كان الدعاة سعيا منهم للوصول إلى قلوب السكّان في الأرياف وفي المدن . يحرصون على
الدوام على أن يجعلوا من الأمازيغ - الذين كان تديّنهم عميقا- حماةً للإسلام . وكانت الأربطة مثالا
لذلك فهي أديرة وثكنات عسكرية في نفس الوقت .وقاعدة عمليات ضدّ الكفّار أو محرّفي الدين .
ويمكن أن يشيّد الرباط داخل البلاد مثل رباط تازة أو على الساحل . وباختصار في أيّ مكان
يستدعي الدفاع عن الإيمان. لقد كان أولئك الجنود-الرهبان يقيمون في تلك الأبراج يتدرّبون على
القتال ويتعلّمون أصول الدين بصرامة . وكان القرن التاسع العصر الذهبي للأربطة في أفريقيا حيث
تعدّدت الأربطة من طرابلس إلى بنزرت وخاصّة على ساحل المزاق . وأشهرها رباط المنستير
الذي بني في 796 ورباط سوسة ( 821 ) وفي الجهة الأخرى من المغرب على الساحل الأطلنطي
بنيت أربطة لضمان الدفاع عن الإسلام عسكريا ومذهبيا ضدّ حملات النهب النورماندية وضدّ
.( الهرطقات الدينية كالتي ظهرت في قبيلة برغواطة ( 32
كان أحد هذه الأربطة من تأسيس – في وقت متأخّر – الموحّدي يعقوب المنصور . وسيصبح
عاصمة المملكة الشريفية والذي احتفظ باسم الرباط العاصمة الحالية للمملكة المغربية . وكانت
جنوبا تكمّل الدفاع الساحلي في المغرب (Massat) أصيلا شمالا وآسفي وقوز وخاصّة ماسات
.( الأقصى( 33
كان المرابطون عبّادا وأهل صلاة . ومصلحين ذوي فعالية . وكان هؤلاء من قبيلتي لمتونة
الصنهاجيتين من الصحراء الغربية( 34 ) تحت القيادة الروحية لعبد الله بن ياسين (Guezoula) وقزولة
الذي أسّس رباطا في جزيرة بالسينغال . وكان في بداية القرن الحادي عشر مبدأ الإمبراطورية
المرابطية . أمّا في المناطق غير المهدّدة . فقد فقد الرباط طابعه العسكري ليصبح مقرّ رجال الدين
مقلّدة" للأنظمة الدينية المسيحية " (Confréries) الموقّرين . وقد ظهرت بسبب ذلك إخوانيات
وهي تبدو الآن في شكل مراكز للدراسات الدينية (زوايا) وهي وريثة (Ordres Religieux)
وقد لعبت (Maraboutisme) للأربطة القديمة واختلطت هذه الحركة أحيانا بالتصوّف الشعبي
الأرياف مع الإبقاء على بعض الممارسات (Islamisation) الحركة المرابطية دورا كبيرا في أسلمة
. ( العقائدية السابقة للإسلام التي لا تضرّ بالإيمان ( 35
لقد أكملت هذه الزوايا أسلمة المناطق النائية من بلاد البربر والتي دخلها الإسلام متأخّرا وليس
ضمن مجموعات الأمازيغ الجبليين المستقرّة التي لعبت دورا هامّا في الإسلام الشمال أفريقي مثل
ومصمودة في الأطلس المغربي . بل عند كبار (Kabylie Orientale) كتامة في القبائل الشرقية
الرحّل في الهقار البعيد وفي الصحراء الجنوبية . ولعلّ إسلام التوارق كان بفعل دعاة وصلوا بلادهم
منذ القرن الخامس عشر لا غير . أمّا الغريب فهو أنّ هناك بلدا أمازيغيا لم يسلم أبدا وهو جزر
الكناري الذي بقي سكّانه الأصليون على الوثنية إلى الغزو النورماندي والاسباني خلال القرنين
الرابع عشر والخامس عشر .
لم يمح إسلام الأمازيغ نهائيا آثار المسيحية في أفريقيا .وقد أشار بعض المؤرّخين والجغرافيين
العرب إلى استمرار وجود كنائس أفريقية عدّة قرون بعد الفتح العربي وهو موضوع اهتمّ به
المؤرّخون أخيرا . فالملاحظ أنّ الممالك الأفريقية التي تكوّنت خلال الاحتلال الوندالي والبيزنطي
كانت في أغلبها مسيحية . وقد صرّح الملك ماستياس بمسيحيته وأشار ملك الأوكوتاماني
وكان بناة أضرحة (Servus Dei) كتامة في الكتابات العربية] إلى أنّه خادم الله ] (