السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فجأة انتقلت الكاميرات وأعين المحللين والخبراء والمتابعين، والصيادين في المياه العكرة، نحو غزة الجريحة، واضعين الاقتتال بسوريا، جانبا، وواضعين التدخل العسكري بمالي، في الرّف، وجاعلين من تداعيات "الربيع العربي"، جزءا من الأرشيف والتاريخ، فمن الرابح والخاسر في عودة القصف على غزة التي باعوها بالدولار.. فيا للعار؟
هل العدوان الإرهابي الذي نفذته إسرائيل في حق أطفال ونساء غزة عملية عشوائية.. أم هو تكتيك استراتيجي لتغيير الخطة وقلب الموازين في جهة ما من الخارطة العربية والإسلامية؟
الأكيد أن استئناف القصف الإجرامي على غزة فيه اختبار جديد لبقايا العرب والمسلمين: اختبار للإخوان في مصر واختبار لإيران وتركيا؟ اختبار للأنظمة والحكومات الجديدة المتولدة عن ما سمي بـ"الربيع العربي"، واختبار لحزب الله، واختبار للنظام والمعارضة السورية، وهو كذلك اختبار للمجموعة الدولية التي تدعم "تحرّر" الشعوب من أنظمتها، ولا تساند حركات التحرّر من الاحتلال والاستعمار!
الآن، سيرى العرب والمسلمون ما الذي بإمكان "بدائل" الريّس حسني مبارك فعله بشأن القضية الفلسطينية، وبخصوص التطبيع مع الكيان الصهيوني، وحول السفارة في العمارة، وما الذي سيفعلونه مع المعابر التي لا هي بالمفتوحة ولا بالمغلقة!
الآن، سيرى العرب والمسلمون ما الذي بإمكان "أدعياء" امتلاك السلاح النووي، من الفرس والعجم والعرب، فعله لإسكات غرور وعنجهية إسرائيل، التي تستخدم كلّ أشكال الأسلحة المحرمة في إبادة الفلسطينيين دون رحمة ولا شفقة ولا إنسانية!
الآن، سيرى العرب والمسلمون ما الذي سيفعله عرّابو "الربيع العربي" من الأمريكان والفرنسيس وحلفائهم "العربان"، وكذا صنـّاع الموت من اليهود والإسرائليين، وهل سيتحركون لوقف المجازر والمذابح المرتكبة من طرف حكومة وجيش تل أبيب، وهل سيقبلون ربيعا عربيا وإسلاميا لتحرير القدس؟
الآن، سيطلع العرب والمسلمون على محلّ "التايهوديت" من إعراب المواقف والمبادئ، التي أشبعت الحاضر والغائب، والأحياء والأموات، فلم تجن الأمة العربية والإسلامية، سوى الأناشيد وبيانات الشجب والاستنكار!
الآن، سيكتشف الجزائريون هواة ودعاة وغلاة "قوافل الإغاثة" والقوافل الإنسانية، التي لا تتوجه إلى غزة إلا في "السلم"، أمّا عندما تندلع الحرب والقصف وتتحرك البوارج والطائرات الإسرائيلية، لارتكاب جرائم إرهابية ولا إنسانية في حق الغزاويين، فإن "أصدقاء" القضية الفلسطينية يختبؤون ويختفون، إلى أن تمرّ العاصمة بسلام وتذعن بتجارة جديدة مربحة!
إن مصيبة العرب والمسلمين أن "إسلاميين" في الجزائر وغيرها، أصبحوا يتفننون في البزنسة بالقضية الفلسطينية، والسمسرة في عزة غزة، بل ومنهم من حوّلها إلى سجّل تجاري بحثا عن جمع فوائد ربوية، والعياذ بالله، ومنهم من يستخدمها وقودا لإلهاب نيران الحملات الانتخابية، وتسخين "بندير" الملتقيات والمؤتمرات التي التهمت ومازالت تلتهم الملايير الممليرة باسم دعم فلسطين!
..مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، مثلما قالها "الموسطاش" الراحل هواري بومدين، لا تقيّد ضد مجهول، ولا تكون بـ"البلا بلا"، ولا ببيانات الشجب وفاكسات التأييد المشروط، ولا بالاجتماعات الخائبة للجامعة العربية، ولا بالجولات السياحية والمآدب والمنادب.. وإنما تتمّ بدعم قضية العرب والمسلمين، بالسلاح والمال، وبمحاربة التطبيع والتجويع، وذلك أضعف الإيمان!