بوابة الجحيم - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الثّقافة والأدب > خيمة الأدب والأُدباء

خيمة الأدب والأُدباء مجالس أدبيّة خاصّة بجواهر اللّغة العربيّة قديما وحديثا / مساحة للاستمتاع الأدبيّ.

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

بوابة الجحيم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-04-08, 14:09   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
روان علي شريف
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية روان علي شريف
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي بوابة الجحيم

(( ليس كل الرجال خونة.. ولا الخيانة حتما امرأة.))

أستيقظ غريب من نومه مفزوعا والعرق البارد يتصبب من جبينه كالمحموم الذي أصيب بنزلة برد ، تلازمه الرجفة وكأنه ورقة خريف في نهاية العمر تعبث بها الريح. ضغط على زر المصباح المتواجد على يمينه فعم النور الغرفة وانجلى الظلام ومعه الوحشة ،
نظر إلى رفيقة لياليه الجليدية المعلقة على الجدار عقاربها تشير الى الثالثة صباحا ، لم يمر على غفوته الا الشيء القليل ، ساعة لا أكثر. التفت صوب قرينته نجاة ّ، رآها غارقة في نوم عميق منذ ساعات. ابتلع ريقه وتمتم ّ اللهم اجعله خيرا ّ ، نفث عن يسراه ثلاثا وتعوذ بالله من شر هذا الكابوس المزعج ومن شر الشيطان الرجيم .
هرول نحوالمطبخ فاصطدمت رجلاه بدمية ملقاة على الأرض، صب نهرا من القهوة في فنجان يتسع لهمومه وأشعل سيجارة حرائقه وراح يتلذذ بها بعصبية ، هي الوحيدة التي تقاسمه همومه وسواد لياليه الرتيبة ، تحترق معه ومن أجله ، تموت بين شفتيه ثم تنبعث وستضل على حالها إلى أن ينبلج الصبح وتشرق الشمس.
جلس على الكرسي وراح يلملم شظايا حلمه المزعج ، قد رأى فيما يرى النائم صديقته ّمنارّ تغرق في البحر ومن بين الأمواج المتلاطمة ظهر طيفا يدعى ّايروسّ يصرخ بكل قواه طالبا النجدة ويردد :ّ النجدة..النجدة..أفروديت تغرق.. ّ وفي لمحة بصر هب غريب لتلبية النداء، وفي محاولة منه لنجدتها كاد أن يغرق .اهتز جسده ، أفاق من نومه فوجد نفسه في فراشه.
انه جد قلق لأنه يعلم بأن رؤية المؤمن جزء من أربعين جزءا من النبوءة ، لذا بدا منزعجا ومتشائما من الأيام المقبلة وما تخفيه في طياتها من مجهول ، هذا المجهول الذي غالبا ما نسميه قدرا ولا نعترف به كنتيجة لأخطاء قد نقوم بارتكابها في حق أنفسنا أوفي حق الآخرين ، هذا المجهول الذي أحيانا مانكون نحن صانعيه ونسميه قدرا قد يكون الطريق المأساوي المؤدي للجحيم كان غريب أول من حدا عن الطريق السوي حين مشى وراء عواطفه واعتقد أن الهروب نحو الأمام يمكن أن يغير من لياليه الحالكات .كان يعتقد أن ّ منارّ رماها القدر قي طريقه كواحة يلتجئ اليها كلما اعترضته العواصف، راح يتقرب إليها حتى كسب مودتها ونشأت بينهما صداقة قوية صداقة بين رجل وامرأة كليهما يبحث عن حلقته المفقودة ، رجل يبحث عن امرأة يهرب إليها من الحقيقة لتنسيه هموم الدنيا ويجد ذاته فيها وامرأة تبحث عن رجل قد ترتمي في أحضانه حين يشعرها بالأمان وبقيمتها كامرأة . ظلت تحاصره ويحاصرها كما يحاصر المتوسط مدينتهما حتى استردا ثقتهما المفقودة وبهذا يكونا قد وضاعا الدعائم الأولي لمدينتهما الفاضلة التي كانا يحلما بها ولكل منهما نظرته الخاصة فيها دون أن يطلع الطرف الأخر عليها.
ومرت الأيام في تسلسل مثير الا أن أحس غريب بقوة عجيبة تدفعه دفعا تحو منار لم يجد لها تفسيرا سوى أنها ساحرة كالبحر ، شقراء ذات عيون زيتية ، هادئة الطباع ، حزينة وجذابة ، تحب الورود ولحظات الغروب.
ذات يوم أهدت له قلما وقالت مازحة: (( أكون سعيدة لو تتقبل هديتي المتواضعة ...))
كانت هدية مسمومة ، رسالة مشفرة لن يفك طلاسمها الا المحبين. تقبلها بانقباض وراح يناجي نفسه في صمت: ((ألا تعلمين بأن الأقلام رسائل حساسة ودعوة إلى اتخاذ القرارات الحاسمة ؟ ، أحقا انك تدركين حديث الأشياء وتودين إشعاري بخطورة الموقف أم ماذا ... ! ! ؟))
من يومها أحس غريب بتصدع مدينتهما التي كانا يهربا إليها من الواقع . انقطعت منار عن مواعيدها المعتادة وضل المكان مزارا له لوحده إلى أن التقيا ذات يوم دون سابق انذار.
.. جاء إلى الشاطئ وجلس بالقرب منه ، وجاءت بعده وجلست قربه وظلا على حالهما إلى أن مزقت السكون.
قالت : انه يوم حار.
قال : انه شهر أغسطس .
قالت : النباتات تحب الماء.
قال : الماء نسغ الحياة.
وأحس برغبة ملحة لمتابعة الحوار وأردف يقول :
أنا أحب الورود لأنها مثلها مثل الانسان ، تحتاج للرعاية منذ أن تكون نبتة صغيرة..وعندما تمد جذورها في الأعماق..
قاطعته وقالت : العروق الخضراء.. مثل الأطفال ..انها مشاريع للمستقبل ، ألا تشاطرني الرأي ؟.
لحظتها تيقن غريب من مقصدها ، انه طموح كل امرأة ذكية وعاشقة تبحث عن شرعيتها دون أن تسقط في مخالب الرذيلة أو تنزلق نحو الخطيئة. لم يرد عليها بل راح يتذكر مشهد ابنته الوحيدة وهي تحتفل بعيد ميلادها السابع، أثناء تقطيعها التورتة قالت بشقاوة : ((لا..القطعة الأولي لبابا أما الثانية فهي لماما..)) ثم واصلت حديثها بتهكم الكبار : (( لا تغضبي يا ما ما إني أحبكم جميعا ستكون أول قطعة لك في عيد ميلادي الثامن فما عليك الا الانتظار..)) وراحت تعانقهما وتقبلهما في حنان فياض حتى أحسا بأنهما أسعد زوج في الكون ونسيا خلافاتهما ، في هذه اللحظات هبط غريب من غيمته وحط على أسلاك الواقع كنورس أضناه التحليق فأوجد نفسه بين نارين وأحس بأن المجهول يحاصره واللحظة مواتية للتخلص منه للأبد ، وان أوجبت التضحية لا بد له أن يضحي...
ا ستنتج بأنه أحيانا تبدأ مأساة الانسان بكلمة طائشة أو قرار خاطئ في لحظة غضب ولا شعور ، تبدأ من لا شئ من تفاهات طرف ما حتى يحس الطرف الأخر بالإهانة فتبدأ الهوة تتسع شيئا فشيا وتتصاعد كالدخان إلى أن تحتل مكانها عاليا بين النجوم ويبقى الانسان عاجزا عن حصرها إلى أن يتعطل عقله عن التفكير ويستوي الخطأ بالصواب و من جملة الأخطاء حين لا يعترف الرجل بجنونه لقرينته ويعترف لأخرى بحبه الجنوني معتقدا أن السعادة امرأة جميلة أخرى يفتح بابها على النعيم دون أن يعلم بتصرفه هذا قد يفتح لنفسه بوابة الجحيم وما ّ منارّ ما هي الا مدخلا للنار، لو أجابها بصدق عما يشعر به تجاهها لتعقدت الأمور، ، عمل كل ما بوسعه لكي يبدو متماسكا ورد عليها بهدوء وبرودة أعصاب:
- لنبقى أصدقاء وباسم الاختلاف تستمر الحياة ، بالمناسبة عائشة تبلغ لك السلام.
- انك لم تجيب عن سؤالي بصراحة.
- بصراحة …بصراحة يا ّمنارّ أنت لا تختلفين عن الذين لا يؤمنون بصداقة الجنسين أنك تطلبين المستحيل .. ،لا زلت شابة والمستقبل أمامك.
- عندما أفقد اسمي في ذاكرة من أحب فلن أحاول البحث عن البديل لأن قوتي تكمن في انكساري وفي صمتي انهياري .أنتم الرجال سواسية..لن تراني منذ اليوم..الوداع..الوداع.
أحمر وجهها وراحت تعدو والدموع تنهمر من عينيها دون أن تلتفت ورائها، أحس غريب بالندم الممزوج بالشفقة لكنه أيقن بأنه أفلت من المجهول الذي كان يطارده، لم يسقط في معركة الحياة بل سقطت عواطفه دفاعا عن وطنه الصغير وتغلب العقل على القلب والوقت كفيل بتضميد الجراح .
مر أسبوع كامل على اختفاء منار دون أن يعرف لها أحدا عن أثر حتى جاء اليوم الذي فتح فيه كالمعتاد جريدته وإذ به يعثر على صورة لوجه ليس بغريب عليه وقد كتب تحته في ركن الحوادث ( لقد عثر على فتاة في سن السابعة والعشرون من عمرها جثة هامدة على طريق الطنف المؤدي للميناء وحسب شهود عيان لقد رمت بنفسها من فوق جسر الحياة وفي انتظار التحقيق القضائي حول ملابسات القضية تبقى الأسباب مجهولة)).
ثم قال وكأنه يخاطب شخصا بذاته ((أيها المجهول..لو كنا نعلم..)) وضل يتأمل في صورتها وكأنه يكلمها قال مناجيا نفسه : (( ها هو برهان الجزء من الأربعين جزءا من النبوءة قد تحقق ، لكن هل لي دخل فيما أقدمت عليه؟ أم انه قدرك ؟ وانتحارك .. أكان قضاء وقدر أم أنا المتسبب فيه؟))
وبينما هو على حاله إذ بعائشة تقف فوق رأسه دون أن يشعر بها ، فتنتشله من غفوته بسؤالها :
- بابا..بابا..أليست هذه صورة طاطا منار ؟
نعم يا عزيزتي انها طاطاك منار.
هل أصبحت من المشاهير؟ ولماذا تبدو عيناها مغلقتان ؟
- لأنها لم ترد أن ترى الحقيقة المجردة بعينين مفتوحتين.
وفي محاولة منه للتهرب من أسئلة أخرى قد تحرجه ضمها لصدره هاتفا في أذنها :
بلغي ما ما نجاة بأننا سنزور معا هذا المساء منتزه ّ جنة الأحلام ّ الذي لم نزره منذ مدة.

وقع في مدينة ساحلية صيف 1999








 


رد مع اقتباس
قديم 2009-04-09, 01:05   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
milta
عضو محترف
 
الصورة الرمزية milta
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نتمنى لك المزيد أخي و دمت للمنتدى جزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2009-04-11, 09:40   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
روان علي شريف
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية روان علي شريف
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة milta مشاهدة المشاركة
نتمنى لك المزيد أخي و دمت للمنتدى جزاك الله خيرا
شكرا على مرورك سيدي.
تقبل مودتي.









رد مع اقتباس
قديم 2009-04-29, 22:51   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
kada70
عضو مبـدع
 
إحصائية العضو










Hourse

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة روان علي شريف مشاهدة المشاركة

(( ليس كل الرجال خونة.. ولا الخيانة حتما امرأة.))

أستيقظ غريب من نومه مفزوعا والعرق البارد يتصبب من جبينه كالمحموم الذي أصيب بنزلة برد ، تلازمه الرجفة وكأنه ورقة خريف في نهاية العمر تعبث بها الريح. ضغط على زر المصباح المتواجد على يمينه فعم النور الغرفة وانجلى الظلام ومعه الوحشة ،
نظر إلى رفيقة لياليه الجليدية المعلقة على الجدار عقاربها تشير الى الثالثة صباحا ، لم يمر على غفوته الا الشيء القليل ، ساعة لا أكثر. التفت صوب قرينته نجاة ّ، رآها غارقة في نوم عميق منذ ساعات. ابتلع ريقه وتمتم ّ اللهم اجعله خيرا ّ ، نفث عن يسراه ثلاثا وتعوذ بالله من شر هذا الكابوس المزعج ومن شر الشيطان الرجيم .
هرول نحوالمطبخ فاصطدمت رجلاه بدمية ملقاة على الأرض، صب نهرا من القهوة في فنجان يتسع لهمومه وأشعل سيجارة حرائقه وراح يتلذذ بها بعصبية ، هي الوحيدة التي تقاسمه همومه وسواد لياليه الرتيبة ، تحترق معه ومن أجله ، تموت بين شفتيه ثم تنبعث وستضل على حالها إلى أن ينبلج الصبح وتشرق الشمس.
جلس على الكرسي وراح يلملم شظايا حلمه المزعج ، قد رأى فيما يرى النائم صديقته ّمنارّ تغرق في البحر ومن بين الأمواج المتلاطمة ظهر طيفا يدعى ّايروسّ يصرخ بكل قواه طالبا النجدة ويردد :ّ النجدة..النجدة..أفروديت تغرق.. ّ وفي لمحة بصر هب غريب لتلبية النداء، وفي محاولة منه لنجدتها كاد أن يغرق .اهتز جسده ، أفاق من نومه فوجد نفسه في فراشه.
انه جد قلق لأنه يعلم بأن رؤية المؤمن جزء من أربعين جزءا من النبوءة ، لذا بدا منزعجا ومتشائما من الأيام المقبلة وما تخفيه في طياتها من مجهول ، هذا المجهول الذي غالبا ما نسميه قدرا ولا نعترف به كنتيجة لأخطاء قد نقوم بارتكابها في حق أنفسنا أوفي حق الآخرين ، هذا المجهول الذي أحيانا مانكون نحن صانعيه ونسميه قدرا قد يكون الطريق المأساوي المؤدي للجحيم كان غريب أول من حدا عن الطريق السوي حين مشى وراء عواطفه واعتقد أن الهروب نحو الأمام يمكن أن يغير من لياليه الحالكات .كان يعتقد أن ّ منارّ رماها القدر قي طريقه كواحة يلتجئ اليها كلما اعترضته العواصف، راح يتقرب إليها حتى كسب مودتها ونشأت بينهما صداقة قوية صداقة بين رجل وامرأة كليهما يبحث عن حلقته المفقودة ، رجل يبحث عن امرأة يهرب إليها من الحقيقة لتنسيه هموم الدنيا ويجد ذاته فيها وامرأة تبحث عن رجل قد ترتمي في أحضانه حين يشعرها بالأمان وبقيمتها كامرأة . ظلت تحاصره ويحاصرها كما يحاصر المتوسط مدينتهما حتى استردا ثقتهما المفقودة وبهذا يكونا قد وضاعا الدعائم الأولي لمدينتهما الفاضلة التي كانا يحلما بها ولكل منهما نظرته الخاصة فيها دون أن يطلع الطرف الأخر عليها.
ومرت الأيام في تسلسل مثير الا أن أحس غريب بقوة عجيبة تدفعه دفعا تحو منار لم يجد لها تفسيرا سوى أنها ساحرة كالبحر ، شقراء ذات عيون زيتية ، هادئة الطباع ، حزينة وجذابة ، تحب الورود ولحظات الغروب.
ذات يوم أهدت له قلما وقالت مازحة: (( أكون سعيدة لو تتقبل هديتي المتواضعة ...))
كانت هدية مسمومة ، رسالة مشفرة لن يفك طلاسمها الا المحبين. تقبلها بانقباض وراح يناجي نفسه في صمت: ((ألا تعلمين بأن الأقلام رسائل حساسة ودعوة إلى اتخاذ القرارات الحاسمة ؟ ، أحقا انك تدركين حديث الأشياء وتودين إشعاري بخطورة الموقف أم ماذا ... ! ! ؟))
من يومها أحس غريب بتصدع مدينتهما التي كانا يهربا إليها من الواقع . انقطعت منار عن مواعيدها المعتادة وضل المكان مزارا له لوحده إلى أن التقيا ذات يوم دون سابق انذار.
.. جاء إلى الشاطئ وجلس بالقرب منه ، وجاءت بعده وجلست قربه وظلا على حالهما إلى أن مزقت السكون.
قالت : انه يوم حار.
قال : انه شهر أغسطس .
قالت : النباتات تحب الماء.
قال : الماء نسغ الحياة.
وأحس برغبة ملحة لمتابعة الحوار وأردف يقول :
أنا أحب الورود لأنها مثلها مثل الانسان ، تحتاج للرعاية منذ أن تكون نبتة صغيرة..وعندما تمد جذورها في الأعماق..
قاطعته وقالت : العروق الخضراء.. مثل الأطفال ..انها مشاريع للمستقبل ، ألا تشاطرني الرأي ؟.
لحظتها تيقن غريب من مقصدها ، انه طموح كل امرأة ذكية وعاشقة تبحث عن شرعيتها دون أن تسقط في مخالب الرذيلة أو تنزلق نحو الخطيئة. لم يرد عليها بل راح يتذكر مشهد ابنته الوحيدة وهي تحتفل بعيد ميلادها السابع، أثناء تقطيعها التورتة قالت بشقاوة : ((لا..القطعة الأولي لبابا أما الثانية فهي لماما..)) ثم واصلت حديثها بتهكم الكبار : (( لا تغضبي يا ما ما إني أحبكم جميعا ستكون أول قطعة لك في عيد ميلادي الثامن فما عليك الا الانتظار..)) وراحت تعانقهما وتقبلهما في حنان فياض حتى أحسا بأنهما أسعد زوج في الكون ونسيا خلافاتهما ، في هذه اللحظات هبط غريب من غيمته وحط على أسلاك الواقع كنورس أضناه التحليق فأوجد نفسه بين نارين وأحس بأن المجهول يحاصره واللحظة مواتية للتخلص منه للأبد ، وان أوجبت التضحية لا بد له أن يضحي...
ا ستنتج بأنه أحيانا تبدأ مأساة الانسان بكلمة طائشة أو قرار خاطئ في لحظة غضب ولا شعور ، تبدأ من لا شئ من تفاهات طرف ما حتى يحس الطرف الأخر بالإهانة فتبدأ الهوة تتسع شيئا فشيا وتتصاعد كالدخان إلى أن تحتل مكانها عاليا بين النجوم ويبقى الانسان عاجزا عن حصرها إلى أن يتعطل عقله عن التفكير ويستوي الخطأ بالصواب و من جملة الأخطاء حين لا يعترف الرجل بجنونه لقرينته ويعترف لأخرى بحبه الجنوني معتقدا أن السعادة امرأة جميلة أخرى يفتح بابها على النعيم دون أن يعلم بتصرفه هذا قد يفتح لنفسه بوابة الجحيم وما ّ منارّ ما هي الا مدخلا للنار، لو أجابها بصدق عما يشعر به تجاهها لتعقدت الأمور، ، عمل كل ما بوسعه لكي يبدو متماسكا ورد عليها بهدوء وبرودة أعصاب:
- لنبقى أصدقاء وباسم الاختلاف تستمر الحياة ، بالمناسبة عائشة تبلغ لك السلام.
- انك لم تجيب عن سؤالي بصراحة.
- بصراحة …بصراحة يا ّمنارّ أنت لا تختلفين عن الذين لا يؤمنون بصداقة الجنسين أنك تطلبين المستحيل .. ،لا زلت شابة والمستقبل أمامك.
- عندما أفقد اسمي في ذاكرة من أحب فلن أحاول البحث عن البديل لأن قوتي تكمن في انكساري وفي صمتي انهياري .أنتم الرجال سواسية..لن تراني منذ اليوم..الوداع..الوداع.
أحمر وجهها وراحت تعدو والدموع تنهمر من عينيها دون أن تلتفت ورائها، أحس غريب بالندم الممزوج بالشفقة لكنه أيقن بأنه أفلت من المجهول الذي كان يطارده، لم يسقط في معركة الحياة بل سقطت عواطفه دفاعا عن وطنه الصغير وتغلب العقل على القلب والوقت كفيل بتضميد الجراح .
مر أسبوع كامل على اختفاء منار دون أن يعرف لها أحدا عن أثر حتى جاء اليوم الذي فتح فيه كالمعتاد جريدته وإذ به يعثر على صورة لوجه ليس بغريب عليه وقد كتب تحته في ركن الحوادث ( لقد عثر على فتاة في سن السابعة والعشرون من عمرها جثة هامدة على طريق الطنف المؤدي للميناء وحسب شهود عيان لقد رمت بنفسها من فوق جسر الحياة وفي انتظار التحقيق القضائي حول ملابسات القضية تبقى الأسباب مجهولة)).
ثم قال وكأنه يخاطب شخصا بذاته ((أيها المجهول..لو كنا نعلم..)) وضل يتأمل في صورتها وكأنه يكلمها قال مناجيا نفسه : (( ها هو برهان الجزء من الأربعين جزءا من النبوءة قد تحقق ، لكن هل لي دخل فيما أقدمت عليه؟ أم انه قدرك ؟ وانتحارك .. أكان قضاء وقدر أم أنا المتسبب فيه؟))
وبينما هو على حاله إذ بعائشة تقف فوق رأسه دون أن يشعر بها ، فتنتشله من غفوته بسؤالها :
- بابا..بابا..أليست هذه صورة طاطا منار ؟
نعم يا عزيزتي انها طاطاك منار.
هل أصبحت من المشاهير؟ ولماذا تبدو عيناها مغلقتان ؟
- لأنها لم ترد أن ترى الحقيقة المجردة بعينين مفتوحتين.
وفي محاولة منه للتهرب من أسئلة أخرى قد تحرجه ضمها لصدره هاتفا في أذنها :
بلغي ما ما نجاة بأننا سنزور معا هذا المساء منتزه ّ جنة الأحلام ّ الذي لم نزره منذ مدة.


وقع في مدينة ساحلية صيف 1999
جميل قصك أيها الصديق روان
لغتك تختال باللون الوردي ساعة الآلم
لتصنع لوحة للحلم في أحضان الشمس
والبحر
بطلك يحمل وجهان وجه العاشق الذي يحلم
بالوردي ساعة المغيب
ووجه الرجل الذي تشده حكمة العقل ساعة انفلات العقال
ولأنك انتصرت للحكمة رغم الريح
رغم المآساة التي جرها القرار
فإنك
جعلت بطلك يعيش لحظة تأزم مند البداية
لحظة طارده الكابوس
كابوس النبوءة التي ربما إذا ما دققنا في تفاصيلها
لوجدناها رؤية
لمصير امرأة لمت قلبها لرجل قد يكون مستحيل امتلاكه
لأنه مملوك لمصير الرابطة الاسرية التي
تكون عروتها الوثقى هي الطفلة الصغيرة
ولأن
البطل اختار الثمن الباهض الذي
في الحقيقة لم يكن هو من دفعه بل دفعته حبيبته باقدامها على الانتحار عبر طنف وهران
فإن البطل حسب اعتقادي
يتحمل نصيبا كبيرا
من المسؤولية في دفع البطلة للانتحار وهو وضع يفسر
انتصار الجانب الاخلاقي
والجانب الذكوري في مجتمع
يعترف بالاخلاق ساعة المأساة فقط
على الجانب
الذي يبدو غير أخلاقيا في عرف المجتمع
ولأننا دائما نحمل المرأة وندفعها جهة الهوامش و الجسور
فإن عودة البطل لحياته العادية وخروجه من نفق تلك العلاقة الكابوسية دون أن يفقد شيء
لهو انتصار لذكورة التي تحمل المرأة مسؤولية
انهيار أسرة أو مجتمع
او انهيارها هي على حساب بقاء هذه المؤسسات التي تكون المجتمع
لهذا صديقي القاص شكرا على فتحك بهذه القصة لمسألة مهمة ربما لا يتفطن لها الكثير
وهي لماذا كان مصير البطلة العاشقة مأساوي
ولم يحدث لبطلك شيء سوى أنه
امتعض للحادث وتابع مسيره في الحياة
ربما يكون لك رأي أخر ياسيدي
شكرا كنت سعيدا بالتمتع بالقصة









رد مع اقتباس
قديم 2009-04-29, 23:25   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
عبد الحليم صياد
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية عبد الحليم صياد
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اردت ان اسأل هل روان علي شريف في "بحر الشعر الفصيح " و "منتدى الجلفة" و " منتدى الشروق " هو نفسه فالإسم تردد على ذاكرتي اكثر من مرة ؟

قصة جميلة اخي روان اتمنى لك المزيد من التالق










رد مع اقتباس
قديم 2009-04-30, 08:08   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
روان علي شريف
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية روان علي شريف
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة kada70 مشاهدة المشاركة
جميل قصك أيها الصديق روان



لغتك تختال باللون الوردي ساعة الآلم


لتصنع لوحة للحلم في أحضان الشمس


والبحر


بطلك يحمل وجهان وجه العاشق الذي يحلم


بالوردي ساعة المغيب


ووجه الرجل الذي تشده حكمة العقل ساعة انفلات العقال


ولأنك انتصرت للحكمة رغم الريح


رغم المآساة التي جرها القرار


فإنك


جعلت بطلك يعيش لحظة تأزم مند البداية


لحظة طارده الكابوس


كابوس النبوءة التي ربما إذا ما دققنا في تفاصيلها


لوجدناها رؤية


لمصير امرأة لمت قلبها لرجل قد يكون مستحيل امتلاكه


لأنه مملوك لمصير الرابطة الاسرية التي


تكون عروتها الوثقى هي الطفلة الصغيرة


ولأن


البطل اختار الثمن الباهض الذي


في الحقيقة لم يكن هو من دفعه بل دفعته حبيبته باقدامها على الانتحار عبر طنف وهران


فإن البطل حسب اعتقادي


يتحمل نصيبا كبيرا


من المسؤولية في دفع البطلة للانتحار وهو وضع يفسر


انتصار الجانب الاخلاقي


والجانب الذكوري في مجتمع


يعترف بالاخلاق ساعة المأساة فقط


على الجانب


الذي يبدو غير أخلاقيا في عرف المجتمع


ولأننا دائما نحمل المرأة وندفعها جهة الهوامش و الجسور


فإن عودة البطل لحياته العادية وخروجه من نفق تلك العلاقة الكابوسية دون أن يفقد شيء


لهو انتصار لذكورة التي تحمل المرأة مسؤولية


انهيار أسرة أو مجتمع


او انهيارها هي على حساب بقاء هذه المؤسسات التي تكون المجتمع


لهذا صديقي القاص شكرا على فتحك بهذه القصة لمسألة مهمة ربما لا يتفطن لها الكثير


وهي لماذا كان مصير البطلة العاشقة مأساوي


ولم يحدث لبطلك شيء سوى أنه


امتعض للحادث وتابع مسيره في الحياة


ربما يكون لك رأي أخر ياسيدي


شكرا كنت سعيدا بالتمتع بالقصة
ماذا يقول قاص كتعقيب عن قراءة انطباعية لقاص متمرس في مستوى الاديب
ضيف الله عبد القادر الحائز على الجائزة الثانية في ملتقى المدينة للقصة سنة 2005 بوهران؟
اقول انك أصبت ايها الصديق في طرحك عالجت في هذه القصة ظاهرة العلاقة خارج الزواج
وهي ظاهرت استفحلت في المجتمعات وأصبحت تهدد الروابط الزوجية وهي السبب في
الماسي التي نسمع عنها يوميا من تشرد الاطفال ،الانحرافات الاخلاقية وما ينجر عنها..
احيانا بل يمكننا القول ان المجتمع دائما يتهم المرأة بانها هي السبب الاول في ذلك لكني
ارى ان للرجل ايضا جزء من المسؤولية في ذلك.
أشكرك على مرورك ايها القاص المتمرس واتمنى ان نحافظ على طريقة معالجتنا للامور
في اطار ثنائية الادب والمجتمع.
لك مودة خالصة.









رد مع اقتباس
قديم 2009-04-30, 08:49   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
روان علي شريف
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية روان علي شريف
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الحليم صياد مشاهدة المشاركة
اردت ان اسأل هل روان علي شريف في "بحر الشعر الفصيح " و "منتدى الجلفة" و " منتدى الشروق " هو نفسه فالإسم تردد على ذاكرتي اكثر من مرة ؟

قصة جميلة اخي روان اتمنى لك المزيد من التالق
لم هذا السؤال يا عبد الحليم؟
نعم انا هو نفس الشخص في شروق،منتدى الجلفة
وفي اكثر من 80 موقع و7 مدونات.
تشكر على السؤال.
تحياتي.









رد مع اقتباس
قديم 2009-05-03, 08:39   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
امير الجود
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية امير الجود
 

 

 
الأوسمة
الفائز في مسابقة أفضل تنسيق للملف الشخصي عضو متميّز 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لك اخي الكريم على هذه القصة التحفة و مزيد من التالق و العطاء ان شاء الله بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2009-05-03, 09:23   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
روان علي شريف
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية روان علي شريف
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امير الجود مشاهدة المشاركة
شكرا لك اخي الكريم على هذه القصة التحفة و مزيد من التالق و العطاء ان شاء الله بارك الله فيك
اشكر مرورك الجميل ايها الامير.
تقبل مودتي.









رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:02

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc