المطلب الثاني: التفتيش والضبط.
أولا: التفتيش :
هو إجراء من إجراءات التحقيق الابتدائي يهدف إلى جمع الأدلة على وقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم وذلك يضبط الأشياء التي وقعت عليها الجريمة أو استخدمت في ارتكابها أو نتجت عنها فإذا لم يكن هذا الهدف كان التفتيش باطلا ويتعين استبعاد ما أسفر عنه ويمس التفتيش حرمة الحياة الخاصة وعدم اطلاع الغير على مكنونها إلا برضا الشخص .
1- كما يمس حرمة المسكن الذي يجري فيه التفتيش إلا أنه كثيرا ما يكون ضروريا لكشف الحقيقة بشأن الجريمة وفاعلها ولذلك وضع المشرع ضمانات أو قيود لا يتم إلا بمراعاتها المادة (45-47 إجراءات جزائية) ويلاحظ على التفتيش ما يلي:
يخضع تفتيش الأشخاص كإجراء تحقيق لذات أحكام تفتيش الأماكن ولا يقتصر تفتيش الشخص على ملابسه أو ما يحمله من أمتعة وقد يمتد إلى أعضائه الخارجية والدم لمعرفة نسبة الكحول أو معدته لتحليل محتوياتها وذلك بغسلها .
2- يباشر التفتيش في جميع الأماكن التي يمكن العثور فيها على أشياء يمكن أن تكون كشفتها مفيد لإظهار الحقيقة حسب المادة 81 إجراءات جزائرية وإذا جرى تفتيش مسكن فعلى قاضي التحقيق أن يلتزم بأحكام المواد 45-47 إجراءات جزائية.
غير أنه يجوز لقاضي التحقيق وحده في مواد الجنايات أن يقوم بتفتيش مسكن المتهم بعد الساعة الثامنة مساءا وقبل الأمس صباحا شرط أن يباشر التحقيق بنفسه وأن يكون ذلك بحضور وكيل الجمهورية المادة 82 إجراءات جزائية غير أنه إذا حصل التفتيش في مسكن غير مسكن المتهم وجب التقيد بأحكام المادة السالفة الذكر في جميع الأحوال المادة 83 إجراءات جزائية.
ويقصد بالمسكن كل مكان يرتبط بالحياة الخاصة لصاحبه ويقتصر الانتفاء به عليه وكذلك توابع المكان كالحقيقة والمخزن والسيارة والعيادة لأن الدخول إليها يقتصر على إذن صاحبها.
3- يهدف التفتيش إلى جمع الأدلة على الجريمة ونسبتها إلى المتهم وبذلك يختلف عن تفتيش الشخص الذي يتم تجريده مما قد يحمله فتفتيش المساكن يختلف عن تفتيش الشخص لأن الثاني قد يكون وقائي إلا إذا اكتشف القائم به وجريمة إثناء تقنيته فإنها تكون في حالة تلبس وقد يجري التفتيش للكشف عن الجرائم ويطبق عليه التفتيش الإداري .
4- يقوم قاضي التحقيق بنفسه أو بواسطة من يندبه لذلك من ضباط الشرطة القضائية أي قاضي من قضاة المحكمة التي يتبعها قاضي التحقيق طبقا للمواد 123 وما بعد .
إذا أخفى المتهم شيئا في موضع العورة لا يجوز لضباط الشرطة القضائية المساس به ويتعين عليه يستعين بشخص مصرح له قانونا بذلك كطبيب لإخراج هذا الشيء وتفتيش الأنثى يجب أن يتم بواسطة أنثى .
يستعين بها القائم بالتفتيش متى كان في المواضع الجسمانية التي لا يجوز الإطلاع عليها وذلك حماية للآداب العامة ومخالفة هذا المبدأ يبطل التفتيش بطلانا يتعلق بالنظام العام.
5- أصل التفتيش يكون للبحث عن الأشياء الخاصة الجاري جمع الاستدلالات أو حصول التحقيق بشأنها ومع ذلك إذا ظهر عرضا أثناء التفتيش وجود أشياء تعد حيازتها جريمة جاز للقائم بالتفتيش أن يضبطها إذ يكون بصدد جريمة في حالة تلبس كالعثور على قطعة من المواد المخذرة في ملابس المتهم أثناء تفتيشه بحث عن نقود مسروقة شرط أن يكون ظهور هذه الأشياء عرضا أثناء التحقيق دون سعي يستهدف البحث عنها أو تعسف في تنفيذ التفتيش بالبحث عن أدلة جريمة أخرى غير التي يدور التحقيق بشأنها .
6- إذا أسفر التفتيش عن ضبط مستندات فإن قاضي التحقيق أو ضابط الشرطة المنوب عند الحق في الاطلاع عليها قبل ضبطها ويجب على الفور إحصاء الأشياء والوثائق المضبوطة ووضعها في أحراز مختومة ولا يجوز فتح هذه الاحراز والوثائق إلا بحضور المتهم مصحوبا بمحاميه أو بعد استدعائها قانونا كما يستدعى كل من ضبطت لديه هذه الأشياء أو الوثائق لحضور هذا الإجراء ولا يجوز لقاضي التحقيق أن يضبط غير الأشياء والوثائق النافعة في إظهار الحقيقة أو التي قد يضر إفشائها بسير التحقيق حسب المادة 84 إجراءات جزائية.
ثانيا: رد الأشياء المضبوطة
قد تضبط بعض الأشياء أثناء مرحلة جمع الاستدلالات أو التحقيق الإبتدائي لاحتمال فائدتها في إثبات الجريمة وتظل هذه الأشياء على ذمة القضية حتى الفصل في الدعوى العمومية وقد تكون بعض هذه المضبوطات لازمة للفصل في الدعوى أو تكون حيازتها في ذاتها جريمة مما يوجب مصادرتها.
ويفترض الرد وجود هذه الأشياء فعلا تحديد لقضاء فلا يجوز مطالبة المجيز عليه بإلزام المتهم برد المسروقات الموجودة في حوزته والتي لم تضبط فعلا كما يفترض أن هذه الأشياء لا زالت قائمة بذاتها فلا يطبق الحلول العيني أمام القضاء الجزائي كقاعدة عامة فلا يجوز المطالبة بالأشياء التي اشتراها المتهم بالنقود المسروقة ولكن أجاز القضاء الفرنسي المطالبة بالأشياء التي اشتراها بالثمن الذي بيع به الشيء المسروق .
وقد تضمنت المادة 86 قانون إجراءات جزائية أحكام الرد، قدم طلب الرد من المدعي المدين أو المتهم أو أي شخص يدعي بأن له حقا على الشيء المضبوط ولو لم يكن طرفا في الدعوى العمومية ويجوز للنيابة العامة استنادا إلى حقها في تقديم الطلبات أن تطلب من تلقاء نفسها رد الأشياء المضبوطة إلى من كانت في حيازته وقت ضبطها خاصة إذا ترتب على حجزها تحت يد القضاء ضرر ما أو كانت عديمة الجدوى ويشترط أن يكون حق طالب الرد على الشيء ليس محلا المنازعة جدية من الغير وإلا فإن القضاء الجزائي لا يختص بالفصل في الطلب.
ويقدم مطلب الرد إلى وكيل الجمهورية إذا لم يطلب إفتتاح أو إصدار أمر يحفظ الأوراق أو صدر في الدعوى أمر بالأوجه للمتابعة من قاضي التحقيق دون أن يثبت في المضبوطات حسب المادة 87 ق إ ج إذا كانت الدعوى العمومية على تحقيق بواسطة قاضي التحقيق اختص بالفصل في طلب الرد وتختص غرفة الاتهام بذلك الطلب إذا كان ملف الدعوى معروضا عليها لإحالته إلى محكمة الجنايات أو للنظر في الطعن في قرار بالأوجه للمتابعة أصدره قاضي التحقيق أو كانت قد أصدرت هي ذلك الأمر حسب المادة 361 قانون إجراءات جزائية.
يبلغ طلب الرد المقدم إلى قاضي التحقيق من المتهم أو المدعي المدني للنيابة كما يبلغ لكل من الخصوم الآخرين ويبلغ الطلب من الغير للنيابة وللمتهم لكل خصم آخر حسب المادة 86 ق إ ج حتى يتيسر لمن يشاء منهم أن يقدم ملاحظاته بشأن الطلب في ظرف 3 أيام من تبليغه حسب المادة 86 ق إ ج .
يستقل قاضي التحقيق بالفصل في طلب الرد حسب تقديره لزوم الأشياء المطلوب ردها للسير في الدعوى موضوع التحقيق دون أي دعوى أخرى أو وجوب مصادرتها لتجريم حيازتها وتكون الأشياء المضبوطة إلى من كانت في حيازته وقت ضبطها أو من فقد حيازتها بالجريمة من ثبت حيازتها على نحو لا يقبل المنازعة الجدية ولذوي الشأن أن يرفعوا تظلما من قرار قاضي التحقيق إلى غرفة الاتهام بتقديم عريضة خلال 10 أيام من تبليغه إليهم دون أن يترتب على ذلك تأخير سير التحقيق فإذا قدم الطلب من الغير فيجوز أن يتقدم إلى غرفة الاتهام بملاحضاته الكتابية شأنه شأن الخصم ولكن ليس لهى المطالبة بتوجيه الإجراءات حسب المادة 86 قانون الإجراءات الجزائية.
المطلب الثالث: الادعاء المدني
القاعدة العامة في مجال التنظيم القضاء المدني مستقل ومنفصل على القضاء الجزائي، ولكل منهما ميدان اختصاصه وقواعده وإجراءاته الخاصة به إلا أن هذه القاعدة ورد عليها استثناء هام سمح بتوسيع دائرة اختصاص القضاء الجزائي ومنحه سلطة النظر والفصل في نوع واحد من الدعاوى المدنية وهي التي يكون سببها فعل إجرامي وموضوعها طلب التعويض عن ضرر مادي أو جسماني أو معنوي أصاب المدعي شخصيا .
وهو ما نصت عليه المادة 72 ق إ ج بقولها: " يجوز لكل شخص يزعم أنه مصادر من جناية أو جنحة أن يدعي مدنيا عندما يتقدم بشكوى إلى قاضي التحقيق المختص"
وليس الادعاء المدني أمام قاضي التحقيق هو موضوع حديثنا بل الذي يعنينا ويهمنا هو ما يصدره قاضي التحقيق من أوامر في مجال معالجة ظروف وإشكاليات الادعاء المدني الذي نشأ تبعا للشكوى المقدمة إليه .
1-الأمر بعرض الشكوى على وكيل الجمهورية:
إذا تقدم شخص ما بشكوى أمام قاضي التحقيق ضد من اعتدى عليه مصحوبة بادعاء مدني المادة 72 إ ج فإن القانون يحتم على هذا القاضي أن يتلقى هذه الشكوى وأن يثبتها في محضر ثم يتعين عليه بعد ذلك أن يصدر أمرا بعرض الشكوى على وكيل الجمهورية ليدرسها ويجوز أن تتضمن طلبات وكيل الجمهورية حول شخص معين وتوجيه الاتهام إليه كما يجوز أن تتضمن طلبات إصدار أمر بإيداع المتهم السجن أو القبض عليه ، وإذا كانت الشكوى غير مؤيدة بحجج وأدلة كافية فيجوز لوكيل الجمهورية أن يطلب من قاضي التحقيق فتح تحقيق مؤقت ضد كل الأشخاص الذين وردت الإشارة إليهم في الشكاية وعليه فإذا اثبت لقاضي التحقيق تتوفر هذه العناصر فسيكون بإمكانه إصدار أمر بعرض الشكوى على وكيل الجمهورية.
2-الأمر بصرف النظر عن طلب عدم إجراء التحقيق:
لقد نصت المادة 73 ف 03 إ ج على أنه لا يجوز لوكيل الجمهورية أن يتقدم إلى قاضي التحقيق بطلب عدم إجراء تحقيق ما في موضوع هذه الإشكالية بعد الأمر بعرضها عليه إذا كانت الوقائع لأسباب تتعلق بالدعوى العامة نفسها غير جائزة قانونا متابعة التحقيق فيها أو إذا كانت الوقائع على فرض ثبوتها لا تقبل قانونا أي وصف جزائي.
إذا تقدم وكيل الجمهورية إلى قاضي التحقيق بطلب لعدم إجراء التحقيق في الدعوى موضوع الشكوى ورأى السيد قاضي التحقيق أن طلب وكيل الجمهورية ليس له ما يبرره أو لم يكن مؤسسا على سند قانوني فإن له الحق أن يصدر أمر برفض مقتضاه طلب وكيل الجمهورية المادة 73 إ ج .
3-الأمر بقبول أو رفض الادعاء المدني:
جاءت في الفقرة 02 من المادة 74 إجراءات جزائية وأقرت مبدأ أساسيا يتمثل في منح كل واحد من ممثلي النيابة العامة والمتهم وأي مدع مدني آخر حق المنازعات في طلب الادعاء المدني المتقدم من الشاكي كما أشارت الفقرة الأخيرة من نفس المادة إلى إثبات مبدأ يتمثل في منح قاضي التحقيق سلطة تقدير عدم مثول الادعاء المدني المتقدم من الشاكي وفق لاحكام المادة 72 إجراءات جزائرية من تلقاء نفسه، ومهما يكن من أمر سواء فصل قاضي التحقيق في الادعاء المدني من تلقاء نفسه أو بناء على منازعة وسواء كان الفصل بالقبول أو بعدم القبول فإن الفصل في الادعاء المدني يجب في جميع الأحوال أن يكون بمقتضى أمر مسبب صادر عن قاضي التحقيق المعني ويتضمن كل الأسباب القانونية التي استند إليها في تكوين قناعته وبنى عليها أمره بالقبول أو بالرفض.
كما يجب على قاضي التحقيق عندما يعزم على إصدار أمر بقبول الادعاء المدني أو عدم قبوله أن يعرض الملف على ممثل النيابة لإبداء طلباته قبل الفصل في الإدعاء المدني وإصدار أمر بشأنه.
المطلب الرابع: الاستجواب والمواجهة
الفرع الأول: تعريفهما وطبيعتهما.
رغم ندرة إعتراف المتهم بما أسند إليه فإنه لا بد لي بهذا الاعتراف تلقائيا وإنما يغلب أن يكون أثناء استجوابه.
1- الاستجواب:
يقصد به مواجهة المتهم بالاتهام المسند إليه وبالأدلة القائمة قبله ومناقشته بشأنها تفصيلا كي يعترف بها فيؤديها أو ينفذها فيدفعها على نفسه فهو ذو طبيعة مزدوجة إذ لا يهدف فقط إلى جمع الأدلة شأن إجراءات التحقيق ولكنه كذلك وسيلة للدفاع .
ويترتب على هذه الطبيعة المزدوجة نتائج هامة هي:
باعتبار من إجراءات جمع الأدلة فإنه متروك لتقدير قاضي التحقيق ليقوم به في أي وقت إبان التحقيق الابتدائي بل ويجوز له أن يلجا إليه أكثر من مرة كلما رأى ذلك ضروريا.
يتم الاستجواب طبقا للضمانات والإجراءات القانونية حتى يمكن الإسناد إلى ما يسفر عنه من فهو واجب قبل الأمر بحبس المتهم احتياطيا حسب المادة 188 ق إ ج وإثر إحضاره تنفيذ لأمر الإحضار وتقديمه إلى قاضي التحقيق حسب المادة 121 ق إ ج.
لا يجوز توجيه اليمين إلى المتهم قبل استجوابه وإلا كان ذلك إكراها أدبيا بعينه وكل إجراء أو أثر نجم عنه . إذ يصبح المتهم بين مكروهين الوفاء باليمين والإقرار بالجريمة إن كان قد اقترفها أو الحنث في اليمين بإنكار الجريمة خلافا للحقيقة.
ينبه قاضي التحقيق المتهم عند مثوله أمامه لأول مرة بأنه حر في عدم الإدلاء بأي قرار حسب المادة 100ق إ ج ويعتبر الصمت حقا للمتهم لا يجوز اتخاذ قرينة ضده .
2- المواجهة:
هي وضع المتهم وجها لوجه إزاء متهم آخر أو إزاء شاهد أو أكثر كي يسمح بنفسه ما أدلوا به من أقوال تختلف عما يدعيه فيؤيدها أو ينفذها فيهن استجواب للمتهم قاصر على دليل واحد أو أكثر أو واقعة واحدة أو أكثر ولذلك أحاطها المشرع بضمانات الاستجواب .
ويختلف الاستجواب عن باقي إجراءات جمع الأدلة في أنه يصدر من المتهم نفسه سواء بالإعتراف بالجريمة وتقديم الأدلة على مقارفته إياها أو بالإقرار الأدلة القائمة قبله أو حتى بعدم استطاعته تنفيذها أن كان منكرا لها.
كما يعتبر الاستجواب ذو فائدة في مرحلة التحقيق الابتدائي في جمع عناصر الاتهام بل والمتهم ذاته فقد يتمكن من دحض الشبهات القائمة ضده ولذلك فقد حرصت التشريعات على إحالته بالضمانات التي يمكن المتهم من عدم الإدلاء بما يريد تدبر وتبصر ويوجه المشرع الجزائري استجواب المتهم في مرحلة المحاكمة أيضا حسب المادتين 224 والمتهم 30 قانون إجراءات جزائية.
الفرع الثاني: ضمانات الاستجواب والمواجهة:
1-الضمانات:
أهم ضمانات الاستجواب أن يجريه شخص محايد هدفه الكشف عن الحقيقة ولا مصلحة له في إثبات التهمة ضد المتهم ولا في إفلاته من العقاب لذلك أوجب قانون الإجراءات الجزائية أن يتم استجواب المتهم في مرحلة التحقيق الابتدائي بواسطة قاضي التحقيق وحظر على هذا الأخير إبانة ضابط الشرطة القضائية في إجرائه المادة 139 إ ج .
كذلك من أهم ضمانات حق المتهم الاستعانة بمحام التمكين هذا الأخير من الاطلاع على ملف التحقيق فيما عدا حالة الاستعجال .
2-كيفية إجراء الاستجواب:
نظرا لأهمية الاستجواب في جمع الأدلة والخطورة بالنسبة للمتهم فإن قاضي التحقيق يتعين عليه أن يراعي مجموعة من القواعد تحقق أهداف الاستجواب دون المساس بشخص المتهم أو حريته.
فعلى المحقق استجواب المتهم حتى توفر لديه أكبر قدر من الأدلة والقرائن على وقوع الجريمة ومسؤولية عنها فلا يقوم به استنادا إلى محضر جمع الاستدلالات وقبل أن يحقق بنفسه الشبهات الوارد به كسؤال الشهود أو معاينة مكان الحادث وذلك ما لم يعترف المتهم بارتكاب الجريمة إثر إحاطته علما بالوقائع المسندة إليه فحينئذ يبادر إلى مناقشة تفصيلا في هذا الاعتراف منفيا عن كل ما يعززه من عناصر .
على المحقق أن يحمي المتهم من أي تأثر خارجي عليه أثناء الاستجواب حتى يمكن الاستناد ألي ما قد يسفر عنه الاعتراف أو دفاع أيا كان
إن يخضع المتهم و هو مقيد بالقيد الحديدي خشية هروبه فالقنون لا يحضر مثل هذا القيد لا أمام محكة الجنايات المادة 293 من قانون الإجراءات الجزائية
تتجرد برادة المتهم من التمييز و الاختيار إذا استجوب تحت التنويم المغناطيسي
يعد تحليف المتهم اليمين من قبل الإكراه الأدبي وكذلك استجواب المتهم ساعات طويلة حتى فيها و يعترف بما لا يريد الاعتراف به
المبحث الثاني: إجراءات التحقيق في حالة الجناية والجنحة المتلبس بها:
إذا كانت سلطات الضابطة القضائية والنائب العام في غير حالة التلبس تتمثل سبق الإشارة إليه في أعمال التحري والاستدلال بصفة عامة فإن هذه السلطات تتسع في حالة وقوع التلبس اتخاذ بعض الإجراءات الماسة بالحرية مثل القبض والتفتيش وكذلك الاستجواب وكلها بحسب الفصل كانت تعتبر من قبيل إجراءات التحقيق الابتدائي والتلبس هو حالة واقعية تبرر مباشرة بعض الإجراءات التي كانت يتمتع أساسا مباشرتها في إطار مرحلة التحقيق الأولى( جمع الاستدلالات) وتتطلب دراسة هذه الإجراءات سواء فيما تحوله من سلطات أو ما يرد عليها من قيود وضمانات أن تتوقف في مطلب أول عند تحديد ماهية التلبس قبل تحديد الإجراءات.
المطلب الأول: تعريف الجرم المشهود(التلبس) وشروطه :
الفرع الأول : تعريف التلبس:
التلبس أو الجرم المشهود هو نظرية إجرائية تعني مباشرة بعض السلطات وإجراء بعض أعمال التحقيق التي لا يجوز بحسب الأصل وفي الظروف العادية مباشرتها بالنظر لكون الجريمة قد وقعت في الحال بما لا يحتمل التباطؤ في مباشرة إجراءات المصلحة والتحقيق كما هو الحال في الأحوال العادية.
فالجرم المشهود إذن نظرية إجرائية فكرة الضرورة الملحة اتخاذ إجراءات لا تحتمل التأخير إزاء جريمة وقعت في التو أو منذ وقت جد يسير وهي ليست بذلك نظرية موضوعية تتعلق بأركان الجريمة أو نظرية شخصية تتعلق بالمسؤولية الجنائية للشخص .
وهكذا يمكن القول أن التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها وليس شخص فاعلها ويتحقق هذا الجرم المشهود بوصفه حالة عينية لا شخصية إذا تم إدراك الجريمة حال وقوعها أو عقب وقوعها ببرهة يسيرة أو إذا تتبع العامة الجاني بالصياح أو الصراخ أو إذا تم اكتشافها فور الانتهاء من ارتكابها وما زالت آثار بادية أو إذا ضبط شخص حاملا معه أشياء أو أسلحة أو أوراق يستدل منها على كونه مرتكبها وذلك في خلال 24 ساعة .
حيث نصت م 41 إ ج ج بقولها << توصف الجناية أو جنحة بأنها في حالة تلبس إذا كانت مرتكبة في الحال أو عقب ارتكابها.
كما تعتبر الجناية أو الجنحة متلبس بها إذا كان الشخص المشتبه ارتكابه إياها في وقت قريب جدا من وقت وقوع الجريمة قد تبعه العامة بالصياح أو وجدت في حيازته أشياء أو وجدت آثار أو دلائل تدعوا إلى افتراض مساهمته في الجناية أو الجنحة وتتسم بصفة التلبس كل جناية أو جنحة وقعت ولو في غير الظروف المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين إذا كانت قد ارتكبت في منزل وكشف صاحب المنزل عنها عقب وقوعها وبادر في الحال باستدعاء أحد ضباط الشرطة لاثباتها>>
التلبس هو حالة عينية تتصف بها الجريمة فهو ظرف يتعلق بالجريمة لا بالشخص الجاني ويتضح نص المادة 41 إ ج ج أنها نصت في الفقرة 01 على حالتين في التلبس:
-تلبس فعلي أي حقيقي أما الفقرة الثانية فهو تلبس حكمي أو اعتباري
أما الفقرة 03 فهي لا تلبس فعلي ولا تلبس اعتباري لكن صبغ عليها في تلك الحالة صبغة التلبس لقربها من التلبس الاعتباري( ).
الفرع الثاني : شروط صفة التلبس
لكي يكون التلبس صحيحا ومنتجا لآثاره القانونية يجب أن يتوافر في كل حالة من حالاته الشروط الثلاثة السابقة:
1-أن يكون التلبس سابقا على اجراءات التحقيق التي تتخذ:
أي لا يجوز لضابط الشرطة القضائية أن يقوموا بأي إجراء إستثنائي كالتفتيش وضبط الأشياء إلا إكتشافه حالة التلبس وإلا كان عمله باطلا ويترتب على بطلانه الدليل المستمد منه.
2- إكتشاف التلبس بمعرفة ضباط الشرطة القضائية أو تحقق منه بنفسه:
ويوجب القانون أن يكتشف ضابط الشرطة القضائية حالة التلبس بنفسه أو على الأقل يتحقق بشخصه من قيام تلك الحالة حتى يمكن له أن يمارس إجراء من إجراءات التحقيق و بالتالي يكون ذلك الإجراء صحيحا فلا يكتفي ضابط الشرطة القضائية بان يتلقى بلاغا أو بناءا عن طريق رواية الغير من الأفراد الذين شاهدوها بل يجب في حالة إبلاغه أن يتوجه هو بنفسه إلى مكان الجريمة ، والتلبس هنا يخص جرائم الجنايات وجرائم الجنح المعاقب عليها بالحبس ولا تطبق على الجنح المعاقب عليها بالغرامة.
إن حالة التلبس لا تثبت بشهادة الشهود من العامة ويستثنى من ذلك جريمة واحدة وهي جريمة الزنا تطبيق بحكم المادة 341 من قانون العقوبات
3-اكتشاف التلبس بطريق مشروع:
ويقصد به أن تكون وسيلة اكتشافه غير مخالفا للقانون أو الأخلاق وإلا كان التلبس وما بني عليه من إجراءات وما استمد منها من أدلة كلها باطلة ويكون التلبس بطريق مشروع إذا اكتشف عرضا أو باستخدام حيلة مشروعة وذلك على النحو التالي:
- إكتشافه عرضا: أي دون سعي وإتيان عمل إيجابي من جانب ضابط الشرطة القضائية.
- اكتشافه عن طريق استخدام حيلة مشروعة: أي أن يكون بسعي من ضابط الشرطة القضائية لكن السعي لا يخالف القانون ولا الأخلاق كأن يتنكر ضابط الشرطة القضائية بملابس مدنية ليستبدل بها ملابسه الرسمية وهي حيلة لا تتعارض مع القانون والأخلاق في شيء.
- اكتشاف التلبس أثناء القيام بإجراء صحيح: كأن يتوجه ضابط الشرطة القضائية لتفتيش مسكن المتهم في سرقة مجوهرات ويعثر على ساعة مسروقة في واقعة أخرى فالإجراء صحيح أصلا وحالة التلبس التي عرضت له تكون صحيحة ومشروعة وتترتب عليها مسؤولية صاحب المنزل عن كل جريمة جديدة ملتبس بها.
المطلب الثالث : حالات الجرم المشهود
التلبس)
نصت عليها م 41 ق إ ج جزائري بقولها" توصف الجناية أو الجنحة بأنها في حالة تلبس إذا كانت مرتكبة في الحال أو عقب ارتكابها كما تعتبر الجناية أو الجنحة متلبس بها إذا كان الشخص المشتبه في ارتكابها في وقت قريب جدا من وقت وقوع الجريمة قد تتبعه العامة بالصياح أو وجدت في حيازته أشياء أو ووجدت آثار أو دلائل تدعوا إلى افتراض مساهمته في الجناية أو الجنحة وتتسم بصفة التلبس كل جناية أو جنحة وقعت ولو في غير الظروف المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين إذا كانت قرارا تكتب في منزل وكشف صاحب المنزل عنها عقب وقوعها وبادر في الحال باستدعاء أحد ضباط الشرطة لإثباتها"
- التلبس هو حالة عينية تتفق بها الجريمة ذاتها فهو ظرف يتعلق بالجريمة لا بالشخص الجاني ويتضح من نص 41 إ ج ج أنها نصت في الفقرة 1 على حالتين للتلبس هي حالة التلبس الفعلي أو الحقي أما الفقرة 2 فهو تلبس حكمي أو اعتباري أما الفقرة 3 فهي لا تلبس فعلي ولا حكمي لكن المشرع أصبغ عليها بصبغة التلبس لقر بها من التلبس الاعتباري .
هنا وتجدر الإشارة أن قانون أصول المحاكمات الجزائية الجديد اللبناني قد نص على حالات التلبس في المادة 29-30 منه وهو بذلك تقريبا مطابق لقانون إ ج جزائري رغم الاختلاف في الصياغة إلا أنها تعتبر نفس الحالات من خلال المضمون.
أما المشرع المصري من خلال قانون إ ج فهو لم يذكر حالة واحدة هي حالة وقوع الجريمة داخل منزل وكشف صاحب المنزل عنها عقب وقوعها وفي مادة 30 التي تعرف التلبس.
وإخطاره للسلطات المختصة بالتحقيق.
الحالة الأولى: ارتكاب الجريمة في الحال:
وهي حالة التلبس الفعلي المنصوص عليها في ق 1 م 41 إ ج جزائري بقولها : << إذا كانت الجريمة مرتكبة في الحال>> وبقصد بهذه العبارة أن تشاهد الجريمة أثناء وقوعها أي وقت ارتكابها أي أن يشاهد ضابط الشرطة القضائية الجريمة بمعنى تقع أمام عينيه أو بدرعها بأحد حواسه ويعتبر التلبس قانونا عند مشاهدة الجريمة دون مشاهدة فاعلها.
الحالة الثانية: مشاهدة الجريمة عقب ارتكابها:
يقصد بمشاهدة آثار الجريمة التي ارتكبت منذ يسير أي أن الجريمة تكون عندها لم تخمد نارها بعد، حيث يرى بعض الشراح أن هذه الحالة لا تعتبر تلبس حقيقي بل هي من قبيل التلبس الحكمي ، لكن أغلب الفقه والتشريعات تنص على أنها حالة تلبس حقيقي حيث أن الرأي الراجح يقول أن هذا الخلاف ليس له أثر قانوني إذ أن حالات التلبس سواء كان التلبس حقيقيا أو إعتباريا فحكمها واحد وآثارها القانونية واحدة.
الحالة الثالثة: تتبع المجني بالصياح إثر وقوع الجريمة:
وهي حالة من حالات التلبس الاعتباري ويستوي أن يكون التتبع بالصياح صادر عن المجني عليه أو أحد أفراد أسرته أو غيره من شهود الحادث أو الجيران ، وقد تكون المتابعة بالجري خلف المجني واللحاق به وقد يكون بالمشي خلفه أو بالإشارة إليه بالأيدي كما تكون بمجرد الصياح والقول إذا لم تتوفر القدرة على المتابعة.
ومن المتصور أن يطول أمد ملاحقة الجاني ومطاردته بسيارة على سبيل المثال ويحول طول مدة المطاردة دون توافر هذه الحالة من حالات التلبس ما دامت المطاردة مستمرة لم تنقطع وعلى أي حال فإنه لابد لقيام هذه الحالة أن يكون ثمة صراخ من الناس خلف الجاني وهم بصدد متابعة ولو لم يتبعوه بالفعل وبالتالي لا يدخل ضمن هذه الحالة ما يتناقله الناس من شائعات وما يتردد على ألسنتهم من أن شخصا بعينه هو مرتكب الجريمة .
الحالة الرابعة: حيازة المجني لأشياء تدل على مساهمته في الجريمة في وقت قريب جدا من وقوعها:
وهي إحدى حالات التلبس الاعتباري تكون فيها الجريمة قد وقعت منذ فترة قصيرة وشهود الجاني في وقت قريب جدا من وقوعها حائز للشيء أو الأشياء تكون قد استعملت في الجريمة أو تحصلت من ارتكابها حيث تعتبر قرينة قوية على ارتكابه الجريمة أو مساهمته فيها ولا يشترط أن يضبط المشتبه فيه في مكان الحادث أو قريبا منه ولم يحدد المشرع الفترة الزمنية.
هنا وتجدر الإشارة إلى الاختلاف الحاصل بين ق إ ج ج وقانون أصول المحاكمات الجزائرية اللبناني الجديد حيث ق إ ج ج جزائري يشترط حيازة الأشياء الدالة على مساهمته في الجريمة في وقت قريب جدا من وقوع الجريمة على خلاف القانون اللبناني الذي يفترض هذه الحالة وقوع الجريمة منذ مدة ليست باليسيرة وحددت المدة ب 24 ساعة على عكس القانون الجزائري الذي لم يحدد المدة الزمنية.
الحالة الخامسة: وجود آثار بالمشتبه فيه تدل على مساهمته في الجريمة:
في هذه الحالة يفترض مساهمته في الجريمة جناية كانت أم جنحة وهي حالة مستحقة عن الحالات التلبس حيث نرى ما يوجد بجسم المشتبه فيه أو ملابسه أو متعلقاته من آثار تدل على مساهمته في الجريمة التي وقعت في وقت قريب جدا .
الحالة السادسة: المبادرة بالإبلاغ عن الجريمة عقب اكتشافها:
نص المشرع على هذه الحالة في فقرة مستقلة في م 41 ق إ ج ج قائلا:<< تتسم بصفة التلبس كل جناية أو جنحة وقعت ولو في غير الظروف المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين إذا كانت قد ارتكبت في منزل وكشف صاحب المنزل عنها عقب وقوعها وبادر في الحال لاستدعاء أحد ضباط الشرطة القضائية لإثباتها>> ويقصد هنا في هذه الحالة أن تقع الجريمة في وقت غير معلوم ثم يكتشف المجني عليه وقوعها بعد مدة من الزمن ولكنه عقب اكتشافها يقوم بإبلاغ مناط الشرطة القضائية المختص لإثبات الواقعة واتخاذ إجراءات الضبط اللازمة بغض النظر عن الوقت الذي انقضي بين ارتكابها وبين الإبلاغ عنها.
- وأضاف المشرع هذه الحالة بهدف إضفاء أهمية خاصة على الجرائم التي تقع في المساكن في غيبة أصحابها لذا حدد لها شروط ضمنية لأعمال هذا النص وهي:
* أن تقع الجريمة في منزل مسكون وفي غيبة صاحبه أو بغير عمله.
* أن يقوم صاحب المنزل بانكشاف الجريمة ويبادر فورا باستدعاء ضباط الشرطة القضائية .
* أن يقوم ضباط الشرطة القضائية بإثباتها.
إن حالات التلبس الست وردت على سبيل الحصر ولم ترد على سبيل المثال فلا يجوز القياس عليها ويترتب على توافر إحدى هذه الحالات آثار قانونية طالما كانت حالات التلبس مستوفية شروط الصحة السابق ذكرها.
المطلب الثالث : إجراءات التلبس في حالة الجريمة الملتبس بها
1- وجوب إخطار النيابة العمة والانتقال والمعاينة فورا (م42 ق اج ج) يجب على ضابط الشرطة القضائية الذي بلغ جناية ملتبس بها أن يخطر بها وكيل الجمهورية على الفور ثم ينتقل دون تمهل الى مكان الجناية ويتخذ جميع التحريات اللازمة وعليه أن يسهر على المحافظة على الآثار التي تخشى أن تختفي وأن يضبط كل ما يمكن أن يؤدي الى إظهار الحقيقة، وأن يعرض الأشياء المضبوطة على الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في الجناية التعرف عليها ، ويسأل ضابط الشرطة القضائية ‘داريا ‘ذ تأخر في الانتقال لضبط الواقعة أو في حالة عدم إخطار وكيل الجمهورية.
2- سلطتهم بالنسبة للشهود: تطبيقا للمادة 50 ا ج ج يكون لضابط الشرطة القضائية منع أي شخص من مبارحة مكان الجريمة ريثما ينتهي، من اجراء تحرياته وعلى كل شخص يبدو له ضروريا في مجرى إستدلالاته وكل من خالف احكام الفقرة السابقة يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز 10 أيام وبغرامة مالية قدرها 500 دينار ، كذلك م 51 ا ج ج تجيز لضابط الشرطة القضائية أن يحتجز شخص أو أكثر من شهود الحادث إذ كانت مقتضيات التحقيق تتطلب لك على الا تتجاوز مدة الحجز 48 ساعة.
3-سلطتهم بالنسبة لندب الخبراء: هو ما تضمنته المادة 49 ا ج ج إذا اقتضى الأمر إجراء معاينات لا يمكن تأخيرها فالضابط الشرطة القضائية أن يستعين بأشخاص مؤهلين لذلك وعلى هؤلاء الأشخاص الذين يستدعيهم لهذا الاجراء أن يحلفوا اليمين كتابة على إبداء رأيهم بما يمليه عليه الشرف والضمير.
4- سلطتهم بالنسبة لاحتجاز المتهمين أو أوامر بإحضارهم أو القبض عليهم أو تفتيشهم
أ-احتجاز المتهم: لضابط الشرطة القضائية في حالة التلبس حق استدعاء المتهم على اعتبار أن القانون خول له هذا الحق المطلق في مواجهة كل شخص يبدو له ضروريا في إجراء استدلالاته القضائية التعرف على هويته أو التحقق من شخصه وأن يتمثل له الجميع في كل ما يطلبه من إجراءات.
أن يكون لضابط الشرطة احتجاز المتهم لمدة 48 ساعة حسب ف 1م51 إ ج ج كما يجوز له أن يحتجزه لفترة مماثلة بشرطين:
* أن يقوم دلائل قوية ومتماسكة من شأنها التدليل على اتهامه.
* أن يحصل تصريح كتابي من وكيل الجمهورية بعد أن يقوم هذا الاخير بتدقيق الملف أي بعد الاطلاع
على أوراق محضر جمع الاستدلالات كأنه يجوز لوكيل الجمهورية إصدار أمر بالحجز لمدة 48 ساعة بناءا على مذكرة متابية مسببة بدون الاطلاع على المحضر الخاص.
ب-الأمر بالإحضار : ( م110 إ ج ج) وهو ذلك الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق إلى القوة العمومية لاقتياد المتهم ومثوله أمامه فورا كما يجوز لوكيل الجمهورية إصدار أمر بالإحضار على أن يبلغ الأمر في كلتا الحالتين وينقد بمعرفة أحد ضباط الشرطة القضائية.
كما تنص المادة 116إ ج ج على أنه إذا رفض المتهم الامتثال لأمر الإحضار أو حاول الهرب بعد إقراره أنه مستعد للامتثال إليه يجب إحضاره جبرا عن طريق القوة.
جـ - الأمر بالقبض: وهو الذي يصدر إلى القوات العمومية بالبحث عن المتهم وسوقه إلى المؤسسة العقابية المنوه عنها في الأمر حيث يجري تسليمه أو حبسه فيها ويجب على رجال القوة العمومية تسليم صورة من الأمر بالقبض للشخص نفسه.
د- ضبط المتهم بمعرفة ضباط الشرطة القضائية: م 61 إ ج ج نصت على أنه لكل فرد من عامة الشعب الحق في ضبط مرتكب الجناية أو الجنحة لتسليمه إلى أقرب ضابط شرطة قضائية وذلك في حالات التلبس بالجناية أو الجنحة المعاقب عليها بالحبس.
هـ- تفتيش شخص المتهم: وهو إجراء جوهري من إجراءات التحقيق فلا يجوز لضابط الشرطة القضائية القيام به دون أن يكون الحق لا بذلك بمقتضى نص قانوني أو بدون أن يكون قد صدر له أمر باتخاذ هذا الإجراء من قبل سلطة التحقيق التي تملك هذا الحق .
5- سلطتهم في تفتيش مساكن المتهمين وغيرهم: يقصد بالتفتيش البحث في مستودع عن أدلة تفيد إثبات الجريمة أو نسبتها إلى متهم معين:
المسكن: كل من سيكون فعلا أو معد للسكن سواء كان الشخص يقيم به بصفة دائمة أو بصفة مؤقتة.
- وقد نصت المادة 44 إ ج ج على أنه في حالات التلبس يجوز لضباط الشرطة القضائية الانتقال إلى مساكن الاشخاص الذين يكونون ساهموا في الجناية أو يحرزون أوراق أو أشياء متعلقة بالأفعال الجنائية ويجري تفتيشها ويحرر عنه محضرا.
الخـــاتــمة
نادى الفقه بمبدأ شرعية القواعد الموضوعية ليضع حدا لتحكم السلطة و تعسفها تجاه الأفراد, إلا أن هذا المبدأ لا يكفي وحده للتخفيف من حدة الضغط على الحريات التي تتضمنه النصوص الموضوعية لأن هذه الأخيرة تهدف إلى حماية كيان المجتمع, و من ثم قد تكون هذه الحماية على حساب حريات الأفراد بحيث يمكن لجهات المتابعة ملاحقة الفرد تحت غطاء مخالفته للقاعدة الجنائية الموضوعية لتنزل به الجزاء المقرر لهذه المخالفة. الأمر الذي قد يترتب عليه طي حقوقه و انتهاك حريته و يختل عندئذ التوازن بين مصلحة الفرد و مصلحة المجتمع.
لذلك يأتي قانون الإجراءات الجزائية ليضع توازنا عادلا بين مصلحة مرتكب الجريمة في ضمان حريته و مصلحة المجتمع صاحب الحق في معاقبته للدفاع عن نفسه, غير أنه يمكن للسلطة أن تسن قانونا يحدد سلطتها ينظم أساليب ملاحقة المجرم في الحدود التي تمكنها من تقرير حقها في العقاب دون مراعاة حقوق المتهم في الدفاع عن نفسه.
و من جهة ثانية فإن القواعد الإجرائية تنطوي على أحكام تمس حرية الفرد من خلال إجراءات الخصومة الجنائية التي تباشرها الدولة بواسطة ممثليها.
و عليه نلاحظ أن النظام الجنائي بشقيه يعرض الحريات الفردية للانتهاك نتيجة مباشرة الدولة سلطتها في التجريم و الجزاء و في مباشرة الخصومة الجنائية و التنفيذ العقابي لذلك نادى الفقهاء بمبدأ شرعية القواعد الإجرائية باعتبارها ركيزة أساسية من حيث أنه مكمل للشرعية الموضوعية.