نصوص تاريخية في فضائل البربر و أصالتهم وأخلاقهم وحضارتهم
بقلم/عزالدين حضري.
المرجع الذي نقل منه الموضوع : https://vb.altareekh.com/t56431/
بسم الله الرحمن الرحيم
خطة الموضوع:
• تقديم:
1-أسباب سرد هذه النصوص.
2-الهدف من سرد هذه النصوص.
3-منهجية تصنيف هذه النصوص.
4-تنويهات.
5-النصوص التاريخية مصنفة تصنيفا كرونولوجيا.
• خاتمة.
• تقديم:
1-أسباب سرد هذه النصوص:
قد يتساءل سائل عن الأسباب التي دعتني إلى إيراد هذه النصوص،فأقول أن الأسباب عديدة،منها على الخصوص:
-أنها رد على من يدعي أن البربر لم يعيشوا إلا على هامش التاريخ الإنساني نقول لهم راجعوا المصادر التاريخية بكل دقة وموضوعية فستجدون أن الأمة البربرية كانت دائما حاضرة ومتواجدة في قلب الأحداث،بل صنعت الكثير من الأحداث.
-وقد ذكرت عدة مرات أن صورة نمطية تسوق من لدن الكثيرين ممن لا يريدون أن تقوم قائمة للثقافة الآمازيغية،و جوهر تلك الصورة أن المدافعين عن تلك الثقافة جلهم(إن لم يكونوا كلهم)من العلمانيين والملحدين والمتنصرين والكارهين للثقافة الإسلامية،المدفوعين من طرف دوائر استعمارية غربية بهدف إحياء النعرات الجاهلية وتأجيج الطائفية المقيتة،وزرع الفتنة في صفوف المجتمع المغاربي المسلم،ومن ورائه كل الأمة الإسلامية.
ولكن الواقع مخالف لذلك تماما فالكثير من حاملي لواء المدافعة عن هوية الأمة الآمازيغية،وإحياء ثقافتها،ولغتها،وتقاليدها هم من المتمسكين بدينهم الإسلامي الحنيف،يفتخرون به،ويعتبرونه الركيزة الأولى والحصن الحصين للآمازيغ عبر التاريخ،إنه الدين الذي دعا إلى التسامح والحوار واحترام الأخر،وهو الدين الذي حارب العنصرية والطائفية،ولكنه في نفس الوقت دافع عن التعددية وحرية الاختلاف في جوانبها الايجابية،والتي تؤدي إلى تقوية الأمة لا إلى تفرقتها وشرذمتها،و من الأدلة الواضحة على ذلك،قول الله تعالى﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾الحجرات:13،وقوله أيضًا عزوجل:﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيرًا ونساء﴾النساء:1،وقوله جل وعلا:﴿ومن آياته خلق السموات والأرض،واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين﴾ الروم:22.
لقد مثل الإسلام للبربر عامل وحدة ثقافية واجتماعية وعقائدية وسياسية،هي التي حثّ عليها الإسلام والهدف«تأسيس حضارة تتجاوز الإطار القبلي والعنصري»،وكانت النتيجة نشأة الحضارة الإسلامية الراقية والإنسانية،التي يتساوى فيها جميع الناس بقطع النظر عن أصلهم ونسبهم،ولذا نجد أن في الأمة الإسلامية شعبا تركيا معتزا بإرثه التركي متمسكا بلغته وثقافته التركية،ومع هذا فإن الأتراك إلى يومنا هذا متمسكين بدينهم مستشعرين ألام وأمال أمتهم الكبيرة،ونفس الشيء يقال عن الشعب الفارسي،والباكستاني..الخ،فلما يكون فقط الأمازيغ من يشذ عن تلك القاعدة؟ولما يشكك في نوايا كل من يناضل في سبيل تلك الغاية؟.
-ونقول للذين يحاولون تشويه سمعة المدافعين عن الهوية الآمازيغية لبلاد المغرب الكبير بحجة إحياء النعرات الجاهلية،ونشر الفتنة بين المسلمين...وغيرها من الدعاوى الباطلة بأن التصادم بين الثقافة العربية والآمازيغية أمر مستبعد،لم يحدث من قبل ولن يحدث مستقبلا،فالنيات خالصة و الموضوعية و العلمية هي السمة الرئيسية التي يتمسك بها دعاة بعث الهوية الآمازيغية(وإن كنت أكره استعمال كلمة بعث نظرا لارتباطها بالتيار العنصري العربي).
الكثير من الأمازيغيين المخلصين المرتبطين بشدة بمبادئ دينهم هم الآن في الطريق السليمة للتخلص من الأسئلة التي روج لها دعاة إقصاء الهوية الآمازيغية،والتي كانوا يلقون بها في روع الآمازيغيين والتي مفادها "هل موقفي هذا يقدح في ديني؟هل يخرجني من دائرة الأمة الإسلامية؟
2-الهدف من سرد هذه النصوص:
أردت من خلال ذلك تحقيق جملة من الأهداف منها على الخصوص:
-التأكيد أن النضال في سبيل إحياء الهوية الآمازيغية حي ومتأصل ،والتمسك بالهوية الآمازيغية لا يشعرنا تماما بالحيد عن مبادئ الإسلام.
-أن يكون لنا الحق كأمازيغيين للافتخار بأصولنا وأنسابنا وتاريخنا وحضارتنا الآمازيغية الخالدة،تماما كما يحلو للعرب أن يفتخروا بأمجادهم ويتغنوا بتاريخهم وأصولهم.
-لفت الانتباه إلى أن مصادر التاريخ المغربي تتحدث بقوة عن قضية يمكنني أن اسميها"بالشعور بالهوية الآمازيغية لبلاد المغرب الكبير"،وهي قضية نلمسها بقوة بمطالعتنا للكثير من المصنفات التاريخية لعدد من أساطين التاريخ منهم:ابن حزم،والمراكشي،وابن خلدون ،والسلاوي،والميلي...الخ.،وهذا في رأي ردا على الذين يدعون أن أثارة النقاش حول الهوية الآمازيغية هو قضية مفبركة ومستحدثة،وأنها مؤامرة أدارها الاستعمار الفرنسي للتفريق بين البربر والعرب في بلاد المغرب.
-أن وتهتم الدراسات التاريخية الجادة بهذا الموضوع الهام والمفصلي بطريقة مركزة وجادة وموضوعية،وأن تطرح إشكالا محددا ودقيقا ،يكون كالتالي:"ماهي جذور الدعوة للتمسك بالهوية الآمازيغية للمغاربة؟ وماهي الأسباب الرئيسية لتهميش الهوية الآمازيغية لتلك البلاد؟وهل ولٌدٌ ذلك أزمة هوية للأمة الآمازيغيبة؟".
3-منهجية تصنيف هذه النصوص:
لقد قمت بتصنيفها حسب أهميتها،وكرونولوجيتها،ومغزاها:
• فأتيت بمجموعة أولى تنسب إلى الرسول-صلى الله عليه وآله وسلم.
• أما المجموعة الثانية فمقتطفات من أقوال وآل بيت الرسول-صلى الله عليه وآله وسلم-.
• أما المجموعة الثالثة فمقتطفات من أقوال الصحابة –رض-.
• أما المجموعة الرابعة فمقتطفات من أقوال وشهادات كبار المؤرخين والعلماء المسلمين.
• أن تلك النصوص تتحدث عن بعض فضائل بلاد المغرب وأهلها؛فموضوعاتها عديدة،منها ما تطرق لخيرية أهلها وأصالتهم،وعزتهم،وفضلهم ،زأخلاقهم،ومنها ما تطرق لجغرافية المنطقة وشساعتها وجمالها وكثرة عمرانها...الخ،ومنها مواضيع تطرقت للرد على شبهات متعددة حول البربر وتاريخهم،ومنها مواضيع تحدثت عن تأصل التمسك بالهوية اآمازيغيية..الخ
• أني أوردت النصوص كما هي،وقد يلاحظ القارئ وجود بعض الجمل وضعتها بيت قوسين في متن النص،فتلك الجمل تنسب إلي أتيت بها للتوضيح ،فقد لا يفهم القارئ مغزى النص التاريخي دون تلك الجمل.
وفيما يلي بعض تلك النصوص التي رأيت أن أقدمها للقراء الآمازيغيين وغيرهم من المنصفين،ليتبين لهم أن البربر أمة عريقة قبل الإسلام وبعده،وأن الدفاع عن الهوية الآمازيغية لا يعتبر إطلاقا إحياء للطائفية والفتنة. فتدبر يرحمك الله النصوص التالية:
4-تنويهات:
قبل أن أستعرض هذه النصوص علينا بداية أن ننوه للنقاط التالية:
• أن كل الأحاديث الواردة في تلك النصوص لم نعثر لها على أثر في كتب الأحاديث المعتبرة(أنظر كتب الصحاح للبخاري و مسلم...الخ).
• يرجح بعض المؤرخين(ومنهم عبد القادر بوباية)أن تلك الأحاديث ربما انتحلت من رواة من البربر للتباهي بأصولهم وأرومتهم(أنظر:مفاخر البربر،لعبد القادر بوباية).
• أن انتحال الأحاديث للتباهي بالأصل لم ينتهجه البربر فقط،فقد انتحل العرب والفرس والترك الأحاديث في سبيل تلك الغاية(أنظر:العقد الفريد،لابن عبد ربه).
5-النصوص التاريخية مصنفة تصنيفا كرونولوجيا:
-المجموعة الأولى:نصوص تنسب للرسول-صلى الله عليه وسلم-:
• <عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لايزال أهل المغرب ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة"...>.
• <يروى عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه قال"لله فرسانا في السماء"يعني الملائكة،و"فرسانا في الأرض"يعني البربر>.
• ويروى<عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه قال:"إن لله أنصارا ولذريتي،فأنصاري الأنصار الذين آووا ونصروا،وأنصار ذريتي البربر آووهم وبروهم وأكرموهم">.
• ويروى<عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه قال:"لا تزال طائفة من أمتي بالمغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة">.
• ويروى عن سعد بن أبي وقاص<عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه قال:"لا يزال أهل المغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة">.
• ويروى<عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه قال:"لا يضرهم من خالفهم حتى يروا قياما فيقولون: غشيتم فيغشون سرعان خيلهم،فيرجعون إليهم فيقولو: الجبال سيرت فيخرون سجدا فتنقبض أرواحهم">.
• ويروى<عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه قال:"خير الأرض مغاربها وأعوذ بالله من فتنة المغرب">.
• ويروى عن أبي أيوب الأنصاري قال:<بينما رسول الله-صلى الله عليه وسلم-واقف إذ توجه تلقاء المغرب فسلم وأشار بيده فقلت:"على من تسلم يا رسول الله؟"،قال:"على رجال من أمتي يكونون في هذا المغرب بجزيرة يقال لها الأندلس حيهم مرابط،وميتهم شهيد،وهم ممن استثنى الله من كتابه "فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله".
ويعلق أبي أيوب الأنصاري-رض-عن وعد النبي فيقول:"وصح وعد رسول الله-صلى الله عليه وسلم-إن الإسلام سيبلغ مشارق الأرض ومغاربها فكان الأمر كما وعد">.
• وعن فضل بلاد المغرب وخيريته يروى:<عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه قال:"الشر عشرة أجزاء،فتسعة في المشرق،وواحد في سائر البلدان">.
-المجموعة الثانية:نصوص تنسب لآل بيت الرسول-صلى الله عليه و آله وسلم-:
• <...بلغنا أن علي بن أبي طالب-كرم الله وجهه ورضي الله تعالى عنه-قام خطيبا فقال:يا أهل مكة والمدينة.أوصيكم الله والبربر.فهم الذين سيجلبون لكم اﻹسلام من المغرب لما تفسدونه هنا.وهم الذين يقول فيهم الله تعالى:«يأيها الذين آمنوا من يرتدً منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه.أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين. يجاهدون في سبيل الله.ولايخافون لومة لائم.ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم»-سورة المائدة،آية؛54–.
وأضاف البكري:كنا-نحن معشر العرب-إذا اندلعت المعركة نقاتل من أجل الدرهم والدينار.أما البربر فكانوا يقاتلون ﻹعلاء كلمة الله في اﻷرض.ويروى عن ابن مسعود-رضي الله عنه- أنه قال:أن الرسول-صلى الله عليه وآله وسلم-قال في حجة الوداع-السنة العاشرة للهجرة-:أوصيكم بتقوى الله وبالبربر.فهم من يجيئونكم بدين الله من أعماق المغرب.وسيستبدلكم الله بهم.ثم قرأ: «إن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم»-سورة محمد؛آية؛38-.
• <...وعن علي بن أبي طالب-رضي الله تعالى عنه-قال عسكر طنجة وطرابلس فارسهم وراجلهم في الحرب والبأس سواء،قلوبهم كأنها زير الحديد>.
• <ورويي أن فاطمة بنت رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-أمرت جارية أن تتصدق بصدقة،فقالت لها:"إذا قُبلت منك الصدقة فاسألي الذي يأخذها منك من هو و في أي بلد مسكنه"؟قال:فخرجت الجارية بالصدقة فقالت:"من يقبل صدقة آل رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-فقام رجل فقال لها:"أنا موضع صدقة آل رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-"فقالت له:"من أين أنت؟وفي أي بلد مسكنك"؟قال لها:"أنا من ولد بر"فأعطته الصدقة ورجعت مسرعة إلى فاطمة –رضي الله عنها-فأخبرتها،فقالت:"أخذ صدقة آل رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-رجل من البربر" فقالت لها:"علي بالرجل" فلحقته الجارية وقد بلغ أقصى المسلك فقالت له:"آيها الرجل إن فاطمة بنت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-تسأل عنك" قال:فرجع البربري خائفا وجلا وهو يقول:"قد بدا لها في الصدقة أمر"فلم وقف على الباب،كشفت القناع عن وجهها،وهي باكية،وهي تقول:"لكل نبي حواري،وحواري ذريتي البربر،إني سمعت رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-يقول:"يا فاطمة سيقتل الحسن والحسين،ويقتلونهم ويجلون أولادهم العرب،ويؤونهم البربر،فيا شر من فعل بهم ذلك،وطوبى لقوم يؤونهم ويحبونهم ويكرمونهم ويعزونهم،قد جعل الله في قلوب البربر الرأفة والرحمة لذرية رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-ولعامة المسلمين،وهم يكونون القائمين بهذا الدين على يقين،ومنهاج واضح،قال ذلك الصادق المأمون-صلى الله عليه وآله وسلم-وأمر بتقدمهم بأمر الله.>.
-المجموعة الثالثة:نصوص تنسب لصحابة الرسول-صلى الله عليه و آله وسلم-:
• <...بلغنا أن عمر بن الخطاب-رض-استقبل ذات يوم وفدا من قبيلة لواتة البربرية.كان قد أرسلهم عمرو بن العاص حاكم مصر.
وقد اندهش الخليفة لمرآهم إذ كان جميع أعضاء الوفد حليقوا الرأس و الوجه.فسألهم أمير المؤمنين عن سر ذلك الفعل.فقالوا:لقد طالت شعورنا و لحانا ونحن كفار،وفي جاهلية.فلما هدانا الله إلى اﻹسلام أردنا أن نغير مظهرنا كما غير الدين مخبرنا.
ثم جرى بين الخليفة و الوفد الحوار التالي:
الخليفة: هل لكم مدنا تسكنون فيها؟
الوفد: لا.
الخليفة: هل لكم أسواق تبيعون وتبتاعون منها؟
الوفد: لا.
فأجهش الخليفة بالبكاء ولما سأله الحاضرون عن سبب بكائه.أجاب:ما أبكاني أني سمعت حديثا من الرسول –صلى الله عليه وآله وسلم- يوم حنين.لما تولى المسلمون عن ميدان القتال.فالتفت إلى نبي الله وعيني تفيضان من الدمع:
فقال:لما تبكي يا عمر؟
فقلت: أبكي يا رسول الله لقلة عدد المؤمنين وكثرة المشركين.
فقال النبي–عليه وآله الصلاة والسلام-:لا تبكي يا عمر.فسيفتح الله للإسلام بابا من المغرب.وسيدخل أقوام يكبرون الله كثيرا ويعزون هذا الدين.ويذلون الكافرين والمشركين.أقوام يخشون الله.ليس لهم مدنا يسكنونها.ولا ملاجئ يحتمون بها.ولا أسواق يبيعون فيها ويشترون.
واستطرد أمير المؤمنين عمر قائلا:ولهذا بكيت لما تذكرت قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم-في هؤلاء الناس والمناقب التي وصفهم بها....>.
• أما الصحابي الجليل عبد الله ابن مسعود فيقول: … >والذي نفس ابن مسعود بيده لو بلغتهم لكنت أطوع لهم من خدمهم وعبيدهم.وأقرب إليهم من لباسهم. ....>.
• <...يروى أن أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها-رأت يوما فتى شعره مسترسل مصفف بالجدائل والظفائر.ممتلئ حيوية وحسنا وظرافة.فسألت:من أي قبيلة هذا الفتى؟فقيل لها:إنه من البربر.فقالت:البربر يكرمون ضيفهم.ويضربون جيدا بسيفهم.ويلجمون الملوك كما نلجم اﻷحصنة. ....>.
-المجموعة الرابعة:نصوص وشهادات المؤرخين والمصنفين:
1-الرقيق القيرواني(أبو إسحاق إبراهيم بن القاسم/ت-420هـ-صاحب المصنفات المشهورة؛تاريخ افريقية والمغرب و؛أنساب البربر):
• يتحدث هذا المؤرخ عن غنى بلاد المغرب وجمالها فيذكر أنها كانت من:<...طرابلس من طنجة ظلا وقرى متصلة...>.
• أم عن قوة رجالها وبأسهم في القتال فيقول القيرواني:<...فرحل إلى بلاد الزاب(يقصد عقبة بن نافع)فسأل عن أعظم مدينة لهم(يقصد البربر)فقالوا"ميدنة"ومنها الملك،وكان حولها ثلاثمائة قرية كلها عامرة...وكانت بينهم حرب(بين العرب والبربر)ما رأوا قط ممن حاربوه مثلها حتى يئس المسلمون من أنفسهم...>.
• وعن الأمير كسيلة يخبرنا القيرواني أنه كان حافظا لعهوده،حريصا على سلامة الناس بعد انهزام العرب أمام قواته واستيلائه على القيروان فيقول: <...فخرجت العرب منها(يقصد القيروان)،ولم يكن لهم بقتاله طاقة،لعظيم ما اجتمع معه من البربر والروم،وأسلموا القيروان وبقي بها أصحاب الذراري و الأثقال،فأرسلوا إلى كسيلة يسألونه الأمان وأجابهم... >،ويضيف القيرواني في موضع آخر عن وفاء كسيلة بعهوده،فيقول:<...إني أردت أن أرحل إلى ممس(اسم مدينة وقعت بها معركة طاحنة بين قوات كسيلة والجيش العربي)فإن هذه المدينة(يقصد القيروان)فيها خلق عظيم من المسلمين ولهم علينا عهد،فلا نغدر بهم...>.
• أما عن الملكة البطلة الكاهنة التي أرادوا عبثا تشويه صورتها فيقول القيرواني:<...وكانت الكاهنة حينئذ أسرت ثمانين رجلا من أصحاب حسان(بن النعمان)،وأحسنت إليهم...>.
• ويتحدث القيرواني عن أحد أهم أسباب الثورات التي قام بها البربر فيقول:<...وكان ابن الحبحاب(الوالي الأموي)قد ولى طنجة وما والاها عمر بن عبيد الله المرادي،فأساء السيرة وتعدى في الصدقات والقسم،أراد أن يخمس البربر...وذلك ما لم يرتكبه عامل قبله....فلما بلغ البربر(ذاك) انتفضوا....وعظم البلاء...وهي أول فتن كانت بافريقية في الإسلام...>.
2-ابن حزم الأندلسي(أبو محمد بن سعيد/ت-456هـ-صاحب المصنفات المشهورة ومنها؛جمهرة أنساب العرب):
• يتحدث هذا المؤرخ عن أنساب البربر،وردا على الذين ادعوا أن البربر ينتمون لأصول عربية يقول:<... قال قوم: إنهم(يقصد البربر)من بقايا ولد حام بن نوح-عليه السلام-وادعت طوائف منهم إلى اليمن،إلى حمير،وبعضهم إلى بر بن قيس عيلان،وهذا باطل،لا شك فيه،وما علم النسابون لقيس عيلان ابناً اسمه بر أصلاً،ولا كان لحمير طريق إلى بلاد البربر،إلا في تكاذيب مؤرخي اليمن...>.
3- المؤرخ عبد الواحد المراكشي/كان على قيد الحياة سنة621هـ- (صاحب كتاب؛المعجب في تلخيص أخبار المغرب ):
• يقول عن أفضلية بلاد المغرب شرفها:<... وقد جاء في فضل المغرب غير حديث فمن ذلك ما حدثني الفقيه الإمام المتقن المتفنن أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل الشيباني سماعاً عليه بمكة في شهر رمضان من سنة 620 قال:حدثني المؤيد بن عبد الله الطوسي قراءة عليه بنيسابور قال:حدثنا الإمام كمال الدين محمد بن أحمد بن صاعد القراوي قراءة عليه قال:حدثنا ابن عبد الغافر الفارسي حدثنا محمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن سفيان حدثنا أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري قال:حدثنا يحيى بن يحيى عن هشام بن بشر الواسطي عن داود بن أبي هند بن أبي عثمان النهدي عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لايزال أهل المغرب ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة"...>.
• ويتحدث المراكشي عن دور الهلاليين في تدمير بلاد المغرب واضعافها فيقول: <...وما بين الإسكندرية وطرابلس المغرب خمس وأربعون مرحلة،وكانت العمارة متصلة من مدينة الإسكندرية إلى مدينة القيروان تمشي فيها القوافل ليلاً ونهاراً،وكان فيما بين الإسكندرية وطرابلس المغرب حصون متقاربة جداً،فإذا ظهر في البحر عدو نور كل حصن للحصن الذي يليه،واتصل التنوير فينتهي خبر العدو من طرابلس إلى الإسكندرية،أو من الإسكندرية إلى طرابلس في ثلاث ساعات أو أربع ساعات من الليل،فيأخذ الناس أهبتهم ويحذرون عدوهم لم يزل هذا معروفاً من أمر هذه البلاد إلى أن خربت الأعراب(يقصد بدو بنو هلال)تلك الحصون،ونفت عنها أهلها أيام خلى بنو عبيد(يقصد الفاطميين)بينهم وبين الطريق إلى المغرب وذلك في حدود حين تغير ما بينهم وبين المعز بن باديس الصنهاجي،وقطع الدعاء لهم على المنابر ودعا لبني العباس فاستولى الخراب عليها إلى وقتنا هذا واستوطنتها الأعراب من سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان،وغيرهم فهم اليوم بها،وآثار المدن والحصون باقية إلى اليوم>.
4-المؤرخ ابن الأثير/أبي الحسن علي الشيباني/ت630هـ- (صاحب كتاب؛ الكامل في التاريخ):
• يتحدث هذا المؤرخ الذي يوصف بعمدة المؤرخين عن استقامة البربر،وحسن ظنهم بالحكام،رغم المساوئ التي كانوا يلحقونها بهم فيقول<...لم يزل أهل إفريقية من أطوع أهل البلدان وأسمعهم إلى زمان هشام بن عبد الملك،حتى دب إليهم دعاة أهل العراق فاستشاروهم،وشقوا عصا وفرقوا بينهم إلى اليوم،وكانوا يقولون(يقصد البربر):لا نخالف الأئمة بما تجني العمال...>.
5-المؤرخ ابن عذاري/ت-669هـ- (صاحب كتاب؛ البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب):
• فيقول عن شساعة بلا البربر وجمالها وخيراتها:<...فذكروا أن إفريقيا كانت مدائن منتظمة حتى لم يكن في أقاليم الدنيا خيرات ولا أوصل بركات ولا ذكر مدائن وحصونا منه إقليم إفريقية،والمغرب مسيرة ألف ميل في مثله...>.
• وأضاف في موضع آخر يصف افريقية كما كان يصورها العرب الفاتحون الأوائل على أن:<... ملوكها كثير وأهلها في عدد عظيم وأكثر ركوبهم الخيل...>.
• ويتحدث عن بعض فضائل أهلها فيقول<...ويقال بأن أفريقية ساحلا يقال له المنستير،وهو باب من أبواب الجنة،....،وفي الحديث أن أفريقية يحشر منها سبعون ألف شهيد وجوههم كالقمر ليلة البدر،وعن سفيان بن عيينة قال:يروى أن المغرب باب المتوبة مفتوحا مسيرة أربعين خريفا،لا يغلقه الله حتى تطلع منه الشمس...>.
6-عبد الرحمن ابن خلدون/ت-808هـ(صاحب كتاب؛ كتاب العبر و ديوان المبتدأ و الخبر فى أيام العرب و العجم والبربر...):
• يتحدث العلامة ابن خلدون عن عراقة الأمة البربرية وأصالتها الضاربة في أعماق التاريخ فيقول:<... هؤلاء البربر جيل ذو شعوب وقبائل لا تحصى...ولم تزل بلاد المغرب إلى طرابلس،بل إلى الإسكندرية عامرة بهذا الجيل ... منذ أزمنة لا يعرف أولها ولا ما قبلها >.
• أو قوله<......والبربر معروفون في بلادهم وأقاليمهم؛متحيزون بشعارهم من الأمم منذ الأحقاب المتطاولة قبل الإسلام>.
• و يتحدث الإمام ابن خلدون عن فضائل الأمة البربرية فيشهد أن:<... وأما تخلق البربر بالفضائل الإنسانية،وتنافسهم في الخصال الحميدة، وما جبلوا عليه من الخلق الكريم مرقاة الشرف والرفعة بين الأمم ومدعاة المدح والثناء من الخلق،من عز الجوار وحماية النزيل ورعي الذمة والوسائل،والوفاء بالقول والعهد والصبر على المكاره،والثبات في الشدائد،وحسن الملكة، والإغضاء عن العيوب،والتجافي عن الانتقام،ورحمة المسكين،وبر الكبير،وتوفير أهل الدين وحمل الكل،وكسب المعدوم،وقري الضيف،والإعانة على النوائب،وعلو الهمة،وإباءة الضيم،ومشاقة الدول ومقارعة الخطوات،وغلاب الملوك،ربيع النفوس من الله في نصره دينهم...،فلهم في ذلك أثار ينقلها الخلف عن السلف،لو كانت مسطورة لحفظ منها ما يكون أسوة لمتبعية من الأمم، وحسبك ما اكتسبوه من حميدها،واتصفوا به من شريفها أن قادتهم إلى مراقي العز وارفت بهم على ثنايا الملك حتى علت على الأيدي أيديهم. ومضت في الخلق أحكامهم.>.
• كما يتحدث ابن خلدون عن مضاهاة البربر لغيرهم من شعوب العالم فيقول<...وما كان للبربر من آثار ما يشهد أخباره كلها بأنهم جيل عزيز على الأيام،أنهم قوم مرهوب جانبهم،شديد بأسهم،كثير جمعهم،مضاهون لأمم العالم وأجياله من العرب والفرس والروم.>.
• أما عن ملك البربر وعزتهم فيقول العلامة ابن خلدون:<...وكان للبربر في الضواحي وراء ملك الأمصار المرهوبة الحامية(يقصد مراكز ملك القوى التي سيطرة تباعا على مناطق من المغرب القديم-من القرطاجيين إلى البيزنطيين)ما شاء من قوة وعدة وعدد وملوك ورؤساء وأقيال،وأمراؤهم لا يرمون بذل ولا يناله الروم والإفرنج في ضواحيهم تلك بمسخطة الإساءة،وقد صبحهم الإسلام وهم في مملكة قد استولوا على روما ....>.
• أما عن إسلام البربر وتمسكهم به وجهاده في سبيل اعلاء كلمته،فيتحفنا العلامة ابن خلدون بقوله:<... وأما إقامة البربر لمراسم الشريعة وأخذهم بإحكام الملة،ونصرهم لدين الله فقد نقل عنهم من اتخاذ المعلمين كتاب الله لصيانتهم والاستفتاء في الفروض أعيانهم وابتغاء الأدمة للصلوات في بواديهم وتدارس القرآن بين أحيائهم،وتحكيم حملة الفقه في نوازلهم وقضاياهم،وصاغيتهم إلى أهل الخير والدين من أهل عصرهم التماسا للبركة في أثارهم،وسؤالا للدعاء من صالحيهم،واعتيانهم البحر لفضل المرابطة والجهاد وبيعهم النفوس من الله في سبيله وجهاد عدوه ما يدل على رسوخ إيمانهم،وصحة معتقداتهم ومتين ديانتهم التي كانت ملاكا لعزهم ومفادا إلى سلطانهم وملكهم...>.
7-مبارك الميلي (صاحب كتاب؛ تاريخ الجزائر في القديم والحديث...):
• يقول هذا المؤرخ المبدع والعالم المصلح عن عراقة الأمة الآمازيغية:< البربر أمة من أقدم أمم العالم وأشهر أجياله،عاصرت العرب والفرس واليونان والروم،معروفة بعز الجانب وإباية الضيم والدفاع عن الشرف...>.
• أما عن صمود الأمة البربرية ومقاومتها للغزاة والطامغين فيقول الميلي:<ولم تزل هذه الأمة النشيطة-قبل الإسلام وبعده-تقف في وجوه الهاجمين وتثور على الظلمة المستبدين،وتنهض للتخلص من وطأة الأجنبي على حريتها،وإزاحة كابوس المستعمرين عن مقلتي حياتها،ملأت بذلك تاريخها منذ سطوع فجر التاريخ،ولكن لم تكن الحروب بمانعتها عن مجاراة الأمم الأخرى في الحضارة والرقي والتخلق بالأخلاق الجليلة والخلال النبيلة..>.
• أما عن تحضر الأمة الآمازيغية ومساهمتها في دفع عجلة تطور الإنسانية فيقول الميلي:<...فقد عرف التاريخ لها حضارة عظمى ومدنية مثلى،وظهر منها علماء حكماء وعظماء خبراء في الدين والسياسة والعمران قبل الإسلام وبعده... >.
خاتمة:
في الأخير أقول:
• أن هذا غيض من فيض من النصوص التي تتحدث عن الأمة الآمازيغية وفضائلها،ومفاخرها،وحضارتها وتاريخها،وأصالتها،وهي نصوص تزخر بها أمهات المصادر التاريخية الإسلامية،وأوردها الثقات من مؤرخي الإسلام وعلماءه.
• والحق أن كل نص من النصوص السابقة يحتاج إلى دراسة تحليلية تاريخية وجغرافية واجتماعية وأنتروبولوجية عميقة،و هذا ما سيكون بإذن لها مستقبلا،ولكن علينا بداية أن نلفت الانتباه لهذا الموضوع الخطير أولا فالكثير من المناهضين للهوية الآمازيغية ينكرون تجذر الشعور بالهوية الآمازيغية لدى الشعوب المغاربية،وهذه المقتطفات من النصوص تدحض ذلك الادعاء بقوة.
بقلم/عزالدين حضري.
-المراجع:
• ابن الأثير الجزري(أبي الحسن علي الشيباني)؛الكامل في التاريخ،تحقيق عبد الله القاضي،بيروت،دار الكتب العلمية،ط.4 ،2003.
• ابن حزم الأندلسي(أبي محمد بن سعيد)؛جمهرة أنساب العرب،بيروت،دار الكتب العلمية،ط.1 ،1983.
• ابن خلدون(ولى الدين أبو زيد عبد الرحمن بن محمد)،كتاب العبر و ديوان المبتدأ و الخبر فى ايام العرب و العجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، بيروت، مؤسسة الأعلى للمطبوعات،1971م،القاهـرة،المكتبة التجارية،د.ت.
• ابن عبد ربه الأندلسي(شهاب الدين أحمد)؛العقد الفريد،القاهرة،لجنة التأليف والترجمة والنشر،1948.
• ابن عذاري(محمد المراكشي)؛البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب،تحقيق ليفي بروفنسال،وكولان،وإحسان عباس، بيروت،دار الثقافة،1967.
• الرقيق القيرواني(إبراهيم بن القاسم)؛تاريخ افريقية والمغرب،تحقيق محمد زينهم محمد عزب،القاهرة،دار الفرجاني للنشر والتوزيع،ط.1 ،1994.
• العروي(عبدالله)؛مجمل تاريخ المغرب،الدار البيضاء،المركز الثقافي العربي،ط.5،1996.
• المراكشي(عبد الواحد)؛المعجب في تلخيص أخبار المغرب،تحقيق محمد العريان ومحمد العلمي،القاهرة،مطبعة الاستقامة.1949.
• مؤلف مجهول؛مفاخر البربر؛تحقيق عبد القادر بوباية، الرباط،دار أبي رقراق للنشر،ط.1،2005.
• الميلي(مبارك)؛تاريخ الجزائر في القديم والحديث،الجزائر،المؤسسة الوطنية للكتاب،1989.
• Abou zakaria;Livre des biographies des imams, traduit par Emile Masqueray sous le titre; chroniques d'Abou zakaria, ed-Alger,1878.
• Keddache(Mahfoud);L'Algérie Médiévale, Alger ,ed- E.N.A.L,1992.