![]() |
|
منتدى القبائل العربية و البربرية دردشة حول أنساب، فروع، و مشجرات قبائل المغرب الأقصى، تونس، ليبيا، مصر، موريتانيا و كذا باقي الدول العربية |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() النزعة البربرية [IMG]https://www.alukah.net/images/*******/full/40405/40405_180x180.jpg[/IMG] (مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية) النزعة البربرية تيَّار ثقافي سياسي، موجود في المغرب العربي - وفي المغرب والجزائر بصفة خاصَّة - يستمدُّ مُقوِّماته من العِرْق الأمازيغي، ويدعو إلى تبنِّي اللغة الأمازيغية، بدأَ في الجزائر - التي أخصُّها بالحديث في هذا المقال - كحركة ثقافيَّة؛ لينتهي في المدَّة الأخيرة إلى كِيانٍ، أو بالأحرى كِيانات سياسيَّة أيديولوجيَّة مُتطرِّفة تُهدِّد وَحْدة البلاد وثوابتها الوطنيَّة، ولها اليوم حضور إعلامي ضخمٌ، عبر أحزاب وجرائد ومحطة تلفزيونيَّة، لا يتناسب حجمها الكبير مع محدوديَّة النزعة في الزمان والمكان، والساحة الاجتماعية، فهي تَزعم التحدُّث باسم الشعب الجزائري؛ لأنه شعب أمازيغي، لكنَّها في الواقع تُغلِّب الانتماء الجِهَوي الضيِّق على البُعد الوطني، فلا توجد إلاَّ في منطقة القبائل - أي: في ولايتي "تيزي وزو، وبجاية" بالأساس - أمَّا الأمازيغ الشاوية في شرق الجزائر - وكاتب هذه السطور منهم - فلا علاقة لهم إطلاقًا بهذه النزعة، وكذلك سكَّان وادي ميزاب بالجنوب المشهورون بالتمسُّك الشديد بالإسلام والعربيَّة، ولأهل هذه المناطق الثلاث لهجات محليَّة مختلفة تَنحدر كلُّها من اللغة البربرية المُندرسة. صناعة فرنسية: إنَّ النزعة البربريَّة صناعة فرنسيَّة بامتياز، بدَأ التخطيط لها بعد سيطرة الاحتلال الفرنسي على الجزائر، وسَعْيه إلى دَمْجها في الكِيان الفرنسي وإلحاقها به، ولتحقيق هذا الهدف ركَّز على زرْع التفرِقة بين السكان، وقسَّمهم - على أساس جنسي - إلى بربرٍ وعرب، مُدَّعيًا أنَّ كلا الفرعين لا يَمُتُّ أحدهما بصِلة إلى الآخر، وأنَّ العرب ما هم إلاَّ دُخلاء ومحتلُّون. وفكرة التمييز هذه وما صَحِبها من نظريَّات بشأن أصْل البربر، هي الأطروحة المركزيَّة في الفكر الاستعماري الفرنسي في شمال إفريقيا، فقد تسلَّطت على تاريخ المنطقة، فشوَّهتْه وحرَّفت حقائقه، وفسَّرت كثيرًا من الأحداث التاريخيَّة على أنَّها صراعات تُعبِّر عن ذاتية البربر ونزوعهم القومي. وقد تمكَّن الاستعمار الفرنسي من تسجيل نقاط لصالحه على الصعيد الثقافي والسياسي، عندما كوَّن مُتبنِّين للنزعة البربريَّة من أبناء منطقة القبائل المعروفين بالفركوفونيين؛ ليَلتحق بهم كلُّ ذَوِي النزعة الصليبيَّة من المغالين في عدائهم للانتماء العربي الإسلامي، حتى أولئك الذين لا علاقة لهم بالأمازيغيَّة، ومن أبرز وجوه هؤلاء "كاتب ياسين" - الكاتب الشيوعي المتطرِّف - فقد تبنَّى النزعة البربريَّة بقوَّة وصراحة، رغم أنه "لا يَفهم كلمة أمازيغيَّة واحدة" كما كان يقول، وأطلَق على ابنه اسم "أمازيغ"، وقد صدَق فيه وفي ابنه قول الله تعالى: ﴿ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ﴾ [آل عمران: 34]. فكلاهما من غُلاة الشيوعيين المُبغضين لكلِّ ما هو عربي وإسلامي. ومنذ احتلال الجزائر في سنة 1830، عَمِل الفرنسيون على تثبيت أقدامهم في الجزائر، عبر كسْب وُدِّ منطقة القبائل، وكثَّفوا من بَعثاتهم إليها؛ بتعليم اللغة الفرنسية، ومضاعفة جهود التنصير، مُوازاة مع ترويج كراهية العرب، والتمرُّد على الإسلام، بزَعْم أنَّ البربر "جِرمان" هاجَروا من أوروبا، ومِن ثَمَّ فهم أقربُ إلى الفرنسيين - والأوروبيين عامَّة - منهم إلى بقيَّة الجزائريين. وقد استخدَم الاستعمار الفرنسي الورقة البربريَّة؛ لشقِّ الصف الوطني الجزائري، ففي أواخر الأربعينيَّات من القرن العشرين أدرَك أنَّ تماسُك "حزب الشعب الجزائري"، يُهدِّد المُخططات التي تَستهدف فرنسة الجزائر، فقرَّر تدميره من الداخل؛ عبر بثِّ النزعة البربرية في صفوفه، بواسطة عُملائه الذين شكَّلوا تنظيمًا باسم "حزب الشعب البربري"، غير أنَّ الحركة الوطنيَّة أجهَضت العمليَّة ووأَدت الفتنة في مهْدها، ومن المعروف الموثَّق أنَّ الذين استُخدِموا لإذكاء تلك الفتنة آنذاك، هم من الشيوعيين الذين انخَلعوا من مشاعر الولاء للإسلام والعربيَّة، فسَهُل تجنيدهم؛ لتَغْذِية النزعة البربريَّة، والدعوة إلى مخاصمة الإسلام والعربيَّة، ونبْذهما معًا، ثمَّ انضمَّ إليهم لاحقًا غُلاة العلمانيين والتغريبيين، وقد أشبَع الباحثون الجزائريون مسألة الرعاية الفرنسية للنزعة البربرية بحثًا؛ حتى تخصَّص بعضهم في هذا المجال، وعلى رأسهم الدكتور عثمان سعدي، والدكتور أحمد بن نعمان، وكلاهما أمازيغي، فالأوَّل شاوي، والثاني قبائلي، وهما من أشدِّ الرافضين للنزعة البربريَّة. الامتداد والأخطاء بعد الاستقلال: عندما استقلَّت الجزائر، عَمِل الفرنسيون على تطبيق خُطَّتهم البربريَّة، فأسَّسوا الأكاديمية البربرية سنة 1967، فقامَت بإعداد العشرات من حاملي الماجستير والدكتوراه في اللغة البربرية، أشهرهم "سالم شاكر"، وربَطتهم بأجهزة الاستخبارات الفرنسية؛ لتَصنع ضرَّة للعربيَّة من البربريَّة، فتدخلان في صراعٍ بينهما، يُبقي الهيْمنة للغة الفرنسية، وهو ما وقَع بالفعل. في هذا الإطار تحرَّكت عناصر إثنيَّة، تسعى إلى تكوين كِيانات مستقلة تحت غطاء ضمان حقوق ثقافيَّة ولغويَّة خاصَّة للأمازيغ، وكان المستهدف بالدرجة الأولى هو اللغة العربيَّة، فهم يعتبرونها لغة دَخيلة، وأنها وراء هذا الرُّكام الثقافي الإسلامي؛ لهذا لا يتورَّع دُعاة البربرية - حين يتكلمون عن الشخصيَّة الأمازيغية - عن الدعوة إلى مناهضة هَيْمنة الأيديولوجيَّة العربية الإسلاميَّة؛ لخلْق تمايُز لغوي وثقافي، وهذا غير مُنسجم مع الوضْع الميداني؛ لأنَّ القاعدة العريضة للأمازيغ مُسلمة قُحَّة، ولهجاتها البربرية لا تَخلو من درجة عالية من الاختراق اللغوي العربي؛ لأنَّها بُنيات شفاهية محليَّة، يقتصر دورها على التعبير عن الحاجات اليسيرة للمجموعات المحليَّة، فضلاً عن كون اللغة العربية تَنبض في قلب المناطق التي تَنطق لهجات ذات أصْل أمازيغي. ولا يُنكر منصف تراكُم جراحات نفسيَّة وثقافيَّة وسياسيَّة، أثخنَت جسم الأُمة في ظلِّ أُحاديَّة الرؤية والفكر والرأي، بسبب سياسات ما بعد الاستقلال، التي تبنَّت للمجتمع قَسَمات فوقيَّة يَكتنفها الاختزال، ويلفُّها الاستبداد، نتَج عنها الإقصاء الذي أفسَح المجال لردود الفعل الطائشة المُتشنِّجة، من قِبَل المُتربِّصين بالثوابت الوطنيَّة، وكلُّ هذا حدَث عندنا منذ الاستقلال؛ بسبب تناوُل أنظمة الحُكم للقضيَّة البربريَّة بكيفيَّة زادَتها تأُسُّنًا وتأزُّمًا، ورشَّحتها لأخْذ امتدادات دينيَّة ولغويَّة وسياسيَّة. أسباب موضوعية: يُمكن تلخيص أسباب بروز ظاهرة الغلوِّ البربري بعد الاستقلال في ثلاث نقاط فاعلة: ◘ بالرغم من أن الإسلام هو الوعاء الذي جمَع مختلف مكوِّنات المجتمع الجزائري منذ الفتح، فصنَع لها هُويَّة واحدة جامعة - فإنَّ النظام السياسي الذي قام بعد الاستقلال، قد قلَّص دور الدين وأضعَف الرابطة الإسلاميَّة، بل وشوَّه السَّمت الإسلامي؛ ذلك أنَّه نصَّ في الدستور على أنَّ الإسلام دين الدولة، لكنَّه سلَك الخيار الاشتراكي، ثم الليبرالي، وأهمَل عقائد الإسلام وشرائعه، وأخلاقه ومرجعيَّته؛ أي: إنَّه رفَع شعار الإسلام وطبّق العلمانيَّة، فحمَّل خصومُه السياسيون أخطاءَه وخطاياه للإسلام ذاته، وناصَبوه العداء بناءً على ذلك، وحدَث نفس الشيء للغة العربيَّة، فهي اللغة الرسميَّة دستوريًّا، لكنَّ النظام الحاكم جعَل من الفرنسيَّة اللغة الرسميَّة في الواقع، فزعَم دُعاة البربريَّة أنَّ لغتهم قد أقصَتها العربية، وهذا غير صحيح أبدًا، فلغة الضاد مُغيَّبة في الدوائر الرسميَّة، وحتَّى على ألْسِنة أكبر المسؤولين، ويُضايقونها إلى اليوم في جميع المجالات. ◘ تولَّى زمام الأمور التيَّار الفرنكوفوني، الذي سيْطَر على الإعلام والاقتصاد، وكلَّ مفاصل السياسة، وهو يؤمن بالنموذج الحضاري الغربي - والفرنسي تحديدًا - كهُويَّة وانتماءٍ، ويَرفض بالتالي المرجعيَّة العربيَّة الإسلاميَّة رفضًا قاطعًا؛ لأنها تُمثِّل في نظره الرجعيَّة والانغلاق والتعصُّب، وتَحمل في طيَّاتها كلَّ الشرور، وهؤلاء الفركوفونيُّون لَعِبوا بورقة الأمازيغيَّة إلى أبعد حدٍّ، ولَبِسوا لبوسَ المدافعين عنها، وأشعَلوا صراعًا بينها وبين العربية؛ ليَضعُفَ كلاهما، فتَنفرد الفرنسية بالساحة، وهو ما وقَع بالفعل. ◘ أدَّى الحكم الشمولي إلى صياغة سياسات فوقيَّة إقصائيَّة، تَحكمها المصالح على حساب المبادئ، وكان لنظام الحُكم محطَّات تصادُمية مع رموز من منطقة القبائل، فاستغلُّوا ذلك؛ لتأجيج الصراع بينهما، وأضْفَوْا عليه الصبغة الأيديولوجيَّة، وضخَّموا المطالب الجِهَويَّة الإثنيَّة والثقافية، وبالغوا في التميُّز على أساس لغوي أوَّلاً، ثم صاغوا انتماءً خاصًّا، يدعو إلى القطيعة مع المرجعيَّة العربية الإسلاميَّة، واللغة والدين بَراءٌ من أيِّ مسؤولية، لكنَّه التوظيف الساذَج حينًا والماكر حينًا آخر؛ لتصفية الحسابات، وتحقيق المآرب المشبوهة؛ لأنَّ الشعب الجزائري كلَّه عانَى من خيارات ما بعد الاستقلال الفوقيَّة، ومن غياب الشورى والمشاركة الشعبيَّة في تسيير شؤون البلاد. هذه هي الأمازيغية وهؤلاء دُعاتها: الأمازيغيَّة - في أعين رموزها المعروفين بالغلوِّ - بديل عن الانتماء العربي الإسلامي، وخَصمٌ لَدود له، باعتبار أنَّ الفتح الإسلامي مجرَّد احتلالٍ أجنبي لشمال إفريقيا، وليس العرب المسلمون سوى مُحتلِّين تمامًا، مثل: الرومان والوندال، والبيزنطيين والأتراك، ولا يَفتأ دُعاة الأمازيغية يتنادَون بالهويَّة البربريَّة، ويرفضون البُعد العربي الإسلامي، ويُطالبون بالقطيعة معه، ويَسهل فَهْم هذا الموقف إذا عَلِمنا أنَّ الحزب الشيوعي الجزائري - وقد أسَّسه الفرنسيون - هو الذي كان يروِّج له أثناء مدة الاستعمار؛ بناءً على نظرية "الأُمة الجزائريَّة في إطار التكوين"، التي تَشمل طوائف العرب والبربر، واليهود الفرنسيين والإسبان؛ لأنَّ الانتماء يكون لأرضٍ هي الجزائر، فيُستبعَد بالتالي عنصرُ الدين واللغة، وقد ترَك هذا المسعى الاستعماري بصمات واضحةً؛ حيث إنَّ الأغلبية الساحقة من دُعاة الأمازيغية منذ الأربعينيَّات إلى اليوم، يتميَّزون بأمرين: ◘ تكوينهم تكوينًا فرنسيًّا خالصًا، إلى درجة أنَّهم لا يتكلَّمون حتى القبائلية التي يدعون إلى ترسيمها لغةً رسميَّة - إن تكلَّموها - إلاَّ في الأوساط العائليَّة، فألسنتُهم فرنسيَّة قُحَّة، رغم تخرُّجهم في المدرسة الجزائرية المُعربة! ◘ جهْلهم - أو تجاهُلهم المقصود - الكامل بالثقافة العربية والإسلامية، الذي وصَل إلى حدِّ معاداتها بقوَّة وصراحة، والسخرية منها ومن أتْباعها ورموزها في كلِّ مناسبة، والدعوة الصريحة إلى نبْذها. وهم يُشكِّلون تيَّارًّا عدوانيًّا، دائمَ الاستهزاء بما يُسمِّيه "خرافة الجزائر العربية الإسلامية"، وهو يرفع شعار "الجزائر جزائرية"، كبديل عن "الجزائر عربية إسلامية" الذي يؤمن به الشعب، وهذا مكرٌ وتحايُل، واتِّباعُ سياسة متدرِّجة؛ من أجْل الأهداف التقسيمية الخطيرة، التي لا يُمكن لدُعاتها الإفصاحُ عنها جملةً واحدةً في بلد شديد التمسُّك بمقوِّمات الدِّين واللغة، وشديد الحساسية من دعوات التجزئة والرِّدَّة، مع إقراره بوجود خصوصيَّات محليَّة أو جِهَويَّة، تقتصر على اللهجات والأعراف، ومع ذلك تدرَّجت الحركة الثقافيَّة البربريَّة إلى حين أسَّس أحد أطرافها الأكثر جُرأة "الحركة من أجل استقلالية منطقة القبائل" في السنوات الأخيرة، وهي نسخة مكرَّرة من فكرة "حزب الشعب القبائلي"، فتلاشَت دعاوى البُعد الوطني للنزعة البربريَّة، وبرَز للعِيان الانتماء الجِهَوي العنصري الانفصالي؛ تمامًا كما خطَّطت فرنسا. منطقة القبائل معقل هذه النزعة: هناك حقيقة في غاية الأهميَّة لا يَجوز التغافُل عنها، تتمثَّل في انحصار النزعة البربريَّة منذ نشأتها إلى اليوم في منطقة معيَّنة، هي منطقة "القبائل"، وقد كان للاستعمار تركيز خاصٌّ عليها طيلة عهد الاحتلال، حتى وهَنَت بعض حصونها إلى حدٍّ ما؛ من جرَّاء هجمات الغزو الفكري، وما زالت آثار الحملات التنصيرية المكثَّفة باديةً، وقد كان لتنظيم "الآباء البيض" التنصيري، حضور كثيفٌ ونشاط متواصل هناك، تحت غطاء العمل الخيري، ومن المفارقات أنَّ منطقة القبائل لَم تخلُ طيلة الاحتلال الفرنسي من ثورات مُسلَّحة، تَنطلق من المساجد والزوايا بقيادة علماء الدِّين، لكنَّ الإرساليات الفرنسية تمكَّنت من تنصير بعض العائلات القبائليَّة، منها أسرة "عمروش" التي أنجبَت الكاتب الفرنكوفوني "جان" - كان اسمه موهوب، فترَكه بعد تنصُّره - وأُخته المغنية "طاوس"، ودُعاة البربرية ومعهم كلُّ التغريبيين يَحتفون بهما إلى اليوم أشدَّ الاحتفاء، ويُقيمون لهما مهرجانات لشجاعتهما في تحدِّي الواقع والارتداد عن الإسلام! ويعتبرونهما نموذجًا للقبائلي الحرِّ الأَبِيِّ! إنَّ الدراسة الموضوعيَّة تُفضي إلى نتيجة واضحة، هي أنَّه ليس كلُّ الشعب الجزائري ذا نزعة بربريَّة، ولا السكان ذَوُو الأصل البربري، ولا حتى القبائل كلهم، وإن كان الكثير منهم - مادَّة هذه النزعة - متأثِّرين بها أكثر من غيرهم؛ بسبب الضغط الإعلامي للتيَّار البربري، وإرهابه الفكري، ومَكْره وتزيينه للدعوة العِرْقيَّة؛ لهذا وُجِدت طائفة من الشعب يَعتبرون أنفسهم قبائل قبل أن يكونوا جزائريين، وبالَغ بعضهم في ذلك؛ حتى سقَط في شوفينية مَقيتة، تَستبعد الانتماء الديني واللغوي، والحضاري والجغرافي؛ لتصنع مكانه انتماءً مشبوهًا مداره على لغة، أو بالأحرى لهجة، هي محترمة كغيرها من الألْسِنة، لكنَّها أبعدُ من أن تُشكِّل محور انبعاث شخصيَّة حضارية متميزة؛ لأنَّ الأمازيغية - إذا تساهَلنا في الطَّرح، وعدَدناها لغةً حيَّةً - أداة احتضَنها الإسلام واحتضَنته منذ قرون خلَت، فإذا انفصَلت عنه لَم تَعُد وسيلة تعبيرٍ، وإنَّما تُصبح آلة تشويشٍ أيديولوجي ثقافي وسياسي، وذلك ما عليه النزعة البربريَّة الآن: الأمازيغية غطاءٌ سياسي يُخفي اسمه حينًا، ويُصرِّح به حينًا آخرَ، خاصة مُذ حدَثت الرِّدَّة في الحياة الديمقراطيَّة. فبعد أن كانت الأمازيغيَّة لغةً جِهَويةً محليَّة، أصبحت لغةً يُراد لها أن تكون اللغة الوطنية والرسمية، إلى جانب العربيَّة، أو في مكان العربيَّة، ثم أصبحت هُويةً متميِّزةً عن الهويَّة التي عرَفها أبناء الجزائر منذ الفتح الإسلامي المبارك، ما هذه الهُوية الجديدة؟ يقولون: إنَّها الهُويَّة الجزائرية المتوسطيَّة المُتسِمة بالتسامح - يقصدون تعدُّد الأديان - وفصْل الدين عن الدولة (العلمانية)، والأخْذ بأسباب العَصْرَنة؛ أي: التمسُّك بذيل فرنسا، وهكذا نجد العِرْقيِّين يُبغضون كلَّ ما هو عربي وإسلامي، ولا يلتزمون بأيسر الواجبات الدينيَّة، أذكر على سبيل المثال أنَّ رموزهم الحزبية والثقافية، دأَبوا على عقْد ندواتهم الصحفية ولقاءاتهم الكبرى في منتصف يوم الجمعة؛ أي: وقت الصلاة تمامًا، ويدعون إلى الأمازيغيَّة باللغة الفرنسيَّة، ومن باريس بالتحديد! وباسم هذه النزعة، كاد النسيان يطوي العهود الزاهرة التي عرَفتها هذه الربوع؛ كدولة المرابطين، ودولة المُوحدين، وكادَت معالم كبيرة تُطمَس؛ كانطلاق فتْح الأندلس من هنا، وكادَت أسماء العظماء تُمحى من الذاكرة الجماعيَّة؛ كعقبة بن نافع، وطارق بن زياد؛ لتَعلو على أنقاضها أسماء "يوغرطا، وماسينيسا، والكاهنة؛ أي: تُغيَّب رموز الإسلام برموز الجاهلية، ويَعلم الجميع أنَّ دُعاة البربرية يَكتبون "لغتهم" هذه بالحروف اللاتينيَّة، ويرفضون بشدَّة رأي عقلائهم في اعتماد الحروف العربيَّة. وينبغي التأكيد مرَّة بعد مرَّة أنَّ منطقة القبائل ليستْ مُنْسَاقة كلها وراء النزعة البربرية، رغم تمسُّكها بلَهْجتها وأعرافها، وأثبتَت أكثر من مرَّة - وبأكثر من شكلٍ - انصهارها في الجسم الوطني وانحيازها للإسلام، فولاية "إليزي، وأرزو" تَحتضن أكبر عددٍ من المساجد في الجزائر، أمَّا "بجاية"، فقد كانت عاصمة للدولة الحمادية ذات الصبغة العربيَّة الإسلاميَّة، وللصحوة الإسلاميَّة وَقْعٌ كبيرٌ، وحضور لافتٌ في الولايتين، لكنَّ التعتيم الإعلامي يَطمِس الحقائق؛ لأن غُلاة الفركوفونيين مُتسلِّطون على المنطقة بتواطُؤ من أطراف فاعلة في السلطة، ويرهبون السكَّان فكريًّا وماديًّا؛ ليَنساقوا وراء أُطروحاتهم. مستقبل هذه النزعة: بعد هذا نسأل: ما مصير هذه النزعة العِرقيَّة التي تُوظِّف الثقافة والسياسة وأشياءَ أخرى؛ للحصول على مزيدٍ من المكاسب؟ لقد تنازَلت لها السلطة مجانيًّا، فرسَّمت الأمازيغية لغة وطنيَّةً، رغم أنف الأغلبيَّة الساحقة من الجزائريين، فأخَذت تَصبو إلى المزيد، وقد غدَت ورقةً سياسية يَلعب بها عند الحاجة أكثر من طرَفٍ في الداخل والخارج، لكنَّها وإن حقَّقت بعض المكاسب، إلاَّ أنَّ تمسُّك الشعب بثوابته وبشخصيَّته كفيلٌ بدَحْضها، ففي منطقة القبائل صحوة إسلاميَّة نشيطة، تتحدَّى العنَت وتَجتاز الحواجز، وتُمكِّن للإسلام والعربيَّة، وفيها علماء ودُعاة ومثقَّفون، يستبسلون في مقاومة الفرنكوفونيَّة والعلمانيَّة، والتنصير، ومختلف الأنشطة الهدَّامة، وهذا مؤشِّر خيرٍ، ولولا التعتيم الإعلامي والإرهاب الفكري المسلَّط على المنطقة، لرأى الناس تمسُّك أغلبية القبائل بالمرجعيَّة الوطنية، ولاسْتَمعوا بدهشةٍ إلى الأناشيد الإسلاميَّة بالقبائليَّة، ولتأكَّدوا من اعتزاز القبائل بأصالتهم. رابط الموضوع: https://www.alukah.net/publications_c...#ixzz36dogVb3v
|
||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
البربرية, النزعة |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc