السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
من صيفات الله عز وجل:
الإحسان:
وهي صفة من صفات الفعل وهي ثابتة بالكتاب والسنة قال تعالى:{ الذي أحسن كل شيء خلقه }(السجدة:7) وقال أيضاً:{وصوركم فأحسن صوركم }(غافر:64) وقال - صلى الله عليه وسلم إذا حكمتم؛ فاعدلوا، وإذا قتلتم؛ فأحسنوا؛ فإن الله مُحْسِنٌ يحب الإحسان ) رواه الطبراني . ومعنى الإحسان التفضل والاتقان، وهذان المعنيان لله الغاية منهما فالله هو المتفضل حقا فهو الذي خلق ورزق وأعطى، وهو الذي يجزي المحسنين بأفضل مما قدموا وأعطوا، فهو يجزي على الحسنة بعشر أمثالها، ولا يجزي على السيئة إلا بمثلها، والله هو المتقن صدقاً فلا يعمل عملاً إلا كان في غاية الإتقان والإحكام، فانظر إلى خلق الإنسان والحيوان والسموات والأرض تجد إتقان خلقها جلياً وواضحاً، ويدل دلالة واضحة على عظمة الخالق وحكمته وإتقانه .
الإحياء: وهي صفة فعل مأخوذة من قوله تعالى: { وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الإنسان لكفور }(الحج:66) ومن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعائه عند استيقاظه من النوم: ( الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور ). رواه البخاري وفي معناه يقول الإمام البيهقي في ( الاعتقاد )( ص 62):" المحيي: هو الذي يحيي النطفة الميتة، فيخرج منها النسمة الحية، ويحي الأجسام البالية بإعادة الأرواح إليها عند البعث، ويحيي القلوب بنور المعرفة، ويحيي الأرض بعد موتها؛ بإنزال الغيث، وإنبات الرزق ".
الإرادة: وهي صفة ذات دليلها قوله تعالى:{ إن الله يحكم ما يريد }(المائدة:1) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ( إذا أراد الله بقوم عذاباً؛ أصاب العذاب من كان فيهم ثم بُعثوا على أعمالهم ) رواه مسلم . ومعنى صفة الإرادة إثبات القصد لله في كل ما يفعله، ففعله سبحانه صادر عن إرادته، وإرادته نافذة في كل خلقه، فما أراد الله شيئا إلا قال له كن فكان { بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون }(البقرة: 117 ).
الاستواء على العرش، وهو صفة فعلية خبرية، ثابتة لله تعالى بدليل الكتاب والسنة، قال تعالى: { الرحمن على العرش استوى }( طه:5 )،وقال تعالى:{ ثم استوى على العرش }(الأعراف:54) وقال - صلى الله عليه وسلم - ( إن الله خلق السماوات والأرضين وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش.. ) رواه النسائي في ( التفسير ) ومعنى الاستواء علو الله على خلقه وارتفاعه على عرشه من غير تكييف ولا تمثيل
الانتقام: وهي صفة من صفات فعله تعالى
بالكافرين والمعتدين والمتجبرين،قال تعالى: { إنا من المجرمين منتقمون }(السجدة:22) والانتقام صفة من تجليات العدل الإلهي الذي يجري على المجرمين إما في الدنيا أو في الآخرة على حسب مقتضى حكمته سبحانه، قال تعالى: { ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار }(إبراهيم:42) .
الإبداع وهي صفة فعل مأخوذة من قوله تعالى: { بديع السموات والأرض }(البقرة: 117)، ومن قوله في الحديث: ( اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت وحدك، لا شريك لك، المـنان، بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام ) رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما، ومعنى صفة الإبداع أي الخلق والاختراع على غير مثال سابق مع كون خلقه غاية ما يكون من الحسن والخلق البديع، والنظام العجيب المحكم .
البركة: وهي صفة لله ثابتة بالكتاب والسنة قال تعالى: { رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت }(هود:73)، وقال تعالى:{ تبارك الذي بيده الملك }(الملك: 1 ) وفي مخاطبة أيوب - عليه السلام – ربه بقوله: ( لا غنى بي عن بركتك ) رواه البخاري . ومعنى صفة البركة كثرة خيره، وعظيم منه، وواسع عطاءه، فهو يغدق على عباده أنواع الخيرات والمنافع من غير فائدة تعود إليه منهم .
البسط والقبض وهما صفتان ثابتان لله مأخوذتان من قوله تعالى:{ والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون }( البقرة: 245 ) ومعنى هاتين الصفتين أن الله يضيق الرزق بقبضه عمَّن يشاء من خلقه، ويوسِّع الرزق على من يشاء لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه .
البصر: صفة لله مأخوذة من اسم الله "البصير" الوارد في آيات وأحاديث كثيرة منها قوله تعالى:{ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }(الشورى:11) ومن الأحاديث قوله - عليه الصلاة والسلام -: ( يا أيها الناس! أربعــوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً، ولكن تدعون سميعاً بَصيراً ) رواه البخاري ومعنى صفة البصر أن الله يرى كل مرئي مهما عظم أو دق فلا يحتجب عنه شيء.
البقاء: صفة لله مأخوذة من قوله تعالى:{ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام }(الرحمن:27 ) ومعنى هذه الصفة أن الله متصف بالبقاء الدائم الذي لا يلحقه عدم ولا فناء
التقديم والتأخير: وهما صفتان لله مأخوذتان من قوله - صلى الله عليه وسلم - في دعائه: ( اللهم اغفر لي ما قدمت، وما أخرت، وما أسررت، وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير ) رواه البخاري ومسلم ومعنى هاتين الصفتين أن الله هو الذي ينزل الأشياء منازلها، فيقدم ما يشاء فضلاً ويؤخر ما يشاء عدلا، ويرفع من يشاء، ويذل من يشاء، لا مقدم لما أخر ، ولا مؤخر لما قدم .
التشريع: صفة لله مأخوذة من قوله تعالى:{ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك }(الشورى: 13) ومعنى هذه الصفة أن الله هو الذي يبين للناس ما يحل لهم فيأتوه، وما يحرم عليه فيجتنبوه، وما يباح لهم فيكون لهم الخيار في فعله أو تركه
الجلال: صفة لله مأخوذة من قوله تعالى:{ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام }(الرحمن:27)، ومأخوذة أيضاً من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( يقول - أي الله -: وعزَّتي وجلالي وكبريائي وعظمتي؛ لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله ) رواه البخاري ومعنى هذه الصفة أن الله متصف بالغاية من عظم القدر والرفعة والشرف والسؤدد .
الجمال: صفة لله مأخوذة من اسمه الجميل، الوارد في قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله جميل يحب الجمال ) رواه مسلم ومعنى هذه الصفة أن الله له الحسن المطلق والجمال المتفرد الذي لا يشبهه أحد فيه، ويكفي لبيان جمال الله أن أهل الجنة مع ما هم فيه من النعيم المقيم، وأفانين اللذات والسرور التي لا يُقدر قدرها، إذا رأوا ربهم، وتمتعوا بالنظر إلى وجهه الكريم؛ نسوا كل ما هم فيه، واضمحل عندهم هذا النعيم، وودوا لو تدوم لهم هذه الحال، ولم يكن شيء أحب إليهم من الاستغراق في شهود هذا الجمال، واكتسبوا من جماله ونوره سبحانه جمالاً إلى جمالهم، وبقوا في شوق دائم إلى رؤيته، حتى إنهم يفرحون بيوم رؤية الله فرحاً تكاد تطير له القلوب .
الجود: صفة لله مأخوذة من اسمه الجواد، الوارد في قوله - صلى الله عليه وسلم - إن الله جواد يحب الجود ) رواه الترمذي ومعنى هذه الصفة اتصاف الله بكثرة العطاء والإحسان فجوده وفضله عم الوجود كله .
الحُكم: صفة لله مأخوذة من قوله تعالى: { أفغير الله أبتغي حكماً }(الأنعام: 114) ومن قوله تعالى:{ فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين }(الأعراف:87) وفي حديث هانئ بن يزيد - رضي الله عنه -؛ أنه لما وفد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع قومه؛ سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ( إنَّ الله هو الحَكَم، وإليه الحُكم ) رواه أبو داود والنسائي . ومعنى هذه الصفة أن الله هو المشرّع المبين لأحكام الحلال والحرام، وأن الناس إنما تصدر عن تشريعه وحكمه، فلا يُحلل إلا ما حلله الله، ولا يُحرّم إلا ما حرمه الله .
الحب: صفة لله مأخوذة من قوله تعالى: { وأحسنوا إن الله يحب المحسنين }(البقرة: 195 ) وقوله:{ فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه }(المائدة:54) وفي الحديث قال - صلى الله عليه وسلم يوم خيبر -: ( .. لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يُحـبُّ اللهَ ورسولهَ، ويحبُّه اللهُ ورسولـهُ ) رواه البخـاري، ومسلم . ومعنى هذه الصفة أن الله يود أولياءه، ويلطف بهم ،ويحسن إليهم، ويتفضل عليهم بأنواع اللطائف والمنن .
