السَّلفيُّون فِي الجَزائِر و المُؤسَّسة الدِّينيَّة الرَّسميَّة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

السَّلفيُّون فِي الجَزائِر و المُؤسَّسة الدِّينيَّة الرَّسميَّة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-02-01, 15:45   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الكيفاني
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










B11 السَّلفيُّون فِي الجَزائِر و المُؤسَّسة الدِّينيَّة الرَّسميَّة

السَّلفيُّون فِي الجَزائِر و المُؤسَّسة الدِّينيَّة الرَّسميَّة الحلقة (1)

علاقةٌ مخالفةٌ لواقعِ الحال بعيدةٌ عن الحقيقةِ العلميَّة


الحلقة (1)


للشيخ مختار طيباوي

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الحمد لله وحده، و الصَّلاة و السَّلام على من لا نبيَّ بعده.

أمَّا بعد؛الغرض من هذا المقال إصلاح العلاقة المتشنِّجة بين السَّلفيَّة و المؤسَّسة الدِّينيَّة الرَّسميَّة الممثِّلة في الجزائر لــ:مذهب مالك، و الأشاعرة، و الصُّوفيَّة، و الَّتي لا سبب واضح علميٍّ أو تاريخيٍّ لها، إنَّما تشكَّلت بفعل سلوكات لبعض عوامِّ السَّلفيِّين وصغار الدُّعاة ، مع تساهل مِن المؤسَّسة الدِّينيَّة في بناء موقفها من السَّلفيِّين على إشاعات لا حقيقة لها (؟!)

فالتيِّار السَّلفيُّ من خلال مراجعه الجزائريَّة كـــ:عبد الحميد بن باديس، و البشير الإبراهيميِّ، و مبارك الميلِيِّ، و الطيِّب العُقبيِّ وغيرهم كان له دور فعَّال في الحركة الوطنيَّة،وفي نشر الوعي والثَّقافة الدِّينيَّة وسط الشَّعب الجزائريِّ، وفي الحفاظ على هُويَّته الثَّقافيَّة من خلال الحفاظ على تعليم اللُّغة و القرآن.

فهذه حقيقةٌ علميَّة تاريخيَّة واضحة وراسخةٌ اختفت نتيجة لممارسات غير مسئولة من الجانبين تحت غطاء تصنيف النَّاس ووسمهم بصوَّرٍ نمطية حينما غُلِّب خطاب الإقصاء و المغالبة، وردمت تحت اللَّبس المعرفيِّ ،ذلك أنَّ السَّلفيِّين و إن كان لبعض النَّاس عليهم انتقادات ،ولا يوافقونهم في مسائل عديدةٍ، فهذا شيء قابل للنِّقاش و للمساجلة العلميَّة الهادئة، لكن لا يجب أن يُهدر دورهم البارز في استقرار المجتمع الجزائريِّ، و الحفاظ على هويَّته بمقاومة تيارات التَّغريب ،و التَّشييع المستفحل، و الغلوِّ .

كما أنَّ جلَّ المسائل الَّتي انتقدت عليهم كموقفهم من تقليد مذهب مالك، ومن بعض ممارسات الطُّرقيِّين، وخاصَّة ما يتعلَّق بالوطنيَّة كــ:الوقوف للعَلَم، و انتقاد النشيد الوطنيِّ على عبارات وردت فيه، شابها بعضُ اللِّبس في نقل موقفهم كاملا محيَّثًا بأسبابِه مارسته بعضُ الجهات لغرض الدَّفع في نحر الحقائق، و تشويه صورتهم.

و كثيرٌ من المسائل المنتقدة على السَّلفيِّين سببُها الجهل بحقائق الأمور، أو عدم الدِّقة في التَّحرِّي لأنَّها ليست حكرا عليهم ،ولا هي من ممتلكاتهم الثَّقافيَّة، بل هي قضايا صحيحة قامت على صحَّتها أدلَّة العقول و النُّقول، و إلحاقها بالسَّلفيِّين ظلم للحقيقة التَّاريخيَّة إذ هي من الخصائص المشتركة بين سائر أهل السُّنَّة أي هي من الإسلام الصَّحيح.

إضافةً إلى ذلك وجب تصحيح الخطأ الشَّائع الَّذي وقعت فيه بعض الجهات عندما ظنَّت أنَّ السَّلفيَّة تعادي التَّصوُّف بإطلاق، واستحوذ على كيان بعضِ المتعصِّبين الرَّافضين لكلِّ نقد علميٍّ موضوعيٍّ المبالغة في مجاراة هذه الإشاعة فوجب ردُّ الاعتبار للحقيقة من خلال تجلِية موقف السَّلفيِّين من التَّصوُّف ليس من خلال مواقف بعض عوامِّ من ينتسب إليها، ولكن من خلال مراجعها المعتمدة ،مع إقامة الدَّليل على أنَّ المسائل الخلافيَّة مع الصُّوفيَّة ليست خاصَّة بالسَّلفيِّين ،بل هي كذلك داخل المتصوِّفة أنفسهم ،و أنَّ الموقف السَّلفيَّ منها لم ينفردوا به، بل هو موقف كثير من الصُّوفيَّة، ومن الفقهاء، و الأشاعرة، فإلصاقه بالسَّلفيِّين وحدهم مغالطة علميَّة وتاريخيَّة.

وعليه،كان من المفروض على المؤسَّسة الدِّينيَّة أن تبني أحكامها مع مختلف مكوِّنات المجتمع الجزائريِّ خاصَّة الجماعات الدِّينيَّة على منهجيَّة علميَّة ،وحقائق ثابتة، يمكن أن تتَّخذها منطلقًا للتَّقارب و التَّعاون على المصالح المشتركة لبلدنا ومجتمعنا.

وإذا حصرنا القضايا المختلف فيها بين السَّلفيِّين أو المنتقدة عليهم من طرف المؤسَّسة الدِّينيَّة الرَّسميَّة فلا تتعدى بعض القضايا الَّتي يكتنفها كثير ٌمن الغموض والاشتباه، إمَّا هي نتيجة صراع علميٍّ وُظِّفت فيه كلمات التَّنفير و أساليب التَّشنيع فنسب إليهم ما ليس من منهجهم ودينهم.

وإمَّا هي قضايا خلافيَّة داخل السَّلفيِّين أنفسهم، وعجز السَّلفيُّون عن بيان حقيقة موقفهم منها ،أو لم يسعوا بطاقتهم إلى التَّعريف بأنفسهم، وتركوا النَّاس تستقي حكمها عليهم من خلال تصرفات عوامِّهم، و الَّتي لا تمثِّل بأيِّ وجه من الوجوه موقف السَّلفيِّين.

إضافةً إلى عداوات عقديَّة استغلَّها بعضُ خصومهم لتشويه سمعتهم، وتحليك صورتهم عند الرَّأي العامِّ ،و خاصَّة لقطع أيّ تواصل بينهم وبين المؤسَّسة الدِّينيَّة الرَّسميَّة، وهذه المسائل هي:

1 ـ الموقف من تقليد مذهب مالك.

2 ــ الموقف من الصُّوفيَّة.

3 ــ الموقف من الأشاعرة.

4 ـالقضايا المتعلِّقة بوطنيَّتهم
، وهي ملخَّصة في مسألتين: العلم و النَّشيد، يريد بعض النَّاس أن يجعلها دليلا على عدم وطنيَّتهم، في حين يعلم من له أدنى ثقافة شرعيَّة أنَّها صادرة عن مقاربات علميَّة شرعيَّة تحتاج إلى توضيح و تفصيل، نعود إليه في موضعه.

كلُّ هذا سنتعرَّض له بالتَّفصيل لكن بعد أن نأخذ بعض الاعتراضات السَّلفيَّة على موقف المؤسَّسة الدِّينيَّة الرَّسميَّة منهم، و الَّذي فيه كثير من الإجحاف بهم؛ فلا يخفى على المتتبِّع لشأن الجماعات الإسلاميَّة أنَّ السَّلفيِّين من خلال عقيدتهم في الأسماء و الأحكام خاصَّة مسألة "التَّكفير" يُشكِّلون لسان الميزان في البلد، وهم وحدهمــــ بالحصرـــ من يملك القدرة العلميَّة، و المرجعيَّة التَّأصيليَّة اللَّازمة لعقلنة التِّيارات المتطرِّفة وردِّها إلى الصَّواب.

وقد ساهموا بشكل كبير في إخماد الفتنة في الجزائر، و في إنجاح عمليَّة المصالحة الَّتي دعت إليها الدَّولة الجزائريَّة،ولا يزالون يعملون على حفظ الاستقرار وعقد الدَّولة، ويشيعون مناخا من الهدوء.

كما أنَّ دورهم في بسط الفضائل السُّلوكيَّة، ورفع نسبة التَّديُّن بعيدا عن الصِّراعات السِّياسيَّة و الأطماع الشَّخصيَّة الضيِّقة معروف ومشاهد، ولا ينكره إلاَّ جاحد للحقيقة .

وإذا كان الأمر كذلك فإنَّ الحصار الَّذي تضربه عليهم الدَّولة من خلال إبعادهم عن وسائل الإعلام، و التَّضييق عليهم في المساجد سيعود عليها بسلبيَّات كثيرة عاجلا أو آجلا من حيث أنَّ الفئات الأخرى الَّتي تستعين بهم في العمل الدِّينيِّ لا يملكون بُعدا وعمقًا في المجتمع الجزائري ِّكالَّذي تملكه السَّلفيَّة ،فهي أكثر انتشارا منهم ،و خطابها العلميِّ أكثر تأصيلا.

و قد كشفت لنا التَّجاربُ في البلاد الإسلاميَّة المختلفة، ومن ضمنها الجزائر أنَّ دورهم في استقرار البلد، و في شيوع الأمن دور محوري ، وأنَّهم وحدهم الَّذين بإمكانهم معالجة القضايا المهددة لاستقرار البلد معالجة علميَّة عقديَّة قويَّة وفعَّالة.

فإذا كان هذا وزنهم الحقيقيُّ في المجتمع الجزائريِّ، وهذه مكانتهم في حفظ استقرار البلد، و المساهمة في ازدهاره ،من خلال سدِّهم للنُّقص الَّذي تعاني منه المؤسَّسة الدِّينيَّة الرَّسميَّة في مجال الوعظ، و محاربة الأمراض الاجتماعيَّة المتفشية صار من باب العدل وردِّ الحقوق إلى أهلها أن يكون لهم حضور في الإعلام و المساجد يوازي هذه المكانة، ويناسب هذا الدَّور .

وكما لجميع الجماعات الدِّينيَّة السُّنِّيَّة في الجزائر حقٌّ أن يُمثَّلوا في هذه المؤسَّسة، و في وسائل الإعلامــــ مادام خطابهم يقع ضمن المشترك ، ولا يثير أيَّة نعرة و فرقةــــ وأن يمكَّنوا من لعب دورهم في بناء الجزائر و حمايتها، و الحفاظ على مصالحها العليا، و الاجتهاد في الارتقاء بها، فإنَّ للسَّلفيِّين حقًّا أوكد لما سبق بيانُه، وعزلهم و إقصاؤهم لن يخدم البلد في شيء.

أمَّا عن الاختلاف بين السَّلفِّيين و الجماعات الإسلاميَّة الأخرى كالأشاعرة و الصُّوفيَّة فهو اختلاف طبيعيٌّ، لا ننكر أنَّه كانت في خطابات السَّلفيِّين السَّابقة حدَّة أخرجتها عن دائرة الخطاب العلميِّ، أو الحوار العلميِّ،لكنَّهم تداركوا هذا الأمر، وقاموا بإصلاحه.

فإذا ما كان للمؤسَّسة الدِّينيَّة الرَّسميَّة رغبة و تصوُّر صحيح لعلاقة صحيحة نافعة ودائمة مع السَّلفيِّين تحت خطِّ : مصلحة الجزائر و الشَّعب الجزائري في تقوية الصُّفوف و اللُّحمة الاجتماعيَّة في كنف الشَّريعة، فلا بدَّ من مراجعة هذا الأمر، خاصَّة وأن في السَّلفيِّين دعاة أكفاء معتدلين خدموا الجزائر في عدَّة مجالات، لهم مصداقية في الشَّارع ،وقبول عند النَّاس.

وعليه فإنَّ السلفيِّين لا تخرجهم مخالفتهم لبقية الجماعات الدِّينيَّة في بعض القضايا عن القواسم المشتركة،و الخصائص الأساسيَّة للشَّخصيَّة الدِّينيَّة الجزائريَّة،وخلافهم مع الصُّوفيَّة كاختلافهم فيما بينهم، وكاختلاف الأشاعرة فيما بينهم كما سنورده لاحقًا








 


قديم 2013-02-01, 15:49   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الكيفاني
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

السَّلفيُّون فِي الجَزائِر و المُؤسَّسة الدِّينيَّة الرَّسميَّة الحلقة (2)

علاقةٌ مخالفةٌ لواقعِ الحال بعيدةٌ عن الحقيقةِ العلميَّة

للشيخ مختار طيباوي


الحلقة (2)


بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الحمد لله وحده، و الصَّلاة و السَّلام على من لا نبيَّ بعده.

الموقف من مذهب مالك:

بسببِ الخلاف العلميِّ الشَّديد الَّذي وقع بين الشَّيخ الألباني و الدكتور محمَّد سعيد رمضان البوطي حول المذهبيَّة شاع عند بعض السَّلفيِّين، وأقصد هنا: عوامِّهم وبعض صغار طلبة العلم ــــ نظرا لأنَّ السَّلفيَّة جماعة سنِّيَّة تُعظِّم قدر الحديث النَّبويِّ، و محوريته في التَّشريع، ومعلومةٌ طريقة أهل الحديث في الفقهـــ أنَّ السَّلفية تعارض المذهبيَّة الفقهيَّة لأنَّها صورة من صوَّر التَّقليد المذموم (؟!)

وفي الحقيقة لا يُعبِّر هذا الاتِّجاه داخل السَّلفية ـــ و الَّذي خفت صوته مؤخَّرا ـــ إلاَّ عن رأيٍ شاذٍ داخل السَّلفيَّة، يخالف موقف كبار المراجع العلميَّة للسَّلفيَّة الَّذين هم أئمَّة السُّنَّة على مرِّ العصور.

وهنا وقع لبس بسبب عدم دقَّةٍ، إضافةً إلى السَّلبيَّات الَّتي غلَّفت المواقف العلميَّة نتيجة الحدَّة في المناظرة ،فالسَّفليُّون يذمُّون التَّقليد الأعمى و التَّعصُّب لأقوال الأئمَّة، وعدم العمل بالقول الرَّاجح، وهم هنا يقصدون بالضَّبط تعصُّب العلماء، أمَّا عوامُّ النَّاس ممَّن لا يملك وسائل التَّرجيح و النَّظر العلميِّ الصَّحيح فلهم تقليد كبار الأئمَّة كما جرى عليه العمل في التَّاريخ الإسلاميِّ الطَّويل.

و المذاهب الفقهيَّة الإسلاميَّة السُّنِّيَّة الأربعة هي مكسب عظيم للمسلمين يجب الحفاظ عليه، و تطويره بنزع النَّعرات المذهبيَّة منها، و التَّفاعل ايجابيًّا معها، ويكفي النَّظر في مؤلَّفات السَّلفيِّين الفقهيَّة، وعلى رأسها مؤلَّفات شيخ الإسلام ابن تيميَّة، و ابن القيِّم لندرك الموقف السَّلفيِّ الصَّحيح من المذاهب الفقهيَّة، وأنها تمثِّل أقصى ما وصل إليه الفكر الفقهيِّ الإسلاميِّ.

وهذا لا ينفي وجود بعض السِّلبيَّات النَّاجمة عن الممارسات، ولكنَّها طبيعيَّة فإنَّ هذا التُّراث ضخم جدًّا يكاد يعجز الفرد الواحد عن استيعاب قراءته فضلا عن دراسته و تقييمه .

ومن هنا يجب أن ندرك أنَّ الدُّعاة السَّلفيِّين في الجزائر لا يعادون مذهب مالكــ رحمه اللهـــ بل يخدمونه خدمة بالغة من خلال محاولتهم تجديده من داخله، وبوسائله ،وربطه بأدلَّته الأثريَّة، و الانتصار له في المحافل العلميَّة، بل كثير منهم يفتي به العوامَّ في الجزائر، ويطالب غيره من الدُّعاة السَّلفيِّين في غير الجزائر مرعاة خصوصيَّة البلاد الإسلاميَّة، ومراجعها العلميَّة.

ولعلَّ أبرز علامة على ذلك هو دور هؤلاء الدُّعاة في استخراج مخطوطات المذهب المالكيِّ في شتَّى العلوم، و العناية بتحقيقها، و طبعها، و تدريسها ،فهذا الشَّيخ فركوس له جهد كبير في تعريف طلبة العلم بمراجع المالكيَّة في أصول الفقه، وله باع في خدمة هذه المراجع و تدريسها، وكذلك الشَّيخ بن حنفية زين العابدين له جهود مشهودة في هذا الباب .

كما يجب أن نفهم أنَّ موقف السَّلفيِّين من المذهب المالكيِّ هو نتيجة حتميَّة لموقفهم من الإمام مالك إذ يعدُّونه من كبار رجالات السَّلف و أئمَّة السُّنَّة، و يبنون كثيرا من مواقفهم العلميَّة في العقيدة، و الفقه، و المنهج، على أقواله ، فهو مرجع لهم في علوم الحديث، ومنهج النَّقد، وفي قواعد دراسة نصوص الصِّفات و الأسماء ، بل وفي تقرير منهجهم العلميِّ العامِّ، فالسَّلفيَّة عندهم لا تتجاوز قول هذا الإمام الجليل: "لا يُصْلِحُ آخِرَ هذه الأمَّةِ إلاَّ ما أَصْلَحَ أوَّلَهَا" فيتَّخذونه شعارا لهم.

وكذلك قوله:"كلٌّ يأخذ من قوله ويردُّ إلاَّ صاحب هذا القبر"،شعارهم في ذمِّ التَّقليد الأعمى،وبنَوا عليه قاعدتهم التَّالية:

ما من إمام من أئمَّة المسلمين إلاَّ وله أقوال وأفعال لا يُتَّبع عليها مع أنَّه لا يُذمُّ عليها.

وأقوال و أفعال الأئمَّة منها الَّتي لا نعلم قطعا مخالفتها للكتاب و السُّنَّة،فهي من موارد الاجتهاد الَّتي تنازع فيها الأئمَّة،قد تكون قطعية عند من بيَّن الله له الحقَّ فيها لكنَّه لا يمكنه، ولا يجوز له أن يُلزم النَّاس بها.

فمثل هذه القضايا تسلَّم لكل مجتهد ولمن قلَّده بحيث لا يُنكر عليهم.

أمَّا قوله:"الاستواءُ معلوم و الكيف مجهول"،فهو الأصل الَّذي يبنون عليه عقيدتهم في الصِّفات.

و قصدهم من الانتساب إلى السَّلف اعتبار طريقتهم في إثبات النَّصوص، وفهمها، و استخراج دلالتها بناءً على قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبحَتَّى يَشْهَدَ الرَّجُل قَبْل أَن يُسْتَشْهَدَ.)).أخرجه البخاريُّ (7 / 3 ).

وقد لا نجد من دافع عن مذهب الإمام مالك الفقهيِّ، و منزلته في التُّراث الإسلاميِّ من خارج المذهب كما فعل أساطين السَّلفيَّة، فهذا ابن تيميَّةــ رحمه اللهـــ يقول:

(مجموع الفتاوى)(20/325): ((‏وَهَذِهِ عُلُومُ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفُتْيَا وَغَيْرِهَا مِنْ الْعُلُومِ؛ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ أَخَذُوا عَنْ الْعُمَرِيِّ الزَّاهِدِ مِنْهَا مَا يُذْكَرُ فَكَيْفَ يُقْرَنُ هَذَا بِمَالِكِ فِي الْعِلْمِ وَرِحْلَةِ النَّاسِ إلَيْهِ؟

ثُمَّ هَذِهِ كُتُبُ الصَّحِيحِ الَّتِي أَجَلُّ مَا فِيهَا كِتَابُ الْبُخَارِيِّ أَوَّلُ مَا يَسْتَفْتِحُ الْبَابَ بِحَدِيثِ مَالِكٍ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَابِ شَيْءٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ لَا يُقَدِّمُ عَلَى حَدِيثِهِ غَيْرَهُ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ النَّاسَ ضَرَبُوا أَكْبَادَ الْإِبِلِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَلَمْ يَجِدُوا عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ مَالِكٍ فِي وَقْتِهِ. وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ مَعَ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ: إمَّا مُوَافِقٌ؛ وَإِمَّا مُنَازِعٌ فَالْمُوَافِقُ لَهُمْ عَضُدٌ وَنَصِيرٌ وَالْمُنَازِعُ لَهُمْ مُعَظِّمٌ لَهُمْ مُبَجِّلٌ لَهُمْ عَارِفٌ بِمِقْدَارِهِمْ.

وَمَا تَجِدُ مَنْ يَسْتَخِفُّ بِأَقْوَالِهِمْ وَمَذَاهِبِهِمْ إلَّا مَنْ لَيْسَ مَعْدُودًا مِنْ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ وَذَلِكَ لِعِلْمِهِمْ أَنَّ مَالِكًا هُوَ الْقَائِمُ بِمَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ أَظْهَرُ عِنْدَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ مِنْ رُجْحَانِ مَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى سَائِرِ الْأَمْصَارِ؛ فَإِنَّ مُوَطَّأَهُ مَشْحُونٌ: إمَّا بِحَدِيثِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ وَإِمَّا بِمَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ: إمَّا قَدِيمًا؛ وَإِمَّا حَدِيثًا.))

((قول أهل المدينة إمَّا حُجَّة قاطعة،أو حجَّة قويَّة،أو مرجِّح للدَّليل))

و الَّذي يعبِّر عن موقف السَّلفيِّين الصَّحيح من تقليد الأئمَّة الأربعة قوله:

(مجموع الفتاوى)(20/392)(وَأَمَّا مَنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ فَضْلُ إمَامٍ عَلَى إمَامٍ أَوْ شَيْخٍ عَلَى شَيْخٍ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ كَمَا تَنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ:أَيُّهُمَا أَفْضَلُ التَّرْجِيعُ فِي الْأَذَانِ أَوْ تَرْكُهُ؟

أَوْ إفْرَادُ الْإِقَامَةِ أَوْ تَثْنِيَتُهَا؟

وَصَلَاةُ الْفَجْرِ بِغَلَسِ أَوْ الْإِسْفَارُ بِهَا؟

وَالْقُنُوتُ فِي الْفَجْرِ أَوْ تَرْكُهُ؟

وَالْجَهْرُ بِالتَّسْمِيَةِ؛ أَوْ الْمُخَافَتَةُ بِهَا؛ أَوْ تَرْكُ قِرَاءَتِهَا؟

وَنَحْوُ ذَلِكَ:فَهَذِهِ مَسَائِلُ الِاجْتِهَادِ الَّتِي تَنَازَعَ فِيهَا السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ فَكُلٌّ مِنْهُمْ أَقَرَّ الْآخَرَ عَلَى اجْتِهَادِهِ مَنْ كَانَ فِيهَا أَصَابَ الْحَقَّ فَلَهُ أَجْرَانِ وَمَنْ كَانَ قَدْ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَخَطَؤُهُ مَغْفُورٌ لَهُ فَمَنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ تَقْلِيدُ الشَّافِعِيِّ لَمْ يُنْكِرْ عَلَى مَنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ تَقْلِيدُ مَالِكٍ وَمَنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ تَقْلِيدُ أَحْمَد لَمْ يُنْكِرْ عَلَى مَنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ تَقْلِيدُ الشَّافِعِيِّ وَنَحْوُ ذَلِكَ.))

ولهذه الأسباب لا يكون الرَّأي المنتشر بين عوامِّ الجزائريِّين و داخل المؤسَّسة الدِّينيَّة الرَّسميَّة عن موقف السَّلفيِّين من المذهب المالكيِّ إلاَّ سوء فهمٍ ،و إشاعة لها قدرٌ من الصِّحَّة باعتبار أنَّها تعبِّر عن موقف بعض عوامِّ السَّلفيِّين ممَّن لا يميِّز في هذه القضايا العلميَّة بين الدَّعوة إلى تجديد الدِّين و الارتقاء بالمذاهب الفقهيَّة ،وبين ذمِّ التَّمذهب بإطلاق.

أمَّا فيما يخصُّ بعض المظاهر المنافية للشَّخصيَّة الجزائريَّة، و الَّتي قد يستدلُّ بها بعضُ الحاقدين على السَّلفيِّين بأنَّها علامة بارزة على ضعف حبِّهم لوطنهم كالزَّيِّ الَّذي يلبسه بعض السَّلفيِّين ،و التَّبعيَّة العلميَّة في الفتوى وغيرها لشيوخ السُّعودية فيحتاج إلى أن نردَّه إلى إطاره ،ونتكلَّم فيه بعلم وعدل.

نعم بعض السَّلفيِّين و كنتيجة للاستلاب الثَّقافيِّ، وضعف التَّحصيل عند بعض شيوخهم خلَّطوا بين الدِّين و العادات، وبين الثوابت الدِّينيَّة والاجتهادات الفقهيَّة الفرعيَّة، وظنَّ بعضهم أنَّه من السُّنَّة لبس الزَّيِّ الخليجي و التَّحيَّة بعباراتهم (؟!)

وهذه كلُّها مظاهر من مظاهر الجهل بحقيقة السُّنَّة، وما جاءت به من الحكمة وضعف شخصيَّة بعض شيوخهم في سعيهم الحثيث للحصول على (تزكيات)من شيوخ السُّعوديَّة ،إضافة إلى غياب الوعي الثَّقافي ،و الإحاطة بتاريخ بلدهم، ورجالاته و علمائه ،وجهودهم في العلوم الشَّرعيَّة: في علوم القرآن، و الحديث، و الفقه المالكيِّ، و الحنفيِّ، و الشَّافعيِّ، وعلم المنطق، و اللُّغة، و غيرها ،فجميع هذه المجالات خدمها علماء جزائريُّون خلال فترات التَّاريخ الإسلاميِّ الطَّويل، في تونس ،و المغرب، وطمبكتو(مالي)،و السُّودان، و مصر و الشَّام ،و الحجاز.

وهذا النَّقص (التَّعريف بالشَّخصيَّة العلميَّة الجزائريَّة و تاريخها)سببُه المؤسَّسات الرَّسميَّة الَّتي لم تقم بدورها في هذا الباب المهمِّ، فلا يوجد مركز للبحوث العلميَّة يتتبَّع مساهمات علماء الجزائر في العلوم الشَّرعيَّة وغيرها، ومراكزهم العلميَّة في العالم الإسلاميِّ.

ولا مركز لجمع المخطوطات، و دراستها، وتحقيقها، وطبعها؛فدور المكتبة الوطنيَّة يشبه المتحف الوطنيِّ، ممَّا يساهم في بناء الشَّخصيَّة الثَّقافيَّة الجزائريَّة المعاصرة.

ونحن نعلم أنَّ بعض المجتمعات في فترات من فترات تاريخها تكون طاردةً للمواهب، وأحيانا أخرى تكون جالبة لها، بحسب حالها السِّياسيِّ ودورها،فعندما تكون بها دولة قويَّة لها نفوذٌ، تصبح عاصمةً، وقبلة لأهل العلم، وحينما يخمد الدَّور السِّياسيُّ تصير طاردةً للمواهب العلميَّة .

فهكذا كانت فاس،وبجاية،وتلمسان ،وقبلهم القيروان.

وهكذا كانت الكوفة، و البصرة، ثمَّ واسط، و بغداد، وبعد ذلك دمشق، و القدس، ثمَّ لمَّا انزوى الدَّور السِّياسيُّ الرَّائد إلى مصر تبعه الدُّور العلميُّ و الثَّقافيُّ.
وهكذا كانت مصر قبلةً للمواهب الإسلاميَّة في كثير من العلوم و الفنون و الصِّناعات.

وفي المغرب العربي كانت تونس و فاس تجلب إليها كثيرا من علماء الجزائر الَّذين انتشروا في الآفاق، فلا يخلو بلد إسلاميٌّ منهم.

يجب على أهل العلم من السَّلفيِّين وغيرهم، وبالدَّرجة الأولى المؤسَّسة الدِّينيَّة الرَّسميَّة أن يستشعروا المخاطر الَّتي تهدِّد هويَّتنا الثَّقافيَّة فقد عُزل أجيال من شبابنا عن تراثه المعرفي وجذوره الثَّقافيَّة.

هذا التَّعرِّي الثَّقافي الَّذي له ارتدادات جسيمة على تناسق النَّسيج الاجتماعيِّ و انسجامه، فإنَّ الانقطاع بين الأجيال، و التَّصادم بينها سببُه هذا الانفصام بين طالب العلم الجزائريِّ، وبين تاريخه الدِّينيِّ و العلميِّ.

ونظرا لانعدام الدَّولة من مخطَّط شامل ودقيق للنُّهوض بالمذهب المالكيِّ نهوضًا يوازي شروط العصر، و شروط السَّاحة العلميَّة الأقوى من الصُّورة الموجود عليها حاليا هذا المذهب، فلم نر منها إلاَّ ترميمات لا تنهض بمستوى التَّحدِّيات،بل يكاد ينحصر دورها على خدمة الزوايا الَّتي قدمت لها الأموال في حين تركت المساجد لجيب المواطن (؟!)

و الواجب عليها الاهتمام بالمساجد لأنَّها بيوت الله الشَّرعيَّة ،ولأنَّها المكان المشترك بين جميع المكوِّنات الدِّينيَّة للمجتمع الجزائريِّ، بخلاف الزوايا الَّتي كان لها دور رائد ورائع في الحفاظ على الدِّين و الهوية خلال الحقبة الاستدمارية الفرنسيَّة لأنَّ فرنسا كانت تحاصر المساجد القليلة، وتمنع بناءها ،وليس لسبب آخر، لكن تبقى هذه الزوايا تمثِّل طائفة واحدة من الجزائريِّين فقط، ولا تمثِّلهم كلَّهم.

وإذا انتهت هذه الأسباب و الظُّروف فالواجب على الدَّولة الاهتمام بالمساجد وبتكوين الأئمَّة، وتحسين وضعيتهم الاجتماعيَّة بما يوازي منزلتهم.

كما لا نريد للمؤسَّسة الدِّينيَّة أن تكون خادمة بامتياز لتصوُّرات الحاكم الدِّينيَّة الشَّخصيَّة بل لما فيه صلاح المجتمع الجزائريِّ برمَّته،فلا نريد من هذه المؤسَّسة المهمَّة أن تخدم طائفة واحدة.

و الحقيقة تقال: دولتنا ــ لحد الآن ـ فقيرة في هذا المجال ثقافيًّا، وعاجزة عن تجاوز فترة "عصر الضعف و الانحطاط العلميِّ"و إعادة استكشاف التُّراث العلميِّ الجزائريِّ، ودوره في العالم الإسلاميِّ في المشرق و المغرب، وفي جنوب الصَّحراء.

وقد غطَّت سنوسيات الرمضانيات (!) على شخصيَّات علميَّة جزائريَّة كبيرة، وأهمِّ بكثير من الدَّور الدِّينيِّ للسنوسيِّين،أو حتَّى للثعالبة الَّذين لم يدرس لحدِّ الآن دورهم الثَّقافيِّ و السِّياسيِّ في العالم الإسلاميِّ.

ذلك أنَّ دور الجزائريِّ بدأ مع الفتح الإسلاميِّ ، فمثلا لا نعرف جيِّدا تاريخ المحدِّثين الجزائريِّين ،وهو النَّوع الأوَّل من العلماء في التَّاريخ الإسلاميِّ ، فليست هناك دراسات تخصُّ المحدِّث و الشَّاعر : حماد التهرتي،و الطَّبقة التي سبقته.

وكذلك الحافظ الوهراني شيخ الحافظ السَّلفي، وكذا ابن قُرْقُول إبراهيم بن يوسف بن أدهم الوهراني الحمزي(البويرة)، أبو إسحاق الحافظ العالم بالحديث، من أدباء الأندلس ، شارح كتاب ( مطالع الأنوار على صحاح الآثار) للقاضي عياض.

أمَّا عن موضوع تسليط الضَّوء عن مساهمات علماء الجزائر في المذهب المالكيِّ في تقعيد مسائله ،و تأصيل فروعه ، فهذا موضوع واضح وسهل، يمكن أن نكتب فيه عشرات المجلدات، فإنَّ علماء الجزائر الَّذين تزعَّموا مشيخة المالكيَّة في الأقطار الإسلاميَّة المختلفة كثر.

فهذا عبد الرَّحمن الإدريسي الحسني التِّلمسانيُّ ثمَّ الفاسي المالكيُّ (1699 ـ 1765م) المعروف بـــ( المنجرة) شيخ المغرب الأقصى في عصره ،من كتبه : (حاشية على الجعبريّ) ،و (حاشية على فتح المنان ) و (حاشية على المرادي) و (فهرسة) ترجم بها شيوخه سمّاها (الإسناد للشفيع يوم التناد وبما حضر من الذخائر عند الانتقال من دار الأكابر )، توفي بفاس .

وكذلك الشَّرِيف التِّلِمْسَاني (710 ـ 771هـ) الَّذي انتهت إليه إمامة المالكيَّة في المغرب من قرية علوين (تلمسان) ولد ونشأ بها ،من كتبه ( مفتاح الوصول إلى بناء الفروع والأصول ) في أصول الفقه، كتب عليه عبد الحميد بن باديس شرحا مختصرا، حال تدريسه له، ولم يطبعه، و ( شرح جمل الخونجي ) وكان لسان الدِّين ابن الخطيب كلَّما ألَّف كتابا بعثه إليه، وعرضه عليه.

وللنوشريسي التلمساني صاحب الموسوعة الفقهيَّة المالكيَّة (المعيار المعرب) جزء في ترجمته سماه ( القول المنيف في ترجمة الإمام أبي عبد الله الشريف) .

وفي تونس برز ابن الرَّصاع الَّذي شغل منصب قاضي الجماعة بها ثمَّ إمامة جامع الزيتونة و الخطابة فيه ،له كتب، منها (التَّسهيل والتقريب والتَّصحيح لرواية الجامع الصَّحيح ) و (تذكرة المحبين في شرح أسماء سيِّد المرسلين )،و (شرح حدود ابن عرفة) [شيخه].

وبرز ابن كُحَيْل البجائي صاحب (المقدِّمات) في فقه المالكيَّة، و ( الوثائق العصرية)،و(عون السَّائرين إلى الحقِّ).

وفي الشَّام برز أبو محمَّد الزَّوَاوي المالكيُّ (589 ـ 681ه) أوَّل من ولي قضاء المالكيَّة بدمشق لما صار القضاة أربعة،و انتهت إليه رياسة الإقراء فيها ، من كتبه (عدد الآي) و ( التنبيهات على معرفة ما يخفى من الوقوفات ) في القراآت.

وقد كانت كتب بعض الجزائريِّين في الفقه المالكيِّ مدخلا ومفتاحا لشروحات مشهورة اعتمدت عليها ، فهذا الحَفِيد ابن مَرْزُوق العجيسي التِّلمساني الفقيه الأصولي المحدِّث و الأديب (766 هـ 842ه)

له كتب وشروح كثيرة، منها ( المفاتيح المرزوقية لحل الأقفال واستخراج خبايا الخزرجية - خ ) و ( أنواع الذراري في مكررات البخاري )، و ( نور اليقين في شرح أولياء الله المتقين )، و ( المتجر الربيح ) في شرح صحيح البخاري لم يكمل، كان شرحه لمختصر خليل معتمدَ كثير من شراح خليل منهم الحطاب.

كذلك شرح مختصر خليل: إبراهيم بن فائد القسنطيني(796 ـ 857) من أهل جرجرة في كتابه (تسهيل السَّبيل في شرح مختصر خليل) ثماني مجلدات، و (فيض النيل في شرح مختصر خليل) مجلدان.
ولم يقتصر دور العلماء الجزائريِّين على خدمة المذهب المالكيِّ فقط بل خدموا كذلك المذهب الحنفي فاشتهر منهم:

ابن أَبي حَجَلَة التِّلمساني (725 ـ776ه) في دمشق و القاهرة ، وكان عالما بالأدب، شاعرا، تولى مشيخة الصُّوفيَّة بصهريج منجك بظاهر القاهرة كان حنفيا يميل إلى مذهب الحنابلة في الاعتقاد، شديد الحطِّ على أهل وحدة الوجود، وخصوصا على ابن الفارض، وامتحن بسببه،مات بالطاعون.

له أكثر من ثمانين مصنفا منها (مقامات)، وكتاب (ديوان الصبابة - ط)، و (منطق الطير) ،و (السجع الجليل فيما جرى في النيل)، و (سكردان السلطان - ط) ،و (الطارئ على السكردان - خ) ،و (ديوان شعر - خ)، و (الأدب الغض) ،و (حاطب ليل) عدة مجلدات، و (غرائب العجائب وعجائب الغرائب)، و (جوار الأخيار في دار القرار - خ) في مناقب عقبة بن عامر.

وكذلك أبو العباس الشُّمُنِّي القسنطيني الإسكندري (801 ـ 872 ه) المحدِّث المفسِّر النحوي من كتبه (شرح المغني لابن هشام - ط) ،و (مزيل الخفا عن ألفاظ الشفا - ط) ،و (كمال الدراية في شرح النقاية - خ) في فقه الحنفية .

وابن العنابي الجزائريُّ من علماء الحديث من أهل مدينة عنابة (1868م) ولي الإفتاء في الإسكندرية ومات بها له (سند) مخطوط في أوائل الكتب الستة،أجاز به إبراهيم السقا، و (السعي المحمود في ترتيب العساكر والجنود - خ) كلاهما في الأزهرية، و (الجوهر الفريد في علم التجويد) .

كذلك خدم بعض الجزائريِّين المذهب الشَّافعيِّ منهم : ابن التِّلِمْسَاني شرف الدِّين الفهري (567 ـ 644ه) كان فقيها أصوليا شافعيًّا ، من
أهل تلمسان اشتهر بمصر، و تصدر لإقراء بها ، من كتبه ( شرح المعالم في أصول الدين - خ ) و ( شرح التنبيه ) في فروع الفقه، سماه ( المغني ) ولم يكمله، و ( شرح خطب ابن نباتة ) .

ومنهم أيضا عبد الله بن محمَّد الصَّالح الزَّوَاوي (1924م) مفتي الشَّافعيَّة بمكة ،كان من مدرسي المسجد الحرام من كتبه ( بغية الراغيين وقرة عين أهل البلد الأمين - ط ) رسالة في أحوال عين زبيدة.

أمَّا من حيث الفنون فقد خدموا علوم الحديث، وقد اشتهرت في المغرب منظومة ابن زكري التِّلمساني الَّتي شرحها الحريشي.

و اشتهر منهم البُوني ( العنابي) (1726م) ولد ومات بها، أحد علماء الحديث من كتبه (نظم الخصائص النبويّة)، و (نظم الشمائل)، و (فتح الباري في شرح غريب البخاري)، و (الرحلة الحجازية) ،و (الدرّة المصونة في علماء وصلحاء بونة) وغير ذلك مما عدّده في مؤلف له سماه (التعريف بما للفقير من التأليف) .

و أبو عبد الله النَّذْرُومي الكومي من أهل ندرومة (تلمسان) (775ه) له ثبت مخطوط بشيوخه من علماء الحديث في القدس و دمشق و مكة و القاهرة ،منهم العلائي، ومحمد بن محمد التونسي،وابن سالم الغزي، والحافظ ابن كثير صاحب التفسير المشهور.

و ابن مَزْني الفزاري البسكري (781 ـ 823ه) المؤرخ لازم الحافظ ابن حجر وجمع كتابا كبيرا في (تاريخ الرواة) مات قبل تبييضه قال ابن حجر : لو قدر أن يبيضه لكان مئة مجلد،توفى بالقاهرة.

وخدموا علم أصول الفقه فنظموا في النظم و المتون الراقية فصنف ابن الشريف التِّلمساني (748 ـ 792ه ) (شرح معالم أصول الدِّين للفخر الرَّازي ) مخطوط في الزيتونة بتونس ، و(شرح لمع الأدلة للجويني ) مخطوط في دار الكتب.

و عيسى بن منصور الزواوي (664 ـ 743) درَّس في الأزهر،وناب في الحكم في دمشق والقاهرة، من كتبه (إكمال الإكمال ) في الحديث ، و (شرح جامع الأمهات ـ مخطوط ـ) في فقه المالكية،و(مناقب الإمام مالك )،وتاريخ كبير حوالي عشرة مجلدات.

وكذلك خدموا اللُّغة العربية فاشتهر منهم أبو بكر الوهرانيُّ المفسِّر الشاعر خطيب داريا (دمشق) (615ه) له كتب منها : ( شرح أبيات الجمل ) للزجاجي، في النحو، و ( شرح السبع المعلقات و إعرابها )مخطوط في برلين.

و يحي الشاوي الملياني العالم المفسِّر الأصولي العظيم صاحب رسالة ( أصول النحو )، و ( شرح التَّسهيل لابن مالك )، و ( المحاكمات بين أبي حيان والزمخشريّ ) مخطوط في الأزهرية .

ومنهم أيضا : المؤرخ المؤدب الحافظ المقري صاحب (نفح الطيب) و الشاعر البارع ابن خميس.

وعالم العربية و الأدب يحي ابن مُعْطي الزواوي الجزائري (564 ـ 628ه) من أهل بجاية ،سكن دمشق زمنا ثم انتقل إلى مصر صاحب ( الدرة الألفية في علم العربية) في النحو مطبوع،و (المثلث) في اللغة، و(العقود و القوانين) في النحو،و(الفصول الخمسون) في النحو،و(ديوان خطب)،و(ديوان شعر) ،و(أرجوزة في القراءات السبع)،و(نظم ألفاظ الجمهرة)،و(البديع في صناعة الشعر) مخطوط.

وكذلك النحوي البارع الكبير الَّذي قلَّ نظيره بشهادة كبار النحاة و علماء اللُّغة في عصره في المشرق حافي رأسه.

كما وجد منهم من خدم علوم الفلك لأغراض دينية مثل ابن قُنْفُذ أبو العباس القسنطيني (740 ـ810ه) عالم بالتراجم و الحديث و الفرائض و الفلك اشتهر بابن الخطيب ،من كتبه(شرح الطالب في أسنى المطالب - خ) تراجم، و (تيسير المطالب في تعديل الكواكب) قال في وصفه: لم يهتد أحد إلى مثله من المتقدمين، و (شرح منظومة ابن أبي الرجال - خ) في الفلك، و (بغية الفارض من الحساب والفرائض) و (سراج الثقات في علم الأوقات و (الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية - خ) في تاريخ بني حفص ألفه للأمير أبي فارس عبد العزيز المريني، ونسبه إليه، و (الوفيات - خ) أخذت عنه، وقيل لي أنه طبع في الجزائر، وهو مختصر ذكر فيه بعض علماء المغرب، و (أنس الحبيب عن عجز الطبيب) و (القنفذية في إبطال الدلالة الفلكية - خ) في دمشق، و (أنس الفقير وعز الحقير - ط) في ترجمة الشيخ أبي مدين وأصحابه، قال صاحب جواهر الكمال: هو شبه رحلة تقصى فيها تنقلاته بالمغرب الأقصى ومن لقي من أهل العلم والصلاح، و (تحفة الوارد في اختصاص الشرف من قبل الوالد) قال في وصفه: وهو غريب . (الأعلام للزركلي) .

