علمتني المرآة ،الحلقة الثانية ،و مفتاح جديد...
نظرت في المرآة قبل أن أخر ج من منزلي، لكن شدَّ انتباهي شيء عجيب لم أكن أنتبه إليه قبل تلك اللحظة، وأنا على يقين تام بأن أكثرنا لم ينتبه إليه ، وإن كان قد أحسَّ به، فهل تدرون ما هو ذا الشيء ؟؟؟؟؟؟
إنه شيء سحري رمتني به المرآة، إنه كالحرز الذي نسمع به في الأساطير، يجلب لنا الحظ، ويدفع عنا المصائب، شيء اكتشفته أكثر لما خرجت من المنزل...،
أغلقت الباب من ورائي ومضيت في سبيلي ،فرآني جاري الذي قد نفخته دراهمه، وجعلته سياراته معرفةً، بعد أن كان نكرةً ينتظر أن يُقَيمَه أي أحد ، لكني اليوم بادلته بنظرة لم يعهدها علي من قبل نظرة الرجل الذي لا يبهره الغَنِيُ الموسرُ، ولا يحتقر الفقيرَ المُعسِر، ثم مضيت،وأنا في طريقي رأيت قطا يتربص عصفورا صغيرا سقط من أعلى الشجرة ،وأبواه في إشفاق عليه، لكن ما لبث أن أجهز عليه القط وجعله بين فكيه حتى فاضت روح المسكين ، وبينما أنا منهمك بالمنظر سمعت صوتا مألوفا ، صوتا إخباريا يهز الأذن، ويفزع القلب، إنه صوت الناعي، لكن من الميت؟؟؟،أخذت أميزه،... لما ميزته....صعقت،... إنه صديق لي ، بالأمس كان معي..... واليوم.....
حزنت عليه حزنا شديدا...،يوم حزين حقا.
فرغ من دفنه، ومضى نهار ذلك اليوم الذي آلم كل أهل مدينتي ،وعند غياب الشمس،ذهبت إلى من قد غاب عنه وَلَدُه لأعزيه، أب الفقيد، ذلك العامل البسيط الذي بكل إيمان قال لي أنا راض بقدر الله...وقلبه يخفق كقلب الطائر....، وبينما أنا كذاك في المأتم أخذت أسمع كلام الناس من حولي : لقد كان إنسانا طيبا، .... كان يساعد المحتاج ...، لقد ساعدني مرة في أخذ ابني إلى الطبيب...، لقد أعانني....، لقد.....، لقد.....
حينها علمت أن صديقي لن ينفعه اليوم إلا ما قدمه من خير، وما أعان به المحتاجين وعطف به على المساكين، لكن هل ما أنجزه من عمل صالح كان يوم مماته ؟؟؟؟، لا إنما قدم ما قدم في حياته، ،إذن الحياة ليست فقط عكس كلمة ممات ، إنما الحياة بستان نزرع فيه الخير، ونسعد قلوب الناس ، ونعطف على بعضنا ، وليست مملكة نتباهى فيه على بعضنا البعض.
بعدها عدت إلى المرآة، وحينها عادت بي ذاكرتي إلى الوراء حينما نظرت في المرآة صباحا، وأحسست بإحساس جميل ، نعم إنه" الحياة" فقلت في نفسي: أنا أرى نفسي إذا أنا حي، عندها أعطتني المرآة مفتاحا فيه نصيحة تقول فيها : الحياة رأس مال كبير، قد غفل عنه الكثير فأنفقه في الخير، ولجلب الخير، قبل أن يأتي اليوم الذي تفلس فيه.