*وجاء في (الصحيح) عن عائشة رضي الله عنها أن أم سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها في أرض الحبشة وما فيها من الصور. فقال: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله البخاري : الصلاة (427) قال شيخ الإسلام فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين، فتنة القبور، وفتنة التماثيل.
قال القرطبي-رحمه الله-: «قال علماؤنا: ففعل ذلك أوائلهم ليتأنَّسوا برؤية تلك الصُّوَر ويتذكَّروا أحوالهم الصالحة فيجتهدون كاجتهادهم ويعبدون الله عزَّ وجلَّ عند قبورهم، فمضت لهم بذلك أزمان، ثمَّ أنهم خَلَف من بعدهم خلوف جهلوا أغراضهم، ووسوس لهم الشيطان أنَّ آباءكم وأجدادكم كانوا يعبدون هذه الصورة فعبدوها؛ فحذَّر النبيُّ صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّم عن مثل ذلك، وشدَّد النكير والوعيد على من فعل ذلك، وسدَّ الذرائع المؤدِّية إلى ذلك، فقال: "اشتدَّ غضب الله على قوم ٱتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد"»«تفسير القرطبي»: (2/85) (10/380
وقال ابن رجب -رحمه الله-: «هذا الحديث يدلُّ على تحريم بناء المساجد على قبور الصالحين، وتصوير صورهم فيها كما يفعله النصارى، ولا ريب أنَّ كُلَّ واحدٍ منهما محرَّم على انفراد، فتصوير صور الآدميِّين محرَّم، وبناءُ القبور على المساجد بانفراده محرَّم كما دلَّت عليه النصوص أخرى يأتي ذكر بعضها... فإن اجتمع بناء المسجد على القبور ونحوها من آثار الصالحين مع تصوير صورهم فلا شكَّ في تحريمه، سواء كانت صورًا مجسّدة كالأصنام أو على حائطٍ ونحوه، كما يفعله النصارى في كنائسهم، والتصاوير التي في الكنيسة التي ذكرتها أم حبيبة وأم سلمة أنهما رأتاها بالحبشة كانت على الحيطان ونحوها، ولم يكن لها ظل، وكانت أم سلمة وأم حبيبة قد هاجرتا إلى الحبشة.
فتصوير الصور على مثل صور الأنبياء والصالحين؛ للتبرك بها والاستشفاع بها محرم في دين الإسلام، وهو من جنس عبادة الأوثان، وهو الذي أخبر النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم أنَّ أهله شرار الخلق عند الله يوم القيامة.
وتصوير الصور للتآنس برؤيتها أو للتَّنَزُّه بذلك والتلهي محرَّم، وهو من الكبائر وفاعله من أشدِّ الناس عذابًا يوم القيامة، فإنه ظالم ممثل بأفعال الله التي لا يقدر على فعلها غيره، والله تعالى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: 11]، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله سبحانه وتعالى»«فتح الباري» لابن رجب: (3/197).
*ولهما عنها قالت: (لما نُزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها، فقال ـ وهو كذلك ـ : ((لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) يحذر ما صنعوا، ولولا ذلك أبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً،[أخرجاه].البخاري : الصلاة (436) , ومسلم : المساجد ومواضع الصلاة (531)
*عن أبى سعيد الخدرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم"نهى أن يبنى على القبور أو يقعد عليها أو يصلى عليها" رواه أبو يعلى فى مسنده وقال الهيثمى رجاله ثقات كما فى مجمع الزوائد3_64 كتاب الجنائز وصححه الشيخ الألبانى في تحذير الساجد
*ولمسلم"56" عن جندب بن عبد الله قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله قد اتخذني خليلاً، كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً، لاتخذت أبا بكر خليلاً، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك).
*وعن عبد الله ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تصلوا الى قبر ولا تصلوا على قبر"رواه الطبرانى في الكبير وغيره أنظر سلسلة الأحاديث الصحيحة الشيخ الألبانى
*وعن أبى مرثد الغنوى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تجلسو الى القبور ولا تصلوا إليها"رواه مسلم
*ولأحمد بسند جيد عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً: (إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد) [رواه أبو حاتم في صحيحه].
ذكر ما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية من الإجماع
وقد اتفق أئمة الإسلام على أنه لا يشرع بناء هذه المشاهد على القبور ولا يشرع اتخذها مساجد ولا يشرع الصلاة عندها ولا يشرع قصدها لأجل التعبد عندها بصلاة أو اعتكاف أو استغاثة أو إبتهال ونحو ذلك وجزم بنفي النزاع بين السلف في ذلك في قوله ولا نزاع بين السلف والأئمة في النهى عن اتخاذ القبور مساجد
قال شيخ الإسلام:وإذا قصد الرجل الصلاة عند القبور متبركا بها، فهذا عين المحادة، فإن المسلمين قد أجمعوا على ما قد علموه بالإضطرار من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الصلاة عند القبور منهي عنها، وأنه لعن من اتخذها مساجد، فمن أعظم المحدثات وأسباب الشرك الصلاة عندها، واتخاذها مساجد، وبناء المساجد عليها، فقد تواترت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك، والتغليظ فيه، وقد صرح عامة الطوائف بالنهي عن بناء المساجد عليها، متابعة منهم للسنة الصحيحة الصريحة، وصرحوا بتحريم ذلك، ومن أطلق الكراهة منهم فينبغي أن تحمل كراهته على التحريم، إحسانا للظن بالعلماء، وأن لا يظن بهم أن يجوزوا فعل ما تواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عنه، ولعن فاعله.
علة التحريم
من المعلوم أن المساجد بنيت للصلاة و الذكر وقراءة القرءان والعبادة لا غير
قال ابن القيم -رحمه الله-: «وبالجملة فمن له معرفة بالشرك وأسبابه وذرائعه، وفهم عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مقاصده، جزم جزمًا لا يحتمل النقيض أنَّ هذه المبالغة منه باللعن والنهى بصيغتيه: صيغة: «لا تفعلوا»، وصيغة: «إني أنهاكم» ليس لأجل النجاسة، بل هو لأجل نجاسة الشرك اللاحقة بمن عصاه، وارتكب ما عنه نهاه، واتبع هواه، ولم يخش ربه ومولاه، وقلّ نصيبه أو عدم عن تحقيق شهادة أن لا إله إلاَّ الله. فإنَّ هذا وأمثاله من النبيِّ صَلَّى الله عليه وآله وسلم صيانةً لحمى التوحيد أن يلحقه الشرك ويغشاه، وتجريد له وغضب لربه أن يعدل به سواه. فأبى المشركون إلا معصية لأمره، وارتكابًا لنهيه، وغرَّهم الشيطان. فقال: بل هذا تعظيم لقبور المشايخ والصالحين. وكُلَّما كنتم أشدّ لها تعظيمًا، وأشدّ فيهم غلوًّا، كنتم بقربهم أسعد، ومن أعدائهم أبعد.
ولعمر الله، من هذا الباب بعينه دخل على عبَّاد يغوث ويعوق ونسر، ومنه دخل على عباد الأصنام منذ كانوا إلى يوم القيامة. فجمع المشركون بين الغلو فيهم، والطعن في طريقتهم وهدى الله أهل التوحيد لسلوك طريقتهم، وإنزالهم منازلهم التي أنزلهم الله إياها: من العبودية وسلب خصائص الإلهية عنهم، وهذا غاية تعظيمهم وطاعتهم»«إغاثة اللهفان» لابن القيم: (1/189).
قال الشافعي"إنما العلة خشية الفتنة والضلال على من يأتى بعده و أي فتنة أو ضلال أعظم من أن يعظم المخلوق حتى يصرف لقبره من العبادة والتقديس ما لا يليق إلا بالله عز وجل وقال وليست العلة تضيقا على المسلمين في مقابرهم وإن كان ذلك لازم من اتخاذ مقابر المسلمين العامة مساجد على بعض القبور وليست العلة في الخوف من تنجس الأرض لأن الحكم عام في القبر الذي ابتدئ حفره كما هو فى القبر المنبوش". الأم 1-287 طبعة دار المعرفة
وممن علل النهي بخوف الفتنة بالشرك: الإمام الشافعي، وأبو بكر الأثرم، وأبو محمد المقدسي، وشيخ الإسلام وغيرهم -رحمهم الله-. وهو الحق الذي لا ريب فيه.
وقال القاضى عياض في كتابه إكمال المعلم "وتغليظ النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن اتخاذ قبره مسجد لما خشيه من تفاقم الأمر وقطعا للذريعة ولأن هذا كان أصل عبادة الأصنام وأشار إلى العلة نفسها ابن العربى المالكى بقوله وكل ذلك قطعا للذريعة أن يعبد قبر هو يعتقد الجهال التقرب بذلك كما كان الأصل في عبادة الأوثان
وقال شيخ الإسلام -رحمه الله- في اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم: " وهذه العلة التي لأجلها نهى الشارع صلي الله عليه وسلمعن اتخاذ المساجد على القبور؛ لأنها هي التي أوقعت كثيرا من الأمم إما في الشرك الأكبر أو فيما دونه من الشرك. فإن النفوس قد أشركت بتماثيل الصالحين، وتماثيل يزعمون أنها طلاسم الكواكب ونحو ذلك؛ فإن الشرك بقبر الرجل الذي يُعتقد صلاحه أقرب إلى النفوس من الشرك بخشبة أو حجر. ولهذا تجد أهل الشرك يتضرعون عندها، ويخشعون ويخضعون، ويعبدون بقلوبهم عبادة لا يفعلونها في بيوت الله ولا وقت السحر، ومنهم من يسجد لها، وأكثرهم يرجون من بركة الصلاة عندها والدعاء ما لا يرجونه في المساجد؛ فلأجل هذه المفسدة حسم النبي صلي الله عليه وسلم مادتها، حتى نهى عن الصلاة في المقبرة مطلقا، وإن لم يقصد المصلي بركة البقعة بصلاته، كما يقصد بصلاته بركة المساجد، كما نهى عن الصلاة وقت طلوع الشمس وغروبها؛ لأنها أوقات يقصد فيها المشركون الصلاة للشمس، فنهى أمته عن الصلاة حينئذ وإن لم يقصد ما قصده المشركون سدا للذريعة.
قال ابن قاسم في حاشيته على كتاب التوحيد تحت حديث عائشة السابق ذكره قال صلى الله عليه وسلم في هذه الحالة الحرجة، وهي شدة النزع، لشدة إهتمامه، وإعتنائه بمقام التوحيد، وخوفه أن يعظم قبره، كما فعل من مضى: "لعنة الله على اليهود والنصارى"، وفي لفظ: " قاتل الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " أي كنائس وبيعا، أي يتعبدون ويسجدون فيها لله، وإن لم يسموها مساجد، فإن الاعتبار بالمعنى لا بالاسم، وفي لفظ لمسلم: " كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ومثل ذلك القباب والمشاهد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين، فإنما هي المساجد الملعون من بناها على قبورهم، فأفاد أن هذا من أخوف ما خافه صلى الله عليه وسلم على أمته، ولولا أن ضرره عظيم لما ذكره في هذا المقام، وخص قبور الأنبياء لأن عكوف الناس على قبور أنبيائهم أعظم، واتخاذها مساجد أشد، ولم يكن هذا اللعن في سياق الموت لهذه الطائفتين إلا على سبيل التحذير الشديد؛ لئلا تقع أمته في شيء من فعلهم عند قبره، فلعنهم على تحري الصلاة عندها، وإن كان المصلي لا يصلي إلا لله؛ لأنه ذريعة إلى عبادتها، فكيف إذا عبدها، وهذا هو الغاية التي يكون اتخاذ القبور مساجد ذريعة إليها، واللعنة ليست مختصة باليهود والنصارى، بل تعم من فعل فعلهم.
حكم الصلاة فى مسجده مع وجود قبره وقبر صاحبيه
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى 28/348
" والصلاة في المساجد المبنية على القبور منهي عنها مطلقا بخلاف مسجده فان الصلاة فيه بألف صلاة فانه أسس على التقوى وكان حرمته في حياته وحياة خلفائه الراشدين قبل دخول الحجرة فيه حين كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى فيه والمهاجرون والأنصار والعبادة فيه ذاك أفضل وأعظم مما بقى بعد إدخال الحجرة فيه فإنها إنما أدخلت بعد انقراض عصر الصحابة في إمارة الوليد ابن عبد الملك عندما وسع المسجد ولهذا لم يتكلم فيما فعله الوليد هل هو جائز أو مكروه إلا التابعون كسعيد ابن المسيب وأمثاله فقد ذكر ابو زيد عمر بنو شبة النميرى في كتاب أخبار المدينة له أن سعيد ابن المسيب قال وددت لو تركو لنا مسجد نبينا صلى الله عليه وسلم على حاله وبيوت أزواجه رضي الله عنهن والمنبر ليقدم القادم فيعتبر وبكل ال لم يقصدوا دخول الحجرة فيه وإنما قصدوا توسيعه بإدخال حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فدخلت فيه الحجرة ضرورة مع كراهية من كره ذلك من السلف ثم إنهم بالغو في منع الناس في الوصول إليه أو استقباله عند الصلاة فأحيط بالجدران ورفت وسمنت لئلا تتصور الصلاة إليه سدا للذريعة وموافقة لرسول الله الذي ما قصد بالنهى عن اتخاذ القبور مساجد إلا تجريد التوحيد لله. مجموع الفتاوى 28/348
ومن المعلوم أنه إذا حرم شئ في الشريعة فقد يجوز فعله لمصلحة راجحة والمصلحة في توسعت مسجد النبي عليه الصلاة والسلام ودخول القبر في المسجد هي أن الصلاة بألف صلاة لا توجد في غيره فترجحت توسعت المسجد النبوي ولو دخل فيه قبر النبي عليه الصلاة والسلام ولكنه أحيط بثلاثة من الجدران مما يحول في الوصول إليه قال ابن القيم
فأجاب رب العالمين دعاءه ... وأحاطه بثلاثة الجدران
حتى غدت أرجاءه بدعائه ... في عزة وحماية وصيان
قال المفتون وليغلقوا المسجد الأقصى بحجة وجود قبر هاجر وليغلقوا الصفة والمروة بحجة وجود قبر الإمام النسائي وليغلقوا مسجد الكوفة بحجة وجود قبر سيدنا على ابن أبى طالب.
قوله أن المسجد الأقصى فيه قبر هاجر وقبر النسائي في الصفة والمروة مفتقر إلى دليل وسند و بينة أما الصفا والمروة فهي ليست من المسجد الحرام أصلا ولا تصح الصلاة فيها إلا باتصال الصفوف عند الحاجة فلا تعتبر من الحرم فقد كان بينها وبين المسجد دكاكين.
أما قبر علي رضي الله عنه فقد اختلف العلماء في مكان وجوده ولم يأتي في قول أحد منهم أنه في مسجد الكوفة
اختلف العلماء والمؤرخون في مكان قبر علي بن أبي طالب رضي الله عنه على أقوال ، أشهرها :
1. أنه دُفن في قصر الإمارة بالكوفة ، وهو قول محمد بن سعد كما في "تاريخ بغداد " ( 1 / 136 ) للخطيب البغدادي ، وقول ابن خلكان ، كما في كتابه " وفيات الأعيان " ( 4 / 55 ) ، ونسبه شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " ( 27 / 446 ) لجمهور أهل المعرفة .
2. أنه دُفن في الكوفة في مكان غير معلوم ، وهو قول عبد الله العجلي ، كما نقله عنه الخطيب البغدادي في كتابه " تاريخ بغداد " ( 1 / 136 ) .
3. أنه دُفن في الكوفة أولاً ثم نقله ابنه الحسن إلى المدينة ، وهو قول الحافظ أبي نعيم ، كما نقله عنه الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " ( 1 / 137 ) .
4. أنه لا يُدرى أين قبره على الحقيقة ، وهو قول إبراهيم الحربي ، كما نقله عنه ابن أبي يعلى في كتابه " طبقات الحنابلة " ( 1 / 92 ) ، وهو قول كمال الدين محمد بن موسى بن عيسى الدميري ، كما ذكره في كتابه " حياة الحيوان الكبرى " ( 2 / 308 ) .
وأقرب الأقوال إلى الصحة أنه دُفن في قصر الإمارة في الكوفة ، ولا يُدرى على الحقيقة البقعة التي دُفن فيها في القصر ؛ وقد عُمَّي مكان قبره لئلا تنبشه الخوارج فيعرضونه للمهانة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
"ومثل مَن يظن مِن الجهال أن قبر علي بباطن النجف ، وأهل العلم بالكوفة وغيرها يعلمون بطلان هذا ، ويعلمون أن عليّاً ومعاوية وعمرو بن العاص كلٌّ منهم دفن في قصر الإمارة ببلده خوفاً عليه من الخوارج أن ينبشوه" انتهى من" منهاج السنة النبوية " ( 7 / 43 ) .
على فرض صحة الحديث المحتج به تنزلا عند هوى شمس الضلالة لمزيد بيان وهاء ما جاء به فأقول إن من مسالك أهل الأهواء على مر العصور والأزمان الأخذ بأطراف الأدلة والبحث والتنقيب في غرائب الأقوال وشواذها ورد المحكم إلى المتشابه وتقديم الاعتقاد على الاستدلال على قاعدة اعتقد ثم استدل والاحتجاج بما ليس بججة شرعا إذا وفق الهوى.
وفي مقابل هذا الكيد الكبار من أهل الأهواء قيض الله لدينه علماء أمناء على مر القرون ينفون عنه تحريف المبطلين ودسائس المغرضين فمن منهجهم المطرد النظر في الأدلة مجتمعة ومن ثم إستنباط الأحكام ورد المتشابه إلى المحكم على طريقة الراسخين في العلم.
وعلى فرض صحة حديث ابن عمر الأنف الذكر فقد يتوهم تعارض ظاهره مع ما ذكرنا من الأدلة الصحيحة الصريحة ففي هذه الحال وجب الجمع بينهما جريا على القاعدة الجمع أولى من الترجيح والجمع أولى من الطرح والإعمال أولى من الإهمال ومع إمكان الجمع في هذه الحالة لا يصار إلى الترجيح بحال من الأحوال كما هو متقرر أصوليا .
وحديث ابن عمر لا يؤخذ منه حكم الجواز بحال من الأحوال فالحديث فيه إخبار بحال من أحوال الأمم السابقة وصنيعهم مع أنبيائهم إذ دفنوهم في المسجد و هذا من الغلو الذي عرفت به الملل السالفة والنبي صلى الله عليه وسلم حذر أمته مجاوزة الحد في شخصه كما جاء عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تطرونى كما أطرت النصارى بن مريم إنما أنا عبد الله فقولو عبد الله ورسوله"أخرجاه
وكما هو معلوم أن شريعة من قبلنا هي شريعة لنا ما لم تخالف شرعنا على قول ومن نظر في الحديث ظهر له أن فيهإشعارأن النبي صلى الله عليه وسلم عاب صنيعهم وإن لم يصرح بذلك وذكره على سبيل الإنكار لا الإقرار لأن دعوة الأنبياء من لدن نوح عليه السلام واحدة "أن اعبدوا الله مالكم من إله غيره" وهي الدعوة إلى إفراد الله بالعبادة والكفر بالطاغوت فلا يمكن أن يقر النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الفعل الذي هو من أعظم ذرائع الشرك والوثنية فالمسألة متقررة عند الصحابة ولا يحتاج إلى بيان ولهذا لم يتبعه النبي بإنكار القولي.
قال شيخنا محمد علي فركوس في مقاله رد شبهة قبوري
وعلى تقدير أنهم أهل إيمان وصلاح، ووقع صنيعهم محمودًا بالنظر لتمسكهم بشريعة نبي مرسل، فجوابه من جهتين:
الجهة الأولى: لا يلزم الأخذ بمضمون الآية الدالة على جواز بناء المسجد على القبر؛ لأنَّ ما تقرر -أصوليا- «أنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعٌ لَنَا»، ولا يحلُّ الحكم بشريعة نبيّ مَن قبلنا لقوله تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾[المائدة: 48]، ولقوله صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّم: «فُضِّلْتُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ» فذكر منها: «أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ بُعِثَ إِلَى الأَحْمَرِ وَالأَسْوَدِ وَالنَّاسِ كَافَّةً»فدلَّ ذلك على أنه لم يبعث الله تعالى إلينا أحدًا من الأنبياء غير محمَّد صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّم، وإنما كان غيره يبعث إلى قومه فقط لا إلى غير قومه.
الجهة الثانية: وعلى تقدير أنَّ شرع من قبلنا شرع لنا فمشروط بعدم التصريح في شرعنا ما يخالفه، ويبطله، فإن ورد في شرعنا ما ينسخه لم يكن شرعًا لنا بلا خلاف، كالأصرار والأغلال التي كانت عليهم في قوله تعالى:﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾[الأعراف: 157]، وقد جاءت النصوص الحديثية متضافرةً ومتواترة تنسخ هذا الحكم وتنهى عن بناء المساجد على القبور وتغلِّظ النكير.
قال ابن تيمية -رحمه الله-: «فإنَّ الله تعالى قد أخبر عن سجود إخوة يوسف وأبويه وأخبر عن الذين غلبوا على أهل الكهف أنهم قالوا: ﴿لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِدًا﴾ ونحن قد نهينا عن بناء المساجد على القبور».اه
فإن قال قائل أن النبي صلى فيه فنقول أن الحديث ليس فيه أن القبور ظاهرة في مسجد الخيف وقد عقد الأزرقي في تاريخ مكة ( 406 -410 ) عدة فصول في وصف مسجد الخيف فلم يذكر أن فيه قبورا بارزة ومن المعلوم أن الشريعة إنما تبنى أحكامها على الظاهر فإذا ليس في المسجد المذكور قبور ظاهرة فلا محظور في الصلاة فيه البتة لأن القبور مندرسة ولا يعرفها أحد بل لولا هذا الخبر الذي عرفت ضعفه لم يخطر في بال أحد أن في أرضه سبعين قبراولذلك لا يقع فيه تلك المفسدة التي تقع عادة في المساجد المبنية على القبور الظاهرة والمشرفة
قال المفتون وأنا أضع هذا الحديث الصحيح فى حلوق الحشوية
ويقصد بالحشوية هي الفرقة الناجية والطائفة المنصورة أهل السنة والجماعة السلفيين وجرى على هذا النبز على طريقة المعتزلة فإن أوّل من تكلم بهذا اللفظ عمرو بن عبيد المعتزلي، فقال: كان عبد الله بن عمر رضي الله عنه حشوياً.
وذلك أنّ المعتزلة معطّلة لصفات الباري جلّ وعلا, وابن عمر والصحابة رضوان الله عليهم مثبتون للصفات.
فمصطلح: "الحشوية" ينبز به المعطلة أهل السنة (مثبتي الصفات)، وتبعهم في ذلك أهل الكلام.
قال الإمام عبد القادر الجيلاني رحمه الله: "واعلم أنّ لأهل البدع علامات يعرفون بها، فعلامة أهل البدعة الوقيعة في أهل الأثر، وعلامة الزنادقة، تسميتهم أهل الأثر بالحشوية، ويريدون إبطال الآثار"]الغنية لطالبي الحق, ص 80 [.
فهنيئاً لهذا الدعيِّ انتسابه للمعتزلة والمعطلة, ومعاداته ومفارقته للصحابة رضي الله عنهم.
وهل يملك الجرأة فيعلنها صراحة أنّ مالكاً والشافعي وأبا حنيفة وأحمد حشويّة؟؟؟!!!.
- ومراد المعتزلة وأذنابهم بلفظ: "الحشوية":
إما من حشو الناس, أي: عامة الناس, الذين ليس لهم فهم, وهذا كتسمية الرافضة أهل السنة والجماعة بالجمهور.
أو من: الحشو في الكلام, يعني أنّ أهل السنة والجماعة ما عندهم إلا قال الله، قال الرسول، ما عندهم قواعد عقلية، ما عندهم مقدمات منطقية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهؤلاء يعيبون منازعهم إما لجمعه حشو الحديث من غير تمييز بين صحيحه وضعيفه، أو لكون اتباع الحديث في مسائل الأصول من مذهب الحشو، لأنها مسائل علمية والحديث لا يفيد ذلك، لأن اتباع النصوص مطلقاً في المباحث الأصولية الكلامية حشو، لأن النصوص لا تفي بذلك" ]مجموع الفتاوى 4/88[.
- وأما عن القصد من وراء ذلك فهو التنفير من اتباع ما يزعمون بطلانه جهلاً منهم بالحق.
قال الألوسي رحمه الله: "وخصوم السلفيين يرمونهم بهذا الاسم - أي: الحشوية-، تنفيراً للناس عن اتباعهم والأخذ بأقوالهم"]مسائل الجاهلية, ص 182 [..
ولهذا أخي الحبيب لا تتعجب من طعن هذا الدعيّ لكلّ سنّة غراء, وتأييده لكل بدعة بتراء, فهو على منهج أهل التعطيل والتجهيل سائر, ولمنهج السلف من الصحابة مفارق.
وقفات مع بعض طامات شمس الدين بوروبي مع بعض التعليقات وإلا فهي لا تحتاج إلى تعليق ففسادها يغني عن إفسادها وهذا الذي أذكره هنا ثابت عنه إما بقول مسجل مرئي أو مكتوب وعدلت عن نقل روابط هنا لأنها موضوعة في مواقع مشبوهة
*سأله شاب من مدينة المسيلة أن يحدثه عن نار جهنم
فقال واش بيك أنت في رمضان حاب تسمع عن جهنم .. وأنت متى خرجت من جهنم حتى أحدثك عن جهنم .. جهنم فيها العقارب وأنتم تعيشون مع العقارب .. جهنم فيها الضيق وأنتم تعيشون في الضيق بيت وكوزينة ... أنتم تعيشون مع العقارب والفأران .. وأزيد أحدثك عن جهنم ... سوء التسيير أدخل الناس دخلوهم إلى جهنم قبل أن يدخلو إلى جهنم !!
فحاصل كلامه تشبيه الفقر والحرمان في الدنيا بنار جهنم في الاخرة
قلت أن هذا فيه تمثيل للفقر في الدنيا بعذاب جهنم في الآخرة على سبيل السخرية والإستهجان والتهريج لإضحاك المشاهد المسكين إذ هذا ديدنه وعادته والله المستعان
ألا يعلم هذا القائل على الله بلا علم أن أفضل الأمة بل وأفضل الأمم وفيهم سيد الناس وخير البشرية عاشوا مع العقارب في بيئة صحراوية حارة وبدون كهرباء في بيوت ما فيها أدنى وسائل الرفاهية التي يطلبها وكانت غرفته عليه الصلاة والسلام إذا صلى فيها فسجد أمسكت عائشة رضي الله عنها قدميها وهذا يدل على ضيقها وكان مسجده مغطى بجريد النخل فإذا نزل المطر سجد الصحابة في ماء وطين وكان عليه الصلاة والسلام ينام على حصير حتى أثر على جنبه وكان يربط الحجر على بطنه من الجوع هو وأصحابه وغير ذلك من الأخبار الثابة في سيرته العطرة
فهل كان عليه الصلاة والسلام والصحابة في نار جهنم!!.... أعوذ بالله من قبح الازم وشناعته !!
*يقول أن الله تعالى يجعل الكفار يوم القيامة في –بروشات- يعني يعذبهم كما يشوي المخلوق اللحم إذ يجعل اللحم في ساق حطب ثم يضعه على النار فيشوى وهذا تمثيل للخالق بالمخلوق في فعل من أفعال الله تعالى" وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام "