شرح متن العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد > أرشيف قسم العقيدة و التوحيد

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شرح متن العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2008-10-17, 16:08   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










Lightbulb شرح متن العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

شَرْحُ


العـَقِيـدَةِ الـوَاسِطِـيَّةِ


لشيخِ الإسلام


أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام ابن تيميَّة رحمه الله


متن العقيدة





الشرح : لفضيلة الشيخ محمد خليل هرَّاس

ترجمة موجزة للشيخ محمد خليل هرَّاس


- هو العلاَّمة، السلفيُّ، المحقِّق، محمد خليل هرَّاس.
- من محافظة الغربيَّة بجمهورية مصر العربية.
- ولد بطنطا عام (1916م)، وتخرَّج من الأزهر في الأربعينات من كلية أصول الدين، وحاز على الشهادة العالمية العالية (الدكتوراه) في التوحيد والمنطق.
- عمل أستاذًا بكلِّيَّة أصول الدين في جامعة الأزهر.
- أُعير إلى المملكة العربية السعودية، ودرَّس في جامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية بالرياض، ثمّ أُعير مرَّةً أخرى، وأصبح رئيسًا لشعبة العقيدة في قسم الدِّراسات العليا في (كلية الشريعة سابقًا / جامعة أم القرى حاليًا) بمكة المكرمة.
- عاد إلى مصر، وشغل منصب نائب الرئيس العام لجماعة أنصار السنة النبوية، ثم الرئيس العام لها بالقاهرة.
- وفي عام (1973م) ـ قبل وفاته بسنتين ـ اشترك مع الدكتور عبد الفتاح سلامة في تأسيس جماعة الدعوة الإسلامية في محافظة الغربية، وكان أول رئيس لها.
- توفي رحمه الله تعالى عام (1975م) عن عُمر يناهز الستين.
.- كان رحمه الله سلفي المعتقد، شديدًا في الحقّ، قويّ الحجّة والبيان، أفنى حياته في التعليم والتأليف ونشر السنة وعقيدة أهل السنة والجماعة.
- له مؤلفات عدة؛ منها:
1- تحقيق كتاب ((المغني)) لابن قدامة، وقد طُبع لأول مرة في مطبعة الإمام بمصر.
2- تحقيق وتعليق على كتاب ((التوحيد)) لابن خزيمة.
3- تحقيق وتعليق على كتاب ((الأموال)) لأبي عُبيد القاسم بن سلام.
4- تحقيق ونقد كتاب ((الخصائص الكبرى)) للسيوطي.
5- تحقيق وتعليق على كتاب ((السيرة النبوية)) لابن هشام.
6- شرح ((القصيدة النونية)) لابن القيم في مجلّدين.
7- تأليف كتاب ((ابن تيمية ونقده لمسالك المتكلمين في مسائل الإلهيات)).
8- شرح ((العقيدة الواسطية)) لابن تيمية رحمه الله.
يتبع إن شاء الله.









 


آخر تعديل ليتيم الشافعي 2008-12-28 في 16:07.
قديم 2008-10-17, 16:37   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قول ابن تيمية : ( أما بعد فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة: أهل السنة والجماعة.)



قال الشيخ محمد بن عثيمين في شرحه. علم
من كلام المؤلف رحمه الله أنه لا يدخل فيهم من خالفهم في طريقتهم، فالأشاعرة مثلاً والماتريدية لا يُعَدُّون من أهل السنة والجماعة في هذا الباب؛ لأنهم مخالفون لما كان عليه النبي وأصحابه في إجراء صفات الله سبحانه وتعالى على حقيقتها، ولهذا يخطئ من يقول: إن أهل السنة والجماعة ثلاثة: سلفيُّون، وأشعريُّون، وماتريديُّون، فهذا خطأ؛ نقول: كيف يكون الجميع أهل سنة وهم مختلفون؟! فماذا بعد الحقِّ إلا الضلال؟! وكيف يكونون أهل سنَّةٍ وكلُّ واحدٍ منهُم يردُّ على الآخر، هذا لا يمكن؛ إلا إذا أمكن الجمع بين الضِّدين؛ فنعم! وإلا؛ فلا شك أن أحدهم وحده هو صاحب السنة، فمن هو؟ الأشعرية أم الماتريدية أم السلفية؟ نقول مَن وافق السنَّة؛ فهو صاحب السنة، ومَن خالف السنة؛ فليس صاحب سنة، فنحن نقول: السلف هم أهل السنة والجماعة، ولا يصدق الوصف على غيرهم أبدًا، والكلمات تعتبر بمعانيها، لننظر كيف نسمي من خالف السنة أهل سنة؟ لا يمكن! وكيف يمكن أن نقول عن ثلاث طوائف مختلفة، إنهم مجتمعون؟ فأين الاجتماع؟ ..............

/ش/ ((أما بعد)): كلمة يُؤتَى بها للدِّلالة على الشروع في المقصود، وكان النبي e يستعملها كثيرًا في خطبه وكتبه، وتقديرها عند النحويِّين: مهما يكن من شيء بعد.
والإشارة بقولـه:((هذا)) إلى ما تضمَّنه هذا المُؤلَّفُ من العقائد الإيمانية التي أجملها في قوله: ((وهو الإيمان بالله…)).
والاعتقاد: مصدر اعتقد كذا؛ إذا اتَّخَذه عقيدة له؛ بمعنى عقد عليه الضمير والقلب، ودان لله به، وأصله من (عقد الحبل)، ثم استُعْمل في التصميم والاعتقاد الجازم.
((الفرقة)) ـ بكسر الفاء ـ الطائفة من الناس.
ووصفها بأنها ((الناجية المنصورة)) أخذًا من قوله - عليه السلام -:
((لا تزالُ طائفةٌ من أُمَّتي على الحقِّ منصورةً، لا يضرُّهم من خَذلهم، حتى يأتي أمر الله))رواه البخاري. ومن قوله في الحديث الآخر.
((ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقةً: كلهم في النّار إلى واحدة، وهي مَن كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحاب )رواه الترمذي.
وقوله:((أهل السنة والجماعة))؛ بدل من الفرقة.
والمراد بالسنة: الطريقة التي كان عليها رسول اللهوأصحابه قبل ظهور البدع والمقالات.
والجماعة في الأصل: القوم المجتمعون، والمراد بهم هنا سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين، الذين اجتمعوا على الحق الصريح من كتاب الله تعالى وسنة رسوله.

يتبع











قديم 2008-10-17, 18:30   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الماسة الزرقاء
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الماسة الزرقاء
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام الحفظ وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
جزاك الله خير الجزاء على هذا النقل القيم
واصل بارك الله فيك










قديم 2008-10-18, 09:07   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قول ابن تيمية رحمه الله
(وَهُوَ الإِيمانُ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، والإِيمَانِ بِالْقَدَرِ خِيْرِهِ وَشَرِّهِ).


/ش/: هذه الأمور الستة هي أركان الإيمان، فلا يتمُّ إيمانُ أحدٍ إلا إذا آمن بها جميعًا على الوجه الصحيح الذي دلَّ عليه الكتاب والسنة، فمَنْ جَحَدَ شيئًا منها أو آمن به على غير هذا الوجه؛ فقد كفر.
وقد ذُكِرَت كلها في حديث جبريل المشهور، حين جاء إلى النبئ فى صورة أعرابي يسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان؟ فقال:
((أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه, ورسله، وتؤمن بالبعث بعد الموت، وبالقدر خيره وشره))( صحيح) ؛ حلوه ومره من الله تعالى.
والملائكة: جمع مَلَك، وأصله مألك؛ من الألوكة، وهي الرسالة، وهم نوعٌ من خلق الله عز وجل، أسكنهم سماواته، ووكلهم بشؤون خلقه, ووصفهم في كتابه بأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وأنهم يسبِّحون له بالليل والنهار لا يفترون.

فيجب علينا الإيمان بما ورد في حقهم من صفات وأعمال في الكتاب والسنَّة، والإمساك عمَّا وراء ذلك؛ فإن هذا من شؤون الغيب التي لا نعلم منها إلا ما علَّمنا الله ورسوله.
والكتب:جمع كتاب، وهو مِن الكَتْب؛ بمعنى: الجمع والضم، والمراد بها الكتب المنزَّلة من السماء على الرسل عليهم الصلاة والسلام.
والمعلوم لنا منها: صحف إبراهيم، والتوراة التي أُنزلت على موسى في الألواح، والإنجيل الذي أُنزل على عيسى، والزَّبور الذي أُنزل على داود، والقرآن الكريم الذي هو آخرها نزولاً، وهو المصدِّق لها، والمهيمن عليها، وما عداها يجب الإيمان به إجمالاً.
والرسل: جمع رسول، وقد تقدم أنه من أوحى الله إليه بشرع وأمره بتبليغه.
وعلينا أن نؤمن تفصيلاً بمَن سمَّى الله في كتابه منهم، وهم خمسة وعشرون،

وأما مَن عدا هؤلاء المذكورين فى القرءان من الرسل والأنبياء؛ فنؤمن بهم إجمالاً على معنى الاعتقاد بنبوَّتِهم ورسالتهم، دون أن نكلِّف أنفسنا البحث عن عدتهم وأسمائهم، فإن ذلك مما اختصَّ الله بعلمه؛ قال تعالى:
(وَرُسُلاًقَدْقَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاًلَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ)النساء

ويجب الإيمان بأنهم بلَّغوا جميعَ ما أُرسلوا به على ما أمرهم الله عز وجل، وبيَّنوه بيانًا لا يسع أحدًا ممَّن أُرسلوا إليه جهله، وأنهم معصومون من الكذب والخيانة، والكتمان والبلادة.
وأن أفضلهم أولو العزم، والمشهور أنهم: محمد، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ونوح؛ لأنهم ذُكروا معًا في قوله تعالى:
(وَإِذْأَخَذْنَامِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ( الأحزاب وقوله: )شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَاوَصَّى بِهِ نُوحًاوَالَّذِي أَوْحَيْنَاإِلَيْكَ وَمَاوَصَّيْنَابِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُواالدِّينَ وَلاتَتَفَرَّقُوافِيه) الشورى
و((البعث)) في الأصل: الإثارة والتحريك ، والمـراد به في لسـان الشرع: إخراج الموتى من قبورهم أحياء يوم القيامة؛ لفصل القضاء بينهم، فمن يعمل مثقال ذرَّة خيرًا يره، ومَن يعمل مثقال ذرَّةٍ شرًّا يره.
ويجب الإيمان بالبعث على الصفة التي بيَّنها الله في كتابه،وهو أنه جمعُ ما تحلَّل من أجزاء الأجساد التي كانت في الدنيا، وإنشاؤها خلقًا جديدًا، وإعادةُ الحياة إليها.


ومنكر البعث الجسماني ـ كالفلاسفة والنصارى ـ كافر، وأمّا مَن أقرَّ به ولكنه زعم أن الله يبعث الأرواح في أجسامٍ غير الأجسام التي كانت في الدنيا؛ فهو مبتدعٌ وفاسقٌ.
وأما ((القدر))؛ فهو في الأصل، مصدر تقول: قدرتُ الشيء - بفتح الدال وتخفيفها - أقْدِرُهُ - بكسرها - قَدْرًا وقَدَرًا؛ إذا أحطتَ بمقداره.
والمراد به في لسان الشرع أن الله عز وجل علم مقادير الأشياء وأزمانها أزلاً، ثم أوجدها بقدرته ومشيئته على وفق ما علمه منها، وأنه كتبها في اللوح قبل إحداثها؛ كما في الحديث:
((أول ما خلق الله القلم، فقال لـه: اكتب. قال: وما أكتب؟ قال: اكتب كل ما هو كائن))(صحيح) وقال تعالى: )مَاأَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍفِي الأَرْضِ وَلافِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّفِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا(( الحديد.

يتبع










قديم 2008-10-18, 16:22   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
أبو مسلم
مشرف سابق
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك الاخ شافعي وتفبل مني هذه الإ ضافة

ثناء العلماء على الكتاب:

قال الإمام الذهبي (ت748) ـ رحمه الله ـ كما فـي « العقود الدرية » (ص212)، و« الكواكب الدرية » للشيخ مرعي الحنبلي (ص125) : «ثم وقع الاتفاق على أن هذا المعتقد سلفي جيد».

وقال الإمام ابن رجب (ت 795) ـ رحمه الله ـ عن «العقيدة الواسطية » كما في مقدمة كتاب « التنبيهات اللطيفة » (ص13) : « جمعت على اختصارها ووضوحها جميع ما يجب اعتقاده من أصول الإيمان وعقائده الصحيحة ».

وقال الشيخ محمد خليل هراس (ت1395) ـ رحمه الله ـ في «شرح العقيدة الواسطية» (ص3) : « العقيدة الواسطية » لشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ من أجمع ما كتب فـي عقيدة أهل السنة والجماعة، مع اختصار فـي اللفظة ودقة فـي العبارة ».

وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن هذا الكتاب فـي « فتاويها » (2/165): « أما كتاب « العقيدة الواسطية » فهو كتاب جليل مشتمل على بيان عقيدة أهل السنة والجماعة بالأدلة من الكتاب والسنة ، فنوصيك باعتقاد ما فيه والدعوة إلى ذلك ».

وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ في « مجموع فتاوى ومقالات متنوعة » (7/179) : « أوصي طلبة العلم فـي ابتداء طلبهم أن يحفظوا كتاب الله عـز وجل أو ما تيسر منه، وأن يحفظوا «كتاب التوحيد »، و « كشف الشبهات »، و « ثلاثة الأصول »، و«العقيدة الواسطية » فهي مختصرة فـي بيان التوحيد بأقسامه الثلاثة، والعقيدة السلفية، وهذه هي العقيدة التي دعا إليها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ، وهي عقيدة السلف».

وقال الشيخ محمد العثيمين ـ رحمه الله - فـي « كتاب العلم » (ص171): «من أحسن ما يكون فـي العقيدة كتاب «العقيدة الواسطية » لشيخ الإسلام ابن تيمية ، فهو زبدة مختصرة فـي عقيدة أهل السنة والجماعة، وهي تحتاج إلى شرح، ويحتاج المبتدئ إلى من يشرحها له ».

فائدة: سُميت بـ « الواسطية » لأن شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ سأله رجلٌ من أهل « واسط » فنسبت إليه، وقيل لأنها وسطٌ بين مذاهب أهل الضلال فـي الأسماء والصفات، والأرجح القول الأول.*










قديم 2008-10-19, 09:05   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قول شيخ الإسلام ابن تيمية:(وَمِنَ الإيمَانِ بِاللهِ: الإِيمَانُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتِابِهِ الْعَزِيزِ، وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلاَ تَعْطِيلٍ، وَمِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلاَ تَمْثِيلٍ).


/ش/ وقولـه: ((ومن الإيمان بالله… إلخ)): هذا شروعٌ في التفصيل بعد الإجمال، و(من) هنا للتبعيض، والمعنى ومن جملة إيمان أهل السنة والجماعة
بالأصل الأول الذي هو أعظم الأصول وأساسها، وهو الإيمان بالله: أنهم يؤمنون بما وصف به نفسه… إلخ.
وقولـه: ((من غير تحريف)) متعلِّقٌ بالإيمان قبله؛ يعني أنهم يؤمنون بالصفات الإلهية على هذا الوجه الخالي من كل هذه المعاني الباطلة؛ إثباتًا بلا تمثيل، وتنزيهًا بلا تعطيل.
والتحريف في الأصل مأخوذ من قولهم: حرفتُ الشيء عن وجهه حرفًا، من باب ضرب؛ إذا أملته وغيرته، والتشديد للمبالغة.
وتحريف الكلام: إمالته عن المعنى المتبادر منه إلى معنى آخر لا يدلُّ عليه اللفظ إلا باحتمال مرجوحٍ، فلا بد فيه من قرينةٍ تبيِّن أنه المراد([1]).
وأما التعطيل؛ فهو مأخوذ من العطل، الذي هو الخلوُّ والفراغ والترك، ومنه قوله تعالى:
(وَبِئْرٍمُّعَطَّلَة)([2]).
أي: أهملها أهلها، وتركوا وِرْدها.
والمراد به هنا نفي الصفات الإلهية، وإنكار قيامها بذاته تعالى([3]).

