من منحة الجنوب إلى محنة النقابات

[العابدالكنتي]

أن تحتفل المركزية النقابية باليوم العالمي للشغل بولاية معسكر , هاته الولاية التي شهدت حادثة مؤسفة جدا ألا وهي انتحار مديرها للتنظيم في مكتبه, في حادثة تعد الاول من نوعها على مستوى الوطن , والتي شدت أنظار اليها الرأي العام الجزائري لعدة أيام , ولازالنا نترقب نتيجة التحقيق فيها؟ , وقبل ذلك يصاب رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بوعكة صحية ينقل على اثرها خارج الوطن للعلاج . وهو ما منعه من حضور احتفالات عيد الشغل العالمي والاعلان عن بعض القرارات التي قيل بانها هامة, ومرض الرئيس هو ما منع الوزير الاول عبد المالك سلال من المشاركة في هذا الاحتفال , الذي كنا نمني النفس بأن يكون حاسما ومفصليا؟ فغاب الرئيس وغاب وزيره الاول وناب عنهما وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي؟ هذا قدر محتوم ..
لكن الاقدار لا تتوقف هنا, بل يتواصل المسلسل الدرامي , فيغيب الامين العام للمركزية النقابية عبد المجيد سيدي السعيد , بسبب أيضا وعكة صحية ألمت به في آخر لحظة , فغاب عن اجتماع ورقلة بتاريخ 28 أفريل 2013 , الذي ضم الامناء الولائيين لولايات الجنوب , وغاب أيضا لاول مرة منذ توليه المنصب خلفا للمرحوم الشهيد عبد الحق بن حمودة عن احتفال عيد العمال في الفاتح ماي 2013 بمعسكر.فتأجل الحسم المبين أو هكذا أعتقدنا؟؟؟
وجاء الحفل البهيج وحضر من حضر وغاب من غاب بسبب أو لاخر , وتكلم من تكلم , ووقفنا أمام الشاشات مشدودين , منتظرين الاعلان الهام والخبر اليقين....
تكلم الوزير الطيب لوح , بلغة عربية سليمة رتيبة , وتحدث عن المتقاعدين وأشاد بالانجازات ووعد بالمزيد وأخيرا قال الوزير العتيد ما أحببنا سماعه من كلام رصين , فمما قال عن الجنوب ومنحته ومحنته: بأن الحكومة وافقت, بل قبلت بتحيين منحة الجنوب واحتسابها على الاجر القاعدي لسنة 2008 , وان الامور في طريق التسوية وما بقي الا الصياغة التقنية للمرسوم وقد شرعت اللجنة التقنية المشكلة لذات الغرض في العمل.
فهل زالت محنة الجنوب وانمحت , وهنا يحق لنا التساؤل:هل سيرى النور مرسوم منحة الجنوب غدا؟ أم أن احلامنا مؤجلة الى أن يشفى المريض ويعود الغائب سالما معافى؟
لكن السؤال الاهم: ماذا بقي للنقابات لتفعله أو لتناضل لاجله في الصحراء؟
اما حان الوقت لها لتخوض المعركة الكبرى معركة القانون الاساسي؟
اذا كان حديث الوزير حديث ذو شجون , وهو اول اعتراف رسمي صريح واقرار حكومي بتحيين منحة المنطقة واحتسابها على الاجر القاعدي الجديد, أليس هذا ما كانت تريده النقابات؟
نعم هو اعلان رسمي , لكنه ملغم فهو اعلان تطميني للعمال وتشفي في النقابات والفرق واضح , هو اقرار حكومي بأحقية مطالب النقابات المستقلة ومشروعيتها , لكنه اقرار موجه لعمال جنوب البلاد وليس للنقابات التي تخوض معركة الجنوب.
بمعنى أن الحكومة تجاهلت تماما النقابات المستقلة وتجاهلت اضرابها عمدا وقصدا , واعتبرتها لاحدث رغم الضجيج والجعجعة لكنها بلا طحين , ومن جهة اخرى استجابات الحكومة لمطالب العمال التي رفعتها النقابات , لكن دون ان ترد رسميا على النقابات بمحاضر رسمية او يكون التصريح بحضرتها او في وجودها , وحتى تصريح وزير التربية سابقا كان بعيدا عن النقابات وبوجود الاساتذة في أدرار, وهو امعان في قهر النقابات واحراجها , وقد تأكدت الحكومة بان الاضراب الذي تقوم به النقابات وقد دخل اسبوعه الرابع هو فعلا " اضراب عبثي " لانها تملك العدد الحقيقي للمضربين ونسبة الاضراب الواقعية المستمدة من الميدان لا عبر التقديرات الجزافية , لذا فان النقابات المستقلة صارت بين أمرين أحلاهما مر:
- اما تعلق وتجمد الاضراب المفتوح على مضض الى اشعار آخر , وتكتفي بنصف انتصار , وتعتبر تصريح وزير العمل بمعسكر اعتراف كاف لها.
- أو تبدأ وتراهن على الاضراب المفتوح , وهي تعلم فشله مسبقا لعدة اعتبارت ابرزها قرب نهاية الموسم الدراسي عمليا بعد أسبوع ( 12 ماي 2013 بداية الباكلوريا التجريبية) , وتململ الاساتذة , واعلان وزير العمل , اضافة الى ان هناك معلومات تفيد بان المرسوم المتعلق بمنحة الجنوب على طاولة الوزير الاول وسيتم التوقيع عليه خلال الايام القليلة القادمة ان لم يكن خلال اليومين القادمين حسب بعض المصادر النقابية.
اذا كل المعطيات توحي بان النقابات المستقلة تتوجه في هاته المرحلة الى تجميد الاضراب المفتوح مؤقتا الى غاية أن تتوضح الصورة وتتبين الخيط الابيض من الاسود , كما أن اجتماع النقابات بوزير التربية خلال هذا الاسبوع قد يأتي بما تشتهي سفن النقابات وكفى الله المؤمنين شر القتال.