حتى لا يقتدي الناس بالقبائح
كان فيما مضى ملكٌ يغصبُ الناسَ على أكل لحوم الخنازير، وعلمَ بوجود رجلٍ صالحٍ يقالُ إنه من أفضل أهل زمانه ليغصبه على أكل لحم الخنزير.
وكان صاحب شرطة الملكِ رجلا حليما وحكيما ويعرف للناس فضلهم فأحبَّ أن يُخَلِّصَ الرجل الصالحَ من ويلات انتقام الملك، فقال له: ائتني بخروفٍ نذبحه وهو مما يحلُّ لك أكلُه، فإن الملك إذا دعا بلحم الخنزير أتيتك به فتأكلُ الخروفَ ويظنُّ الملكُ أنك قد أكلت لحم الخنزير.
فلما دعا الملك له بلحم الخنزير أتاه صاحب الشرطة بلحمِ الخروفِ الذي أعدّه له، فلما أمره الملك أن يأكله رفض وأبى.
غمزه صاحبُ الشرطة وهمس في أذنه قائلا: إنه لحم الخروف الذي أعددناه..
فأبى ذلك الرجلُ أن يأكله...
وما كان من الملك – كعادته- إلا أن يأمر صاحب شرطته أن يقتله...
وفي الطريق إلى مكانِ الإعدام قال له: ما منعك أن تأكل؟ وهو اللحمُ الذي يحِلُّ لك أكله، وتطيب نفسك به، وقد عرضتَ نفسك للقتل؟
قال: قد علمت أنه لحمُ خروف، ولكنْ من سيُخبرُ الناسَ أنه لحمُ خروفٍ، والناس كلُّهم ينظرون إلي ويقتدون بفعلي؟
وما هي إلا لحظاتٌ وسيقول الناس: قد أكَلَ الخنزير فلان؛ فلماذا لا نأكلُ؟
وقُتِلَ والناسُ ينظرونَ ويقولون: انظروا إلى هذا الرجل الصالح الذي أبى أن يترك مبدأه، حتى قتل في سبيله.