وَعْدَة «سيدي الحسني» بوهران فضائحُ....ومخازي - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

وَعْدَة «سيدي الحسني» بوهران فضائحُ....ومخازي

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-01-18, 17:36   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الكيفاني
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










B11 وَعْدَة «سيدي الحسني» بوهران فضائحُ....ومخازي

وَعْدَة «سيدي الحسني» بوهران فضائحُ....ومخازي





نشرت جريدة «الشّروق اليومي» -الّتي تَصدر بمدينة الجزائر- في عددها(2388)، المصادف ليوم الإثنين: 24 شعبان1429هـ /25 أوت2008م، مقالاً ضافيًا، أو قُلْ: ملفٍّا مسهبًا، عن إحدى مظاهر الشّرّ، وتجمّعات الفساد، الّتي عرفت رواجاً كبيراً في هذه السّنوات المتأخّرة، هي ظاهرة إقامة «الوعدات» على وعند «أضرحة» من يسمّون عند الجماهير بـ«الأولياء الصّالحين»



فقد عمل أناسٌ على إحياء ما اندثر من هذه العوائد البدعيّة والمواسم الشّركيّة، الّتي اتّخذت غطاءَ «إحياء التّراث» و«التّذكير بعوائد الأجداد»، و«المحافظة على ثقافة وموروث الشّعوب»....إلخ، وقد لقيت هذه دعماً رسميًّا، ورصدت لها ميزانيّات من الأموال، وسهّلت لها الطّرق تسهيلاً، وحظيت بإعلام واسعٍ، فتوالى الحديث عنها في (التلفزيون) وفي الإذاعات والجرائد، بغرض التّرويج لها، وليس َ هو حديثَ من يستنكرها، ويستهجن ما يحصل فيها من منكرات ومخالفات، أشدّها: ما يدخلُ على النّاس من الفساد في دينهم وفي عقيدتهم، بسوء ما يعتقدونه فيها وفيمن أُقيمت هذه الأعمال لأجلهم وعلى شرفهم –كما يقولون!-، أقول: تحدّث المقال أو الملف المشار إليه، حديثاً صريحاً، لم نألفه عند كثيرٍ من الكاتبين من الصّحفيِّين وغيرهم، فسمَّى الكثيرَ من الحقائق بمسمَّيَاتها، وزيَّفَ ادّعاءات القوم، وفضح مزاعمهم، وبيّن مخالفة أقوالهم لما هو واقعٌ حقيقةً، تُبْصِرُهُ النُّفوس الّتي لم تُبْتَلَ بوباء «الطّرقيّة»، وخرافة «المرابطيّة»، ولم تُفْتَنْ برجال الغيب –كما يعتقد الكثير-، فَتُنْكِرُ بِفِطَرِهَا، ما قدْ راج على ضعفاء العقول من النّساء وأشباه الرّجال!...لقد أشار(الصّحفيّ) إلى شنيعتين من الشّنائع الّتي يرتكبها المفتونون بأضرحة «الأولياء»!، لكنه لم يركز عليهما في «بيانه المستفيض»؛ فقد اكتفى في العنوان (بالخطّ العريض) في واجهة الجريدة، بالكتابة التالية: «فيلات فاخرة، سيّارات فخمة، ومشاريع، بأموال الشّعوذة والشّرك»، وإذا قرأتَ المحتوى من الدّاخل، لم تجد بياناً عن مظاهر الشّرك الّتي يفعلها الجهلة عند هذا الضّريح أو ذاك. ولعلّه اكتفى بالشّنيعة الأخرى والطّامّة الكبرى، الّتي قال عنها: «فتيات بألبسة فاضحة وزوّار يسجدون لغير الله»، وكانت الصّورة الّتي أخذت مساحة من واجهة الجريدة أكبر معبِّر، وخير شاهدٍ على مبلغ الفتنة والافتتان، اللّذيْنِ حصلا بسبب هذه الأضرحة، الّتي زُيِّنَتْ وعُظِّمَتْ بالقول وبالفعل أمام أنظار وأسماع قاصديها وزائريها والواقفين على أعتابها!.. إنّه السُّجود للقبر، ووضع الجبهة والأنف على البيت الخشبيّ الّذي يعلو القبر ويحويه، تاللهِ إنّها لإحدى الكُبَرْ!!...ليتَ الكاتب الصّحفي جَلَّى هذا الأمر وأفاض فيه تقبيحاً وتشنيعاً، كما أفاض وقبّح –على الأقلّ- أفعال أولئك المرتزقة الّذين يستغفلون النّاس، ويُبَلِّهُونَهُمْ، ويَمُنُّونَهُمْ، ثمّ يَسْتَلِبُونَ أموالهم، بدعوى أنّهم قد أعطوهم البركة، وحَلُّوا مَحَلَّ الرّضا من «الوليّ الصّالح»، و«الشّيخ البركة»!!...لقد فضح الكاتب القوم «أوّلاً»، بكشفه عن مصير مداخيل الأضرحة والزّوايا من «الزّيارات» و«النّذور» و«التّبرّعات»، ثمّ «ثانياً» بإبطال مزاعمهم بل تُرَّهَاتِهِمْ وحيلهم في تَبْلِيهِ النّاس، واللّعب على عقولهم، من أنّ هذه المواسم (والأعياد )المشهودة، ممارسة لشعائر دينيّة، ومجمعٌ إيماني، ومحفلٌ ربانيّ، والواقع-وهو خير شاهد- على إفكهم أنّها اجتماعاتٌ أفسدت الأخلاق بعد أن أفسدت العقائد والأديان، «والشّيءُ من معدنه لا يُستغربُ»، ثمّ كشف الكاتبُ «أخيراً» عن مبلغ الجهل والانحطاط الّذي وصل إليه فئامٌ من النّاس-غالبهم من النِّساء- في دينهم وفي عقولهم!، فعميت بصائرهم، قال تعالى: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾[الحج/46].. فإليكم نقولاتٍ ممَّا سطّره الكاتب، الّذي يُشكر له إسهامُه في تنبيه الغافلين، وإيقاظ النُّوَّام المُخَدّرِين، وفتح العقول لمن يتقدّمونهم ويَتَوَلَّوْنَهُمْ باسم الدين، و«بركة الصّالحين»!:



ـ من هو «سيدي الحسني»؟:

يقول الكاتب معرِّفاً به: «...العارف بالله الشيخ الوالي الصالح سيدي الحسني الشريف الوزاني، الذي توفي بالزاوية في وهران بتاريخ1321 عن عمر يناهز 94 سنة، حيث أنجب ولدين، أحدهما وهو أحمد جد «الشاب شريف الوزاني»، وكان والد هذا الأخير مولاي عبد الله، الذي توفي بنفس الزاوية في سنة 1999، تاركا خلفه ابنه البكر مولاي أحمد بدر الدين «مولاي الحسن الشريف الوزاني» والأصغر مولاي الطيب، وذلك ما يوضحه شيخ الطريقة الطيبية ذات الأصول المغربية، فالشاب شريف الوزاني من خلال شجرة النّسب وأصول الطريقة، في كتاب ألفه هو، على حدّ تعبيره «أصول الطريقة الطيبية وسيرة الصوفي سيدي الحسني الوهراني»، صادر عن دار الأديب بوهران، سنة 2007، فتحصّلت «الشروق» على نسخة منه، وقد طبع على نفقة دار الثقافة «زدور إبراهيم بلقاسم»، على هامش ملتقى دولي موّلته مؤسستا سوناطراك وسونلغاز، إلا أنه فضل عدم كتابة اسمه كمؤلف للكتاب، وأرجع ذلك قائلاً: «حتى لا يقول الناس أن شيخ الزاوية ألف كتابا على نفسه..»، ومن البرامج التي أشرفت عليها زاوية سيدي الحسني والتي خصص لها مبالغ ضخمة، حسب مقرَّبين: ملتقى دولي العام الماضي حضره جزائريون ومغاربة، تناول إشكالية الطرق الصوفية ومدى تأثر أتباع ومريدي الطريقة الطيبية بالولي الصالح الشيخ سيدي الحسني، شارك فيه أساتذة من أدرار، بشار، أساتذة بجامعة وهران، وأساتذة من طنجة، وتيطوان بالمغرب، وكان مدير الملتقى«شريف الوزاني مولاي الحسن» نفسه.. وشاركه في التنظيم شقيقاه. ومن بين البرامج الثقافية والدينية كذلك الوعدة المشهورة لسيدي الحسني والتي دامت مدة ثلاثة أيام من 9 إلى 11 جويلية الماضي[2008م]، وقد كانت، حسب شهود عيان، كارثية من حيث التنظيم، إذ اضطر الزائرون إلى المبيت بالشارع وافتراش«الكرطون»، حيث يتنقل مئات من مختلف ولايات الوطن إلى الزاوية في

الموعد ذاته سنويًّا، للتبرّك بالوليّ الصّالح [1] ، وتتدفق مختلف أنواع الطعام وكثير من الأموال من المحسنين لتذبح الخرفان[2] وتقام الولائم وتمتلئ خزينة الزاوية»اهـ.



ـ من يكون شيخُ الزّاوية الحالي؟...اقرأ وتعجَّبْ:

يقول الكاتب تحت عنوان: «مغني مشهور، شيخ للطريقة الطيبية ومشرِف على زاوية سيدي الحسني!»: «يبدو بادئ الأمر، اتهاما غير قابل للتصديق أو ادعاء لغرض، خصوصا وأن صورة شيوخ الزوايا لدى الجميع لا تخرج عن إطار العابد المتنسك الذي يكون مثالا في الورع والتقوى، وقد كنا أثناء تحضيرنا لزيارة زاوية سيدي الحسني الشهيرة المتواجدة بالقرب من المدينة الجديدة، نتوقع أن يكون شيخها صاحب عباءة وبرنوس، تظهر على ملامحه المشيخة، خصوصا وأن جميع من قابلناهم ذكروا لنا اسمه: الشيخ مولاي الحسن شريف الوزاني، ويعرف بهذا الاسم لدى العام والخاص، وإذا بنا نتفاجأ بشاب في الأربعينيات يرتدي سروال «جينز»، ويتكلم الفرنسية، وكنا قبل مقابلتنا له قد تحصلنا على معلومات لا يعلمها إلا القليل، مفادها أنه مغني ويشرف على الزاوية في نفس الوقت، وتحصلنا على«كارت» أو بطاقة زيارة خاصة به، كان يوزعها سابقا، تحمل صورته ببدلة رسمية، يظهر فيها مبتسما طويل الشعر، ويوجد فوق الصورة الصغيرة رسم لوردة وتحتها عبارة «أحبك» بالإنجليزية، أما ما كتب على البطاقة، فكان بالفرنسية، حيث يوجد اسمه واضحاً «مولاي حسن شريف الوزاني»، وتحتها العبارات التالية التي تشير إلى المهن التي يزاولها شيخ زاوية سيدي الحسني: مغني، صحفي، محل لخدمات الهاتف، نسخ الأوراق، الرَّقن على الحاسوب، مذكرات، فاتورات، بطاقات زيارة، بطاقة مهنية، مطويات، شعارات، الكتابة على المجسمات، فاكس، نسخ الأقراص المضغوطة، طلب السيرة الذاتية، التغليف البلاستيكي، بيع بطاقات التعبئة، وأرفقت هذه الخدمات بهاتف النقال والفاكس والعنوان التالي:8 شارع سيدي الحسني، وهران، وهو نفس عنوان الزّاوية ونفس أرقام الهاتف والفاكس التي وجدناها في مطوية خاصة بالبرنامج السنوي للزاوية التي تحصلنا عليها من «الشيخ/المغني» ذاته، وقد اكتشفنا ذلك حقًّا، من خلال زيارتنا للمحل الخاص بخدمات الهاتف بالزاوية، حيث يعلق هناك صورة كبيرة الحجم تحمل صورته الفنية وهو يحمل قلادة حول رقبته، طويل الشعر، وكتب على الصورة «استوديو سانت كريبا»، كما كتب على الصورة بالبند العريض وباللغة الفرنسية «الشريف الوزاني، ملك التيندي»، ما معناه أنه يختصّ بأغاني التيندي....»اهـ.



ـ يقول الكاتب تحت عنوان: «أين تذهب مداخيل «الزّيارة» والشّعوذة وإعانات الدولة؟»:

«حسب تصريحات المشرف على زاوية سيدي الحسني، فإن الأعباء المالية للنشاطات الثقافية والدينية ومصاريف ونفقات الزاوية وطلبتها أكثر من المداخيل السنوية، لكن ما لاحظناه غير ذلك تماما، حيث كان يكفينا المكوث لساعات قلائل بالقرب من الزاوية، والاستفسار من بعض الداخلين إليها، لنكتشف أن أموالا طائلة تتدفق على الزاوية وصاحبها، إذ لاحظنا أنه ما لا يقل عن 100 زائر في الساعة، يقصدون الزاوية، خصوصا في فترة الزوال، ولا تتوقف مختلف أنواع السيارات، الفخمة والعادية منها من التوقف أمامها مُقلَّةً عائلات بأكملها، لا تقل «زيارة»[أي: المال المدفوع لشيخ الزّاوية] الواحد منها عن 100دج، فيما تتجاوز «زيارة» أصحاب المال والأثرياء ذلك بكثير، حسب شهادات مقرَّبين، وحين استفسارنا لدى إحدى النساء القاصدات للزاوية، صرحت لنا أنّها لاجئة إلى شيخ أو طالب بالزّاوية، ليكتب لها حِرْزًا لشفاء ابنتها، مضيفةً أنّ عمله ينفع لحالات المرض، وزواج العانسات، وإنجاب العاقرات، وغيرها، وعلى هذا الأساس يقصد الزاويةَ نساءٌ ورجال من شتَّى ولايات الوطن، وقد تعرّفنا بعد ذلك أنّ الشّيخ إنّما هو مشعوذ، وهو شاب في مقتبل العمر يتواجد في غرفة على اليمين، حيث يسطر «الحروز»، مقابل مبالغ مالية معتبرة، وكشف مقرَّبون رفضوا الكشف عن هويَّتهم أنّ الزّاوية يتواجد بها عدد من«الطلبة» يمارسون الشّعوذة منذ زمن ويتاجرون بمصائب الّناس و «غْبِينَتْهُمْ»، ضف إلى ذلك المبالغ التي يدفعها ما لا يقل عن 300 طالب، صغارا وكبارا نظير تعلم القرآن، حسب شهادة شيخ الزاوية نفسه، هذا الأخير صرح أن إعانات الدولة شحيحة ولا يتم الحصول عليها إلا بعد مجموعة من الإجراءات الطويلة ويطلب تبعا لذلك زيادة الاهتمام بهذا الموروث وتخصيص ميزانية للنشاطات الثقافية والدينية، وهو ما أفاد به مطلعون، حيث ذكروا أن زاوية سيدي الحسني حرمت هذا العام من مساعدات مالية، مادية وبشرية فيما يتعلق بالوعدة كانت تستفيد منها لسنوات مضت لأسباب مجهولة، حيث إنها لم تحصل إلا على بضعة صهاريج مياه صالحة للشرب من مؤسسة «الجزائرية للمياه»، لم تكف لكافة الزوار الذين طرقوا أبواب الجيران طمعا في الحصول على كوب ماء.

كما تجدر الإشارة إلى أن زاوية سيدي الحسني تتواجد على مستوى 48 ولاية «كفروع للبنك المركزي» وذلك تحت إشراف الزاوية الأم، بمعنى أن جزءا كبيرا من مداخيلها يصبّ في حساب زاوية الوليّ الصالح بوهران».



ـ«فيلا فاخرة، "طاكسي فون"، سيّارة جديدة، وممتلكات أخرى»:

يقول الكاتب: «لا أحد بإمكانه مساءلة المشرفين على الأضرحة والزوايا، حول وجهة مداخيلها غير الجهات المختصة، فيما تعد هذه الأموال وقفا لها، ممنوعة من الضرائب والمراقبة والمتابعة، باستثناء تقديم حصيلة سنوية عن النشاطات الثقافية والدينية لدى الجهات المعنية، حسب ما صرح به رئيس مصلحة الشعائر الدينية والإرشاد والأوقاف بمديرية الشؤون الدينية... والذي أكد أن ملفات اعتماد الزوايا تؤشر من قبل مديرية تنظيم الشؤون العامة بالولاية بعد تحقيقات أمنية وإدارية وتقصّي حول سمعة صاحبها ودراسة للملف من كل الجوانب، فيما لا يتجاوز دور مديرية الشؤون الدينية، منح الموافقة المبدئية بعد الاطلاع على جوانب تتعلق بأرض الزاوية والمشرف عليها، وحين سؤالنا عن شيخ زاوية سيدي الحسني الذي يعتبر نفسه ملك أغنية «التيندي» وله فيديو كليبات وأغاني مسموعة، صرّح رئيس المصلحة أن شقيقه هو المغني وليس هو شيخ الطريقة الطيبية، على الرغم من أن المغني ذاته أكد ذلك ويفتخر أنه فنّان وزعيم للطريقة في نفس الوقت....» اهـ.



ـ «الأضرحة...استثمارٌ آخر يُدِرُّ الملايين بعيداً عن أنظار الرقابة»:

يقول: «..لا يعدّ كشف جزء من هذه الحقائق، تحاملا على زاوية بعينها، لأنّ باقي الزّوايا والأضرحة على المستوى الوطني لا تقلّ شأنا عنها وتطاردها الاتّهامات من كل جانب، وَسَطَ جَهْلِ الْمُتَشَبِّثِينَ بها لأغراض التَّبَرُّك والشّفاء، الزّواج والإنجاب وقضاء مختلف الحاجات، حيث توجد بوهران لوحدها 43 زاوية، منها اثنتان لا تعملان وأكثر من 8 أضرحة، حسب رئيس مصلحة الشعائر الدينية والأوقاف، تمثل مختلف الطّرق كالشاذلية والدرقاوية ويقدّر عدد طلبتها الأقل من 15سنة بنحو 78 طالبا، أما الذين يتجاوز سنهم الـ15 سنة، فهم أكثر من 300 طالب، بمعدل ما بين 20 و30 طالبا بالزاوية الواحدة، مردفاً أن الإعانات المالية التي تمنحها الولاية والوزارة تكون وفق تقييم النشاطات التي تقوم بها سنويا، وأنه لم تكتشف أي تجاوزات فيما يتعلق بوجهة مداخيل الزّوايا والأضرحة....»اهـ.



ـ«نساء يرقصن، عشيقات وممارسات غير أخلاقية بـ«الوَعْدَة»»:

يقول الكاتب: «ثلاثة أيام من الاحتفال بـ«وعدة سيدي الحسني»، لم تصطبغ بجو إيماني وممارسة شعائر دينية مثلما يسطر لذلك، حيث يروي شهود عيان أن وعدة سيدي الحسني الأخيرة، تحولت إلى مشاهد للرقص والغناء وإطلاق الزغاريد والعبث بشتى أنواع الأطعمة، تحت أصوات بارود فرقة «أولاد توت»، وأضافت مصادرنا أن نساءً كن يرقصن بالشارع وسط جموع غفيرة من الوافدين إلى الولي الصالح، حسب أفلام فيديو مصورة عن طريق أجهزة الهاتف النقال «اطلعت عليها الشروق» وكانت «الوعدة» لا تخلو من الأزواج وأصحاب العلاقات غير الشرعية، حيث اصطحب مجموعة من الزوار عشيقاتهم إلى منطقة «عين الترك» لتناول الكحول، وقدموا في ساعات متأخرة من الليل ليبيتوا بالرصيف على طول الشارع، حيث تتواجد الزاوية وحيث بات العشرات وكانت السيارات مخادع لممارسات غير أخلاقية، استاء لها كثيرون.

فيما ذكر شيخ الطريقة الطيبية أن عدد الزائرين هائل ولا يمكن إيواؤهم جميعا على مدى الأيام الثلاثة، ومن أجل ذلك تقدم بطلب لاستفادته من مراكز للإيواء أثناء «الوعدة» السنوية، مصرّحاً أنه يتم فيها تلاوة القرآن الكريم ابتداءً من صلاة العصر إلى غاية صباح اليوم الموالي، وهو ما يعرف بـ«السَّلْكَة»، ويرافق ذلك حفل فلكلوري احتفالا بختم القرآن ويُعْقَبُ بتلبيس ضريح الولي بحضور الأشراف ومقاديم مختلف الطرق، والإنشاد من طرف فرق الطريقة العلوية، التجانية، الماشيشية، البوعبدلية، الهبرية والقادرية» اهـ.



ـ «الزّوّار...فتيات بألبسة فاضحة ومهاجرون شبه عراة»:


يقول الكاتب: «يبدو أن عدم احترام مثل هذه الأمكنة لا يلام عليه المتسوّلون فقط، باعتبار أن الدخول إلى الزّوايا والأضرحة، أصبح لا يختلف عن الدّخول إلى «كباريه» أو «علبة ليل»، حيث لاحظنا خلال مراقبتنا لزاوية سيدي الحسني وضريح سيدي الهواري، فتيات يدخلن بألبسة فاضحة تظهر عوراتهنّ، يتقدّمن بمفردهنّ أو برفقة أصدقائهنّ أو عائلاتهن دون مبالاة بباقي الزّوّار من العجائز اللواتي يبدين استنكارهن لهذه الألبسة وكثيرا ما يوجهن ملاحظات قاسية، تصل إلى حدّ الشجار داخل المقام. إضافة إلى ذلك لا يبالي المهاجرون بألبسة قصيرة يرتدونها، حيث دخل أحد الشبان بتبّان فوق الركبة عاري الكتفين، ومكث بضريح سيدي الهواري طويلا ونظرًا لضيق «القبّة» التي تعدّ بمثابة غرفة واحدة، فإن الجميع رجالا ونساءً يختلطون ويتكدّسون بالداخل دون أيّ حواجز. ولا يحدّد المشرف على الزاوية أو المقدم بالضريح أيّ ضوابط لاحترام المكان ما دام الوافدون مصدر رزق، بينما أصبحت هذه الأمكنة مفضلة لمعاكسة الفتيات وممارسة أفعال مخلة بالحياء بالقرب منها، على غرار ما يحدث بضريح سيدي عبد القادر الذي يتواجد بمكان منعزل بجبل «المرجاجو» قرب كنيسة «سانتا كروز»، حيث يغص المكان بالأزواج، دون أيّ تدخّل لمنع هذه الممارسات غير الأخلاقية.

وقد لفت انتباهنا أيضاً: أن نفس الزوار تقريبا يتوجهون إلى مختلف الزوايا والأضرحة، حيث شاهدنا فتاة في العشرينيات تتردد على زاوية سيدي الحسني يوميا وكانت المفاجأة أن وجدناها بضريح سيدي الهواري كذلك، وخلال تقربنا من إحدى الزائرات وهي عجوز متقدمة في السن، ذكرت لنا أن ابنها مريض ولم يكشف الأطباء عن مرضه، بينما أكدت لها مشعوذة بـ«عين الترك» أنه مصاب بـ«المُومْنِينْ»، وعليها أن تأخذه إلى ضريح سيدي الهواري ثلاث مرات ثم تعود به إليها [3]، وكان جميع الوافدين يشربون من برميل ماء وضع أمام مدخل الضريح تبرّكاً به [4]، بينما قام شيخٌ في منظر أضحك الجميع، بصبِّ هذا الماء على ولديه المريضين إلى غاية أن ابتلّت كامل ملابسهما، لكنّ الغريب في الأمر أن صاحب سيّارة كان يملأ البرميل من ماء الحنفية كلّما فرغ، ما معناه أنه ماء عادي!»اﻫ.

بهذه الأمثلة، ختم «الكاتب الصّحفي» مشكوراً مقالته هذه، والّتي صوّرت لنا بعضاً ممّا يحدثُ بهذه الأمكنة والمشاهد... فأين من يُعَلِّمُ الجاهلين، ويُرْشِدُ الضّالّين، ويَدُلُّ النّاس على الوجهة الصّحيحة الّتي يجب عليهم أن يتوجّهوا إليها؟ أين مَنْ يأخذ على أيدي السّفهاء؟ ويزجر البُلَهَاء، ويمنع مصادر الشّرّ، وينابيع الفتنة، ويستأصل مظاهر الشّرك، ويقطع جذور الخرافة، ويملأ القلوب علماً وإيماناً، فيعرِّفها بربِّها وفاطرها، ويعلِّقها بمعبودها؟ أين من ينكر المنكرات، ويحذِّر من أكبر الكبائر؟...أين الأساتذة الجامعيون؟.. وأين العلماء الباحثون؟... وأين الأئمة والخطباء؟... وأين الوعاظ والفقهاء؟...أين، وأين، وأين؟؟؟...أين مَنْ يغارُ على الدِّين ومعالمه؟، ويغضبُ لحقِّ الله أن يُنْتَهَكَ ومحارِمِه؟



أَإِنْكَارٌ على المُنكِر وسكوتٌ على المُبطِل؟:

`كأنِّي ببعض المتفلسفِين ينطقُ، وهو الّذي لم يَنْبِسْ بِبِنْتِ شَفَةٍ، ولم تأخذة هزّةٌ ولا ارتعاشة، وهو يرى مظاهر الشّرك أمام عينيه، ويسمع أقاويل الخرافة بأذنيه، هاهو ينطق، ويغضب، ويستنكر..لكن يستنكرُ ماذا؟ ويغضبُ على مَنْ؟..ما الّذي أنطقه ؟ ..لقد أغاظه أن ينطق من يغارون على حقِّ الله، ويغضبوا حميّةً للدِّين، مستنكرين الشِّركَ، والتّوجّهَ إلى قبورٍ، صَيَّرَهَا عابدُوها وقاصدُوها : «أوثاناً تُعْبَدُ من دون الله»، ..لقد أغاظه هؤلاء!! فراح يرميهم بأنّهم يطعنون في الأولياء.. ويكرهون بلادهم، ويعملون مضادّين لمصالح وطنهم... وأنَّهم مُسيَّرون من جهاتٍ دخيلة على مجتمعنا... وينهلون من موارد لا تمتُّ بصلةٍ إلى مرجعيتنا... وأنّهم أهل تعصُّب وتطرَُّّف، وأنهم أصحاب قسوةٍ وغلظة، وفاقدون للحكمة والرّويّة....إلخ...

ماذا عملتم أنتم يا أصحاب الحكمة والتّروِّي؟!! ومتى دعوتم إلى حقِّ الله؟، ومتى أقمتم اجتماعاتٍ، وعقدتم ندواتٍ، وسطّرتم برامج ورسمتم منطلقات، لِتَذَبُّوا عن حياض التَّوحيد، وتَحْمُوا جنابه؟ ..هل أخرجتم بياناتٍ استنكارية، وهل نشرتم للنّاس براءتكم ممّا يجب أن يَتبرّأ منه كلّ مسلمٍ؛ يكفُر بكلِّ عبادةٍ لغير الله؟..هل كثَّفْتُم الدّروس والنّدوات في ما تحت أيديكم من وسائل الإعلام، لتُبَيِّنُوا للنّاس البَيَانَ الّذي فرضه الله على أهل العلم، وتُؤَدُّوا واجب النُّصح لله ولعامة المسلمين: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾ [آل عمران/187].

` وكأنِّي بآخرين، ممَّن تحسبهم من المُنصِفين، وتظنّهم ممَّن إذا رأوا المنكر: ينُكْرِون..ينطقُون، فيعترفون بوجود تلكم المخازي، ويُقرُّون بوجوب إزالتها، وقد يَدْعُون أصحاب «الوعدات» و«الزّردات» إلى تركها ومنعها، وتطهير اجتماعاتهم منها...ثمَّ ماذا؟ وإلى هؤلاء كلماتٌ من إمامٍ محقِّقٍ، وهو الشّيخ مبارك الميلي، فبعد أن أقام الأدلّة على أنَّ «ذبائح الزردة هي مما أهلّ به لغير الله وإن ذكر عليها اسم الله»، قال في مقالة «الشّرك ومظاهره»(الجزء13):

«إنَّ نظرَ النَّاسِ اليومَ إلى الزّردة على ثلاثِ درجات:

- الأولى: الحكم بأنهَّا شركٌ يجب على العلماء تحذير الأمّةِ منه والنُّصح لهم باجتنابها. ويجب على الأمّة أن تُصغي وتتَّبع، وهذا هو الحقُّ الّذي علمتَ شواهده ممّا أسلفنا لك قريبًا.

- الثانية: الحكم بأنَّها معصيةٌ نظرًا إلى ما يقع فيها من الإسراف والتّكلّف والاستدانة ثمّ الملاهي المنهيّ عنها من تطبيل وتزمير ثمّ مظاهر الهمجيّة والبدعة من رقصٍ وصياحٍ وتخبّطٍ كالّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ ثمّ صريح الفسوق من شرب الخمر والاختلاط بالنِّساء والاختلاء بهنّ، وليس كلّ «زردة» تجمع بين هذه الخبائث، ولكن منها ما تشتمل عليها كلّها ومنها ما يقع فيها بعضها. وأصحاب هذا النّظر مصيبون فيما حكموا صادقون فيما وصفوا، يوافقهم على ذلك أهل النَّظر الأول، غير أنَّهم قصَّروا في نظرهم فقصَروه على الظَّواهر، كأنّ القصد صحيحٌ والنّيّة مشروعة، فكان نظرُ الأوّلين نظر رجال الاعتقادات، ونظرُ الفريق الثاني نظر رجال العبادات، والجمع بين النّظرين هو الجامع للصّورة الواقعية»اهـ.

والمعنى: أنّ هذه «الوعدة» أو تلك «الزّردة»، لو خَلَتْ من تلكم المنكرات، ولم يحدث فيها شيءٌ ممّا تقدّم وصفه في «وعدة سيدي الحسني»، مِن كونها أصبحت وَكْراً للفُسَّاق والفُجَّار، وغير ذلك ... ولوْ أنَّ «وعدةً» أخرى، كانت بعيدةً عن تلكم المظاهر المستنكَرة، لما صحَّ أن يحتجَّ بذلك محتجٌّ، فسواءٌ هذه أو تلك، فالكلُّ أُقيم على أصلٍ فاسدٍ وعملٍ باطلٍ، وهو أنّه لم يُقصَد بها وجهُ الله، وإنَّما أُريدَ بها من سُمِّيت باسمه، وكانت بجواره وعند مقامه [انظر: ما سيأتي في دلائل تحريم «الزّردة» وأنََّ ذبائحها شركٌ].