([1]) والتحريف يكون في اللفظ والمعنى، أما في اللفظ؛ فمثاله نصب اسم الجلالة بدل رفعه في قوله تعالى : )وَكَلَّمَاللَّهُمُوسَى تَكْلِيمً(، وأما في المعنى؛ فمثاله قولهم: )اسْتَوَى(؛ أي: استولى، ويده؛ أي: قدرته.

([2]) الحج: (45).

([3]) التعطيل قسمان: كلي؛ كما فعل نفاة الصفات من الجهمية والمعتزلة، وجزئي كما فعل الأشاعرة الذين يثبتون سبع صفات فقط، وينفون الباقي
................. .
فالفرق بين التحريف والتعطيل: أن التعطيل نفيٌ للمعنى الحق الذي دلَّ عليه الكتاب والسنة، وأمّا التحريف؛ فهو تفسير النصوص بالمعاني الباطلة التي لا تدلُّ عليها.
والنسبة بينهما العموم والخصوص المطلق، فإن التعطيل أعمُّ مطلقًا من التحريف؛ بمعنى أنه كلما وجد التحريف؛ وجد التعطيل؛ دون العكس، وبذلك يوجدان معًا فيمن أثبت المعنى الباطل ونفى المعنى الحق، ويوجد التعطيل بدون التحريف فيمن نفي الصفات الواردة في الكتاب والسنة، وزعم أن ظاهرها غير مرادها، ولكنه لم يُعَيِّن لها معنًى آخر، وهو ما يسمونه بالتفويض.
ومن الخطأ القول بأن هذا هو مذهب السَّلف؛ كما نسب ذلك إليهم المتأخرون من الأشاعرة(وسيأتى التعريف بهم ) وغيرهم، فإن السلف لم يكونوا يفوِّضون في علم المعنى، ولا كانوا يقرؤون كلامًا لا يفهمون معناه؛ بل كانوا يفهمون معاني النصوص من الكتاب والسنة، ويثبتونها لله عز وجل، ثم يفوِّضون
فيما وراء ذلك من كُنْهِ الصفات أو كيفيَّاتها([1])؛ كما قال مالك حين سُئِلَ عن كيفية استوائه تعالى على العرش:
((الاستواء معلومٌ، والكيفُ مجهولٌ))([2]).

([1]) المفوِّضة: هم الذين يُثْبِتُون الصفات، ويفوِّضون علم معانيها إلى الله.
وأهل السنّة والجماعة يُثْبِتُون الصفات وعلم معانيها، ويفوِّضون علم كيفيتها إلى الله تعالى.
ومَن قال: أنا أثبت الصفات وأفوِّضُ علمها إلى الله؛ قلنا لـه: ماذا تعني بعلمها؟ علم المعنى؟ أم علم الكيفية؟
( 2) ذكره البيهقي في ((الأسماء والصفات)) (515) عن الإمام مالك بإسناد جوَّده الحافظ في ((الفتح)) (13/407).
وورد عن ربيعة الرأي، شيخ مالك. ذكره: البيهقي في ((الأسماء والصفات)) (ص516)، واللالكائي في ((شرح اعتقاد أهل السنة)) (3/398).
وورد أيضًا عن أم سلمة مرفوعًا وموقوفًا.
ولكن قال ابن تيمية في ((الفتاوى)) (5/365):
((وقد رُوِيَ هذا الجواب عن أم سلمة رضي الله عنها موقوفًا ومرفوعًا، ولكن ليس إسناده مما يُعْتَمَدُ عليه)).

وأما قوله:((ومن غير تكييف ولا تمثيل))؛ فالفرق بينهما أن التكييف أن يعتقد أن صفاته تعالى على كيفية كذا،أو يسأل عنها بكيف.
وأما التمثيل؛ فهو اعتقاد أنها مثل صفات المخلوقين.
وليس المراد من قوله: ((من غير تكييف)) أنهم ينفون الكيف مطلقًا؛ فإن كل شيء لا بد أن يكون على كيفية ما، ولكن المراد أنهم ينفون علمهم بالكيف؛ إذ لا يعلم كيفية ذاته وصفاته إلا هو سبحانه.
. يتبع.














قديم 2008-10-20, 09:11   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قول الشيخ ابن تيمية رحمه الله: بَلْ يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ اللهَ )لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَالسَّمِيعُ البَصِيرُ)


/ش/ قوله:لَيْسَ كَمِثْلِه(؛ هذه الآية المحكمة من كتاب الله عز وجل هي دستورأهل السنة والجماعة في باب الصفات، فإن الله عز وجل قد جمع فيها بين النفي والإثبات، فنفى عن نفسه المثل، وأثبت لنفسه سمعًا وبصرًا، فدلَّ هذا على أن المذهب الحق ليس هو نفي الصفات مطلقًا؛ كما هو شأن المعطِّلة، ولا إثباتها مطلقًا؛ كما هو شأن الممثِّلة؛ بل إثباتها بلا تمثيل.
وقد اختُلِفَ في إعراب : )لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ( على وجوه ؛ أصحُّها: أن الكافَ صلةٌ زيدَت للتأكيد؛ كما في قول الشاعر:






لَيْسَ كَمِثْلِ الْفَتَى زُهَيْرٍ


خَلْقٌ يُوَازِيهِ فِي الفَضَائِلِ


قول الشيخ ابن تيمية رحمه الله : (فَلاَ يَنْفُونَ عَنْهُ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَلاَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ، وَلاَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَاءِ اللهِ وآيَاتِهِ، وَلاَ يُكَيِّفُونَ وَلاَ يُمَثِّلُونَ صِفَاتِهِ بِصِفَاتِ خَلْقِهِ).
/ش/وقوله:((فلا يَنْفونَ عنه..إلخ)) تفريعٌ على ما قبله؛ فإنهم إذا كانوا يؤمنون بالله على هذا الوجه ؛ فلا ينفون ولا يحرِّفونَ ، ولا يكيِّفون ولا يمثِّلُون.
والمواضع: جمع موضع، والمراد بها المعاني التي يجب تنزيل الكلام عليها؛ لأنها هي المتبادرة منه عند الإطلاق، فهم لا يعدِلون به عنها.
وأما قولـه: ((ولا يُلْحِدون في أسماء الله وآياته))؛ فقد قال العلامة ابن القيِّم رحمه الله:
((والإلحاد في أسمائه هو العدول بها وبحقائقها ومعانيها عن الحق الثابت لها؛ مأخوذٌ من الميل؛ كما يدل عليه مادة (ل ح د)، فمنه اللحد، وهو الشق في جانب القبر، الذي قد مال عن الوسط، ومنه المُلْحِد في الدين: المائل عن الحق، المُدْخِل فيه ما ليس منه)). اهـ
فالإلحاد فيها إما أن يكون بجحدها وإنكارها بالكليَّة، وإما بجحد معانيها وتعطيلها، وإما بتحريفها عن الصواب وإخراجها عن الحق بالتأويلات الفاسدة، وإما بجعلها أسماء لبعض المُبتَدَعات؛ كإلحاد أهل الاتحاد.
وخلاصة ما تقدم:
أن السلف رضي الله عنهم يؤمنون بكل ما أخبر الله به عن نفسه في كتابه، وبكل ما أخبر به عنه رسوله صلى الله عليه وسلم إيمانًا سالمًا من التحريف والتعطيل، ومن التكييف والتمثيل، ويجعلون الكلام في ذات الباري وصفاته بابًا واحدًا؛ فإن الكلام في الصفات فرعُ الكلام في الذات، يُحْتَذَى فيه حَذْوُه، فإذا كان إثبات الذات إثباتَ وجودٍ لا إثبات تكييف؛ فكذلك إثبات الصفات.
وقد يعبِّرون عن ذلك بقولهم: ((تُمَرُّ كَما جاءت بلا تأويل))، ومَن لم يفهم كلامهم؛ ظنَّ أنّ غرضهم بهذه العبارة هو قراءة اللفظ دون التعرُّض للمعنى، وهو باطل، فإن المراد بالتأويل المنفي هنا هو حقيقة المعنى وكنهه وكيفيته([1]).
.................................................. .....
([1]) ومما يؤيِّد ذلك أنهم كانوا يقولون أحيانًا: ((تُمَرُّ كما جاءت؛ بلا كيف))، وما كانوا يقولون: ((تُمَرُّ كما جاءت بلا معنى))، فعُلِمَ من ذلك أنهم يُثْبِتُون المعنى، وينفون الكيف.
والشارح يعني بقولـه: ((حقيقة المعنى))؛ أي: الكيفية؛ يفرق بين المعنى وحقيقة المعنى، فيثبتون المعنى وينفون حقيقته، وهي الكيفية.
قال الإمام أحمد رحمه الله:
((لا يوصَفُ الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، ولا يتجاوز القرآن والحديث))([1]).
وقال نُعيم بن حمَّاد (شيخ البخاري):
((مَن شبَّه اللهَ بخلقه؛ كفر، ومَن جحد ما وصف الله به نفسه؛ كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله تشبيهٌ ولا تمثيلٌ))([2]).
..................................................
([1]) انظر: ((مجموع الفتاوى)) (5/26).

([2]) أورده الذهبي بإسناده في كتاب ((العلو))، وقال الألباني في ((مختصر العلو)) (ص184):
((وهذا إسنادٌ صحيحٌ)). اهـ
ونُعَيم بن حماد: هو أبو عبد لله نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخُزاعي المروزي، قال الخطيب: ((يقال إنه أوَّل من جمع المسند في الحديث)). وهو أعلم الناس بالفرائض، كان شديد الرد على الجهمية وأهل الأهواء، توفي سنة (228هـ).










قديم 2008-10-21, 12:33   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
(لأَنَّهُ سُبْحَانَهُ: لاَ سَمِيَّ لَهُ، وَلاَ كُفْءَ لَهُ، وَلاَ نِدَّ لهُ


/ش/ قوله:((لأنه سبحانه لا سمي لـه… إلخ))؛ تعليل لقوله فيما تقدم إخبارًا عن أهل السنة والجماعة: ((لا يكيِّفون ولا يمثِّلون)).
ومعنى : (( لا سميَّ لـه )) أي : لا نظير لـه يستحقُّ مثل اسمه ، أو لا مسامِيَ له يساميه، وقد دلَّ على نفيه قوله تعالى في سورة مريم:


)ِهَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا(([1]).
فإن الاستفهام هنا إنكاريٌّ، معناه النفي.
وليس المراد من نفي السميِّ أن غيره لا يسمَّى بمثل أسمائه، فإن هناك أسماء مشتركة بينه وبين خلقه، ولكنَّ المقصود أن هذه الأسماء إذا سمِّي الله بها؛ كان معناها مختصًّا به لا يَشْرَكُهُ فيه غيره، فإن الاشتراك إنما هو في مفهوم الاسم الكلِّي، وهذا لا وجود لـه إلاَّ في الذهن، وأما في الخارج؛ فلا يكون المعنى إلا جزئيًّا مختصًّا، وذلك بحسب ما يضاف إليه، فإن أضيف إلى الرَّبِّ؛ كان مختصًّا به، لا يشاركه فيه العبد، وإن أضيف إلى العبد كان مختصًّا به لا يشاركه فيه الرب.
وأما الكفء؛ فهو المكافئ المساوي، وقد دلَّ على نفيه قوله تعالى:
)وَلَمْيَكُنلَّهُكُفُوًاأَحَدٌ (([2]).
وأما النِّدُّ؛ فمعناه المساوي المناوئ؛ قال تعالى:
)فَلاَتَجْعَلُواْلِلّهِأَندَاداًوَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (([3]).

([1]) مريم: (65): (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَابَيْنَهُمَافَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْلِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا)

([2]) الإخلاص: (4).

([3]) البقرة: (22).



(ولاَ يُقَاسُ بِخَلْقِهِ سُبْحَانَهَ وَتَعَالَى).


/ش/ وأما قولـه(لا يُقاسُ بخلقه))؛ فالمقصود به أنه لا يجوز استعمال شيءٍ من الأقيسة التي تقتضي المماثلة والمساواة بين المَقِيس والمَقِيس عليه في الشؤون الإلهية.
وذلك مثل قياس التمثيل الذي يعرِّفه علماء الأصول بأنه إلحاق فرع بأصل في حكمٍ جامع؛ كإلحاق النبيذ بالخمر في الحرمة لاشتراكهما في علة الحكم، وهي الإسكار.
فقياس التمثيل مبنيٌّ على وجود مماثلة بين الفرع والأصل، والله عز وجلَّ لا يجوز أن يمثِّل بشيء من خلقه.
ومثل قياس الشمول المعروف عند المناطقة بأنه الاستدلال بكليٍّ على جزئيٍّ بواسطة اندراج ذلك الجزئي مع غيره تحت هذا الكُلِّي.
فهذا القياس مبنيٌّ على استواء الأفراد المُنْدَرِجة تحت هذا الكُلِّي، ولذلك يُحكَم على كل منها بما حُكِمَ به عليه. ومعلومٌ أنه لا مساواة بين الله عز وجل وبين شيء من خلقه.
وإنما يُستعمل في حقه تعالى قياس الأوْلى، ومضمونه أن كلَّ كمال ثبت للمخلوق وأمكن أن يتَّصف به الخالق؛ فالخالق أولى به من المخلوق، وكلَّ نقصٍ تَنَزَّهَ عنه المخلوق؛ فالخالق أحق بالتنزُّه عنه.
وكذلك قاعدة الكمال التي تقول: إنه إذا قُدِّر اثنان: أحدهما موصوف بصفة كمال، والآخر يمتنع عليه أن يتصف بتلك الصفة؛ كان الأول
أكمل من الثاني، فيجب إثبات مثل تلك الصفة لله ما دام وجودها كمالاً وعدمها نقصًا.

. يتبع .










قديم 2008-10-25, 08:03   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قول شيخ الإسلام :
.................................................. ........
(فَإنَّهُ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ، وَأَصْدَقُ قِيلاً، وَأَحْسَنُ حَدِيثًا مِنْ خَلْقِهِ.

ثُمَّ رُسُلُه صَادِقُونَ [مُصَدَّقون] ؛ بِخِلاَفِ الَّذِينَ يَقُولُونَ عَلَيْهِ مَا لاَ يَعْلَمُونَ).
.................................................. .................................................. ................................................

/ش/ قوله: ((فإنه أعلم بنفسه وبغيره…)) إلى قوله:((… ثم رسله صادقون مصدوقون))؛ تعليلٌ لصحَّة مذهب السلف في الإيمان بجميع الصفات الواردة في الكتاب والسنة؛ فإنه إذا كان الله عز وجل أعلم بنفسه وبغيره، وكان أصدق قولاً وأحسن حديثًا، وكان رسله عليهم الصلاة والسلام صادقين في كل ما يخبرون به عنه، معصومين من الكذب عليه والإخبار عنه بما يخالف الواقع؛ وجب التعويل إذًا في باب الصفات نفيًا وإثباتًا على ما قاله الله وقاله رسوله الذي هو أعلم خلقه به، وأن لا يُتْرك ذلك إلى قول مَن يفترون على الله الكذب ويقولون عليه ما لا يعلمون.
وبيان ذلك أن الكلام إنما تَقْصُر دلالته على المعاني المُرادة منه لأحد ثلاثة أسباب: إما لجهل المتكلم وعدم علمه بما يتكلَّم به، وإما لعدم فصاحته وقدرته على البيان، وإما لكذبه وغشه وتدليسه. ونصوص الكتاب والسنة بريئة من هذه الأمور الثلاثة من كل وجه، فكلام الله وكلام رسوله في
غاية الوضوح والبيان؛ كما أنه المثل الأعلى في الصدق والمطابقة للواقع؛ لصدوره عن كمال العلم بالنسب الخارجية، وهو كذلك صادر عن تمام النصح، والشفقة، والحرص على هداية الخلق وإرشادهم.
فقد اجتمعت له الأمور الثلاثة التي هي عناصر الدلالة والإفهام على أكمل وجه.
فالرسول صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بما يريد إخبارهم به، وهو أقدرهم على بيان ذلك والإفصاح عنه، وهو أحرصهم على هداية الخلق، وأشدُّهم إرادة لذلك، فلا يمكن أن يقع في كلامه شيء من النقص والقصور؛ بخلاف كلام غيره؛ فإنه لا يخلو من نقص في أحد هذه الأمور أو جميعها، فلا يصح أن يُعْدَلَ بكلامه كلام غيره؛ فضلاً عن أن يُعْدَلَ عنه إلى كلام غيره؛ فإن هذا هو غاية الضلال، ومنتهى الخذلان.
قول شيخ الإسلام:
...............................................

ا (وَلِهَذَا قَالَ: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِعَمَّايَصِفُونَ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُرَبِّ الْعَالَمِينَ)

فَسَبَّحَ نَفْسَهُ عَمَّا وَصَفَهُ بِهِ الْمُخَالِفُونَ لِلرُّسُلِ، وَسَلَّمَ عَلَى الْمُرْسَلِينَ؛ لِسَلاَمَةِ مَا قَالُوهُ مِنَ النَّقْصِ وَالْعَيْبِ).
.................................................. ....

/ش/ قولـه:((ولهذا قال… إلخ))؛ تعليلٌ لما تقدّم من كون كلام الله وكلام رسولـه أكمل صدقًا، وأتمُّ بيانًا ونصحًا، وأبعد عن العيوب والآفات من كلام كل أحد.
((سبحان))؛ اسم مصدر من التسبيح، الذي هو التنزيه والإبعاد عن السوء، وأصله من السبح، الذي هو السرعة والانطلاق والإبعاد، ومنه فرسٌ سبوح؛ إذا كانت شديدة العدو.
وإضافة الرب إلى العزة من إضافة الموصوف إلى صفته، وهو بدل من الرب قبله.
فهو سبحانه ينزِّه نفسه عما ينسبه إليه المشركون من اتخاذ الصَّاحبة والولد، وعن كل نقص وعيب، ثم يسلِّم على رسله عليهم الصلاة والسلام بعد ذلك؛ للإشارة إلى أنه كما يجب تنزيه الله عز وجل وإبعاده عن كل شائبة نقص وعيب، فيجب اعتقاد سلامة الرسل في أقوالهم وأفعالهم من كل عيب كذلك، فلا يكذبون على الله، ولا يشركون به، ولا يغشُّون أممهم، ولا يقولون على الله إلا الحق.
قوله:((والحمدُ لله رب العالمين))؛ ثناءٌ منه سبحانه على نفسه بماله من نعوت الكمال، وأوصاف الجلال، وحميد الفعال، وقد تقدم الكلام على معنى الحمد، فأغنى عن إعادته.
يتبع










قديم 2008-10-28, 09:55   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قول شيخ الإسلام:(وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ جَمَعَ فِيما وَصَفَ وَسَمَّى بِهِ نَفْسَهُ بينَ النَّفْيِ وَالإِثْبَاتِ).


/ش/ لمَّا بيَّن فيما سبق أن أهل السنة والجماعة يصفون الله عز وجل بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله، ولم يكن ذلك كله إثباتًا ولا كله نفيًا؛ نبَّه على ذلك بقوله:((وهو سبحانه قد جمع… إلخ)).
واعلم أنَّ كلاًّ من النفي والإثبات في الأسماء والصفات مجملٌ ومفصَّلٌ

أما الإجمال في النفي؛ فهو أن يُنفَى عن الله عز وجل كلُّ ما يضادُّ كمالـه من أنواع العيوب والنقائص؛ مثل قولـه تعالى:
)لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (([1])، )هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا(([2])،)سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّايَصِفُونَ(([3]).
وأما التفصيل في النفي؛ فهو أن يُنَزَّهَ الله عن كل واحد من هذه العيوب والنقائص بخصوصه، فينَزَّهُ عن الوالد، والولد، والشريك، والصاحبة، والند، والضد، والجهل، والعجز، والضلال،والنسيان، والسِّنة، والنوم، والعبث، والباطل… إلخ.
ولكن ليس في كتاب الله ولا في السنة نفيٌ محضٌ؛ فإن النفي الصرف لا مدح فيه، وإنما يُراد بكل نفيٍ فيهما إثبات ما يضاده من الكمال: فنفي الشريك والند؛ لإثبات كمال عظمته وتفرُّده بصفات الكمال، ونفي العجز؛ لإثبات كمال قدرته، ونفي الجهل؛ لإثبات سعة علمه وإحاطته، ونفي الظلم؛ لإثبات كمال عدلـه، ونفي العبث؛ لإثبات كمال حكمته،ونفي السِّنة والنوم والموت؛ لإثبات كمال حياته وقيُّومِيَّتِه.. وهكذا.
.................................................. ..
([1]) الشورى: (11).

([2]) مريم: (65).


([3]) الصافات: (159)، المؤمنون (91).
.....................................
ولهذا كان النَّفي في الكتاب والسنة إنما يأتي مجملاً في أكثر أحواله؛ بخلاف الإثبات؛ فإن التفصيل فيه أكثر من الإجمال؛ لأنه مقصود لذاته.
وأما الإجمال في الإثبات ؛ فمثل إثبات الكمال المطلق ، والحمد المطلق ، والمـجد المطلق ، ونحـو ذلـك ؛ كما يشـير إليه مثل قوله تعالى :)الْحَمْدُللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(([1])،)وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ(([2]).
وأما التفصيل في الإثبات؛ فهو متناوِلٌ لكل اسم أو صفة وردت في الكتاب والسنة، وهو من الكثرة بحيث لا يمكن لأحد أن يحصيه؛ فإن منها ما اختص الله عز وجل بعلمه؛ كما قال عليه الصلاة والسلام:
((سبحانك لا نحصي ثناءً عليكَ أنت كما أثنيتَ على نفسك))([3]).
وفي حديث دعاء المكروب:
((أسألك بكل اسم هو لك؛ سميتَ به نفسك، أو أنزلته في كتابك أو علَّمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك))([4]).
..........................................
([1]) الفاتحة: (2).

([2]) النحل: (60).

([3]) رواه مسلم في الصلاة، 0باب: ما يُقال في الركوع والسجود) (4/450-نووي) عن عائشة مرفوعًا:
((اللهُمَّ إني أعوذ برضاك من سَخَطِكَ، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيتَ على نفسك)).
والحديث رواه الأربعة والإمام أحمد.

([4]) (صحيح). رواه أحمد في ((المسند)) (1/391 و452)(14/262-ساعاتي)، والحاكم في ((المستدرك (1/509)، وابن حبان في ((صحيحه))، وصححه أحمد شاكر في ((المسند)) (5/266)، والألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (198).
وانظر: ((جامع الأصول
)) (2300).
قول شيخ الإسلام فَلاَ عُدُولَ لأَهْلِ السُّنَّةٌ وَالْجَمَاعَةِ عَمَّا جَاءَ بِهِ الْمُرْسَلُونَ؛ فَإِنَّهُ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، صِرَاطُ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ والصَالِحِينَ).


/ش/ قوله:((فلا عُدولَ… إلخ))؛ هذا مترتِّبٌ على ما تقدم من بيان أن ما جاء به الرسل عليهم الصلاة والسلام هو الحق الذي يجب اتِّباعه، ولا يصحُّ العدول عنه، وقد علل بأنه الصراط المستقيم، يعني الطريق السويّ القاصد الذي لا عوج فيه ولا انحراف.
والصراط المستقيم لا يكون إلا واحدًا؛ من زاغ عنه أو انحرف وقع في طريقٍ من طرق الضلال والجَور؛ كما قال تعالى:
(وَأَنَّ هَـذَاصِرَاطِي مُسْتَقِيمًافَاتَّبِعُوهُ وَلاَتَتَّبِعُواْالسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ )([1]).
والصراط المستقيم هو طريق الأمة الوسط، الواقع بين طرفي الإفراط والتفريط، ولهذا أمرنا الله عز وجل وعلَّمنا أن نسأله أن يهدينا هذا

([1]) الأنعام: (153).


الصراط المستقيم في كل ركعة من الصلاة؛ أي: يلهمنا ويوفقنا لسلوكه واتباعه، فإنه صراط الذين أنعم الله عليهم من النَّبيِّين والصدِّيقين والشهداءِ والصالحين وحَسُنَ أُولئك رفيقًا.



يتبع










قديم 2008-10-28, 22:19   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
abh3
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

يسم الله الرحمن الرحيم
اخي الكريم ما قولم في قول ابي يعلى في كتابه ابطال التأويلات الاخبار الصفات ص133:
رواه ابو بكر الخلال عن الحسن بن ناضح الخلال قانا الاسد بن عامر شاذان قالنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه جل ثنائه جعدا قططا امردفي حلة حمراء
قمة في تجسيم ذات الله و لك ان تقرأ الكتاب وسترى مافيه و اذا اردته اعطيته لك










قديم 2008-10-29, 13:41   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قول شيخ الإسلام ابن تيمية
(وَقَدْ دَخَلَ فِي هِذِهِ الْجُمْلَةِ مَا وَصَفَ الله بِهِ نَفْسَهُ فِي سُورَةِ الإِخْلاَصِ الَّتِي تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، حَيثُ يَقُولُ: (قُلْ هُوَاللَّهُ أَحَدٌ*اللَّهُ الصَّمَدُ*لَمْ يَلِدْوَلَمْ يُولَدْ*وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًاأَحَدٌ )

/ش/ قوله:((وقد دخل… إلخ))؛ شروعٌ في إيراد النصوص من الكتاب والسنة المتضمِّنة لما يجب الإيمان به من الأسماء والصفات في النفي والإثبات.
وابتدأ بتلك السورة العظيمة؛ لأنها اشتملت من ذلك على ما لم يشتمل عليه غيرها، ولهذا سُمِّيَتْ سُورة الإخلاص؛ لتجريدها التوحيد من شوائب الشرك والوثنية.
روى الإمام أحمد في ((مسنده)) عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه في سبب نزولها: أن المشركين قالوا: يا محمد! انسب لنا ربك. فأنزل الله تبارك وتعالى: (قُلْ هُوَاللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ )إلخ السورة([1]).
........................................
([1]) (حسن). رواه الترمذي في التفسير، (باب: ومن سورة الإخلاص) (تحفة 9/299)، وأحمد في ((المسند)) (5/133)، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (1/297).
وحسَّنه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2680).
وانظر كتاب ((العظمة)) لأبي الشيخ (1/375) ، وكتاب ((شعب الإيمان)) للبيهقي (1/276).
...............................
.وقد ثبت في الصحيح أنها تعدل ثلث القرآن([1]).
وقد اختلف العلماء في تأويل ذلك على أقوال؛ أقربها [ما نقله شيخ الإسلام عن أبي العباس]([2])، وحاصله أن القرآن الكريم اشتمل على ثلاثة مقاصد أساسية:
أولها: الأوامر والنواهي المتضمِّنة للأحكام والشرائع العملية التي هي موضوع علم الفقه والأخلاق.
ثانيها: القصص والأخبار المتضمنة لأحوال الرسل عليهم الصلاة والسلام مع أممهم، وأنواع الهلاك التي حاقت بالمكذِّبين لهم، وأحوال الوعد والوعيد، وتفاصيل الثواب والعقاب.
ثالثها: علم التوحيد، وما يجب على العباد من معرفة الله بأسمائه وصفاته، وهذا هو أشرف الثلاثة.
.................................................. ..........................................
([1])((البخاري)) في التوحيد، (باب: ما جاء في دعاء النبي e أمته إلى التوحيد) قول النبي e: ((والذي نفسي بيده؛ إنها لَتَعدِل ثلث القرآن)).

([2]) في طبعة الجامعة الإسلامية: [ما نقله شيخ الإسلام أبو العباس]. والصواب ما هو مثبت هنا، وكذا في طبعة ((الإفتاء))، وأبو العباس هو أبو العباس بن سريج.
انظر: ((مجموع الفتاوى)) (17/103).
.................................................. ........

ولما كانت سورة الإخلاص قد تضمَّنَت أُصول هذا العلم، واشتملت عليه إجمالاً؛ صحَّ أن يقال: إنها تعدل ثلث القرآن.
وأما كيف اشتملت هذا السورة على علوم التوحيد كلها، وتضمَّنت الأصول التي هي مجامع التوحيد العلمي الاعتقادي؟ فنقول:
إن قوله تعالى: (اللَّهُ أَحَدٌ )دلَّت على نفي الشريك من كل وجهٍ: في الذات، وفي الصفات، وفي الأفعال؛ كما دلَّت على تفرُّده سبحانه بالعظمة والكمال والمجد والجلال والكبرياء ، ولهذا لا يُطلَق لفظ (أَحَدٌ )في الإثبات إلا على الله عز وجل، وهو أبلغ من واحد.
وقوله: (اللَّهُ الصَّمَد )قد فسَّرها ابن عباس رضي الله عنه بقوله:
((السيد الذي كمل في سؤدده، والشريف الذي كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمُل في حلمه، والغني الذي قد كمل في غناه، والجبَّار الذي قد كمل في جبروته، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمُل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد ، وهو الله عز وجل ، هذه صفته ، لا تنبغي إلا له، ليس له كفءٌ، وليس كمثله شيء))([1]).
....................................
([1]) رواه ابن جرير في تفسير سورة الإخلاص بسنده، فقال:
((حدثنا علي: حدثنا أبو صالح: حدثنا معاوية عن علي عن ابن عباس، به)).
وعلي (الراوي عن ابن عباس): هو ابن أبي طلحة؛ كما في ((تفسير ابن كثير))، وهو صدوق، ولم يَلقَ ابن عباس، وإنما أخذ تفسيره من مجاهد، فروايته عنه منقطعة.
والحديث أخرجه أبو الشيخ في ((العظمة)) (1/383) بالسند نفسه، وقد ضعَّفه محققه المباركفوري.
ولكن قال الحافظ ابن حجر في ((التهذيب)): ((بعد أن عُرفت الواسطة، وهو ثقة ـ يعني مجاهدًا ـ فلا ضير في ذلك)). =
= انظر: ((تفسير ابن عباس ومروياته في التفسير من كتب السنة)) (1/25).
............................
وقد فُسِّر الصمد أيضًا بأنه الذي لا جوف له([1])، وبأنه الذي تصمد إليه الخليقة كلها وتقصده في جميع حاجاتها ومهمَّاتها([2]).
.................................................. ...................................
([1]) صحَّ ذلك عن: مجاهد، والحسن، والضحاك، وورد مرفوعًا، ولكن لا يصحّ.
انظر: ((العظمة)) لأبي الشيخ (1/379)، و((السنة)) لابن أبي عاصم، ومعه ((ظلال الجنة)) للألباني (رقم673، 674، 675، 680، 688، 689).

([2]) صحَّ ذلك عن إبراهيم النخعي. انظر: ((السنة)) لابن أبي عاصم (رقم687).
وورد عن ابن عباس بإسناد ضعيف. انظر ((العظمة)) (1/380).
................................................

فإثبات الأحدية لله تضمَّن نفي المشاركة والمماثلة.
وإثبات الصمديَّة بكل معانيها المتقدمة تتضمن إثبات جميع تفاصيل الأسماء الحسنى والصفات العلى. وهذا هو توحيد الإثبات.
وأما النوع الثاني ـ وهو توحيد التنزيه ـ ؛ فيؤخـذ من قولـه تعالى: (لَمْ يَلِدْوَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًاأَحَدٌ ) كما يؤخذ إجمالاً من قولـه: (اللَّهُ أَحَدٌ ) أي: لم يتفرَّع عنه شيء، ولم يتفرَّع هو عن شيء، وليس لـه مكافئ ولا مماثل ولا نظير.
فانظر كيف تضمَّنت هذه السورة توحيد الاعتقاد والمعرفة، وما يجب إثباته للرَّبِّ تعالى من الأَحَدِيَّة المنافية لمطلق المشاركة، والصمَدِيَّةِ المُثْبِتَة لـه جميع صفات الكمال الذي لا يلحقه نقصٌ بوجه من الوجوه، ونفي الولد والوالد الذي هو من لوازم غناه وصمَدِيَّتِه وأَحدِيَّتِه، ثم نفي الكفء المتضمن لنفي التشبيه والتمثيل والنظير([1])؟
فحُقَّ لسورة تضمَّنت هذه المعارف كلها أن تعدل ثلث القرآن.
.................................................. .......................

([1]) كذا في المطبوع، والأولى أن يقال: ((الكفء المتضمن لنفي الشبيه والمثيل والنظير)).










قديم 2008-10-31, 16:05   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قول شيخ الإسلام
(وَمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي أَعْظَمِ آيَةٍ فِي كِتِابِهِ؛ حَيْثُ يَقُولُ:

(اللَّهُ لاَإِلَـهَ إِلاَّهُوَالْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَتَأْخُذُهُ سِنَةٌوَلاَنَوْم....ٌ


لَّهُ مَافِي السَّمَاوَاتِ وَمَافِي الأَرْضِ مَن ذَاالَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّبِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَابَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَاخَلْفَهُم وَلاَيُحِيطُونَ بِشَيْءٍمِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّبِمَاشَاءوَسِعَ كُرْسِيُّه السَّمَاوَ ا تِ وَالأَرْ ضَ وَلاَيَؤُودُهُ حِفْظُهُمَاوَهُوَالْعَلِيُّ الْعَظِيم)
.............................
/ش/ روى مسلم في ((صحيحه) عن أُبيّ بن كعب أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم سأله:
((أي آية في كتاب الله أعظم؟)).
قال: الله ورسولـه أعلم.
فردَّدها مرارًا، ثم قال أُبيٌّ: آية الكرسي.
فوضع النبي يده على كتفه، وقال: ((ليهنك هذا العلم أبا المنذر)).
وفي رواية عند أحمد:

((والذي نفسي بيده؛ إن لها لسانًا وشفتين تقدِّس الملك عند ساق العرش))

ولا غرو، فقد اشتملت هذه الآية العظيمة من أسماء الربِّ وصفاته على ما لم تشتمل عليه آية أخرى.
فقد أخبر الله فيها عن نفسه بأنه المتوحِّد في إلهيَّتِه، الذي لا تنبغي العبادة بجميع أنواعها وسائر صورها إلا له.
ثم أردف قضية التوحيد بما يشهد لها من ذكر خصائصه وصفاته الكاملة، فذكر أنه الحي الذي لـه كمال الحياة؛ لأن حياته من لوازم ذاته، فهي أزليَّة أبديَّة، وكمال حياته يستلزم ثبوت جميع صفات الكمال الذاتيَّة له، من العزَّة والقدرة والعلم والحكمة والسمع والبصر والإرادة والمشيئة وغيرها؛ إذ لا يتخلّف شيء منها إلا لنقصِ في الحياة، فالكمال في الحياة يتبعه الكمال في سائر الصفات اللازمة للحيّ.
ثم قرن ذلك باسمه القيوم، ومعناه الذي قام بنفسه، واستغنى عن جميع خلقه غنًى مطلقًا لا تشوبُه شائبةُ حاجةٍ أصلاً؛ لأنه غنًى ذاتيٌّ، وبه قامت الموجودات كلها، فهي فقيرة إليه فقرًا ذاتيًا، بحيث لا تستغني عنه لحظة، فهو الذي ابتدأ إيجادها على هذا النحو من الإحكام والإتقان، وهو الذي يدبِّر أمورها، ويمدها بكل ما تحتاج إليه في بقائها، وفي بلوغ الكمال الذي قدره لها.
فهذا الاسم متضمِّنٌ لجميع صفات الكمال الفعليَّة، كما أن اسمه الحي متضمِّن لجميع صفات الكمال الذاتية، ولهذا ورد أن الحي القيوم هما اسم الله الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دُعي به أجاب.
ثم أعقب ذلك بما يدلُّ على كمال حياته وقيُّوميَّته ، فقال : (لاَتَأْخُذُه ) ؛ أي لا تغلبه (سِنَةٌ )؛ أي نعاسٌ (وَلاَنَوْمٌ )؛ فإن ذلك ينافي القيومية؛ إذ النوم أخو الموت،ولهذا كان أهل الجنَّة لا ينامون.
ثم ذكر عموم ملكه لجميع العوالِم العُلْوية والسُّفلية، وأنها جميعًا تحت قهره وسلطانه، فقال: (لَّهُ مَافِي السَّمَاوَاتِ وَمَافِي الأَرْض ).
ثم أردف ذلك بما يدلُّ على تمام ملكه، وهو أن الشفاعة كلها لـه، فلا يشفع عنده أحدٌ إلا بإذنه.
وقد تضمَّن هذا النفي والاستثناء أمرين:
أحدهما: إثبات الشفاعة الصحيحة، وهي أنها تقع بإذنه سبحانه لمن يرضى قوله وعمله.
والثاني: إبطال الشفاعة الشركيَّة التي كان يعتقدها المشركون لأصنامهم، وهي أنها تشفع لهم بغير إذن الله ورضاه.
ثم ذكر سعة علمه وإحاطته، وأنه لا يخفى عليه شيء من الأمور المستقبلة والماضية.
وأما الخلق فإنهم (وَلاَيُحِيطُونَ بِشَيْءٍمِّنْ عِلْمِه )؛ قيل: يعني من معلومه. وقيل: من علم أسمائه وصفاته؛ (إِلاَّبِمَاشَاء )الله سبحانه أن يعلمهم إياه على ألسنة رسله، أو بغير ذلك من طرق البحث والنظر والاستنتاج والتجربة.
ثم ذكر ما يدل على عظيم ملكه، وواسع سلطانه، فأخبر أن كرسيَّه قد وسع السماوات والأرض جميعًا.
والصحيح في الكرسي أنه غير العرش، وأنه موضع القدمين، وأنه في العرش كحلْقة ملقاة في فلاة.
وأما ما أورده ابن كثير عن ابن عباس في تفسير الكرسي بالعلم؛ فإنه لا يصحُّ، ويفضي إلى التكرار في الآية.

.
قال الدارمي في رده على بشر المريسي (1/411، تحقيق الألمعي): (( لأنه من رواية جعفر بن أبي ليس جعفر ممن يُعتمد على روايته، إذ قد خالفته الرواة الثقات المتقنون)).
قال الذهبي في ((الميزان)) (1/417):
((قال ابن مندة: ليس هو بالقوي في سعيد بن جبير. وقال عن سند هذه الرواية: لم يُتابع عليه)).
ثم قال الذهبي:
((فقد روى عمارٌ الدُّهني عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس؛ قال: كرسيُّه: موضع قدمه.. والعرش لا يقدر قدره)). اهـ
وقال أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (2/162):
((إسناده جيد، ولكنه شاذٌّ بمرة، مخالفٌ للثابت الصحيح عن ابن عباس)).
ثمّ علَّق على رواية ابن عباس في تفسيره بأنه موضع القدمين، وقال:
((وهذا هو الصحيح الثابت عن ابن عباس، وأما الرواية السابقة عنه بتأويل الكرسي بالعلم؛ فهي رواية شاذَّّة، لا يقوم عليها دليلٌ من كلام العرب، ولذلك رجَّح أبو منصور الأزهريُّ الرواية الصحيحة عن ابن عباس،وقال: ((وهذه رواية اتَّفق أهل العلم على صحتها، ومن روي عنه في الكرسي أنه العلم؛ فقد أبطل))
ثم أخبر سبحانه بعد ذلك عن عظيم قدرته وكمال قوته بقوله: (وَلاَيَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا ) ؛ أي: السموات والأرض وما فيهما.
وفسر الشيخ رحمه الله (يَؤُودُه ) بـ: (يثقله ويُكْرِثُه)، وهو من آده الأمر: إذا ثقل عليه.

((قال ابن مندة: ليس هو بالقوي في سعيد بن جبير. وقال عن سند هذه الرواية: لم يُتابع عليه)).
ثم قال الذهبي:
((فقد روى عمارٌ الدُّهني عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس؛ قال: كرسيُّه: موضع قدمه.. والعرش لا يقدر قدره)). اهـ
وقال أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (2/162):
((إسناده جيد، ولكنه شاذٌّ بمرة، مخالفٌ للثابت الصحيح عن ابن عباس)).
ثمّ علَّق على رواية ابن عباس في تفسيره بأنه موضع القدمين، وقال:
((وهذا هو الصحيح الثابت عن ابن عباس، وأما الرواية السابقة عنه بتأويل الكرسي بالعلم؛ فهي رواية شاذَّّة، لا يقوم عليها دليلٌ من كلام العرب، ولذلك رجَّح أبو منصور الأزهريُّ الرواية الصحيحة عن ابن عباس،وقال: ((وهذه رواية اتَّفق أهل العلم على صحتها، ومن روي عنه في الكرسي أنه العلم؛ فقد أبطل))). اهـ



صف نفسه سبحانه في ختام تلك الآية الكريمة بهذين الوصفين الجليلين؛ وهما: ( الْعَلِيُّ )، و (الْعَظِيمُ )فالعَلِيُّ: هو الذي لـه العلوُّ المطلق من جميع الوجوه:
علو الذَات: وكونه فوق جميع المخلوقات مستويًا على عرشه.
وعلو القَدْر: إذ كان لـه كل صفة كمال، ولـه من تلك الصفة أعلاها وغايتها.
وعلو القَهْر: إذ كان هو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير.
وأما العظيم؛ فمعناه الموصوف بالعظمة، الذي لا شيء أعظم منه، ولا أجل، ولا أكبر، ولـه سبحانه التعظيم الكامل في قلوب أنبيائه وملائكته وأصفيائه.










قديم 2008-11-01, 09:25   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قول شيخ الإسلام.
وَقَوْلـه سُبْحَانَهُ: (هُوَالأَوَّلُ وَالآخِرُوَالظَّاهِرُوَالْبَاطِنُ وَهُوَبِكُلِّ شَيْءٍعَلِيمٌ )

/ش/ قوله: (هُوَالأَوَّلُ)؛ الجملة هنا جاءت معرفة الطرفين؛ فهي تفيد اختصاصه سبحانه بهذه الأسماء الأربعة ومعانيها على ما يليق بجلاله وعظمته، فلا يُثْبَت لغيره من ذلك شيء.
وقد اضطربت عبارات المتكلِّمين في تفسير هذه الأسماء، ولا داعي لهذه التفسيرات بعدما ورد تفسيرها عن المعصوم صلوات الله وسلامه عليه،


فقد روى مسلم في ((صحيحه)) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا أوى إلى فراشه:
((اللهمَّ ربَّ السماواتِ السبع، وربَّ الأرضِ، ربَّ كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن؛ أعوذ بك من شر كل ذي شرٍّ أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقضِ عني الدين وأغْنِني من الفقر))
فهذا تفسير واضحٌ جامعٌ يدلُّ على كمال عظمته سبحانه، وأنه محيطٌ بالأشياء من كل وجه.
فالأول والآخر: بيان لإحاطته الزمانية.
والظاهر والباطن: بيان لإحاطته المكانية.
كما أن اسمه الظاهر يدل على أنه العالي فوق جميع خلقه، فلا شيء منها فوقه.
فمدار هذه الأسماء الأربعة على الإحاطة، فأحاطت أوَّليَّتُهُ وآخريَّتُهُ بالأوائل والأواخر، وأحاطت ظاهريَّتُه وباطنيَّتُهُ بكل ظاهرٍ وباطنٍ.
فاسمه الأول: دالٌّ على قِدَمِهِ وأزليَّتِهِ.
-واسمه الآخر: دالٌّ على بقائِهِ وأبديَّتِه.
واسمه الظاهر: دالٌّ على علوِّه وعظمته.
واسمه الباطن: دالٌّ على قربِه ومعيَّتِه.
ثم خُتِمَت الآية بما يفيد إحاطة علمه بكل شيء من الأمور الماضية والحاضرة والمستقبلة، ومن العالم العُلوي والسُّفلي، ومن الواجبات والجائزات والمستحيلات ، فلا يغيب عن علمه مثقال ذرَّة في الأرض ولا في السماء.
فالآية كلها [فى شأن إحاطة الرب سبحانه بجميع خلقه من كل وجه، وأن العوالم كلها في قبضة يده؛ كخردلة في يد العبد، لا يفوته منها شيء، وإنما أتى بين هذه الصفات بالواو مع أنها جارية على موصوف واحد؛ لزيادة التقرير والتأكيد؛ لأن الواو تقتضي تحقيق الوصف المتقدم وتقريره، وَحَسُنَ ذلك لمجيئها بين أوصاف متقابلة قد يسبق إلى الوهم استبعاد الاتصال بها جميعًا؛ فإن الأولية تنافي الآخرية في الظاهر، وكذلك الظاهرية والباطنية، فاندفع توهُّم الإنكار بذلك التأكيد.

(وَقَوْله سُبْحَانَهُ: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لايَمُوتُ )


/ش/ قوله: (وَتَوَكَّلْ )إلخ؛ هذه الجملة من الآيات ساقها المؤلف لإثبات بعض الأسماء والصفات.


فالآية الأولى فيها إثبات اسمه الحيِّ، كما تضمَّنت سلب الموت الذي هو ضد الحياة عنه، وقد قدَّمنا أنه سبحانه حيٌّ بحياة هي صفة لـه لازمة لذاته، فلا يعرض لها موت ولا زوال أصلاً، وأن حياته أكمل حياة وأتمها، فيستلزم ثبوتُها لـه ثبوتَ كلِّ كمال يضادُّ نفيُه كمالَ الحياة.
وأما الآيات الباقية؛ ففيها إثبات صفة العلم وما اشتُقَّ منها؛ ككونه عليمًا، ويعلم وأحاط بكل شيءٍ علمًا… إلخ.

يتبع












قديم 2008-11-01, 10:58   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
elouldja
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك اخي










 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:26

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc