[align=center]لدي كتاب قيم لمحمد الغزالي رحمه الله، يتحدث في أحد
فصوله عن مفهوم القضاء والقدر، وهل الانسان مسير أم
مخير، كما ينتقد بشدة التواكل واعتماد المسلمين على
الغرب، لكنني ارتأيت أن أنقل لكم اجابة ساخرة لهذا العلامة في رده على أحد العامة.
يقول محمد الغزالي في كتابه (عقيدة المسلم)
سألني سائل: هل الانسان مسير أم مخير؟ فنظرت اليه في
ضيق شديد، وقررت أن ألتوي معه في الاجابة، كما
التوى هو مع فطرته في هذا التساؤل، وقلت له: الانسان
نوعان: نوع يعيش في الشرق، ونوع يعيش في الغرب،
الأول مسير والآخر مخير. ففغر الرجل فاه عن ابتسامة
هي بالضبط نصف تثاؤب الكسالى والعجزة والثرثارين
الذين ينتشرون ببلادنا.
ثم قال: ماهذا الكلام ؟ انني أسألك: هل للانسان ارادة حرة
وقدرة مستقلة يفعل بهما ما يفعل ويترك ما يترك،
أم هو مجبور !
فقلت له: قد أجبتك، الانسان في الغرب مستقل وفي الشرق
مستعمر، هناك له ارادة وقدرة، وهنا لا شيء له.
فضحك أحد الظرفاء وقال: هذه اجابة سياسية.
فقلت له: وانها لدينية كذلك.
يارجل ان القوم في الغرب شعروا بأن لهم عقولا ففكروا
بها حتى كشفوا المساتير من بدائع الكون، وشعروا أن
لهم ارادة فصمموا بها، حتى التفت في أيديهم مصائر
الأمم وأزمة السياسات.
وشعروا أن لهم قدرة، فجابوا المشارق والمغارب، وصنعوا
الروائع والعجائب.
أما نحن، فهذا رجل من ألوف الألوف التي تزحم البلاد
يأتي ليستفتيني في هذه المعضلة التي غاب عنه حلها.
الرجل في الغرب ألقي به في تيار الحياة، فعلم أن له
أعضاء يستطيع أن يعوم بها، فظل يسبح مع التيار
تارة وضده تارة أخرى، حتى وصل الى الشاطئ.
أما هنا، فلما ألقي الرجل في معترك الأمواج، بدأ يسائل
نفسه: هل أنا حي حقا، أم أنا جثة هامدة ؟[/align]