و لتمامِ الفائدة:...هذه نقولٌ عن أئمّة الجزائر، ودعاة التّوحيد الخالص والّسنّة المطهّرة في وطننا هذا:

ـ قال الشّيخ مبارك الميلي رحمه الله في مقالة «الشّرك ومظاهره»[(الجزء 12)، المنشور في جريدة «البصائر» في سلسلتها الأولى، العدد(25)]: «والتّقرّب بالذّبائح لغير الله من العادات الّتي عُرفت عن المشركين في جاهليّتهم فكانوا يأتون إلى أصنامهم وأنصابهم فيذبحون وينحرون عندها تقرّبًا منها وطلبًا لمرضاتها معتقدين أنّ في حصول مرضاتها حصول مرضاة الله. فهم لا يتقرّبون منها لذاتها بل باعتبار كونها سببًا لرضوان الله في معتقدهم. جاء الإسلام فنكر عليهم ذلك الاعتقاد وردَّ عليهم ذلك التّقرّب وأوجب أن يتوجَّهَ المرءُ بطاعته إلى الله وحده؛ وحرَّمَ من الذَّبائح ما أُهِلَّ بِهِ لغيرِ الله. قطع الإسلام هذا النّوع من الذّبائح فيما قطع من مظاهر الشّرك. فلم يكن المسلمون يقعون فيما فرُّوا منه أيّام كانت العامّةُ ترجع في دينها إلى علمائها، وعلماؤها يرجعون في علمهم إلى الكتاب والسّنّة، وأقوال هُداة الأمّة، ويأخذون أنفسهم في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر بالنُّصح للخلق والصّدع بالحقّ والغضب لله تعالى اقتداءً بالرّسول الكريم صلى الله عليه وسلم. ثمّ تغيّرت العامّة لعلمائها، وخضعت لرؤساء جهّال لا يتميّزون عنها إلاّ بأوضاع ورسوم ما أنزل الله بها من سلطان. فتنكَّر علماؤها للدِّين_ إلاّ من رحم ربّك_ واتّخذوا علمهم أداةَ تقرُّبٍ مِن أولئك الرّؤساء الجهّال، وبضاعة ارتزاق من أولئك العوامّ وكان هوى النّاس تبعًا للدِّين، فصار الدّين تبعًا لهوى النّاس. وهذا أصلُ كلّ ما نزل بالمسلمين من الرَّزايا، وما حلَّ بهم من البلايا. ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ﴾[المؤمنون/71]. في هذا الدَّور المظلم بالأهواء، المدنَّس بالأطماع، أخذت أسباب الشّرك تنمو ومظاهره تتمثّل للأعين وتزاحم التّوحيد. فكان فيما عاد للوجود منها الذّبائح تحت اسمين هما «النّشرة» و«الزّردة» »اهـ.

وقال في «رسالة الشّرك ومظاهره»(ص:230): «والذّبحُ الدّينيّ يُسمّى نُسُكاً. وكانت العرب تنسك في جاهليّتها النّسائك حول أصنامها وأنصابها تقرّبًا إليها، وتحتفل لذلك على نحوِ ما تراه اليوم في «الزّردات» ».

وقال في(ص:239): «وهذه «الزّردة» يذكرون اسم الله على ذبيحتها [ونيّتهم الذّبحُ للصّالح عندهم] » اهـ.

وقال عن «ذبائح «الزّردة» » : «.. فإنّ كلَّ مَن خالط العامّة يجزم بأنّ قصدهم التّقرّب بالزّردة مِن صاحب الضَّريح أو المزار. ومن شواهد هذا القصد:

أوّلاً:
أنّهم يقولون «زردة سيدي فلان» والّذين يُسمّون الزّردة طعامًا كما في بعض الجهات يقولون «طعام سيدي فلان يكون يوم كذا» فيُضيفونها إلى وليِّهم.

وثانيًا: أنّهم يفعلونها عند قبره وفي حَرَمه لا يَبغون بغيره مكانًا لزردتهم.

وثالثًا: أنَّهم إذا نزل المطر إثرها نَسَبوه لسِرِّ الشّيخ صاحب الضّريح، وقويَ اعتقادُهم فيه وتعويلهم عليه.

ورابعًا: أنّهم إذا نُهوا عنها غضبوا ورَموا النّاهي لهم بضعفِ الدِّين أو بالإلحاد، وقد يُؤذونه بأيديهم.

وخامسًا: أنّهم لو تركوها فأُصيبوا بمصيبةٍ نُكِسُوا على رؤوسهم، وقالوا: إنَّ وليَّهم غضب عليهم لتقصيرهم في جانبه!

فهذه دلائل قاطعة بأنّ المقصود من «الزّردة» هو التّقرُّب من الوليّ. وهي أصدق من الأقوال الّتي يتستَّرُ وراءها المكابرون»اهـ.

ـ ويقول الإبراهيمي رحمه الله: «...يجري كلُّ هذا والأشياخُ أشياخٌ يُقدَّس ميتُهم وتُشَاد عليه القباب، وتُساق إليه النُّذور، ويُتمرَّغ بأعتابه، ويُكتحل بترابه، وتُلتمس منه الحاجات وتفيض عند قبره التّوسّلات والتّضرّعات، ويكون قبرُهُ فتنةً بعد الممات كما كان شخصُهُ فتنةً في الحياة. ثمّ تتوالدُ الفتن فيكونُ اسمه فتنةً، وأولاده فتنةً، وداره فتنةً... وما ضرَّ هؤلاء الأشياخ- وقد دانت لهم الأمّة وألقت إليهم يد الطاعة، ومكَّنَتْهم من أعراضها وأموالها- أن يأخذوا أموالها سارقين، ثمّ يورثونها أولاداً لهم فاسقين، يُبدِّدونها في الخمور والفجور، والسّيّارات والملابس والقصور. ما ضرَّهم أن تهزل الأمّة إذا سمنوا؟ ما ضرَّهم إذا فسدت أخلاقها ما دام خُلُقُ البَذْلِ والطّاعة لهم صحيحاً؟ ما ضرَّهم أن تتفرّق كلمةُ الأمّة ما دامت مجمعةً على تعظيمهم واحترامهم، ومُغْضِيةً على شرِّهم وإجرامهم؟ ولكنّ الّذي يَضِيرهم ويُقِضُّ مضاجعَهم هو أن ترتفع كلمةُ حقٍّ بكشفِ مخازيهم وحِيَلهم الشّيطانية، وتنفير النّاس منهم وتحذيرهم من إِفْكِهم وباطلهم، فهُنالك تقومُ قيامتهم ويُنادون بالويل والثبُّور، ويُقاومون بما لا يخرج عن طريقتهم في التّضليل ودسّ الدسائس...» [«آثار الإبراهيمي»(1/172)].

وقال: «وبالجملة، فهذا الطِّراز الطُّرقيُّ الّذي أدركناهُ من آباء وأبناء يَجمعهم قولُك طُلاّب دنيا وعُبّاد شهوات. ولو أكلوا أموال النّاس بالباطل مِن غير أن يتّخذوا الدِّين شباكاً لهَانَ أمرُهم على النّاس ولاتَّقَوْهم بما يتَّقُون به اللُّصوص، ولو كِلْنَاهم نحن إلى القوانين والوَزَعَة. فأمّا أن يَعبثوا بالدِّين كلَّ هذا العبث، وبما حرّم الله مِن أعراض المسلمين وأحوالهم ثمّ يُريدون أن نَسْكُتَ عنهم كما سَكَتَ العلماء من قبلنا، فلا والله ولا كرامة. ولعلَّ أسخف طورٍ مرَّ على الطّرقيّّة في تاريخها هو هذا الطور الأخير. فقد أصبحَ مِن أحكامها أنّ شيخ الطّريقةِ لا يَلِدُ إلاّ شيخَ طريقة....وأصبحَ أَمْرُ هذه المشيخة لا يتوقّفُ على تربيةٍ ولا تسليكٍ ولا إجازةٍ، وإنّما يتوقّفُ على قاعدةِ «خبز الأب للابن»... إنَّنَا لا نحملُ لهؤلاء المشايخ ولا لأولادهم ولا لأحفادهم حِقْداً ولا نَضْطَغِنُ عليهم شيئاً، ولا ننفس عليهم مالاً من الأمّةِ ابْتَزُّوهُ، ولا جَاهاً على حسابها أَحْرَزُوهُ، وليس بيننا وبينهم تِرَات قديمة، ولا ذُحولٌ [أي: أحقاد] متوارَثة، ولا طوائل مغرومة. وإنّما هو الغضبُ لله ولدينه وحُرُماتِهِ أَنْطَقَنَا فَقُلْنَا، وشَنَنَّاهَا غارةً على الآباء والأبناء، ما دام هذا الغُصْنُ مِن تلك الشَّجرة...»اهـ. [«الآثار»(1/176-177)].

ـ وقال في درس تفسيرِ خاتمة سورة إبراهيم، وبعد أن عَرَضَ لنِضَالِ إبراهيم عليه السّلام في محاربة الأوثان، وتقرير « لصِّلة الوثيقة بين إبراهيم ومحمّد –عليهما السّلام-، إذ كلٌّ منهما قد ابتُلي لمحاربة الأوثان وبثِّ التّوحيد الخالص في البشر»، قال: «.. وقال إبراهيم في أوثان قومه: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ...﴾ [إبراهيم/36]، هذا المرضُ الفَتَّاك الّذي استعصى على أُولي العزم من رسلِ الله علاجُه، هو الّذي غفل عنه المسلمون، وهَوَّنَ شأنَه علماؤهم الجامدون حتَّى اسْتَشْرَى وأَعْضَلَ. فهذه القِباب المشيَّدة، وهي أوثانُ هذه الأمّة، أَضَلَّتْ كثيراً من النّاس، وأكثرَ من الكثير، وافْتُتِنُوا بها، وبأسماءِ أصحابها حتَّى أَلْهَتْهُم عن دنياهم وأفسدت عليهم أُخْراهم، وغَلَوْا في تعظيمها حتَّى أصبحت معبودةً تُشَدُّ إليها الرِّحال، وتُقَرَّبُ لها القرابين والنُّذور، وتُسْأَلُ عندها الحاجات الّتي لا تُسْأَلُ إلاَّ من الله، ويُحلف بها من دون الله، ويُتَآلَى بها على الله، وما جَرَّ هذا البلاءَ على الأمّة الإسلاميّة حتَّى أضاعت الدِّين والدُّنيا، إلاَّ سكوتُ العلماء عن هذه الأباطيل أوّلَ نشأتِهَا، وعَدَمُ سدِّهِمْ لذرائعها حتَّى طَغَتْ هذا الطُّغيان على عقول الأمّة، ولو أنَّهم فَقَّهُوا الأمّةَ في كتابِ ربِّها، وسَاسُوهَا بسُنَّةِ نبيِّها لكان لها مِن سيرةِ إبراهيم ومحمّدٍ عاصِمٌ أيُّ عاصِمٍ من هذا الشّرِّ المستطير»اهـ [«الآثار»(1/397)].





[1] - التّبرُّك بالأولياء، وزيارة الأموات الْتِماساً للبركة، هو من الشِّرك بالله تعالى، أو مِن وسائله ومن الطُّرق الموصلة إليه، وفيه مضاهاةٌ لأعمال المشركين، الّذين كانوا يعكفون على قبور الصالحين كاللاَّت؛ يتبرّكون بها. وزيادةً في البيان أقول: إن كانوا يتبرَّكون بالوليّ وبالمكان الّذي دُفن فيه، على أنّ دعاءهم عنده مستجابٌ، وأحرى لقبوله، أو أنّ الصّدقة عنده يُضاعف ثوابها، فهذا بدعةٌ محدثةٌ، وسببٌ ووسيلةٌ إلى الشِّرك. وإن كان الزّائر يتبرّك بالوليِّ المَزُور، على أنّه ينتفع به «في قضاء الحاجات من غير أسبابها المعتادة وطرقها الظّاهرة فهو مِن نسبة التّصرّف في الكون للمخلوق، وذلك شركٌ»[«رسالة الشّرك ومظاهره»للشّيخ مبارك الميلي(ص:226)]، وإن كان الزّائرُ يُريد من التّبرُّك: «الاستمدادَ من أرواح الصّالحين ويعتقدون أنهم أحياء في قبورهم يتصرّفون في العالم ويقضون حاجاتِ قاصِدِيهم... ويَرَوْنَ أنّ روح الصّالح فلان هنالك... ومن مظاهر هذا التّبرّك الاستمدادي تقبيلُ الجدران والتّمسُّح بالحِيطان وكلّ ما يُضاف إليه ذلك المكان، وكلُّ هذا جهلٌ وضلالٌ...»[«رسالة الشّرك» (ص:227)] وشِرْكٌ أكبرُ، والعياذُ بالله.


[2] - هذه الذّبائح ممّا أُهِلَّ لغيرِ اللهِ به، والقصدُ منها التقرّبُ من الوليّ؛ وهو هنا «سيدي الحسني»، إذْ هو المقصود بالذّبح؛ فقد ذُبحت(الخرفان) باسمه وإن كانوا إنَّما سمّوا الله عليها، فالعبرةُ بالقصد والنِّيّة، ومن الشّواهد على ذلك، أنّ هذه «الوعدة» تُسمّى باسمه، وتُنسبُ إليهِ. انظر: مزيداً من البيان، ما سيأتي في «الملحق» مِن كلام الشّيخ مبارك الميلي رحمه الله.


[3] - المراد بـ«المُومْنِينْ»: الجِنّ، وأَمْرُ هذه المرأة الّتي تعملُ الكهانة لهذا المريض أو وليِّه بالذّهاب إلى الضّريح للزِّيارة، من قبيل الأمرِ بالشّرك، أو بأسبابه وما يُوصلُ إليهِ، والّذي أوحى به إليها قرناؤُها من الشّياطين، فلا يُرضيهم إلاّ أن يُشرك هذا المريضُ بالله. فيتركُ هذا المسكين إيمانه، ويخسرُ دينه، مقابلَ أن يُشْفَى، وقدْ لا يحصل له الشِّفاء، والأمرُ لله من قبلُ ومن بعدُ.

[4] - هذا من «التّبرّك المبتدَع المأْفُون»، راجِعْ ما نقلتُهُ عن مظاهر «التّبرّك الاسْتِمْدَادِي».








 


قديم 2013-01-18, 18:26   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الجليس الصلح
عضو ماسي
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله
الوعدات خرجات غير مشروعة
شكرا بارك الله فيك










قديم 2013-01-18, 23:26   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الكيفاني
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

وفيك بارك الله










قديم 2013-01-19, 08:02   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
al.walid7
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم










قديم 2013-01-19, 20:24   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
الكيفاني
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

آمين واياك










قديم 2013-01-20, 18:34   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
الكيفاني
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

حَوْلَ الاِنْتِقَاد عَلَى: تحقيقِ صَحَفِيِّ جريدة«الشُّروق»؛ في فضائح: «وَعْدَةِ سيدي الحسني بوهران»: حِوَارٌ مَعَ إِعْلاَمِيٍّ (نَاقِمٍ)! (الحلقة الأولى)



مدخلٌ: إعلاميٌّ(ناقمٌ)! وسببُ(نقمتِهِ):

مثالٌ للاِعتبار: الصحافةُ ومفترياتُ التجانيَّةُ:

الصَّحَافَةُ الصادقة!:

ما هو الخلافُ السَّائغ؟:

هيَ السَّلفيَّة؟:


مدخلٌ: إعلاميٌّ(ناقمٌ)! وسببُ(نقمتِهِ):


نَشَرت جريدة«المحقّق» (الأسبوعية) في (أوراق)ـها، لعدد(130)[من السبت06إلى الجمعة12سبتمبر2008م][ص:19] للكاتب(سعيد جاب الخير) مقالةً؛ هي عبارة عن (نقاط على الحروف) كما سمَّاهَا صاحِبُهَا، جعلها في نَقْدِ مَا وَرَدَ في (التحقيق) أو(الملف) الذي أعدَّهُ ونشره زميلُهُ (الصّحفي: صالح فلاق شبرة) في جريدة «الشروق» اليومي بتاريخ[25أوت2008م]، لم يَرْتَضِ(جاب الخير) طريقةَ مُعَالجَةِ زميلِهِ الصّحفي، لموضوع(الممارسات الشعبية في بعض الزوايا بمنطقة وهران ومن بينها زاوية سيدي الحسني)، كما لم يَرْتَضِ تلك العناوين البارزة، أو أسماء الفصول الظاهرة، التي أرادها الصحفي لمقالِهِ أو أرادها(صاحبُ الجريدة؛ أو رئيسُ التحرير) لها-على رَأْيِ(جاب الخير)!-...

عَتَبَ الزَّمِيلُ على زَمِيلِهِ؛ وحَمَّلَهُ مسؤوليةَ مَضْمُونِ (التَّحقيق)و( عناوينِهِ) كذلك!، وعَدَّهَا مِنَ الأمور المرفوضات، بلْ وخُرُوجًا عن مِهْنَةِ الصَّحَافة، ومُهِمَّةِ الصحفي!!



1 ـ نَعَى عليه استعمال مصطلح أو لفظة«الشّعوذة» في وصف بعض السّلوكات الّتي تقع في الزّاوية.

2 ـ ونعى عليه (وصف زيارة الأضرحة والتّبرّك بها بأنّها«شركٌ»).

لم يَرْتَضِ هذا الصحفيُّ والإعلاميُّ(النَّاقِدُ)بل(النَّاقِمُ): أن يكون هذان المصطلحان في واجهة الجريدة، وفي الصفحة الأولى منها، وذلك لأنها عنده (جريدة يومية)؛ ولأنها(إخباريةٌ بالدرجة الأولى).



وقد أوضح مقصودَهُ أكثر بقوله بعد سطور: مُعَقِّبًا على زَميله في وصفه تلك السلوكات (بالشرك) بأن ذلك(تصدير لحكمٍ قِيمِي أخلاقيّ ديني ضدَّ سُلُوك ثقافي روحاني شعبي ينطلق من موقع عفوي ذي مقاصد خَيِّرَة، فكيف يمكن لنا كإعلاميين أن نعطي الحق لأنفسنا في تصدير الأحكام الدينية القيميّة والأخلاقية حول سلوك الناس أفرادًا وجماعات، في الوقت الذي يعرف الجميع أن مهمة الإعلام هي نقلُ الخبر أو نقل ما يجري وليس تصدير الأحكام القِيمِيَّة والأخلاقية والفتاوى، الأمر الذي يعتبر من شأن الهيئات الدينية)، ثمّ قال: (من حقّ الإعلامي أن ينقل ما يحدث، كل ما يحدث، لكن ليس من حقه إطلاقا أن يحكم على ما يجري قِيمِيًّا أو أخلاقيا أو دينيا بالسلب أو بالإيجاب. كان من واجب المحقق أن رؤيته وأحكامه الشخصية جانبا ثم يستطلع آراء المختصين والمسؤولين في هذا الجانب ومن جميع الاتجاهات، لا أن يكتفي برأي واحد فقط لأن ذلك يدخل في باب التضليل الإعلامي)انتهـى كلامه حول هذه النقطة من (نقاطه).



أقول:

ـ عَجَبًا لهذا (الإعلامي)(الناقم)!؛ لَوْ كان مُحَايِدًا حِيَادَ الإعلاميين-كما وصفهم وحَدَّدَ مهامَّهُمْ-، لَقُلْنَا إِنَّهُ مِنَ الصِّنْفِ الذين أشرتُ إليهم في مقالتي التي بَنَيْتُهَا على (تحقيقِ) زميله الصحفي؛ الذي لم يُعْجِبْهُ صنيعُهُ، وخَطَّأَهُ في خُرُوجه عن مُهِمَّتِهِ الإعلامية(المحايدة)! إلى نوعٍ! من (التضليل الإعلامي) للناس، بِتَلَبُّسِهِ بِمُهِمَّةٍ هِيَ لغيرِهِ مِنْ أهلِ الاختصاص وأصحاب الفتوى وإِبْدَاءِ الرأي، ليست له؛ فهو(إعلاميٌّ) تَقِفُ مُهمَّتُهُ وتَنْتَهِي عندَ النَّقْلِ، وحكايةِ الواقع، وليس الحكم!.

أقول: أَعْنِي مَنْ ذَكَرْتُهُمْ تحت عنوان: (أَإِنْكَارٌ على المُنْكِرِ وسُكُوتٌ عَلَى المُبْطِلِ؟!)، ولكنَّهُ هُنَا: ليسَ مُنكرًا على المنكِرِ فحَسْبُ، بلْ وَمُتَهَجِّمًا على المُحِقّ، مُدَافِعًا ومُحَامِيًا عن الباطل والمُبْطِلِ كِلَيْهِمَا!



ـ أَلاَ لقد كان من حَقِّ الإعلاميِّ والصحفي(فلاق شبرة) أن يُشْكَرَ صنيعُهُ، ويُستحْسن فعلُهُ، لا أن يُعاب ويُخَطَّأَ ويُلام على (شذوذه) كإعلاميّ! حَادَ عن الطريقة الإعلامية-التي حَصَرَ (النَّاقِمُ) نِطاقها، وضيَّقَ مجالها-، أمَّا نحنُ فشكرناه وحَمِدْنَا صنيعَهُ، ورَجَوْنَا زملاءَهُ أن يَحْتَذُو حَذْوَهُ في إنارة الحقيقة، وكشف المستور والخبيئة، والمشاركة في(تنوير الرأي العام) وإيقاظ(النِّيَام) وإنقاذ(الجهلة الطّغَام)، أَوَ لَيْسَ مِنْ مُهمة الصحافة ورجالها أن يُسهمُوا في كُلِّ ذلك، وأن يُبَيِّنُوا لأقوامهم وبَنِي وَطَنهم هاتيك المهالك، وزَيْفَ تلكم المَسَالِك، التي هِيَ عندَ كثيرين ومنهم للأسف الإعلاميُّ(الناقم): ارتقاءٌ روحي، وسلوكٌ إيماني أخلاقي، مُتَجَذِّرٌ في أُمَّتِنَا! ومِنْ صَمِيمِ أصالتنا!!

إذا كان مِنْ مهامِّ الصحافة والإعلام، ومن أولوياتها-كما نفهم-أن تُطَهِّرَ أخلاق المجتمع من السلوكات المُعْوَجَّة، والتَّصرفات الضَّارَّة، التي تَسْلِبُ عقله، وتَضُرُّ بجسده، وتَهْوِي إلى أسفل الحضيضِ بِرُوحِهِ ونَفْسِهِ.

إذا كان من مهامِّ (الصحفيّ) أن يرتقيَ بأخلاق بني وطنه إلى معالي الأمور، ويَسْتَصْلِحَ ما فَسَدَ منها، ويُقَوِّمَ ما اعْوَجَّ وما اخْتَلَّ.

إذا كان من مهامه أن يُنبِّهَهُمْ إلى مصادرِ تلك الشرور، ومنابعِ تلكم الآثام، ويحذرهم غوائلها، ونتائجها الخطيرة، وثمارها المريرة.

وهو في كلِّ ذلك يُحمد ويُشكر، ويُعَدُّ عملُهُ إسهامًا في(رُقِيِّ) الأمة، ودفعًا لها إلى النهوض، بتشييد الأُسُسِ الصالحةِ وتَمْتِينِهَا، وبحمايتها مما يُوَهِّنُهَا، أو يُخِلُّ بانْتِظَامِهَا.

إذا كانَ كُلُّ ذَلِك.

أفلا كان مِنَ الأَجْدَرِ أن يُسْهِمَ أهل الصحافة والإعلام في رُقِيِّ الأمة والنهوض بأبنائها بتنوير عقولهم، وإِجْلاَء ظُلمات الشرك والخرافة والانحطاط العقلي والانتكاس التفكيري عن بصائرهم!



أفلا كان من أولى أَوْلَوِيَّاتِ مُنَوِّرِي (الرأي)، وأهلِ الصدق في النصح، والدَّلاَلَةِ على مواضع الدَّاء، والإرشاد إلى أماكن البلاء، أن يُسهموا في تطهير عقائِدِ بني وطنهم، وتصحيح أفكارهم، ونَفْيِ السُّمُومِ التي تفتك بعقولهم وبدينهم، وسَيُنَازِعُنَا مثلُ الإعلامي(الناقم)في هذه الأخيرة، بأنَّ ذلك من اختصاص علماء الدين، وأهل الشريعة والحقيقة!، فليكن إذن: ما يَفْتِكُ بالعقول.



أَلَيْسَ مِنْ حَقِّ الصحفي والإعلامي، بل وحتى مَنْ لاَ مِهْنَةَ له، وحتى العامِّيّ، أليس من حقهم أن يَحْذَروا ويُحَذِّرُوا-كُلٌّ بما هيئ له من أبواب التبليغ-مِمَّا يُصادم القطعيات، ويتعارض مع البديهيَّات،

ألا يحقُّ له أن يَكشف ويَفضح مَنْ يَلعبون بعُقُولِ الناس!، ويَسلبون منهم الأموال بعد سَلْبِ عقولهم،

أتريد منهم أيها(الناقم)!، أن يسكتوا على فضائح وألاعيب، ودَجَلٍ و(تخاريف)، وعَبَثٍ بالحُرُمات، ودَوْسٍ على المُرُوءَات!، بِدَعْوَى(الحِياد)، وبزعم (عدَمِ الاختصاص)!

فهلاَّ نَكَرْتُمْ على كُلِّ صحفي، وكُلِّ إعلاميّ، فَضَحَ سلوكات أخلاقية، انتشر وباؤُهَا، وَعَمَّ فسادُها، فسَمَّاهَا باسْمِهَا، ونَعَتَهَا بنُعُوتِهَا، مُنَفِّرًا منها، مُخْطِرًا بضررها على الفرد والمجتمع، سيقولون: هذه أجمعت الإنسانية بأسرها على ضررها، وقام العقلاء من بني الإنسان، بالعالمِ كُلِّهِ على إدانتها ومحاربتها، ليس منهم مَنْ يُخالف في ذلك، أو يماري فيه، إلاَّ السفهاء والمجانين، و(الشُّذَّاذُ) مِمَّنْ لا يُعْتَدُّ بخلافهم، ولا يُؤْبَهُ لاعتراضاتهم.

ومن عجائب الزمان، أنّه: حتَّى هذه! التي ضربنا المَثَلَ بها، لم تَعُدْ من المسلَّمَات، ولا من المحرمات، ولا من ينتهكها ممن انتهك الحُرمات، بلْ هي(حُرِّيَّةُ التصرفات)، وعدَمُ التَّحْجِيرِ والكَتْمِ على(الإرادات والرغبات)! فإياك أيها (الإعلامي)!، وأنت أيها (الصحفي)! أن تُجَرِّمَ سلوكًا من هذه السلوكات، أو تجعله في مصافِّ الأمراض والأوبئة والقاذورات، لا عن طريق التصريحات أو التلويحات، فذلك اعتداءٌ على الحريات وممارسةٌ للضغط في المباحات، وإنما هي اختلاف في الرؤى والنظرات! فإياك أن تُحَرِّمَ التصرفات الأخلاقية من زنا وفاحشة ولواط وشذوذ، واتخاذ أخدان، وشرب المسكرات... ، لأنها حرامٌ محظورٌ عند قوم، حلالٌ مباحٌ عند آخرين،

فما عاد يُجْدِي بَعْدَ هذا! الحديثُ عن إجماع بني الإنسان، واتفاقِ كلمة نُظُمِ العالم وأفراده ومجتمعاته، لاختلاف الأهواء والمآرب!! والنَّزَعَاتِ والمَشَارِب!!



أقول: فإذا جاز النُّكْرُ على فسادِ الأخلاق، والنكيرُ على العاملين على إفسادها، لأن فسادها يُدركُ بالفِطَرِ السويّة، التي لم يُصِبْها المرض!، جَازَ النُّكْرُ-بلْ هو أوجبُ- على الفساد الطارئ على العقول والتفكير والقَطْعِيِّ مِنَ الدين، الذي هو كذلك فسادٌ ظاهرٌ تُدركهُ النفوسُ التي لم تبتلَ بأوهام، ولم يمسَّها مرضٌ ولا سِقام!، وليس تطهيرُ الأخلاق وحمايتُهَا بأَوْلَى مِنْ تطهيرِ العقول وحمايةِ أصولِ العقائدِ والأديان.

وإذا جاز للإعلاميِّ العملُ والمشاركةُ في الميدان الأول، جاز-بلْ وَجَبَ عليه، وهو أَجْدَرُ بِهِ- أن يعملَ ويُشاركَ في الميدان الآخر-وهو أَوْلَى وَأَهَمُّ-.



مثالٌ للاِعتبار: الصحافةُ ومفترياتُ التجانيَّةُ:


ـ كَتَبَ(موحِّدٌ) (من المغرب الأقصى)، في«الشِّهاب»[(744)، (ص:7-12)](حول مقالة «الجراري»)؛ وهو يَرُدُّ عليه تمجيده للتجانية! والشيخ التجاني!؛ فكان مما قال: (وقد تصفحنا بعض الكتب التي ألفها أصحابه، وأيدها أتباعه، فإذا كلّها تحضّ على التّمسّك بأقوال شيخهم والإعراض عمَّا عداها؛ وممن أَلَّفَ وألقى نفسه للهدف؛ محمد بن عبد الواحد النظيفي المراكشي أَلَّفَ كتابا سماه (الطيب الفائح في صلاة الفاتح) ويعلم الله ما فيه من الزيغ والهذيان، الحَرِيِّ بالهجران؛ ولو أُحْرِقَ لنال المتسبّب في إحراقه الغفران، غير أن شرر الضلال ينمو في هذه الأزمان....)(ص:9)، وقال في(ص:11): (...وقال في«الطيب الفائح»(ص:25): إنَّ الله صلَّى على النّبيّ بصيغة صلاةِ الفاتح...)، هذا وقد قال الإبراهيمي: (وإن انتشار هذه الدفاتر في هذه الأمة المسلمة يفوق انتشار الأوبئة والطَّوَاعين فيها، وإن الواجب على علماء هذه الأمة أن يحموها من تلك الكتب كما يحمى المريض من بعض الأطعمة وبعض المياه التي تمدّ المرض وتزيده إعضالاً، وإن أيسر ما تستحقُّه تلك الكتب هو الإحراق)[«الآثار» (1/123)] وقد ثارت حول هذا الكتاب ضَجَّةٌ!



ـ فكان أَنْ كتب الشيخ المولود الحافظي الأزهري في«المنتقِد»(العدد:4)، مقالةً بعنوان: (في عالم الصحافة)؛ أشاد فيها بمنزلة الصحافة، وبقيمة (الجرائد والصحف الكبرى[التي] تخدم الأمة والوطن في هذه الظروف وغيرها خدمة لا تقدر وكيف لا وهي لسان الشعب تعبر عن الفكر العام وتكشف الغطاء عن الخفايا وتبين الحقائق بإيضاح وترفع اللثام عن الحوادث المتحدة وتنبه الجمهور إلى الواجبات الوطنية في الداخل والخارج)، ثمّ تكلّم عن تأخّر الجزائر في (ميدان الصحافة)، وبعد أن وجه نصيحة للأفراد من الأمة، وجه نصيحة للكتاب؛ فقال: (وهناك واجب آخر أيضا لا يسوغ إهماله وهو أن قلم الكاتب يتحتم عليه أن يتجافى عن الأغراض الشخصية وعن الموضوعات القليلة الجدوى وعن القضايا المشهورة كقضية النّظيفي في صفة صلاة الفاتح للشيخ التيجاني التي نقل«النجاح» حكايتها ثم تلاها الرد وبيان حقيقة. بل الذي ينبغي أن يهتم به الكتاب هي الموضوعات العامّة الجديرة بالالتفات فإن في ذلك مجالاَ واسعا لمن أراد أن يلفت أنظار الجمهور إلى الصالح العام في الحقوق المقدسة والواجبات القومية والتربية النفسية حتى أنه لو كان لنا مئات من الجرائد اليومية لما استطاعت أن توفي بالحاجيات الضرورية من تلك الأغراض الصحيحة التي تمتد ما دام الميدان ميدانًا والقلم قلمًا)اهـ.

ـ ثم أعقبه الشيخُ ابن باديس بالردِّ في العددِ نفسِهِ؛ بقوله: (ملاحظاتي: كره الأستاذ الحافظي للصحف أن تشتغل بمثل مسألة الشيخ النظيفي لتتفرغ لما هو أهمّ منها. ونلاحظ لحضرته أن هذه المسألة وأمثالها مما يمس بالعقائد التي هي مبنى الأخلاق والأعمال وحاجة العقائد إلى تطهير ليس دون حاجة الأخلاق إلى التقويم والأعمال إلى تسديد، ولا سيما إذا قام من يدافع عنها على ما فيها بمثل المقالين المنشورين في جريدة النجاح الغراء مع تصدير صاحبها لأولهما بما يدل على استحسانه له وإعجابه بإحكام أدلته! وأنتم يا سيدي من أعرف الناس بمنزلة المقالين في العلم والاستدلال لهذا نرى من واجب أهل العلم أمثالكم أن يتصدّوا لمثل هاته المسائل فيمحصوها بالعلم الصحيح والعلم النظيف وفي ذلك رضى الله ورسوله وصالحي المؤمنين)اهـ.



الصَّحَافَةُ الصادقة!:


ـ كتب صحفيٌّ وطنيٌّ غيورٌ على دينه ووطنه؛ هو: (مصطفى بن شعبان التونسي)، قال في مقالةٍ له بعنوان: (الصحافة الصادقة: واجباتها نحو قرائها، وواجباتهم نحوها)-نشرت في جريدة«البرق»، التي كانت تصدر ببسكرة سنة(1927م)-: (إن الصحافة الصادقة هي لسان الأمة وترجمان الشعور وصدى الحقيقة وصدى الشعب وعنوان النهوض وسلم الرقي وعامل معتبر من عوامل الترقي والتقدم وساعد أيمن في السير إلى الأمام....ومن واجباتها النصح والإرشاد وكشف الغطاء عن الحقيقة وتهذيب ذوي النفوس الشريرة والأجسام المريضة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبث الأخلاق الكريمة التي جاء بها الإسلام ومقاومة فساد الأخلاق بكل ما لديها من قوة والتحريض على التمسك بأهداب الفضيلة والتنفير من الرذيلة فإنها بذلك تخدم أمتها وتنصر دينها وترفع شرفها وتذب عن كرامتها....)، ثمّ تكلّم عن: (الصّحافة السّاقطة)، ليقول: (فإذا انتهجت الصحافة مسلك الصدق والإخلاص نحو دينها وقومها ووطنها، والصراحة فيما تنشر وتقول واتبعت طريق العمل في دائرة الدين والوطن والدفاع بالحجة والبرهان على أبناء الإسلام وخطت الخطوات الشاسعة في ظل الفضيلة ومحاربة الرذيلة ومقاومة البدع الضالة التي ما أنزل الله بها من سلطان. فإن قامت بذا فإنها تسمى صحافة صادقة وإلاَّ فأوراقُ الخريفِ كثيرة...!إذن فالواجبُ الأكيد على الصحافة هو رد كيد أصحاب الضلال في نحورهم وهذا فيما نرى ونعتقد آكد واجب ديني ووطني وإنساني والعمل في هذا السبيل المستقيم وترك النابحين يصرخون وراء المارين في طريقهم المضيء الموصل إلى السعادة الأبدية والنعيم السرمدي-هو ما جاء به الدين والله شهيد على ما نقول. هذا بعض الواجب على الصحافة الصادقة نحو قرائها وأمتها ودينها...)اهـ [«البرق»، العدد(5)، 1شوال1345هـ/4أفريل1927م/(ص:1-2)]



ـ وقد أشار الشيخ مبارك الميلي [تحت إمضاء: «بيضاوي»] في جريدة: «البرق» إلى ما كان مِنَ الشيخ الحافظي-الذي تقدَّم نقله قريبًا!- بقوله عن إرادة شبيبة الإصلاح: (يريدون أن يكونوا فكرًا عاما في الشعب غير الفكر القديم، وهذا الكاتب الممضي مقالاته من مكانين يريد احترام فكر العوام وتركهم في سُباتهم يتخيلون ما شاءوا من غير أن نزعجهم في هذا الحلم اللّذيذ..! فنحن نريد أن يكون الفكرُ العامي تابعا لفكر العلماء الأحرار، ونعلم ما في هذا من مصلحة للشعب ولذلك لا نبالي بالعراقيل الكثيرة في سبيل تحقيق غايتنا، وهذا المخلوق يريد منا-كما أراد لنفسه-أن يكون فكر العلماء الأحرار تابعًا لفكر العوام، وكفى بهذا الفكر ضررًا على الحياة الاجتماعية...)[«البرق»، العدد(9)، 30شوال1345هـ/2ماي1927م/(ص:2)، مقال: (حي على الصلاح، حي على الحرب والكفاح)]



ما هو الخلافُ السَّائغ؟:


ـ لا نقصد بحديثنا ما قد يكون فيه خلافٌ سائغ، أو اجتهادٌ مقبول، أو آراءُ تتجاذبها أدلةٌ ونصوص؛ هي محطُّ أنظار، وميدانٌ رَحْبٌ لاجتهادٍ وإعمالِ أفكار!

ـ وإنّما نريدُ بحديثنا: ما يُصَادِمُ القطعيات-والّتي للأسف صار يُجادلُ فيها من يجادل، ويعملُ على دفعها أو رفعها بطريقة أو بأخرى!-، وما تُنكره العقول التي سلمت مِنْ وَبَاءِ الطرقية، ولم تَذِلَّ لسُلْطَانِ(الْمْرَابْطِيَّة)، والتي نُسِجَتْ حَوْلَهَا تهاويل، وأُحيطت بسياجاتٍ من التّقديس والتّدجيل!، غَلَّفُوهَا بغِلاَفِ(الحقيقة)الخادع، وما هيَ إلاَّ وساوسُ وتخاييل!!



هيَ السَّلفيَّة؟:

ـ نريدُ بحديثنا: ما لم يقُمْ عليه حُجَّةٌ من كتاب ولا سنة، ولم يَجْرِ عليه عملُ سلف الأمة-نعني بهم الصحابة والتابعين وأتباع التابعين؛ الذين شهد لهم رسول البرية بالفضل والخيرية، أما الخلْف، فيتبجَّحُون باتباع السلف!، ويريدون بهم الذين أحدثوا ما أَحْدَثُوهُ لهم، فهم سلفُهُمْ في تلكم المحدثات!، ومنهم من يريدُ بالسَّلف: جَدَّهُ القريب أو البعيد!![أخذت المعنى من الإبراهيمي. انظر: «آثاره»(1/176)]- فالحجّةُ الدينية: ما قام في زمان أهل القرون الثلاثة المفضلة، وعُرف على عهدهم، وتَعَبَّدُوا اللهَ بِهِ، فما لا، فليس من الدّين، بل هو مرفوضٌ بالنّصّ.

ـ يقولُ ابن باديس رحمه الله : «الإسلام إنما هو كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله

وسلم وما كان عليه سلفها من أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية على لسان الصادق المصدوق».



وليس كُلُّ خلافٍ يُعْتَدُّ بِهِ، ولا كُلُّ رَأْيٍ ممَّا يُقْبَلُ ويُعْتَبَر، فإذا كان مصادمًا للنصوص القطعية، والأصول التي انبنى عليها دينُ الإسلام، وقامت عليها المِلَّةُ التوحيديَّة، كان مرفوضًا بالقطع.



فإذا لم يَسْتَبِنْ (لمن عَمِيَتْ بصيرتُهُ، وغطَّتْ الغشاوةُ بَصَرِهِ) مُصادَمَة ما هُوَ عَلَيْهِ للقطعيات من الدين؛ إِذْ خَفِيَتْ عليه من شدَّةِ التلبيس! فلا أقَلَّ مِنْ أن يُدرك بعقله-إنْ سلم له من تأثير خارجي،-فسادَ هذا الرأي، وتساقطَ هذا الفكر.

....يتبع









قديم 2013-01-21, 21:44   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
الكيفاني
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

حَوْلَ الاِنْتِقَاد عَلَى: تحقيقِ صَحَفِيِّ جريدة «الشُّروق»؛ في فضائحِ: «وَعْدَةِ سيدي الحسني بوهران»: حِوَارٌ مَعَ إِعْلاَمِيٍّ (نَاقِمٍ)! (الحلقة الثّانية)
حَوْلَ الاِنْتِقَاد عَلَى: تحقيقِ صَحَفِيِّ جريدة «الشُّروق»؛ في فضائحِ: «وَعْدَةِ سيدي الحسني بوهران»: حِوَارٌ مَعَ إِعْلاَمِيٍّ (نَاقِمٍ)! (الحلقة الثّانية)

مثالٌ معاصر: الوَلِيُّ المَجْنُون!

هل حقًّا هُمْ مُحَايِدُون؟!:

عقيدةُ العامة في «رجال الغيب»!:

بدعُ الطرقية، والعلماء!:

اعتمادُ الطرقيين على الخرافات:


ـ ونُخاطب(الإعلامي)(النّاقمُ) الّذي مَنَعَ كُلَّ صحفي وإعلامي من إبداء رأيه في مثل هذه القضايا، والإدلاء بدلوه في مثل هذه المظاهر والسلوكات(الدينية)، والحكمِ عليها بمثل تلكم الأحكام والأوصاف(الدينية)[علَّق صاحبنا الألمعي: أبو إبراهيم، بقوله: (العتاب على الصحفي ليس في محله؛ إذ كونه صحفيًّا لا يمنع من وصف الأمور الواقعة من منظار ديني باعتبار أنّ ما هو واقع فيه من يصف أحواله، أحوال دينية، فاحتاج الموقف إلى وصف ديني إزاء ما كان يرى، وليس صوابًا أبدًا أن يكتفي في وصف ما رأى عند حدّ السلوك الأخلاقي)]، التي اشمأزَّ منها، وضاق عَطَنُهُ بها من الوصف بالشرك، والخرافة، والشعوذة،....الخ الخ.

واحتج على ذلك زيادةً على (مهمة الصحفي الحيادية)، (وعدم اختصاصه للبتِّ في القضايا الدِّينية)؛ بأنها ليست مِنْ قَبِيلِ المُجْمَعِ عَلَيْهِ، والمُتَّفَقِ على كلمةٍ مُوَحَّدَةٍ أو حُكْمٍ واحدٍ فِيهِ، وبَثُّ أيِّ صحفيٍّ أو إعلاميٍّ فيها بحكمٍ-و(النّاقمُ) لا يريدُ إلاَّ حُكْمَ مَنْ يَصِفُهَا بالشرك!!فَتَنَبَّهْ-هو مِنْ قبيل (التضليل الإعلامي)، والانسياق وراءَ فكرةٍ دخيلةٍ!، تغلغلت على حينِ غفلةٍ أو تساهل !! بتأثيراتٍ خارجية وعواملَ داخلية، ذكرها فيما بَعْدُ[وهذا الأخيرُ هو بيتُ القَصِيد، وهو الهدفُ المنصوب، وكلُّ ما قبله وما بعده ليس إلاَّ توطئة بين يديه].



ـ نخاطبه: أيَّ شيءٍ يحتاجُه الصحفيُّ أيُّ صحفي؟!...ماذا ينقصُ الإعلاميَّ أيَّ إعلامي؟!، حتَّى يَسْتَنْكِرَ على الناس فاسدَ أعمالهم؟؟؟...وهو صاحبُ الفكر المستقيم، وصاحب العقل السَّوِيّ، الذي لم يتأثر بفكرة معينة، ولم تسيطر عليه مؤثراتٌ لا من سلفية أو وهابية![هيَ عند الناقم: دخيلة!] ولا من خَلَفية صوفية[هي عند (النّاقم) على مَنْ ينتقدُهَا[أي: الصوفية]: أصيلة!]، وإنما هو العقل السليم، والفطرة النَّقِيَّةُ، والفكر والنظرُ(بعفويَّة)، لا كالعفويّة الّتي مِن ورائها المخَلَّفَاتُ الطرقية تَسُوقُهَا، ووراثةُ البِيئَةِ (المْرَابْطِيَّة) هيَ التي تَقُودُهَا، وتُسَيْطِرُ على عقلها، ليستْ التي يُدندن حولها(الإعلامي النّاقم)!، إنما هي(العفويَّة) التي لم تتلطَّخ في يومٍ من الأيام بذلكم الوباءِ العامّ، الذي عمَّ وانتشر منذ أزمان!! فَحَسِبَهُ الناس ومنهم (النّاقم)، أصالةً ثابتة، وفطرةً مرتكزةً، وما هو عند إِعْمَالِ الفكر والنّظر إلاَّ أوهامٌ وتخيلات، طال أَمَدُهَا، حَسِبَهَا هوَ ومَنْ يَلُفُّ لَفَّهُ: أساسًا متينًا، وأصلاً أصيلاً، وما هي - لو استنارت العقول - : إلاَّ بنيانٌ قد شُيِّدَ عَلى شفا جُرُفٍ هَارٍ، لا يكادُ يَصْمُدُ أمامَ نَقْدَةٍ فِكْرية، ويتساقطُ وينجرفُ عندَ أَوَّلِ صرخةٍ للعقل مُدَوِّيَة، يشتكي فيها (أي: العقلُ) أَسْرَ المألوفات، وثقلَ أغلالٍ معهودات!!، فما بالُكَ إذا شُفِعَتْ بصرخاتِ الدليل، ومدلولات النصوص الصحيحة، التي مَنْ سمعها أو أُسْمِعَهَا أذعنَ لها، فأَنْطَقَتْهُ وأَجْرَتْ لسانَهُ: ﴿أُفٍّ لكم ولما تعبدون من دون الله، أفلا تعقلون﴾؟!!

مثالٌ معاصر: الوَلِيُّ المَجْنُون!


فأَيَّ شيءٍ يحتاجُهُ ذاكَ الإعلامي، حتَّى ينقُدَ الباطلَ الصريح؟!... أليسَ يرى من الرجال العقلاء! من يُلْقِي بنفسه إلى رجلٍ مجنونٍ مَعْتُوه، اتَّخَذَ مِنَ الوسخ والعفونة لباسًا، قد سال لُعَابُهُ، واخْتَلَّ صوابُهُ، يَتَمَسَّحُ بِهِ يَلْتَمِسُ بركته!، ويأخذ شيئًا من سِرْبَالِهِ العَفِن، أو مسحةً لامستْ ريحَهُ النَّتِنْ، يرجو منها نجاحًا وتوفيقًا، وإصلاحًا لحاله، وقضاءً لحاجته، ببركة الوليِّ الصّالح (أعني: الوليَّ المجنون)!

أَيُصَدِّقُ بهذا ذُو عَقْل؟!، أيؤمنُ بهذا مَنْ أبقى اللهُ لَهُ عقلَهُ؟!، أيفعلُ هذا أحدٌ ِمْن تِلْقَاءِ نفسه، وبداعٍ مِنْ فِطْرَتِهِ، أو يُقْدِمُ عَلَيْهِ بعفويته؟!

أم أنّه سلطانُ الطرقية الذي استولى على عقله، وسلبَهُ منه، ومنعَهُ أن يُعْمِلَ تفكيرًا أو يُقَلِّبَ نظرًا في هذا الذي تَسْتَحِي العقولُ الراجحةُ أن تعمله، بلْ أن يخطر على بالها!! أم أنها خرافة (الْمْرَابْطِيَّة) والافتتانُ بالولاية المزعومة، التي بَثَّهَا أقوامٌ في هذه النفوس الخاوية من الإيمان الصحيح، الخالية من العقيدة المتينة، وما سَاقَتْهُمْ بِهِ من رهبة ورغبة جعلتهم يعتقدون في مَنْ؟ ...نعم!...في المجنون!!، ويخضعون لمن؟!...نعم!..لمسلوبِ العقل والإرادة.

إنّها كتبُ الطرقية، وعقائدها المزيَّفَة، وأكاذيبُها وتلفيقاتها المختلَقَة، إنهُ ميراثُ القوم؛ أهلِ الله، الواصلين، السالكين،....إلخ إلخ، الذي ورّثوهُ لنا، هي التي انحَرَفَتْ بالناس فأفسدت عقولهم، وشَوَّشَتْ عليهم أفكارهم؛ والتي لولاها لقَادَتْهُمْ فطرهم إلى الهداية الحقة، لولاها، لكانت (عَفْوِيَّةُ) الناس سائقةً إلى رشاد؛ إلى استنكارِ أن يخضع مخلوقٌ لمخلوقٍ مثلِهِ، ممن يساويه في مرتبة الإنسانية التي شُرِّفَتْ بالعقل، فضلاً عن استنكار الخنوع لمسلوبِ العقل وناقص الإنسانية![لكنَّ كتب القوم ترفع أولئك من مقام الإنسانية والبشرية، إلى مقاماتٍ، هيَ إلى الكفر أقربُ منها للإيمان!-]



يحدُثُ هذا في زماننا، إلى يومنا هذا، وقد حَدَّثَنِي قبلَ أيام، أحدُ إخواننا-وهو أستاذٌ جامعي بإحدى المعاهد (العلمية التقنية الحديثة)؛ في إحدى مدن الصحراء- زار بلدة(أفلو)[وهذه وما حواليها معقلٌ من معاقل الطريقة التجانيَّة!؛ التي نقلنا قبلُ ما افتراهُ أحدُ الهائمين بها وهو «النظيفي»؛ مِنْ أنَّ الله صلَّى على النّبيِّ (صلّى الله عليه وسلّم) بصيغة الفاتح!، ما أسفهَ عُقُولاً تَسْتَسْلِمُ لهذا الباطل المفترَى!]، فرأى بأُمِّ عَيْنِهِ، منظرًا قَفَّ لَهُ شعرُهُ، وانخلع له فؤاده، لم يَنْقَدِحْ في فِكْرِهِ في يومٍ من الأيام أن يشاهد مثلَهُ في عصر المدنية والعلم والنور، والانفجار (التقني) و(المعلوماتي)؛ رأى رجالاً! يُرَاوِدُونَ مجنونًا، ويتهافتون على قلع شعرة أو شعرتين من جسده، أو الفوز والظفر بعد عناءِ الْمُرَاوَدَةِ بلمسةٍ يلامسونه بها لتحصل لهم البركة، ويكونَ لهم بها الفوزُ الإيماني، و(الإرتقاءُ الروحاني)؛ أهذه هي الروحانية التي تُمَجِّدُهَا أيها الإعلاميُّ المُتَنَوِّر! والمثقَّفُ الوَاعِي!، والمفكِّرُ الذي يُسهم بكتاباتهِ في البناء والإعمار؛ إعمارِ القلوب والعقول بالعلوم والمعارف، لنرتقي إلى مصافِّ الأمم المتمدنة!

ـ فأيَّ إجماعٍ تريدُهُ، حتى يَبُثَّ الإعلاميُّ أيُّ إعلاميٍّ في هذه القضية المأسوية؟! ومأساتها هي أعظم، لَوْ تدري-ولعلَّكَ تُكْبِرُ هذا-من مأساةِ تقتيل المسلمين وهدم منازلهم على رؤوسهم، وفجعهم في أولادهم ونسائهم؟!!، وهو عند الله، وعند المؤمنين عظيم، وكما نبكي لحالهم هذه! ويشاركنا فيه الجميعُ، فإننا نبكي للحال الأخرى التي ضربناها مثلاً.... ولكن لا يُشاركنا في هذه المصيبة إلاَّ أقلُّ القليل!

أيَّ شرعيةٍ سَتَجْلِبُهَا لِتُضْفِيهَا على هذه العملية(المضْحِكَةِ الْمُبْكِيَة) التي تَسْتَخِفُّ بالعُقُول، وتجعلنا سُخْرَيةً لذوي الألباب والعقول؟!

أيَّ روحانية تريدنا أن نؤمن لك بها؟!

أيَّ (عفويةٍ) هذه أَوْهَمْتَنَا بها، وجَعَلْتَ تُردِّدُهَا حينًا بعد حين؟!

لقد عَمِلَت الطرقية التي تُمَجِّدُهَا، وكُتُبُهَا التي وَرَّثَتْهَا لنا ولقدماءِ أجدادنا على مَرِّ القرون على إفساد عقليات المسلمين، بل سَلَبَتْهَا منهم بالكلية، وسَرَتْ في نفوسهم، وجَرَتْ في دمائهم منذ النشأة الأولى هذه السُّمُومُ، فلم تُنكرها قلوبهم، إذْ أُشْرِبَتْهَا للوهلة الأولى، وكان هذا (الفكرُ) لا أقولُ مسيطرًا، بلْ هو وحده في الميدان، يصولُ ويجولُ، وقَدْ باض وفرَّخ، وعاث تخريبًا وهدمًا في العقول والقلوب، التي كانت بعفويتها! ونيتها الصالحة!!تُصَدِّقُ ذلك، وتنساقُ له، وزاد في محنتها، أنه قد وقع كثيرٌ من العلماء والفقهاء ضحايًا، سقطوا هم أيضًا في شَرَكِ هذه الاعتقادات، وخَدَعَهُمْ سرابُ هذه الأوضاع والسلوكات!، فما منهم إلاَّ من انخرط في سلكها، أو رآها وأقرَّها!!وخضع لسلطانها، وسلَّمَ لها أحوالها!!، فزادوا الأمة ضلالاً، بل زادوها (قرحًا على قرح وكانوا ضِغْثًا على إِبَّالَة)[«آثار الإبراهيمي»(1/182)]-كما يقال-.



° يقول ابن باديس: [أمَّا العلماء فـ](ـكان الذين يَتَسَمَّوْنَ بالعلم – إلاَّ قليلاً – بين جامد خرافي تستخدمه الطّرقيّة وما يحرّك الطرقية في التّخدير والتّضليل، وقد لا يدري المسكين ما يُدَسُّ به للأمّة من كيد، وحاذق دنيوي قد غلبه الوظيف، واستولى على قلبه فأنساه نفسه وأنساه ذكر الله. وكان العلماء الأحرار المفكّرون – على قلّتهم – مغمورين مشتّتين، فلمّا برز «المنتقِد» الشّهيد فـ«الشِّهاب» هبَّ أولئك العلماءُ الأحرار المفكرون للعمل، وتكوّنت النّواة الأولى لجمعية العلماء) [«آثار ابن باديس»].

° ويقول وهو يتكلّم عن (الطّرقية): (كان النّاسُ كأنّهم لا يرون الإسلام إلاّ الطرقية، وقد زاد ضلالهم ما كانوا يرون من الجامدين والمغرورين من المنتسبين للعلم من التّمسّك بها والتّأييد لشيوخها)[«الآثار»(5/ 587)].

وقد كانت العامة قبلُ بفطرتها وصفاءِ فِكْرِهَا الذي لم يَتَلَوَّثْ بَعْدُ، لا تعتقدُ إلاَّ في الله،

وبذلك صِرْنَا أُضحوكةً للأُمم المتمدنة، وسخريةَ الأجانبِ الغزاةِ، فَطَمِعُوا فِينَا، وهم يروننا صرعى الخرافات! عميان البصائر!![انظر كلماتٍ عظيمةً للدكتور تقي الدين الهلالي؛ أثبتُّهَا في كتابي: «الطرائق الصوفية وآثارها على بلاد الحجاز والمغرب»- الذي ضمَّ مقالاتٍ عدَّة في هذا الموضوع-، وجعلتُ لها العنوان الآتي: «لهذا استعبدوهم»]



ـ وأخاطبك أيها الإعلامي(الناقم)!: وأنتَ تسمعُ الخبر الذي عاينهُ وشاهدهُ مواطنُك الجزائريُّ في أيامك هذه التي تعيشها!:



ـ هلْ إذَا مَرَّ بِكَ أيها الإعلاميُّ وأنت أيها الصحفيُّ مَنْ يعتقد هذه العقيدة، التي يقطعُ ببطلانها حتى العاميُّ(بعفويّته)؛ التي لم تتلَطَّخْ بحمإِ الطرقية، هلْ ترى من المسؤولية عليك، ومِنَ الحِمْلِ المُلْقَى على عاتِقَيْكَ، تجاه دينِك وأمتك ووطنك، أن تنقلَ هذه الواقعة، تبكي بها الأمة، وترثي حالها، على(انحطاطها)؛ أنْ خَفَّتْ، بل(فَسَدَتْ) عقولُ أبنائها؟!، فهلْ ترجى لها على هذه الحالِ نهضة، أو يُطْمَعُ أنْ تكون لها سيادة؟!

أَإِذَا قام إعلاميٌّ، أو انبرى(صحفيٌّ) للتنفير مِنْ هذه الأحوال، والتسفيه لهذه الأحلام، والدعوة إلى نَبْذِ هذه الاعتقادات، المصادِمَاتِ لأصولِ الديانة، والقطعيِّ من الإيمان، أيكونُ بهذا خرج عن مهمَّتِهِ، وحادَ عن طريقته، وارتكب ما يوجب عتابه ولَوْمَهُ، وكان بذلك قد عَمَدَ إلى(التّضليل الإعلامي)! لا لشيءٍ إلاَّ لأنه: ليس مفتيًا ولا عالماً مختصًّا، ولا هيئةً دينية، ولا مرجعيةً فقهية، لا لشيءٍ إلاَّ لأنه: وُجد ما يؤيِّدُهُ في بعض رُكام الكتب الصفراء القديمة، وبالي الاعتقادات السقيمة، مما خَطَّتْهُ شمالُ الفقيه فلان، والمتصوف عِلاَّن، مِنْ أَهْلِ القرونِ البالية، التي ما عَرَفَت الأُمَّةُ على عهد سيادتهم، وزمانَ ولايتهم، إلاَّ الانتكاسات، والارتكاسات، مما أبان عنه الدكتور الهلالي في مقالاته المومى إليها.

فهل بأمثالِ هذه الحجة تُصَادَرُ العقول، وتصادم القطعيات من الدين، أبهذا ينقضُ الإجماع؟!



هل حقًّا هُمْ مُحايِدون؟!:

أبهذا تُصادَرُ كلمةُ الصحفيِّ الصادق، وتُطْفَأُ غيرتُهُ الدينية؟!، لو قيل هذا للحُرِّ الأبي ؛ قيل له كن صحفيا، إعلاميا، لأنك ستخدم أمتك، وترتقي بأبناء ملتك ووطنك، و، و، و، و.. مما يُرَغِّبُهُ في هذه المهنة الشريفة، و، و، و، وقيل له مع ذلك: أنت انْقُلْ، فحسبُ!... احْكِ وانسحب!، لفضَّل أن يتركها، ليرفع صوته وينقلَ كلمتهُ وصائب نظرته، على أن يكون في هذه المهنة، التي هي منقصةٌ له، لا منقبة!!، فما بالُك إذا وجد من يمتهنون مهنته، ويعملون عمله، ينقلون هذه السلوكات الدينية، تمدُّحًا بها وإقرارا، وإشادةً بها وافتخارًا، ودعوةً إليها، فرحًا بها وانتصارًا؛ بعودةِ تُرَاثِ الأجداد، وحياةِ مَيِّتِ العادات!!، فإذا نطق، قيل له: اسكت، أنت صحفيٌّ إعلاميّ!

ثم أنت بعدُ لست متخصِّصًا!!، لا نظن بهذا الحرّ الأبيّ إلاَّ أن يطلق هذه المهنة، ويعتزلها، ليكون حرا طليقًا، لا يسكتُ عن باطل، ولا يقر منكرًا، بل حتى لا يكون متناقضًا؛ يتحدَّثُ-كما يتحدث الإعلاميون- عن نهضة الأمة وارتقاءِ أفرادها، وهو يراها(أي: أمته) تعملُ ما يُرْكِسُهَا ويَقْعُدُ بها، ويراهم(أي: الإعلاميون)ينقلون تلكم الفضائح والنقائص والأوزار، ويظهرونها -أو يعينون من أظهرها بالإعلان والإشهار، مع عبارات الرضا والإقرار!- بلباس الدين، وحسن العادات![والعادةُ أنهم يدرجونها في باب(الثقافة) و(الفنون)!، ومعلومٌ أن هذين الاسمين عنوانان عند أهل العصر على المفخرة، ومثالان للنهضة!!]،مسايرةً منهم لما عليه الجماهير، ولا أحد ينكرُ ذلك عليهم(أي: على الإعلاميين)، لأنهم نقلوا الحدث فقط-هذا فيما خلا من عبارات صريحة في الإقرار!-، ولكن أليس في تلكم الإذاعة وفي (باطن) ذلكم النقل، ما هو دعوةٌ، وتشجيعٌ؛ مغلَّفَان!وترجيحٌ لكفَّة الكثرةِ المغترين، والجاهلين الغافلين!!، لهذا لا يريدُ(الحرُّ الأبيُّ) أن ينقل ما في طيّاته الإقرار، ويُشَهِّرَ بالمنكرات والأوزار، ويَفهمَ عنه القراءُ والمطَّلِعون، ما لا يريده، وما لا يمكنُ لهُ البَوْحُ بهِ؛ لأنّه (إعلاميٌّ): ينقلُ ولا يحكم!، وإذا أرادوه أن ينقل، فليشفع النقل بصريح البيان، دون غشٍّ ولا كتمان، لأنه من إظهار الحقيقة، التي هي من صميم مهنته!، وهذا هو الذي حصل بعينه من صحفي جريدة «الشُّروق»؛ فقد شذَّ عن طريقة الكثيرين ممن يمتهنون مهنته، فمزج بين النقل والحكاية لما يجري، بعبارات فيها الصريح وأخرى لم تخل من الإشارة والتلويح، وقد فهمنا منه وعقلنا عنه-كما فهم وعقل عامة القراء فيما نحسب- أنها فضائح لا مدائح، وأنها مساوئ ومفاسد لا محامد ومصالح!!هذا الذي أغضب عليه من غضب ومنهم (النّاقم)!



اسمعْ للعجب العُجاب، والخبر المُسْتَرَاب، الذي تحارُ منه الألباب!

عقيدةُ العامة في «رجال الغيب»!:


ـ يعتقد العامة في(الأولياء)، أنّهم(حماةٌ للأشخاص وللقرى والمدن، كبيرها، وصغيرها، حاضرها وباديها. فما من قرية بلغت ما بلغت في البداوة أو الحضارة، إلا ولها ولي تنسب إليه، فيقال سيدي فلان هو مولى البلد الفلاني...)، ذكره الشيخ مبارك الميلي في«رسالة الشرك»(ص:115)، ثم قال تحت فصلحكم الولاية العامية)(ص:117): (إن الولاية العامية التي صورناها، ولاية بدعية شركية نهى الله عن اتخاذها بمثل قوله: ﴿ولا تتبعوا من دونه أولياء﴾...)اهـ، ومن ذلك أنهم ينسبون إليهم(التصرف في الكون)!، (إذ يعتقدون أن الأولياء أعزاء على الله، وقد فوض إليهم التصرف وأنابهم عنه فيه، فما قضوه للناس وافقهم الله عليه)[«رسالة الشرك»(ص:125)]، ومن تسميات العامة لهؤلاء الأولياء: (رجال البلاد)، ومنها تسمية: (القطب)و(الغوث)!؛ لا تخرج عن معاني ما قبلها!، وقد كانت هذه العقائد سائدة في المجتمع الجزائري!؛ بسبب ما نزل بالعقول من الجهالة، وما ران على القلوب من الضلالة[«رسالة الشرك»(ص:103)]،

لذلك، قام المصلحون بالنصح لهذه الأمة المسكينة، شفقة عليها وعلى حالها الذي بلغت إليه!، فكتب الشيخ مبارك الميلي: (العقل الجزائري في خطر!)؛ جاء فيه: (أما أَشْفَقْتَ أَيُّهَا الجزائريُّ...على ذهاب عَقْلِكَ وزَوَالِ لُبِّكَ....ولكنَّا نراك تُعَظِّمُ من الناس مَنْ ذهب بعقله الوسواس ولا ترى في الوجود إلا حكومة لم تقف ولن تقف أمامها في أيِّ خصومة، حكومة فرضها الجهل بالدين، فأوجدها ضعف اليقين، تضع لها أعضاءً وتجعل لهم أسماءً: غوثًا وقطبًا، في ألفاظ لا أرى لسردها أربًا، كل ذلك على حساب الدين وهو منه براء، براء، براء...أناشدكم الله الذي أوجب علينا النصيحة أن...تجعلوا غاية كلامنا النصيحة لا الفضيحة....لولا الغيرة على أنفس جوهر خلقه الله وهو العقل فلنطهر العقول بقراح العلم وننوِّره بهدي القرآن...)اهـ[«المنتقِد»، العدد(6)/16محرم1344هـ/6أوت1925م.]

[وسأُفرد قريبًا-إن شاء الله – مقالةً في اعتقادات الجهلة في «رجال البلاد»؛ لمناسبة إقامة : «وَعْدَات» باسمهم!، فلا أطيلُ في هذا الموضع].

ـ فأيَّ(نصوص قرآنية وحديثية)!! أو مئاتٍ منها!! سَنُلْوِي أعناقَهَا، لنُؤَيِّدَ هذه (الخرافات)، ونحامِيَ عن تلكم(السَّفَاهَات)؟!

ـ أيَّ شرعية دينية أو فقهية، يتحدَّثُ عنهاالإعلامي النّاقم)، لما سمَّاها(الممارسات الصوفية)؟!

إذا لم تكن إلاَّ التأويل الباطني، والتحريف الفلسفي، لنصوص القرآن والأحاديث الصحيحة، أو حَشْرَ كَمٍّ من الأحاديث الموضوعة المكذوبة والتي لا أصل لها، ممَّا اخْتَلَقَهُ أو رَوَّجَهُ أسلافُ المتصوفين، ومَتْبُوعُوهُم من المبتدعين؟!

ـ أيَّ شرعيةٍ، سيأتي بها هؤلاء: غَيْر التمسك بالمتشابهات، وترك المحكمات والأصول الواضحات؟!



بدعُ الطرقية، والعلماء!:

هذا وإنهم في الغالب ليتَمَسَّحُونَ بأنَّ الطرقية وممارساتها وطقوسَ نُسُكِهَا، وُجدت منذ قرون، ولم ينكرها العلماء وفيهم المحدثون والفقهاء، وووو...وجعلوا يُعَدِّدُونَ ما وَقَفُوا أو أُوقِفُوا عَلَيْهِ من أسماء هؤلاء، ممن انخرطوا فيها، وأَقَرُّوهَا وشاركوا في ممارساتها إما بالفعل، أو دَعْمًا بكتابةٍ أَوْ سَوْقِ استدلال!!!

° يقول ابن باديس: (وكانت – لا كانت – شبهةً لبس بها الشيطان كثيرًا، وأضلَّ بها العوام ،

وأشباه العوام ...) [«الآثار»(5/130)]

° والجواب: ما قاله الإمام الإبراهيمي: (ونحن إِذْ نُنْكِر إنما ننكر الفاسد من الأعمال، والباطل من العقائد سواء علينا أصدرت من سابق أم من لاحق، ومن حي أم من ميت، لأن الحكم على الأعمال لا على العاملين، وليس صدور العمل الفاسد من سابق بالّذي يحدث له حرمة أو يصيّره حجّة على اللاَّحِقِين، بل الحجّةُ لكتاب الله ولسنّة رسوله، فلا حقّ في الإسلام إلاّ ما قام دليله منهما واتّضح سبيله من عمل الصّحابة والتّابعين بهما، أو إجماعِ العلماء بشرطه على ما يستند عليهما. وبهذا الميزان فأعمال النّاسِ إمّا حقٌّ فيُقبل أو باطلٌ فيُرَدّ).



اعتمادُ الطُّرقيِّين على الخُرافات:


ـ ويقول الشيخ مبارك الميلي في «رسالة الشرك ومظاهره»(ص:280)، تحت فصل: (اعتماد الطرقيين على الخرافات): (النقطة الخامسة الاعتماد في دينهم على الخرافات والمنامات وما يربي هيبتهم في قلوب مريديهم من حكايات، ولا يتصلون بالعلماء إلا بمن أعانهم على استعباد الدهماء والرد على المرشدين النصحاء بتأويلِ ما هو حجة عليهم وتصحيحِ الحديث الموضوع إذا كان فيه حجة لهم. قال أبو بكر بن العربي في «العواصم»: «إنّ غلاة الصّوفية ودُعاة الباطنية يتشبّهون بالمبتدِعة في تعلّقهم بمشتبهات الآيات والآثار على محكماتها، فيخترعون أحاديث أو تُخترع لهم على قالب أغراضهم ينسبونها إلى النّبيِّ(صلى الله عليه وسلم) ويتعلّقون بها علينا»)اهـ.

وقال في(ص:184) تحت فصل(إعراض المبتدِعين عن محكم الكتاب وصحيح السّنّة): (وتلك عادة المبتدعين من قديم[أي أنهم لا يرجعون في تمحيص(العقيدة): (إلى الكتاب والسنة، فإن اضطروا إليهما تمسكوا بمتشابه الكتاب ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وبضعيف الحديث المتداعي والموضوع الذي لا تحلُّ روايته إلاَّ للتحذير منه)، ثم قال:] وتلك عادة المبتدعين من قديم لا يُعْنَوْنَ بَمُحْكَمِ الذكر وصحيح الأثر، ولكن بالحكايات المختلَقات والأضاليل الملفَّقَات)اهـ.

...يتبع









قديم 2013-01-28, 19:33   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
الكيفاني
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي



ماذا ينقمون على رجال«جمعية العلماء»؟!:

مظاهرُ لانحطاط العقول!:

العلماءُ المصلحون، وتحريرُ العقول:

المصلحون الجزائريون، وتُهْمَةُ(الوهابيَّة)!:

(الْعَامَّةُ) بين المصلحين والمُخَرِّفِين!:

شهادةُ التاريخ، على أنَّ الشعب الجزائري، كان مع العلماء المصلحين:

مظاهرُ قَبُول الإصلاح (السَّلَفيّ) في المجتمع الجزائري:

ماذا ينقمون على رجال «جمعية العلماء»؟!:


ـ وها هُوَ (الإعلاميُّ النَّاقِم)، ينقل (نِقْمَتَهُ) إلى «رجال جمعية العلماء» وإلى «الباديسيّة»[؛ دعوة الإمام ابن باديس] التي كان لها الفضلُ بعد الله في إرساء النّظرة «الإصلاحية» تجاه هذه الممارسات الصوفية!

يقول: «المشكلة(!) عندنا هي أن انتشار الرّؤية «الإصلاحية» لهذا الجانب بفعل سيطرة بعض رموز جمعية العلماء على المدرسة الجزائرية وصبغها بالصّبغة «الباديسية» في مرحلة من المراحل...كلُّ ذلك أسهم في تحذير انطباع خاطئ لدى أجيال كثيرة ومتتابعة، بأن زيارة الأضرحة والمقامات والتبرك بها وغير ذلك من الممارسات الصوفية، ليس له أي نصيب من المشروعية الدينية والفقهية...»انتهـى المقصود من «نقاط» كلامه.



ـ والجوابُ:

1ـ الإمامُ ابن باديس والإمامُ الإبراهيمي وإخوانهما وتلاميذهما من رجال «الإصلاح السَّلَفِيّ»، إنما انطلقوا في دعوتهم وفي إصلاحهم، إلى تطهير العقائد والأفكار، وحماية العقول، بعد أن رأوا فسادها واختلالها ومُصَابَ الأمة الأعظم فيها وبها!؛ فكتبوا في صحائفهم الأولى، ودَوَّتْ حناجرُهُمْ في الهَزَّةِ الأولى، التي هَزُّوا بها النَّائِمِين والمُخَدَّرِينَ مِنْ بَنِي وَطَنِهِمْ، فكان من أَوَّلِيَّاتِ تلْكُمُ الكِتابات: «العَقْلُ الجزائري في خطر! ».

مظاهرُ لانحطاط العقول!:

ـ وقد قدمنا قبلُ، مظهرًا من مظاهر انحطاط العقول!، وهو الاعتقادُ في الأولياء أنّهم يتصرّفون في الكون، ويملكون زمام الأمور!، فهم(الأَقْطَاب)! و(الأَغْوَاث)!، ونأتي الآن على مظهرٍ آخر من انحطاط العقول!، وهو اعتقادُ الوَلاية! في المجانين!!

ـ يقول الشّيخ مبارك الميلي في مقالته: «العقل الجزائري في خطر! »: «أما أَشْفَقْتَ أَيُّهَا الجزائريُّ...على ذهاب عَقْلِكَ وزَوَالِ لُبِّكَ...ماذا تكون عاقبة الجزائريّ المغبون الّذي يرى الفضل عليه لكلّ مجنون ويودُّ لو أنَّ الله أكرمه بِسَلْبِ عقله كما أكرم وَسِخِي الأبدان والثّياب وجعلهم من أهله....أُناشدكم الله الّذي أوجب علينا النّصيحة أن...تجعلوا غاية كلامنا النّصيحة لا الفضيحة....لولا الغيرة على أنفسِ جوهرٍ خلقه الله وهو العقل فلنطهّر العقول بقراح العلم وننوّره بهدي القرآن...»اهـ[«المنتقد»، العدد(6)/16محرم1344هـ/6أوت1925م]



وفي قوله هذا: إشارةٌ لما كان سائداً «في شمال إفريقية[عموماً؛ حيثُ] يعتقد الجهلة [ بل وممَّن يُسَمَّوْن علماء!] أنّ المجنون من أولياء الله ويُسَمُّونه «مجذوبًا» ويزعمون أن الله جَذَبَ عقله إليه وترك جسمه في الأرض حتّى يستوفي أجله. فإن كان لا يضرب النّاس ولا يضرُّهم أذن له في التجوُّل حرًّا طليقًا ليطعمه الملتمسون للبركة ويعتنون به ملتمسين بذلك قضاء الحاجات».

هذا وإنَّ «هؤلاء القوم يزعمون أن علومهم خارجة عن دائرة العقل؛ فمن شاء أن يعرف كلامهم فَلْيَتْرُكْ عَقْلَهُ؛ ومن أراد أن يُصدِّقهم فلينبذ كتاب الله وسنّة رسوله (صلى الله عليه وسلم) فنعوذ بالله من الخذلان»[انظر:كتابي«الطّرائق الصّوفية وآثارها في بلاد الحجاز والمغرب»؛ مجموعٌ فيهِ مِن مقالاتِ الدكتور تقيّ الدّين الهلالي المغربي].



العلماءُ المصلحون، وتحريرُ العقول:


ـ كتب المصلحون؛ فدَعَوْا إلى تحريرِ العقول، وهَزُّوا النفوس بصَرَخَاتِهِمْ المُدَوِّيَّة.

• يقول ابن باديس في «دعوة الجمعية وأصولها»: «سادسًا : يُمَجِّدُ[أي: الإسلام] العقل ويدعو إلى بناء الحياة كلّها على التّفكير».

• ويقول الشّيخ «عمر بن البسكري»: «إنّ جميع أمراض المسلمين محصورة في شيءٍ واحد وهو : عدم التّفكير والنّظر والجمود على حالةٍ واحدةٍ الّذي هو صفة الجمادات لا صفة الحيوانات المقتضية للحركة والتّوليد والنّمو، وقد ذكر الله العقل في القرآن نحو الخمسين مرّة، والتّدبّر أربع مرّات وأمّا النّظر والفكر فهو كثيرٌ لا علم لي بحصره، وأعظم آية فيه قول الله تعالى :﴿قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا﴾ اللّهمّ وفّقنا للتّفكّر وأخذ العلم بالدّليل، ولا تجعلنا من الّذين يعملون على هدم عقولهم الّتي هي أشرف حاسّةٍ أُوتيها البشر بالتّحجير والتّعطيل، فأنتَ حسبنا ونعم الوكيل»، ثمّ إنَّ «هذه البدع الّتي ينسبها البدعيُّون إلى الدِّين الإسلاميّ «مخدِّرٌ» يخدّرون بها عقول الجماهير، وإذا تخدّرت العقول وأصبحت تروج عليها الأوهام وجدت الأجواء الّتي يرجوها غلاةُ المستعمرين للأمم المصابة برؤساء دينيِّين أو دنيويِّين يغشّون أممهم يتاجرون فيها» [«تقرير» الشّيخ العربي التّبسيّ لـ«رسالة الشّرك ومظاهره»(ص: 29)]

ـ لهذا كان ابنُ باديس يوصي طلبةَ العلم خاصَّةً بـ «التّفكير والإستقلال فيه».

ويوصي المسلمين عمومًا بتكريم عقولهم؛ يقول تحت فصل «معرفة العبد لقدر نفسه: فلنكرم أنفسنا»: «قد استودعنا خالقنا خلقة كريمة، فعلينا أن نعرف قيمتها، وأن نقدرها، وحق على من كرمه ربه أن يكرم نفسه:- فعلينا أن نكرم أنفسنا بتكريم أرواحنا...وتكريم عقولنا، بتنزيهها عن الأوهام، والشّكوك، والخرافات، والضّلالات، وربطها على العلوم والمعارف وصحيح الاعتقادات»اهـ[«تفسير ابن باديس»(ص:206)/إعداد: د. توفيق شاهين ومحمّد الصّالح رمضان/دار الفكر].



المصلحون الجزائريّون، وتُهْمَةُ(الوهابيَّة)!:

مَضَى المصلحونَ يُرْجِعُونَ بَنِي وَطَنِهِمْ إلى القرآن وهدايته، وإلى السّنّة الصحيحة وحِكْمَتِهَا، يَهْدُونَ بِهِمَا النّاس ويرشدونهم ويُصلحون بهما ما فَسَدَ مِنْ دينهم ودنياهم وآخرتهم.

وهم في ذلك كلّه قد دعوا إلى ما دعا إليه علماء الإسلام قاطبةً، وهذه الدّعوة ليست كما يُشاع من صنع محمّد بن عبد الوهاب، ولا من تأسيسه، أو بنات أفكاره؟! والإمام ابن باديس لم يأخذها منه، ولم يكن تابعًا له فيها، فإنّه من دَرَس القرآن وتفقّه فيه، ووقف على إرشاداته وهداياته، ولم يجعل لأحدٍ سلطانًا على عقله وتفكيره!، فإنّه سيدعو بهذه الدّعوة الّتي هي «دعوة الحقّ».

ـ يقول ابن باديس: «وأصبحت الجماعة الدّاعية إلى الله يُدْعَوْنَ من الدّاعين إلى أنفسهم

«الوهّابيِّين»، ولا واللهِ ما كنتُ أملك يومئذٍ كتابًا واحدًا لابن عبد الوهاب، ولا أعرفُ من ترجمة حياته إلاَّ القليل، ووَالله ما اشتريتُ كتابًا من كتبه إلى اليوم ...» [جريدة «السُّنَّة»: ذي الحجة 1351هـ].

ـ ويقول ردًّا على افتراء النّائب العَمَالي[نسبةٌ إلى «العَمَالة» بمعنى «الوِلاية» أو «المحافظة»] الماليّ «ابن غراب»: «ثمّ يرمي الجمعية بأنّها تنشر المذهب الوهّابيّ، أَفَتَعُدُّ الدّعوة إلى الكتاب والسّنّة وما كان عليه سلف الأّمة وطرح البدع والضّلالات واجتناب الْمُرْدِيَات والمهلكات نشرًا للوهّابيّة، أم نشر العلم والتّهذيب وحرّيّة الضّمير وإجلال العقل واستعمال الفكر واستخدام الجوارح – نشر للوهّابيّة؟- إذًا ، فالعالم المتمدِّنُ كلّه وهّابيّ. فأئمّة الإسلام كلّهم وهّابيّون؟ ما ضرّنا إذا دعونا إلى ما دعا إليه جميع أئمّة الإسلام ....» [«الصّراط السّويّ»: جمادى الثانية 1352هـ – سبتمبر 1933م].

ـ ويقول الشّيخ مبارك الميلي في «رسالة الشّرك»(ص:54)، تحت فصل«الجواب على المطاعن»: «وأمّا ابن تيميّة فلم يبتدع ضلالةً، وإنّما أحيا السّنّة، ودعا إلى الهدى، واجتهد في النُّصح. وليست الدّعوة إلى التّوحيد بمذهبٍ خاصّ، ولكنّه دينُ الله العامّ»اهـ.



ـ فهذه هي دعوة الإسلام النّقيِّ الصّافي من كلِّ شائبةٍ ودِخْلَةٍ مَدْسُوسَةٍ.


فإذا توافقت دعوتهم مع دعوة ابن عبد الوهاب في إنكار ما يُنكره علماءُ الإسلام قاطبةً، ينسبونهم إليه تحقيرًا وتنفيرًا؟!

• يقول الإبراهيميّ: «أإذا وافقنا طائفةً من المسلمين في شيءٍ معلومٍ من الدّين بالضّرورة وفي تغيير المنكرات الفاشية عندنا وعندهم – والمنكَر لا يختلف حكمه بحكم الأوطان – تنسبوننا إليهم تحقيرًا لنا ولهم وازدراءً بنا وبهم، وإن فرّقت بيننا وبينهم الاعتبارات، فنحن مالكيُّون برغم أنوفكم، وهم حنبليُّون برغم أنوفكم، ونحن في الجزائر وهم في الجزيرة»[«الآثار»(1/ 123–124)]

• ويقول ابن باديس تحت عنوان: «الدّعوة الإصلاحية. هنا وهنالك»: «الكتاب واحد، والسّنّة واحدة، والغاية – وهي الرّجوع إليها- واحدة فبالضّرورة تكون الدّعوة واحدة. بلا حاجةٍ إلى تعارفٍ ولا ارتباط ما إن تباعدت الأعصار والأمصار. هذه الحقيقة يتعامى المبدعون ذوو الأغراض عنها، فَيُصَوِّرُونَ مِنْ خَيَالاَتِهِمْ أشباحًا وَهْمِيَّةً للدّعوة الإصلاحيّة الدّينيّة المحضة الّتي نقوم بها فيقولون عنها... «وهّابية» ويقولون ويقولون.. وهم في الجميع مُتَقَوِّلُونَ ...»[ «الشّهاب»: العدد 164، (ص: 302)]

ـ وكان من أسرار نجاح دعوة ابن باديس وإخوانه من المصلحين: أنّ «الدّعوة إلى القرآن والسّنّة وعمل السّلف؛ هي الدّعوة الأصيلة في هذه الدِّيار».



ـ حصل الاصطدام بين المصلحين وبين شيوخ الطُّرق، يُبَيِّنُ ذلك ابن باديس بقوله، وهو يكشفُ سبب محاربته للطّرقيِّين ومحاربتهم لهُ: «قد كانت وِجْهتنا الأولى في النّقد الدّينيّ هي الاعتقادات، ولقد كان همُّنا الأوّل تطهير عقيدة التّوحيد من أَوْضَار الشّرك القوليّ والفعليّ والاعتقادي، فإنّ التّوحيد هو أساس السّلوك، ولذلك ابتدىء بـ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ قبل ﴿اهْدِنَا﴾ في فاتحة القرآن العظيم. هنا اصطدمنا بزعماء الطّرق وشيوخ الزّوايا الاصطدام المعروف، لأنّه إذا خلص التّوحيد توجّه النّاس إلى ربِّهم الّذي خلقهم وتركوهم، واعتقدوا فيهم أنّهم مخلوقون مثلهم لا يضرُّون ولا ينفعون، إلى غير هذا ممّا يُنتجه التّوحيد الصّحيح مِن تحرير العقول والأرواح والقلوب والأبدان»[«الشِّهاب»:11 ذي الحجة 1344هـ، 24جوان 1926 م]

ضّجَّ الطّرقيُّون لبدعهم، وثاروا وثَأَرُوا لطُرُقهم المنهزمة، بشَتَّى الطُّرق الماكرة والأساليب الخاسرة!-وهم يستعينون في ذلك كُلِّهِ أو جُلِّهِ بالحكومة-ومَوَّهُوا وكذبوا ودَلَّسُوا وقَلَّبُوا الأُمور....



(الْعَامَّةُ) بين المصلحين والمُخَرِّفِين!:

ـ يُبَيِّنُ الإبراهيميُّ موطنَ الخلاف بينهم وبين المتمصوِفة والطّرقيِّين: «الشّعب الجزائريُّ المسلم بفطرته، الكريم في عنصره، الجاهل بحقائق دينه-في أكثريّته-واقعٌ اليوم بين قوّتين تتجاذبانه: قوّة العلماء المصلحين الدّاعين إلى الله وإلى الإسلام كما جاء به محمّدٌ صلى الله عليه وآله وسلم لا يَبغون على ذلك جزاءً ولا شكورًا، وقوّة الشّيوخ الطّرقيِّين الّذين وقفوا-إلاّ أقلّهم- سدًّا حائلاً بين العلماء وبين أتباعهم من عامّة الأمّة....»[«آثار الإبراهيمي»(1/113)]، وقال: «تعالوا أيُّها القوم نصارحكم، فقارِضونا صراحةً بصراحةٍ؛ أليس هذا العامّيُّ المسكين هو محلّ النِّزاع بيننا وبينكم؟

دَعُونا من الكذب على السّنّة والتّلبيس باسمِ السّنّة ودَعُونا ممّا ترموننا به من الوهّابيّة ودَعْوَى الاجتهاد، فقد علمنا وعلم العقلاء أنّ ذلك كلّه منكم تحاملٌ وتداهٍ تُريدون أن تبعدوا به عن محلّ النِّزاع....نقولُ لكم: دَعُوا هذا (العامّيّ) على فطرتِهِ ليتلقَّى الهداية الدّينيّة على يدِ أهلها سليمةً كفطرته، بيضاءَ كقلبه، نقيّةً كصدره، ونُحاكمكم في هذا إلى كتاب الله وسنّةِ نبيّه وهدي السّلف الصّالح من أمّته، فلا تسلِّمون ولا تجادلون بالحسنى، بل كلّما قرعتكم الحجّة وعضّكم الدّليل، رجعتم بنا إلى أصولٍ من طباعكم هي المباهَتة والمغالطة والقول بغير علم، وهو شرّ ما يتخلّق به متخلّق، وأوهن ما يعتمد عليه مجادل.....إنّ محلّ النّزاع بيننا وبينكم هو هذا العامّيّ. نريد أن نحرّره من استعبادكم ونطلقه من أسركم.... نريد لهذا العامّيّ أن يؤمن بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبالكعبة قبلةً وبالقرآن إمامًا وبمحمّدٍ رسولاً، وأن لا يرجو النّفعَ إلاّ من ربّه ولا يستدفع الضّرّ إلاّ به، وأن لا يستعين بعد الأسباب الكَسْبيّة إلاّ بقوّته، وتريدون منه أن يُؤمن مع ذلك أو قبل ذلك أو بعد ذلك بأنّكم أولياء الله وإن استَبَحْتُم الحرمات وركبتم المحرّمات، وأن يشرككم مع الله في الدّعاء أو يدعوكم من دونه وأن يلتجئ إليكم حتّى فيما هو من خصائص الألوهيّة، وأن يشدّ الرِّحال لبيوتكم كما يشدّها لبيت الله-فاجبهونا بالتّكذيب إن استطعتم....»إلخ[(1/115-116)]، «...أليس فيكم من يقولُ في صراحةٍ إنّه يتصرّف في الوجود ويُعطي من يشاء، ويمنع من يشاء....» [(1/117)]، «...أيُّها النّاس، إنّ نقطة النِّزاع بيننا وبين هؤلاء هو ما علمتم: هو هذه العامّةُ الّتي أَضلّوها وأَذلّوها وغاية الشّيطان أن يضلّ، وأرادوا أن تَعبدهم من دون الله وهو ما يئس منه الشّيطان بنصّ الحديث...»[(1/121)].



شهادةُ التاريخ، على أنَّ الشّعب الجزائري، كان مع العلماء المصلحين:


ـ ثمّ اسمع هذا الذي ادَّعَاهُ وزَعَمَهُ مِنْ غير دليلٍ، هذا (الإعلاميُّ النَّاقم)؛ إِذْ قال: «أثبتت التّجربة أن الشّعب الجزائري لم يغير ثقافته الدّينية الرّوحية ولم يتخلّ عنها على رغم المحاولات المختلفة والمستمرّة، لإلصاق كليشيهات«الشّرك» وغيره بتلك الثّقافة التّي تصدر من أعماق الشّعب البسيط وبعفويّةٍ كاملة لا تخفي وراءها مصلحة أو غرض غير سليم»اهـ.

والجواب والتّعليق:

1ـ بل أثبتت التّجارب والتّاريخ شاهدٌ لا ينكره إلاَّ مُكابر، أو مُدَلِّسٌ مَاكِر!: أنّ الشّعب الجزائريّ رَفَضَ هذه الطّرقيّة، ونَفَضَ يَدَيْهِ منها وتَخَلَّى عَنْهَا وعن ممارساتها، لمّا رآها تتآمر على مصالحه، وتبتني مجدها وسلطانها على أنقاض جهله وأُمّيّته، وتَعْتَلِي مراتب العظمة والجبروت على خُنُوعه واستعباده وإذلاله!، فما أَبْصَرَ الحياةَ وما أدرك معناها وغايته فيها إلاّ بظهور العلماء المصلحين والمرشدين السَّلَفِيِّين، الّذين هَدَوْهُ بهداية القرآن، ورفعوا عنه الجهل بحِكْمَةِ السُّنَّة، فصارت له المدارسُ تُعَلِّمُه، والمساجدُ الحُرَّةُ تُرْشِدُهُ، والنَّوَادِي تُثَقِّفُهُ.... وطُهِّرَ عَقْلُهُ، وسَمَا فِكْرُهُ، يأخذ بالقرآن ويجعله لها هاديًا وإمامًا.

° يقول الإبراهيميُّ: «ونجحت الجمعية – كذلك – نجاحًا جَلِيًّا مَشهودًا ظهرت آثاره للعيان ولمسه الموافق والمخالف والمعتدل والمتجانف، في تصحيح عقائد الأمّة الجزائريّة وتطهيرها من شوائب الشِّرك القوليّ والعمليّ الّتي شابتها، فَصَحَّتْ العقائد وصَحَّتْ لصحتها الإرادات والعزائم...أصبح المنتسبون إلى الإصلاح ولَوْ من العامّة يخلصون لله في عباداتهم وأَيْمَانِهِمْ ونذورهم وأدعيتهم، ونبذوا كلَّ ما كانوا عليه من عَقْدٍ فاسد أو قولٍ مفترى أو عملٍ مبتدع في هذه الأبواب كلّها، وأصبحوا يفرِّقون بين السّنّة والبدعة والمشروع وغير المشروع ...»[«آثار الإبراهيمي»(1/283 -284)].

° ويقول عن معرفة العامّة بقيمة الدّليل:

«ومن غرائب تأثير الحقّ في نفوس المستعدِّين له أنّ هذه النّزعة الاستدلاليّة قد تجاوزت آفاق الطّلبة المزاولين للعلم إلى الطّبقات الّتي تليهم، فأصبحت نفوسهم نزَّاعةً إلى طلب الدّليل في أمور دينهم، وأصبحت أبصارهم تخشع وأعناقهم تخضع إذا أُقيم لهم دليلٌ من آيةٍ قرآنية أو حديثٍ نبويّ ممّن يعتقدون أمانته وصدقه، وإذا كان قصور أفهامهم قد قعد بهم عن فهم ما بين الدّليل والحُكم من صلةٍ، فقد كان من ثمرات هذه النّزعة الجديدة فيهم أنَّهم صاروا عارفين بقيمة الدّليل، ولا يقبلون الباطل حين يُلقى إليهم بالسُّهولة الّتي كانوا يقبلونه بها، بل يتردّدون ويتوقّفون وقد يفتق ذلك التّردّد والتّوقّف عن المخرج إلى الحقّ. وكم أَلْقَمُوا المبطلين حجرًا وأَعَضُّوهُمْ بريقهم حينما يُلْقُونَ إليهم بباطلهم فيقولون لهم: وأين الدّليل ؟» [«الآثار»(1/ 148-149)].



مظاهرُ قَبُول الإصلاح (السَّلَفيّ) في المجتمع الجزائري:


° يقول الشّيخ «العيد بن أحمد مطروح» أحد التّلاميذ البارزين للشّيخ العربي التّبسيّ، وكان قد لازمه وصار من بطانته، يؤازره في جهاده؛ قال الشّيخ العيد: «كان الشّيخ العربيّ رحمه الله يُهاجم البدع والطّرقيّة، لقد كانت في «تبسة» كلُّ البدع المنتشرة في الوطن الجزائري، كانت فيها «الزّردة»، و«الوَعْدَة»، وكان الخوف الشّديد من شيخ الطّريقة، والدّعاء للشّيخ، والتّبرّع باسم الشّيخ، وكان بعض العوامّ يقدِّسون بعض الأشجار وبعض الأحجار ويقدِّمون إليها القرابين، فأبطل الشّيخُ بدروسه هذه العادات الفاسدة، فلم يَبق منها قبل الثّورة إلاّ الشّيء التّافِه القليل، واليوم (في عام 1386هـ) قد تنظّفت «تبسة» فلم يَبق منها شيءٌ والحمدُ لله»[«أعلام الإصلاح في الجزائر...»لمحمّد علي دبوز(2/44)].



أمّا الطُّقوس الطّرقيّة والممارسات الصُّوفيّة فبقيت منها بَقِيَّةٌ، كادَتْ تَنْدَثِر، ويُقْضَى عَلَيْهَا القضاء الأخير، بعد أن زالت هَيْبَتُهَا مِنَ النُّفوس، وطُوِّحَ سُلْطَانُهَا، وسُلِبَ عَرْشُهَا!، لولا قيام ثورة التّحرير المظفّرة.

... «يتبع»









 

الكلمات الدلالية (Tags)
الحسني», بوهران, فضائحُ....ومخازي, وَعْدَة, «سيدي


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:57

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2025 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc