مسعف في الهلال الأحمر الفلسطيني يروي كيف أنقذ حياة سيدة تحت أنقاض منزلها خلال العدوان الاخير على غزة
- في تمام الساعة السادسة من صباح اليوم الثالث للعدوان على قطاع غزة , قامت طائرات الاحتلال بقصف منزل المواطن سليمان صلاح من سكان منطقة الخلفاء في جباليا , وذلك دون سابق إنذار , وجميع من في المنزل بداخله .
كعادتها هرعت سيارات الإسعاف التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إلى مكان الحدث , وانطلق مسعفيها لإنقاذ ونقل الجرحى و المصابين , حيث تم نقل خمسة أطفال من البيوت المجاورة للمنزل المستهدف إلى مستشفى كمال عدوان .
رمضان حوسو 32 عاما , احد المسعفين العاملين في مركز الإسعاف و الطوارئ التابع للجمعية في جباليا , كان في مكان الاستهداف بعد نصف دقيقة من وقوعه , يقول رمضان : بناء على خطة الطوارئ التي تم خلالها توزيع سيارات إسعاف المركز في كافة مناطق المدينة , فإننا استطعنا الوصول إلى المنزل المستهدف بسرعة كبيرة , وعندما بدأنا في نقل المصابين , سمعت أنينا واستغاثة من تحت أنقاض المنزل , واقتربت بسرعة إلى مكان الصوت , حتى عرفت أنها سيدة في الخمسين من عمرها , قد علقت بين ركام المنزل والكتل الإسمنتية الثقيلة , في مسافة لا تتجاوز النصف متر .
يقول رمضان بان السيدة أبلغته بأنها لا تستطيع التحرك وتعاني من صعوبة في التنفس , وكانت بعيدة عنه قرابة مترين , ولكنه لا يستطيع رفع ما وقع عليها من ركام المنزل , وعملية استخراجها ستستغرق وقتا طويلا , مما قد يعرضها للخطر .
أكد رمضان بان تلك اللحظات مرت عليه كالدهر وهو يفكر في كيفية إنقاذ تلك السيدة وهو لا يستطيع الوصول إليها , ليقوم بعدها بإحضار اسطوانة أكسجين , ويقرر الدخول إليها زحفا تحت أنقاض المنزل وإيصال كمامة الأكسجين إليها لإعانتها على التنفس لحين وصول طواقم الدفاع المدني .
واصل زحفه حتى أصبح بعيد عنها قرابة المتر , ولم يستطع الوصول إلى أكثر من ذلك , فلجأ إلى عصا كانت في المكان , استخدمها في توصيل الكمامة من فتحة ضيقة بين ركام المنزل المهدم , وبدأ في تهدئة السيدة وطمأنتها , وإعطائها تعليمات استخدام اسطوانة الأكسجين , خاصة في ظل الخوف الشديد الذي كانت تعاني منه .
وبفعل الغبار الشديد ورائحة البارود والكتل الإسمنتية المنهارة فقد أصبح يخرج قليلا لاستنشاق الهواء , ثم يعود مرة أخرى تحت ركام المنزل لمتابعة حالة السيدة ومواصلة إعطائها تعليمات السلامة لها لحين استكمال رفع أركام المنزل عنها .
واستمر هذا الوضع قرابة الساعة إلا ربع حتى تمكنت طواقم الدفاع المدني من انتشال السيدة فايزة صلاح 53 عام , ونقلها إلى مستشفى كمال عدوان لتلقي العلاج .
بعد عملية الإنقاذ هذه , أكد ضابط الإسعاف بأنه كان لا يستطيع رؤية شخص يعاني خطر الموت دون التقدم لإنقاذه ومساعدته مهما كلفه الأمر من معاناة , أو حتى تعريض حياته للخطر .
فيما أشارت لاحقا السيدة صلاح بأنها كادت تفارق الحياة لولا تدخل ضابط الإسعاف , ووصوله إليها رغم أنها كانت تحت سقف المنزل المنهار , وإيصال اسطوانة أكسجين للتنفس , ومنحها لحظات طمأنينة وهدوء في وقت عاصف وقاتل , اعتقدت فيه بأنها ستفارق الحياة حتما .
ومن ناحيته عبر السيد سليمان صلاح زوج الأخيرة عن بالغ شكره وتقديره لطواقم الإسعاف في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني , على خدماتها الاسعافية المتميزة , وخص بالذكر ضابط الإسعاف رمضان حوسو الذي خاطر بحياته وتفانى من اجل تقديم يد العون والمساعدة لزوجته في عطاء إنساني لا حدود له .