السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذا المقال بجميع شعبه غير منقول، و إنما مصدره علمي الذي في الصدر محمول، و الذي أرجو به من الله القبول.
و بعد:
هذه بعض الفوائد، و المعاني القلائد، و الحكم الفرائد، أضعها بين أيديكم لكل مستفيد، أرجو بها من الله الأجر و الثواب يوم الوعد و الوعيد. فكم يعاب على المرء أن يردد الكلمات، و يكرر العبارات، التي لا يعلم معناها، و لا يفقه شيئا مما تضمنه مبناها، و قد تعبدنا الله سبحانه و تعالى بكلمات قد انطوت على معان عظيمة، و حقائق جسيمة، و أنوار إيمانية، و لطائف ربانية. منها:
سبحان الله، و الحمد لله، و لا أله إلا الله، و الله أكبر، و استغفر الله، و لا حول و لا قوة إلا الله.
فعزمت على تبييض هذه الكلمات، و إخراج هذه العبارات، بعد أن حبستها في صدري، مما أفدته من خلال مطالعتي ((الميتة)) لبعض كتب كبار علمائنا منهم كتب العلامة الإمام فقيه العصر أبو عبد الله محمد بن صالح العثيمين رحمه الله. و قد تعمدت الاختصار، و أعرضت عن الإطناب و الإكثار، و قصدت ذكر الأهم، حتى يسهل الفهم، و أعرضت عن ذكر متعلقات اللغة، حتى تحصل لكل زائر البلغة.
((سبحان الله)) أي تنزيه الله عن كل عيب و نقص في أسمائه و صفاته و أفعاله و أقواله، فالله سبحانه و تعالى منزه عن كل عيب و منزه عن كل نقص، فله سبحانه و تعالى الأسماء الحسنى و الصفات الكاملة العليا التي لا يعتريها نقص بأي وجه من الوجوه لا احتمالا و لا تقديرا.
((الحمد لله)) الحمد هو وصف المحمود بصفات الكمال مع كمال الحب و كمال التعظيم. و صفات الكمال قسمان: لازمة و متعدية أو إحسان و محاسن. و (ال) من الحمد للاستغراق و الشمول. و جماع محامد الله أربعة أمور:
1- حمد متعلق بأسمائه الحسنى.
2- حمد متعلق بصفاته العليا.
3- حمد متعلق بقدره الشرعي الديني.
4- حمد متعلق بقدره الكوني.
و معنى ((سبحان الله و الحمد لله)) أي تنزيه الله عن كل عيب، تنزيها مقرونا بإثبات كل صفات الكمال له سبحانه و تعالى مع كمال الحب و كمال التعظيم.
((لا إله إلا الله)) الإله بمعنى المعبود، و ((الله)) أعرف المعارف علم دال على المعبود بحق جل و علا، دلالة جامعة لجميع معاني الأسماء. و معنى ((لا إله إلا الله)) أي لا معبود حق أو بحق إلا الله.
و هذه هو المعنى الصحيح الحق الذي نطق به كتاب الله و نطقت به سنة رسول الله و أجمع عليه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
و ليس معنى هذه الكلمة (لا موجود إلا الله) كما فسرها أهل وحدة الوجود، و لا معناها (لا معبود في الوجود إلا الله) كما فسرها من لم يعرف حقيقة التوحيد، و ليس معناها ((لا خالق و لا رازق إلا الله)) كما فسرها من لم يفرق بين توحيد الربوبية و توحيد الألوهية. و ليس معناها ((أخراج اليقين الفازد و إدخال اليقين الصحيح و اعتقاد ان الله هو الضار النافع)) كما فسرها من وصوفوا بالصوفية العصرية جماعة الدعوة و التلبيغ.
((الله أكبر)) أكبر اسم تفضيل في بابه، و حذف المفضل عنه ليعم و يشمل كل شيء فالله أكبر في كل شيء من كل شيء، فهو أكبر في ذاته و عظمته و ملكه و سلطانه و جميع أسمائه و صفاته و أفعاله اللازمة و المتعدية.
((استغفر الله)) أي أطلب المغفرة من الله، و أصل المغفرة الستر، و منه المغفر اسم لما يضعه المقاتل فوق رأسه لتستره من الرماح و نحوها. و المغفرة هي ستر الذنوب من التجاوز عنها و محو آثارها. فهي حقيقة مركبة من:
- ستر الذنوب.
- التجاوز عنها، و ذلك أن الله قد يستر الذنب لكن يؤاخذ به يوم الحساب.
- محو آثارها.
((لا حول و لا قوة إلا بالله)) الحول بمعنى التحول و التغير، و القوة وصف يستطيع به الفعل من غير ضعف. [فائدة: و القدرة هي وصف يستطيع به الفعل من غير عجز].
و معنى لا حول و لا قوة إلا بالله أي لا تحول و لا تغير من حال على حال و لا قوة و لا طاقة و لا قدرة لنا على ذلك التغير إلا بالله. فهي كلمة استعانة و توكل محضة.