دعانا بعض الإخوة إلى الكتابة حول موضوع (صناعة الإرهاب) أو إختراعه من طرف بعض الأنظمة لاتخاذه ذريعة لضرب الجماعات الإسلامية وانهاء وجودها أو تجفيف منابعها وفق سياسة بوش الإبن !؟
1. قذائف الحق : الإسلام لا ينتصر بقوة التدمير وفظاعة الإبادة وإنما ينتصر بصناعة القدوة ونصاعة الحق وبراعة الأداء وقوة الدّمغ إذا تواجهت القذائف في الميدان : ((بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق )) وهذا معناه : -
إن أكبر خطأ يمكن أن يقع فيه الإسلاميون هو استجابتهم لاستفزازات خصومهم والتفكير في حمل السلاح للرد بالمثل، فتتحول جهودهم – وصبرهم وتضحياتهم واحتسابهم – من سعي لنصرة الدين إلى شهوة الانتقام للنفس.
- خطأ الإعتقاد بأن النصر لا يتحقق إلا إذا توازن الرعب في المعسكرين ، فتتحول المعركة من الوجدان إلى الميدان ويصبح حسم النتائج بيد الأمضى سلاحا والأجرأ على الفتك وليس بيد (القدوة) الذي يحمل للناس مشروع إحياء لا مشروع أمانة ... وشتّان بين حامل المسك ونافخ الكير.
- اللعب على عامل الزمن لربح الوقت يجري دائما لصالح حَمَلة المبادئ والقيم لأن جماعات المصالح نفسها قصير ومخططاتها يفضحها التنفيذ في الميدان ، فإذا صمد أصحاب المبادئ على فظاعة الصدمة الأولى ( رابعة والنهضة ...مثلا) وامتصوا صدمة سقوط شهداء أعزاء على قلوبهم وقلوبنا، فإن ما بعد الصدمة الأولى مسألة وقت لذلك يختلف الثمن المدفوع : ((إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون)) .
- السلعة المعروضة من كلا الطرفين لسيت واحدة ، فجماعات المصالح يتترسون بالدبابات والجرافات و ( الكاسكيطا) حرصا على حياتهم ( لم يسقط حتى الآن أي وجه من وجوه الإنقلابيين ) بينما حَمَلة المبادئ والقيم يعرضون حياتهم ثمنا لانتصار مبادئهم: وشأن بين مستثمر في الدنيا ومستثمر في الآخرة ((ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة ))
- وأخيرا، نوعية الذخيرة الحية التي يستخدمها كل طرف .. فذخيرة الانقلابيين بارود وخرطوش وقناصة وجرافات وحالة طوارئ وسجون واعتقالات ومحاكمات واتهامات جزافية و(بلطاجية ) ...الخ ، وهي نفس الذخيرة التي استخدمها فرعون: ((لأُقطعَن أيْديَكُم وأرجُلَكُم من خلاف ..ولأصَلبنّكم في جُذوع النّخل ..)) أما الذخيرة الحية التي يستخدمها أصحاب الشرعية فدعاء وصلاة وتكبير وقيام ودعوات إلى احتجاجات سلمية تكون في (سلميتها أقوى من الرصاص) وهذه هي أُقوى نقاط القوة في صف دعاة السلمية، فلا يوجد شيء يصيب الجلاد بالإحباط مثلما ترد الضحية على لسعات سوطه بكلمة: (أحَد .. أحَد ) فهذه هي الكلمة التي عصفت بعروش طواغيت القرون الأولى ، وهي التي سماها القرآن الكريم قذائف الحق ، وألف فيها الشيخ محمد الغزالي كتابا رائعا يحمل العنوان نفسه.
2. قراءة الفأل : قال الزعيم عمر المختار الليبي الشهيد كلمة تستحق أن تكون تغريدة مواقع التواصل الاجتماعي كلها( من طنجة إلى جكارتا ومن غانا إلى فرغانة) فعندما نهره (غراتزياني) قائد الحملة الإيطالية على ليبيا قائلا: إنكم شرذمة قليلون وهزيمتكم مسألة أيام ، ردّ عليه عمر المختار قائلا: نحن لا ننهزم إما ننتصر وإما أن نستشهد.. وشرح هذه التغريدة بكلمات قليلة مفادها : أن مقاومة الظلم سلسلة متصلة لم تبدأ أولى حلقاتها بعمر المختار ولن تنتهي حلقاتها عنده وقال له : سوف نقاتلكم ثم يقاتلكم أحفادنا وأحفاد أحفادنا .. وسوف ينتهي الأمر إلى هزيمتكم ، لأن هذه الأرض ليست لكم ولا تقبل – هي نفسها – أن تعيشوا على ظهرها !!؟؟
- لست أشبه الانقلابيين بالطليان ، ولست أزعم أن أصحاب الشرعية هم نسخ ملقدة أو أصلية من الشهيد عمر المختار وإنما أردت أن أستدعي التاريخ (الماضي) لأقرأ فأل المستقبل في ثلاث لوحات بدأت تتسارع الأحداث في منطقتنا العربية لتؤسس لميلادها لأن ظروفها تجمعت ولم يبق إلا صبر ساعة يحتاج فيها المطالبون بعودة الشرعية إلى تأكيد سلمية مطلبهم المشروع مهما حاول الصف الآخر استدراجهم إلى المواجهة في مسمى توازن الرعب اللوجيستي.
- الأوراق الرابحة كلها مازالت بأيدي (دعاة الشرعية ) وأذكر من بينها :قوة الفكرة ، مشروعية المطلب ، سلامة الاحتجاج، اتساع رقعة التعاطف، زكاة الدم نيابة عن كل أصحاب الشرعية في العالم العربي والإسلامي، قوة التنظيم ، شجاعة كسر حظر التجوال بصدور عارية، التغطية الشاملة لكل شبر من أرض مصر.. وعلى مستوى الجالية في القارات الخمس.
- الأوراق المحروقة كلها صارت بأيدي الانقلابيين إلى درجة أن أوزانا كانت ثقيلة ومحترمة – قبل الهجوم على رابعة – صارت مادة للسخرية والتنكيت بعد تبرئة (الرمز) الإستبدادي حسني مبارك الذي بسببه قامت الثورة ..فصار بعض الشياطين – كما قال الشيخ الإبراهيمي- يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .. وتحوّل بعض (الشيوخ) إلى جنرالات يباركون سفك الدماء ويتحدثون عن فقه (السواد الأعظم) وصارت محامية مسيحية (ملك نيفين )أشجع وأفصح وأشرف من شيوخ كانوا ذات يوم مراجع لأهل السنة والجماعة ..
- الحياة كرّ وفرّ .. فيوم نُساء ويوم نُسر .. حتى يأتي النصر الموعود ومفهوم النصر عندنا ليس التمكين للأشخاص وإنما انتصار القيم والتمكين للمبادئ، فمن سقطوا في كل الميادين نحتسبهم شهداء عند الله (وهم زكاة مسارنا ومكفرات أخطائنا والقناديل التي نهتدي بنورها في دياجير ظلمات القرن الواحد والعشرين) وعلينا أن ندرك أن الذي جرى في عالمنا الإسلامي هو الدروس التكميلية (الميدانية) التي لم نتعلمها في كتب المنهاج التربوي وعلينا أن نستدركها كمواد أساسية لابد من استعابها لاختبارات قادمة سماها القرآن الكريم الإستئاس : ((حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذبوا جاءهم نصرنا فننجي من نشاء ولا يُرد بأسنا عن القوم المجرمين )) فالنصر يأتي بعد اليأس من النصر !؟
الخـــلاصة : ماهو الحل ؟
هكذا سأل بعض القرّاء .. وجوابي اختصره في (07) خطوات عملية هي :
- أن يستمر دعاة الشرعية في حركتهم السلمية مهما حاول الانقلابيون استفزازهم واستدراجهم إلى جبهات العنف والإرهاب (فيد الجلاد يصيبها الشلل إذا تظاهر الضحية باللامبالاة .. فيسقط السوط )!؟!
- عدم فتح رواق الاحتجاج إلى مطالب جديدة وحصرها في مطلب واحد ( عودة الشرعية ) وترك مهزلة تبرئة الرئيس المتنحي لغيرهم من النشطين السياسيين والحقوقيين .
- تحريك (أو تفعيل وتوسيع) رقعة النضال الالكتروني فهو يأجوج ومأجوج لثورة الاتصال الحديث !؟.
- عدم الاكتراث بما يسقط من شهداء وضحايا ومعتقلين ومحبوسين ( على ذمة التحقيق)فالقضية العادلة ثمنها باهظ ، وكلما تساقط ضحايا جدد ضاقت الدائرة على الانقلابيين وتزايد عدد المنفضين من حولهم (على غرار محمد البرادعي)
- تحاشي الدخول في لعبة الرد على الاعلام المأجور إلا بمقدار ما يوضح الحقائق ويفضح خطط سحرة فرعون إذا رؤوا أن عصا الحق تتلقف ما يأفكون من لعبة التخييل المفضوحة!!
- اعتبار الاحتجاج على مبدا الانقلاب على الشرعية معركة عالمية لا تدخل في فروض الكفايات وإنما هي من صميم فروض الأعيان التي يتعين على كل آدمي حُر أن يقول فيها كلمة حق أمام (سيسي) جائر !؟
- محاصرة الانقلابيين (ومن شايعهم) بوقفات احتجاجية أمام سفارات وقنصليات (مصر في العالم) وسائر البعثات الدبلوماسية في كل أقطار المعمورة للتنديد(الإنقلاب على الشرعية) بهذا الفعل المشين حتى لا يؤكل الثور الأبيض يوم أكل الثور الأسود .
وبعد :
فمن أجل مصر ، أرض الأزهر الشريف ، ومن أجل شعب مصر العظيم لا تتركوا الشرعية تسقط تحت زناجر دبابات الانقلابيين . والله يتولى الصابرين .