ربُّنا في السَّماء !
سُئِلَ الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالىٰ : ذكرت قصة في إحدى الإذاعات ؛ تقول : إن ولدًا سأل أباه عن الله ، فأجاب الأب
" بأنَّ الله موجود في كل مكان ! " . السُّؤال : ما حكم الشَّرعي في مثل هٰذا الجواب ؟ ( عبد الله / مـ / الرياض ) .
فأجابَ بقوله : هٰذا الجواب باطل ؛ وهو من كلام أهل البدع : من الجهمية ؛ والمعتزلة ؛ ومن سار في ركابهما ، والصَّواب الَّذي عليه أهل السُّنَّةِ والجماعة :
أنَّ الله سبحانه في السَّماء فوق العرش ، فوق جميع خلقه ، كما دلَّت عليه الآيات القرآنية ،
والأحاديث النَّبوية وإجماع سلف الأُمَّة ،
كما قال عزَّ وجلَّ : ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ ( الأعراف : 54 ) .
وكرَّر ذٰلك سبحانه في ست آياتٍ أُخْرىٰ من كتابه العظيم .
• ومعنىٰ الاستواء عند أهل السُّنَّة هو : العُلُوّْ والارتفاع فوق العرش ، علىٰ الوجه الَّذي يليق بجلال الله سبحانه ، لا يعلم كيفيته سواه .
كما قال مالك رحمه الله لما سئل عن ذلك : « الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسُّؤال عنه بدعة » .
ومراده رحمه الله السُّؤال عن كيفيته .
هٰذا المعنى جاء عن شيخه ربيعة بن أبي عبد الرَّحمن ، وهو مروي عن أم سلمة رضي الله عنها ، وهو قول جميع أهل السُّنَّة من الصَّحابة رضي الله عنهم ، ومن بعدهم من أئمة الإسلام ،
وقد أخبر الله سبحانه في آيات أخر أنَّه في السَّماء ، وأنه في العُلُوّْ ، كما قال سبحانه : ﴿ فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ﴾ ( غافر : 12 ) ،
وقال عزَّ وجلَّ : ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾ ( فاطر : 10 ) ،
وقال سبحانه : ﴿ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ ( البقرة : 255 ) ،
وقال عزَّ وجلَّ : ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ﴾ ( الملك : 16 ، 17 ) ،
ففي هٰذه الآيات ، وفي آيات كثيرة من كتاب الله الكريم صرح سبحانه أنه في السَّماء وأنه في العُلُو ، وذٰلك موافق لما دلَّت عليه آيات الاستواء .
وبذٰلك يعلم أن قول أهل البدع بأنَّ : الله سبحانه موجود في كل مكان من أبطل الباطل !!
وهو مذهب الحلولية المبتدعة الضالة ؛ بل هو كفر وضلال وتكذيب لله سبحانه ؛ وتكذيب لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما صح عنه من كون ربه في السَّماء ،
مثل قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أَلَا تُــؤمِّنوني ، وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ » (1) ، وكما جاء في أحاديث الإسراء والمعراج وغيرها . والله ولي التَّوفيق .
(1) « أَلا تُــؤمِّنوني ، وَأنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ ؟ يأتيني خَبرُ السَّماءِ صَباحًا وَمَسَاءً » .
قال الإمام الألباني رحمه الله تعالىٰ : صحيح .
في ( « صحيح جامع الصَّغير وزيادته » ( الفتح الكبير ) / برقم : 2645 / ( 1 / 516 ، 517 ) .
([ نشرت في مجلة الدعوة ، في العدد : ( 1288 ) / في : 11/10/1411هـ / مجموع فتاوىٰ ومقالات متنوعة / الجزء السَّادس ])