ياأيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر .
النور/21
هذه الرسالة
رسالة موجزة حول مشكلة مهمة بدأت تتفشى بين البسطاء، وتوقع أعداداً من الطيبين والبرآء، إنها الشعوذة، الخصلة الشيطانية، والخُّلة الإبليسية واللوثة الكفرية، والدسيسة اليهودية، التي في تعاطيها وإتيان أربابها بيوت قد هُدِّمت، وعلاقات زوجية قد تَصرمت، وحبال مودة تقطعت.
فما حقيقة السحر، وما أنواعه؟ وما حكم تعلمه؟ وما هي حقيقة الجن وصفاتهم؟ وكيف يُحضِّر الساحر جنياً؟ وكيف نعالج السحر في ضوء الكتاب والسنة الصحيحة؟ وما حكم التفرغ للقراءة على الناس واتخاذها حرفة ومهنة؟ وما حقيقة العين؟ وكيفية إصابة العائن للمعيون؟
والجواب هذه الكلمات الطيبة والعجالة الشافية بإذن الله تعالى، من النصوص الشرعية الثابتة .
المؤلف
د. محمد عبد الغني
تمهيد حول السحر والشعوذة
الحمد لله رب العالمين، الذي تخضع لعظمته السموات والأرضون، ويخشع لجلاله عبادُه المؤمنون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يجيرُ من لاذ بجنابه، ويجزي المطيعَ بعظيم ثوابه، عالم الغيب فلا يُظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كلَّ شيء عدداً1 ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، فاللهم صل عليه وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان، صلاة تتعاقب آناء الليل وأطراف النهار، وسلِّم تسليماً كثيراً.
وبعد
ففي صدر الإسلام كانت النفوس ناصعة البياض، لا مجال للوهم في عقولهم، وفي ظل الدولة الأموية انشغل القادة بالفتوحات، حيث امتدت امتداداً لا مثيل له من حدود فرنسا إلى قلب الصين والهند وروسيا. وفي ظل الدولة العباسية كانت بداية الداء ممن دخلوا الإسلام من أعاجم الفرس والهند، إذ حملوا طلاسمهم وعاداتهم إلى كنف الدولة الإسلامية، في وقت مال فيه بعض الولاة إلى الرفاهية بعد أن دانت لهم البلاد، فدخل السحرة والدجالون إلى أروقة الدواوين يقدمون الحيل ويتلاعبون بالسحر، وجاءت الدولة العثمانية، فتجلبب الناس بجلباب التصوف وانتشر السحر، وطبعت معظم كتبه، ولا نعيب الدولة في هذا وإنما من خلد إلى الجهل، من حبس نفسه في الزوايا وأطال لقبه وهو قابع في التكايا.
إن رسالتنا المتواضعة تدور حول مشكلة مهمة في مجتمعنا بدأت تتفشى به، وتوقع أعداداً من الطيبين والبرآء فتدمر حياتهم وتجعلهم أشباحاً بلا أرواح، إنه حديث السحرة والمشعوذين. وكيف لا، وقد صار لهذه الحالة صحف ومجلات وقنوات يعرض من خلالها المدجلون دجلهم ويقدمون شعوذتهم، وجلُّهم يردد اسم الإسلام ويتلفظ بآيات القرآن ليستر مروقه، إذ يظهر للرائي أنه يعالج بالقرآن، فإذا طُرق بابه عالج بالشيطان.
وإنَّ المستقرىء للتاريخ البشري، والمتأمل للتراث الإنساني يجد أن ثمة حقيقة مرةً مؤلمة، وهي أن العقول البشرية قد تعرضت لعمليات وأد واغتيال خطيرة عبر حقب طويلة، بما غرز في أعماقها من خناجر الوهم والخرافة، وألغام الدجل والشعوذة، وممن أصيب بهذا الداء المسلمون. حتى قيل في آحادهم: فلان بن فلان وحيد عصره وفريد دهره، وأستاذ الأساتذة، فيض رب العالمين، وشيخ المجددين، وحجة الله على العالمين، وكأنه يقول للقارىء اقرأ كتابي هذا وإياك أن تكون من المخالفين.
هذا الفكر المضطرب الذي يختلط فيه الحق مع الباطل، نعيشه نحن في هذه الأيام، وتلك لعمر الحق أعتى طعنة تسدد في خاصرة الإنسان العقلية وقواه الفكرية والمعنوية، ومن ثم فإن التحرر الحقيقي من أغلال الوهم وآصار الدجل إنما يمثل السياج المحكم، والدرع الواقي، والحصن الحصين لحق من أهم حقوق الإنسان، وهو تحصين عقله من الخيالات، وحفظ فكره من الخرافات.
ومن هنا كانت أنبل معارك العقيدة تحرير العقول الإنسانية من كل ما يصادم الفِطَر، ويصادر الفكر، ويغتال المبادىء والقيم.
إن تصديق أدعياء علم الغيب وإتيان السحرة والرمَّالين والمنجِّمين والمشعوذين، الذين يزعمون الإخبار عن المغيبات، أو أن لهم قوى خارقة يستطيعون من خلالها جلب شيء من السعد أو النحس أو الضر أو النفع لهو ضلال عظيم وإثم مبين.
وإن أعمال الشعوذة خصلة شيطانية، وخلة إبليسية ولوثة كفرية، ودسيسة يهودية، يقودها أناس تعاظم خطرهم وتطاير شرهم واستفحل شررهم، فكم من بيوت هدمت، وعلاقات زوجية تصرمت، وحبال مودة تقطعت بسببهم... ومقابل مبلغ زهيد يتقاضونه من ضعاف النفوس وعديمي الأخلاق الذين أكل الحسد قلوبهم، فيتفرجون على أخوة لهم، ويتشفّون برؤيتهم وهم يعانون آثار السحر الوخيمة.
وهؤلاء الغاشون لأمتهم يأتون الناس من أبواب شتى: فتارة من باب العلاج الشعبي والتداوي بالطب العربي، وأخرى من باب التأليف والمحبة بين الزوجين وهو ما يسمى بالتَّوَلَه، وتارة من باب الانتقام بين الخصمين، وتارة من باب ادعاء الكرامة متظاهرين للناس بشيء من الخوارق موهمين السُدّج بشيء منها.
وخسىء أعداء الله، وإن طاروا في الهواء، ومشوا على الماء، وزعموا تحضير الأرواح والتنويم المغناطيسي، ولبّسوا على العيون بما يسمونه بطريقة الكف والفنجان وغيرها من أعمال البهلوان، وكلها من الموبقات المهلكات، والشرور والبلايا والسيئات.
من هنا يأتي الواجب العظيم في تكثيف الحصانة العقيدية الإيمانية ضد هذه الأعمال الشيطانية. بل الواجب القضاء على هذه الفئة الضالة، لما تمثله من خطر على الأمة وإخلال بالعقائد، واستهانة بالعقول وابتزاز للأموال.
والأمل كبير في أن يسترجع المسلمون ما فرَّطوا فيه من أمر عقيدتهم، وإنقاذ التائهين في دروب الباطل والأوهام إلى شاطىء النجاة وساحل الأمان.
تعريف السحر
السحر في اللغة:
تطلق مادة ـ س ح ر ـ عند علماء اللغة على معان جمّة، تبعاً لورود استعمالها في الوضع الذي وقع فيه التخاطب ومنها: التمويه بالحيل والخداع والخفاء والاستمالة واللطافة . فهو عبارة عما لطف أمره وخفي سببه ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ من البيان لسحراً" ، وقوله تعالى: سحروا أعين الناس ، أي أخفوا عنهم عملهم.
السحر في الاصطلاح الشرعي: هو عمل يقوم على الخفاء من خلال قدرة تؤثر في الأعين والقلوب والأبدان. قال ابن قدامة: "السحر عُقَدٌ وَرُقَى وكلامٌ يتكلمُ به الساحر أو يكتبه أو يعمل شيئاً، فيؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له، وله حقيقة فمنه ما يقتل وما يمرض وما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها، ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه وما يبغض أحدهما إلى الآخر، أو يحبب بين اثنين وهذا قول الشافعي" .
هل للسحر حقيقة وتأثير في الواقع
قال النووي: "والصحيح أن له حقيقة، وبه قطع الجمهور، وعليه عامة العلماء، ويدل عليه الكتاب والسنة الصحيحة المشهورة"1.
أولاً: الأدلة القرآنية:
1 ـ قال الله تعالى: ولما جاءهم رسول.... لو كانوا يعلمون2.
قال الشوكاني: "في إسناد التفريق إلى السحرة وجعل السحر سبباً لذلك دليل على أن للسحر تأثيراً في القلوب بالحب والبغض والجمع والفرقة والقرب والبعد"3
وفي قوله: وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله. تعليق للأثر بمشيئة الله. قال سفيان الثوري: " إلا بقضاء الله". وقال محمد بن إسحاق: "إلا بتخلية الله بينه وبين ما أراد".
وقال الحسن البصري: "نعم من شاء الله سلطهم عليه، ومن لم يشأ الله لم يسلط ولا يستطيعون من أحد إلا بإذن الله".
2 ـ قال تعالى: قل أعوذ برب الفلق....العقد1 ، ولولا أن السحر له حقيقة لما أمر الله بالاستعاذة منه2 . ومن ثم فإن النفاثات هنَّ الساحرات اللاتي ينفثن في عقد الخيط حين يرقين بها .
ثانياً: والأدلة من السنة:
1 ـ روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله: "اجتنبوا الموبقات: الشرك بالله والسحر"3 .
قال الحافظ: "والنكتة في اقتصاره على اثنتين من السبع هنا الرمز إلى تأكيد أمر السحر"4
2 ـ روى البخاري في صحيحه عن عائشة قالت: سحر رسول الله
رجلٌ من بني زُريق يقال له لبيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله يُخيَّلُ إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله، حتى إذا كان ذات يوم ـ أو ذات ليلة ـ وهو عندي، لكنه دعا رسول الله ثم دعا، ثم دعا، ثم قال: يا عائشة، أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه، أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ فقال: مطبوب، قال: من طبّه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة، وجف طلع نخلة ذكر، قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذروان.
فأتاها رسول الله في ناس من أصحابه، فجاء فقال: يا عائشة، كأن ماءها نقاعة الحناء وكأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين، قلت: يا رسول الله أفلا استخرجته، قال: قد عافاني الله، فكرهت أن أثير الناس فيه شراً، فأمر بها فدفنت". وفي رواية مسلم: قال: "فقلت: يا رسول الله ألا أحرقته"1
والمعنى أنَّ اليهود اتفقوا مع لبيد بن الأعصم على سحر رسول الله من خلال شعرات تساقطت من رأسه ولحيته عند ترجيلهما تم الحصول عليها من خلال جارية صغيرة كانت تذهب إلى بيوت النبي ، فعقد عليها سحراً وضع في بئر ذروان، فكان النبي يخيل إليه أنه يستطيع أن يجامع إحدى زوجاته فإذا اقترب منها لم يستطع ذلك، فدعا النبي ربه وألحّ في الدعاء فاستجاب الله دعاءه وأنزل ملكين أعلماه أنه سحر فأمر باستخراج السحر ودفنه، وفي بعض الروايات حرقه، وقد كان هذا النوع من السحر من نوع عقد الرجل عن زوجته ولم يمس عقله ولا سلوكياته ولا تصرفاته.
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله: "وقد دل قول الله تعالى: ومن شر النفاثات في العقد، وحديث عائشة رضي الله عنها على تأثير السحر وأنَّ له حقيقة"
الفرق بين المعجزة والكرامة والسحر
من خوارق العادة للنبي الإرهاص والمعجزة، وللولي الكرامة، وأما السحر فما الساحر والشيطان إلا صنوان اجتمعا على معصية الرحمن، كما قال تعالى: هل أنبئكم على من تتنزل الشياطين* تنزل على كل أفاك أثيم 2. وبشيء من البيان نقول:
1 ـ الإرهاص: أمر خارق للعادة يظهر للنبي قبل بعثته تأسيساً للنبوة وتمهيداً لها. فمن إرهاصات موسى عليه السلام تحريم المراضع عليه، ومن إرهاصات عيسى عليه السلام ولادته من أم دون أب، وتكلمه في المهد. ومن إرهاصات محمد ما ظهر لحليمة السعدية من درِّ ثديها واخضرار أرضها.
2 ـ المعجزة: أمر خارق للعادة يجريه الله تعالى على يد نبي أو رسول على سبيل التحدي ليثبت صدق دعواه. ومن معجزات موسى عليه السلام تحول العصا إلى ثعبان عظيم، ورفع جبل الطور. ومن معجزات عيسى عليه السلام أنه يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله. وأنه يبرىء الأعمى والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله، ومن معجزات محمد انشقاق القمر، ونبع الماء من بين أصابعه، وإبراء المرضى بلمسه.
3 ـ الكرامة: أمر خارق للعادة يجريه الله تعالى على يد بعض الصالحين غير مقرون بالتحدي. ومنها كرامة أهل الكهف إذ ضرب الله على آذانهم في الكهف سنين عدداً ثم بعثهم بعد ذلك. ومنها تكثير الطعام لأبي بكر لما أرسل إليه النبي أناساً فقراء ليأكلوا عنده، فجعلوا لا يرفعون لقمة إلا ربت من أسفلها أكثر منها، ومنها نداء أطلقه عمر عبر مئات الأميال يحذر به سارية من جيش الفرس خلف الجبل فأنقذ جيشاً من الهلاك.
فإذا علمنا حقيقة كل من الإرهاص والمعجزة للنبي، والكرامة للولي أدركنا أن السحر لا يتعلق بواحدة منها، فما هو إلا عمل شيطاني، وما يظن أنه من خوارق العادة ما هو إلا استدراج.
4 ـ الاستدراج: أمر خارق للعادة يظهره الله تعالى على يد فاسق أو كافر ليقيم عليه الحجة.
فقد قال تعالى: وأملي لهم أن كيدي متين1 ، وقال: قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا2 وقال: سنستدرجهم من حيث لا يعلمون3 .
وثبت في الأحاديث أن الدجال حين يخرج في الأرض يقول للسماء أمطري فتمطر، وللأرض أنبتي فتنبت، ثم يدعو رجلاً يمتليء شباباً فيضربه بالسيف فيقطعه قطعتين ثم يناديه فيقول: قم بأمري فيقوم، فيقول للشاب: أآمنت بي؟ فيقول الشاب: لا إنك كافر. فيقول سأقتلك، فيقسمه قسمين، فيدعوه فيعود، فيقول له الناس: آمن. فيقول: لا، فإنني وعدت أنك لن تسلط علي أكثر من ثلاث، إنما كان ربك يستدرجك وأنا أتحداك أن تقتلني الثالثة، فيتحداه في الثالثة فيقتله ثم يقول قم فلا يقوم. هذه طبيعة الاستدراج.
لذلك وصف علماء العقيدة عمل الساحر بأنه اتفاق بين ساحر وشيطان، غالبه لا يتوصل إليه إلا بالشرك والتقرب إلى الأرواح الخبيثة بشيء مما تحب. بمعنى أن يقوم الساحر بفعل بعض المحرمات أو الشركيِّات في مقابل مساعدة الشيطان له وطاعته فيما يطلب منه، ووسائل السحرة في التقرب للشياطين كثيرة منها:
أمر الشيطان للساحر بأن ينكح ابنته أو أن يسجد لصنم، أو أن يكتب القرآن بماء البول، أو أن يعبد صنماً. فالشيطان لا يساعد ساحراً إلا مقابل خدمة، فالساحر والشيطان صنوان اجتمعا على معصية الرحمن.
وفي هذا المقام نذكر رواية حدثها الشيخ أحمد حسون عن الشيخ عبد الحميد كشك رحمه الله، عن رجل كان في قريته إماماً لمسجد القرية، خرجت على يديه عجائب وغرائب عديدة، حتى أن جنازته يوم وفاته ارتفعت عن الأيدي، فصاح المشيعون بنداء الله أكبر، وقد كان للرجل ابن قال لأمه يوماً: لو علمني والدي مما يعلم قبل وفاته، فقالت الأم: أريد أن أطلعك على أمر لم تكن تعلمه، وأخرجت من الخزانة تمثالاً صغيراً وقالت للابن: إن أباك لم يكن يخرج إلى المسجد إلا إذا سجد لهذا الصنم، وكان يضع بين جرابه ولحمه آيات قرآنية يدوس عليها، وكان لا يدخل المرحاض إلا والحذاء في رجله.
والعياذ بالله من أهل الإفك والضلال، ولله در الإمام الشافعي حين قال: إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء، ويطير في الهواء، فلا تغتروا به حتى تنظروا بمتابعته لرسول الله.
أنواع السحر
ذكر الفخر الرازي في تفسيره أقساماً كثيرة من السحر، ونقلها ابن كثير في تفسيره وعلًّق على بعضها، ومنها:
1 ـ السحر الذي يعتمد على علم الفلك والحساب بأن يعتقد الفلكي بأن الكواكب والنجوم مدبرة لشؤون الكون، فينظر في حركتها وأماكن وجودها ليستدل على الأحوال والحوادث للمخلوقات، كأن يتنبأ بالسعد والنحس للناس من خلال النظر في النجوم. وترصد أحوالها.
قال الشنقيطي: ومعلوم أن هذا النوع من السحر كفر بلا خلاف، لأنهم يتقربون إلى الكواكب كما يتقرب المسلمون إلى الله1.
2 ـ السحر الذي يعتمد على مخلوقات غير منظورة كالشياطين، إذ يتقرب إليهم بالرقى والعزائم والدخن لتنقاد له الشياطين، بغية التأثير على القلوب والأبدان من بني الإنسان.
3 ـ السحر الذي يعتمد على قوة الإيحاء باستخدام التنويم المغناطيسي، إذ بكلام منسق يعتمد به على علم النفس والفراسة يؤثر الساحر على الإنسان البسيط، فيسلبه شعوره فيكون معه كالنائم فيفعل الساحر به ما شاء.
4 ـ السحر الذي يعتمد على المادة وخصائصها كأن يحول سائلاً من لون إلى آخر، وكأن يستخدم خصائص التمدد لمادة الزئبق التي إذا لامست الحرارة ازداد حجمها، وبالتالي تؤدي إلى حركات مختلفة.
5 ـ السحر الذي يعتمد على قوى النفس، من خلال تجسس الساحر على الناس واهتمامه بأخبارهم السرية، ليقوم بإخبارها لهم بثوب العارف لأحوالهم، المطلع على سرائرهم.
من خلال تقسيمات الرازي نجد أنه أقحم في السحر ما ليس منه، والسبب اعتماده على المعنى اللغوي للسحر وهو ما لطف وخفي سببه، وما يعنينا في هذا البحث السحر الذي يعتمد فيه الساحر على الجن والشياطين، ومن أنواع هذا السحر من حيث تأثيره على المسحور ما يلي:
أولاً: سحر التفريق: قال الله تعالى: فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه . وقد يكون التفريق بين الرجل وأمه أو أبيه أو أخيه أو صديقه أو شريكه في التجارة.
ومن أعراضه: تبدل الأحوال فجأة من حب إلى بغض، وكثرة الشكوك وعدم التماس الأعذار، وتعاظم أسباب الخلاف، ونبت الكراهية في القلوب لأعمال الطرف الآخر، إذ يخيل للمسحور سوء منظر زوجته، أو رداءة خلق صاحبه، وقد يكون ذلك من سحر قد تم على أثر من آثار المسحور: كالشعر أو الثياب، أو على ماء مسحور قد سكب في طريق المراد سحره، أو وضع له في طعام، أو شراب كالعصير والشاي والقهوة.
ثانياً: سحر المحبة والتِّوَلة:
يقول ابن الأثير: "التِّولةُ بكسر التاء وفتح الواو: ما يحبب المرأة إلى زوجها من السحر وغيره، وجعله النبي من الشرك لاعتقادهم أن ذلك يؤثر ويفعل خلاف ما قدره الله تعالى" .
ومن أعراضه: المحبة الزائدة للزوجة، والتلهف الشديد لرؤيتها، والرغبة الشديدة في كثرة جماعها، وعدم الصبر على فراقها، وطاعتها طاعة عمياء.
وقد يكون ذلك من سحر قد تم على أثر من آثار الزوج مستعمل غير مغسول، فيعقد السحر على بعض خيوطه، ويدفن في مكان مهجور، أو يُصنَع في رقية شيطانية تحل في ماء أو طعام أو عطر يوضع للزوج.
ولهذا السحر آثار عكسية منها: قد يمرض الزوج أو ينقلب السحر على الساحر، فيكره المرء زوجته بسبب جهل كثير من السحرة، أو عموم الكراهية لجميع النساء، فيكره الزوج أمه وأخواته وعماته حتى زوجته.
ولا يخفى أن السبب في سحر المحبة هو نشوب الخلاف بين الزوجين، أو طمع المرأة في ماله، أو خوف الزوجة من زواج زوجها بثانية. وإن دلَّ ذلك على شيء فإنما يدل على جهل الزوجة، إذ أنها يمكن أن تسحر زوجها بما أحل الله لها بكثرة التزين والتجمل له، فلا تقع عينه منها على قبيح، ولا يشم منها إلا أطيب ريح، وبالابتسامة المشرقة، وبالكلمة الطيبة وحسن العشرة.
أما أن تتزين بحليها لتخرج كأنها في يوم زفافها، وتعود إلى بيتها فتتجرد من زينتها وترتدي الثياب المبتذلة، وتفوح منها رائحة الطعام، فإنه يولد الشقاق والخصام، ولو عقلت المرأة لعلمت أن زوجها أحق بزينتها، وهذا لعمرُ الله هو السحر الحلال.
ثالثاً: سحر الجنون:
عن خارجة بن الصلت، عن عمه: أنه أتى النبي فأسلم، ثم أقبل راجعاً من عنده، فمر على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد، فقال أهله: إنا حُدِّثنا أن صاحبكم هذا قد جاء بخير، فهل عندكم شيء تداوونه به؟ فرقيته بفاتحة الكتاب، فبرأ، فأعطوني مائة شاة، فأتيت رسول الله فأخبرته، فقال: "وهل قلت غير هذا"؟ قال: لا. قال: "خذها، فلعمري لَمَن أكل برقية باطلٍ، لقد أكلت برُقية حق".
ومن أعراضه: الشرود والذهول والنسيان الشديد، والتخبط في الكلام، وشخوص البصر وزوغانه، وعدم الاستقرار بمكان، أو عدم الاستمرار في عمل من الأعمال. ولا يحدث هذا إلا بالسحر الذي يتمركز فيه الجني في مخ المسحور.
رابعاً: سحر الخمول والكسل:
ومن أعراضه: حب الوحدة والعزلة، والصمت الدائم، والشرود الذهني، والانطواء الكامل، زكراهية اللقاءات، والصداع الدائم.
خامساً: سحر الهواتف والأحلام:
ومن أعراضه: الأحلام المفزعة، وكثرة الوسوسة والشكوك، والرؤيا في المنام كأن منادياً يناديه، أو أنه سيسقط من مكان عالٍ، أو أن الحيوانات والحشرات والهوام تطارده.
سادساً: سحر المرض:
ومن أعراضه: الألم الدائم في عضو من الأعضاء، والنويات العصبية. إلا أن هذا السحر يتشابه مع أعراض الأمراض العضوية، ويتم التفريق بينهما بقراءة الرقية، فإن شعر المريض بدوخة أو صداع، أو اهتزاز في أطرافه، فهو السحر وإلا فهو مرض عضوي يعالج عند الأطباء.
سابعاً: سحر تعطيل الزواج:
ويتم هذا السحر بعمل لفتاة كي لا تتزوج، فيوكل بها جنياً يلازمها، إما بواسطة الدخول في المرأة فيجعلها ترفض كل طالب للزواج، وإما بواسطة التخييل من الخارج إذ يخيل إلى الرجل أن المرأة قبيحة، كما يوسوس للمرأة بأن الرجل غير مناسب، وقد يكون بعد الخِطبة، إذ يشعر أحدهما أو كلاهما بالضيق الشديد والنفور من الآخر.
ومن أعراضه: ضيق الصدر، وصداع الرأس، والشرود الذهني، والقلق في النوم، والألم في المعدة، وفقرات الظهر السفلى.
ثامناً: سحر تعطيل الجماع:
وهو أن يعجز الرجل الصحيح في البدن عن إتيان زوجته أو العكس. فالرجل إذا اقترب من زوجته بقصد المعاشرة عطَّل الشيطان مركز الإثارة في المخ فانتفى الإنتصاب لدى الرجل.
والمرأة المربوطة بعمل تحاول صدَّ الزوج عن الجماع بعدم تمكينه من الجماع بقوة خارجة عن إرادتها، أو بتمكينه من نفسها إلا أنها تكون مخدرة الجسد، باردة الإحساس، أو بحدوث نزيف عند الجماع لا يجعل الرجل يتمكن من إتيانها.
ولا بد من التنويه في هذا المقام أن المربوط يتمتع بالنشاط والحيوية على مباشرة زوجته ما دام بعيداً عنها، فإذا اقترب انكمش عضوه وتلبد إحساسه، وهذا يفترق عن العجز الجنسي الذي تنتفي فيه القدرة الجنسية أو الضعف الجنسي الذي تتم فيه المباشرة وسط تعرض الانتصاب للخمول.
كيف يحضِّر الساحر جنّياً
عرَّف علماء العقيدة السحر بأنه: اتفاق بين ساحر وشيطان على أن يقوم الساحر بفعل بعض المحرمات أو الشركيات، في مقابل مساعدة الشيطان له وطاعته فيما يطلب منه.
ووسائل السحرة في التقرب إلى الشياطين متعددة الطرق، ومنها:
1 ـ طريقة الإقسام والتعظيم: حيث يوقد الساحر في غرفة مظلمة ناراً يضع عليها بخوراً، ثم يتلو عزيمته الشركية التي تكتنف الإقسام على الجن بسيدهم وسؤالهم بعظيمهم، والاستغاثة بهم، فيحضر الجني بهيئة حيوان، أو بصوت، فيأمر الساحر الجني بما يريد.
2 ـ طريقة الذبح: حيث يجلب الساحر حيواناً غالباً ما يكون أسوداً، فيذبحه دون ذكر اسم الله عليه، ويرميه في مكان مهجور، ثم يعود إلى غرفته، فيقول عزيمة شركية، ثم يأمر الجني بما يريد.
3 ـ الطريقة السفلية: حيث يقوم الساحر بارتداء المصحف في قدميه على هيئة حذاء، ثم يدخل به الخلاء، ثم يبدأ في تلاوة الطلاسم الكفرية في الخلاء، ثم يدخل غرفته، فيأمر الجن بما شاء فيسارعون إلى طاعته.
4 ـ طريقة النجاسة: حيث يقوم الساحر بكتابة سورة من القرآن بدم الحيض، أو البول الملون، ثم يقرأ عزيمته الشركية، فيحضر الجني فيأمره بما يريد.
5 ـ طريقة التنكيس: حيث يقوم الساحر بكتابة سورة من القرآن بالحروف المفردة معكوسة، ثم يقرأ عزيمته الشركية، فيحضر الجني، فيأمره بالمطلوب.
6 ـ طريقة التنجيم أو الرصد: حيث يقوم الساحر بترصد طلوع نجم معين، ثم يقوم بمخاطبته بتلاوات سحرية، وبحركات بهلوانية تكتنف العبادة والتعظيم لغير الله، فتقوم الشياطين بتلبيته.
7 ـ طريقة الكف: حيث يقوم الساحر باحضار صبي لم يبلغ الحلم، غالباً ما يكون ابنه، ثم يأخذ كفه الأيسر، فيرسم عليه مربعاً يكتب حوله طلاسم سحرية شركية، ثم يضع في كف الصبي في وسط المربع زيتاً وزهرةً زرقاء، أو زيتاً وحبراً أزرق، ثم يكتب طلاسم أخرى على ورقة مستطيلة يضعها على وجه الصبي، ويرتدي فوقها قلنسوة ثم يغطي الطفل كله بثوب ثقيل، فيأمر الساحر الطفل أن ينظر في كفه، ثم يقرأ الساحر عزيمة كفرية، فإذا بالطفل يرى صوراً تتحرك في كفه، فيقول الساحر: ماذا ترى؟ فيرد الصبي: أرى صورة رجل. فيقول الساحر: قل له كذا وكذا، فتتحرك الصورة حسب الأوامر لترشد على أمر، وغالباً ما تستخدم طريقة الكف في البحث عن الأشياء المفقودة.
هل الساحر كافر؟
قال الإمام النووي: "عمل السحر حرام وهو من الكبائر بالإجماع، ومنه ما لا يكون كفراً بل معصية كبيرة، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر فهو كفر وإلا فلا"1 .
وقال الشنقيطي: فإن كان السحر مما يعظم فيه غير الله كالكواكب والجن وغير ذلك مما يؤدي إلى الكفر، فإنه كفر بلا نزاع كما دل عليه قوله تعالى: وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر2 . وقوله تعالى: وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر1. وقوله تعالى: ولا يفلح الساحر حيث أتى2.
وإن كان السحر لا يقتضي الكفر كالاستعانة بخواص بعض الأشياء من دهانات وغيرها، فهو حرام حرمة شديدة، ولكنه لا يبلغ بصاحبه الكفر"3
وأما من حيث حكمه في الشريعة الإسلامية فإن جمهور العلماء يقولون بقتل الساحر، إلا الشافعي رحمه الله فيقول: (لا يقتل إلا إن اعترف أنه قتل بسحره فيقتل به) . والراجح القتل، لما أخرجه البخاري في صحيحه عن عمرو بن دينار: أنه سمع بجالة بن عبده يقول: "كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن اقتلوا كل ساحر وساحر، قال: فقتلنا ثلاث سواحر" .
وصح أن حفصة أم المؤمنين سحرتها جارية لها، فأمرت بها فقتلت.
وقال الإمام أحمد: "صح عن ثلاثة من أصحاب النبي في قتل الساحر" .
وقال ابن قدامة رحمه الله: "وحدُّ الساحر القتل، روي ذلك عن عمر، وعثمان بن عفان، وابن عمر، وحفصة، زجندب بن عبدالله، وجندب بن كعب، وقيس بن سعد، وعمر بن عبد العزيز، وهو قول أبي حنيفة ومالك".
وقال ابن حجر رحمه الله: "ويقتل حداً إذا ثبت عليه ذلك، وبه قال أحمد بن حنبل"
هل يجوز تعلم السحر دون العمل به؟
التحقيق الذي عليه الجمهور هو أنه لا يجوز تعلم السحر على الإطلاق سواء عمل به أو لم يعمل به.4 لقوله تعالى: ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم5 . أي يضرهم في دينهم، وليس له نفع يوازي ضرره.
ولا شك أن تعلم السحر والعمل به كفر، وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد. ومن أصحاب أبي حنيفة من قال: إن تعلمه ليتقيه أو يجتنبه فلا يكفر، ومن تعلمه معتقداً جوازه أو أنه ينفعه كفر. وقال الشافعي: "إذا تعلم السحر قلنا له صف لنا سحرك، فإن وصف ما يوجب الكفر مثل ما اعتقده أهل بابل من التقرب إلى الكواكب السبعة، وأنها تفعل ما يُلتمسُ منها، فهو كافر وإن كان لا يوجب الكفر، فإن اعتقد إباحته فهو كافر"1.
وقال أبو حيان في البحر المحيط: "وأما حكم تعلم السحر فما كان منه يُعظَّمُ به غير الله من الكواكب والشياطين، وإضافة ما يحدثُه الله إليها فهو كفر إجماعاً، لا يحل تعلُّمه ولا العملُ به، وكذا ما قُصد بتعلُّمه سفك الدماء والتفريق بين الزوجين والأصدقاء، وأما إذا كان لا يعلم منه شيء من ذلك من ذلك، بل يحتمل فالظاهر أنه لا يحل تعلمه ولا العملُ به، وما كان من نوع التخييل والدجل، فلا ينبغي تعلمه لأنه من باب الباطل، وإن قصد به اللهو واللعب وتفريج الناس على خفة صنعته فيكره" .
قلت: وهذه خلاصة جيدة، وكلام حسن ينبغي التعويل عليه في هذا الأمر.
وإن قيل كيف كان الملكان يعلمان الناس السحر مع أنه حرام، ومعتقده كافر؟
فالجواب: أنهما ما كانا يعلمان الناس السحر للعمل به، وإنما للتخلص من ضرره والاحتراز منه، لأن تعريف الشر للزجر عنه حسن، وقد قيل لعمر بن الخطاب: إن فلاناً لا يعرف الشر. قال: أجدر أن يقع فيه. وقال الألوسي: إن ذلك كان للإبتلاء والتمييز بين المعجزة والسحر، ولهذا جاء القرآن منزهاً سليمان عليه السلام على أن يكون ساحراً، أو حاكماً بالسحر أو آمراً به، فما زعمته بنو إسرائيل فيه زعم كاذب وقول باطل، وإنما كان الجن مسخرين لسليمان عليه السلام بأمر الله تعالى لا بالسحر2 .
حقيقة الجن وصفاتهم
الحمد لله رب العالمين، أول آية في أول سورة في القرآن تنبهنا أن في الأكوان غيرنا من المخلوقات، ومن ثم فلا يتركنا في عماء عنها، وإنما يحدد العلاقة بيننا وبينها.
والجن عالم من العوالم، واسم للنوع الذي خلقه الله يأتي تحته لقب وهو الشيطان الذي شطن وابتعد عن الحق، فكل شيطان جني وليس كل جني شيطان، والملائكة يفعلون ما يؤمون ولا يعصون الله أبداً، والإنسان يتسم بالظهور للعيان، وكل منهم قد ذكره الله في القرآن ثماني وثمانين مرة، وهذا من إبداع العدد.
ومن صفات الجن:
1 ـ أنهم خُلقوا من نار، قال الله تعالى: والجانَّ خلقناه من قبل من نار السموم1، وقال: وخلق الجانَّ من مارجٍ من نار2، وقال رسول الله: "خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم"3 .
وكما تحولت طبيعة الإنسان الطينية إلى نوع يخلق من ماء مهين، فإن الجن التي خُلقت من نار ليست الآن ناراً، بدليل ما رواه النسائي بإسناد صحيح عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله كان يصلي فأتاه الشيطان فأخذه فصرعه فخنقه، قال رسول الله : "حتى وجدت برد لسانه على يدي". فتبين أن الجن الآن ليست ناراً، إذ لو كانت ناراً لما وجد رسول الله للسان الشيطان برداً.
2 ـ أنهم أصناف ثلاثة، لقول رسول الله : "الجن ثلاثة أصناف، صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء، وصنف حيات وعقارب، وصنف يحلُّون ويظعنون".
3 ـ أنهم يفضلون الأماكن الخالية، ومنهم من يقطن المزابل والقمامات والخلاء والشقوق والجحور وأعطان الإبل، كما ثبت في أحاديث صحيحة.
4 ـ أنهم يخافون من الإنس، قال مجاهد: إنهم يهابونكم كما تهابونهم، وقال: الشيطان أشد فَرَقاً ـ خوفاً ـ من أحدكم منه، فإن تعرض لكم فلا تَفرُقوا ـ تخافوا ـ منه فيركبكم، ولكن شدُّوا عليه فإنه يذهب".
5 ـ إنهم ينتشرون في جنح الليل، لقول رسول الله : "إذا كان جنح الليل فكفوا صبيانكم، فإن الشياطين تنتشر حينئذٍ، فإذا ذهب ساعة من الليل فحلُّوهم، وأغلقوا الأبواب واذكروا اسم الله.."
6 ـ إنهم يأكلون ويشربون، لقول رسول الله : "فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله"4
وطعامهم كما قال عبد الله بن مسعود: " قدم وفد الجن على النبي فقالوا: يا محمد إنهَ أمتك أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حُمَمَة، فإن الله تعالى جعل لنا فيها رزقاً، فنهى النبي عن ذلك"1. والحممة: الفحمة.
7 ـ يتناكحون ويتناسلون ولهم ذرية: قال الله تعالى" أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني2 . وقال مجاهد: هم ذريته، هم الشياطين.3
8 ـ منهم المسلم والكافر والصالح والفاسد، قال الله تعالى: وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قدداً4 أي جماعات متفرقين وأصنافاً مختلفة. وقال مجاهد: مسلمين وكافرين. وقال تعالى:وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشداً وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً5.
9 ـ محاولة الشياطين منهم استراق السمع لإعانة شياطين الإنس من السحرة، قال رسول الله : "تلك الكلمة من الجن يخطفها الجني، فيقرها في أذن وليه قرَّ الدجاجة فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة" . وهذا دليل على أن منهم من يكذب الكذب العظيم.
10 ـ أنهم لا يعلمون b