وفي علم الأعشاب اشتهر منهم : ابن حَمَدوش عبد الرزاق بن محمد (1780م)

رحَّالة و عشَّاب من كتبه : (كشف الرموز في بيان الأعشاب - ط) نفيس، و (رحلة) سماها (لسان المقال، في النبأ عن النسب والحسب ولآل - خ) الجزء الثاني منه في الرباط (463 ك) في آخره نقص، وفي الجزائر نسخة تامة من هذا الجزء تهيأ للنشر. وله (تعديل المزاج بسبب قوانين العلاج) .

المهم لا يمكن من خلال هذه العجالة أن نستقصي كل العلماء الجزائريِّين الَّذين انتشروا في الآفاق، أو الَّذين بقوا في الجزائر، فهذا بحث يحتاج لسنوات طويلة لإنجازه، أردت فقط الإشارة إلى بعضهم ممَّن نسيَّهم بلدهم ومؤسَّساته ولا تعرفهم الأجيال الحالية.

ولعلَّ كتاب الشَّيخ الفاضل محمَّد بن مصطفى الخوجة (نفائس في مآثر علماء الوطن) يذكِّر بعلماء هذا الوطن ومآثرهم النفيسة و العظيمة في التَّعليم و الإصلاح.

و حتَّى نعرف أنَّ السَّلفيَّة لا علاقة لها بالزَّيِّ و اللَّهجة ،و العادات الخاصَّة بكلِّ منطقة ما لم تصدم الشَّريعة لابدَّ أن نذكر مفهوم السُّنَّة عند السَّلفيِّين ، ولندع أكبر شخصيَّة سلفيَّة علميَّة شُوِّهت بسبب الأحقاد و الإشاعة، و بسبب الممارسات الخاطئة للمنتسبين لها يحدثنا عن هذا الأمر:

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة ـ رحمه الله ـ في (مجموع الفتاوى)(21/181): ((من المعلوم أنَّ ما خلقه الله في سائر الأرض من القوت واللِّباس و المراكب و المساكن لم يكن كلُّ نوع منه موجودافي الحجاز، فلم يأكل النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم من كلِّ نوع من أنواع الطعام و الفاكهة، ولا لبس من كلِّ نوع من أنواع اللِّباس، ثمَّ أنَّ من كان من المسلمين بأرض أخرى، كالشَّام،و مصر،و العراق،و اليمن،و المغرب، وغير ذلك عندهم أطعمة و ثياب ليس لهم أن يظنُّوا ترك الانتفاع بها سنَّة نبويَّة لكون النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم لم يأكل مثله،و لم يلبس مثله.))
و عليه فعدم الفعل إنَّما هو عدم دليل واحد من الأدلَّة الشَّرعيَّة،وهو أضعف من القول باتِّفاق العلماء، وسائر الأدلَّة من أقوالهكأمره و نهيه و إذنه من قول الله تعالى هي أقوى و أكبر، فلا يلزم من عدمدليل معيَّن عدمسائر الأدلَّة الشَّرعيَّة.

و عليه فنفي الحكم بالاستحباب لانتفاء دليل معين من غير تأمل باقي الأدلَّة خطأ عظيم، فانَّ الله يقول:{هو الَّذي خلق لكم ما في الأرض جميعا} [البقرة]

وقال:{و سخر لكم ما في السَّموات وما في الأرض جميعا منه}[الجاثية]، و قال:{والخيل و البغال و الحمير لتركبوها و زينة و يخلق ما لا تعلمون}[النحل]

ولم تكن البغال موجودة بأرض العرب، ولم يركب النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم بغلة إلاَّ البغلة الَّتي أهداها له المقوقس من أرض مصر،وهذه الآية نزلت بمكة، ففي القرآن يمتن الله على عباده بنعمه الَّتي لم تكن بأرض الحجاز، كقوله:{فلينظر الإنسان إلى طعامه(24) أنا صببنا الماء صبا(25) ثم شققنا الأرض شقا(26) فأنبتنا فيها حبا(27) وعنبا و قضبا(28) وزيتونا و نخلا(29) و حدائق غلبا(3.) وفاكهة و أبا(31) متاعا لكم و لأنعاكم}[عبس]

ولم يكن بأرض الحجاز زيتون، ولا نقل عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم أنَّه أكل زيتونا، ولكن لعلَّ الزيت كانت تجلب إليهم، و قال عليه الصَّلاة و السَّلام: ((كلوا الزيت و ادهنوا به فانَّه من شجرة مباركة))[الترمذي في الأطعمة{1851}، وابن ماجه {3319}، وأحمد{3/497}].

تعريف السُّنَّة:
سنَّة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في الطعام و اللِّباس أنَّه كان يأكل ممَّايجده في أرضه، و يلبس ما يجده،و يركب ما يجده ممَّا أباحه الله، فمن استعمل ما يجده في أرضه فهو المتبع للسُّنَّة.

فالسُّنَّة هي ما قام الدَّليل الشَّرعي عليه بأنَّه طاعة لله و رسوله، سواء فعله رسول الله صلَّى الله عليه و سلَّم، أو فعل على زمانه، أو لم يفعله ،ولم يفعل على زمانه لعدم المقتضى حينئذ لفعله، أو وجود مانع منه.

فانَّه إذا ثبت أنَّه أمر به، أو استحبَّه فهو سنَّة، كما أمر بإجلاء اليهود و النَّصارى من جزيرة العرب، و كما جمع الصَّحابة القرآن في المصحف، و كما داوموا على قيام رمضان في المسجد جماعة و غير ذلك.))

وقد ذهب السَّلفيُّون استقامة مع فهمهم الصَّحيح لحقيقة السُّنَّة أن لزوم زيٍّ واحد في اللِّباس هو بدعة حتَّى قال ابن القيِّم في (إغاثة اللهفان)(1/125) : ((ومن كيده: أمرهم بلزوم زى واحد، ولبسة واحدة، وهيئة ومشية معينة، وشيخ معين، وطريقة مخترعة، ويفرض عليهم لزوم ذلك بحيث يلزمونه كلزوم الفرائض، فلا يخرجون عنه ويقدحون فيمن خرج عنه ويذمونه (...)وهؤلاء اشتغلوا بحفظ الرسوم عن الشريعة والحقيقة، فصاروا واقفين مع الرسوم المبتدعة ليسوا مع أهل الفقه، ولا مع أهل الحقائق، فصاحب الحقيقة أشد شىء عليه التعبد بالرسوم الوضعية، وهى من أعظم الحجب بين قلبه وبين الله، فمتى تقيد بها حبس قلبه عن سيره. وكان أخس أحواله الوقوف معها، ولا وقوف فى السير، بل إما تقدم وإما تأخر، كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أوْ يَتَأَخَّرَ} [المدثر: 37] .

فلا وقوف فى الطريق إنما هو ذهاب وتقدم، أو رجوع وتأخر.

ومن تأمل هدى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وسيرته وجده مناقضا لهدى هؤلاء فإنه كان يلبس القميص تارة، والقباء تارة، والجبة تارة، والإزار والرداء تارة، ويركب البعير وحده، ومردفا لغيره، ويركب الفرس مسرجا وعريانا، ويركب الحمار، ويأكل ما حضر، ويجلس على الأرض تارة، وعلى الحصير تارة، وعلى البساط تارة، ويمشى وحده تارة، ومع أصحابه تارة، وهديه عدم التكلف والتقيد بغير ما أمره به ربه، فبين هديه وهدى هؤلاء بون بعيد.))

وعليه نقول للشَّباب السَّلفيِّ:يجب التَّفريق عند تقليد العلماء و أفاضل النَّاس بين ما هو من الدِّين و الهدى، وماهو من عاداتهم، ولا علاقة له بالسُّنَّة، فقد صارت عادة سيئة ببلدنا تتمثل في تقليد بعض الشباب لأهل الحجاز، فصاروا يلبسون مثلهم، ومنهم من يحاكيهم في الكلام فيحييك بتحية لا هي من تحية الإسلام، ولا هي من تحية أهل البلد، و بطبيعة الحال عندما يرى العقلاء هؤلاء الشباب قد تركوا لباس أجدادهم، وهو لباس عربي عريق يتماشى و عاداتهم و مناخهم و غير ذلك، بل و أشد موافقة للسنة من غيره، يعتقد في نفسه أن هؤلاء الشباب لم يميزوا بين العبادة و العادة، وصاروا يستوردون كل شيء من الحجاز، لظنِّهم أنَّ الظُّهور بهذا الزَّيِّ سمة أهل العلم و أهل التقوى.

وعندما تعشى الأبصار و تصدأ الأفهام يعوِّل النَّاس على الاسم دون المعنى، وعلى المنظر دون الجوهر.

لكن وجود هذه الظاهرة في بعض عوام السلفيين لا تعني أنها موجودة في شيوخهم فضلا على أن تكون من منهج السلفية وفهمها للسنة.

مشكلة التَّبعيَّة في الفتوى:

معلوم أنَّه لابدَّ للمتكلم في هذه الأحكام الشرعية من مقدمات علمية يحيط بها الموضوع بضوابط المقاصد الشرعية، فلابد أولا من ذكر شروط الفتوى، وأهلية الناس لها،حتى لا يقتحم هدا الباب الخطير من لا يقدر عليه، ثم بعد دلك تثبيت أصول الإتباع ،وطرق الاحتجاج ،و مواطن النفي والإثبات على ما تقتضيه القواعد العامة.

وعندما يجد الشاب الجزائري بلده لا يعنى بالشخصية الثقافية الجزائرية من خلال الاعتماد في تدريس العلوم الشرعية على الكتب الفائقة التي كتبها علماء الجزائر في شتى الفنون، ومنها متون علمية في غاية الإحكام، مع ضعف أئمة المساجد في التأصيل و الاستشهاد بسبب ضعف تكوينهم خاصة في علوم الحديث ،و عجزهم الظاهر في الارتقاء بمذهب مالك مقارنة مع الفتاوى الواردة و المذاهب الأخرى، وربطه بادلته الأثرية ،و جمود سلبي على ما كتب في عصر الضعف و الانهيار من الحواشي التي أضرت بجمال وقوة المذهب المالكي يقبل على ما يجده في الساحة، ويعتقد أنه صحيح لأن الفتوى الواردة مزينة بالحديث و معللة بينما الفتوى التي يتلقاها في بلده تعتمد كلية على التقليد المجرد العري من حججه وأدلته.

إضافة إلى ضعف ثقافي في شخصية بعض الدعاة السلفيين وحاجتهم إلى تزكية شيوخ الحجاز التي بدونها لا يمكنهم الرئاسة على عوام السلفيين.

وهنا تبرز شبهة تستمد مادتها و تتغذى من الطرفين : من السلفيين ومن المؤسسة الدينية الرسمية هي شبهة الجزأرة،ولا أقصد بالجزأرة هنا الجماعة الإسلامية المعروفة ،ولكن الصبغة الجزائرية التي تشكلها أعراف وعادات و طبيعة المجتمع الجزائري وخصوصياته،فإذا كان اعتبار خصوصية المجتمع الجزائري و أعرافه وواقعه السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي عند إصدار الفتوى هو من الجزأرة المحمودة إذ الشريعة تحث على تنزيل الحكم الشرعي على ما يناسبه من الواقع، و مجاراة الأعراف إذا لم تصطدم بالشريعة فإن جلب الفتاوى من خارج الجزائر المخالفة لهذا الضابط خطر على الدعوة الإسلامية نفسها.

لكن في الوقت نفسه لا يجب أن نجعل الدين أو الفقه المالكي فقها جزائريا بامتياز بل هو فقه إسلامي سني يعود إلى أدلة كلية وجزئية شرعية مشتركة بين كل المذاهب الفقهية يختلف معها في ترتيب الاحتجاج بها وقوتها وعلينا أن نملك الشجاعة الأدبية لقبول الصحيح و الارتقاء بفقهنا وتطويره ليجاري تحديات العصر و يزداد قوة ونفوذ في المجتمع الجزائري بدلا من حالة النهب الثقافي التي نعاني منها و التي تعود المسؤولية الأولى عليها إلا ضعف تصور الدولة و معالجتها لهذه القضايا.

ضوابط الفتوى:
من المعلوم أن الفتوى بالعزيمة من أسهل أنواع الفتوى،فإنها لا تحتاج إلا أن يحفظ المفتي ما قاله أهل العلم في الباب ثم يؤديه إذا استفتاه الناس،و ليس هدا بالعلم عند العلماء و الأئمة من أهل السنة، فان الأشياء قد تشتبه،و يكون الحكم عليها مختلفا لورود صور الاستثناء، و اختلاف الأسباب و العلل.

فيلزم معرفة الواقعة ،و معرفة حكم الشرع فيها،ثم معرفة مقاصد الشرع و ضوابط اختلاف الواقعة من حالة إلى أخرى، وقد ذكر أهل العلم شروط الفتوى و آدابها،كما في " إعلام الموقعين "لابن القيم"رحمه الله".

ثم من أهم ما يجب مراعاته هو تنزيل فتوى العالم على الواقعة المطابقة لها، فان الخطأ في هذا خطأ في الفتوى، ولذلك تجد من الناس من يأخذ فتوى مطلقة و يعممها على حالات مقيدة.

فقد يكون جواب العالم مطلقا في نفسه،و صورة الحاجة والضرورة لم يستشعرها نفيا ولا إثباتا،فلا يكون جوابه متناولا لها، كأن يُسأل عن دخول الحمام في الجزائر فيجيب بالنفي، و لا يستشعر حال المريض، وحال البلاد الباردة، و حال المحتاج و غير ذلك.

فملاحظة أصول الشريعة و نصوصها أولى من ملاحظة فتوى مجردة عن تدليلها العلمي،أو لم تأخذ بعين الاعتبار الفروق المميزة و الحالات الاستثنائية.

ومشكلة بعض السلفيين أنه يفتي بغير تقليد ،ولم يبلغ درجة الفتيا (؟!)

ويري الناس تقدمه في حقل الدعوة و التدريس فيستفتونه،ولو نظر حق النظر، و خاف الله تعالى علم أنه لا يحل له أن يفتي،فهذا الذي قال عنه علي بن أبي طالب :" سماه أشباه الناس عالما ولم يفن في العلم يوم سالما."

فيجب أن نراعي عند الفتوى طرق استنباط الأحكام وضبط منهج الإفتاء فيما أصله العادة فنتفطن لحقيقة الدين، و ننظر ما اشتملت عليه الأفعال من المصالح الشرعية و المفاسد، بحيث نعرف ما ينبغي من مراتب المعروف، و مراتب المنكر حتى نقدم أهمها عند المزاحمة، فان هذا حقيقة العمل بما جاءت به الشريعة، فان التمييز بين جنس المعروف وجنس المنكر، و جنس الدليل وغير الدليل يتيسر كثيرا، فأما مراتب المعروف و المنكر و مراتب الدليل، بحيث تقدم عند التزاحم أعرف المعروفين فتدعوا إليه، وتنكر أنكر المنكر، وترجح أقوى الدليلين،فانه هو خاصة العلماء بهذا الدين.

ومن هنا أدعو المؤسَّسة الدِّينيَّة إلى مراجعة موقفها من السَّلفيِّين، و الاستعانة بهم خاصَّة ،وأنَّه يوجد داخل السَّلفيِّين أئمَّة و شيوخ في غاية التَّمكُّن و البراعة من فقه الإمام مالك، وقد تفوَّقوا في تدريسه في مساجدهم، ولو يجدون المساعدة من المؤسَّسة الدِّينيَّة الرَّسميَّة فإنَّ لهم قدرة على خدمة هذا التُّراث المهمِّ باستخراج المخطوطات و المراجع الفقهيَّة الَّتي كتبها الجزائريُّون في مختلف البلاد الإسلاميَّ،ة وإبرازها ممَّا يساهم في تقوية التَّرابط بين مكوِّنات المجتمع الجزائريِّ، وإبراز الشَّخصيَّة العلميَّة الثَّقافيَّة الجزائريَّة ،و إعادة بعثها في العالم الإسلاميِّ تعريفًا بدورها وجهدها، وقيمتها العلميَّة الحقيقيَّة.









قديم 2013-02-01, 16:57   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جاء في ترجمة الشيخ الطيباوي على موقعه ما قاله الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله
"فلقد يسر الله لي أن أقرأ ما كتبه الأخ السلفي الفاضل/ مختار الأخضر طيباوي في الرد على أباطيل محمد سعيد رمضان البوطي التي ضمنها كتابه "السلفية مرحلة زمنية" قام هذا الأخ الفاضل بدحض أباطيل البوطي بالحجج والبراهين العقلية والنقلية .
لقد بين زيف الأشعرية عقيدة ومنهجا وتأصيلا وبين زيف الفلسفة اليونانية التي اغتر واعتز بها الجهمية والمعتزلة والأشاعرة والصوفية.....
لقد ناقش البوطي في عدد من الأبواب بالحجج والبراهين الساطعة فقمعه في كل باب ....
لقد نصر الله المنهج السلفي ونصر ابن تيمية وعلمه ومنهجه السلفي القائم على كتاب الله وسنة رسوله وهدي السلف الصالح ، وأخزى الله المذاهب والفلسفات الباطلة بما حبره هذا الشاب الباسل الغيور في هذا الكتاب النافع الذي أعلى منار الحق والهدى ونكس أعلام الباطل والردى."
https://www.taibaoui.com/index.php?nabda=1
الكتابالحجج الكافية الوفية لصد شبهات البوطي على السلفية " ..










قديم 2013-02-02, 10:26   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قطوف الجنة مشاهدة المشاركة
جاء في ترجمة الشيخ الطيباوي على موقعه ما قاله الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله
"فلقد يسر الله لي أن أقرأ ما كتبه الأخ السلفي الفاضل/ مختار الأخضر طيباوي في الرد على أباطيل محمد سعيد رمضان البوطي التي ضمنها كتابه "السلفية مرحلة زمنية" قام هذا الأخ الفاضل بدحض أباطيل البوطي بالحجج والبراهين العقلية والنقلية .
لقد بين زيف الأشعرية عقيدة ومنهجا وتأصيلا وبين زيف الفلسفة اليونانية التي اغتر واعتز بها الجهمية والمعتزلة والأشاعرة والصوفية.....
لقد ناقش البوطي في عدد من الأبواب بالحجج والبراهين الساطعة فقمعه في كل باب ....
لقد نصر الله المنهج السلفي ونصر ابن تيمية وعلمه ومنهجه السلفي القائم على كتاب الله وسنة رسوله وهدي السلف الصالح ، وأخزى الله المذاهب والفلسفات الباطلة بما حبره هذا الشاب الباسل الغيور في هذا الكتاب النافع الذي أعلى منار الحق والهدى ونكس أعلام الباطل والردى."
https://www.taibaoui.com/index.php?nabda=1
الكتابالحجج الكافية الوفية لصد شبهات البوطي على السلفية " ..
أولا : الشيخ ربيع المدخلي ـ حفظه الله ـ عند المميعة من الغلاة الذين يحذر منهم ، ثم تجدهم يستدلون بهذه التزكية القديمة منه ـ حفظه الله ـ لهذا المتعالم المتفلسف على صحة منهجه .

و هذا دليل قوي على أنّهم أصحاب هوى لا يأخذون من كلام العلماء إلا ما يوافق مرادهم .

ثانيا : هذه تزكية مقيدة برسالة أو كتاب فلا يلزم من ذلك تعميمها كما يفهم من كلام المميعة .

ثالثا : الشيخ ربيع حفظه الله قال عنه : " الأخ " و لم يشيّخه لأنّه لم يبلغ مرتبة أهل العلم ، وهؤلاء المميعة الصغار الأغمار رفعوه و شيّخوه وجعلوه في مرتبة الكبار .

لا لشيء إلا لأنّه وافقهم في تشدقاتهم و شطحاتهم .

رابعا : هذه التزكية قديمة ومنسوخة بجرح الشيخ ربيع له في مقالات الرد على الطيباوي المحتار :

https://www.rabee.net/show_des.aspx?pid=3&id=280

https://www.rabee.net/show_des.aspx?pid=3&id=281

https://www.rabee.net/show_book.aspx?pid=3&bid=282&gid=

فلا ينبغي نشرها و الاستناد عليها .
و الله الموفق
.









قديم 2013-02-01, 17:06   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
مهدي الباتني
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










16

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الكيفاني مشاهدة المشاركة
[color="red"][u][center]

فالتيِّار السَّلفيُّ

هل لك سلف
في هذه التسميـــــــــة









قديم 2013-02-01, 17:14   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
مهدي الباتني
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

وقفات مع المتعالم الفيلسوف مختار الطيباوي وبيان جهالاته وضلالاته في أصل امتحان الناس

على الرابط: https://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=131240

السرقات العلمية (مختار طيباوي أنموذجًا !!)

على الرابط:
https://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=122893


17 كارثة من كوارث مختار الطيباوي !
على الرابط:
https://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=122969

زجر العاوي مختار الطيباوي المعتدي على أسياده بعقله الخاوي - الحلقة 1 -
على الرابط:
https://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=120956










قديم 2013-02-01, 19:08   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
الكيفاني
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

كلب عاوي!!

الحمد لله الذي وفقنا لنعرف الدعوة السلفية قبل أن نعرف أصحاب هذه الاخلاق
لن أدخل معك في الجدال حول الطيباوي وآراءه
لكنه قدم موضوعا قيما جدا
لا انت ولا من وضعت لهم روابط يستطيعون تقديمه










قديم 2013-02-02, 10:08   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الكيفاني مشاهدة المشاركة
كلب عاوي!!

الحمد لله الذي وفقنا لنعرف الدعوة السلفية قبل أن نعرف أصحاب هذه الاخلاق
لن أدخل معك في الجدال حول الطيباوي وآراءه
لكنه قدم موضوعا قيما جدا
لا انت ولا من وضعت لهم روابط يستطيعون تقديمه

من أنت يا كيفاني حتى تقيّم موضوعه ؟؟؟؟

ألا ترى أنّك أقدمت على شيء لست أهلا له ، فكيف ستجيب ربك يوم لقياه عندما يسألك عنه ؟

ألا ترى أنّك بموضوعك هذا تغرّر الناس بالمجاهيل و المتعالمين ، و تعلّقهم بهم ، و الأولى بالسلفي أن يعلّق الناس بالعلماء السلفيين لا بمن دونهم ؟

فقد صدق مشايخنا ـ حفظهم الله ـ عندما عرفوا حقيقة المنهج التمييعي و أهدافه ، وذكرو أنّ أهمها :

صرف الشباب السلفي عن العلماء الربانيين و ربطهم بالصغار و المتعالمين كأمثال هذا المتعالم الطيباوي ، وبالتالي يعبّد لهم الطريق لإمرار شبهاتهم و خزعبلاتهم .

و لم نر من تأثر بهؤلاء إلا الجهال و قليلي البضاعة في المسائل المنهجية .









قديم 2013-02-02, 17:41   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
الكيفاني
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

هذا الذي تقول عنه متعالم هل قرأت ردوده أم أنك تقرأ لـطرف واحد فقط !!
فإن كنت كذلك فلماذا تشنع على غيرك في أمر أنت فيه مقلد لغيرك
وأما الطيباوي وما يثار حوله فلا أدخل فيه وأحترم جميع المشايخ والعلماء والتحكيم بين اهل العلم وطلابه يكون للعلماء الكبار

ونقلت موضوعه لأنه عالج قضية مهمة نعاني منها في بلادنا لم نر من عالجها في حدود ما اطلعت عليه من مشايخنا الجزائريين وفقهم الله
هداني الله واياك لاتباع الحق










قديم 2013-02-02, 22:21   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
الوادعي
مشرف منتديات الدين الإسلامي الحنيف
 
الأوسمة
وسام التميز 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الكيفاني مشاهدة المشاركة

ونقلت موضوعه لأنه عالج قضية مهمة نعاني منها في بلادنا لم نر من عالجها في حدود ما اطلعت عليه من مشايخنا الجزائريين وفقهم الله
هداني الله واياك لاتباع الحق
هذه المسائل ليس لأحد أن يخوض فيها إلا العلماء الكبار الراسخين..

والطيباوي هذا لا يعرف بالعلم أوحتى من طلبته

فأرجو النقل على أهل البصيرة في الدين

بارك الله فيكم









قديم 2013-02-02, 22:56   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
علي الجزائري
عضو محترف
 
الصورة الرمزية علي الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز لسنة 2013 وسام التميز 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الكيفاني مشاهدة المشاركة
وأما الطيباوي وما يثار حوله فلا أدخل فيه وأحترم جميع المشايخ والعلماء والتحكيم بين اهل العلم وطلابه يكون للعلماء الكبار
بل يجب أن يهمنا ما يثار حول الدعاة فإن وجدنا قدحا و جرحا لهم من طرف العلماء الربانيين
ابتعدنا عنهم و لا نأخذ ديننا إلا عن عالم ناصح أمين ..



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الكيفاني مشاهدة المشاركة
ونقلت موضوعه لأنه عالج قضية مهمة نعاني منها في بلادنا لم نر من عالجها في حدود ما اطلعت عليه من مشايخنا الجزائريين وفقهم الله
هداني الله واياك لاتباع الحق
هذا الرجل ( الطيباوي ) عالج قضية مهمة من منظوره و وفق قواعده و أصوله
و قد تبيّن لنا من خلال الروابط التي أوردها الأخ عمار جزاه الله خيرا بيان الشيخ
ربيع حفظه الله تعالى لتلك القواعد و الأصول ..
نسأل الله أن يهدينا صراطه المستقيم ..









موضوع مغلق

الكلمات الدلالية (Tags)
المُؤسَّسة, الجَزائِر, الدِّينيَّة, الرَّسميَّة, السَّلفيُّون


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 23:47

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc