أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه
11-13 هـ
نسبه وفضله
هو عبد الله بن عثمان التيمي القرشي، ولد بعد مولد الرسول صلى الله عليـه وسلم بعـاميـن اثنين. وكان يُسمَّى في الجاهلية عبد الكعبة أو عبد العزَّى. ثم أصبح في الإسلام يُسَمى عبد الله بن عثمان. وعثمان هو والده المعروف بأبي قحافة.
وقد كنى في الإسلام بأبي بكر لتبكيره ومبادرته إلى قبول الدعوة إذْ كان أول من أسلم من الرجال، كما وصف في الإسلام بالصديق لأنه صدق رسول الله صلى اللُه عليه وسلم في حادث الإسراء والمعراج. كما كان دائم التصديق له في جميع أقواله وأفعاله..
وعُرف أبو بكر رضي الله عنه في الجاهلية بالعتيق لجمال وجهه من العتاقة وهي الجودة في كل شيء ثم عُرف في الإسلامْ بالعتيق لأنه أول رجل بشَّره الـرسـول صلى الله عليه وسلم بالعتق من النار وَيرْوُون في ذلك : أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى الصبح ذات يوم ، فلما قضى صلاته سأل : أيكم أصبح اليوم صائماً ؟ فقال أبو بكر : أنا يا رسول الله ، بتُّ الليلة وأنا أحدّث نفسي بالصيام فأصبحت صائماَ.. ثم سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أيّكم عاد اليوم مريضاً ؟ فقال عمر: إنما صلينا الصبح الآن ولم نبرح فكيف نعود المرضى ؟ وأجاب أبو بكر: أنا يا رسول الله، أخبر وني أن أخي عبد الرحمن بن عوف مريض فمررت به سألت عنه وأنا في طريقي إلى المسجد… ثم سأل النبيًّ صلى الله عليه وسلم : فأيّكم تصدَّقا اليوم
بصدقـه ؟ فقال عمر : يا رسول اللّه ما برحنا معك منذ صلّينا فكيف نتصدّق ؟ وأجاب أبو بكر : أنا يا رسول اللّه، دخلت المسجد فإذا سائل يسـأل. وكـانت كِسرةُ خبز مع ولد لعبد الرحمن بن أبي بكر فأخذتها فأعطيتها للسائل.. فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم- ووجهه يبرق من السرور- يا أبا بكر أبشر بالجنة، أبشر بالجنة.. وبذلك كان أول من بشره الرسول صلى اللّه عليه وسلم بالعتق من النار..
وهكذا يظهر فضل أبي بكر رضي الله عنه وسبقه إلى الخير والبر، وفي ذلك يقول عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه : ما سابقتُ أبا بكر إلى خيرِ قط إلا سبقني إليه. ويقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه : هو السباق، والذي نفسي بيده ما استبقنا إلى خير قط إلا سبقنا إليه أبو بكر..
وقد نشأ أبو بكـر رضي الله عنه في ظلال النعمة واليسار، وكان بزَّارًا يتاجر في الثياب. وقد جمع من تجارته أموالاً طائلة كانت عدّته في الجهاد بعد إسلامه إذْ أنفق الكثير منها إعلاء لكلمة الدين وإرضاء لله ورسوله.
والمعروف أنه ولد في مكـة بعد عام الفيل بعامين على وجه التقريب.
فكان مُقارباً للرسول صلى اللّه عليه وسلم في سنِّه (1)، وكان- مع ذلك- أقرب من غيره إلى الرسول صلى اللّه عليه وسلم في أخلاقه وصفاته، فلقد اشتهر بالخلق الكريم منذ نعومة أظفاره، وكان منذ نشأته يحتقر الأصنام ويستخف بعقول من يقدسونها ويعبدونها.
كما أنه لم يشرب خمراً قط، وقد سئل : لم كان يتجنبها في الجاهلية ؟ فقال: كنتُ أصون عرضي وأحفظ مروءتي، فإن من شرب الخمر كان مضيَّعا في عقله ومروءته، وكان رضي الله عنه
أليفا ودوداً حسن المعاشرة، وكان مطبوعاً على التواضع ولين الجـانب فلم يتعالَ على أحد قط في جاهليته ولا في إسلامه. فإذا مدحه مادح زاده ذلك تواضعاً، وقال : اللهم إنك أعلمُ مني بنفسي .
إسلامه رضي اللّه عنه
يذكر الرواة أن أبا بكر رضي الله عنه كان أول من أسلم من الرجال،
وقد جاء في حديث صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ما دعوتُ أحـداً إلى الإسلام إلا كانت له كَبْوةٌ خلا أبا بكر" ومعنى ذلك أن إسلامه كان عن عقل ورويَّة ونقاء في السريرة والطوية… ومما يؤكد لنا أن عقله وبصيرته كانا هما الهاديين له إلى الحق موقفُهُ من الأصنام لأول مرة يراها، فلقد رُوى عن أبى بكر رضي اللّه عنه أنه قال : لما ناهزت الحُلُم (2) أخذني أبى (أبو قحافة) بيدي. فانطلق بي إلى مكان توجد فيه الأصنام فقال : يا بُني، هذه آلهتك الشُّم العوالي، وخلاَّني عندها وذهب، فدنوتُ من الصنم وقلت : إني جائـع فأطعمني، فلم يجبني، فقلت: إني عارٍ فاكسُني: فلم يجبني، فألقيتُ عليه صخرة فخرَّ على وجهه..
نبذة يسيرة عن جهاده رضي اللّه عنه في حياة الرسول صلى اللّه عليه وسلم
.. وقد احتمل أبو بكر رضي الله عنه بعد إسلامه من المشركين أذى كثيراً، ولقي من المتاعب والمصاعب ألواناً قاسية، فما وهن لما أصابه في سبيل الله وما ضعف وما استكـان، وحسبُنَا ما أصابه من عتبة بن ربيعة حينما نشبت المعركة بين المسلمين والمشركين في أول عهدهم
بالإسلام في مكـة فلقـد تصدَّى له عتبة يضربه حتى تورَّم وجهه وخفيت على الناظرين إليه معالم وجهه.. ووصل النبأ إلى أهله من بني تيم فأقبلوا مسرعين حتى أجلوا عنه المشركين ثم حملوه في ثوبه إلى بيته وما يشُكُّون في موته، وصاح منهم جماعة : والله لئن مات أبو بكر لنقتلنَّ عتبة.
ثم أحاطوا به يكلِّمونه حتى أفاق رضي الله عنه فكانت أولى كلماته : أخبروني ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فلاموه وعنفُوه، وسألوا أمه أن تطعمه أو تسقيه شيئا يرد إليه نفسه.. فأبى أن يأكل أو يشرب حتى يعلم ما فعل رسول اللُه صلى الله عليه وسلم. فلماَّ علم أنه في دار الأرقم بن أبي الأرقم أحبَّ أن يذهب إليه، وكأنـما أحس من أمه ممانعة في خروجه وهو بتلك الحال حتى يتبلَّغ بشيء من الطعام أو الشراب، فأقسم لا يذوق طعاماً ولا شراباً حتى يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم خرج يتكئ على أمه وصاحبة لها ولا يقدر على حمل نفسه حتى دخل على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في تلك الحالة الأليمة. فرق له الرسول صلى الله عليه وسلم رقةً شديدة وانكب عليه يُقبِّله، فطلب أبو بكر من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو أمَّه إلى الإسلام حتى يستنقذها الله به من النار..
وهذه صورة واحدة من صور كثيرة مرت على أبي بكر رضي الله عنه أو مر هو بها فكانت تلك الصور امتحاناً قاسياً لإيمان أبي بكر رضي الله عنه وإخلاصه وضرب أبو بكر رضي الله عنه في ذلك أروع الأمثال.
.. وكـما كتب الله لأبي بكر رضي الله عنه أن يكون مع الرسول صلى
الله عليه وسلم ثاني اثنين في الإسلام، فقد كتب له أن يكون ثاني اثنين في غار ثور، وأن يكون ثاني اثنين في العريش الذي نصب للرسول صلى الله عليـه وسلم في يوم بدر، وان يكـون ثاني اثنين في كل معركة وقعت بين الرسول صلى الله عليه وسلم والمشركين… وأن يكون أقرب صاحب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في سرِّه وجهره وفي شدَّته ورخائه وفي شئون نفسه وشئون المسلمين.
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2009-05-24, 00:14
أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه
العرض العادي