الاحتفاء: صفة لله مأخوذة من قوله تعالى:{ قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً }(مريم: 47 )، ومعنى الاحتفاء أي المبالغة في الإكرام واللطف والعناية بأمر عبده المؤمن .
الحكمة: صفة لله مأخوذة من اسمه الحكيم، قال الله عز وجل: { والله عليم حكيم }(النساء: 26 ) وفي الحديث عن مصعب بن سعد ، عن أبيه، قال: جاء إلى رسول الله أعرابي فقال: علمني كلاما أقوله: قال: ( قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم .. ) رواه مسلم ومعنى الحكمة: يشمل القوة والمنع والعلم والإتقان وكلها في حق الله ثابتة، فالله هو القادر القوي المانع، وهو العالم حقاً الذي وسع كل شيء علماً، وهو الذي وضع كل شيء موضعه، وهو الذي خلق الخلق فأحسن خلقه وأتقنه.
الحَنَانُ: صفة ثابتة لله بالكتاب والسنة قال تعالى معدداً فضائله على نبيه يحيى – عليه السلام - :{ وحناناً من لدنا وزكاةً وكان تقياً }(مريم:13) وفي الحديث عندما ذكر النبي مواقف القيامة فذكر الصراط وشفاعة الأنبياء ثم قال: ( ثم يتحنَّن الله برحمته على مَن فيها، فما يترك فيها عبداً في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا أخرجه منها ) رواه أحمد ، ومعنى هذه الصفة أن الله متصف بالرحمة والعطف والشفقة على المؤمنين.
الحياء: صفة لله دل عليها الكتاب والسنة قال تعالى: { والله لا يستحيي من الحق }(الأحزاب: 53)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ( إنَّ ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أنَّ يردهما صفراً خائبتين ) رواه الترمذي وآثار هذه الصفة تتمثل في إجابة دعاء المحتاجين، وقبول توبة التائبين مهما ارتكبوا من ذنوب ومعاص .
الحياة : صفة ثابتة لله مأخوذة من اسمه الحي، قال تعالى: { الله لا إله إلا هو الحي القيوم }(البقرة: 255 ) وفي الحديث عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول في دعائه: ( اللهم لك أسلمت، وبك آمنت .. أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون ) رواه مسلم ومعنى هذه الصفة أن الله موصوف بالحياة الكاملة التي لا نقص فيها، ولم يسبقها عدم، ولا يلحقها فناء.
الخِبْرة: صفة لله مأخوذة من اسم الله الخبير، قال تعالى:{ وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير }(الأنعام:118) وفي حديث عائشة رضي الله عنها؛ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم – سألها عن سبب تتبعها له عندما خرج لزيارة المقابر في البقيع ؟ فقالت: لا شيء . قال: ( لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير ) رواه مسلم . ومعنى هذه الصفة أن الله هو العالم بكنه الأشياء وحقائقها، والفرق بين الخبرة والعلم أن العلم قد يطلق على العلم بالظاهر والباطن في حين أن الخبرة لا تطلق إلا على العلم بالباطن.
الخُلَّة: صفة ثابتة لله بالكتاب والسنة قال تعالى:{ واتخذ الله إبراهيم خليلاً }(النساء: 125 ) وفي الحديث: ( ولقد اتخذ الله صاحبكم خَلِيلاً )؛ يعني نفسه - صلى الله عليه وسلم - رواه مسلم ومعنى الخلة شدة المحبة وصفاء المودة واختص الله إبراهيم ومحمداً – عليهما السلام – بالخلة لشدة حبه لهما.
الديَّان: صفة لله وردت في حديث عبد الله بن أنيس - رضي الله عنه - قال:سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ( ينادي الله العباد.. أنا الملك، أنا الدَيَّان ) رواه أحمد . ومعنى هذه الصفة أن الله هو الذي يحاسب العباد على أعمالهم، فيجزي المحسنين إحساناً، والمسيئين ما يستحقونه من عقاب جزاء ذنوبهم.
الرأفة: صفة لله مأخوذة من اسمه تعالى الرؤوف، الوارد في قوله تعالى: { إن الله بالناس لرءوف رحيم }(البقرة:143) ومعنى هذه الصفة أن الله عطوف بعباده، رفيق بهم، شرع لهم ما يقوم بمصالحهم ويكون سبب سعادتهم في الدنيا والآخرة
يتبع...