لطالما عنيت بك مذ كنت بذرة اشتريتك من محل عتيق عاتم الزوايا، حصلت عليك بدنانير قليلة و وجدت فيك كل ما حلمت في إيجاده في وردة : ذاك اللون الأحمر القاني و الورق الأخضر الزاهي و العبير الفواح الذي لا ينفذ و لكنه بالمقابل يزداد يوما بعد يوم ...
ظننتك ستكونين صادقة الوعد مخلصة العهد فيما أفنيت عمرك، فيما سرك العيش وسطه، ذلك المحيط الذي جمع لأجلك كل سعيد و قدمه هدايا لتحيي أبدا و تحلقي بجناحين كبيرين إلى قمة الكمال و تضعي في حسبانك أنك لست مجرد وردة، بل وردة حمراء معبرة .
و في لحظة من التهور و الطيش، تتركين ذاك الإص المحب و تلك العين التائهة فيك لتغامري بحثا عن حياة أفضل، و لكن أين؟ و كيف؟ فأنا من حميتك من الخارج، و الآن لن تجدي غير من يدوس عليك و ينتف ورقاتك الناعمة الغضة إما إضاعة للوقت أو في لعبة أحب و لا أحب، و لكنك لا تعلمين، فلم أحظ بالوقت اللازم لحديثك عن ماضيك، و لم أحصل على الفرصة السانحة لإجابتك عن تلك الأسئلة :
لماذا لم أكن في حديقة النرجس و الأقحوان يداعب دمع الندى أوراقي فأرميه على الأرض لتشرب منه و لو أنه قطرة صغيرة مقابل رحب البسيطة؟
لماذا لم أكن وردة أستقبل الصباح الجديد بمحيا باسم و عينان تشعان أملا في أن يأتي من يفتن بعبيري و يؤسر قلبه لحمرتي؟
لماذا لم أكن أمازح فراشات الربيع و أكرم النحلات برحيقي؟
لن ينفعك الندم، فقد فات الأوان، الآن و قد كسرت ساقك كيف ستقفين؟ كيف ستكونين معتدلة القد؟ كيف ستكونين رشيقة القوام تخطفين عيون الملايين من المعجبين؟
لن يكون لك ذلك، فلن يعلم إنسان بما جرى لك، لن يعترفوا بجهلك و لن يدركوا نيتك و طيبة قلبك ...
لا تحزني و لا تذرفي دموعا، اطوي صفحة الماضي و اكتبي في المستقبل أني سأكون سندك و عونك في استرجاع تلك الهامة الشامخة و الحسن و البهاء، يكفيك أني لازلت أهواك، أعشق حمرتك، و أهيم بعبيرك ..