سرقتم سرقتم

[بختاتو أبو أصيل]

سرقتم أجنحة السلام
وحرقتم ريشها واقترفتم كل الآثام
وأصبحت رمادا تعبث به الأيام
و حرمتمونا حرية كلام
فقد كممتم كل الأفواه بإحكام
وأصدرتم كل الأحكام
وحاربتم كل الأنام
الذين ينطقون ولو كلمة حق في عالم أباطيل الأوهام
أما نحن لا نسطو على الحقول ولا على البنوك
أما أنتم ففي سرقة الأوطان
أسرع من المكوك
و لا تتركون حولكم تحوم الشكوك
ومادحكم إن كان لصا أعطيتموه من الغفران الصكوك
سرقتم قطرات من نافورات مدننا
وبهجة رؤية الماء مع أولادنا
وصنعتم رهبة مشاهدة الموت وآلامنا
فقد كانت النافورة فيما سبق
تحي في أنفسنا انشراحا كالبرق
و ذكريات السعادة والسلام ومتعتنا
ودفنتم في عيونكم الضيقة
و صدوركم الأضيق صورنا لصوركم
و لأطفالكم اصطنعتم الأفراح
على حساب بؤبؤ أبصارنا
ودستم على كل أليافنا البصرية
وكسرتم كل ذكرى حلوى
وحتى أكلاتنا الشعبية
سرقتم أغنية المطر من أفواه الأطفال
فلا نسمع إلا أناشيد الحزن
على الشهداء الرجال
فتركتم جفافا لم يكن على البال
ودموعا على الأكفان
سرقتم من على الأغصان زقزقة العصافير
فلا يسمع منكم إلا الدوي و الصفير
يرعب الشيخ و الصغير
وتصطك له الأضلع رعبا
ويسمع معها شهيق وزفير
و أصبح الطفل يحلم بالرشاش و لا يخاف
من الموت و الهلاك
من كثرة عنفكم
أصبح قلبه عودا يابسا
في اللب و الحواف
منعوه من كناش وطبشورة
وقلم حبر و سبورة
ولبس ثوب البراءة والعفاف
حتى أزرار مئزره
مفقودة وهي أيضا تخاف
ترعب من البذلة العسكرية الغرباء
وأصبح سائقو الشاحنات
حتى لا تطلقوا النار عليهم
يضطرون ليركب معهم الصغار
يتاجرون ببراءة أطفالنا
من أجل حفنة من قطع نقدية
كتبت عليها أحرف عبرية
سرقتم أرضنا
لأنكم شر الناس
حبستم الأنفاس
خنقتم الحق
بعبودية ورق
من بشر لبشر
أنتم لست الخير بل الشر
أنتم شر الناس
و أنتن الناس
و بئس الناس
فلستم شعب الله المختار
فلا تلوك جماجمنا بأحاجيكم
أنتم المغضوب عليكم
أنتم لا يصلح لكم إلا حجر الأفاعي
وسمة العار
أنتم شغب الشيطان وعبدته و وقود النار
حجزتم حقائب الفرح وبضاعة البسمة
أخذتم نظارتي وقلمي
ونظارات و أقلام معارضيكم
وعدسات كل أهل الصحافة
حتى لا أرى وحشيتكم ولا يرون خبثكم
و لا يرى عنفكم من وراء حدود الألم
حتى لا أكتب أناو يكتب الأشقاء أننا نحن المحرقة
حرقتم مساجدنا ومصاحفنا
أنت قتلة الأنبياء
ومنهم النبي يحيا
ولم يسلم حتى نبينا منكم ومن ألسنة الحداد
سلقتومنا بها وبكل العرب و المسلمين
فأنت لا ذمة لكم ولا دين
و حرقتم نباتات منازلنا
و عقود الياسمين
وجذور شجرة اللبلاب
يا من تكذبون على الناس
أنكم تلبسون أثواب الملائكة و أنتم الشياطين
أنتم تريدون أخذ ابداعي
وابداع كل الأقلام
التي تفضحكم
فأنتم تكرهون حريتي
في حبر قلمي
فأي تاريخ وأي جغرافية
و أي زمنكانية
تعيشون
أين تقرأون أعيدوا منابع الثقافة التي تنهلون
فأنتم تسقون ما هو نبيذ
يجعلكم تسكرون وتقولون ما لا تدرون
تزعجون حتى خلوة الرهبان
لصوص هدمتم منازلنا
و كسرتم جدرانها
لكن الأرض
حنينها
لأولنا و آخرنا
أما أنتم لا أول لكم ولا آخر
أنتم مجهولي الأعداد
بين كل العباد
أنتم في الحواشي بل حتى الحواشي
تخاف عدكم
وتخاف حربكم
حتى لو كنتم بلا سلاح
فأنتم خبثكم لا أحد له يرتاح
أنتم لا نعلم لكم أصلا من فصل
لذا في الأصقاع أو في كواكب أخرى
اذهبوا وارحلوا
و إلى أغوار الكون غوروا
أنتم سرقتم مفاتيح الأبواب
و ذرات التراب
والقمح من مناقير الحمام
الذي كان يحط في الساحات
ويألف من راحاتنا بضع حفنات
من خبز الفتات
وكره أكفكم التي تبعث ارتياب
وتقتل الأماني
لأن كف الواحد فيكم مليئة
باللون الأحمر القاني
بالصفع والإرهاب
أنتم سرقتم
أنتم قطعتم أيدينا
لكن أرواحنا تحلق
رغم أنوفكم ومناخير غبار الحروب
ومدافعكم التي تدفع روائح كريهة لبغض العرب
و صواريخكم العابرة للقارات و تخترق
الطفولة وشاب في صلاة
ومسدساتكم الصامتة و المدوية
أنتم أصبحتم صما بكما عميا
أمام أرواح الشهداء
أنتم سرقتم شبابيك الصيادين
لم تتركوا لنا لا الأرض و لا البحر
ولا أخضر و لا يابس
ولو طرنا في السماء
تقطعون أجنحتنا
أنتم سرقتم القطيع
وزهور الربيع
كسرتم ناي الراعي
و أخذتم منه حتى الحمل الوديع
جعلتم من كل شعوب العالم بغال
تركبونها و تضعون فوق رؤوسهم النعال
أي تفكير هذا
ما هذا إلا جنون
أنتم سرقتم الغاز أيام المخلوع
وسيناء وجولان و جنوب لبنان
أنتم خسارة في تسمية الواحد منكم إنسان
أننتم سرقتم دماء الشهداء
وجعلتم الجهاد إرهابا و و باء
و الإرهاب اخترع عندكم
والحادي من سبتمبر من تأليفكم
حتى جرذنا العربي
لم يتخلص من إرهابكم
حرمتوه من خربة من تحت الجدار
وحرمتوه من جواز السفر
كما حرمتموه من خربة من حجر
و سرقتم مهنة القرض
فأنتم تحت المسجد الأقصى تمتهنون
مهنة الجرذان أنتم سرقتم الجماد و الحيوان
النبات و الإنسان
ما ذا تريدون كذلك
ضرائب من الهواء التي نتنفسه
يا من سرقتم البراءة و الحنان
سرقتم عبير الذكريات الذي كان يحوم في الدروب
ونشرتم مكانه دخان الحروب
أنتم سرقتم وتسرقون وسوف تسرقون
سرقتم الماضي وسرقتم الحاضر وستسرقون المستقبل
تسرقون كل شيء و أي شيء
تسرقون ما تحت أقدامنا وما وراء نا و ما أمامنا
وما تحتنا و ما فوقنا
أي جشع هذا
وكيف تريدون
أن نحدث الناس عنكم
بأنكم ألطف البشر
وأنتم لم تركوا لنا مكان ولو كنتم تملكون
الزمن لسرقتم أيامنا و ساعاتنا
ودقائقنا وتنزعوا من زمننا حتى الثواني
فيصبح الواحد منا فان
بلا زمان
يا لصوص الوطن و المكان
سرقتم منا السلام
وحب السلام
سرقتم تحية السلام
من أفواهنا
كنا أعداء الحروب
فسرقتم حب السلام
من القلوب
وأصبحت جماجمنا تحلم بالجهاد
رغم أن في أعماقنا
كانت تسكن عواطف السلام
فعصفت بها عواصف الآلام
روعتم أمنها
فلا آمان .....لا آمان....لا آمان
يقرأ في عيونكم منذ الآن
مع عقارب الزمان
لكننا ونحن نقرأ
القرآن
نعرف أن السلام
آت مع الإسلام
والعزة سوف تجد الأرض
وأصحاب الأرض
وتعيد الحق المسروق
لأهل القدس
وكل الحقوق
وفي ذلك الوقت يمكن
لشمس السلام الشروق .

[لوز رشيد]

شكرا على الاختيار المميز