حكم عبارة: قدَّس الله سرَّه
قال معالي الشيخ صالح آل الشيخ في شرح الطحاوية، و كلامه هذا مفرغ في الشاملة بعنوان "إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل" [15/10]:
((وهناك عبارة أخرى لا تجوز وهي قول بعضهم: قدّس الله سِرَّه، كلمة" سرّه" هذه هي المُنْكَرَة؛ لأنّ هذه اللفظة يستعملها من يعتقد في الأموات بأنّ روح فلان لها سِرٌّ، ولذلك يطلقون على من له السّر: السيد، على اعتقاد أنّه الذي فيه السِرُّ، فيخُصُّونَ بعض الأولياء الذين يُعتَقَدُ فيهم بأنهم يجيبون، أو أنَّ الدعاء عند قبرهم مستجاب، أو أنَّ الاستشفاع بهم يحصل به المقصود، ونحو ذلك، يخصُّونه بقولهم: "قدس الله سره"، وهذا غلط ومنكر؛ لأنَّ الروح ليس فيها سر، روح الناس روح المؤمنين ليس فيها أسرار، وهذا بالإضافة إلى أنَّ هذه الكلمة لم تأتِ لا في اللغة ولا في الشرع.))
ثمَّ سئل السؤال الآتي:
س7/ يقول ذكرت أن قول قدس الله سره لفظة منكرة، وقد أكثر منها الإمام السَّفَّاريني عند ذكره لشيخ الإسلام ابن تيمية، فهل لذلك معنى؟
فأجاب قائلا:
((أحياناً العالم أو المؤلف يستعمل عبارة على حسب ما دَرَجَ، ولا يعني حَقِيقَةَ العبارة؛ فلذلك يُفَرَّقُ بين من يستعلمها يقصد المعنى، وبين من يستعمل العبارة مُشَارَكَةً، فالحكم يختلف:
فالذي يقصد المعنى أنَّ روح فلان لها سر وأنها تُغِيث فهذا شرك أكبر.
والذي يستعمل اللفظ من غير قصد لما يستعمله الآخرون منها، فإنه يقال: اسْتَبْدِلْ تلك بغيرها كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا)، فنهاهم عن قول: (رَاعِنَا) لاستعمال اليهود لها بمعنى الرعونة الإيذاء، ووجَهَهُم إلى غيرها مع أنها تحتمل أن تكون من المراعاة، فقال: (لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا) فأبدلهم بكلمةٍ لا إشكال فيها ولا شبهة، ولا يشتركون فيها مع من يحرفون الكلم عن مواضعه)).