ساعدوني في بحثي هذا عاجل جزاكم الله - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

ساعدوني في بحثي هذا عاجل جزاكم الله

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-10-22, 17:51   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
racha44
عضو جديد
 
إحصائية العضو










Hot News1 ساعدوني في بحثي هذا عاجل جزاكم الله

السلام عليكم و رحمة الله تعالى ارجو مساعدتكم لي في بحث منهج الاقتصاد الاسلامي في علاج مشكلة الفقر لم اجد عنه معلومات كافية لذا ارجو منكم ان تزودوني بخطة مناسبة و مضمون و بارك الله فيكم اني احتاجه في اقرب الاجال ساعدوني









 


قديم 2013-10-22, 22:05   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
islammedia
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية islammedia
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

سوف أقترج عليك شكل خطة البحث ,
المبحث الاول : تكلمي فية عن أهم معالم الاقتصاد الاسلامي فكره تطوره الخ
المبحث الثاني: شرح موجز لافة الفقر وتحدياتها المطروحة على الساحة الاقصتادية العالمية وأثارها الخ
المبحث الاخير: قومي بربط العنصرين هدا يرجع الى فهمك للموضوع برمته

بالتوفيق
للعلم يمكنك إيجاد البحث جاهز على الانترنت , ولكن حاولي الاجتهاد قليلا في الموضوع










قديم 2013-10-22, 22:13   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
biba1979
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

أختاه المغزى من هذا البحث كيف اهتم الاسلام بمشكلة الفقر وحاول خلق توازن وذلك بالصدقات والزكاة وغيرها من موارد المال العام إليك هذا البحوث وحاولي الاقتباس منها

هذا بحث 1


المبحث الأول: صحة العقيدة الاقتصادية:
المبحث الثاني: التخصيص الصحيح للموارد الاقتصادية.
المبحث الثالث: إدارة الاقتصاد بأسلوب التخطيط للقضاء على الفقر.
المبحث الرابع: منهج الأولويات الاقتصادية وتوظيفه لمواجهة مشكلة الفقر.
المبحث الخامس: التحويلات من الأغنياء إلى الفقراء.
--------------------------------------------------------------------------------
الفصل الأول
منهج الإسلام للقضاء على الفقر

مداخل أساسية:

أشكال الفقر في المجتمعات البشرية:

يمكن القول: إن الفقر يمثل القضية الاجتماعية الكبرى التي واجهها الإنسان ولا يزال يواجهها منذ أن بدأت المجتمعات البشرية. أخذت ظاهرة الفقر أشكالاً متعددة; الشكل التقليدي لها هو وجود فقير في مقابل غني، والمعيار في هذا الشكل هو الثروة ومعها الدخل، وهو معيار اقتصادي. وجود حر في مقابل عبد، شكل آخر من أشكال الفقر، الذى يوجد فيه معياران: المعيار الاقتصادي وهو الفقر في الدخل والثروة، والمعيار السياسى وهو فقدان الإرادة السـيـاسيــة، فليس للعبـد إرادة سيـاسية، فإرادة سيده تصبح إرادته. في ظل النظام الإقطاعي ظهر شكل آخر من أشكال الفقر، وهو رقيق الأرض

(قن الأرض ) في مقابل الإقطاعي. وفي رقيق الأرض لا يكون العامل الاقتصــادي هو الأقــوى وإنما فقــدان الإرادة السيــاســـية هو العـــامل الظــاهر وهو الأقوى، ويجيء تبعاً العامل الاقتصادي.

عند الحديث عن الفقر، فإن المعنى القريب الذى يرد على الفكر هو وجود فرد فقــير في مقــابل فرد غني. هذه هي الصــورة التي يكثر الحديث حولها. إلا أنه توجد صور أخرى للفقر، من ذلك وجود جماعة فقيرة في مقابل جماعة غنية، وأشهر ما عرف عن هذه الصورة جماعة المنبوذين في الهند، وإذا كانت هذه هي الصورة الأشهر فإنها ليست الصورة الوحيدة، فكل مجتمع بشري وجدت فيه جماعات عرفت بفقرها، لأسباب كثيرة متنوعة. احتلال دولة لدولة أخرى يَتَضَمَّن صورة من صور الفقر، حيث تستهدف الدولة التي قامت بالاحتلال إفقار الدولة التي وقع عليها الاحتلال. ويتحقق هذا الفقر في مجالات متعددة، منها فرض التخصص في إنتاج المنتجات الأولية الرخيصة، ومنها الحرمان من التعليم وخاصة الفني، ومنها فرض التزامات مالية على مواطني الدولة التي ابتليت بالاحتلال لتحقيق مصالح الدولة التي تمكنت من الاحتلال.

وللتعرف على ذلك يُقترح مراجعة تاريخ احتلال الدول الأوروبية لمصر: الإغريق، والرومان، والفرنسيين، والإنجليز. ويقترح على وجه الخصوص دراسة السياسات الاقتصادية والتعليمية التي فرضتها بريطانيا على مصر بعد احتلالها في عام 1882م.

النظام الاقتصادي المعاصر، أحد عناصر العولمة المعاصرة التي فرضت على العالم منذ تسعينيات القرن العشرين، أوجد صورة جديدة للفقر. هذا النظام يتبنى نظرية أطلق عليها نظرية20-.80 وتعني أن 20% من سكان العالم يكونون بالقوة أغنياءه، وأن 80% وهم الباقون يفرض عليهم الفقر. تشمل الفئة الغنية سكان البلاد المتقدمة وأفراداً محدودين من البلاد الفقيرة. هذه آخر صورة للفقر تواجهها المجتمعات البشرية، وهي صورة شديدة التعقيد وبالتالي صعبة العلاج، وذلك لأسباب كثيرة منها:

(أ ) إنه فقر تفرضه قوى عالمية تملك تفوقاً ساحقاً في المجالات التقنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية.

(ب ) الفئات الغنية في البلاد الفقيرة تستمد قوتها من غناها ومن سيطرتها على نظام الحكم، وبجانب ذلك فإنها تستمد قوتها أيضاً من ارتباطاتها الدولية التي توفرها لها العولمة المعاصرة.

(ج ) التعقيد والصعوبة في مواجهة فقر العولمة المعاصرة لا يقتصر على أسباب من جانب الأغنياء وإنما أيضاً لذلك أسبابه من جانب الفقراء. ثورة الاتصالات والتي تتيح للفرد العادي أن يعرف كل مظاهر الحياة في العالم فجرت عند الفقراء ثورة تطلعات طبقية مشروعة وغير مشروعة. وهذا أمر قد يحمل عنصر تخدير للفئات الفقيرة.

(د ) التجربة التي تمت مع الاشتراكية تركت آثارًا سلبية عميقة في النفس البشرية. هذه الآثار تجعل فئات واسعة من الفقراء قد تقبل فقراً مع العولمة الرأسمالية المعاصرة وذلك بدلاً من الوقوع مرة ثانية فريسة للاشتراكية التي سحقت البشر في المجتمعات التي طُبقت فيها.

(هـ ) العولمة المعاصرة تتبنى الرأي القائل: بشيء قليل من التغذية المخدرة يمكن السيطرة على الفقراء الذين يمثلون 80% من سكان العالم(1 ). هذا الرأي هو أحد مظاهر التعقيد في الفقر الذي تفرضه العولمة المعاصرة وأحد أسباب صعوبة العلاج. العولمة المعاصرة تستخدم تقنياتها الفائقة المتطورة وهي تقنيات في الأفكار وفي الوسائل وذلك لتخدير الفقراء. مشاهدة الواقع المعاصر تجعلنا نقول: إن هذا الرأي قد وضع موضع التطبيق، لقد طبق التخدير إما بالمواد المخدرة المعروفة، وإما بالأفكار المخدرة المعروفة أيضاً، وإما بالإغراق في وسائل التسلية الخادعة.

الفقر من الأسباب الكبرى لحركة التاريخ:

دراسة التاريخ تثبت أن الفقر أحد الأسباب الكبرى التي حركت الثورات في المجتمعات، وقد يكون أقوى الأسباب. هذه حقيقة تاريخية تجد إثباتها في كل المجتمعات. نذكر بعض العناصر العاملة على هذه الحقيقة:

الأفكار والحركات التي وجدت في عصور طويلة، وصفت بالاشتراكية، فجرها الفقر، الفقر بالمعنى السياسي والاقتصادي، هذا في ظل النظام الإقطاعي، والفقر بالمعنى الاقتصادي في العصور التي تلت الإقطاع.

كارل ماركس أشهر الاشتراكيين، اعتبر أن تاريخ الإنسان هو تاريخ الصراع بين من يملك فى مقابل من لا يملك(1 ). أى بين الأغنياء والفقراء. لسنا في جانب الاشتراكية، لا في صورتها الماركسية ولا في صورها الأخرى، ولكن كارل ماركس أعطى صورة حقيقية للمجتمعات التي لم تلتزم بديانة سماوية في نظمها الاجتماعية والاقتصادية. لذلك يظل الرأي القائل: بأن الفقر قد يكون المحرك الرئيس للثورات والانقلابات في التاريخ رأياً صحيحاً.

الذين لا يؤمنون بأن اللَّه أرسل رسلاً يقولون عن رسالاتهم: إنها كانت ثورات فقراء أو مضطهدين سياســياً واجتــماعياً. ولسنا معهم فيما يقــولون إلا أن قولهم يجعلهم مع الفكرة القائلة: بأن الفقر هو المحرك الرئيس للانقلابات الكبرى فى التاريخ.

عناصر منهج الإسلام للقضاء على الفقر:

شهد تاريخ المسلمين حدثاً له أهميته فى موضوع الفقر وقع في عصر عمر ابن عبد العزيز عندما جمعت الزكاة ولم يوجد فقير -بالمعنى المعروف في اقتصاداتنا المعاصرة- تدفع له. بسبب ذلك صرف سهم الفقراء والمساكين لسد احتياجات أخرى من نوع قضاء الديون والمساعدة على الزواج وتحرير الأرقاء وهكذا. عصر عمر بن عبد العزيز كان بعد قيام الدولة الإسلامية بمائة عام، وهذه كانت فترة كافية لأن يطبق فيها المنهج الذي جاء به الإسلام للقضاء على الفقر، وبحيث تعمل العناصر التي يتكون منها المنهج وتتفاعل، وبالتالي تعطي نتائجها في الواقع.. دور عمر بن عبد العزيز أنه أتاح البيئة الملائمة لتطبيق المنهج الإسلامى وبالتالي أعطى نتيجته.

لم تثبـت الدراســات لكل عصور التاريخ أنه قــضي على الفقر في أيـة أمــة أخــرى من الأمــم; أي أن ما وقــع في المجتمـــع الإســلامي في عصر عمر ابن عبد العزيز ليس له مثيل في تاريخ المجتمعات البشرية. الأمر على هذا النحو يحمل رسالة للباحثين، وهي أن يدرسوا المنهج الإسلامى الذي أنتج تطبيقه هذه النتيجة الفريدة. هذه الدراسة واجبة على كل الباحثين، مسلمين وغير مسلمين، وذلك لأن المجتمعات البشرية جميعها في حاجة لهذا المنهج لتواجه به أخطر مشكلة اجتماعية تهدد أمنها واستقرارها.

ولا يمكن حصر المنهج الذي يقضي به الإسلام على الفقر في العنصر الاقتصادي وحده، وإنما الإسلام ككل فاعلٌ فى ذلك، بعقائده وعباداته وأخلاقه.. الإسلام ككل فاعل في ذلك بنظامه السياسي ونظامه الاجتماعي ونظامه الاقتصادي. ومع صحة القول: بأن ما جاء به الإسلام كله يمثل المنهج الذي يقضي به على الفقر، فإن ضرورة البحث تقتضي أن تقتصر الدراسة على العنصر الاقتصادي في هذا المنهج.

وتحدد الطبيعة المذهبية للاقتصاد المنهج الذي يواجه به مشكلة الفقر. ويمكن إيضاح هذا المعنى من معرفة المنهج الذي يتعامل به النظام الرأسمالي مع هذه المشكلة بالمقارنة بالمنهج الذي يتعامل به النظام الاشتراكي.

الاقتصاد الإسلامي له طبيعته المذهبية التي تميزه عن الرأسمالية والاشتراكية. ويترتب على ذلك أن له منهجه الذي يواجه به مشكلة الفقر. ويمكن القول: إن هذا المنهج يتكون من عنصرين أساسين. العنصر الأول يتحقق من خلال العقيدة الاقتصادية وأسلوب إدارة الاقتصاد، أما العنصر الثاني فإنه يتحقق من خلال التحويلات من الأغنياء إلى الفقراء في نظام الإسلام المالي.

العنصر الثاني هو المعتاد الحديث عنه في الدراسات التي أجريت عن الإسلام ومشكلة الفقر، يدخل في هذا العنصر الزكاة والضرائب (لصالح الفقراء ) وغير ذلك. أما العنصر الأول فيمكن القول: إنه لم تجر حوله دراسات.

والخطة المقترحة مؤسسة على دراسة ما يلي:

أولاً: صحة العقيدة الاقتصادية:

ثانياً: التخصيص الصحيح للموارد الاقتصادية.

ثالثاً: إدارة الاقتصاد بأسلوب التخطيط للقضاء على الفقر.

رابعاً: منهج الأولويات الاقتصادية وتوظيفه لمواجهة مشكلة الفقر.

خامساً: التحويلات من الأغنياء إلى الفقراء.

المبحث الأول: صحة العقيدة الاقتصادية

تمهيد:

صحة العقيدة الاقتصادية، تعتبر الأسلوب الأول لمواجهة الفقر في منهج الإسـلام. والعقيــدة من الألفـــاظ الكلية، وهي تدل على مفهـــوم عــام لكل ما يعــقد المــرء عليه عزمه ويجعـله مناط تصميمه مهما كلفه ذلك من أمر. أما المعنى الاصطلاحي للعقيدة فهو: أنها مجموعة من قضايا الحق المسلمة بالعقل والسمع والفطرة يعقد عليها الإنسان قلبه، ويثني عليها صدره جازماً بصحتها وقاطعاً بوجودها وثبوتها. ويمكن أن يوضح معنى العقيدة بما قاله سعد الدين التفتازاني: اعلم أن الأحكام الشرعية منها ما يتعلق بكيفية العمل وتسمى نوعية وعملية، ومنها ما يتعلق بالاعتقاد وتسمى أصلية واعتقادية. العلم المتعلق بالأولى يسمى علم الشرائع والأحكام، وبالثانية علم التوحيد والصفات، ويقال عنه علم أصول الدين(1 ).

في إطار هذا المعنى للعقيدة، تكون العناصر الداخلة في صحة العقيدة الاقتصادية كثيرة، إلا أننا نختار عناصر ثلاثة نوظفها في علاج الفقر، هي:

- الفهم الصحيح للقضاء والقدر بشأن الفقر.

- الفهم الصحيح للتوازن بين الموارد الاقتصادية وحاجات البشر.

- الفهم الصحيح لأصل الملكية: ملكية الاستخلاف.

1- الفهم الصحيح للقضاء والقدر بشأن الفقر:

قد يعتقد بعض الفقراء أن الفقر الواقع عليهم هو قضاء وقدر من اللَّه سبحانه وتعالى لا ينفك عنهم، ويلازمهم طوال حياتهم. هذا الاعتقاد إذا وجد فإنه قد يؤدي بالفقير ألا يحاول علاج الفقر الواقع عليه. هذه القضية فطن إليها أحد المفكرين المسلمين منذ ستة قرون سبقت هو أحمد بن علي الدلجي(2 ) ناقشها في كتابه:الفلاكة والمفلوكون (الفقروالفقراء ). وتمثل الآراء التي عرضها الدلجي تصوراً للفهم الصحيح للقضاء والقدر بشأن الفقر، لذلك قد يكون من المفيد أن نعرض لهذه الآراء:

خصــص الدلجـي الفصــل الثــاني مــن كتــابــه لمــوضـوع: خــلق الأعمــال وما يتعلق به. وقد كتب في بيان سبب بحث هذا الموضوع ما يلي: (الغرض من هذا الفصل إقامة الحجة على المفلوكين وقطع معاذيرهم وإلجامهم عن التعلق بالقضاء والقدر، وأنه متى نعيت عليهم فلاكتهـم أو نودي عليهـم بها كان ذلك لأنهم إما فاعلوها استقلالاً أو مشاركة ...)(1 ).

الفصل الأول في كتاب الدلجي عن تحقيق معنى مفلوك، أي تعريف الفقير. بعد هذا التعريف يدخل مباشرة في الفصل الثاني في مناقشة قضية القضاء والقدر وتعلق الفقراء (الباطل ) بها. يدل هذا على أن الدلجي يعتبر مناقشة هذه القضية الواجب الأول في موضوع دراسة الفقر والفقراء، بعبارة أخرى: إن دراسة الفقر تبدأ بهذا الموضوع، وهو إبطال تعلق الفقراء بالقضاء والقدر، وبالتالي إبطال استسلامهم للحالة التي هم عليها من الفقر.

ولإبطال تعلق الفقير بالقضاء والقدر، ولإثبات مسؤوليته عن فقره، عرض الدلجي الأدلة التالية(2 ):

- الفقير فاعل فقره -أي متسبب فيه- إما استقلالاً أو مشاركة.

- يتفق العلماء على أن القضاء والقدر لا يحتج به.

- حركة العبد للسعي تجامع التعلق بالأسباب ولا تنافيها.

- الاكتساب لإحياء النفس ولغير ذلك واجب.

- الرسول صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي: (اعقلها وتوكل )(1 ).

- ليس من شرط التوكل ترك الأسباب، فإن ذلك حرام في الشرع ولا يتقرب إلى اللَّه بمحارمه.

- اللَّه سبحانه وتعالى قال: { يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم }. [النساء:71]

- وجود المال في اليدين لا في القلب، ودخول الدنيا على العبد وهو خارج عنها، لا ينافي الزهد.

الأدلة التي عرضها الدلجي تبطل تعلق الفقراء بالقضاء والقدر لتبرير استسلامهم للفقر. يمثل هذا العنصر الأول في صحة العقيدة الاقتصادية. هذا العنصر له أهميته، بل له الأهمية الأولى بين الأساليب التي يواجه بها الفقر، أو التي يعالج بها الفقر. وذلك لأنه يبدأ بعلاج الفقر بتصحيح عقيدة الفقير، ولأنه يجعل العلاج من الفقير نفسه، لأنه يحمله المسؤولية، وهي مسؤولية تنبع من العقيدة.

هذا الأمر له أهمية في حياتنا المعاصرة، ذلك أن هناك من يفسر تخلف المسلمين بارتباطهم بالقضاء والقدر وقعودهم عن العمل، والدلجي يبطل الفهم الخاطئ في هذه القضية.

تصحيح عقيدة الفقير بشأن القضاء والقدر له توظيفاته الاقتصادية المتعددة. من ذلك أنه يدفع الفقير للعمل ليقضي على فقره، ويدفعه لحب المــال فيســعى لجـــمعه وامتــلاكه، ويدفعه لاعتـبار العنصر المادي في الحـــياة فلا يهمله.

2- الفهم الصحيح للتوازن بين الموارد الاقتصادية وحاجات البشر:

مشكلة الندرة، يمكن القول عنها: إنها مسلمة من المسلمات التي يعتقد فيها الاقتصاديون. وهي تعني أن الحاجات الاقتصادية غير محدودة بينما الموارد الاقتصادية التي تستخدم لإشباعها محدودة. ولقد وصل الأمر إلى حد أن جمهرة الاقتصاديين يعتبرون أن الندرة تمثل موضوع علم الاقتصاد.

عكست مشكلة الندرة نفسها في نظريات اقتصادية كثيرة، أهمها نظرية مالتس في السكان التي تتأسس على أن الموارد الاقتصادية غير كافية لتوفير الغذاء للعنصر البشري. وقد نادت هذه النظرية بضرورة التخلص من الزيادة بنوعين من الوسائل، الوسائل السالبة التي تمنع وصول بشر جدد، والوسائل الموجبة التي بها يتم التخلص من جزء من البشر الموجودين وهي الحروب والأوبئة والمجاعات. وتتضمن هذه النظرية منع إعطاء إعانات للفقراء.

والنظام الرأسمالي وهو يرتبط بمشكلة الندرة، ارتبط معها بفكرة ملازمة لها وهي تعارض المصالح، وقد وصل الأمر بهذه الفكرة إلى أنها أخذت اسم نظرية عدم تناسق المصالح.

قادت مشكلة الندرة وتوابعها إلى صبغ علم الاقتصاد بصبغة تشاؤمية. ولا يرفض الاقتصاديون هذا الوصــف لأنه في رأيهم يعبر عن الواقع. ولا شك أن هذا كله عكس نفسه في سياسات مواجهة الفقر، ليس انعكاساً إيجابيــاً إنما انعكاساً سلبياً إلى حد الإحساس بأن الاقتصاد تبنى الرأي القائل: الخير للفقير أن يموت جوعاً.

ومن الأخطار المترتبة على مشكلة الندرة، أن يؤمن بها من هو مسؤول عن مواجهة مشكلة الفقر; عالم الاقتصاد أو المسؤول السياسي، ولا شك أن التسليم بمشكلة الندرة يحدد طبيعة قراره وسياساته للقضاء على الفقر، إذ كيف يعالجه مع أنه يؤمن بأنه فوق إمكانية الموارد الاقتصادية المتاحة؟!

وتعني مشكلة الندرة أن الموارد الاقتصادية غير كافية لإشباع الحاجات الاقتصادية الواقعة عليها. والأمر على هذا النحو يصطدم بالعقيدة الإسلامية، ذلك أن المسلم يؤمن بقول اللَّه سبحانه وتعالى: {وما مِن ْدَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتاب مبين } (هود:6 ).. فقضية الندرة بناء على ذلك ينبغي أن تعرض كقضية لها ارتباطها بالعقيدة.

الموارد الاقتصادية التي خلقها اللَّه سبحانه وتعالى وكفايتها وملاءمتها من حيث خصائصها موضوع فيه أدبيات إسلامية كثيرة، وهي أدبيات تتأسس على ما وعد اللَّه به سبحانه وتعالى من ضمان الرزق لكل دابة.

لذلك قد يكون من المناسب إجراء مناقشة اقتصادية لثلاث آيات جاءت في سورة الحجر، وهي تعمل مباشرة على موضوع التوازن بالمعنى العام، ويدخل فيه التوازن بين الموارد والحاجات.

يقول سبحانه وتعــإلى: (وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19 ) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِين َ (20 ) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّله إلا بِقَدرِ مَعْلوم ) (الحجر:19-21 ).

التحليل الاقتصادي للنص القرآني:

(أ ) {وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُون }:

يسع النص التوازنات التالية: التوازن بين الحاجات والموارد الاقتصادية.. التوازن بين الموارد الاقتصادية بعضها مع بعض.. والتوازن بين حاجات الفرد الاقتصادية بعضها مع بعض.

وبناء على هذا، فإن النص القرآني يشمل أنواع التوازن كلها. بينما علم الاقتصاد يناقش نوعاً واحــداً من التــوازن هو التوازن بين الحـاجات والموارد، ولا يناقشه باعتبار أن التوازن يتحقق، إنما يناقشه على اعتبار أن الموارد غير كافية لإشباع الحاجات، أي أن العلاقة هي علاقة اختلال وليست علاقة توازن.

(ب ) {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِين }:

يخبر اللَّه سبحانه وتعالى في هذا النص القرآنى أنه أودع في الأرض موارد اقتصادية كافية لإشباع من يملك: {لَكُمْ فِيهَا مَشَ}، وأيضـاً لإشـــباع من لا يملك: {وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينْ }.

ومن باب المقابلة، نعرف أن الفكر الاقتصادي العلماني ممثلاً في نظرية مالتس وغيرها من النظريات الاقتصادية يرتبط بفكرة أن الموارد الاقتصــادية غيــر كافيــة لإشبــاع حاجات كل سكان الأرض، ولذلك لا بد من التضحية أو التخلـــص من بعضــهم. ولعــل مما يجــب التذكيــر به عــلى وجه الخصوص، أن العولمة المعاصرة في شقها الاقتصادي تتبنى هذه النظرية، بل وتضعها موضع التطبيق.

(ج ) {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلا بِقَدَرٍ مَعْلُوم ٍ}:

يخبر اللَّه سبحانه وتعالى فى هذا النص القرآني أن الموارد الاقتصادية (وهي داخلة في كل شيء ) سوف تزيد بالقدر الذي يقدره اللَّه تعالى. يعني ذلك أن الموارد الاقتصادية متزايدة. وبربط هذا النص بالنص الأول: {وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْئٍ مَوْزُونٍ }، يمكن استنتاج أن الموارد الاقتصادية تزيد بقدر زيادة حاجات البشر. ويعني ذلك أن مشكلة الندرة غير واردة حتى في المستقبل.

استنتاج:

الآيات السابقة قــاطــعة في نفــي مشكــلة الندرة في الــزمن الحـــالي، وفي الأزمنة المقبلة، ويترتب على ذلك أن الموارد الاقتصادية المتاحة كافية لإشباع كل الحــاجــات. ومع الإيمان المطـــلق بذلك، إلا أنه تظل هناك قضية هي كيفية حصول كل فرد على نصيبه من هذه الموارد. وحل هذه القضية مربوط بالآتي:

(أ) عمل الإنسان:

لابد أن يقدم كل إنسان العمل اللازم الذي يعطيه الحق في الحصول على نصيبه من الموارد.

(ب) النظم التي يُخضع الإنسان نفسه لها:

هذه النظم هي المسؤولة عن أن فرداً ما يحصل على موارد اقتصادية أكبر من العمل الذي قدمه، في مقابل فرد آخر لا يحصل من الموارد الاقتصادية بالقدر الذي بذله من عمل.

(ج) كفاية الموارد:

الإيمان بهذا واجب.. وقد تصبح غير كافية، وذلك بسبب تصرفات البشر، ومنها الإسراف، وتبديد الموارد، وتلويث الموارد، وغير ذلك من التصرفات.

(د) محدودية وقصور السياسات العلمانية:

التي توضع للتعامل مع مشكلة الفقر، لأنها محكومة بما يؤمن به الاقتصاديون من أن الموارد الاقتصادية غير كافية لإشباع حاجات كل الأفراد. وفي مقابل ذلك، فإن السياسات الإسلامية لعلاج الفقر تنطلق من قاعدة إيمانية هي أن اللَّه سبحانه وتعالى خلق موارد اقتصادية متوازنة مع الحاجات الواقعة عليها. هذه القاعدة الإيمانية تمثل العقيدة الاقتصادية الصحيحة التي تجعلنا نؤمن بأن القضاء على الفقر ممكن بالموارد المتاحة لنا.

نستطيع أن نطور هذه النتيجة إلى الآتي: الإيمان بأن اللَّه سبحانه خلق موارد اقتصادية متوازنة مع الحاجات الواقعة عليها، شرط ضروري لوضع سياسات اقتصادية قادرة على علاج مشكلة الفقر. هذا الأمر هو الذي جعلناه عنواناً لهذه الفقرة، وهو صحة العقيدة الاقتصادية.

3- الفهم الصحيح لأصل الملكية: ملكية الاستخلاف:

لا يمكن دراسة أسباب الفقر ووسائل علاجه بانفصال عن نمط الملكية السائد في المجتمع، وذلك لأسباب كثيرة منها:

(أ ) يوزع الدخل المتولد في الاقتصاد على عوامل الإنتاج التى ساهمت في إنتاجه، وهي تجمع في العمل ورأس المال والأرض. والأخيران يعبران عن الملكية، وعلى هذا تكون الملكية قسيم العمل في توزيع الدخل.

(ب ) أهمية الملكية في موضوع الفقر لا تقتصر على أنها مصدر للحصول على جزء من الدخل المتولد في الاقتصاد، وإنما تتعدى ذلك، فهي من المحددات الرئيسة لنمط العلاقات الاجتماعية بين فئات المجتمع. ومن المسلم به أن العلاقات الاجتماعية لها دورها في الحصول على فرص عمل أحسن، وفرص نشاط اقتصادي أوسع، وهكذا. وهذا وغيره يصب نفسه في وجود فقير وغني بالمجتمع.

(ج ) الحديث عن الملكية ينصرف عادة إلى الملكية الخاصة، إلا أن الملكية العامة حقيـقة، حتى في ظل النظام الرأسمالى. وسياسات علاج الفـقر لا يمكن أن تهمل الملكية العامة.

ويرتبط الاقتصاد الإسلامي بأصل للملكية هو مبدأ الاستخلاف. وهو مبدأ حاكم على الملكية الخاصة وعلى الملكية العامة. وقبل تقديم مناقشة عن هذا المبدأ وعن آثاره في علاج الفقر، نرى ضرورة الإشارة إلى خطأ يمكن أن يقع في دراسة هذا الموضوع وهو الاعتقاد أن ملكية الاستخلاف تمثل نوعاً ثالثاً من أنواع الملكية.. إن هذا المبدأ هو الإطار الذى يحكم الملكية، من حيث استثمارها، ومن حيث العائد الذى يتحقق منها.

ويجد مبدأ الاستخلاف دليله في آيات كثيرة من كتاب اللَّه سبحانه وتعالى. من هذه الآيات:

- ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَة ً)) (البقرة:30 ).

- (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْض ِ) (الأنعام:165 ).

- (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرضِْ ) (فاطر:39 ).

- (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَف َ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِم ) (النور:55 ).

جاء في تفسير معنى خليفة: (الخليفة في الأصل الذي يخلف غيره أو يكون بدلاً عنه في عمل يعمله، والمراد من الخليفة هنا المعنى المجازي، وهو الذي يتولى عملاً يريده المستخلف مثل الوكيل والوصي، أي جاعل في الأرض مديراً يعمل ما نريده في الأرض... فالخليفة هنا هو الذي يخلف صاحب الشيء في التصرف في مملوكاته ) (1 ).

ويحدد مبدأ الاستخلاف طبيعة الملكية في الإسلام; سواء كانت ملكية خاصة أو عامة. إنه يجعل هذه الملكية تستمد مشروعيتها من تشريعات اللَّه سبحانه وتعالى. وغرس هذا المبدأ في نفس المالك، فرد أو دولة يجعله يتصرف على أنه وكيل على ما في يده، وبموجب هذه الوكالة فإنه يلتزم بالتشريعات المنظمة للملكية، من حيث الوسائل التي يكتسبها بها، ومن حيث الطرق التي يستثمرها بها، ومن حيث الالتزامات (الاجتماعية ) التي يكلف بها بسبب هذه الملكية، مثل الزكاة.

ولمبدأ الاستخلاف رباطه الوثيق مع موضوع مواجهة الفقر، لعلاجه والقضاء عليه. إنه يوجد البيئة العقيدية التي يقبل فيها من بيده الملكية أن يوظف هذه الملكية في معالجة مشكلات المجتمع. هذا الأمر عبر عنه الفقهاء بقولهم: للملكية وظيفة اجتماعية.

ولقد جاء الإسلام بتشريعات متنوعة يستهدف بها علاج الفقر والقضاء عليه. ومبدأ الاستخلاف يعطي الغطاء الرقابي لتنفيذ هذه التشريعات، وذلك لأن المخاطب بهذه التشريعات مستخلف على ما في يده، وهذا يوجد نوعاً من الرقابة، وهي رقابة ذاتية إيمانية، وهي أرقى أنواع الرقابة.

و قد يواجه المجتمع حالات استثنائية تخلق له مشكلات خاصة.. ومبدأ الاستخلاف يجعل المالك يشارك بإيجابية في متطلبات كل مرحلة.

استنتاج:

المناقشة السابقة عن مبدأ الاستخلاف يستنتج منها ما يلي:

(أ ) مواجهة الفقر لعلاجه والقضاء عليه تتطلب بيئة عقيدية صحيحة تحكم الملكية.. ومبدأ الاستخلاف يوفر هذه البيئة العقيدية.

(ب ) بناء على هذه النتيجة، تقبل نتيجة أخرى، هي أن مبدأ الاستخلاف يعتبر من أساليب القضاء على الفقر في الإسلام.. هذا المبدأ وإن لم يمكن ترجمته في أسلوب مادي إلا أنه يهيمن على كل الأساليب المادية التي تُواجه بها مشكلة الفقر.

(ج ) يعطي مبدأ الاستخلاف الأساليب الإسلامية لمواجهة الفقر صبغة تجعلها متميزة. هذا التميز يجيء من انطلاق هذه الأساليب من مبدأ مهيمن عقيدياً على من تقع عليه الالتزامات للمشاركة في مواجهة الفقر. ويمكن أن يوضح هذا المعنى بالآتي: إن المستخلِف يلزم المستخلَف بأن يجعل جزءاً مما استخلف فيه للقضاء على الفقر. هذا هو التميز الذى يتحقق في الأساليب الإسلامية للقضاء على الفقر.

المبحث الثاني: التخصيص الصحيح للموارد الاقتصادية

تبحث نظرية تخصيص الموارد الاقتصادية في كيفية توزيع الموارد الاقتصادية المتاحة على الأنشطة الاقتصادية. والنظام الرأسمالي -كما هو معروف- يجعل السوق هو الذي يقوم بهذا التخصيص.

أما في الاقتصاد الإسلامي، فإن تخصيص الموارد الاقتصادية يضمن ثلاثة أنواع من التخصيص، هي:

(أ ) التخصيص بين القطاع العام والقطاع الخاص.

(ب ) التخصيص بين الجيل الحالي والأجيال القادمة.

(ج ) التخصيص في داخل القطاع العام.

ويمثل الحمى أحد عناصر القطاع العام، وهو إجراء ينصب على جزء من الأرض من حيث ملكيتها والانتفاع بها. ويعرف حمى الموات بأنه: (المنع من إحيائه ليكون مستبقى الإباحة لنبت الكلأ ورعي المواشي )(1 ).

وللحمى فقهه الواسع، كما تتعلق به تحليلات اقتصادية متعددة.

ونشير هنا إلى بعض ما يتعلق بالحمى، وهو مما يدخل في موضوع علاج الإسلام للفقر والقضاء عليه.

ومن الأحكام الفقهية المنظمة للحمى:

- لا يجوز حمى جميع الموات أو أكثره.

- لا يجوز الحمى لخاص من الناس أو لأغنيائهم.

- جواز الحمى للفقراء والمساكين ولمصالح كافة المسلمين.

هذه الأحكام الفقهية لها توظيفها المباشر في حل مشكلة الفقر والقضاء عليها. ومن السياسات الاقتصادية التي تتبعها الدولة لمواجهة مشكلة الفقر استخدام القطاع العام في المجال الزراعي في توفير أنشطة اقتصادية وفي توفير فرص عمل للفقراء.

ومن أشهر التطبيقات في استغلال الحمى لحل مشكلة الفقر تطبيق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد حمى أرضًا بمنطقة اسمها الشرف وعين مسؤولاً عنها يقال له (هني )، ومن التعليمات التي أصدرها إلى هذا المسؤول: (يا هني ضم جناحك على الناس، واتق دعوة المظلوم فإنها مجابة، وأدخل رب الصريمة (الإبل ) ورب الغنيمة، وإياك ونعم ابن عفان (عثمان بن عفان ) وابن عوف (عبد الرحمن بن عوف ) فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى نخل وزرع، وإن رب الصريمة ورب الغنيمة يأتيني بعياله، فيقول: يا أمير المؤمنين، أفتاركهم أنا؟ فالكلأ أهون عليَّ من الدينار والدرهم )(1 ).

هذه السياسة التي اتبعها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، من الأساليب الإسلامية لمواجهة مشكلة الفقر والقضاء عليه، بل إنه أسلوب متميز لأنه يحل المشكلة على مستوى النشاط الإنتاجي. لقد قصــر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الانتفاع (الإنتاجي ) بالحمى على الفئات ذات الدخل المحدود، ومنع الفئات ذات الدخل المرتفع.

يلاحظ أن إجراء عمر بن الخطاب رضي الله عنه تعلق بتخصيص الموارد الاقتصادية التي في يد القطاع العام. ويستنتج بناء على ذلك، أن الإسلام يوظف تخصيص الموارد الاقتصادية لمواجهة مشكلة الفقر والقضاء عليها.

ومما يدخل في تخصيص الموارد في الاقتصاد الإسلامي، التخصيص بين الجيل الحالي والأجيال المقبلة. لقد فتح اللَّه على المسلمين بلادًا كثيرة، منها العراق وخراسان والسند ومصر وبلادًا أخرى، وقد أشار بعــض الصحابة رضي اللَّه عنهم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يقسم أرض السواد، فقال لهم: فما يكون لمن يجيء من المسلمين(1 )؟!

إن السياسة الاقتصادية الإسلامية التى طبقها عمر بن الخطاب رضي الله عنه في توزيع أرض السواد، والتي بموجبها جعل الدولة تأخذ في الاعتبار عند تخصيص الموارد الاقتصادية الجيل الحالي والأجيال القادمة، هذه السياسة تستحق أن تعطى لها مساحة في المناقشة لتظهر أهميتها وما يترتب عليها.

فهي تقضي على الفقر الموروث (أو تخفف منه على الأقل )، وهو الفقر الذي يورثه الآباء للأبناء. ونستطيع القول: إن هذا الموضوع من أعقد المظاهر المتعلقة بالفقر ومن أخطرها.

إن السياسة الاقتصادية التي واجه بها الإسلام الفقر الموروث، وذلك باستبقاء موارد اقتصادية في يد الدولة للأجيال القادمة، ليس لها نظير في السياسات الاقتصادية التي هي من وضع الإنسان، وبهذا يتفوق الإسلام تفوقًا لا يملك أحد إنكاره.

هذه السياسة الاقتصادية الإسلامية لا تمثل أي عبء على الأغنياء، وبهذا يمول القضاء على الفقر بعيداً عن الأغنياء وبأسلوب متميز، وهذا يوجب الاهتمام بهذه السياسة.

هذه السياسية الاقتصادية الإسلامية تضع الدولة أمام مسؤوليتها الحقيقية عن الفقر.. فهي مسؤولة، وفي يدها الموارد التي تتصدى بها لهذه المســؤولية، وبهذا تسقط ادعاءات العولمة المعاصرة عن عدم مسؤولية الدولة عن الفقر.

والعالم الإسلامي على وجه الخصوص، في أشد الحاجة إلى هذه السياسة الاقتصادية، وذلك لمواجهة ما يحدث فيه الآن من تمكين فئة محدودة العدد لتضع يدها على الموارد الاقتصادية التي يملكها المجتمع، مع أن هذا ليس حقًا لها، وهي غير قادرة أن تشغلها كلها.

المبحث الثالث: إدارة الاقتصاد بأسلوب التخطيط للقضاء على الفقر

تختلف النظم الاقتصادية في إدارة الاقتصاد.. في النظام الاشتراكي تدير الدولة الاقتصاد إدارة مباشرة، أما في النظام الرأسمالي فإن السوق هو الذي يدير الاقتصاد.. وهذا حكم عام على النظامين، ولكن مع ذلك فإنه توجد تفصيلات واسعة عن هذا الموضوع يمكن التعرف عليها في الأدبيات الاقتصادية.

وفي الاقتصاد الإسلامي، تتعدد الآراء بشأن التخطيط، وهذا التعدد من أسبابه أنه لم يتم الاتفاق على طبيعة دور الدولة الاقتصادي.

وهذا البحث، وهو يشير إلى هذه المسألة من مسائل الاقتصاد الإسلامي، فإنه يرجح الرأي القائل: بأن أسلوب إدارة الاقتصاد الإسلامي فيه نوع من التخطيط. وهذا الترجيح مؤسس على ما يلي:

- الأصل في الاقتصاد الإسلامي أنه مؤسس على تكليفات شرعية.

- القواعد الفقهية تمثل ترجيحات لسياسات التخطيط الاقتصادي.

- وظائف الدولة الاقتصادية التي شرعها الإسلام أداتها التخطيط الاقتصادي.

- تطبيقات الاقتصاد الإسلامي التاريخية ظهرت فيها أنواع من التخطيط الاقتصادي.

والقواعد الفقهية، من الموضوعات التي أعطى الفقهاء لها اهتمامًا، وجاءت دراساتهم لها على وجه الخصوص في كتب حملت عنوان الأشباه والنظائر. ونعرض هنا بعض هذه القواعد(1) التي توظف لخدمة موضوع علاج الفقر.

القاعدة الأولى: تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة:

هذه القاعدة تلزم المسؤول بأن تكون إدارة الاقتصاد مربوطة إلى تحقيق المصلحة، وإذا كان المجتمع يعاني من مشكلة الفقر فإنه يجب أن يدار الاقتصاد بحيث يكون القضاء على الفقر أحد الأهداف التي تتحقق من هذه الإدارة. وهذا يعني أنه توجد خطة.

القاعدة الثانية: يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام:

هذه القاعدة تدل على وجود مصلحتين، المصلحة الخاصة والمصلحة العامة، وهي تدل على أنه ليس من الضروري أن تتطابق المصلحتان. وتلزم القاعدة باعتبار المصلحة العامة إذا تعارضت مع المصلحة الخاصة. واعتبار المصلحة العامة هي الوعاء الملائم لمواجهة مشكلة الفقر وعلاجها. هذه القاعدة أيضاً تعني وجود خطة، ومن عناصرها علاج الفقر.

القاعدة الثالثة: الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف:

تشرع هذه القــاعدة لحالة ما إذا وجــد ضــرران، وأحــد الضــررين أخــف من الآخــر. المقـــابلة بين الضررين من حيث الأخــف والأشد مبنية على كل ما يتعلق بها من حيث استخدام الموارد الاقتصادية ومن حيث النتائج، وهكذا. المشروع في هذه الحالة أن يتحمل الضرر الأخف ويزال الضرر الأشد. إن هذا يستلزم أيضاً وجود خطة، ومن عناصرها القضاء على الفقر.

ويمكن أن تربط هذه القاعدة بمواجهة الفقر وعلاجه بالآتي: إذا كان النفــع الذي يحصــل عليه فريــق من النــاس (الأغنيــاء ) أكبر من الضرر الذي يعانــيه فريق آخر (الفــقــراء )، فإن إدارة الاقــتصاد تتم بحيــث يعـمل على رفــع الضــرر عن الفقــراء، وبوضع بعض السياسات الاقتصادية التي توجه لهذا الهدف.

المبحث الرابع: منهج الأولويات الاقتصادية وتوظيفه لعلاج مشكلة الفقر

تعني الأولويات الاقتصادية أن يدار الاقتصاد وفق خطة تحكم تخصيص الموارد الاقتصادية، أي توزيعها على الأنشطة الاقتصادية، وبالتالي تتحدد (سلة ) إنتاج هذه الخطة مؤسسة على احتياجات المجتمع وفق سلم متدرج.

موضوع الأولويات فيه فقه واسع، وتعطي مقاصد الشريعة على وجه الخصوص الأساسيات الكبرى لمنهج أولويات الاقتصاد الإسلامي، ونحيل على وجه الخصوص إلى الإمام الشاطبي في كتابه الموافقات في أصول الأحكام.

ومنهج الأولويات في الإسلام وعلى النحو الذي تبينه مقاصد الشريعة، يمثل أسلوبًا من الأساليب التي يواجه بها الإسلام الفقر لعلاجه.

ومقاصد الشريعة الإسلامية على ثلاثة أقسام:

- المقاصد الضرورية:

وهي التي لا بد منها لقيام مصالح الدين والدنيا، بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة بل على فساد وموت حياة، وفي الآخرة فوت النجاة والنعيم والرجوع بالخسران المبين. ومجموع الضروريات خمس: حفظ الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل.

- المقاصد الحاجية:

وهي الأمور التي يكون مفتقراً إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج اللاحق بفوات المطلوب، فإذا لم تراع دخل على المكلفين على الجملة الحرج والمشقة.

- المقاصد التحسينية:

وهي الأخذ بما يليق من محاسن العادات وتجنب الأحوال التي تأنفها العقول الراجحات. هذا النوع من المقاصد يجمع في مكارم الأخلاق.

ويمكن القول: إن الضروريات في مقاصد الشريعة تعمل على ما يبقي الإنسان حيًا، أما الحاجيات فإنها تعمل على ما ييسر الحياة، وأما التحسينات فإنها تعمل على ما يجمل الحياة.

وإدارة الاقتصاد وفق منهج مؤسس على مقاصد الشريعة الثلاثة: الضروريات والحاجيات والتحسينات، تتضمن أسلوبًا لمواجهة الفقر وعلاجه.

كما أن التخطيط لتخصيص الموارد الاقتصادية أولاً بحيث تنتج ما يشبع الضروريات، يعتبر سياسة لمواجهة مشكلة الفقر وعلاجها.

هذه النتيجة التي نصل إليها تثبتها وتؤكدها معرفتنا بالواقع الاقتصادي المعاصر، وخاصة واقع العالم الإسلامي. لقد أعطاه اللَّه سبحانه وتعالى موارد اقتصادية كافية لإشباع حاجاته، إلا أن بعض هذه الموارد إن لم يكن أكثرها خصص لإنتاج كماليات ودرجات من الرفاه لبعض الأفراد، بينما يعاني المجتمع من نقص حاد خطير في كثير من السلع والخدمات الضرورية. وهذه العملية بشقيها، يصاحبها إسراف في استخدام الموارد وتبديد لها.

وتطبيق المنهج الإسلامى للأولويات الاقتصادية، يمنع تبديد الموارد والإسراف فيها، ويوفر السلع الضرورية. كما أن الآليات المصاحبة لهذه العملية تعمل على علاج الفقر، وذلك بتوفير فرص عمل، وتوفير السلع الضرورية، وترشيد استخدام الموارد، ويدخل في ذلك علاج الصراع الاجتماعي. وكل هذا يمكن إثباته بالتحليلات المفصلة.

المبحث الخامس: التحويلات من الأغنياء إلى الفقراء

عند الحديث عن مواجهة الإسلام الفقر لعلاجه باستخدام أسلوب التحويلات من الأغنياء إلى الفقراء، فإنه قد يفهم أنه الأسلوب الوحيد، ولكن هذا الفهم يجب أن يصحح.. إنه أحد الأساليب، بل إن استيعاب المنهج الإسلامي على النحو الذي عرض في هذا البحث يجعلنا نستنتج أنه الأسلوب الأخير في خطة الإسلام للقضاء على الفقر.

إن اعتبار التحويلات من الأغنياء إلى الفقراء الأسلوب الأخير في خطة الإسلام للقضاء على الفقر يفهم في الإطار الآتي:

اعتبار التحويلات من الأغنياء إلى الفقراء الأسلوب الأخير لعلاج الفقر، يعني أن الإسلام يبدأ أولاً بحل مشكلة الفقر من خلال النشاط الإنتاجي، ومن خلال إدارة الاقتصاد، ومن خلال دور الدولة. والإسلام بهذا يحقق الأهداف الآتية، ويتميز بها:

(أ ) علاج الفقر من خلال الآلية التي يعمل بها الاقتصاد.

(ب ) علاج الفقر في إطار النشاط الإنتاجي; أي العملية الإنتاجية.

(ج ) جعل الدولة شريكاً فى المسؤولية عن علاج الفقر.

(و ) علاج الفقر من خلال تخصيص الموارد الاقتصادية ومن خلال نظام الأولويات الاقتصــادية يتضمن رقياً في التعــامل مع الفقير، فلا يحقد ولا يحس بالدونية والهوان، وهذا يعالج نفسية الفقير.

(هـ ) علاج الفقر بوسائل غير التحويلات من الأغنياء إلى الفقراء يجعل الأغنياء لا يشعرون أنهم يتحملون عبء الفقراء ويضحون من أجلهم، وهذا يعالج نفسية الغني.

والعنصران المذكوران في (د ) و (هـ ) يترتب عليهما عدم وجود صراع في المجتمع، وذلك لانتفاء أسبابه المتعلقة بالفقر.

كما أن اعتبار التـحــويـلات من الأغنــياء إلى الفــقــراء الأسـلــوب الأخير في المنهج الإسلامى لعلاج الفقر، لا يتضمن حكماً بالدونية على هذا الأسلوب. إن هذا الحكم الكيفي غير وارد، وإنما الوارد هو الترتيب الكمي; أي العددي.

في التحويلات من الأغنياء إلى الفقراء تجيء الزكاة، وهي أحد أركان الإسلام، ولا يقبل بأي حال من الأحوال أن يحكم على أسلوب فيه الزكاة بالدونية الكيفية، لكن يقبل أن يكون الأخير في الترتيب العددي.

وترجمة المنهج الإسلامى لعلاج الفقر بأساليبه الخمسة إلى سياسات اقتصادية واعتبار التحويلات من الأغنياء إلى الفقراء هي السياسة الأخيرة، يجعل العبء الواقع على هذه السياسة محدوداً بدرجة كافية، وهذا أمر له أهميته الاقتصادية، لأنه يجعل كل ادخارات المجتمع (تقريبا ً) توجه إلى الاستثمار، ولا يقتطع منها للإعانات الاجتماعية إلا في أضيق نطاق ممكن.

وتتكون التحويلات من الأغنياء إلى الفقراء من سلة بها عدد من الأدوات، منها: النفقة الواجبة (نفقة الأقارب )، الزكاة، الصدقة التطوعية، الضرائب، وعارية الماعون. هذه الأدوات المكونة لسلة التحويلات من الأغنياء إلى الفقراء تتسع، وتتنوع التحليلات المتعلقة بها. من هذه التحليلات:

- تشتمل هذه السلة على أدوات إلزامية، ومنها النفقة الواجبة والزكاة والضرائب، وأدوات اختيارية ومنها الصدقة التطوعية وعارية الماعون وهكذا. وتنوع الأدوات ما بين إلزامية واختيارية يجعل هذه السلة تشبع شرط الكفاءة الاقتصادية الذي يتحقق من تنوع الأدوات، ومن انخفاض المعدل الذي تفرض به، ومن تنوع الوعاء.

- تأخذ التحويلات من الأغنياء إلى الفقراء، على نحو تفصيلي، المراحل التالية:

المرحلة الأولى: الإلزام:

تتضمن هذه المرحلة مجموعة من الأدوات: النفقة الواجبة والزكاة. واستكمال القضاء على الفقر بتحويلات من الأغنياء إلى الفقراء بأدوات إلزامية يعطي للمنهج الإسلامي تميزًا. والإسلام بهذه المرحلة يضمن عن طريق الإلزام مواجهة مشكلة الفقر. وهناك مظهر آخر من مظاهر تميز المنهج، وهو أن النفقة الواجبة تعمل على مستوى الأسرة، أما الزكاة فتعمل على مستوى المجتمع. على هذا النحو من التفوق يعمل الإسلام على استكمال القضاء على الفقر بالتحويلات من الأغنياء إلى الفقراء.

المرحلة الثانية: الاختيار:

حث الإسلام على الصدقة التطوعية. لكن يجب أن تفهم الصدقة التطوعية في الإسلام بالطبيعة الصحيحة لها. إنها مرحلة تكميلية. ويعني هذا أن الإسلام لا يعمل على القضاء على مشكلة الفقر بالصدقة التطوعية وحدها كما قد يتصور بعض المشتغلين في هذا المجال.

ويحقق وجود مرحلة للعمل الاختياري التطوعي في القضاء على مشكلة الفقر، للمجتمع الإسلامي رابطة اجتماعية إيجابية. إن هذا التطوع يولد عند الغني الإحساس بالمجتمع، ويولد عند الفقير الإحساس بأن أغنياء المجتمع يشاركونه مشكلته.

المرحلة الثالثة: الإلزام:

قد يعاني المجتمع من مشكلة الفقر بعد تطبيق أدوات المرحلتين السابقتين. هنا يعود الإسلام إلى التشريع الإلزامي فيواجه المشكلة بالتوظيف/الضرائب. والإلزام هنا لا مفر منه، حيث يمثل المواجهة الأخيرة لمشكلة الفقر.

وهناك عناصر تفوُّق في المنهج الإسلامي في القضاء على الفقر بالتحويلات من الأغنياء إلى الفقراء، ومن هذه العناصر:

اتجاهات رائدة فيمن يشملهم الضمان الاجتماعي في الإسلام:

إن أهم الاتجاهات الرائدة لتشريعات الضمان الاجتماعي في الإسلام، أنه يمده بحيث يشمل فئات ليس المعهود -في النظم الوضعية- تغطية احتياجاتها، ومنها:

( أ) المدين:

الإسلام يمد الضمان الاجتماعي ليشمل المدينين الذين استدانوا لمصلحة عامة، كالصلح بين المؤمنين، أو لمصلحة خاصة مشروعة مع العجز عن سداد الدين. والإسلام يهدف بهذا إلى أمور محددة:

- أن ينمي رابطة التعاون بين أفراد الجماعة الإسلامية، وألا يخاف أحدهم من مد يد المعونة بإقراضه، فالمجتمع ممثلاً في الزكاة أو الصدقات التطوعية ضامن أخير عند العجز.

- أن ينقذ من يهدد بالعجز عن ممارسة دوره الإنتاجي بسبب مديونيته (المشروعة ).

- تشجيع المسلمين أن يسعى كل منهم للقضاء على الخصومات بين المتنازعين، وأن يسعى كل منهم في أعمال الخير، وهو أهم الاتجاهات، حتى ولو أدى ذلك أن يغرم، فالمجتمع سيعوضه عن غرمه، ولو كان غير محتاج.

( ب) ابن السبيل:

وهو المسافر الذي نفدت أمواله -والسفر المشروع له صور كثيرة- فيعطى بمقدار ما يسد حاجته، والتشريع الإسلامي بهذا الاتجاه يستهدف تحقيق قيم سلوكية راقية داخل الجماعة الإسلامية.

اتجاهات رائدة في موارد الضمان الاجتماعي في الإسلام:

ضمن موارد الضمان الاجتماعي: الكفارات، ويعني ذلك أن الإسلام يجعل الخطأ يكفر عنه عمل خير موجه للمجتمع، ويتمثل هذا العمل الخير في تغطية بعض حاجات الضمان الاجتماعي، وذلك بإخراج كفارات مالية عــن هـذا الخطــأ. وهذا منحى متمــيز وممـــتاز، وأهميته لا تتمثل في مقدار ما يوفر من موارد للضمان الاجتماعي، وإنما تكمن أهميته الحقيقية فى المعنى الذي يهدف إليه، والقيم التي يغرسها ويربيها في نفس المؤمن من حيث دوره في الجماعة الإسلامية، ومسؤوليته عن توفير احتياجاتها.

اتجاهات رائدة في المجال النفسي في تشريعات التكافل الاجتماعي:

ضمن مراحل التكافل الاجتماعي مرحلة سميت بالمرحلة الاختيارية، وهي التي تظهر فيها صدقة التطوع لمواجهة الضمان الاجتماعي، وكان ضمن التفسيرات التي قدمت لتوضيح هذا الاتجاه الفكري هو أن هذه المرحلة مقصود بها مواجهة ظروف استثنائية، أو ظروف تكميلية عند عجز الموارد السابقة عن تغطية الضمان الاجتماعي، فجعل الإسلام التشريع هنا يختبر ذاتية المؤمن، ومدى تقديره لمسؤوليته الجماعية.

بجانب ذلك، فإن هذا الاتجاه الفكري يشير إلى اتجاهات في النفس الإنسانية من حيث حبها أن تعطي، حتى يتحقق الإشباع لهذا الجانب النفسي في الإنسان. وأيضاً إن جعل هذه المرحلة اختيارية يتوافق مع ضجر النفس الإنسانية من الإلزام، حتى ولو كان في الخير.. ولم يكن مستساغاً أن يترك الأمر كلية للنفس الإنسانية بحيث تعطى إشباعها في هذا المجال، ولكن في الوقت نفسه لم يكن يحتمل أن تحرم كلية من هذا الاختيار، فأعطى الإسلام لها القدر الممكن واللازم لإشباع هذا الجانب في النفس الإنسانية.

كلمة ختام:

إن منهج الإسلام للقضاء على الفقر، والذي قدمناه في الصفحات السابقة، والذي يتأسس على خمسة أساليب، يكتمل بالعناصر التالية:

1- القضاء على الفقر في الإسلام أمر مرتبط بالعقيدة.

وترتيباً على ذلك نقول: إن أهمية هذا الموضوع على هذه الدرجة، ومن الوجه المقابل فإن خطورة الفقر هي أيضاً على هذه الدرجة.

2- الزكاة هي أداة الإسلام الرئيسة في محاربة الفقر وذلك في مرحلة التحويلات من الأغنياء إلى الفقراء.

والزكاة ثالثة أركان الإسلام الخمسة، بعد الشهادتين وإقام الصلاة، ويعني ذلك أن التشريعات الإسلامية للقضاء على الفقر تنطلق وتبدأ من أركان الإسلام. ومن المعروف أن الركن فوق الفرض والواجب. وهذا الأمر بدوره يحدد الدرجة أو الأهمية التي يعطيها الإسلام للقضاء على الفقر.

3- في خلافة أبي بكر الصديق رضي اللَّه تعالى عنه، أعلنت الدولة الحرب على مانعي الزكاة، ودخلت في حرب معهم بسبب ذلك.

هذه أول مرة في التاريخ يثبت فيها أن الدولة حاربت وقاتلت بجيوشها من أجل القضاء على الفقر. ونقول عن هذه الحادثة: إنها غير مسبوقة في التاريخ، وكذلك غير متلوة في التاريخ. حرب مانعي الزكاة لا ينبغي أن تكون حادثة وحيدة في التاريخ الإسلامي، وإنما يجب أن تقع عندما يمنع الأغنياء حقوق الفقراء في الأموال التي استخلفهم اللَّه عليها وهي الزكاة.

4- الفكرة التي يرتبط بها الذين يكتبون عن محاربة الإسلام للفقر، هي الآتية:

الزكاة هي التشريع الإسلامي للقضاء على الفقر. هذه الفكرة أفهمها على النحو الآتي:

المنهج الإسلامي للقضاء على الفقر، والمكون من خمسة أساليب بناء على ما جاء في هذه الدراسة، يقسم إلى قسمين رئيسين:

القسم الأول:

يشمل الأساليب الأربعة الأولى، وهي:

- صحة العقيدة الاقتصادية.

- التخصيص الصحيح للموارد الاقتصادية.

- إدارة الأولويات الاقتصادية.

- منهج الأولويات الاقتصادية.

هذه الأساليب الأربعة يوفر بها الإسلام دخلاً لكل قادر على العمل بعمله، وبهذا فإنها تعتبر من الإجراءات التي تمنع ظهور الفقر في المجتمع.. ومن خصائص هذه الأساليب الأربعة أنها تعمل من خلال آلية الاقتصاد في مرحلة الإنتاج. ويعني ذلك أن المنهج الإسلامي للقضاء على الفقر يعمل في جزئه الرئيس تحت مبدأ: الوقاية خير من العلاج. والإسلام بهذا يعمل على منع ظهور الفقر في المجتمع.

والفقراء الذين يظهرون في المجتمع الإسلامي، بعد عمل الأساليب الأربعة السابقة، هم غير القادرين على العمل، وهؤلاء هم الذين شُرعت الزكاة من أجلهم (مع ملاحظة أن للزكاة مصارف ثمانية منها مصرفان فقط يعملان على الفقر ). وترتيباً على ذلك فإن القول: بأن الزكاة هي التشريع الإسلامي للقضاء على الفقر يُفهم بالإحالة لغير القادرين على العمل، أما القادرون على العمل فإن الإسلام يسبق بحل مشكلتهم من خلال الآلية التي يعمل بها الاقتصاد في مرحلة الإنتاج.

5- الأساليب الخمسة التي تكون منهج الإسلام للقضاء على الفقر قابلة لأن تحول إلى سياسات اقتصادية تطبق في الواقع، وهذا أحد مظاهر تفوق هذا المنهج. يضاف إلى هذا التفوق تفوق آخر، هو أن تحليل الأساليب الخمسة يبين أنها تَسَع سياسات (مرنة ). هذه المرونة تجعل المنهج الإسلامي يتعامل بكفاءة مع كل المتغيرات التي تواجه المجتمع، سواء أكانت متغيرات اقتصادية أو غير اقتصادية.

ومن المجالات التي تقترح فيها سياسات اقتصادية:

(أ ) تخصيص الموارد الاقتصادية بين القطاع العام والقطاع الخاص وداخل كل قطاع.

(ب ) التخطيط للتنمية الاقتصادية.. ومن السياسات الاقتصادية التي يمكن تطبيقها سياسة أولويات التنمية.

(ج ) سياسات العمل والعمال من السياسات الاقتصادية التي يمكن بها تطبيق الأساليب الداخلة في منهج الإسلام للقضاء على الفقر.










قديم 2013-11-06, 21:55   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
fadhel01
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

أنا أتوسل لإيجاد بحث أو معلومات حول النظام الاقتصادي في ضل الحظارة السومارية أرجوكم أنقضوني الله ينجحكم لم أجد معلومات










 

الكلمات الدلالية (Tags)
الله, تحتج, جزاكم, ساعدوني, عاجل


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:37

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc