السيوف الباترة في نحور المتكلمة والأشاعرة متجدد - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

السيوف الباترة في نحور المتكلمة والأشاعرة متجدد

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-12-29, 08:14   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
حنين موحد
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية حنين موحد
 

 

 
إحصائية العضو










B9 السيوف الباترة في نحور المتكلمة والأشاعرة متجدد

الرد على علماء الكلام

"تدبرتُ عامةَ ما يذكره المتفلسفةُ والمتكلمةُ من الدلائل العقلية، فوجدتُ دلائل الكتاب والسنة تأتي بخلاصته الصافيه عن الكدر، وتأتي بأشياء لم يهتدوا لها، وتحذف ما وقع منهم من الشبهات والأباطيل مع كثرتها واضطرابها" ابن تيمية (19|233).

قال أبو العلاء المعري:
لولا التنافُسُ في الدنيا لما وضِعَت ... كتُبُ التناظر لا المُغني ولا العُمَدُ
يحلّلون -بزعمٍ منهمُ– عقداً... وبالذي وضعوه زادت العقد
قد بالغوا في كلامٍ بانَ زُخرُفُهُ ... يوهي العُيونَ ولم تثبُت له عَمَدُ
وما يزالون في شامٍ وفي يمنٍ ... يستنبطونَ قياساً ما لهُ أمَدُ
فذَرهمُ ودَنياهمُ فقد شَغَلوا... بها ويَكفيهم مِنها القادرُ الصَمَدُ
كتاب المغني هو للقاضي عبد الجبار المعتزلي.
الرد على علماء الكلام


قال الإمام ابن قتيبة –رحمه الله في "تأويل مختلف الحديث" (1|13): وقد تدبرت رحمك الله مقالة أهل الكلام، فوجدتهم: يقولون على الله ما لا يعلمون، ويفتنون الناس بما يأتون، ويبصرون القذى في عيون الناس وعيونهم تطرف على الأجذاع، ويتهمون غيرهم في النقل ولا يتهمون آراءهم في التأويل. ومعاني الكتاب والحديث وما أودعاه من لطائف الحكمة وغرائب اللغة، لا يُدرَكُ بالطفرة والتولد والعرض والجوهر والكيفية والكمية والأينية.


ولو ردوا المشكل منهما إلى أهل العلم بهما، وضح لهم المنهج واتسع لهم المخرج. ولكن يمنع من ذلك: طلب الرياسة وحب الأتباع واعتقاد الإخوان بالمقالات. والناس أسراب طير يتبع بعضها بعضاً. ولو ظهر لهم من يدعي النبوة –مع معرفتهم بأن رسول الله r خاتم الأنبياء– أو من يدعي الربوبية، لوجد على ذلك أتباعاً وأشياعاً.


وقد كان يجب مع ما يدَّعونه من معرفة القياس وإعداد آلات النظر، أن لا يختلفوا، كما لا يختلف الحُسّاب والمُسّاح والمهندسون، لأن آلتهم لا تدل إلا على عددٍ واحِدٍ، وإلا على شكلٍ واحدٍ. وكما لا يختلف حُذّاق الأطباء في الماء وفي نبض العروق، لأن الأوائل قد وقفوهم من ذلك على أمرٍ واحدٍ. فما بالهم أكثر الناس اختلافاً؟ لا يجتمع اثنان من رؤسائهم على أمر واحد في الدين! فأبو الهذيل العلاف يخالف النّظّام. والنجار يخالفهما. وهشام بن الحكم يخالفهم. وكذلك ثمامة ومويس وهاشم الأوقص وعبيد الله بن الحسن وبكر العمى وحفص وقبة وفلان وفلان. ليس منهم واحد إلا وله مذهب في الدين يدان برأيه، وله عليه تبع.


ولو كان اختلافهم في الفروع والسنن، لاتسع لهم العذر عندنا. وإن كان لا عذر لهم مع ما يدعونه لأنفسهم، كما اتسع لأهل الفقه ووقعت لهم الأسوة بهم. ولكن اختلافهم في التوحيد، وفي صفات الله تعالى، وفي قدرته، وفي نعيم أهل الجنة، وعذاب أهل النار، وعذاب البرزخ، وفي اللوح، وغير ذلك من الأمور التي لا يعلمها نبي إلا بوحي من الله تعالى.


ولن يعدم هذا من رد مثل هذه الأصول إلى استحسانه ونظره وما أوجبه القياس عنده، لاختلاف الناس في عقولهم واختياراتهم. فإنك لا تكاد ترى رجلين متفقين، حتى يكون كل واحد منهما يختار ما يختاره الآخر، ويرذل ما يرذله الآخر، إلا من جهة التقليد. والذي خالف بين مناظرهم وهيئاتهم وألوانهم ولغاتهم وأصواتهم وخطوطهم وآثارهم –حتى فرق القائف بين الأثر والأثر وبين الأنثى والذكر– هو الذي خالف بين آرائهم.
والذي خالف بين الآراء، هو الذي أراد الاختلاف لهم. ولن تكمل الحكمة والقدرة، إلا بخلق الشيء وضده، ليعرف كل واحد منهما بصاحبه. فالنور يُعرَفُ بالظلمة. والعلم يعرف بالجهل. والخير يعرف بالشر. والنفع يعرف بالضر. والحلو يعرف بالمر. لقول الله تبارك وتعالى: {سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون}. والأزواج: الأضداد. والأصناف: كالذكر والأنثى واليابس والرطب. وقال تعالى: {وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى}.

ولو أردنا –رحمك الله– أن ننتقل عن أصحاب الحديث، ونرغب عنهم إلى أصحاب الكلام، ونرغب فيهم، لخرجنا من اجتماعٍ إلى تشتّتٍ، وعن نِظامٍ إلى تفرقٍ، وعن أُنْسٍ إلى وِحشة، وعن اتفاق إلى اختلاف. لأن أصحاب الحديث كلهم مجمعون على أن: ما شاء الله كان وما لم يشأ لا يكون، وعلى أنه خالق الخير والشر، وعلى أن القرآن كلام مخلوق، وعلى أن الله تعالى يُرى يوم القيامة، وعلى تقديم الشيخين، وعلى الإيمان بعذاب القبر. لا يختلفون في هذه الأصول. ومن فارقهم في شيء منها، نابذوه وباغضوه وبدّعوه وهجروه. وإنما اختلفوا في اللفظ بالقرآن، لغموضٍ وقَعَ في ذلك. وكلهم مجمعون على أن القرآن بكل حال –مقروءاً ومكتوباً ومسموعاً- غير مخلوق مخلوق. فهذا الإجماع.
وأما الإيتساء، فبالعلماء المبرزين والفقهاء المتقدمين والعباد المجتهدين الذين لا يجارون ولا يبلغ شأوهم. مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس والأوزاعي وشعبة والليث بن سعد، وعلماء الأمصار وكإبراهيم بن أدهم ومسلم الخواص والفضيل بن عياض وداود الطائي وأحمد بن حنبل وبشر الحافي، وأمثال هؤلاء ممن قرب من زماننا. فأما المتقدمون فأكثر من أن يبلغهم الإحصاء ويحوزهم العدد. ثم بسواد الناس ودهمائهم وعوامهم في كل مصر وفي كل عصر، فإن من أمارات الحق إطباق قلوبهم على الرضاء به. ولو أن رجلا قام في مجامعهم وأسواقهم بمذاهب أصحاب الحديث –التي ذكرنا إجماعهم عليها– ما كان في جميعهم لذلك منكر ولا عنه نافر. ولو قام بشيء مما يعتقده أصحاب الكلام –مما يخالفه– ما ارتد إليه طرفه إلا مع خروج نفسه.


فإذا نحن أتينا أصحاب الكلام لما يزعمون أنهم عليه من معرفة القياس وحسن النظر وكمال الإرادة، وأردنا أن نتعلق بشيء من مذاهبهم ونعتقد شيئا من نحلهم، وجدنا النّظَّام (من كبار زعماء المعتزلة) شاطرا من الشطار (أي قاطع طريق). يغدو على سكر، ويروح على سكر، ويبيت على جرائرها. ويدخل في الأدناس، ويرتكب الفواحش والشائنات. وهو القائل:
ما زلت آخذ روح الزّق في لطف * وأستبيح دماً من غير مجروح
حتى انثنيت -ولي روحان في جسدي * والزق مطرح- جسم بلا روح


ثم نجد أصحابه يعدون من خطئه قوله: «إن الله عز وجل يحدث الدنيا وما فيها في كل وقت إفنائها». قالوا: «فالله في قوله يحدث الموجود ولو جاز إيجاد الموجود لجاز إعدام المعدوم». وهذا فاحش في ضعف الرأي وسوء الاختيار. وحكوا عنه أنه قال: «قد يجوز أن يجمع المسلمون جميعا على الخطأ»! قال: «ومن ذلك إجماعهم على أن النبي r بعث إلى الناس كافة دون جميع الأنبياء، وليس كذلك. وكل نبي في الأرض بعثه الله تعالى فإلى جميع الخلق بعثه. لأن آيات الأنبياء لشهرتها تبلغ آفاق الأرض، وعلى كل من بلغه ذلك أن يصدقه ويتبعه». فخالف الرواية عن النبي r أنه قال: «بعثت إلى الناس كافة وبعثت إلى الأحمر والأسود وكان النبي يبعث إلى قومه». وأوَّلَ الحديث. وفي مخالفة الرواية وحشة. فكيف بمخالفة الرواية والإجماع لما استحسن؟ انتهى كلام الإمام ابن قتيبة.


قال شيخ الإسلام في الرد على بعض أئمة أهل الكلام –لما تكلموا في المتأخرين من أهل الحديث، وذموهم بقلة الفهم، وأنهم لا يفهمون معاني الحديث، ولا يميزون بين صحيحه من ضعيفه، ويفتخرون عليهم بحذقهم ودقة علومهم فيها– فقال –رحمه الله تعالى– في مجموع الفتاوى (18|52):
«لا ريب أن هذا موجود في بعضهم، يحتجون بأحاديث موضوعة في مسائل الفروع والأصول وآثار مفتعلة وحكايات غير صحيحة، ويذكرون من القرآن والحديث ما لا يفهمون معناه. وقد رأيت من هذا عجائب. لكنهم بالنسبة إلى غيرهم في ذلك، كالمسلمين بالنسبة إلى بقية الملل. فكل شرٍّ في بعض المسلمين، فهو في غيرهم أكثر. وكل خيرٍ يكون في غيرهم، فهو فيهم أعظم. وهكذا أهل الحديث بالنسبة إلى غيرهم. وبإزاء تكلم أولئك بأحاديث لا يفهمون معناها، تكلف هؤلاء (الأصوليون) من القول بغير علم، ما هو أعظم من ذلك و أكثر. وما أحسن قول الإمام أحمد: "ضعيف الحديث خيرٌ من الرأي".


وقد أمر الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح بانتزاع مدرسة معروفة من أبى الحسن الآمدي. وقال: "أخذُها منه، أفضل من أخذ عكا" (أي من الإفرنج أيام احتلالهم لبعض بلاد الشام ومصر في المئة السادسة). مع أن الآمدي لم يكن في وقته أكثر تبحراً في الفنون الكلامية والفلسفية منه. ومن المعلوم أن الأمور الدقيقة سواء كانت حقاً أو باطلاً، إيماناً أو كفراً، لا تُدرك إلا بذكاءٍ وفِطنة. فلذلك يستجهلون (أي المتكلمين) من لم يشركهم في عملهم، وإن كان إيمانه أحسن من إيمانهم، إذا كان منه قصورٌ في الذكاء والبَيان. وهُم كما قال الله تعالى: ]إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون. وإذا مروا بهم يتغامزون...[ الآيات. فلذا تقلدوا عن طواغيتهم: أن كل ما لم يحصل بهذه الطرق القياسية ليس بعلم.

وقد لا يحصل لكثير منهم منها ما يستفيد به الإيمان الواجب، فيكون كافراً زنديقاً منافقاً جاهلاً ضالاً مضلاً ظلوماً كفوراً، ويكون من أكابر أعداء الرسل ومنافقي الملة من الذين قال الله فيهم: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوّاً من المجرمين}. وقد يحصل لبعضهم إيمان ونفاق، ويكون مرتداً: إما عن أصل الدين، أو بعض شرائعه. إما ردة نفاق، وإما ردة كفر. وهذا كثير غالب، لا سيما في الأعصار والأمصار التي تغلب فيها الجاهلية والكفر والنفاق. فلهؤلاء (الأصوليين) من عجائب الجهل والظلم والكذب والكفر والنفاق والضلال، مالا يتسع لذكره المقال.
وإذا كان في المقالات الخفية، فقد يقال أنه: فيها مخطئ ضال، لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها. لكن ذلك يقع في طوائف منهم في الأمور الظاهرة التي يعلم الخاصة والعامة من المسلمين أنها من دين المسلمين. بل اليهود والنصارى والمشركون يعلمون أن محمداً بُعِثَ بها وكَفَّرَ من خالَفها، مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهيه عن عبادة أحد سوى الله من الملائكة والنبيين وغيرهم. فإن هذا أظهر شعائر الإسلام. ومثل: معاداة اليهود والنصارى والمشركين. ومثل: تحريم الفواحش والربا والخمر والميسر، ونحو ذلك. ثم تجد كثيراً من رؤوسهم وقعوا في هذه الأنواع، فكانوا مرتدين. وإن كانوا قد يتوبون من ذلك، ويعودون كرؤوس القبائل، مثل الأقرع وعيينة ونحوهم ممن ارتد عن الإسلام ثم دخل فيه. ففيهم من كان يتهم بالنفاق ومرض القلب، وفيهم من لم يكن كذلك.

فكثير من رؤوس هؤلاء (الأصوليين) هكذا: تجده تارة يرتد عن الإسلام ردة صريحة، وتارة يعود إليها ولكن مع مرض في قلبه ونفاق. وقد يكون له حال ثالثة يغلب الإيمان فيها النفاق. لكن قلّ أن يَسلَموا من نوع نفاق. والحكايات عنهم بذلك مشهورة. وقد ذكر ابن قتيبة عن ذلك طرفاً في أول "مختلف الحديث". وقد حكى أهل المقالات بعضهم عن بعض من ذلك طرفاً، كما يذكره أبو الحسن الأشعري (ت 324هـ) والقاضي أبو بكر ابن الباقلاني (الأصولي المالكي، ت 403هـ) وأبو عبد الله الشَّهْرَسْتاني (أبو الفتح ت 548هـ) وغيرهم.
وأبلغ من ذلك أن منهم من يُصنِّف في دين المشركين والردة عن الإسلام، كما صنفَ الرازي (606هـ) كتابه في عبادة الكواكب، وأقام الأدلة على حُسن ذلك ومنفعته، ورغَّبَ فيه. وهذه ردةٌ عن الإسلام باتفاق المسلمين. وإن كان قد يكون عاد إلى الإسلام».

جهل علماء الأصول بعلم الحديث

قال الحافظ ابن رجب في "ذيل طبقات الحنابلة" (2|16) (في ترجمة الإمام الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي): «ولقد عُقِد مرةً مجلسٌ لشيخِ الإسلامِ أبي العباسِ ابنِ تيميةَ، فتكلمَ فيهِ بعضُ أكابرِ المخالفينَ، وكان خطيبُ الجامعِ. فقالَ الشيخُ شرفُ الدينِ عبدُ اللهِ أخوْ الشيخِ: "كلامُنا معَ أهلِ السنةِ، أما أنتَ: فأنا أكتبُ لكَ أحاديثَ من الصحيحينِ، وأحاديثَ من الموضوعاتِ، وأظنُهُ قالَ: وكلاماً من سيرةِ عنترَ فلا تـُمَيّزُ بينهما"! أو كما قالَ، فسكتَ الرجلُ».

ونحو هذا ما قاله أخوه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (4|71): «فإن فرض أن أحدا نقل مذهب السلف كما يذكره، فإما أن يكون قليل المعرفة بآثار السلف كأبي المعالي، وأبي حامد الغزالي، وابن الخطيب، وأمثالهم، ممن لم يكن لهم من المعرفة بالحديث ما يعدون به من عوام أهل الصناعة، فضلا عن خواصها، ولم يكن الواحد من هؤلاء يعرف بالبخاري، ومسلما، وأحاديثهما إلا بالسماع، كما يذكر ذلك العامة، ولا يميزون بين الحديث الصحيح المتواتر عند أهل العلم بالحديث، وبين الحديث المفترى المكذوب، وكتبهم أصدق شاهد بذلك، ففيها عجائب، وتجد عامة هؤلاء الخارجين عن منهاج السلف من المتكلمة والمتصوفة يعترف بذلك إما عند الموت، وإما قبل الموت، والحكايات في هذا كثيرة معروفة.. [ثم ذكر شيئا منها] ».
ورحم الله الشوكاني حين قال في "البدر الطالع" (2|262): «وليس في علم إنسان خير، إذا كان لا يعرف علم الحديث، وإن بلغ في التحقيق إلى ما ينال».


منقول و يتبع









 


قديم 2010-12-29, 08:34   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عمر الراشدي
مشرف سابق
 
إحصائية العضو










افتراضي

أخي الكريم ليس لنا أن نجعل هذا المنتدى سببا للتفرق والاختلاف، واحياء النعرات، وليكن اخي هدفنا جمع شمل الامة
تقبل مروري









قديم 2010-12-29, 08:37   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
حنين موحد
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية حنين موحد
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا
لكن الامة لا تتحد على الباطل قال تعالى " واعتصموا بحبل الله جميع ولا تفرقوا"
الاعتصام بالحق وليسبالباطل










قديم 2010-12-29, 08:59   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
fatimazahra2011
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية fatimazahra2011
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي


















قديم 2010-12-29, 18:10   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله كل الخير على هذه الإضافات الأخ الكريم لم يأتي بهذا الكلام من رأسه او من أي كان نقله إنه كلام العلماء الأجلاء صح وبيان وتفصيل لايرد ولا إعتراض مأخوذ من خير الخلف من عند خير السلف وإذا الكلا مالحق يصبح تفرقة وباطل هذا مايجعل كل غيور يواصل نشر العقيدة الصحيحة كما نزلت بتفصيل ونرجو اجرنا عند الله يوم القيامة لانها الحقيقة ويجب أن نتقبلها ليس تفرقة وليس باطل وليس كلام أي كان بل أسماء علماء تركو بصماتهم من ذهب ويالهم من علماء جزاك الله يا أخي واصل.










قديم 2010-12-30, 00:13   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
_أمل جديد_
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي


سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم










قديم 2010-12-30, 11:45   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
عــــادل الميـــلي
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

رسالة استحسان الخوض في علم الكلام لأبي الحسن الأشعري

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد النبي وءاله الطيبين وأصحابه الأئمة المنتخبين .
أما بعد فإن طائفة من الناس جعلوا الجهل رأس مالهم وثقـُل عليهم النظر والبحث عن الدين ، ومالوا إلى التخفيف والتقليد ، وطعنوا على من فتش عن أصول الدين ونسبوه إلى الضلال ، وزعموا أن الكلام في الحركة والسكون والعرَضِ والألوان والأكوان والجزء والطفرة وصفات البارئ عز وجل بدعة وضلالة ، وقالوا : لو كان ذلك هدى ورشادًا لتكلم فيه النبي صلى الله عليه وءاله وسلم وخلفاؤه وأصحابه ، قالوا : ولأن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يمت حتى تكلم في كل ما يحتاج إليه من أمور الدين وبيّنه بيانـًا شافيًا ، ولم يترك بعده لأحد مقالاً فيما للمسلمين إليه حاجة من أمور دينهم وما يقرّبهم إلى الله عز وجل ويباعدهم عن سخطه ، فلما لم يرووا عنه الكلام في شيء مما ذكرناه علمنا أن الكلام فيه بدعة والبحثَ عنه ضلالة ، لأنه لو كان خيرًا لما فات النبيَ صلى الله عليه وءاله وأصحابه وسلم ولتكلموا فيه ، قالوا : ولأنه ليس يخلو ذلك من وجهين : إما أن يكونوا علموه فسكتوا عنه ، أو لم يعلموه بل جهلوه ، فإن كانوا علِموه ولم يتكلموا فيه وسِعنا أيضًا نحن السكوتُ عنه كما وسعهم السكوتُ عنه ، ووسِعنا تركُ الخوض كما وسِعهم تركُ الخوض فيه ، ولأنه لو كان من الدين ما وسعهم السكوت عنه ، وإن كانوا لم يعلموه وسِعَنا جهلُه كما وسع أولئك جهلُه ، لأنه لو كان من الدين لم يجهلوه ، فعلى كِلا الوجهين الكلامُ فيه بدعةٌ والخوضُ فيه ضلالة . فهذه جملة ما احتجوا به في ترك النظر في الأصول .

قال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه : الجوابُ من ثلاثة أوجهٍ :

( أحدها )
قلب السؤال عليهم بأن يقال : النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يقل أيضًا إنه مَن بحَثَ عن ذلك وتكلم فيه فاجعلوه مبتدعًا ضالاً ، فقد لزمكم أن تكونوا مبتدعةً ضُلالاً إذ قد تكلمتم في شيء لم يتكلم فيه النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ، وضلّلتم من لم يضلّله النبي صلى الله عليه وءاله وسلم .

( الجواب الثاني ) : أن يقال لهم : إن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يجهل شيئًا مما ذكرتموه من الكلام في الجسم والعرَض والحركة والسكون والجزء والطّفرة وإن لم يتكلم في كل واحد من ذلك معيَّنـًا ، وكذلك الفقهاء والعلماء من الصحابة غيرَ أن هذه الأشياءَ التي ذكرتموها معيّنةً ، أصولُها موجودةٌ في القرءان والسنة جملةً غيرَ مفصّلةٍ .

فأما الحركة والسكون والكلام فيهما فأصلُهما موجودٌ في القرءان وهما يدلان على التوحيد ، وكذلك الاجتماعُ والافتراق ، قال الله تعالى مخبِرًا عن خليله إبراهيم صلوات الله عليه وسلامه في قصة أفول الكوكب والشمس والقمر وتحريكِها من مكانٍ إلى مكانٍ ما دلّ على أن ربه عز وجل لا يجوز عليه شيء من ذلك ، وأن من جاز عليه الأفولُ والانتقال من مكانٍ إلى مكانٍ فليس بإله .

وأما الكلام في أصول التوحيد فمأخوذٌ أيضًا من الكتاب ، قال الله تعالى ( لو كان فيهما ءالهةٌ إلا الله لفسدتا ) ، وهذا الكلام موجَزٌ منبِّهٌ على الحجة بأنه واحدٌ لا شريك له ، وكلام المتكلمين في الحِجاج في التوحيد بالتمانع والتغالب فإنما مرجعه إلى هذه الآية ، وقولِه عز وجل ( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه مِن إلهٍ إذًا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض ) وإلى قوله عز وجل ( أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق ) .

قال الشيخ الإمام أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه وأرضاه :


وكلام المتكلمين في الحِجاج في توحيد الله إنما مرجعه إلى هذه الآيات التي ذكرناها ، وكذلك سائر الكلام في تفصيل فروع التوحيد والعدل إنما هو مأخوذ من القرءان ، فكذلك الكلام في جواز البعث واستحالته الذي قد اختلف عقلاءُ العرب ومَن قبلَهم مِن غيرِهم فيه حتى تعجّبوا من جواز ذلك فقالوا ( ءإذا متنا وكنا ترابًا ذلك رجع بعيد ) ، وقولهم ( هيهاتَ هيهات لما توعدون ) ، وقولهم ( من يحي العظامَ وهي رميم ) ، وقوله تعالى ( أيعِدُكم أنكم إذا مِتّم وكنتم ترابًا وعظامًا أنكم مُخرجون ) ، وفي نحو هذا الكلام منهم إنما ورد بالحِجاج في جواز البعث بعد الموت في القرءان تأكيدًا لجواز ذلك في العقول وعلّم نبيَّه صلى الله عليه وءاله وسلم ولقـّنه الحجاج عليهم في إنكارِهمُ البعثَ من وجهين على طائفتين : منهم طائفة أقرّت بالخلق الأول وأنكرَت الثاني ، وطائفةٌ جحدَت ذلك بقدم العالم ، فاحتجّ على المقِرِّ منها بالخلق الأول بقوله ( قل يحييها الذي أنشأها أول مرة ) وبقوله ( وهو الذي يبدؤا الخلق ثم يعيدُه وهو أهون عليه ) وبقوله ( كما بدأكم تعودون ) ، فنبّههم بهذه الآيات على أن من قدر أن يفعل فِعلاً على غير مثالٍ سابقٍ فهو أقدرُ أن يفعلَ فعلاً محدَثًا فهو أهون عليه فيما بينكم وتعارفِكم ، وأما البارئ جل ثناؤه وتقدست أسماؤه فليس خلقُ شيءٍ بأهونَ عليه من الآخر ، وقد قيل : إن الهاءَ في " عليه " إنما هي كنايةٌ للخلق بقدرته ، إن البعثَ والإعادةَ أهونُ على أحدكم وأخفُ عليه من ابتداء خلقهِ ، لأن ابتداءَ خلقهِ إنما يكون بالولادة والتربية وقطعِ السرة والقِماطِ وخروجِ الأسنان وغير ذلك من الايات الموجِعة المؤلِمة ، وإعادتـُه إنما تكون دفعةً واحدة ليس فيها من ذلك شيء فهي أهون عليه من ابتدائه ، فهذا ما احتج به على الطائفة المقِرّةِ بالخلق .

وأما الطائفة التي أنكرت الخلق الأول والثاني وقالت بقِدَم العالم فإنما دخلَت عليهم شبهةٌ بأن قالوا : وجدنا الحياةَ رطبةً حارةً والموتَ باردًا يابسًا ، وهو من طبع التراب ، فكيف يجوز أن يجمع بين الحياة والتراب والعظام النخِرة فيصير خلقـًا سويًا ، والضدان لا يجتمعان ، فأنكروا البعثَ من هذه الجهة .
ولعمري إن الضدين لا يجتمعان في محلٍ واحدٍ ولا في جهةٍ واحدة ولا في الموجود في المحل ، ولكنه يصح وجودُهما في محلين على سبيل المجاورة ، فاحتج الله تعالى عليهم بأن قال ( الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارًا فإذا أنتم منه توقدون ) ، فردّهم الله عز وجل في ذلك إلى ما يعرفونه ويشاهدونه من خروج النار على حرّها ويُبسها من الشجر الأخضر على بردها ورطوبتها ، فجعل جوازَ النشأة الأولى دليلاً على جواز النشأة الآخرة لأنها دليل على جواز مجاورة الحياةِ الترابَ والعظامَ النخرةَ فجعلها خلقـًا سويًا وقال ( كما بدأنا أول خلقٍ نعيدُه ) .

وأما ما يتكلم به المتكلمون
من أن للحوادث أولاً وردُّهم على الدهرية أنه لا حركة إلا وقبلَها حركة ولا يومَ إلا وقبلَه يوم ، والكلامُ على من قال : ما من جزء إلا وله نصف لا إلى غاية ، فقد وجدنا أصل ذلك في سنة رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم حين قال : " لا عدوى ولا طِيَرة ، فقال أعرابي : فما بالُ الإبل كأنها الظِباء تدخل في الإبل الجربى فتجرَبُ ؟ فقال النبي صلى الله عليه وءاله وسلم : فمن أعدى الأول " ؟ فسكت الأعرابيُ لما أفحمه بالحجة المعقولة .

وكذلك نقول لمن زعم أنه لا حركة إلا وقبلها حركة : لو كان الأمرُ هكذا لم تحدث منها واحدة ، لأن ما لا نهاية له لا حدَثَ له ، وكذلك لما قال الرجل : يا نبي الله إن امرأتي ولدت غلامًا أسودَ وعرّضَ بنفيه ، فقال النبي صلى الله عليه وءاله وسلم : هل لك من إبل ؟ فقال : نعم ! قال : فما ألوانها ؟ قال : حُمْرٌ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم : هل فيها مِن أورَقَ ؟ قال : نعم إن فيها أورق ، قال : فأنى ذلك ؟ قال : لعل عرقـًا نزعه ، فقال النبي صلى الله عليه وءاله وسلم : ولعل ولدك نزعه عِرقٌ ، فهذا ما علّم اللهُ نبيَه (صلى الله عليه وءاله وسلم) مِن ردِّ الشيء إلى شكله ونظيره ، وهو أصلٌ لنا في سائر ما نحكم به من الشبيه والنظير .

وبذلك نحتج على من قال : إن الله تعالى وتقدس يشبه المخلوقات وهو جسم ، بأن نقول له : لو كان يشبه شيئـًا من الأشياء لكان لا يخلو من أن يكون يشبهه من كل جهاته ، أو يشبهه من بعض جهاته ، وإن كان يشبهه من بعض جهاته وجب أن يكون محدَثـًا مثلَه من حيثُ أشبَهَهُ ، لأن كل متشابهين حكمُهما واحدٌ فيما اشتبها به ، ويستحيل أن يكون المحدَثُ قديمًا والقديمُ محدَثـًا ، وقد قال تعالى وتقدس ( ليس كمثله شيء ) وقال تعالى وتقدس ( ولم يكن له كفوًا أحد ) .

وأما الأصل في أن للجسم نهاية وأن الجزء لا ينقسم فقوله عز وجل اسمه ( وكلَّ شيءٍ أحصيناهُ في إمامٍ مبين ) ومُحالٌ إحصاءُ ما لا نهاية له ، ومحالٌ أن يكون الشيءُ الواحدُ ينقسم لأن هذا يوجب أن يكونا شيئين ، وقد أخبر أن العدد وقع عليهما . وأما الأصل في أن المحدِثَ للعالم يجب أن يتأتى له الفعلُ نحو قصدِه واختيارِه وتنتفي عنه كراهيتـُهُ ، فقوله تعالى ( أفرأيتم ما تمنون ءأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ) فلم يستطيعوا أن يقولوا بحجة إنهم يخلـُقون مع تمنّيهم الولدَ ، فلا يكون مع كراهيته له فنبّههم أن الخالق هو مَن يتأتـّى منه المخلوقاتُ على قصدِه .

وأما أصلنا في المناقضة على الخصم في النظر فمأخوذ من سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وءاله وسلم ، وذلك تعليمُ الله عز وجل إياه حين لقي الحبرَ السمينَ فقال له : نشَدتـُك بالله هل تجد فيما أنزل الله تعالى من التوراة أن الله تعالى يبغض الحبر السمين ؟ فغضب الحبرُ حين عيّره بذلك ، فقال : ما أنزل اللهُ على بشرٍ من شيء ، فقال الله تعالى ( قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى ) الآية ، فناقضه عن قربٍ ، لأن التوراة شيء ، وموسى بشر ، وقد كان الحبر مقرًا بأن الله تعالى أنزل التوراة على موسى .

وكذلك ناقض الذين زعموا أن الله تعالى عهد إليهم أن لا يؤمنوا لرسول حتى يأتيهم بقربان تأكله النار ، فقال تعالى ( قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلمَ قتلتموهم إن كنتم صادقين ) فناقضهم بذلك وحاجّهم .

وأما أصلنا في استدراكنا مغالطة الخصوم فمأخوذ من قوله تعالى ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ) إلى قوله ( لا يسمعون ) فإنها لما نزلت هذه الآية بلغ ذلك عبدَ الله ابن الزِبَعْرَى ـ وكان جدِلاً خصِمًا ـ فقال : خصمتُ محمدًا وربِ الكعبة ، فجاء إليه رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم ، فقال : يا محمد ألست تزعم أن عيسى وعزيرًا والملائكةَ عُبِدوا ؟ فسكت النبيُ صلى الله عليه وءاله وسلم لا سكوتَ عِيٍ ولا منقطعٍ تعجبًا من جهله لأنه ليس في الآية ما يوجب دخولَ عيسى وعزيرٍ والملائكةِ فيها ، لأنه قال ( وما تعبدون ) ولم يقل وكل ما تعبدون من دون الله ، وإنما أراد ابن الزِبَعْرى مغالطةَ النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ليوهمَ قومَه أنه قد حاجّه ، فأنزل اللهُ عز وجل ( إن الذين سبقَت لهم منا الحسنى ) يعني من المعبودين ( أولئك عنها مُبعَدون ) فقرأ النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ذلك فضجوا عند ذلك لئلا يتبين انقطاعُهم وغلطهم فقالوا : " ءالهتنا خير أم هو " يعنون عيسى ، فأنزل الله تعالى ( ( ولما ضُرِبَ ابنُ مريمَ مثلا إذا قومُك منه يصدون ) إلى قوله ( خصِمون ) ، وكل ما ذكرناه من الآي أو لم نذكره أصلٌ وحجة لنا في الكلام فيما نذكره من تفصيل وإن لم تكن كلُ مسئلةٍ معينةً في الكتاب والسنة ، لأن ما حدث تعيينُها من المسائل العقليات في أيام النبي صلى الله عليه وءاله وسلم والصحابةِ قد تكلموا فيه على نحو ما ذكرناه .

والجواب الثالث :
أن هذه المسائل التي سألوا عنها قد علِمها رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم ولم يجهل منها شيئـًا مفصّلاً غيرَ أنها لم تحدث في أيامه معيّنةً فيتكلم فيها أو لا يتكلم فيها وإن كانت أصولها موجودةً في القرءان والسنة وما حدث من شيء فيما له تعلق بالدين من جهة الشريعة فقد تكلموا فيه وبحثوا عنه وناظروا فيه وجادلوا وحاجّوا كمسائل العَول والجدّات من مسائل الفرائض وغيرِ ذلك من الأحكام وكالحرام والبائن والبتة وحبلـَكِ على غاربِك وكالمسائل في الحدود والطلاق مما يكثر ذكرها مما قد حدثت في أيامهم ولم يجئ في كل واحدة منها نص عن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لأنه لو نص على جميع ذلك ما اختلفوا فيها ، وما بقي الخلاف إلى الآن .

وهذه المسائل وإن لم يكن في كل واحدة منها نص عن رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم فإنهم ردوها وقاسوها على ما فيه نص من كتاب الله تعالى والسنة واجتهادهم ، فهذه أحكامُ حوادثِ الفروع رَدوها إلى أحكام الشريعة التي هي فروع لا تـُدرَك أحكامُها إلا من جهة السمع والرسل ، فأما حوادث تحدث في الأصول في تعيين مسائلَ فينبغي لكل عاقلٍ مسلمٍ أن يردَّ حكمَها إلى جملة الأصول المتفق عليها بالعقل والحس والبديهة وغير ذلك ، لأن حكم مسائل الشرع التي طريقها السمعُ أن تكون مردودةً إلى أصول الشرع الذي طريقه السمعُ ، وحكمُ مسائل العقليات والمحسوسات أن يُرَدَّ كلُ شيءٍ من ذلك إلى بابه ولا يخلِطَ العقلياتِ بالسمعياتِ ولا السمعياتِ بالعقليات ، فلو حدث في أيام النبي صلى الله عليه وءاله وسلم الكلامُ في خلق القرءان وفي الجزء والطفرة بهذه الألفاظ لتكلم فيها وبيّنه كما بيّن سائرَ ما حدث في أيامه من تعيين المسائل وتكلم فيها .
ثم يقال : النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يصحَّ عنه حديثٌ في أن القرءان غيرُ مخلوق أو هو مخلوق ، فلم قلتم : إنه غير مخلوق ؟
فإن قالوا : قد قاله بعض الصحابة وبعض التابعين ، قيل لهم : يلزم الصحابي والتابعي مثلُ ما يلزمكم من أن يكون مبتدِعًا ضالاً إذ قال ما لم يقله الرسول صلى الله عليه وءاله وسلم .
فإن قال قائل : فأنا أتوقف في ذلك فلا أقول : مخلوق ولا غير مخلوق ، قيل له : فأنت في توقفك في ذلك مبتدعٌ ضالٌ ، لأن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يقل : إن حدثَتْ هذه الحادثةُ بعدي توقفوا فيها ولا تقولوا فيها شيئـًا ، ولا قال : ضلِلوا وكفِروا من قال بخلقه أو من قال بنفي خلقه .
وخبّرونا لو قال قائلٌ إن عِلمَ اللهِ مخلوقٌ أكنتم تتوقفون فيه أم لا ؟ فإن قالوا : لا ، قيل لهم : لم يقل النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ولا أصحابُه في ذلك شيئـًا ، وكذلك لو قال قائل : هذا ربُكم شبعانُ أو ريانُ أو مكتسٍ أو عَريان أو مقرور أو صفراوي أو مرطوب أو جسم أو عرَضٌ أو يشم الريح أو لا يشمها أو هل له أنفٌ وقلبٌ وكبدٌ وطِحالٌ وهل يحج في كل سنة ، وهل يركب الخيل أو لا يركبها ، وهل يغتمُّ أم لا ؟ ونحوَ ذلك من المسائل ، لكان ينبغي أن تسكت عنه ، لأن رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم لم يتكلم في شيء من ذلك ولا أصحابُه ، أو كنتَ لا تسكتُ ، فكنتَ تبينُ بكلامك أن شيئـًا من ذلك لا يجوز على الله عز وجل وتقدس كذا وكذا بحجة كذا وكذا .
فإن قال قائل : أسكتُ عنه ولا أجيبه بشيءٍ أو أهجرُه أو أقوم عنه أو لا أسلم عليه أو لا أعوده إذا مرض أو لا أشهد جنازته إذا مات ، قيل له : فيلزمك أن تكون في جميع هذه الصيغ التي ذكرتَها مبتدعًا ضالاً ، لأن رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم لم يقل : من سأل عن شيءٍ من ذلك فاسكتوا عنه ، ولا قال : لا تسلموا عليه ولا قوموا عنه ، ولا قال شيئًا من ذلك فأنتم مبتدعةٌ إذا فعلتم ذلك ، ولِمَ لَم تسكتوا عمّن قال بخلق القرءان ولِمَ كفّرتموه ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم حديثٌ صحيحٌ في نفي خلقه وتكفيرِ من قال بخلقه .
فإن قالوا : لأن أحمد بن حنبل رضي الله عنه قال بنفي خلقه وتكفيرِ من قال بخلقه ، قيل لهم : ولِمَ لم يسكت أحمدُ عن ذلك بل تكلم فيه ؟
فإن قالوا : لأن العباس العنبري ووكيعًا وعبدَ الرحمن بنَ مهدي وفلانًا وفلانًا قالوا إنه غيرُ مخلوق ، ومَن قال بأنه مخلوقٌ فهو كافر .
قيل لهم : ولِم لم يسكت أولئك عما سكت عنه النبي صلى الله عليه وءاله وسلم فإن قالوا : لأن عمرو بن دينار وسفيانَ بن عيينة وجعفرَ بن محمد رضي الله عنهم وفلانًا وفلانًا قالوا : ليس بخالقٍ ولا مخلوق .
قيل لهم : ولم لم يسكت أولئك عن هذه المقالة ، ولم يقلها رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم ؟
فإن أحالوا ذلك على الصحابة أو جماعةٍ منهم كان ذلك مكابرةً ، فإنه يقال لهم : فلم لم يسكتوا عن ذلك ، ولم يتكلم فيه النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ، ولا قال : كفّروا قائلَه ، وإن قالوا : لا بد للعلماء من الكلام في الحادثة ليعلمَ الجاهلُ حكمَها ، قيل لهم : هذا الذي أردناه منكم ، فلِمَ منعتم الكلامَ ، فأنتم إن شئتم تكلمتم حتى إذا انقطعتم قلتم : نُهينا عن الكلام ، وإن شئتم قلّدتم مَن كان قبلكم بلا حجةٍ ولا بيان ، وهذه شهوةٌ وتحكّمٌ .
ثم يقال لهم : فالنبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يتكلم في النذور والوصايا ولا في العتق ولا في حساب المناسَخات ، ولا صنّف فيها كتابًا كما صنعه مالكٌ والثوري والشافعي وأبو حنيفة ، فيلزمكم أن يكونوا مبتدعةً ضُلالاً إذ فعلوا ما لم يفعله النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ، وقالوا ما لم يقله نصًا بعينه ، وصنّفوا ما لم يصنّفه النبي صلى الله عليه وءاله وسلم وقالوا بتكفير القائلين بخلق القرءان ولم يقله النبي صلى الله عليه وءاله وسلم .

وفيما ذكرنا كفاية لكل عاقل غيرِ معاند









قديم 2010-12-30, 12:46   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
syrus
محظور
 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










افتراضي

اني اتصورك اخي كمحارب من جيش صلاح الدين تحمل سيفا و ترسا و و تجري في الشارع بحثا عن كل اشعري زنديق لتقطع رقبته.

اقتباس:
وقد لا يحصل لكثير منهم منها ما يستفيد به الإيمان الواجب، فيكون كافراً زنديقاً منافقاً جاهلاً ضالاً مضلاً ظلوماً كفوراً، ويكون من أكابر أعداء الرسل ومنافقي الملة من الذين قال الله فيهم: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوّاً من المجرمين}. وقد يحصل لبعضهم إيمان ونفاق، ويكون مرتداً: إما عن أصل الدين، أو بعض شرائعه. إما ردة نفاق، وإما ردة كفر. وهذا كثير غالب، لا سيما في الأعصار والأمصار التي تغلب فيها الجاهلية والكفر والنفاق. فلهؤلاء (الأصوليين) من عجائب الجهل والظلم والكذب والكفر والنفاق والضلال، مالا يتسع لذكره المقال.


هل هذا كلام يصح ان يقال في الأشاعرة ؟؟؟ واغلب كبار الحفاظ منهم منهم كابن حجر و الدارقطني و الحاكم النيسابوري و ابن حبان و النووي و البيهقي و ابن الجوزي و الباقلاني و غيرهم كثير









قديم 2010-12-30, 16:11   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
حنين موحد
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية حنين موحد
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


إبطال مذهب التفويض



التفويض هو الدعوة إلى الجهل بالله.
تعريف التفويض
التفويض هو ” صرف اللفظ عن ظاهره مع عدم التعرض لبيان المعنى المراد منه بل يترك ويفوض علمه إلى الله“ (النظام الفريد بتحقيق جوهرة التوحيد. حاشية على إتحاف المريد بجوهرة التوحيد ص12.
التفويض عند القشيـري
قال القشيري ” صفة ذاتية لا يعقل معناها تمويه ضمنه تكييف وتشبيه ودعاء إلى الجهل .“
قال القشيري ” وإن قال الخصم بأن هذه الظواهر لا معني لها أصلاً فهو حكم بأنها ملغاة“
إما أن يتراءى لنا أو يوصف لنا
ونحن لا يمكن أن نتعرف على الله إلا من خلال رؤيته وهو محال في الدنيا.
أو التعرف عليه من خلال تدبر صفاته. وهذا محرم عند المفوضة.
ونتيجة ذلك تعطيل الله تماما في نفس البشر.
وقد قيل: الجهل بالصفات يؤدي إلى الجهل بالموصوف.
ويلزم منه وصف النبي بالجهل وأنه كان يدعو إلى الجهل بالله.
ويلزم منه أن ألفاظ الصفات في القرآن بأحرف عربية ولكن بلغة سنسكريتية لا نعرفها.
ويلزم أن الله لم ينزل آيات الصفات في القرآن العربي بصفات عربية مع أن آيات الصفات نزلت بلغة العرب فكيف تكون ألفاظا ذات معنى ولا يكون لها معنى؟؟؟
ألفاظ ذات معنى لكن لا معنى لها!!!
والتفويض هو إثبات لفظ الصفة مفرغة من المعنى وبتعبير آخر: قبول ألفاظ الصفات مع إخلائها من معانيها الصحيحة.
أراد به قسم من الأشاعرة الهروب من مصيدة تحريف معنى الصفة الذي يسميه أشاعرة آخرون (التأويل) ولكنهم سقطوا في مصيدة منع معنى الصفة، ظن المفوض أنه نجا بذلك ممن يجعلون لألفاظ الصفات معان باطلة، وإنما انتقل من المعنى الباطل إلى لا معنى.

فإنه: إذا كان التأويل: هو إيجاد المعاني المستبعدة لنصوص الصفات. فإن التفويض هو إبعاد المعاني الحقة لنصوص الصفات.
والتفويض فرع مذهب المعتزلة الذين كانوا يعتبرون أسماء الله أعلاماً محضة، بينما يعتبر المفوض الصفات أعلاماً محضة. والنتيجة لكليهما التعطيل، وحينئذ لا فرق بين المعتزلة الذين جعلوا أسماء الله أعلاماً محضة وبين الأشاعرة المفوضة الذين جعلوا صفات الله أعلاماً محضة. فإنه لو كانت أسماء الله وصفاته أعلاماً محضة لم تكن حسنى.
والمفوضة ضاقوا ذرعاً بالتحريف (التأويل) ولم يحتملوا ما أثمره في قلوبهم من قسوة وظلمة ولكنهم لم يحلوا الإشكال الوارد في النصوص التي يسمونها «نصوص التشبيه» فكان الحل أن يُبقوا هذا الإشكال في صدورهم ولا يتحدثوا به. فمرض التشبيه باق ولكن اكتمه في صدرك ولا تحدث به واشك مصيبتك إلى الله!
لقد سُمِح بالتفويض في المذهب الأشعري لسببين:
السبب الأول: أن كثيراً من أئمة الأشاعرة كالغزالي والجويني والسمرقندي تركوا التأويل وكانوا قبل تركه يُكرهون فِطَرَهُم على قبول المحال والمتناقض ويرغمونها على ما تأباه وتنفر منه. كقولهم إن الله قَهَرَ العرش وأن النبي  قال للجارية أين الله أي ما اعتقادك في عظمة الله فقالت في السماء أي عظيم القدر جداً.. الخ. ووجدوا من الصعوبة الجمع بين طلب التقوى والصدق مع الله، والقول على الله بهذه الاحتمالات في العقيدة التي تصيب القلب بالقسوة وقلة الورع. ولو لم يكن التأويل اجتهاداً ورأياً لما سُمِح بالتفويض. ولوجب الاقتصار على التأويل.
السبب الثاني: أن التفويض ينتهي إلى ما انتهى إليه التأويل، فهما يسيران في طريقين مختلفين ثم يلتقيان معاً في النهاية.
فإن المفوض يصرف اللفظ عن المعنى الراجح: ولكن لا إلى معنى، بينما المؤول يصرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى معنى مرجوح، فيتفقان في صرف اللفظ عن المعنى المتبادر. ويفترقان في أن أحدهما يعطيه معنى آخر محتملاً، والثاني يمنع عنه المعنى. ولكنهم في النهاية يلتقون عند نتيجة مشتركة: وهي: رفض وصف الله بما وصف به نفسه وتنزيهه عما وصف به نفسه.
ولهذا قيل إن التأويل والتفويض وجهان لعملة واحدة، فإنهما يلتقيان عند تعطيل معنى الصفة المرادة لله. ومن هنا ندرك سر الإذن به من قِبَل الأشاعرة والماتريدية. فنتائج التفويض مثل نتائج التأويل من حيث الجناية على النصوص وتعطيل معانيها.
لقد نظر جماعة من الأشاعرة إلى زجر السلف عن تأويلات الجهمية والمعتزلة، وعرفوا ما يُحدث التفويض عند أبناء المذهب من النفور من التأويل وعدم اطمئنان النفوس إليه، وخافوا من الارتداد عن المذهب فأوجدوا لهم بديلاً أسموه التفويض وزعموا أن السلف كانوا يمنعون حتى مجرد تفسير آيات الصفات.
وكل من هاتين الطائفتين تمتاز بصفة ذكرها الله في أهل الكتاب:
فالمؤولة  يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ  [النّساء 46].
والمفوضة  لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاّ أَمَانِيّ  [البقرة 78]، أي إلا تلاوة للمعنى، لا يفهمونه ولا يتدبرونه. مع أن ثمرة التلاوة يجب أن تكون التفكر وتدبر المعاني.
وقد أراد المفوض التخلص من أذى التأويل – أعني التحريف – الذي يمرض القلوب فوقع في مرض آخر هو التفويض الذي حقيقته تجاهل معاني أسماء الله وصفاته والادعاء بأن الله أنزلها ولم يرد منا معرفة معناها فجهلها رسول الله وأصحابه وكان  يحفظ أسماء مجردة عن المعاني.


اللجوء إلى مرض التفويض هرباً من مرض التأويل

التفويض مذهب ظاهره التقوى والكف، وباطنه سوء الظن بالنصوص وتجاهل ما أراد الله من عباده أن يعلموه، وثبت عن السلف تفسيره، فقد دعا النبي  لابن عباس أن يفقهه الله في الدين، ويعلمه التأويل، أي التفسير.
وقد قال ابن عباس: « كلّ القرآن أعلم إلا أربع: حنان وأواه وغسلين والرقيم ». ثم علم ذلك بعد كما حكاه ابن قتيبة.
وهذا دليل على أن السلف كانوا إذا جهلوا شيئاً من القرآن صرحوا بذلك. وهم لم يصرحوا بنفي العلم بمعاني صفات الله تعالى. وإذا امتنع أحدهم عن تفسير لفظ ما فلا يدل على أن ذلك منهج لهم.
الدليل على أن السلف فسروا آيات الصفات
ونضرب مثالاً على أن السلف ما تجاهلوا معاني الصفات: فقد قال مجاهد:  اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش  [الفرقان 59]، أي علا على العرش. وقال أبو العالية استوى أي ارتفع [رواه البخاري في التوحيد باب وكان عرشه على الماء].
وعن ابن عباس في قوله تعالى:  وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا  [هود 37]، « أي بعين الله تبارك وتعالى ». وفي رواية أنه أشار بيده إلى عينه [روه البيهقي في الأسماء والصفات 396 واللالكائي في شرح أصول السنة 3/411].
وقد قال مجاهد أخذت التفسير عن ابن عباس من أوله إلى خاتمته أقفه آيةً آيةً. فلم يستثن من ذلك آيات الصفات. وقد ثبت تفسير مجاهد لصفةٍ كثر الجدل حولها وهي صفة الاستواء.

النبي يفسر الصفات
بل الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم تفسير الصفات:
ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة ” اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء الدين واغننا من الفقر“
قال القرطبي:
” عني بالظاهر الغالب والباطن العالم والله أعلم وهو بكل شيء عليم بما كان أو يكون فلا يخفى عليه شيء“ ((تفسير القرطبي17/236).).
أضاف القرطبي:
” قوله تعالى هو الأول والآخر والظاهر والباطن اختلف في معاني هذه الأسماء وقد بيناها في الكتاب الأسني وقد شرحها رسول الله ص شرحا يغني عن قول كل قائل“ (تفسير القرطبي17/236).
تأمل قول القرطبي: " وشرحها رسول الله".
وقال رسول الله «النبي  : « يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك: أين الجبارون أين المتكبرون؟» وفي رواية: « يأخذ الله عز وجل سماواته وأرضيه بيديه ويقول: أنا الله. ويقبض أصابعه ويبسطها ويقول: أنا الملك، قال ابن عمر: حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه، حتى إني أقول: أساقط هو برسول الله  ؟» [رواه مسلم رقم (278].
وكذلك تلا  قوله تعالى:  إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيرًا  [النّساء 58]، قال أبو هريرة: « رأيت رسول الله  يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه. يقرؤها ويضع أصبعيه. قال المقرئ: يعني أن الله سميع بصير. قال أبو داود: وهذا رد على الجهمية » [رواه أبو داود في كتاب السنة باب في الجهمية 4/233 رقم (472 وصححه الحاكم 1/24 وقال الذهبي "على شرط مسلم" وحسن إسناده الحافظ ابن حجر 13/373].
وفي رواية عن عقبة بن عامر قال: « سمعت رسول الله  يقول على المنبر: « إن ربنا سميع بصير » وأشار إلى عينه » [ذكر هذه الرواية الحافظ ابن حجر في الفتح 13/373 نقلا عن البيهقي في الأسماء والصفات وقال "سنده حسن"].
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: « جاء رجل إلى النبي  من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم: إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر والثرى على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول: أنا الملك أنا الملك. فرأيت رسول الله  ضحك حتى بدت نواجذه [تعجباً وتصديقا] ثم قرأ:  وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ  [الأنعام 91]. وحاشا لنبينا أن يُضحكه كفرٌ ثم يقره ولا ينكره.

وهذا يؤكد أن الرسول  قد بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه كما أمره الله بذلك فقال:  وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم  [النّحل 44].
وأما هؤلاء فينتهون إلى أنه  اكتفى بإبلاغ الأمة الألفاظ وترك لهم هذا الباب دون بيان.
وهذا من المحال:
• إذ كيف يكون القرآن السراج المنير الذي أخر الله به الناس من الظلمات إلى النور وأنزل معه الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه أن يترك باب الإيمان بصفات الله مشتبهاً متلبساً بالـ - - - مما يضطر البعض أن يصف آياته ب‍ «آيات التشبيه» أو «الآيات التي ظاهرها كفر». ولم يميز ما يجب وما لا يجوز عليه وما يستحيل؟
• وكيف يترك النبي  هذا الباب ملتبساً مشتبهاً وهو الذي أشهد أمته على أنه بلغ وبين ونصح وقال: « تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك » [رواه أحمد 4/126 وابن ماجه (43) والحاكم 1/96 واللالكائي 1/22 قال الألباني إسناده صحيح (سلسلة رقم 937)].


الأشاعرة المؤولة يردّون على الأشاعرة المفوضة

يجهل كثيرون أن:
• الأشاعرة فرقتان: أشاعرة مؤولة وأشاعرة مفوضة.
• والماتريدية فرقتان: ماتريدية مؤولة وماتريدية مفوضة.
فهم في الحقيقة أربع فرق لا فرقتان.
وسترى كيف يضلل كل فريق منهم الآخر ويتهمه بتجاهل معاني كلام الله بل ونسبة الجهل وما لا يليق إلى النبي  .
والاختلاف على جواز التفويض أو التأويل خلاف أشعري – أشعري وكذلك أشعري – ماتريدي.
فقد انتهى كبار الأشاعرة كالغزالي والجويني وجماعة من الماتريدية إلى ترجيح التفويض ومنع التأويل بالرغم من نزعتهم العقلانية فتوقفت عقولهم عن استخراج التأويلات.
لقد جهلوا أن الاختلاف على شرعية التأويل خلاف «أشعري أشعري – أشعري ماتريدي».
بل هم مختلفون في كون آيات الصفات من المتشابه كما قال أبو منصور البغدادي: « واختلف أصحابنا في هذا فمنهم من قال إن آية الاستواء من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله » [أصول الدين 112].
• فكل تأويل يتأوله المؤولة من الأشاعرة منقوض بتفويض إخوانهم من الأشاعرة المفوضة، فهذا اختلاف جوهري في العقيدة فأنتم يا مؤولة أو هم على هدى أو في ضلال مبين. فلو كانت تأويلاتكم مصداق دعاء النبي  لابن عباس لما تخلى عنه الأشاعرة المفوضة.
• فالتفويض ليس شيئاً مسَلّماً به لا فيما بين الأشاعرة والماتريدية ولا من قِبَل غيرهم. فلماذا يخاصمون من يرده عليهم؟
وانقسام الأشاعرة إلى فرقتين: فرقة مفوضة وفرقة مؤولة هو تفرق في أصول الدين يكشف لك التناقض داخل المذهب. والانشطار الذي بينهم مما يسترونه عن أعين الناس، وينكشف التناقض في نسبتهم كلاً من التفويض والتأويل إلى السلف.
فالأشاعرة تارة يحكون عن السلف التأويل كقولهم: وقال ابن عباس  يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ  [القلم 47]، أي يكشف عن شدة. وتارة يحكون عن السلف التفويض فيقولون: قال السلف: أمروها على ظاهرها من غير تأويل.
وقد رد ابن فورك على المفوضة الذين يزعمون أن ألفاظ الصفات مما لا يُفهم معناه قائلاً:
قال ابن فورك « وأعلم أن النبي  إنما خاطبنا على لغة العرب فإذا ورد منه الخطاب حمل على مقتضى حكم اللغة».
وقال « النبي  إنما خاطبنا بذلك ليفيدنا أنه خاطبنا على لغة العرب بألفاظها المعقولة فيما بينها المتداولة عندهم في خطابهم فلا يخلو أن يكون قد أشار بهذه الألفاظ إلى معان صحيحة مفيدة أو لم يشر بذلك إلى معنى وهذا مما يجل عنه أن يكون كلامه يخلو من فائدة صحيحة ومعنى معقول.. وأن لا معنى لقول من قال إن ذلك مما لا يفهم معناه أذ لو كان كذلك لكان خطابه خلوا من الفائدة وكلامه معنى عن مراد صحيح وذلك مما لا يليق به  » (مشكل الحديث وبيانه1/302و496).
أضاف:
« لو كان معنى الصفات غير مفهوم لكان خطاب الله خالياً من الفائدة، وعارياً عن معنى صحيح: وهذا مما لا يليق بالنبي  » [مشكل الحديث وبيانه 496]. وإذا كان لا يليق بالنبي فهو باطل!
ولكن هل تمسك ابن فورك بالمعنى الصحيح المتبادر من اللفظ أم أنه انصرف عنه إلى معاني أخرى محتملة والمحتمل لا تقوم به حجة؟!
والعجيب أن الأشاعرة يجعلون هذا الباطل أحد طريقي أهل السنة في تنزيه الله (التأويل والتفويض) ويجيزون لأتباعهم أن يختاروا أياً من الطريقين شاءوا: إما التأويل وإما التفويض. حتى قال اللقاني في جوهرة التوحيد [جوهرة التوحيد ص 91 وهو كتاب مقرر في الأزهر في تدريس مادة العقيدة]:
وكل وصفٍ أوهَمَ التشبيها أوِّلْهُ أو فوّض ورُم تنزيها


القشيري يطعن في المفوضة
ولما قال والد الجويني أن الحروف المقطعة من قبيل الصفات ورجح التفويض زاعماً أنه طريق السلف [إتحاف السادة المتقين 2/110]:
رد عليه القشيري في التذكرة الشرقية قائلاً:
« وكيف يسوغ لقائل أن يقول في كتاب الله ما لا سبيل لمخلوق إلى معرفته ولا يعلم تأويله إلا الله؟ أليس هذا من أعظم القدح في النبوات وأن النبي  ما عرف تأويل ما ورد في صفات الله تعالى ودعا الخلق إلى علم ما لا يعلم [قال جابر بن عبد الله في حجة النبي  "ورسول الله بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله" (مسلم رقم 147)]؟ أليس الله يقول بلسان عربي مبين؟ فإذن: على زعمهم يجب أن يقولوا كذب حيث قال:  بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ  [الشّعراء 195]، إذ لم يكن معلوماً عندهم، وإلا: فأين هذا البيان؟
وإذا كان بلغة العرب فكيف يدعي أنه مما لا تعلمه العرب »؟
أضاف: « ونسبة النبي  إلى أنه دعا إلى رب موصوف بصفات لا تعقل: أمر عظيم لا يتخيله مسلم فإن الجهل بالصفات يؤدي إلى الجهل بالموصوف، وقول من يقول: استواؤه صفة ذاتية لا يعقل معناها، واليد صفة ذاتية لا يعقل معناها، والقدم صفة ذاتية لا يعقل معناها تمويه ضمنه تكييف وتشبيه ودعاء إلى الجهل… وإن قال الخصم بأن هذه الظواهر لا معنى لها أصلاً فهو حكم بأنها ملغاة وما كان في إبلاغها إلينا فائدة وهي هدر. وهذا محال… وهذا مخالف لمذهب السلف القائلين بإمرارها على ظواهرها » [إتحاف السادة المتقين 2/110 – 111 صريح البيان 35 ط: مجلدة]. ورجح النووي ذلك فقال: « يبعد أن يخاطب الله عباده بما لا سبيل إلى معرفته » [شرح مسلم للنووي 16/218].
• وألزم الرازي المفوض بأحد أمرين:
- إما أن يقطع بتنزيه الله عن المكان والجهة فقد قطع بأنه ليس مراد الله من الاستواء الجلوس. وهذا هو التأويل.
- وإما أن لا يقطع بتنزيه الله عن المكان والجهة بل بقي شاكاً فيه فهو جاهل بالله تعالى" [التفسير الكبير للرازي 22/6]. وبهذا يكون الرازي قد أفصح عن حقيقة التفويض ولوازمه الفاسدة وكشف قناعه.
• وطعن أبو حيان النحوي في التفويض ورجح التأويل عليه.
ونقل قول ابن عباس عن آيات الصفات بأن: « هذا من المكتوم الذي لا يفسر » وكذلك نقل قول الشعبي وسعيد بن المسيب والثوري: « نؤمن بها ونقر كما نصّتْ، ولا نعيّن تفسيرها ولا يسبق النظر فيها ». ثم وصف هذين القولين بأنهما: « قول من لم يمعن النظر في لسان العرب ».
ونسب إلى جماهير المسلمين أن الصفات تفسر على قوانين اللغة ومجازات الاستعارة. « فما صح في العقل نسبته إليه [أي إلى لله] نسبناه، وما استحال أولناه بما يليق به تعالى » [انظر تفسير البحر المحيط 1/121 و 2/124 3/524 2/124 3/524]. وهذا القول هو الأصل الذي بنى المعتزلة مذهبهم عليه.
وإذا كان الأمر كذلك فالتفويض ليس أمراً يجوز للمتأشعر الاختيار بينه وبين التأويل. فالقشيري المؤول ينسب المفوضة الأشاعرة إلى الجهل.
وإذا كان علم النبي تأويلها فهل كان يكتم أن الاستيلاء هو معنى الاستواء، وهل أخذتم هذا التأويل منه أو من صحابته أم من المعتزلة؟
• وجاء بدر الدين العيني فصرح في كتابه «إيضاح الدليل» أن أهل الحق انقسموا إلى قسمين:
أحدهما: أهل التأويل.
ثانيهما: القائلون ب‍ «قول السلف» وهو السكوت عن تعيين المراد.
ولكنه ناقش هذا القسم الثاني حتى وصل إلى نقده وإبطاله مع اعترافه الخاطئ أنه نهج السلف قائلاً: « وهذه المعاني المسماة إن لم تكن معلومة ولا معقولة للخلق ولا لها موضع في اللغة استحال خطاب الله الخلقَ بها! لأنه يكون خطاباً بلفظ مهمل لا معنى له، وفي ذلك ما يتعالى الله عنه، أو كخطاب عربي بلفظ تركي لا يعقل معناه... وهذا على قول هؤلاء لا يمكن أن يعلم معناه إلا الله، فيكون خطاباً بما يحير السامع، ولا يفيده شيئاً، ويلزم منه ما لا يخفى على العقلاء ما يتقدس خطاب الله عنه ». والعجب منه أن ينتهي إلى أن: « من اعتقد مذهب السلف المذكور أو مذهب التأويل الحق فهو على هدى » [إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل 92 – 96 تحقيق وهبي غاوجي الألباني]. ويظهر أن ابن جماعة لم يرتض طريق التفويض لنفسه فكيف يرتضيه لغيره ويوصي به!
فالتفويض مذهب يدعو إلى تغييب العقل، وقد زعموا أنه طريق السلف الصالح، وهو ليس مذهب السلف لأنه يؤدي إلى أفول العقل، والسلف لا يحبون الآفلين.
هل نهى الله عن الاقتراب من الصفات
كما نهى آدم عن الاقتراب من الشجرة
ويدعي المفوض أن الله أوحى بآيات تتحدث عن الصفات لكن منعنا من معرفة معناها مثلما أن الله خلق الشجرة ونهى آدم عن الاقتراب منها. ولكن الله لم يمنعنا من الاقتراب من معاني الصفات كما منع آدم من الاقتراب من الشجرة، وكان منعه منها حجة من الله عليه.
فأي حجة تقوم على من يطلب فهم معاني الصفات، والله لم يحذرنا من ذلك، وشأن الصفات أعظم أن تنتهك من الشجرة أن يأكل منها آدم  أَفَلا تَعْقِلُونَ  !
وزعموا أن التفويض هو الإيمان بما وصف الله به نفسه من غير تعرف على معانيها مثل الرحيم والرحمن واللطيف والرقيب... الخ.
وهذا إيمان لا نسلم به كلياً، فإن الإيمان بها: فهم معانيها.

تناقض المفوضة فيما بينهم
فقولهم: أمروها على ظاهرها يناقض قولهم بأن ظاهرها غير مراد، إذ أن إجراء النصوص على ظاهرها يقتضي الإيمان بهذا الظاهر من غير تأويل.
وقولهم بأن ظاهرها غير مراد يقتضي إبطال هذا الإيمان وعدم إجرائها عن ظاهرها.
وقولهم تجرى على ظاهرها يناقض قولهم لها تأويل لا يعلمه إلا الله، فإنهم بإجرائها على ظاهرها أبطلوا كل تأويل يخالف هذا الظاهر، ثم أثبتوا لها تأويلاً يخالف هذا الظاهر لا يعلمه إلا الله.
فهم تارة يجعلون الظاهر مراداً، وتارة يجعلونه غير مراد وإنما المراد هو التأويل الباطن الذي لا يعلمه أحد حتى الراسخون في العلم!
انقسام المفوضة فيما بينهم
وقد انقسم المفوضة إلى قسمين:
1 ـ قسم يزعمون أن ظواهر نصوص الصفات تقتضي التمثيل، فيحكمون بأن المراد بها خلاف ظاهرها، ثم لا يعينون المراد.
2 ـ قسم يقولون: تجرى على ظاهرها ولها تأويل لا يعلمه إلا الله خلاف الظاهر منها وهؤلاء متناقضون [مذهب التفويض ص 568 للأستاذ أحمد القاضي].
تارة التفويض واجب وتارة التأويل واجب
وبينما يزعم الرازي أن مذهب السلف «وجوب» تفويض معاني الصفات ولا يجوز الخوض في تفسيرها، يبطل مذهبهم المزعوم بإجماع أهل الكلام فيقول: « وقال جمهور المتكلمين بأنه يجب الخوض في المتشابهات » [أساس التقديس 236 وانظر مجرد مقالات الأشعري 189].
ثم يأتي متناقض معاصر وهو الحبشي فيناقض قول الرازي ويزعم بأن التأويل التفصيلي كان طريقة السلف [صريح البيان 38 الطبعة الرابعة التي زعموا أنها الأولى].
وهم يفرضون على المسلم أن يختار واحداً من تناقضهم:
• إما أن نردّ ما وصف الله به نفسه بتجاهل معاني صفاته.
• أو نردّ ما وصف به نفسه باختلاق معان بعيدة عن اللفظ تصرفنا عن المعنى المراد لله. فإذا رفضنا نصير عندهم مشبهة مجسمة حشوية.
فأعجب لفريق التأويل من الأشاعرة والماتريدية كيف يوجبون علينا التأويل بينما هم مختلفون مع فريق التفويض من الأشاعرة: هل يؤولون أم يفوضون؟ وكان حرياً بهم أن ينهوا هذا الخلاف بينهم قبل أن يفرضوا علينا شيئاً لم يتفقوا عليه فيما بينهم!
والناس في التفويض على اتجاهين:
ـ منهم من يقول: لا نعلم معاني صفات الله كما نسبه كثيرون إلى السلف، وهذا باطل، فقد قال الترمذي في سننه: « تأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا: إن معنى اليد القوة » [سنن الترمذي 3/42 تعليقاً على حديث رقم (662)]. فهذا نص صريح على أن أهل العلم كانوا يفسرون آيات وأحاديث الصفات.

ـ بل قد رد أحمد على تأويلات الجهمية التي يحمل الأشاعرة العديد منها اليوم كما في كتابه «الرد على الجهمية» الذي أثبت الحافظ ابن حجر نسبته إليه قال فيه: « فيما تأولته من القرآن على غير تأويله » [انظر فتح الباري 13/493] فأثبت لأهل السنة تأويلاً وأثبت للجهمية تأويلات مخالفة لهم.

ـ ويحتجون بقوله تعالى:  وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا  [آل عمران 7]. ولكن ليس من الرسوخ في العلم رفض معاني الصفات الثابت تفسيرها عن السلف مما تمتلئ به كتب التفسير كالطبري.

ـ ومنهم من يقول: التفويض المطلوب إنما هو تفويض كيفية الصفة وليس العلم بمعناها. فقد قال أبو عبيد القاسم بن سلام: « إذا قيل كيف يضحك؟ قلنا: لا نفسر هذا، ولا سمعنا أحداً يفسره » [سير أعلام النبلاء 10/505 التمهيد 7/149]. لاحظ كيف تركز السؤال عن تفسير الكيفية.
• وفي المراد بنفي التفسير فائدة كبيرة، فإن الله أنزل هذا القرآن للناس جميعاً وليس لأهل الجدل الذين أضلهم الله على علم. فوصف نفسه بصفات بينة واضحة المعنى والتفسير، ولا يحتاج معها إلى الخوض والجدل واستخراج المعاني الخفية ولا يلتبس فيها الحق بالباطل، وإنما يزعم الضالون أن ما أنزله الله من الصفات سبب كل التباس ومشكل، وإلا فلماذا يصف نفسه بأنه يستوي وينزل ويأتي ويقبض الأرض ويخلق آدم ويكتب التوراة بيده ويضحك ويعجب!!
وكذلك قول السلف الصالح: « أمرّوها كما جاءت بلا كيف » وكما ذكر الحافظ ابن حجر عن طائفة من السلف والتابعين أنهم كانوا لا يشبهون ويروون هذه الأحاديث ولا يقولون كيف [فتح الباري 13: 407]. فهذه النصوص ظاهرة في النهي عن الخوض في الكيفية على النحو الذي هلك فيه أهل الكلام من الجهمية والمعتزلة والأشعرية.

قال القرطبي: « ولم ينكر أحد من السلف استواءه على عرشه وإنما جهلوا كيفية الاستواء » [تفسير القرطبي ج 17 – 18 ص 215 – 216] أي أن العقول لا تدرك الكيفية، فبهذا تدرك أن قول السلف غير معقول بمعنى مجهول كما بينتها الروايات الأخرى.
فالذين روي عنهم أنهم قالوا: أمروها كما جاءت من غير كيف. ثبت عنهم تفسير نصوص الصفات، مما يؤكد أن هذا القول لم يسلم هو الآخر من عبث الأشاعرة أيضاً فأوجدوا له تأويلاً باطلاً.
وقول السلف: « أمرّوها كما جاءت » يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه، وتحذير الناس من التماس معان مخالفة للمعنى المتبادر من اللفظ، فإنها جاءت ألفاظاً دالة على معاني، فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: أمرّوا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة » [مجموع فتاوى ابن تيمية 15/41].

ويؤكد هذا رسالة السنة التي رواها عبدوس بن مالك العطار عن أحمد أن من السنة: الإيمان بالقدر والتصديق بالأحاديث فيه والإيمان بها، لا يقال: لِمَ وكيف... ومثل أحاديث الرؤية… والحديث عندنا على ظاهره، كما جاء عن النبي  والكلام فيه بدعة ولكن نؤمن به كما جاء على ظاهره ولا نناظر فيه أحداً، والإيمان بالميزان يوم القيامة كما جاء » [طبقات لحنابلة 1/ 179 – 180 واللالكائي 1/156].

وهذا القول شبيه بقوله في نصوص الرؤية كما عند الخلال: سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروى « إن الله تبارك وتعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا » و« أن الله يُرى » و« إن الله يضع قدمه » وما أشبهه؟ فقال: نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى…» [طبقات الحنابلة 1/143].
فقوله (لا كيف) رد على المشبهة.
وقوله (ولا معنى) رد على المعطلة الذين ينفون المعنى الصحيح بإيراد معانٍ باطلة لا سلف لهم بها.
فالإمام أحمد يسوق الكلام في نصوص الوعيد والقدر والصفات والقيامة سوقاً واحداً، ولم يعرف عن أحمد تفويض معاني نصوص القدر والميزان والرؤية.

ويجب فهم كلام أحمد مقيداً بموقفه الفعلي من الصفات كما يدل عليها كتابه «الرد على الجهمية» [أثبت الحافظ هذا الكتاب إلى الإمام أحمد (الفتح 13/493)]. حيث رد فيه معاني الجهمية الباطلة ولم يقف عند هذا الحد، بل بيّن المعنى الصحيح لها، ولم يقل لا معنى لها.

إبطال مذهب التفويض
الحجة البالغة
ولذلك كان أول ما يُسأل عنه المفوضة السؤال الآتي:
هل هذه الصفات التي في القرآن: ألفاظ دالة على معان أم أنها ألفاظ لا معنى لها؟
فإذا أقروا بأنها دالة على معان يُسألون: هل علم النبي  بهذه المعاني أم جهلها؟
فإما أن يقروا بأنه علمها فيُحاجون بالتبليغ. وإما أن يقولوا بأنه  جهل ما يليق بالله، فيقال لهم: كيف يكون النبي أعرف بالله من غيره وقد جهل بزعمكم معاني صفات الله. وعلمها إخوانكم المؤولة من الأشاعرة الذين ما تركوا صفة منها إلا أولوها!
وقد أثر عن أحمد أنه قال: « أمروها كما جاءت » في نصوص لا علاقة لها بالصفات كقوله عن حديث: « من غشنا فليس منا » « لا أدري إلا على ما روي » وقول سفيان في حديث: « ليس منا من لطم الخدود » « من الله عز وجل العلم، وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم » [انظر السنة للخلال رقم (999) و(1001)].
وقول مالك: « الاستواء معلوم والكيف مجهول » هو الفصل، قال الذهبي: « وقول مالك هو قول أهل السنة قاطبة وهو أن كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها » [العلو للذهبي 104] مع أنه أثبت العلم بمعنى الاستواء لا الكيفية.
* وليس للتأويل ولا للتفويض قانون ثابت يبين متى يجوز التأويل ومتى يجوز التفويض، وأهل الكلام مضطربون بين التأويل والتفويض.
فالماتريدي يعتمد التأويل ويجزم به بلا قيد، بينما يجيزه ابن الهمام عندما تدعو إليه الحاجة، ويعتبر الزبيدي ذلك توسطاً، ويشترط ابن دقيق العيد أن يكون التأويل على مقتضى لغة العرب [إتحاف السادة المتقين 2/109 الفقه الأكبر شرح ملا قاري 36].
في حين يبدي أبو المعين النسفي تحفظاً عليه. أما البياضي فيذهب إلى ما يسميه بالتأويل المجمل، والماتريدية من بعده خالفوه حتى إن أبا القاسم السمرقندي – وهو أشهر تلاميذ الماتريدي – رجّح التفويض مطلقاً وحرّم تفسير آيات الصفات التي يعتبرها من المتشابه بدعوى أنها تنتهي إلى التعطيل. قاله في السراج الأعظم، كذا قال ابن قطلوبغا ونسبه الناصري إلى عامة أئمة الماتريدية بإطلاق. ولكن لو كانت من المتشابه لما فسرها السلف.
وجاء الكوثري فصرح بأن: « الذي كان عليه السلف إجراء ما ورد في الكتاب والسنة المشهورة في صفات الله على اللسان مع التنزيه بدون خوض في المعنى ومن غير تعيين المراد ». وأكد أن هذا طريق السلف [تعليق الكوثري على السيف الصقيل للسبكي ص13 وتعليقه على تبيين كذب المفتري ص28].
غير أن الأحباش يرون هذا من الخطأ:
فقد قال أحد رجال الحبشي (محمد الولي): « ونسبة النبي  إلى أنه دعا إلى رب يُعرف بصفات لا تُعقَل أمر عظيم لا يتخيله مسلم، فإن الجهل بالصفات يؤدي إلى الجهل بالموصوف » (مجلة منار الهدى 12/26) وهذا رد جيد من الولي الحبشي الأشعري على الكوثري الأشعري.
أما النسفي فقد ترك للمرء مطلق الخيار: إما أن يؤول وإما أن يفوّض، بينما يرى ابن الهمام جواز التأويل عندما تدعو إليه الحاجة فيُحِلّه لأهل النظر والاستدلال ويحرمه على العوام من الناس [انظر السواد الأعظم 27 سلام الأحكم 153 النور اللامع 96 التمهيد 19 المسايرة 30، 32-33 إشارات المرام 189].
وقال الناصري زين الدين الحلبي في حاشيته على المسايرة: « قال مشايخنا  الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى  [طه 5]، لا يعلم تأويله إلا الله وكذلك جميع المتشابهات. وهو مخالفة صريحة لشيخهم الماتريدي الذي يرى التأويل أمراً لازماً. ومخالفة أخرى لما أقره الماتريدية وعامة الأشاعرة من تأويل الاستواء بالاستيلاء كما نراه عند الحبشي الذي يجزم بأن المُقدِمَ على تفسير الاستواء بالاستيلاء لم يرتكب محظوراً ولم يصف الله بصفة نقص [الدليل القويم 38 – 39]، وهم إنما ينتابهم التردد والحيرة فتارة يقدمون التأويل، وتارة يقدمون التفويض، وتارة يخيرون المرء في الأخذ بأيهما شاء كما يفعل صاحب جوهرة التوحيد [جوهرة التوحيد 92] وهو دليل على عدم الرضا عن التأويل والاطمئنان إليه.
ولهذا انتهى حال كثير من أئمتهم إلى الوقف والحيرة، كالجويني والرازي والغزالي، واعترفوا بخطأ الطريق التي سلكوها، وكان يسعهم ما وسع النبي والسلف، وأن يأخذوا الأمر ببساطة فيثبتوا ما أثبته الله لنفسه ويُحكموا ما تشابه عليهم ب‍  لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ  [الشّورى 11].
• أن التفويض جاء ردة فعل عكسية ضد التأويل، وجاء كدليل على وقوع التردد والتململ النفسي والشعور بالذنب من التأويل المتعسف الذي ضاقت به الصدور ولم تطمئن إليه القلوب حتى قسَت به، وزادت به الشكوك، وقلَّ به الإيمان، ولم يرتفع به وهمُ التشبيه.
• أن المفوض إنما يجعل آيات الصفات بمنزلة فواتح السور (حم عسق ألم طسم) التي نقول عند قراءتها: الله أعلم بمرادها.. لكن الصفات كلمات عربية ذات معانٍ بخلاف هذه الحروف المجموعة التي لا تشكل كلمة عربية ذات مدلول ومعنى. ولا فائدة من تنزيل آيات مع استبقاء معانيها عند الله من غير تنزيل. فإن إصدار كلام بدون معنى مما ينزه عنه المخلوق، فالخالق أولى بهذا التنزيه من المخلوق.
• أنهم بذلك جهلوا السبب الذي أنزل الله لأجله هذه الصفات، فإن هذه الصفات سبب كل خير للعبد لأنه يتعرّف إلى ربه من خلالها، فمن ردّ معانيها فقد فاته الخير والعلم الذي أنزلها الله لأجله.
ولهذا قال ابن قتيبة: « ولم ينزل الله "شيئاً" من القرآن إلا لينفع به عباده، ويدل به على معنىً أراده » [مشكل القرآن 98 – 99].
فطلب معاني هذه الصفات على طريقة أهل الإيمان لا أهل الإلحاد ينبت التقوى في القلب، ولهذا لما كان الراسخون في العلم أعلم بالله من غيرهم كانوا أكثر خشية، وأثنى الله عليهم فقال:  إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ  [فاطر 28].
أما هؤلاء المفوضة فإنهم يقولون: كلما جهلنا معاني الصفات كنا أكثر خشية لله.
فأي إيمان هذا؟ وهل الجهل علم يستحق الثناء؟ وهل يكون الجهل رسوخاً في العلم؟!!
الله يبتلينا هل نؤمن لا هل نعطل!
• وقد زعم أهل الكلام أن الله يبتلي العباد بها، فمن أثبت الصفات على ظاهرها فقد كفر. تعالى الله عما يقول الظالمون. ويلزم من دعواهم تكفير عوام المسلمين لأنه يثبتون ولا يعرفون التأويل.
بل العكس هو الصحيح وهو أن العباد مأمورون بإثبات ما أثبته الله لنفسه مع نفي التشبيه عنه، يؤكد ذلك قولُه تعالى:  وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ  [الأعراف 180] وصدق الله، فقد ماجت الفتن بالمؤولين وماتوا على أسوأ خاتمة كالجهم والمريسي والجعد وغيرهم. فالمثبت للصفات هو الفائز وليس المؤول لها، لأن الله لن يحاسبنا على إثبات ما أثبته هو. وإنما يحاسبنا على نفينا وتحريفنا لما أثبته.
إذ كيف يخاطبنا بما يريد إفهامنا خلافه؟ هل هذا إلا نصب الشراك لتزل أقدام العباد ثم يحاسبهم على الزلة؟ تعالى الله عما يلزم من أقوال المعطلة!
أفلا أُوحى إلى نبينا  أن لا نفهم ما يظهر من هذا الكفر حتى نحذر من الكفر كما حذر آدم من الاقتراب من الشجرة ولم يقل له اقترب وهو يريد منه خلاف ظاهره. أن قصة آدم تبين عظيم رحمة الله وأنه لما أراد من آدم ألا يأكل منها قال:  وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَة  [البقرة 35]، فما عصى آدم إلا وقد بين الله له بياناً واضحاً. فصفات الله أولى بهذا التحذير من التحذير من مجرد شجرة. قال ابن حزم رحمه الله: « ولا يحتج الله عز وجل إلا بما يُفهم لا بما لا يُفهم لأن الله تعالى قد تطول علينا بإسقاط الإصر عنا، ولا إصر أعظم من تكليفنا فهم ما ليس في نيتنا فهمه » [الفصل في المِلَل والنِّحَل 4/71].
والله أنزل آياته ليختبرنا: أنؤمن بها أم لا؟ وليس ليختبرنا هل نعطلها بالتأويلات المحتملة المتضاربة المتناقضة أم لا؟ فإن الله لا يؤخر فهم الناس لتأويل كتابه إلى أن يأتي أهل الكلام وإنما يبين لهم أسباب الهدى ويبتليهم هل يؤمنون كما قال:  وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُون  [التّوبة 115]، ولو كان نزول آيات الصفات ابتلاء لنا من الله: هل نؤول أم لا. فبماذا تفسرون اختلاف تأويلاتكم عن تأويلات السلف؟!
• أن دعوى اشتمال القرآن على آيات لا يعلم معناها إلا الله باطلة:
فإنه يقال لهؤلاء هل تستثنون النبي  من الجهل بها؟ أم أن الجهل بها يشمله؟
لا أعرف أحداً من الأشاعرة المفوضة استثنى من ذلك النبي  . وكفى بذلك قدحاً به.
ثم إن الله أمر المؤمن بل والكافر بتدبر القرآن كله من غير استثناء فقال:  أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ  [النّساء 82]، فكيف يأمر الله الكفار بتدبّر القرآن وينهانا عن تدبر بعض آياته:  كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِه  [ص 29]. فجعل الله العلة من تنزيل كتابه المبارك: التدبر والتذكر. ولهذا نهى النبي  عن أن يُقرأ القرآن في أقل من ثلاثة أيام حتى لا يكون مجرد تلاوة من غير فهم. وقال: « وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم ». ففرّق بين التلاوة والمدارسة. فالتلاوة: قراءة ألفاظه. والتدارس طلب فهم المعاني.
وإذا كان في العادة يمتنع أن يقرأ قوم كتاباً في فن من العلم كالطب والحساب ولا يطلبون شرحه، فكيف بكلام الله الذي هو عصمتهم، وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم!
• أن الله قد جعل قرآنه هيناً سهلاً للتدبر والتذكر والاتعاظ فقال:  وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ  [القمر 17]، ولو كان فيه ألفاظ لا يمكن حتى الراسخين في العلم من معرفة معانيها لم يكن ميسراً للذكر والاتعاظ والتدبر بل كان معسراً، فإن التيسير يشمل أموراً عديدة منها:
- تيسير ألفاظه للحفظ.
- تيسير معانيه للفهم.
- تيسير أوامره ونواهيه للامتثال.
• وقد وصف كتابه بأنه نور وبيان وبرهان ومبين وهدى وشفاء، بينما يعطل المفوضة هذه الصفات فيجعلونه ألغازاً يحرم حلها. وانتهى بهم الأمر إلى شك مدفون في نفوسهم تزداد القلوب به مرضاً.
• صحيح أن الشريعة نهت عن الخوض في الآيات بالباطل لكنها لم تنه عن تعلم معانيها الحقة بل أمرت بتدبر آيات الله كلها  أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ  [النّساء 82]، فترك المفوضة التدبر المأمور به وظنوا أن الله ما أنزلها إلا للتلاوة المجردة.
وليس من دليل على استثناء آيات الصفات من ذلك.
• أن كلاً من التفويض والتأويل نقيض للآخر. فالتأويل يعتمد العقل ويخالف النص، والتفويض يعطل العقل ويتجاهل معاني الألفاظ التي فسَّرها النبي  والصحابة. فيقول المفوض: لا أعلم المعنى. بينما هو يعلم المعنى، فإنه يفرِّق بالضرورة بين الرحيم والعليم وبين اللطيف والمنتقم. وهذه التفرقة الضرورية التي نجدها تبطل مذهب التفويض.
ـ ومعلوم أن عدم العلم ليس علماً بالعدم. فلو كان صادقاً في عدم عِلمه فإنه ذلك لا يعني أن ما جهله ليس معلوماً عند غيره.

ما يلزم من التفويض
ويلزم من التفويض:
• أن نبينا  كان غير عالم بما أنزله الله تعالى عليه من النصوص بل يقول كلاماً لا يعقل معناه. أو علم معاني هذه الصفات لكنه كتمها، وهذا يتعارض مع قوله تعالى:  يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّك  [المائدة 67]، وقوله تعالى:  حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ  [التّوبة 128]. فلو كان حريصاً علينا لما سكت عن النصوص الموهمة للتشبيه.
فالمفوضة أمام محظورَيْن: إما تجهيل الأنبياء والسلف باعتقاد أنهم كانوا يجهلون معاني ما أنزل الله، والله عز وجل قال:  إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ  [الزّخرف 3]، وإما اتهامهم بكتمان بيان معاني ما أنزل الله.
• أن في القرآن آيات لا يريدنا الله أن نعقلها؟ فأي فائدة لنا من نزولها؟
وما الحكمة من تنزيل آيات يحرم علينا أن نعقلها ونفهمها؟ والحكمة: وضع الأمور في مواضعها الصحيحة، وليس من الحكمة توجيه كلام إلى من لا يفهمه. فمخاطبة العجم بلغة العرب لا يفعلها حكيم! ومن منا يرضى أن يخاطبه أحد بلغة لا يفهمها؟
قال تعالى:  وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً  [الشّورى 7]، ثم قال بعد ذلك:  وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِي  [فصّلت 44]، فقالت المفوضة: نعم: أعجمي بما فيه من الصفات، وعربي فيما سواها.
• أن كتاب الله لا يُهتدى به في معرفة الله لأن آيات الصفات مجرد ألفاظ لا نعلم معناها. وإنما حظنا منها أن نتعبد الله بتلاوتها فقط، فلا فرق بين الغفور والمنتقم.
لا شك أن الله أراد بالصفات تعريف الناس بصفاته خيراً:
فأبطل المفوضة هذا السبب، وجعلوها ألفاظاً لا معاني لها، وفوّتوا على الناس هذا الخير بذرائع واهية زعموا أن ما أنزله الله يوهم الضلالة، وأن الهدى:
إما بتأويل تُستخرج له معاني باطلة، تُسقط هيبة الرب من القلوب.
وإما بتفويض يمنعون به الناس من معرفة الحق ويفوّتون عليهم الخير.
فإن ما أنزله الله على رسوله  إنما هو بيان وهدى للعالمين، وغير جائز أن يكون فيه ما لا حاجة بهم إليه، ولا أن يكون فيه ما بهم إليه حاجة ثم لا يكون بهم إلى علم تأويله سبيل... ولن يذهب علم ذلك عن علماء الأمة.









قديم 2010-12-30, 16:19   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
حنين موحد
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية حنين موحد
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عــــادل الميـــلي مشاهدة المشاركة
رسالة استحسان الخوض في علم الكلام لأبي الحسن الأشعري



الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد النبي وءاله الطيبين وأصحابه الأئمة المنتخبين .
أما بعد فإن طائفة من الناس جعلوا الجهل رأس مالهم وثقـُل عليهم النظر والبحث عن الدين ، ومالوا إلى التخفيف والتقليد ، وطعنوا على من فتش عن أصول الدين ونسبوه إلى الضلال ، وزعموا أن الكلام في الحركة والسكون والعرَضِ والألوان والأكوان والجزء والطفرة وصفات البارئ عز وجل بدعة وضلالة ، وقالوا : لو كان ذلك هدى ورشادًا لتكلم فيه النبي صلى الله عليه وءاله وسلم وخلفاؤه وأصحابه ، قالوا : ولأن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يمت حتى تكلم في كل ما يحتاج إليه من أمور الدين وبيّنه بيانـًا شافيًا ، ولم يترك بعده لأحد مقالاً فيما للمسلمين إليه حاجة من أمور دينهم وما يقرّبهم إلى الله عز وجل ويباعدهم عن سخطه ، فلما لم يرووا عنه الكلام في شيء مما ذكرناه علمنا أن الكلام فيه بدعة والبحثَ عنه ضلالة ، لأنه لو كان خيرًا لما فات النبيَ صلى الله عليه وءاله وأصحابه وسلم ولتكلموا فيه ، قالوا : ولأنه ليس يخلو ذلك من وجهين : إما أن يكونوا علموه فسكتوا عنه ، أو لم يعلموه بل جهلوه ، فإن كانوا علِموه ولم يتكلموا فيه وسِعنا أيضًا نحن السكوتُ عنه كما وسعهم السكوتُ عنه ، ووسِعنا تركُ الخوض كما وسِعهم تركُ الخوض فيه ، ولأنه لو كان من الدين ما وسعهم السكوت عنه ، وإن كانوا لم يعلموه وسِعَنا جهلُه كما وسع أولئك جهلُه ، لأنه لو كان من الدين لم يجهلوه ، فعلى كِلا الوجهين الكلامُ فيه بدعةٌ والخوضُ فيه ضلالة . فهذه جملة ما احتجوا به في ترك النظر في الأصول .

قال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه : الجوابُ من ثلاثة أوجهٍ :

( أحدها ) قلب السؤال عليهم بأن يقال : النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يقل أيضًا إنه مَن بحَثَ عن ذلك وتكلم فيه فاجعلوه مبتدعًا ضالاً ، فقد لزمكم أن تكونوا مبتدعةً ضُلالاً إذ قد تكلمتم في شيء لم يتكلم فيه النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ، وضلّلتم من لم يضلّله النبي صلى الله عليه وءاله وسلم .

( الجواب الثاني ) : أن يقال لهم : إن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يجهل شيئًا مما ذكرتموه من الكلام في الجسم والعرَض والحركة والسكون والجزء والطّفرة وإن لم يتكلم في كل واحد من ذلك معيَّنـًا ، وكذلك الفقهاء والعلماء من الصحابة غيرَ أن هذه الأشياءَ التي ذكرتموها معيّنةً ، أصولُها موجودةٌ في القرءان والسنة جملةً غيرَ مفصّلةٍ .

فأما الحركة والسكون والكلام فيهما فأصلُهما موجودٌ في القرءان وهما يدلان على التوحيد ، وكذلك الاجتماعُ والافتراق ، قال الله تعالى مخبِرًا عن خليله إبراهيم صلوات الله عليه وسلامه في قصة أفول الكوكب والشمس والقمر وتحريكِها من مكانٍ إلى مكانٍ ما دلّ على أن ربه عز وجل لا يجوز عليه شيء من ذلك ، وأن من جاز عليه الأفولُ والانتقال من مكانٍ إلى مكانٍ فليس بإله .

وأما الكلام في أصول التوحيد فمأخوذٌ أيضًا من الكتاب ، قال الله تعالى ( لو كان فيهما ءالهةٌ إلا الله لفسدتا ) ، وهذا الكلام موجَزٌ منبِّهٌ على الحجة بأنه واحدٌ لا شريك له ، وكلام المتكلمين في الحِجاج في التوحيد بالتمانع والتغالب فإنما مرجعه إلى هذه الآية ، وقولِه عز وجل ( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه مِن إلهٍ إذًا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض ) وإلى قوله عز وجل ( أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق ) .

قال الشيخ الإمام أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه وأرضاه :

وكلام المتكلمين في الحِجاج في توحيد الله إنما مرجعه إلى هذه الآيات التي ذكرناها ، وكذلك سائر الكلام في تفصيل فروع التوحيد والعدل إنما هو مأخوذ من القرءان ، فكذلك الكلام في جواز البعث واستحالته الذي قد اختلف عقلاءُ العرب ومَن قبلَهم مِن غيرِهم فيه حتى تعجّبوا من جواز ذلك فقالوا ( ءإذا متنا وكنا ترابًا ذلك رجع بعيد ) ، وقولهم ( هيهاتَ هيهات لما توعدون ) ، وقولهم ( من يحي العظامَ وهي رميم ) ، وقوله تعالى ( أيعِدُكم أنكم إذا مِتّم وكنتم ترابًا وعظامًا أنكم مُخرجون ) ، وفي نحو هذا الكلام منهم إنما ورد بالحِجاج في جواز البعث بعد الموت في القرءان تأكيدًا لجواز ذلك في العقول وعلّم نبيَّه صلى الله عليه وءاله وسلم ولقـّنه الحجاج عليهم في إنكارِهمُ البعثَ من وجهين على طائفتين : منهم طائفة أقرّت بالخلق الأول وأنكرَت الثاني ، وطائفةٌ جحدَت ذلك بقدم العالم ، فاحتجّ على المقِرِّ منها بالخلق الأول بقوله ( قل يحييها الذي أنشأها أول مرة ) وبقوله ( وهو الذي يبدؤا الخلق ثم يعيدُه وهو أهون عليه ) وبقوله ( كما بدأكم تعودون ) ، فنبّههم بهذه الآيات على أن من قدر أن يفعل فِعلاً على غير مثالٍ سابقٍ فهو أقدرُ أن يفعلَ فعلاً محدَثًا فهو أهون عليه فيما بينكم وتعارفِكم ، وأما البارئ جل ثناؤه وتقدست أسماؤه فليس خلقُ شيءٍ بأهونَ عليه من الآخر ، وقد قيل : إن الهاءَ في " عليه " إنما هي كنايةٌ للخلق بقدرته ، إن البعثَ والإعادةَ أهونُ على أحدكم وأخفُ عليه من ابتداء خلقهِ ، لأن ابتداءَ خلقهِ إنما يكون بالولادة والتربية وقطعِ السرة والقِماطِ وخروجِ الأسنان وغير ذلك من الايات الموجِعة المؤلِمة ، وإعادتـُه إنما تكون دفعةً واحدة ليس فيها من ذلك شيء فهي أهون عليه من ابتدائه ، فهذا ما احتج به على الطائفة المقِرّةِ بالخلق .

وأما الطائفة التي أنكرت الخلق الأول والثاني وقالت بقِدَم العالم فإنما دخلَت عليهم شبهةٌ بأن قالوا : وجدنا الحياةَ رطبةً حارةً والموتَ باردًا يابسًا ، وهو من طبع التراب ، فكيف يجوز أن يجمع بين الحياة والتراب والعظام النخِرة فيصير خلقـًا سويًا ، والضدان لا يجتمعان ، فأنكروا البعثَ من هذه الجهة .
ولعمري إن الضدين لا يجتمعان في محلٍ واحدٍ ولا في جهةٍ واحدة ولا في الموجود في المحل ، ولكنه يصح وجودُهما في محلين على سبيل المجاورة ، فاحتج الله تعالى عليهم بأن قال ( الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارًا فإذا أنتم منه توقدون ) ، فردّهم الله عز وجل في ذلك إلى ما يعرفونه ويشاهدونه من خروج النار على حرّها ويُبسها من الشجر الأخضر على بردها ورطوبتها ، فجعل جوازَ النشأة الأولى دليلاً على جواز النشأة الآخرة لأنها دليل على جواز مجاورة الحياةِ الترابَ والعظامَ النخرةَ فجعلها خلقـًا سويًا وقال ( كما بدأنا أول خلقٍ نعيدُه ) .

وأما ما يتكلم به المتكلمون من أن للحوادث أولاً وردُّهم على الدهرية أنه لا حركة إلا وقبلَها حركة ولا يومَ إلا وقبلَه يوم ، والكلامُ على من قال : ما من جزء إلا وله نصف لا إلى غاية ، فقد وجدنا أصل ذلك في سنة رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم حين قال : " لا عدوى ولا طِيَرة ، فقال أعرابي : فما بالُ الإبل كأنها الظِباء تدخل في الإبل الجربى فتجرَبُ ؟ فقال النبي صلى الله عليه وءاله وسلم : فمن أعدى الأول " ؟ فسكت الأعرابيُ لما أفحمه بالحجة المعقولة .

وكذلك نقول لمن زعم أنه لا حركة إلا وقبلها حركة : لو كان الأمرُ هكذا لم تحدث منها واحدة ، لأن ما لا نهاية له لا حدَثَ له ، وكذلك لما قال الرجل : يا نبي الله إن امرأتي ولدت غلامًا أسودَ وعرّضَ بنفيه ، فقال النبي صلى الله عليه وءاله وسلم : هل لك من إبل ؟ فقال : نعم ! قال : فما ألوانها ؟ قال : حُمْرٌ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم : هل فيها مِن أورَقَ ؟ قال : نعم إن فيها أورق ، قال : فأنى ذلك ؟ قال : لعل عرقـًا نزعه ، فقال النبي صلى الله عليه وءاله وسلم : ولعل ولدك نزعه عِرقٌ ، فهذا ما علّم اللهُ نبيَه (صلى الله عليه وءاله وسلم) مِن ردِّ الشيء إلى شكله ونظيره ، وهو أصلٌ لنا في سائر ما نحكم به من الشبيه والنظير .

وبذلك نحتج على من قال : إن الله تعالى وتقدس يشبه المخلوقات وهو جسم ، بأن نقول له : لو كان يشبه شيئـًا من الأشياء لكان لا يخلو من أن يكون يشبهه من كل جهاته ، أو يشبهه من بعض جهاته ، وإن كان يشبهه من بعض جهاته وجب أن يكون محدَثـًا مثلَه من حيثُ أشبَهَهُ ، لأن كل متشابهين حكمُهما واحدٌ فيما اشتبها به ، ويستحيل أن يكون المحدَثُ قديمًا والقديمُ محدَثـًا ، وقد قال تعالى وتقدس ( ليس كمثله شيء ) وقال تعالى وتقدس ( ولم يكن له كفوًا أحد ) .

وأما الأصل في أن للجسم نهاية وأن الجزء لا ينقسم فقوله عز وجل اسمه ( وكلَّ شيءٍ أحصيناهُ في إمامٍ مبين ) ومُحالٌ إحصاءُ ما لا نهاية له ، ومحالٌ أن يكون الشيءُ الواحدُ ينقسم لأن هذا يوجب أن يكونا شيئين ، وقد أخبر أن العدد وقع عليهما . وأما الأصل في أن المحدِثَ للعالم يجب أن يتأتى له الفعلُ نحو قصدِه واختيارِه وتنتفي عنه كراهيتـُهُ ، فقوله تعالى ( أفرأيتم ما تمنون ءأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ) فلم يستطيعوا أن يقولوا بحجة إنهم يخلـُقون مع تمنّيهم الولدَ ، فلا يكون مع كراهيته له فنبّههم أن الخالق هو مَن يتأتـّى منه المخلوقاتُ على قصدِه .

وأما أصلنا في المناقضة على الخصم في النظر فمأخوذ من سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وءاله وسلم ، وذلك تعليمُ الله عز وجل إياه حين لقي الحبرَ السمينَ فقال له : نشَدتـُك بالله هل تجد فيما أنزل الله تعالى من التوراة أن الله تعالى يبغض الحبر السمين ؟ فغضب الحبرُ حين عيّره بذلك ، فقال : ما أنزل اللهُ على بشرٍ من شيء ، فقال الله تعالى ( قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى ) الآية ، فناقضه عن قربٍ ، لأن التوراة شيء ، وموسى بشر ، وقد كان الحبر مقرًا بأن الله تعالى أنزل التوراة على موسى .

وكذلك ناقض الذين زعموا أن الله تعالى عهد إليهم أن لا يؤمنوا لرسول حتى يأتيهم بقربان تأكله النار ، فقال تعالى ( قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلمَ قتلتموهم إن كنتم صادقين ) فناقضهم بذلك وحاجّهم .

وأما أصلنا في استدراكنا مغالطة الخصوم فمأخوذ من قوله تعالى ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ) إلى قوله ( لا يسمعون ) فإنها لما نزلت هذه الآية بلغ ذلك عبدَ الله ابن الزِبَعْرَى ـ وكان جدِلاً خصِمًا ـ فقال : خصمتُ محمدًا وربِ الكعبة ، فجاء إليه رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم ، فقال : يا محمد ألست تزعم أن عيسى وعزيرًا والملائكةَ عُبِدوا ؟ فسكت النبيُ صلى الله عليه وءاله وسلم لا سكوتَ عِيٍ ولا منقطعٍ تعجبًا من جهله لأنه ليس في الآية ما يوجب دخولَ عيسى وعزيرٍ والملائكةِ فيها ، لأنه قال ( وما تعبدون ) ولم يقل وكل ما تعبدون من دون الله ، وإنما أراد ابن الزِبَعْرى مغالطةَ النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ليوهمَ قومَه أنه قد حاجّه ، فأنزل اللهُ عز وجل ( إن الذين سبقَت لهم منا الحسنى ) يعني من المعبودين ( أولئك عنها مُبعَدون ) فقرأ النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ذلك فضجوا عند ذلك لئلا يتبين انقطاعُهم وغلطهم فقالوا : " ءالهتنا خير أم هو " يعنون عيسى ، فأنزل الله تعالى ( ( ولما ضُرِبَ ابنُ مريمَ مثلا إذا قومُك منه يصدون ) إلى قوله ( خصِمون ) ، وكل ما ذكرناه من الآي أو لم نذكره أصلٌ وحجة لنا في الكلام فيما نذكره من تفصيل وإن لم تكن كلُ مسئلةٍ معينةً في الكتاب والسنة ، لأن ما حدث تعيينُها من المسائل العقليات في أيام النبي صلى الله عليه وءاله وسلم والصحابةِ قد تكلموا فيه على نحو ما ذكرناه .

والجواب الثالث : أن هذه المسائل التي سألوا عنها قد علِمها رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم ولم يجهل منها شيئـًا مفصّلاً غيرَ أنها لم تحدث في أيامه معيّنةً فيتكلم فيها أو لا يتكلم فيها وإن كانت أصولها موجودةً في القرءان والسنة وما حدث من شيء فيما له تعلق بالدين من جهة الشريعة فقد تكلموا فيه وبحثوا عنه وناظروا فيه وجادلوا وحاجّوا كمسائل العَول والجدّات من مسائل الفرائض وغيرِ ذلك من الأحكام وكالحرام والبائن والبتة وحبلـَكِ على غاربِك وكالمسائل في الحدود والطلاق مما يكثر ذكرها مما قد حدثت في أيامهم ولم يجئ في كل واحدة منها نص عن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لأنه لو نص على جميع ذلك ما اختلفوا فيها ، وما بقي الخلاف إلى الآن .

وهذه المسائل وإن لم يكن في كل واحدة منها نص عن رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم فإنهم ردوها وقاسوها على ما فيه نص من كتاب الله تعالى والسنة واجتهادهم ، فهذه أحكامُ حوادثِ الفروع رَدوها إلى أحكام الشريعة التي هي فروع لا تـُدرَك أحكامُها إلا من جهة السمع والرسل ، فأما حوادث تحدث في الأصول في تعيين مسائلَ فينبغي لكل عاقلٍ مسلمٍ أن يردَّ حكمَها إلى جملة الأصول المتفق عليها بالعقل والحس والبديهة وغير ذلك ، لأن حكم مسائل الشرع التي طريقها السمعُ أن تكون مردودةً إلى أصول الشرع الذي طريقه السمعُ ، وحكمُ مسائل العقليات والمحسوسات أن يُرَدَّ كلُ شيءٍ من ذلك إلى بابه ولا يخلِطَ العقلياتِ بالسمعياتِ ولا السمعياتِ بالعقليات ، فلو حدث في أيام النبي صلى الله عليه وءاله وسلم الكلامُ في خلق القرءان وفي الجزء والطفرة بهذه الألفاظ لتكلم فيها وبيّنه كما بيّن سائرَ ما حدث في أيامه من تعيين المسائل وتكلم فيها .
ثم يقال : النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يصحَّ عنه حديثٌ في أن القرءان غيرُ مخلوق أو هو مخلوق ، فلم قلتم : إنه غير مخلوق ؟
فإن قالوا : قد قاله بعض الصحابة وبعض التابعين ، قيل لهم : يلزم الصحابي والتابعي مثلُ ما يلزمكم من أن يكون مبتدِعًا ضالاً إذ قال ما لم يقله الرسول صلى الله عليه وءاله وسلم .
فإن قال قائل : فأنا أتوقف في ذلك فلا أقول : مخلوق ولا غير مخلوق ، قيل له : فأنت في توقفك في ذلك مبتدعٌ ضالٌ ، لأن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يقل : إن حدثَتْ هذه الحادثةُ بعدي توقفوا فيها ولا تقولوا فيها شيئـًا ، ولا قال : ضلِلوا وكفِروا من قال بخلقه أو من قال بنفي خلقه .
وخبّرونا لو قال قائلٌ إن عِلمَ اللهِ مخلوقٌ أكنتم تتوقفون فيه أم لا ؟ فإن قالوا : لا ، قيل لهم : لم يقل النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ولا أصحابُه في ذلك شيئـًا ، وكذلك لو قال قائل : هذا ربُكم شبعانُ أو ريانُ أو مكتسٍ أو عَريان أو مقرور أو صفراوي أو مرطوب أو جسم أو عرَضٌ أو يشم الريح أو لا يشمها أو هل له أنفٌ وقلبٌ وكبدٌ وطِحالٌ وهل يحج في كل سنة ، وهل يركب الخيل أو لا يركبها ، وهل يغتمُّ أم لا ؟ ونحوَ ذلك من المسائل ، لكان ينبغي أن تسكت عنه ، لأن رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم لم يتكلم في شيء من ذلك ولا أصحابُه ، أو كنتَ لا تسكتُ ، فكنتَ تبينُ بكلامك أن شيئـًا من ذلك لا يجوز على الله عز وجل وتقدس كذا وكذا بحجة كذا وكذا .
فإن قال قائل : أسكتُ عنه ولا أجيبه بشيءٍ أو أهجرُه أو أقوم عنه أو لا أسلم عليه أو لا أعوده إذا مرض أو لا أشهد جنازته إذا مات ، قيل له : فيلزمك أن تكون في جميع هذه الصيغ التي ذكرتَها مبتدعًا ضالاً ، لأن رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم لم يقل : من سأل عن شيءٍ من ذلك فاسكتوا عنه ، ولا قال : لا تسلموا عليه ولا قوموا عنه ، ولا قال شيئًا من ذلك فأنتم مبتدعةٌ إذا فعلتم ذلك ، ولِمَ لَم تسكتوا عمّن قال بخلق القرءان ولِمَ كفّرتموه ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم حديثٌ صحيحٌ في نفي خلقه وتكفيرِ من قال بخلقه .
فإن قالوا : لأن أحمد بن حنبل رضي الله عنه قال بنفي خلقه وتكفيرِ من قال بخلقه ، قيل لهم : ولِمَ لم يسكت أحمدُ عن ذلك بل تكلم فيه ؟
فإن قالوا : لأن العباس العنبري ووكيعًا وعبدَ الرحمن بنَ مهدي وفلانًا وفلانًا قالوا إنه غيرُ مخلوق ، ومَن قال بأنه مخلوقٌ فهو كافر .
قيل لهم : ولِم لم يسكت أولئك عما سكت عنه النبي صلى الله عليه وءاله وسلم فإن قالوا : لأن عمرو بن دينار وسفيانَ بن عيينة وجعفرَ بن محمد رضي الله عنهم وفلانًا وفلانًا قالوا : ليس بخالقٍ ولا مخلوق .
قيل لهم : ولم لم يسكت أولئك عن هذه المقالة ، ولم يقلها رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم ؟
فإن أحالوا ذلك على الصحابة أو جماعةٍ منهم كان ذلك مكابرةً ، فإنه يقال لهم : فلم لم يسكتوا عن ذلك ، ولم يتكلم فيه النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ، ولا قال : كفّروا قائلَه ، وإن قالوا : لا بد للعلماء من الكلام في الحادثة ليعلمَ الجاهلُ حكمَها ، قيل لهم : هذا الذي أردناه منكم ، فلِمَ منعتم الكلامَ ، فأنتم إن شئتم تكلمتم حتى إذا انقطعتم قلتم : نُهينا عن الكلام ، وإن شئتم قلّدتم مَن كان قبلكم بلا حجةٍ ولا بيان ، وهذه شهوةٌ وتحكّمٌ .
ثم يقال لهم : فالنبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يتكلم في النذور والوصايا ولا في العتق ولا في حساب المناسَخات ، ولا صنّف فيها كتابًا كما صنعه مالكٌ والثوري والشافعي وأبو حنيفة ، فيلزمكم أن يكونوا مبتدعةً ضُلالاً إذ فعلوا ما لم يفعله النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ، وقالوا ما لم يقله نصًا بعينه ، وصنّفوا ما لم يصنّفه النبي صلى الله عليه وءاله وسلم وقالوا بتكفير القائلين بخلق القرءان ولم يقله النبي صلى الله عليه وءاله وسلم .

وفيما ذكرنا كفاية لكل عاقل غيرِ معاند
فضيلة العلامة د. ربيع بن هادي بن عمير المدخلي : الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه . أما بعد : فليعلم أهل السنة والجماعة حقًا لا ادعاءً : أن دعوتهم مستهدفة من أهل الفتن والأهواء ، وأنهم لا يملون من المكايد والشبه والفتن في أوساط أهل السنة والجماعة وبث أسباب الفرقة . ولقد نبتت نابتة في هذه السنين تلبس لباس السنة ولكنها تخالف أهل السنة في أصولهم ومنهجهم وتطبيقاتهم ، وانتحلت هذه النابتة أصولاً لمقاومة منهج أهل السنة وفتاوى علمائهم في رد البدع والتحذير من أهلها ، كما وضعت هذه النابتة أصولاً لرد هذه الفتاوى القائمة على الكتاب والسنة ، مثل :

• نحن لا نقلد أحدًا ونحن أصحاب الدليل .


• ليس لأحد علينا وصاية ، ولا عندنا بابوات ولا ملالي .

• " إدعاء التثبت " . أي : أنهم يردون فتاوى العلماء وأحكامهم على أهل البدع وتحذيرهم منها ومنهم ؛ بدعوى التثبت بالإضافة إلى أصولهم الآنفة الذكر .

ومن جهة أخري وضعوا أصولاً لحماية أهل البدع وزعمائهم ، ولمواجهة أصول السلف ومنهجهم في نقد البدع وأهلها ، مثل :

• " حمل المجمل على المفصل " ، وهم لا يريدون المجمل والمفصل لدى الأصوليين وعلماء الإسلام ، وإنما يريدون مجملاً ومفصلاً ابتدعوه .

• " نصحح ولا نجرح ، أو ولا نهدم " ، فيعتبرون نقد البدع وأهلها والتحذير منها هدمًا ، وهم لا يصححون ، وفي المقابل يهدمون أهل السنة ويحاربونهم أشد الحرب ؛ كما يحاربون أصولهم المستمدة من الكتاب والسنة .

• " منهج الموازنات " ، الذي يطبقونه ثم يجحدون مكابرة منهم هذا التطبيق .

• قولهم : " نريد منهجًا واسعًا يسع أهل السنة ، ويسع الأمة " ، ثم يفسرونه تفسيرًا كاذبًا يفضحهم تطبيقهم له ، ومن يتظاهر منهم بعدم تطبيقه يفضحه تأييد ومولاة من يطبقه .

وأنا أسوق - إليك - عددًا من النصوص التي تهدم أصولهم الفاسدة :

• قول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ . كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ ) . [ الصف : 2 - 3 ] .

قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - : عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير هذه الآية : ( كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون : لوددنا أن الله - عز وجل - دلنا على أحب الأعمال إليه فنعمل به ، فأخبر الله نبيه أن أحب الأعمال : إيمان به لا شك فيه ، وجهاد أهل معصيته الذين خالفوا الإيمان ولم يقروا به ؛ فلما نزل الجهاد كره ذلك أناس من المؤمنين ، وشق عليهم أمره . فقال الله - سبحانه - : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ ) ، وهذا اختيار ابن جرير ، وذكر ابن كثير نحوه عن مقاتل بن حيان ) . [1]

• ومنها حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - : أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : ما شاء الله وشئت ! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( أجعلتني لله عدلاً . قل : ما شاء الله وحده ) . [2]

الشاهد من الحديث : قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لهذا الصحابي الجليل الذي لا يريد إلا إجلال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( أجعلتني لله عدلاً ) . وفي لفظ : ( أجعلتني لله ندًا ) .

وله شاهد من حديث قتيلة بنت صيفي الجهنية - رضي الله عنها - قالت : إن حبرًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : إنكم تشركون ، تقولون : ما شاء الله وشئت ، وتقولون : والكعبة . فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( قولوا : ما شاء الله ثم شئت ، وقولوا : ورب الكعبة ) . [3]

والشاهد منه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يغضب من قول اليهودي بل أقره وأمر أصحابه : أن يقولوا القول الصواب الذي لا يخدش في التوحيد ، ولم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه ولا أمر اليهودي بحمل المجمل على المفصل - صلى الله عليه وسلم - وهو الناصح الأمين .

وللحديثين شواهد في الجملة فيها النهي عن قول : ( ما شاء الله وشئت ) .

• قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخطيب من خطباء أصحابه يريد الخير . قال هذا الصحابي في خطبته : ( من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى ) . فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( بئس خطيب القوم أنت ) .

هذا صحابي جليل - رضي الله عنه - لم يحمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجمله على مفصله وإن كان صحابيًا لا يريد إلا خيرًا .

هذا النص وحده في نظر المؤمنين يدك قواعد من يقول : " حمل المجمل على المفصل " ، و " منهج الموازنات " ، و " نصحح ولا نهدم الأشخاص " ، فهل هناك أشد من قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( بئس خطيب القوم أنت ) !؟

فإذا قال خطيب قوم كلامًا باطلاً ، أو قال في كتاب ، أو شريط ببدعة فقلنا له : بئست البدعة بدعتك لحق لنا ذلك ؛ لأننا مستندون إلى جبل عظيم وهو هذا النص النبوي العظيم والموقف المحمدي الكريم .

فلو جاءنا احدهم بقال فلان وقال علان نقول له : سلم للأدلة واعرف قواعد السلف المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله مثل قولهم : ( إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل ) . و ( كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) .

وقبل الكل قوله تعالى : ( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) . [ النساء : 59 ] .

فإذا كننم تؤمنون بالله واليوم الآخر ! فدعوا هذه القواعد الفاسدة التي تعارض قول الله وقول رسوله وتعارض منهج السلف الصالح .

• ومن النصوص النبوية التي تدك هذه القواعد الفاسدة . قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصحابيين جليلين - رضي الله عنهما - اختصما فقال أحدهما : ( يا للمهاجرين ) ! وقال الأخر : ( يا للأنصار ) ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستنكرًا قولهما : ( أبدعوى الجاهلية ! وأنا بين أظهركم . دعوها فإنها منتنة ) .

لا شك أنهما صحابيان جليلان ، وأصلهما : السنة والصحبة لخير الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - وقد خرجا في جهاد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ولاشك : أنهما وسائر الصحابة الكرام والأمة بعدهم قد استفادوا من هذا الموقف النبوي الكريم الحاسم ، فهل السني الذي يقوله : سين من الناس أفضل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - !؟

وهل " القطبيون " أهل هذه القواعد أعدل وأكثر أنصافًا من خاتم النبيين وأفضل المرسلين وسيد الحلماء الحكماء العادلين !؟

• ومنها : أن الصديقة الجليلة ابنة الصديق زوج الرسول الكريم وأم المؤمنين وأحب الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت : قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - حسبك من صفية كذا وكذا . قال : غير مسدد . تعني : قصيرة . فقال : ( لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته ) . قالت : وحكيت له إنسانًا فقال : ( ما أحب أني حكيت إنسانًا وإنَّ لي كذا وكذا ) . [4]

فماذا يقول أهل هذه القواعد " حمل المجمل على المفصل " ، و " الموازنات " ، و " نصحح ولا نجرح أو ولا نهدم " ، و " المنهج الواسع " !؟

أأنتم أحلم وأحكم وأعدل من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - !؟

أم أنكم وزعماءكم أفضل من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - !؟

تعالوا بمن شئتم - ممن نجلهم ونكرمهم - فسنقول نحن وإياهم ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) . [ الحجرات : 1 ] .

وسيقول هؤلاء الأجلاء - إن كان لهم كلام يخالف هذه النصوص باجتهاد منهم أو خطأ - : نعوذ بالله أن نعارض بأقوالنا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وسيقولون : ( إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل ) .

وسيتبرأ هؤلاء الأجلاء منكم ومن تتبعكم للسقطات والشبهات التي لا يسلم منها بشر ، وسيوبخونكم أشد التوبيخ على اتخاذ مناهج من أقوالهم تخالف نصوص الشريعة وأصولها .

وانظر إلى قول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - خلال كلامه في رده على بعض الناس الذين يتعلقون ببعض قواعد الأئمة فينصرون باطلهم وحيلهم ، قال - رحمه الله - : ( فرب قاعدة لو علم صاحبها ما تفضي إليه لم يقلها ) . " بيان بطلان التحليل " : ( ص 215 ) .

• ومنها : قول علي - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طرقه وفاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة فقال : ( ألا تصليان !؟ فقلت : يا رسول الله أنفسنا بيد الله ؛ فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا ، فانصرف حين قلت له ذلك ولم يرجع إليَّ شيئًا ثم سمعته وهو مولٍ يضرب فخذه وهو يقول : وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً ) . [5]

قال الحافظ ابن حجر : ( فيه جواز ضرب الفخذ عند التأسف ) .

وقال ابن التين : ( كره احتجاجه بالآية المذكورة ، وأراد منه : أن ينسب التقصير إلى نفسه ... ، وفيه منقبة لعلي حيث لم يكتم ما فيه عليه أدنى غضاضة فقدم مصلحة نشر العلم وتبليغه على كتمه ) ، ثم نقل الحافظ عن ابن بطال عن المهلب تفسيرًا يغاير هذا ثم ضعفه بقوله : " وما تقدم أولى " .

ونقل عن النووي أنه قال : ( المختار أنه ضرب فخذه تعجبًا من سرعة جوابه وعدم موافقته له على الاعتذار بما اعتذر به . والله أعلم ) . [6]

• ومنها : عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال : ساببت رجلاً فعيرته بأمه ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية ، إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ، ولا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم ) . [7]

قال الحافظ ابن حجر في شرح هذا الحديث : ( واستدل [8] أيضًا بقوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر : فيك جاهلية ، أي : خصلة جاهلية ، مع أن منـزلة أبي ذر في الذروة العالية ، وإنما وبخه بذلك على عظيم منـزلته عنده تحذيرًا له عن معاودة مثل ذلك ، لأنه وإن كان معذورًا بوجه من وجوه العذر ، لكن وقوع ذلك من مثله يستعظم أكثر ممن هو دونه ) . انتهى .

وفي الحديث نصح أبي ذر لله وللمسلمين حيث بلغ هذا الحديث الذي فيه زجر للمسلمين من الوقوع في أمور الجاهلية .

وفيه بيان انقياده لله وطاعته لرسول الله حيث صار يسوي بين نفسه وغلامه كما في هذا الحديث نفسه في " البخاري " عن المعرور بن سويد قال: لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حلة وعلى غلامه حلة فسألته عن ذلك فقال : ( إني ساببت رجلاً ... ) . [ الحديث ] .

فأين حمل المجمل على المفصل !؟

وأين قاعدة : " نصحح ولا نهدم !؟

وأين " الموازنات " !؟

• ومنها : حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال : كان معاذ بن جبل يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يرجع فيؤم قومه ، فصلى العشاء فقرأ بالبقرة، فانصرف رجل ، فكأن معاذًا تناول منه فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( فتان . فتان . فتان ) - [ ثلاث مرات ] - أو قال : ( فتانًا ، فتانًا ، فتانًا ، وأمره بسورتين من أواسط المفصل ) . [9]

قال الحافظ ابن حجر في شرح هذا الحديث : ( ومعنى الفتنة ها هنا : أن التطويل يكون سببًا لخروجهم من الصلاة وللتكره للصلاة في الجماعة ... وقال الداودي : يحتمل أن يريد بقوله : فتان . أي : معذب لأنه عذبهم بالتطويل ، ومنه قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ ) . قيل معناه : عذبوهم ) .

فهذا معاذ من أفاضل الصحابة ، ومن كبار علمائهم ، وله المنزلة الكبيرة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يتأول له قولاً ولا عملاً لا يريد به إلا الخير .

فلم يحمل مجمله على مفصله ، ولم يقل نصحح ولا نجرح ، أو لا نهدم ولم يجر له عملية موازنات ولا غير ذلك من قواعد القوم الباطلة .

فهل من يدافع عنه هؤلاء بهذه القواعد أفضل عند الله وعند الرسول والمؤمنين من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - !؟

فاعتبروا يا أولي الأبصار .

• ومنها : أن أبا هريرة قال : اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها ، فاختصموا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة ، وقضى بدية المرأة على عاقلتها وورثها ولدها ومن معهم ، فقال حمل بن النابغة الهذلي : يا رسول الله كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل !؟ فمثل ذلك يطل ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( إنما هذا من إخوان الكهان ) . من أجل سجعه الذي سجع . [10]

قال الحافظ في " الفتح " : (10/229) قوله : ( إنما هذا من إخوان الكهان . أي : لمشابهة كلامه كلامهم ) .

فأين " حمل المجمل على المفصل " !؟

وأين " نصحح ولا نجرح ، أو ولا نهدم " !؟

وأين " منهج الموازنات " !؟

ومن هدي الخليفة الراشد عمر بن الخطاب الفاروق - رضي الله عنه - :

• (أ) قوله : ( إن ناسًا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله - عليه الصلاة والسلام - ، وإن الوحي قد انقطع ، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم ، فمن أظهر خيرًا ؛ أمناه ، وقربناه ، وليس إلينا من سريرته شيء ، والله يحاسبه في سريرته ، ومن أظهر لنا سوءً ؛ لم نأمنه ، ولم نصدقه ، وإن قال : إن سريرته حسنة ) .

• (ب) وقصة صبيغ المعلومة المشهورة ، وصبيغ من التابعين لا يعرف ببدعة ومع ذلك عاقبه عمر - رضي الله عنه - عقوبات شديدة على أسئلته عن المتشابه .

فلم يحمل في حقه " المجمل على المفصل " ، ولا قال : " نصحح ولا نجرح أو ولا نهدم " ، ولا ذهب " يوازن بين حسناته وسيئاته " ، ولا راعى قاعدة من قواعد هؤلاء الباطلة .

وكذلك غيره من الصحابة وأعلام الأمة، من قال ببدعة قالوا إنها بدعة ومن أخطأ حكموا على كلامه بالخطأ.

ثم إن كتب الجرح والتعديل العام والخاص إنما قامت على الكتاب والسنة وخاصة مثل هذه النصوص التي استدللنا بها وسيرة الصحابة - رضي الله عنهم - .

ولا تعرف هذه الأمة سنيها ولا بدعيها غير هؤلاء هذه القواعد الباطلة .

ولقد خالف أصحاب هذه القواعد أصلاً من أصول الإسلام مجمعًا عليه ؛ ألا وهو الأخذ بالظاهر ، وأنه لا يؤول إلا كلام المعصوم .

قال البقاعي - رحمه الله - في خلال رده على من يتأول كلام ابن الفارض : ( مع أن الفاروق ابن الخطاب - رضي الله عنه - الذي ما سلك فجًا إلا سلك الشيطان فجًا غير فجه ، قد أنكر التأويل لغير كلام المعصوم ، ومنع منه - رضي الله عنه - ، وأهلك كل من خالفه وأراده وبسيف الشرع قتله وأخزاه ، فيما رواه عنه البخاري في كتاب الشهادات من " صحيحه " : إن ناسًا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله - عليه الصلاة والسلام - ، وإن الوحي قد انقطع ، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر خيرًا ؛ أمناه ، وقربناه ، وليس إلينا من سريرته شيء ، والله يحاسبه في سريرته ، ومن أظهر لنا سوءً ؛ لم نأمنه ، ولم نصدقه ، وإن قال : إن سريرته حسنة ) .

وقد أخذ هذا الأثر " الصوفية " ، وأصلوا عليه طريقهم ، منهم صاحب " العوارف " ، استشهد به في " عوارفه " ، وجعله من أعظم معارفه ، فمن خالف الفاروق - رضي الله عنه - ؛ كان أخف أحواله أن يكون رافضيًا خبيثًا ، وأثقلها أن يكون كفارًا عنيدًا .

وهذا الذي سماه الفاروق - رضي الله عنه - ظاهرًا هو الذي يعرف في لسان المتشرعة بالصريح ، وهو ما قابل النص ، والكناية والتعريض .

وقد تبع الفاروق - رضي الله عنه - على ذلك بعد " الصوفية " سائر العلماء ، لم يخالف منهم أحد ؛ كما نقله إمام الحرمين عن الأصوليين كافة ، وتبعه الغزالي ، وتبعهما الناس .

وقال الحافظ زين الدين العراقي : ( إنه أجمع عليه الأمة من أتباع الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل الاجتهاد الصحيح ) .

وكذا قال الإمام أبو عمر بن عبد البر في " التمهيد " .

وأصله إمامنا الشافعي في " الرسالة " ؛ لقول النبي - عليه الصلاة والسلام - : ( إنكم تختصمون إليَّ ، ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته ، فأقضي له … ) . [ الحديث ] . رواه الستة عن أم سلمة - رضي الله عنها - في أمثال كثيرة .

وقال الأصوليون كافة : ( التأول إن كان لغير دليل ، كان لعبًا ، وما ينسب إلى بعض المذاهب من تأويل ماهو ظاهر في الكفر فكذب أو غلط منشؤه سوء الفهم … وإنما أولنا كلام المعصوم ؛ لأنه لا يجوز عليه الخطأ ، وأما غيره ؛ فيجوز عليه الخطأ سهوًا وعمدًا ) . [11]

وقال الشوكاني في كتابه " الصوارم الحداد " : ( ص 96 - 97 ) : ( وقد أجمع المسلمون أنه لا يؤول إلا كلام المعصوم ) .

والآن ننتظر من هؤلاء القوم الموقف النهائي من هذه النصوص العظيمة من القرآن والسنة النبوية ومن إجماع علماء الأمة هل سينقادون لها كما يدعون أنهم أصحاب دليل ، أو سيعاملونها كمعاملة أقوال وفتاوى وأحكام علماء السنة !؟

نسأل الله لهم الهداية إلى إدراك الحق وتعظيم هذه النصوص الربانية والنبوية والسلفية والانقياد لها .

إن ربنا لسميع الدعاء ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .









قديم 2010-12-31, 14:52   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
جرح أليم
عضو مبـدع
 
إحصائية العضو










افتراضي

أنت تلعن الرجل فانها سوف تعود لك لانه لا يستحق اللعن
وهل قائل الحق يلعن ؟










قديم 2010-12-31, 15:04   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
جرح أليم
عضو مبـدع
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عــــادل الميـــلي مشاهدة المشاركة
رسالة استحسان الخوض في علم الكلام لأبي الحسن الأشعري

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد النبي وءاله الطيبين وأصحابه الأئمة المنتخبين .
أما بعد فإن طائفة من الناس جعلوا الجهل رأس مالهم وثقـُل عليهم النظر والبحث عن الدين ، ومالوا إلى التخفيف والتقليد ، وطعنوا على من فتش عن أصول الدين ونسبوه إلى الضلال ، وزعموا أن الكلام في الحركة والسكون والعرَضِ والألوان والأكوان والجزء والطفرة وصفات البارئ عز وجل بدعة وضلالة ، وقالوا : لو كان ذلك هدى ورشادًا لتكلم فيه النبي صلى الله عليه وءاله وسلم وخلفاؤه وأصحابه ، قالوا : ولأن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يمت حتى تكلم في كل ما يحتاج إليه من أمور الدين وبيّنه بيانـًا شافيًا ، ولم يترك بعده لأحد مقالاً فيما للمسلمين إليه حاجة من أمور دينهم وما يقرّبهم إلى الله عز وجل ويباعدهم عن سخطه ، فلما لم يرووا عنه الكلام في شيء مما ذكرناه علمنا أن الكلام فيه بدعة والبحثَ عنه ضلالة ، لأنه لو كان خيرًا لما فات النبيَ صلى الله عليه وءاله وأصحابه وسلم ولتكلموا فيه ، قالوا : ولأنه ليس يخلو ذلك من وجهين : إما أن يكونوا علموه فسكتوا عنه ، أو لم يعلموه بل جهلوه ، فإن كانوا علِموه ولم يتكلموا فيه وسِعنا أيضًا نحن السكوتُ عنه كما وسعهم السكوتُ عنه ، ووسِعنا تركُ الخوض كما وسِعهم تركُ الخوض فيه ، ولأنه لو كان من الدين ما وسعهم السكوت عنه ، وإن كانوا لم يعلموه وسِعَنا جهلُه كما وسع أولئك جهلُه ، لأنه لو كان من الدين لم يجهلوه ، فعلى كِلا الوجهين الكلامُ فيه بدعةٌ والخوضُ فيه ضلالة . فهذه جملة ما احتجوا به في ترك النظر في الأصول .

قال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه : الجوابُ من ثلاثة أوجهٍ :

( أحدها )
قلب السؤال عليهم بأن يقال : النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يقل أيضًا إنه مَن بحَثَ عن ذلك وتكلم فيه فاجعلوه مبتدعًا ضالاً ، فقد لزمكم أن تكونوا مبتدعةً ضُلالاً إذ قد تكلمتم في شيء لم يتكلم فيه النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ، وضلّلتم من لم يضلّله النبي صلى الله عليه وءاله وسلم .

( الجواب الثاني ) : أن يقال لهم : إن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يجهل شيئًا مما ذكرتموه من الكلام في الجسم والعرَض والحركة والسكون والجزء والطّفرة وإن لم يتكلم في كل واحد من ذلك معيَّنـًا ، وكذلك الفقهاء والعلماء من الصحابة غيرَ أن هذه الأشياءَ التي ذكرتموها معيّنةً ، أصولُها موجودةٌ في القرءان والسنة جملةً غيرَ مفصّلةٍ .

فأما الحركة والسكون والكلام فيهما فأصلُهما موجودٌ في القرءان وهما يدلان على التوحيد ، وكذلك الاجتماعُ والافتراق ، قال الله تعالى مخبِرًا عن خليله إبراهيم صلوات الله عليه وسلامه في قصة أفول الكوكب والشمس والقمر وتحريكِها من مكانٍ إلى مكانٍ ما دلّ على أن ربه عز وجل لا يجوز عليه شيء من ذلك ، وأن من جاز عليه الأفولُ والانتقال من مكانٍ إلى مكانٍ فليس بإله .

وأما الكلام في أصول التوحيد فمأخوذٌ أيضًا من الكتاب ، قال الله تعالى ( لو كان فيهما ءالهةٌ إلا الله لفسدتا ) ، وهذا الكلام موجَزٌ منبِّهٌ على الحجة بأنه واحدٌ لا شريك له ، وكلام المتكلمين في الحِجاج في التوحيد بالتمانع والتغالب فإنما مرجعه إلى هذه الآية ، وقولِه عز وجل ( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه مِن إلهٍ إذًا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض ) وإلى قوله عز وجل ( أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق ) .

قال الشيخ الإمام أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه وأرضاه :


وكلام المتكلمين في الحِجاج في توحيد الله إنما مرجعه إلى هذه الآيات التي ذكرناها ، وكذلك سائر الكلام في تفصيل فروع التوحيد والعدل إنما هو مأخوذ من القرءان ، فكذلك الكلام في جواز البعث واستحالته الذي قد اختلف عقلاءُ العرب ومَن قبلَهم مِن غيرِهم فيه حتى تعجّبوا من جواز ذلك فقالوا ( ءإذا متنا وكنا ترابًا ذلك رجع بعيد ) ، وقولهم ( هيهاتَ هيهات لما توعدون ) ، وقولهم ( من يحي العظامَ وهي رميم ) ، وقوله تعالى ( أيعِدُكم أنكم إذا مِتّم وكنتم ترابًا وعظامًا أنكم مُخرجون ) ، وفي نحو هذا الكلام منهم إنما ورد بالحِجاج في جواز البعث بعد الموت في القرءان تأكيدًا لجواز ذلك في العقول وعلّم نبيَّه صلى الله عليه وءاله وسلم ولقـّنه الحجاج عليهم في إنكارِهمُ البعثَ من وجهين على طائفتين : منهم طائفة أقرّت بالخلق الأول وأنكرَت الثاني ، وطائفةٌ جحدَت ذلك بقدم العالم ، فاحتجّ على المقِرِّ منها بالخلق الأول بقوله ( قل يحييها الذي أنشأها أول مرة ) وبقوله ( وهو الذي يبدؤا الخلق ثم يعيدُه وهو أهون عليه ) وبقوله ( كما بدأكم تعودون ) ، فنبّههم بهذه الآيات على أن من قدر أن يفعل فِعلاً على غير مثالٍ سابقٍ فهو أقدرُ أن يفعلَ فعلاً محدَثًا فهو أهون عليه فيما بينكم وتعارفِكم ، وأما البارئ جل ثناؤه وتقدست أسماؤه فليس خلقُ شيءٍ بأهونَ عليه من الآخر ، وقد قيل : إن الهاءَ في " عليه " إنما هي كنايةٌ للخلق بقدرته ، إن البعثَ والإعادةَ أهونُ على أحدكم وأخفُ عليه من ابتداء خلقهِ ، لأن ابتداءَ خلقهِ إنما يكون بالولادة والتربية وقطعِ السرة والقِماطِ وخروجِ الأسنان وغير ذلك من الايات الموجِعة المؤلِمة ، وإعادتـُه إنما تكون دفعةً واحدة ليس فيها من ذلك شيء فهي أهون عليه من ابتدائه ، فهذا ما احتج به على الطائفة المقِرّةِ بالخلق .

وأما الطائفة التي أنكرت الخلق الأول والثاني وقالت بقِدَم العالم فإنما دخلَت عليهم شبهةٌ بأن قالوا : وجدنا الحياةَ رطبةً حارةً والموتَ باردًا يابسًا ، وهو من طبع التراب ، فكيف يجوز أن يجمع بين الحياة والتراب والعظام النخِرة فيصير خلقـًا سويًا ، والضدان لا يجتمعان ، فأنكروا البعثَ من هذه الجهة .
ولعمري إن الضدين لا يجتمعان في محلٍ واحدٍ ولا في جهةٍ واحدة ولا في الموجود في المحل ، ولكنه يصح وجودُهما في محلين على سبيل المجاورة ، فاحتج الله تعالى عليهم بأن قال ( الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارًا فإذا أنتم منه توقدون ) ، فردّهم الله عز وجل في ذلك إلى ما يعرفونه ويشاهدونه من خروج النار على حرّها ويُبسها من الشجر الأخضر على بردها ورطوبتها ، فجعل جوازَ النشأة الأولى دليلاً على جواز النشأة الآخرة لأنها دليل على جواز مجاورة الحياةِ الترابَ والعظامَ النخرةَ فجعلها خلقـًا سويًا وقال ( كما بدأنا أول خلقٍ نعيدُه ) .

وأما ما يتكلم به المتكلمون
من أن للحوادث أولاً وردُّهم على الدهرية أنه لا حركة إلا وقبلَها حركة ولا يومَ إلا وقبلَه يوم ، والكلامُ على من قال : ما من جزء إلا وله نصف لا إلى غاية ، فقد وجدنا أصل ذلك في سنة رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم حين قال : " لا عدوى ولا طِيَرة ، فقال أعرابي : فما بالُ الإبل كأنها الظِباء تدخل في الإبل الجربى فتجرَبُ ؟ فقال النبي صلى الله عليه وءاله وسلم : فمن أعدى الأول " ؟ فسكت الأعرابيُ لما أفحمه بالحجة المعقولة .

وكذلك نقول لمن زعم أنه لا حركة إلا وقبلها حركة : لو كان الأمرُ هكذا لم تحدث منها واحدة ، لأن ما لا نهاية له لا حدَثَ له ، وكذلك لما قال الرجل : يا نبي الله إن امرأتي ولدت غلامًا أسودَ وعرّضَ بنفيه ، فقال النبي صلى الله عليه وءاله وسلم : هل لك من إبل ؟ فقال : نعم ! قال : فما ألوانها ؟ قال : حُمْرٌ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم : هل فيها مِن أورَقَ ؟ قال : نعم إن فيها أورق ، قال : فأنى ذلك ؟ قال : لعل عرقـًا نزعه ، فقال النبي صلى الله عليه وءاله وسلم : ولعل ولدك نزعه عِرقٌ ، فهذا ما علّم اللهُ نبيَه (صلى الله عليه وءاله وسلم) مِن ردِّ الشيء إلى شكله ونظيره ، وهو أصلٌ لنا في سائر ما نحكم به من الشبيه والنظير .

وبذلك نحتج على من قال : إن الله تعالى وتقدس يشبه المخلوقات وهو جسم ، بأن نقول له : لو كان يشبه شيئـًا من الأشياء لكان لا يخلو من أن يكون يشبهه من كل جهاته ، أو يشبهه من بعض جهاته ، وإن كان يشبهه من بعض جهاته وجب أن يكون محدَثـًا مثلَه من حيثُ أشبَهَهُ ، لأن كل متشابهين حكمُهما واحدٌ فيما اشتبها به ، ويستحيل أن يكون المحدَثُ قديمًا والقديمُ محدَثـًا ، وقد قال تعالى وتقدس ( ليس كمثله شيء ) وقال تعالى وتقدس ( ولم يكن له كفوًا أحد ) .

وأما الأصل في أن للجسم نهاية وأن الجزء لا ينقسم فقوله عز وجل اسمه ( وكلَّ شيءٍ أحصيناهُ في إمامٍ مبين ) ومُحالٌ إحصاءُ ما لا نهاية له ، ومحالٌ أن يكون الشيءُ الواحدُ ينقسم لأن هذا يوجب أن يكونا شيئين ، وقد أخبر أن العدد وقع عليهما . وأما الأصل في أن المحدِثَ للعالم يجب أن يتأتى له الفعلُ نحو قصدِه واختيارِه وتنتفي عنه كراهيتـُهُ ، فقوله تعالى ( أفرأيتم ما تمنون ءأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ) فلم يستطيعوا أن يقولوا بحجة إنهم يخلـُقون مع تمنّيهم الولدَ ، فلا يكون مع كراهيته له فنبّههم أن الخالق هو مَن يتأتـّى منه المخلوقاتُ على قصدِه .

وأما أصلنا في المناقضة على الخصم في النظر فمأخوذ من سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وءاله وسلم ، وذلك تعليمُ الله عز وجل إياه حين لقي الحبرَ السمينَ فقال له : نشَدتـُك بالله هل تجد فيما أنزل الله تعالى من التوراة أن الله تعالى يبغض الحبر السمين ؟ فغضب الحبرُ حين عيّره بذلك ، فقال : ما أنزل اللهُ على بشرٍ من شيء ، فقال الله تعالى ( قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى ) الآية ، فناقضه عن قربٍ ، لأن التوراة شيء ، وموسى بشر ، وقد كان الحبر مقرًا بأن الله تعالى أنزل التوراة على موسى .

وكذلك ناقض الذين زعموا أن الله تعالى عهد إليهم أن لا يؤمنوا لرسول حتى يأتيهم بقربان تأكله النار ، فقال تعالى ( قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلمَ قتلتموهم إن كنتم صادقين ) فناقضهم بذلك وحاجّهم .

وأما أصلنا في استدراكنا مغالطة الخصوم فمأخوذ من قوله تعالى ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ) إلى قوله ( لا يسمعون ) فإنها لما نزلت هذه الآية بلغ ذلك عبدَ الله ابن الزِبَعْرَى ـ وكان جدِلاً خصِمًا ـ فقال : خصمتُ محمدًا وربِ الكعبة ، فجاء إليه رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم ، فقال : يا محمد ألست تزعم أن عيسى وعزيرًا والملائكةَ عُبِدوا ؟ فسكت النبيُ صلى الله عليه وءاله وسلم لا سكوتَ عِيٍ ولا منقطعٍ تعجبًا من جهله لأنه ليس في الآية ما يوجب دخولَ عيسى وعزيرٍ والملائكةِ فيها ، لأنه قال ( وما تعبدون ) ولم يقل وكل ما تعبدون من دون الله ، وإنما أراد ابن الزِبَعْرى مغالطةَ النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ليوهمَ قومَه أنه قد حاجّه ، فأنزل اللهُ عز وجل ( إن الذين سبقَت لهم منا الحسنى ) يعني من المعبودين ( أولئك عنها مُبعَدون ) فقرأ النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ذلك فضجوا عند ذلك لئلا يتبين انقطاعُهم وغلطهم فقالوا : " ءالهتنا خير أم هو " يعنون عيسى ، فأنزل الله تعالى ( ( ولما ضُرِبَ ابنُ مريمَ مثلا إذا قومُك منه يصدون ) إلى قوله ( خصِمون ) ، وكل ما ذكرناه من الآي أو لم نذكره أصلٌ وحجة لنا في الكلام فيما نذكره من تفصيل وإن لم تكن كلُ مسئلةٍ معينةً في الكتاب والسنة ، لأن ما حدث تعيينُها من المسائل العقليات في أيام النبي صلى الله عليه وءاله وسلم والصحابةِ قد تكلموا فيه على نحو ما ذكرناه .

والجواب الثالث :
أن هذه المسائل التي سألوا عنها قد علِمها رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم ولم يجهل منها شيئـًا مفصّلاً غيرَ أنها لم تحدث في أيامه معيّنةً فيتكلم فيها أو لا يتكلم فيها وإن كانت أصولها موجودةً في القرءان والسنة وما حدث من شيء فيما له تعلق بالدين من جهة الشريعة فقد تكلموا فيه وبحثوا عنه وناظروا فيه وجادلوا وحاجّوا كمسائل العَول والجدّات من مسائل الفرائض وغيرِ ذلك من الأحكام وكالحرام والبائن والبتة وحبلـَكِ على غاربِك وكالمسائل في الحدود والطلاق مما يكثر ذكرها مما قد حدثت في أيامهم ولم يجئ في كل واحدة منها نص عن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لأنه لو نص على جميع ذلك ما اختلفوا فيها ، وما بقي الخلاف إلى الآن .

وهذه المسائل وإن لم يكن في كل واحدة منها نص عن رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم فإنهم ردوها وقاسوها على ما فيه نص من كتاب الله تعالى والسنة واجتهادهم ، فهذه أحكامُ حوادثِ الفروع رَدوها إلى أحكام الشريعة التي هي فروع لا تـُدرَك أحكامُها إلا من جهة السمع والرسل ، فأما حوادث تحدث في الأصول في تعيين مسائلَ فينبغي لكل عاقلٍ مسلمٍ أن يردَّ حكمَها إلى جملة الأصول المتفق عليها بالعقل والحس والبديهة وغير ذلك ، لأن حكم مسائل الشرع التي طريقها السمعُ أن تكون مردودةً إلى أصول الشرع الذي طريقه السمعُ ، وحكمُ مسائل العقليات والمحسوسات أن يُرَدَّ كلُ شيءٍ من ذلك إلى بابه ولا يخلِطَ العقلياتِ بالسمعياتِ ولا السمعياتِ بالعقليات ، فلو حدث في أيام النبي صلى الله عليه وءاله وسلم الكلامُ في خلق القرءان وفي الجزء والطفرة بهذه الألفاظ لتكلم فيها وبيّنه كما بيّن سائرَ ما حدث في أيامه من تعيين المسائل وتكلم فيها .
ثم يقال : النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يصحَّ عنه حديثٌ في أن القرءان غيرُ مخلوق أو هو مخلوق ، فلم قلتم : إنه غير مخلوق ؟
فإن قالوا : قد قاله بعض الصحابة وبعض التابعين ، قيل لهم : يلزم الصحابي والتابعي مثلُ ما يلزمكم من أن يكون مبتدِعًا ضالاً إذ قال ما لم يقله الرسول صلى الله عليه وءاله وسلم .
فإن قال قائل : فأنا أتوقف في ذلك فلا أقول : مخلوق ولا غير مخلوق ، قيل له : فأنت في توقفك في ذلك مبتدعٌ ضالٌ ، لأن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يقل : إن حدثَتْ هذه الحادثةُ بعدي توقفوا فيها ولا تقولوا فيها شيئـًا ، ولا قال : ضلِلوا وكفِروا من قال بخلقه أو من قال بنفي خلقه .
وخبّرونا لو قال قائلٌ إن عِلمَ اللهِ مخلوقٌ أكنتم تتوقفون فيه أم لا ؟ فإن قالوا : لا ، قيل لهم : لم يقل النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ولا أصحابُه في ذلك شيئـًا ، وكذلك لو قال قائل : هذا ربُكم شبعانُ أو ريانُ أو مكتسٍ أو عَريان أو مقرور أو صفراوي أو مرطوب أو جسم أو عرَضٌ أو يشم الريح أو لا يشمها أو هل له أنفٌ وقلبٌ وكبدٌ وطِحالٌ وهل يحج في كل سنة ، وهل يركب الخيل أو لا يركبها ، وهل يغتمُّ أم لا ؟ ونحوَ ذلك من المسائل ، لكان ينبغي أن تسكت عنه ، لأن رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم لم يتكلم في شيء من ذلك ولا أصحابُه ، أو كنتَ لا تسكتُ ، فكنتَ تبينُ بكلامك أن شيئـًا من ذلك لا يجوز على الله عز وجل وتقدس كذا وكذا بحجة كذا وكذا .
فإن قال قائل : أسكتُ عنه ولا أجيبه بشيءٍ أو أهجرُه أو أقوم عنه أو لا أسلم عليه أو لا أعوده إذا مرض أو لا أشهد جنازته إذا مات ، قيل له : فيلزمك أن تكون في جميع هذه الصيغ التي ذكرتَها مبتدعًا ضالاً ، لأن رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم لم يقل : من سأل عن شيءٍ من ذلك فاسكتوا عنه ، ولا قال : لا تسلموا عليه ولا قوموا عنه ، ولا قال شيئًا من ذلك فأنتم مبتدعةٌ إذا فعلتم ذلك ، ولِمَ لَم تسكتوا عمّن قال بخلق القرءان ولِمَ كفّرتموه ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم حديثٌ صحيحٌ في نفي خلقه وتكفيرِ من قال بخلقه .
فإن قالوا : لأن أحمد بن حنبل رضي الله عنه قال بنفي خلقه وتكفيرِ من قال بخلقه ، قيل لهم : ولِمَ لم يسكت أحمدُ عن ذلك بل تكلم فيه ؟
فإن قالوا : لأن العباس العنبري ووكيعًا وعبدَ الرحمن بنَ مهدي وفلانًا وفلانًا قالوا إنه غيرُ مخلوق ، ومَن قال بأنه مخلوقٌ فهو كافر .
قيل لهم : ولِم لم يسكت أولئك عما سكت عنه النبي صلى الله عليه وءاله وسلم فإن قالوا : لأن عمرو بن دينار وسفيانَ بن عيينة وجعفرَ بن محمد رضي الله عنهم وفلانًا وفلانًا قالوا : ليس بخالقٍ ولا مخلوق .
قيل لهم : ولم لم يسكت أولئك عن هذه المقالة ، ولم يقلها رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم ؟
فإن أحالوا ذلك على الصحابة أو جماعةٍ منهم كان ذلك مكابرةً ، فإنه يقال لهم : فلم لم يسكتوا عن ذلك ، ولم يتكلم فيه النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ، ولا قال : كفّروا قائلَه ، وإن قالوا : لا بد للعلماء من الكلام في الحادثة ليعلمَ الجاهلُ حكمَها ، قيل لهم : هذا الذي أردناه منكم ، فلِمَ منعتم الكلامَ ، فأنتم إن شئتم تكلمتم حتى إذا انقطعتم قلتم : نُهينا عن الكلام ، وإن شئتم قلّدتم مَن كان قبلكم بلا حجةٍ ولا بيان ، وهذه شهوةٌ وتحكّمٌ .
ثم يقال لهم : فالنبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يتكلم في النذور والوصايا ولا في العتق ولا في حساب المناسَخات ، ولا صنّف فيها كتابًا كما صنعه مالكٌ والثوري والشافعي وأبو حنيفة ، فيلزمكم أن يكونوا مبتدعةً ضُلالاً إذ فعلوا ما لم يفعله النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ، وقالوا ما لم يقله نصًا بعينه ، وصنّفوا ما لم يصنّفه النبي صلى الله عليه وءاله وسلم وقالوا بتكفير القائلين بخلق القرءان ولم يقله النبي صلى الله عليه وءاله وسلم .

وفيما ذكرنا كفاية لكل عاقل غيرِ معاند

السلام عليكم

يمكنني أن ألخص ما قلت فيما يلي
1 ان الرسول اعطانا أصولا كي نستطيع من خلالها التكلم في الفروع
2 ه>ه الامور ظهرت لان في زمن الرسول لك تتح الفرصة للكلام عليها لانه لم يكن أحد يسأل عنها
3 ترد على أهل السنة بنفس الحجة وهي لم تكلمتم في أمور وتمنعونا من أمور

أستطيع أن أجيب بما يلي
ان الكلام أنواع فكلام الحق وكلام الباطل
كلام يوضح به الحق لمن التبس عليه أو للرد على كلام أهل الباطل
لان المتكلمين أغلبهم متأثرين بالفسفات الاخرى الداخلة على المسلمين مثل لبتجسيم والحلول وان اعطاء الصفة يستلزم التشبيه وغيرها من الامور التي تعلمها

لكن الكلام ال>ي يبين الحق ويوضحه لكم عطل صفات الله وأسمائه ه>ا لاحرج فيه بل واجب لمن هو عالم

لم تتح الفرصة للكلام في عهد رسول الله لانه لم يكن أحد يسأل أما الآن مع ضهور الفرق وبدعها وجب الرد عليها أي أن المقام مقام رد ووجب علينا أن نبيت الحق وأن اثبات الصقات لا يستلزم التشبيه ولا تمثيل
اذن فرق بين كلام نابع من دليل وكلام باطل لا دليل عليه وقد قلت أنا من قبل في الموضوع هربوا من التأويل فوقعوا في التشبه وكلتا الحالتان تعطيل لصفات الله

أما قولك بالكلام في خلق القرآن فلم أكن أظن أنها ستخف عليك لان الدليل واضح صريح في الآية كما قال تعالى " فأجره حتى يسمع كلام الله "
والدليل واضح
وهذا ينطبق علجميع الصفات والاسماء وقد قرأت موضوع الحيز والمكان والجهة لجمال البليدي و قد رأيت ردودك فلا داعي لاعادة الكلام فيها والردود

أرجو أن تكون قد فهمت ما أصبوا اليه
السلام عليك ورحمة الله









قديم 2011-01-03, 21:33   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
عــــادل الميـــلي
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اسامه الفرجيوي مشاهدة المشاركة
السلام عليكم

يمكنني أن ألخص ما قلت فيما يلي
1 ان الرسول اعطانا أصولا كي نستطيع من خلالها التكلم في الفروع
2 ه>ه الامور ظهرت لان في زمن الرسول لك تتح الفرصة للكلام عليها لانه لم يكن أحد يسأل عنها
3 ترد على أهل السنة بنفس الحجة وهي لم تكلمتم في أمور وتمنعونا من أمور

أستطيع أن أجيب بما يلي
ان الكلام أنواع فكلام الحق وكلام الباطل
كلام يوضح به الحق لمن التبس عليه أو للرد على كلام أهل الباطل
لان المتكلمين أغلبهم متأثرين بالفسفات الاخرى الداخلة على المسلمين مثل لبتجسيم والحلول وان اعطاء الصفة يستلزم التشبيه وغيرها من الامور التي تعلمها

لكن الكلام ال>ي يبين الحق ويوضحه لكم عطل صفات الله وأسمائه ه>ا لاحرج فيه بل واجب لمن هو عالم

لم تتح الفرصة للكلام في عهد رسول الله لانه لم يكن أحد يسأل أما الآن مع ضهور الفرق وبدعها وجب الرد عليها
أي أن المقام مقام رد ووجب علينا أن نبيت الحق وأن اثبات الصقات لا يستلزم التشبيه ولا تمثيل
اذن فرق بين كلام نابع من دليل وكلام باطل لا دليل عليه وقد قلت أنا من قبل في الموضوع هربوا من التأويل فوقعوا في التشبه وكلتا الحالتان تعطيل لصفات الله

أما قولك بالكلام في خلق القرآن فلم أكن أظن أنها ستخف عليك لان الدليل واضح صريح في الآية كما قال تعالى " فأجره حتى يسمع كلام الله "
والدليل واضح
وهذا ينطبق علجميع الصفات والاسماء وقد قرأت موضوع الحيز والمكان والجهة لجمال البليدي و قد رأيت ردودك فلا داعي لاعادة الكلام فيها والردود

أرجو أن تكون قد فهمت ما أصبوا اليه
السلام عليك ورحمة الله
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

رددتَ على ماذا أخي الكريم؟
لو حدّدت من الرسالة الفقرة حتى أفهم عليك.

ما قلتـَه (اللون الأحمر) موجود في كلام الأشعري
:
وإن قالوا : لا بد للعلماء من الكلام في الحادثة ليعلمَ الجاهلُ حكمَها ، قيل لهم : هذا الذي أردناه منكم









قديم 2011-01-03, 22:24   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
كناري سوف
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا يا أخي نرجو المزيد من التألق










قديم 2011-06-13, 17:33   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
جرح أليم
عضو مبـدع
 
إحصائية العضو










افتراضي

نرجو مواصلة الرد حنين










 

الكلمات الدلالية (Tags)
المتكلمة, الباترة, السيوف, والد, ودور


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:40

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc