صبا من شاب مفرقة تصاب-لإبن الرومي

[توفيق09]

سم الشاعر : - ابن الرومي
اسم القصيدة : - صبا من شاب مفرقة تصاب
بحر القصيدة : - البحر الوافر
مناسبة القصيدة :قالها ابن الرومي في رثاء شبابه .

و إنْ طَلَبَ الصِّبا و القلبُ صَابِ

صِبا من شابَ مفْرِقُةُ تصاب

1

و لولا ذاكَ أَعْياكِ اقتضابي

أَعَاذِلَ راضَني لكِ شيبَ رأسي

2

فقد حان اتِّئابُكِ و اتِّئابي

فلومي سامعاً لكِ أَو أَفيقي

3

كما أَغْنَى العُيونَ عنِ ارتقابي

فَقَدْ أَغْناكِ شيبي عَنْ مَلامي

4

على كُرْهٍ و مِنْ داعٍ مُجابِ

كفى بالشّيبِ من ناهٍ مُطَاعٍ

5

مَطِّيةُ باطلي بَعْدَ الهِيابِ

حَطَطْتُ إلى النُّهى رَحْلي و كلَّتْ

6

بهادي المخطئينَ إلى الصوابِ

و قُلْتُ مسلِّماً للشَّيبِ أهلاً

7

بَوَشْكِ ترحُّلي إثْرَ الشَّبابِ

أَلَسْتَ مُبَشِّري في كلِّ يومٍ

8

أَحبَّ إليَّ مِنْ بَرْدِ الشَّرابِ

لقدْ بشّرتني بِلَحاقِ ماضٍ

9

و إنْ أَوْعدْتَ نفسي بالذهابِ

فلَسْتُ مُسَمِّياً بُشْراكَ نَعْياً

10

و صاحِبِ لذتي دونَ الصِّحابِ

و أَنْتَ و إن فتكتَ بِحِبِّ نفسي

11

بحَثِّكَ خلفَهُ عجلاً ركابي

فقدْ أَعْتبتني و أَمَتَّ حِقْدي

12

إذا فَقَدَ الشبابَ سوى عَذابِ

لعمرُكَ ما الحياةُ لكلِّ حيٍّ

13

إذا ولّى بأَسْهُمِها الصِّيابِ

فَقُلْ لِبناتِ دَهري فَلْتُصِبْني

14

أَغَرَّ مُجلْجِلٍ داني الرَّبابِ

سقى عَهْدَ الشَّبيبةِ كلُّ غَيثٍ

15

و لم أَرْغبْ إلى سُقيا سحابِ

لياليَ لم أقلْ سَقْياً لعَهْدٍ

16

إلى بَرَدِ الثنايا و الرُّضاب

يذكّرني الشبابَ صدىً طويلٌ

17

على ابن شبيبةٍ جَوْن الغُرابِ

وَ شُحُّ الغانياتِ عليه إلاّ

18

و لم يَكُ عن هوىً بلْ عن خِلاب

فإن سقَّينني صَرَّدْنَ شُرْبي

19

و صَدُّ الغانياتِ لدى عِتابيى

يذكرني الشبابَ هوانُ عَتْبي

20

يُصبْنَ مقاتلي دونَ الإهاب

يذكرني الشبابَ سهامُ حَتْفٍ

21

طَلوعُ النَّبْلِ منِ خَلَل النِّقاب

رمت قلبي بهنَّ فأَقْصَدَتْه

22

وَ رُحْتُ بلَوْعةٍ مِثْلِ الشِّهاب

فراحتْ و هي في بالٍ رخيٍّ

23

على جَنَباتِ أنهارٍ عِذاب

يذكّرني الشباب جنانُ عَدْن

24

تَهُزُّ مُتونَ أَغْصانٍ رِطاب

تُفَيِّئُ ظِلَّها نفخاتُ ريحٍ

25

بَواكي الطيرِ فِيها بانتحابِ

إذا ماسَتْ ذوائِبُها تداعَت

26

تَرَنَّمُ بَيْنَها زُرْقُ الذُّبابِ

يذكّرني الشبابَ رياضُ حَزْنٍ

27

و قَدْ كَربَتْ تَوارَى بالحِجاب

إذا شَمْسُ الأَصائِلِ عارضَتْها

28

مريضاً مِثْلَ أَلْحاظِ الكَعَابِ

و أَلْقَتْ جُنْحَ مَغْرِبِها شعاعاً

29

نَميرِ الماءِ مطّرِد الحَبابِ

يذكُرني الشبابَ سَراةُ نِهْيٍ

30

تُرقْرِقُه الصَّبا مثل السَّراب

قَرَتْهُ مُزْنَةٌ بكرٌ و أَضْحى

31

كأَنَّ ترابها ذَفِرُ المَلابِ

على حَصْباءَ في أَرضٍ هجانٍ

32

قرأت بها سطوراً من كتاب

لَهُ حُبُكٌ إذا اطّردَتْ عَلَيْهِ

33

و سَجْع حمامةٍ و حنينُ نابِ

يذكّرني الشَّبابَ وَ ميضُ بَرْقٍ

34

و يا حَزَنا إلى يوِمِ الحسابِ

فيا أَسَفا و يا جَزَعا عليه

35

لقد غَفَل المعَزّي عن مُصابي

أَأُفْجَعُ بالشبابِ و لا أُعزّى ؟

36

و لم يُكُ عن قِلَى طُولِ اصطحابِ

تَفَرَّقْنا على كُرهٍ جَميعاً

37

فعادتْ بَعْدَهُ ليد احتطابِ

و كانَتْ أيكتي ليدِ اجتناءٍ

38

من الحَسَناتِ و القِسَم الرِّغابِ

أَيا بُرْدَ الشّبابِ لكنْتَ عندي

39

فبيْنَ بِلىً و بَيْنَ يدِ استلابِ

بليتَ على الزَّمانِ و كلُّ بُرْدٍ

40

و لكنَّ الحوادِثَ لاتُحابي

و عَزَّ عليَّ أن تَبْلى و أَبقى

41

على علمي بفَضْلِكَ في الثّياب

لبِسْتَكَ بُرْهةً لُبْسَ ابتذالٍ

42

لصنْتُكَ في الحريز من العيابِ

وَ لَوْ مُلِّكتُ صَوْنَكَ فاعلمَنْهُ

43

[taha178]

كلّ الشّكر والتّقدير أخي توفيق