهذا من أجل إحكام الرقابة على الحارس وعدم تركه يتلاعب تحت مظلة الفراغات القانونية .
◙ التزامات الحارس القضائي.
-إلتزام الحارس بالمحافظة على الأموال محل الحراسة:
نصت المادة 607 من القانون المدني على أنه :"يلتزم الحارس بالمحافظة على الأموال المعهودة إليه حراستها" فهو ملزم بالمحافظة على هذه الأموال بمراعاة طبيعتها و ما تتطلبه من أعمال لصيانتها , فإذا كانت مباني تعين عليه إجراء الإصلاحات الضرورية اللازمة لصيانتها وحفظ كيانها ومنعها من السقوط و التداعي .و إذا كانت آلات وبضائع أو منقولات فيجب عليه عمل ما يلزم لحفظها و منعها من التلف .
و التزام الحارس بالمحافظة على الأموال لا يقتصر على حفظها مما قد يصيبها من تلف مادي , بل يمتد إلى العمل على تلافي ما قد يعتريها من أضرار ناشئة عن اتخاذ إجراءات إدارية أو قضائية في صددها , فعليه أن يتخذ ما يلزم من إجراءات لقطع التقادم الذي يسري ضد مصلحة هذه الأموال و توقيع الحجوز التحفظية لصالح هذه الأموال , ورفع دعوى الحيازة درءا لما يعتري هذه الأموال أو حفظا لصالحها , و رفع الدعاوى المستعجلة التي يقتضيها مقام المحافظة على مصالح هذه الأموال و دفع المضار عنها , و للدفاع في القضايا التي ترفع على الحراسة .و يحق للحارس صرف المبالغ اللازمة لقيامه بهذا الإلتزام (أي إلتزام المحافظة على الأموال محل الحراسة ) بشرط عدم التغالي فيها.
و على الحارس القضائي أن يبدل في أداء هذا الإلتزام –الالتزام بالمحافظة-عناية الرجل المعتاد يستوي في هذا أن يكون معينا كحارس قضائي بأجر أو أن يكون قد تنازل عن الأجر فأصبح حارسا قضائيا بغير أجر.فهو في الحالتين ملزم بأن يبذل في حفظ الأموال عناية الرجل المعتاد و لا يكتف منه بالعناية التي يبذلها عادة في شؤونه الشخصية إذا كانت دون المتوسط (1)
-إلتـــزام الحارس بإدارة الأموال محل الحراسة:
نصت المادة 607 من القانون المدني .كذلك على التزام الحارس بإدارة الأموال المعهود إليه حراستها .على أنه يجب أن يبذل في هذه الإدارة عناية الرجل المعتاد , ومن المقرر قانونا في أعمال الإدارة أنها تخول إجراء الإيجار لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات , وقبض الحقوق و ما يستتبعه ذلك من دعاوى , ووفاء الديون و القــيام بأعمــــال الصيانــة و الحفظ,كما يدخل في أعمال الإدارة أعـــمال التصرف التي تقتضيهـا أعمـــال الإدارة كبيع المحصول و البضائع وبيع ما يسرع إليه التلف فيما تستلزمه الإدارة وشراء ما يستلزمه المال محل الحراسة من أدوات لحفظه ولاستغلاله و توظيف الموظفين اللازمين لمساعدته على القيام بالمهمة التي كلف بها. ويحق للحارس القضائي صرف المبالغ اللازمة لقيامه بهذا الإلتزام –إدراة المال- بشرط عدم التغالي فيها.
و الأصل أن الحارس القضائي ممنوع من القيام بأعمال التصرف أو أعمال التبرع أو أي عمل من الأعمال التي لا تعتبر من قبيل أعمال الإدارة , و لكن المشرع أجاز واستثناءا تخويل الحارس القيام ببعض أعمال التصرف برضاء ذوي الشأن جميعا أو بترخيص من القضاء وذلك بنص المادة 608 من القانون المدني .
-إلتـــزام الحارس بعدم إحلال ذوي الشأن محله في مهمته:
نصت الفقرة الثانية من المادة 607 من القانون المدني على أنه لا يجوز للحارس بطريق مباشر أو غير مباشر أن يحل محله في أداء مهمته كلها أو بعضها أحد ذوي الشأن دون رضاء الآخرين , فالحارس ممنوع من أن يعهد إلى أحد ذوي الشأن (بغير موافقة الباقين )أي عمل من الأعمال المعهودة إليه سواء أكانت من أعمال الحفظ أو الإدارة أو أعمال التصرف التي يجوز تمكينه قانونا من مباشرتها و هذا النص يوضح أيضا ما سبق لنا بيانه من أن المالك أو صاحب اليد أو أي صاحب حق على المال تغل يده بالقدر الذي منح للحارس سواء أكان هذا القدر الذي خول للحارس داخلا في أعمال الحفظ و الإدارة أم في أعمال التصرف . و كذلك لأن في تسليط أحد طرفي النزاع على حيازة المال أو على أعمال حفظه وصيانته و إدارته دون رضاء الطرف الآخر , قبل الفصل في موضوع النزاع , خطرا على مصالح الطرف الآخر , و هو نفس الخطر الذي أريد تفاديه بوضع المال تحت الحراسة , فلا يجوز للحارس أن يأتي عملا يتعارض مع الغرض الأساسي من الحراسة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد علي راتب و نصر الدين كامل و محمد فاروق راتب ( المرجع السابق) ص 529.
-إلتزام الحارس بمسك دفاتر وتقديم حساب مؤيد بمستندات:
في ذلك نصت المادة 610من القانون المدني على :"يلتزم الحارس باتخاذ دفاتر حساب منظمة و يجوز للقاضي إلزامه باتخاذ دفاتر موقع عليها من طرفه.
و يلتزم أن يقدم ذوي الشأن فيكل سنة على الأقل حسابا على ما قبضه و ما أنفقه مؤيدا بمستندات مثبة له, وإذا كان الحارس قد عينه القاضي وجب عليه فوق ذلك أن يودع صورة هذا الحساب بقلم الكتاب"
فالحارس القضائي ملزم إذن بأن يتخذ دفاتر حساب منظمة يثبت فيها بانتظام الحسابات الخاصة بالحراسة , وليس بلازم أن تكون هذه الدفاتر موقعا عليها من المحكمة إلاّ إذا أشار الحكم الصادر بتعيينه إلى وجوب أن تكون الدفاتر موقعا عليها من المحكمة فعندئذ يجب عليه مراعاة هذا الشرط الذي هو أمر جوازي يترك للقاضي يقدره بحسب ظروف كل حالة .
كما أن الحارس ملزم بأن يقدم لذوي الشأن كل سنة على الأكثر حسابا , مؤيدا بالمستندات لما تسلمه و لما أنفقه, مع إيداع صورة من هذا الحساب قلم كتاب المحكمة التي عينته و ذلك حتى يسهل على ذوي الشأن وعلى المحكمة مراجعة الحساب و التحقق من حسن إدارة الحارس القضائي (1)
-التزام الحارس برد المال محل الحراسة :
تنص المادة 611 من القانون المدني على أنه إثر انتهاء الحراسة يتعين على "الحارس عندئذ أن يبادر إلى رد الشيء المعهود إليه حراسته إلى من يختاره ذووا الشأن أو من يعينه القاضي "فإذا انتهت حراسة الحارس (سواء لزوال دواعي الحراسة أو لعزله أو لاستقالته أو لأي سبب آخر ) تعين على الحارس أن يرد الشيء المعهود إليه حراسته إلى من يختاره ذووا الشأن أو من يعينه القاضي أو من يخلفه في الحراسة , و الحارس ليس ملزما فقط برد الأموال محل الحراسة بل هو ملزم أيضا بتسليم جميع الأوراق و المستندات والأحكام الخاصة المتعلقة بالحراسة كعقود الإيجار التي حررها مع المستأجرين و الأحكام التي استصدرها ضدهم أثناء الحراسة و أوراق التنفيذ الخاصة بها. و أن يقدم للمتسلّم كشفا بالإيراد و المنصرف و الباقي طوال مدة الحراسة ويرفقه بالمستندات التي تؤكده , و إذا كان حق الخصوم في ريع أموال الحراسة موضع نزاع وكلف الحارس في حكم الحراسة بحفظه عنده حتى يفصل في موضوع النزاع فيتعين عليه أن يسلمه لمن قضي لصالحه في الخصومة فمثلا إذا قضى بالحراسة على عين مبيعة بناء على طلب البائع بسبب رفع دعوى بفسخ عقد البيع لعدم قيام المشتري بالتزاماته وحكم في الدعوى الأخيرة لصالح البائع فيجب على الحارس أن يسلم البائع كل ما حصله من الريع من تاريخ تنفيذ حكم الحراسة حتى يوم تسليمه إليه بعد خصم مصاريف الحراسة.
◙حقــوق الحارس القضائي:
للحارس القضائي حقوق في مقابل الالتزامات السابقة و هو ما أكدته المادة 606 من القانون المدني فللحارس حق استرداد ما أنفقه من مصروفات وذلك من المال المفروض عليه الحراسة وله في ذلك حق حبس هذا المال لاستيفاء هذه النفقات و كذلك حق الإمتياز , كما أن للحارس إذا كان مأجورا فله حق في الأجر ويجوز أن يكون تقدير أجرة الحراسة باتفاق ذوي الشأن حتى بعد صدور حكم الحراسة و نورد هذه الحقوق فيما يلي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد علي راتب و نصر الدين كامل و محمد فاروق راتب (المرجع السابق) ص 538
-حق الحارس في الأجــر :
تنص المادة 609 من القانون المدني على أن : "للحارس أن يتقاضى أجرا ما لم يكن قد تنازل عنه"فالأصل في الحراسة أنها بأجر وهو الأمر الغالب الوقوع في العمل ومن ثم فإن للحارس الحق في المطالبة بأجر مقابل القيام بأعمال الحراسة إذا لم يكن الحكم نص على خلاف ذلك , و يقدر الأجر بحسب أهمية العمل الذي قام به الحارس و بحسب الصعوبات التي صادفته في أثناء مهمته و قيمة الأعيان الموضوعة تحت الحراسة و مقــدار المسؤولية التي تتطلبها إدارتها على
الوجه الصحيح .وتقدركأتعاب الخبراء بأمر يصدر على عريضة من القاضي الذي عيّنه.
و يجوز لأطراف الحراسة جميعا أن يتفقوا مع الحارس على أجره سواء كان ذلك أثناء نظر النزاع أم بعد الفصل فيه وهذا الإنفاق يكون ملزما لأطرافه وتتقيد به المحكمة باعتباره عقدا و العقد شريعة المتعاقدين وذلك في حالة ما إذا طلب الحارس بأجره استنادا إلى هذا الاتفاق والقاضي المختص في هذه الحالة هو قاضي الموضوع لأنه يطبق العقد.
و إن اتفق أطراف الحراسة مع الحارس على الأجر على النحو السالف بيانه إلا أن الحارس تجاهل هذا الاتفاق و لجأ للقاضي الذي عينه طالبا تقدير أتعابه بأمر على عريضة وأجيب إلى طلبه و تظلم أفراد الحراسة أو أحدهم من هذا الأمر وجب إلغاؤه لأنه يخالف العقد المبرم بين طرفيه و الملزم لهم قانونا(1).
و أما فيما يتعلق بمن يلزم بأجرة الحارس فإن الوضع لا يعدو إحدى حالتين فالأولى أن تكون دعوى الموضوع لا تزال قائمة و لم يفصل فيها و الثانية أن يكون قد فصل فيها بمصلحة أحد الخصوم .
ففي الحالة الأولى : يجوز للحارس مطالبة كل واحد من الخصوم بأتعابه خصوصا إذا كانت الحراسة لمصلحة الجميع كحالة الحراسة الموضوعة على أعيان مشتركة بسبب حالة الشيوع بين الشركاء , كما يحق له الرجوع بها على الخصم طالب الحراسة وحده , أما في الحالة الثانية فيلزم بها من كسب الدعوى و قد اختلف في الحالة الأولى حول طبيعة التزام الخصوم بأتعاب فقرر البعض بأنهم يلتزمون بطريق التضامن , وقال البعض الآخر بعكس ذلك و بأن لا تضامن إلا بنص صريح في القانون (2).
فإذا انتهت الحراسة رضاء أو قضاء دون أن يتقاضى الحارس أجره كله أو بعضه فإنه لا يجوز له في هذه الحالة أن يستصدر من القاضي الذي عينه أمراعلى عريضة بتقدير أجره لأن ولاية القاضي الذي عينه تكون قد زالت بانتهاء الحراسة وتكون محكمة الموضوع هي المختصة في هذه الحالة باعتبار أن المطالبة بأجر الحراسة بعد انتهائها إنما هي دعوى موضوعية عادية (3).
حق الحارس في استرداد ما أنفقه من مصاريف:
يلتزم الحارس أن يقوم بالإنفاق على إدارة وصيانة و استغلال المال الموضوع تحت الحراسة على النحو الذي سبق أن بيناه , وقد جرى العمل على أن يصرف الحارس تلك النفقات من إيرادات المال الموضوع تحت الحراسة و يبينها تفصيلا في كشوف الحساب التي يقدمها , لكن إذا قام الحارس بالإنفاق من ماله الخاص على الحراسـة بحيث أصبحت مدينة له فإنه يحق له استرداد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عز الدين الدناصوري و حامد عكاز (المرجع السابق) ص 679.
(2) - محمد علي راتب و محمد فاروق راتب (المرجع السابق) ص 546
(3) عز الدين الدناصوري وحامد عكاز (المرجع السابق) ص 681
- هـذه المصروفات تــطبيــقا للقواعد العامة , فالأصل هو أن للحارس الحق في الرجوع على الخصم الذي آلت إليه ملكية الأموال الموضوعة تحت الحراسة بالمصاريف التي أنفقها في صيانة وحفظ و إدارة هذه الأموال و المبالغ التي اقترضها من الغير في سبيل ذلك , أما إذا كانت
دعوى الموضوع لا تزال قائمة و لم يفصل فيها بعد بحكم نهائي فيجوز للحارس الرجوع على أي واحد من الخصوم بهذه المصاريف .
و إذا نازع أطراف الحراسة في الحساب الذي قدمه الحارس أمام محكمة الموضوع و نعوا عليه بالمبالغة في المصروفات فإن محكمة الموضوع هي المختصة في هذه الحالة بحسم النزاع حول قيمة المصروفات التي أنفقها الحارس وعلى ذلك لا يختص القضاء المستعجل بالفصل في مصروفات الحراسة و يلزم بمصروفات الحراسة من يلتزم بأجر الحارس على التفصيل السابق بيانه بالنسبة لأجر الحارس.
-حق الحارس في خصم الأجر و المصاريف من ريع الحراسة:
يجوز للحارس خصم الأتعاب و المصاريف من ريع الأعيان الموضوعة تحت الحراسة , و لا يؤثر في حقه في ذلك أن بعض الخصوم هو الذي تسبب بفعله في وضع الأعيان تحت الحراسة القضائية , وعلى ذلك فإذا قضي بتعيين حارس قضائي على أعيان مشتركة بسبب نزاع بين الشركاء على الإدارة أو لسبب استئثار أحد الشركاء بالإدارة بغير موافقة الآخرين فيجوز للحارس خصم أتعاب و مصاريف الحراسة من ريع هذه الأعيان مع حق الشريك أو الشركاء الذين لم يتسببوا في الحراسة في الرجوع بحصتهم في الأتعاب على الباقين بدعوى أمام محكمة الموضوع.
-حق الحارس القضائي في الحبس لاستيفاء الأجر:
يحق للحارس و طبقا للقواعد العامة في القانون المدني في المواد 200-201-202 منه .حبس الأموال محل الحراسة تحت يده حتى يستوفي كامل أتعابه و المصاريف الضرورية و اللازمة التي أنفقها على الأموال أثناء حراسته وهذا الحق مطلق .يجوز للحارس إجراؤه على العقارات الموضوعة تحت الحراسة و على المنقولات الموجودة بها و لا يؤثر في الحق المذكور أن مبالغ الأتعاب و المصاريف غير معينة المقدار إذ يكفي لصحته أن تكون محققة الوجود , ويتوفر ذلك بمجرد قيام الحارس بانفاق المصاريف و بمرور وقت في الحراسة يستحق عنه الأتعاب حتى ولو لم يصدر حكم نهائي في قيمة الأتعاب, وفي مقدار المصاريف.
و ينصب هذا الحق على الأموال الموضوعة تحت الحراسة بصفة قانونية أما الأموال الأخرى التي دخلت فيها بطريق الخطأ فلا يشملها هذا الحق و لا يؤثر حق الحبس في طلب استبدال الحارس من الحراسة و تعيين آخر خلافه فيها .و يحق للأخير بالرغم من ذلك تسلم الأموال الموضوعة تحت الحراسة من الحارس الأول على أن يحبس تحت يده من الريع ما يوازي قيمة أتعاب و مصاريف الحارس المذكور حتى يفصل القضاء بشأنها.
-حق الامتياز المقــرر للحــارس :
للحارس حق امتياز في صدد استيفاء الأجر والمصاريف من قيمة الأموال الموضوعة تحت الحراسة.
و تدخل المصاريف المستحقة للحارس القضائي ضمن المصاريف القضائية , هذه الأخيرة التي أعطاها المشرع حق الامتياز العام على ثمن المال المحفوظ إذ تنص المادة 990من القانون المدني :" المصاريف القضائية التي أنفقت لمصلحة جميع الدائنين في حفظ أموال المدين وبيعها , لها امتياز على ثمن هذه الأموال".
و يرد حق الامتياز هذا على جميع أموال المدين من يثبت له الحق في العقار محل الحراسة , من منقول وعقارطبقا للمادة 984 من القانون المدني إلى أن يستوفي الحارس حقه .
و قد أعطى المشرع حق الامتياز للمبالغ المترتبة على البذر و السماد و غيره من مواد التخصيب و المواد المقاومة للحشرات و المبالغ المترتبة على أعمال الزراعة و الحصاد على المحصول الذي صرفت في إنتاجه و تكون لها جميعا مرتبة واحدة.
و تستوفى هذه المبالغ من ثمن المحصول مباشرة بعد الحقوق المتقدمة عنها في المرتبة كما يكون الامتياز للمبالغ المستحقة في مقابل آلات الزراعة إذ تكون لها نفس المرتبة على هذه الآلات وهذا تطبيقا للمادة 994 من القانون المدني.
◄ مدة الحراسة القضائية
تقتضي المهام التي يقوم بها الحارس القضائي أن تؤدى ضمن إطار زمني معين وهذا مالم يتناوله المشرع الجزائري في هذا المجال على خلاف ماهو عليه الحال في مواد الخبرة التي تلزم القاضي بان يحدد في حكمه مهلة للخبير لأجل إيداع تقرير خبرته لدى المحكمة .
ونعتقد أنه لأهمية الحراسة القضائية من خلال أهمية المال الذي يوضع رهن إجراءاتها بالنسبة للحياة الاقتصادية من جهة ،ومصداقية القضاء بالنسبة للحياة الاجتماعية من جهة أخرى ، تظهر أهمية وجوب نص المشرع على شمول الحكم القاضي بالحراسة القضائية على مهلة يلتزم الحارس القضائي خلالها القيام بالمهام الموكولة إليه ،وهذا تفاديا للازلاقات التي قد يتعرض لها هذا الأخير تحت مظلة قانونية يقوم تحتها بتمديد مدة المهمة كما يروق له بالرغم من عدم الحاجة إلى ذلك طالما أن هناك أجرة يتقاضاها وأموال تزيد في ثراء ذمته المالية .
◄ حجـــية حكم الحراســـة:
حكم الحراسة القضائية حكم وقتي ،شأنها في ذلك شان الأحكام الاستعجالية ومن ثم فحجيتها هي نفس الحجية التي تتمتع بها هذه الأخيرة إذ أنها تقيد قاضي الاستعجال و تلزم طرفي الخصومة؛ و بذلك ليس للقضاء المستعجل أن يعدل بحكم ثاني ما قضى به بالحكم الأول، و كذلك ليس للطرفين أن يرفعوا دعوى ثانية بذات الموضوع أمام المحكمة الإستعجالية بقصد الوصول إلى حكم مانع أو معدل للحكم الأول الصادر في الدعوى الأولى ، إلا إذا حصل تغيير أو تعديل في الوقائع المادية أو في المركز القانوني للطرفين أو لأحدهما،كأن يصدر حكم بتعيين حارس قــــــضائي حتى يقضي نهائيا في نزاع معين , وقبل الفصل في موضوع النزاع تغير مركز أحـــــد الطرفين بحيث يصح طلب رفع الحراسة جاز رفع دعـــوى جديدة بذلك, و يــــترتب عـــــلى ذلك أيضا أنه إذا قضت المحكمة برفض دعوى الحراسة لأسباب معينة, ثم حصل تغيير في مركز الطرفين يمكن معه رفع دعوى حراسة جديدة جاز ذلك.
غير أن هذه الحجية لا تؤثر على سلطة القاضي في التفسير و تصحيح الأخطاء المادية دون المساس بمحتويات الحكم المراد تفسيره فيكون الحكم الذي يصدر بالتفسير متمما للحكم الذي فسره.
و بناء على ما تقدم فإن الأحكام الإستعجالية لا تأثير لها على محكمة الموضوع عند نظرها للدعوى و أصل الحق ، و من ثم فلمحكمة الموضوع أن تقضي بخلاف الحكم الإستعجالي .
2- تنفيذ حكم الحـــراسة:
الحكم بوضع العين تحت الحراسة القضائية يترتب عليه إضفاء صـــــــفة قانونية للحارس لأداء المهمة المكلف بها في الحكم وهذه الصفة تثبت للحارس بمجرد صدور الحكم.
فإذا كان الأمر لا يتطلب تنفيذا جبريا فإن حكم الحراسة يسري و ينفد بغير حاجة إلى إعلان(1) أما إذاإشتمل حكم الحراسة على قضاء بإلزام المحكوم عليه بشيء معين كتسليم الأعيان محل الحراسة وجب عندئذ إعلان المحكوم عليه قبل التنفيذ بذلك.
وينفد حكم الحراسة على الشيء الأصلي المتنازع عليه وتوابعه سواء نص على هذه التوابع في الحكم صراحة أو لم ينص لأن دخولها تحت الحراســة مع الشيء المتنازع عليه إنما يحصل بقوة القانون (2)وترتيبا على ذلك فإن وضع عقارات التركـــــة تحت الحراسة القضائــــية يشمـــل المنقولات الموجودة فيها المملوكة للمورث حتى ولو لم ينص الحكم على وضعها تحت الحراسة, بينـــما لا يعتبر من التوابع العقارات المؤجرة من الغير و الموضوع فيها الأموال المفروض عليــــــــها الحراسة , أو العقارات المملوكة للغير وتكون مستخدمة على سبيل التسامح لمنفـــــعة الأموال المــــفروض عليها الحراسة.
والنص في الحكم على تسليم الأعيان للحارس لا يعني إخراج مستأجرها منها بل يعني أن يحل الحارس محل واضع اليد السابـــــق في قبض الأجرة المستحقة على هؤلاء المستأجرين.
كما لا يجوز للحارس التعرض لــواضع اليد على العقار متى كان يستند في وضع يده على سبب قانوني سابق على حكم الحراسة, فلا يجوز له أن يتخذ من حكم الحراسة أداة لطرد المســـتأجر مــــن العـــين محل الحراسة إلا بعد الحصول على حكم ضده يقضي بذلك لأن صفة الحارس تخول له فقط اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المستأجر بمطالبته بالأجرة المستحقة في ذمته، أو رفع دعوى ضده بطلب فسخ عقد الإيجار عند إخلال المستأجر بالتزاماته الـــــمترتبة على العقد, أو طلب بطلان العقد إذا كان صوريا , أو رفع دعوى بطلب طرد واضع اليـد إذا كان لا يستند في وضع يده إلى سند قانوني (3).
هذا وفي حال قيام نزاع عند تنفيذ حكم الحراسة حول ما إذا كان المال محل التنفيذ داخلا في مشمول الحكم من عدمه , أو إذا كان النزاع حول تبعية الشيء للأموال محل الحراسة أو عـــدم تبعيته له أو اعترض الحارس صعوبات فله أن يلجأ إلى القضاء المستعجل للفصل فيها تطبيقا لأحكام المادة 183من قانون الإجراءات المدنية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
(1 ) "لأن حكم الحراسة ليس في طبيعته ما يستلزم التنفيذ الجبري ذلك أن الحكم بتعيين حارس قضائي ليس فيه إلزام للمحكوم عليه بأداء أمر معين يمكن الوفاء به وديا قبل التنفيذ عليه جبرا ومن ثم فتنتفي حكمة الإعلان والتنبيه"
(2 ) محمد علي راتب ومحمد نصر الدين كامل ومحمد فاروق راتب . المرجع السابق .ص525.
(3)- عز الدين الدناصوري و حامد عكاز . المرجع السابق.ص 630
- أثـــر حكم الــحراسة على حقوق مالك الشيء و الدائنين:
لا يترتب على الحكم أي تأثير على ملكية الشخص المحكـــوم بوضع أمواله تحت الحراسة أو على أهليته المدنية فيظل له بالرغم من حكم الحراسة حق التصرف في هذه الأموال بكافة وجوه التصرف القابلة لها قانونا ما لم تكن ملكيته لها متنازعا عليها جديا (1)
, فأصحاب الأموال محل الحراسة يفقدون من سلطاتهم عـــــلى هــــذه الأموال القدر الذي يمنح للحارس القضائي بنص القانون أو حكم القاضي, فإذا اقتصرت مهمــــــة الحارس القضائي على نوع معين من أعمال الإدارة والحفظ في حدود معينة ذكرها الحكم الــــــذي نــصبه حارسا فإن هذا النوع المعين من الأعمال يحرم على أصحاب الأموال إجراؤه منذ تنصـــــيب الحارس, وإن اتسعت مهمة الحارس
إلى أعمال الإدارة جميعا ببعض أعمال التصرف التي يجيز القانون للحكم تخويله إياها فإن هذه الأعمال وتلك تحرم على أصحاب الأموال محل الحراسة, لأن القـــــصد من فرض الحراسة هو تخويل الحارس دون أصحاب الأموال القيام بالأعمال التي أسندت إليه بحيث أنهم إذا خالفوا هذا التحريم كان عملهم غير ملزم للحراسة و لا يأبه له الحارس القضائي, و بالتالي فإن أصــــــحاب الأموال لا يجوز لهم أن يباشروا أي عمل أو تقاضي - كمدعين أو مدعى عليهم - إذا كان داخلا في سلطة الحارس القضائي ومن جهة أخرى فإن الحارس القضائي لا يجوز له أن يباشر أي عمل أو تقاضي كمدعي أو مدعى عليه إذا كان خارجا عن سلطته (2).
كما يجوز للمالك أن يرفع باسمه الدعاوى المتعلقة بالحقوق العينية, وله عند الضـــــرورة أن يرفع باسمه دعاوى اليد عند حصول تعرض مادي أو قانوني على الأعيان محل الحراسة و أن يتخذ كافة الإجراءات التحفظية التي من شأنـــها الــمحافظة عـــلى هـذه الأعيان إذا تراخى الحـــارس عن اتخاذها في الوقت المناسب كما يجوز للمالك اتخاذ كافة الإجراءات التحفظية للمحافظة على حقوقه قبل الحارس(3).
ولا يترتب على الحكم الصادر بالحراسة حرمان الدائنين من التنفيذ الفردي على الأموال الموضوعة تحت الحراسة لأن الحراسة ليست قيدا على الملكية تحول دون تصرف المالك في أمواله أو تخرج هذه الأموال من دائرة الضمان العام للدائنين.وكل ما هناك أن يصبح من المتعين على الدائنين أن يتبعوا عند التنفيذ بديونهم إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير على الأموال الموجودة تحت يد الحارس القضائي.
3- طرق الطعن في حكم الحراسة القضائية
◄ المعارضة والاعتراض في حكم الحراسة القضائية :
نصت المادة 188 من قانون الإجراءات المدنية على أن الأوامر الصادرة في المواد المستعجلة معجلة النفاذ بكفالة أو بدونها وهي غير قابلة للمعارضة ولا للاعتراض على النفاذ المعجل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
(1) معوض عبد التواب .دعاوى الحراسة .منشأة المعارف الإسكندرية 1988.ص 164
1) محمد علي راتب وكامل فاروق.(المرجع السابق).ص 552.
(2) قرار المحكمة العليا رقم:56092مؤرخ في 12/02/1990 المجلة القضائية العدد الأول 1991
" من المستقر عليه قضاء أنه لا يمكن تجريد شخص ما من تراثه و تحويل إدارة ذلك التراث أو تصفيته ككل أي وكيل قضائي إلا في حالة الإفلاس أو عدم توفر الأهلية ومن ثم فإن النعي على القرار المطعون فيه لخرق القانون في غير محله يستوجب رفضه.
لما كان من الثابت في قضية الحال أن قضاة الاستئناف عندما اعترفوا للشخص المالك للأملاك الموضوعة تحت الحراسة بصفة التقاضي لم يخالفوا القانون بل طبقوه تطبيقا مضبوطا و سليما محترمين مقتضيات المادة 459 من قانون الإجراءات المدنية متى كان ذلك يستوجب رفض الطعن "
بل إن عدم قابليتها للمعارضة اعتبرتها المحكمة العليا من النظام العام يسوغ للمحكمة الاستعجالية اثارتهامن تلقاء نفسها (1)
وطالما أن الحراسة القضائية تدخل ضمن مواد الاستعجال فان الحكم الصادر فيها تبعا لذلك يكون غير قابل لا للمعارضة ولا لاعتراض على النفاذ المعجل فيه .
ويهدف المشرع من وراء ذلك إلى الإسراع في استقرار الأوضاع التي تقررها أو تنشؤها الأوامر الاستعجالية فضلا عن زجر الخصوم عن غيابهم الذي يعوق نظر القضايا المستعجلة .(2)
◄ الاستئناف :
نصت المادة 190 من قانون الإجراءات المدنية على أنه يرفع الاستئناف في الأحوال التي يجيزها القانون خلال خمسة عشر يوم من تاريخ تبليغ الأمر ويفصل في الاستئناف على وجه السرعة .
انطلاقا من هذا النص فان الحكم الصادرة في المادة الإستعجالية بصفة عامة وحكم الحراسة القضائية بصفة خاصة ، يكون قابلا للاستئناف شأنها في ذلك شأنه في ذلك شأن الحكم العادي ؛ و يتبع في استئنافه نفس القواعد المقررة للحكم العادي إلا ما تعلق بآجال الإستئناف حيث المدة فيها حددت بـ 15 يوم.
◄إلتماس إعادة النظر:
المبدأ هو انه لا يجوز الطعن في الأوامر الإستعجالية عن طريق إلتماس إعادة النظر فيها كونها أوامر مؤقتة و بهذه الصفة ( الطابع الوقتي ) يسمح للطرفين باللجوء من جديد إما إلى قاضي الإستعجال الذي يستطيع الحكم على نحو مغاير إذا ما أوتي بدليل على تغيير الظروف؛ و إما إلى قاضي الموضوع حيث يمكنه الحصول بدعوى بسيطة و سريعة على قرار جديد في الإستعجال أو في الموضوع ليستبعد اللجوء على طريق من طرق الطعن غير العادية وهي إلتماس إعادة النظر. ومن ثم كان حكم الحراسة القضائية ينطبق عليه نفس المبدأ
◄ الطعن بالنقض: إن الأحكام الصادرة في المادة الاستعجالية بصفة عامة ،والحراسة القضائية بصفة خاصة قابلة للطعن بالنقض شأنها شأن الأحكام العادية و في الحدود الواردة في القانون ( المواد 231/233/235 ق.إ.م ) ؛ غير أن المحكمة العليا تجدولها للفصل فيها مثلها مثل القضايا العادية الصادرة في الموضوع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
(1) قرار رقم 29920 المؤرخ في 05 01 1983 ،م ق 1989 ،العدد 01 صفحة 35
(2) د احمد مسلم ،قانون القضاء المدني دار النهضة العربية بيروت 1966 ، ص113.
المطلب الثاني:
طرق إنتهـــاء الحراســة القضــائية
تقام الحراسة القضائية بموجب حكم قضائي مبني على قناعة القاضي وتقديره لواقع الحال , وتتمثل الغاية من إقامة الحارس القضائي في حفظ المال وصيانته عن الخطر. وتنتهي الحراسة القضائية متى زال الخطر الذي تم بناء عليه تقدير الأمر واللجوء إلى تعيين الحارس القضائي , كما تنتهي الحراسة حال اتفاق جميع أصحاب العلاقة على بسط رقابتهم المباشرة على ما لهم من أموال وهذا ما أشارت إليه المادة 611 من القانون المدني على أنه :"تنتهي الحراسة باتفاق ذوي الشأن جميعا أو بحكم القضاء"و بذلك تنتهي الحراسة القضائية باتفاق جميع ذوي الشأن على إنهائها و إما بحكم من القضاء . وعليه سنتناول هذين الطريقين كمايلي:
أ - إتفـــاق ذوي الشـــأن:
إذا اتفق ذووا الشأن جميعا على انتهاء الحراسة فإنها تنتهي لأنها فرضت مراعاة لمصلحة الخصوم و يجب على الحارس في هذه الحالة تسليم المال إلى من يتفق الخصوم على تسليمه إياه دون حكم بذلك إذ ليس هناك من داع لاستصدار حكم لانتهاء الحراسة مادام جميع الأطراف قد انعقدت إرادتهم على إنهائها و قد يحدث بعد إتفاق الشركاء جميعا أن ينازع أحدهم في صحة عقد إنهاء الحراسة بأن يدعي بطلانه لعيب شاب إرادته كالغش أو الغلط أو الإكراه أو التدليس أو لنقص أهليته أو فقدها أو يدعي عدم حصول الإنفاق و أن توقيعه على السند المثبت له مزور ويوجه للحارس إنذارا بذلك ففي هذه الحالة يجوز للحارس أن يمتنع عن تنفيذ الإنفاق حتى يقضي في شأن ما أثير حوله من قضاء الموضوع لكن يجوز لباقي الخصوم أو أحدهم أن يلجأ لقضاء الأمور المستعجلة لإلزام الحارس ومن نازع في عقد إنهاء الحراسة بتسليم أموال الحراسة إلى من اتفق عليه في عقد إنهائها , ويختص قاضي الاستعجال بذلك و يقدر مدى توافر ركن الاستعجال و جدية المنازعة في صحة العقد فإن استبان له من ظاهر الأوراق أن هناك خطرا على مال الحراسة من بقائه تحت يد الحارس و أن المطاعن على عقد إنهاء الحراسة لا تقوم على سند من الجد تعين عليه أن يقضي بالتسليم أما إذا بدا له أن المنازعة في صحة العقد تتسم بالجدية أو أن ركن الاستعجال غير متوافر قضى بعدم اختصاصه و كذلك إذا لم يستطع ترجيح إحدى وجهتي النظر على الأخرى من ظاهر الأوراق أو أن الأمر يستدعي إجراء تحقيق أو نذب خبير قضى بعدم اختصاصه(1).
ب- الحكم القضائي:
تنتهي الحراسة القضائية إلى جانب اتفاق جميع الأطراف عليها ، بحكم من القضاء فيما لو يتفق أصحاب الشأن على الإنهاء وهذا الحكم قد يكون قبل حسم النزاع الموضوعي أو بعد حسم النزاع الموضوعي و ثبوت الحق فيه لأحد الأطراف .
1- حسم النزاع الموضوعي و ثبوت الحق لأحد الطرفين :
فإذا كان هناك مثلا نزاع على ملكية مال و ترتب على هذا النزاع أن وضع المال تحت الحراسة , فإن صدور حكم نهائي في موضوع النزاع يبت في أي من الطرفين هو المالك ينهي الحراسة لنفاذ غرضها والحكم يجب أن يكون قد حسم النزاع فلا يكفي الحكم القاضي بشطب الدعوى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- عز الدين الدناصوري و حامد عكاز ( المرجع السابق) ص 709
أو بعدم الإختصاص و يتعين على الحارس في هذه الحالة أن يسلم المال لمن حكم له بالملكية , دون حاجة إلى حكم بذلك , فإن الحراسة قد انتهت من تلقاء نفسها , كذلك إذا وقع نزاع على إدارة المال الشائع فوضع تحت الحراسة حتى تعين المحكمة مديرا دائما له .بقيت الحراسة إلى أن تعين المحكمة هذا المدير فإذا ما عينته إنتهت الحراسة من تلقاء نفسها وو جب على الحارس أن يسلم المال للمدير الذي عين , وإذا وضع مال شائع تحت الحراسة حتى تتم قسمته و تمت القسمة انتهت الحراسة تلقائيا ووجب على الحارس أن يسلم إلى كل شريك حصته المفرزة دون حاجة إلى حكم (1).
و يلاحظ أن دعوى انتهاء الحـــراسة قد ترفع من "الغير" الذي يمسه الحكم الصادر بالحراسة و يؤثر على حقه رغم أنه لم يختصم في دعوى الحراسة ولم يكن له علم بـــها كأن تفرض الحراسة خطأ على بعض الأعيان يــتضح أنها ممــلوكة لغـــير الخصوم في دعوى الحراسة أو كأن تفرض
الحراسة بطريق التواطؤ بين طرفي الخصــومة علـــى أمـوال مملوكة للغير, في هذه الصور و أمثالها يحق لهذا "الغير" أن يلجأ إلى القضاء المستعجل طالبا إنهاء الحراسة أو رفعها بالنسبة للأموال التي تخصه و التي صدر في شأنها حكم الحراسة .
و بتوافر الاستعجال في دعوى إنهاء الحراسة المرفوعة من الغير من الضرر الذي قد يلحق بحقوق هذا "الغير" من نزع الأعيان المملوكة له من تحت يده ووضعها في يد الحارس لنزاع بين آخرين لا دخل له فيه و منعه من إدارتها و الإنتفاع بغلتها بدون سبب قانوني.
و على القاضي المستعجل أن يمحص النزاع من ظاهر المستندات فإن اتضح له أن رافع الدعوى "من الغير" و أن حكم الحراسة يمس بحقوقه على الأموال فإنه يقضي بانتهاء الحراسة أو رفعها (2).
2- قبل حسم النـــزاع الموضوعي:
و يكون ذلك إذا تغيرت الظروف التي استدعت فرض الحراسة بحيث لا يعود لها مقتضى, مثل ذلك أن يعين حارس قضائي على تركة أو على شركة ثم يعين مصف لهذه التركة أو الشركة , فتدخل مهمة الحارس في مهمة المصفي و لا يعود هناك مقتضى لبقاء الحراسة , ومثل ذلك أيضا أن يعين حارس على مال شائع لاختلاف الشركاء في حصصهم ثم يقسم المال قسمة مهيأة بالتراضي فتنتهي الحراسة إذا لم يبقى لها مبرر بعد أن أمكن أن يضع كل شريك يده على حصة مفرزة مؤقتا حتى يبت في النزاع الموضوعي , و مثل ذلك أن توضع أموال المدين تحت الحراسة محافظة على حقوق الدائنين , ثم يقدم المدين ضمانا يكفل هذه الحقوق , فلا يعود هناك مبرر لبقاء الحراسة , ومن ثم تنتهي و يسلم الحارس المال للمدين , وفي هذه الأحوال و أمثالها لا تنتهي الحراسة تلقائيا إذا لم يتفق ذووا الشأن جميعا على انتهائها , ولا بد من حكم لإنهائها , فإذا كان الحارس معينا من قاضي الأمور المستعجلة جاز لكل ذي مصلحة أن يرفع أمامه دعوى برفع الحراسة أو بانتهائها , و يقتصر قاضي الأمور المستعجلة للبت في المسألة على فحص ظاهر المستندات , دون أن يتجاوز ذلك إلى فحص موضوعي يقتضي تحقيقا أو خبرة أو توجيه يمين أو نحو ذلك .
و إذا كان الحارس معينا من محكمة الموضوع جاز رفع الدعوى بإنهاء الحراسة أمامها , وجاز أيضا رفع دعوى أمام القضاء المستعجل إذا توافر شرط الاستعجال , وفي كل من الفرضين تقتصر المحكمة على فحص ظاهر المستندات على الوجه الذي سبق بيانه (3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
1) عبد الرزاق أحمد السنهوري ( المرجع السابق) ص 958
2- محمد علي راتب محمد نصر الدين كامل و محمد فاروق راتب ( المرجع السابق) ص 522
3- عبد الرزاق أحمد السنهوري (المرجع السابق) ص 95