السلام عليكم
اختي الكريمة هده معلومات تتعلق برثاء المدن والمماليك
ولقد كثر هدا الغرض في الاندلس
ولقد قمت بتلوين اسماء بعض الشعراء لتوضيحهم لك
ظاهرة رثاء المدن من فنون الشعر التقليدية التي احتذى فيها الأندلسيون المشارقة " فن الرثاء " و لكن شعراء الأندلس لم يقفوا بهذا الفن عند حذ رثاء موتاهم من الملوك و الرؤساء و الأقارب و الأحباب، و إنما تراهم و لأسباب خاصة بهم يتوسعون فيه ، و يطورون مفهومه، و ذلك برثاء مدنهم تلك التي غلبهم عليها أعداؤهم النصارى، و أخرجوهم منها مشردين في أنحاء الأندلس. كانوا يرون هزل ملوكهم و جد أعدائهم، و يرون ديارهم تنتزع منهم مدينة تلو مدينة، و يرون ملكهم الذي أقامه الآباء و الأجداد حصنا للإسلام و مجدا للعروبة تتداعى أركانه أمام أعينهم فيستولي عليهم الذهول ثم لا يملكون إلاّ أن يرثوه و يتفجعوا عليه بشعر يقطر أسى و دموعا. و قد قال شعراء الأندلس و أكثروا القول في رثاء مدنهم و دولتهم حتى صار رثاء المدن و الممالك بسبب ذلك فنا شعريا قائما بذاته في أدبهم . و قد نجد في أدب المشارقة شيئا من هذا القبيل ، كقصيدة ابن الرومي الي رثى بها مدينة البصرة عندما أغار عليها الزنج سنة 255هـ و استباحوا فيها الأموال و الحرمات و الأعراض و التي يقول فيها: ذاد عن مقلتي لذيذ المنام شغلها عنه بالدموع الجسام أيّ نوم من بعد ما حلّ بالبص رة ما حل من هنات عظام؟ و لكن المشارقة لم يتوسعوا في رثاء المدن و الممالك توع الأندلسيين ، و لذلك لم يظهر هذا اللون من الشعر في أدبهم كما ظهر في الأدب الأندلسي فنا قائما بذاته. و لعل نونية أبي البقاء صالح بن شريف الرندي، هي أروع و أشجى ما شاجت به قريحة شاعر أندلسي ، لا في رثاء مدينة بعينها كالنماذج السابقة، بل في رثاء الأندلس كل الأندلس، و تصوير نكبته التي تعلو على كل فجائع الدهر، و تتحدى السلوان و النسيان ، و كأني بأبي البقاء فغي مرثيته الخالدة هذه يتحدث بلسان كل الأندلسيين و يشعر بمشاعرهم، و يترجم عن ثورتهم الدفينة المكبوحة فكل بيت فيها يطالعنا موّارا بالعاطفة مشحونا بالأسى مبللا بالدموع تفجعا على ما آل إليه حال الإسلام و المسلمين بالأندلس. و فيما يلي مقتطفات من هذه المرثية الشاكية الباكية، و هي بذاتها تغني عن كل شرح و تعليق ، قال أبو البقاء الرندي: لكل شيء إذا ما تمّ نقصــان فلا يغر بطيب العيش إنسـان هي الأمور – كما شاهدتها-دول من سرّه زمن سرّته أزمان و هذه الدار لا تبقى على أحـد و لا يدوم على حال لها شــان و صار ماكان من ملك و من ملك كما حكى عن خيال الطيف و سنان فجائع الدهر أنواع منوعـة و لزمان مسرات و أحــــزان و للحوادث سلوان يسهلـها و ما لما حلّ بالإسلام سلـوان دهى الجزيرة أمر لا عزاء لــه هوى له أحد و انهد ثهـلان(1) أصابها العين في الإسلام فارتأت حتى خلت منه أقطار و بـــلدان فاسأل بلنسية : ما شأن مرسيـة ؟ و أين شاطبة أم أين جيـان؟ و أين قرطبة دار العلوم ، فكم من عالم قد سما فيها له شـــــان؟ و أين حمص و ما تحويه من نزه و نهرها العذب فياض و ملآن(2) و الطابع الغالب على هذا اللون من الرثاء هو الأسى العميق، و التماس العظة و التأسي في قيام الدول ثم زوالها منذ القدم، و إرجاع نكبتهم إلى فعل الدهر حينا و إلى أنفسهم حينا آخر ، و تصوير ما أصاب الإسلام و المسلمين في الأندلس من ذل و هوان، و تعلقهم بديارهم الجميلة التي أجلوا عنها ، و التفجع على الأهل و الرفاق المشردين و المقابلة القاسية بين هزلهم في حقهم ، و جدّ عدوهم في باطله ، و استنهاض همم المسلمين في شتى الأقطار لمد يد المعونة إلى إخوانهم في الأندلس ، و الدعوة للذود عن الإسلام و الحرمات،و التطلع إلى المنفذ الذي ينظرون تحت علمه في معركة المصير. و من الناحية الفنية تميزت مراثيهم لمدنهم بغلبة عنصر العاطفة عليها كما تميزت بالاعتماد أكثر على التشبيه و الاستعارة في إبراز المعاني و تجسيمها، و بث الحركة و الحياة فيها ثم باللجوء إلى أسلوب الاستفهام البياني، و خاصة ما يخرج منه عن معناه الحقيقي إلى التعجب و الإنكار و التمني ، و لا غرابة في ذلك، فكم من المعاني التي فجرتها الأندلس في نفوسهم كان يدعوا إلى العجب أو الإنكار أو التمني.ـــــــــــــــــــ1- أحد و ثهلان: جبلان2- حمص الأندلس: هي اشبيلية، و قد سمي بنو أمية عندما ملكوا الأندلس عدة مدن بأسماء مدن الشام