![]() |
|
قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها ..... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
الفكر الاجتماعي في الحضارات القديمة
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() السلام عليك انا طالب ادرس في علم الاجتماع بوادي سوف ارجوا منك المساعدة في بعض المعلومات عن التفكير الاجتماعي في حضارة مصر الفرعونية وشكرا |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم انا طلبة سنة اولى علوم اجتماعية احتاج لمعلومات في بحثي لمقياس مدخل الى علم الاجتماع مع ذكر المراجع بدقة من فضلكم تحت عنوان: **الفكر الاجتماعي عند اليونانيين القدماء ** |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]() الفكر الاجتماعي في الشرق القديم |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() و الله مانعرف واش نقول |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]() شكرا لك اخي منصور على المساعدة و بارك الله فيك وفي امثالك |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 7 | |||
|
![]() مرحبا بالجميع ارجوا المساعدة في العثور على كتاب عن الحضارة الفرعونية ................... |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 8 | |||
|
![]() المجتمع المصري القديم
مصر واحة طويلة صنعها النيل على امتداد آلاف السنين، وقد مارس المصريون الصيد والرعي عندما كانوا قبائل متفرقة تعيش على شواطئ النيل وحوله مستنقعات الدلتا، ولكنهم انتقلوا بسرعة إلى الزراعة بفضل النيل حيث قام النيل بدور رئيسي في تكوين المجتمع المصري الموحد، فقد أدت الزراعة إلى استقرار القبائل وتكوين القرى ونشأة المدن حول انعقاد الأسواق. فقد عرف المصريون القدماء نظام المدينة بوصفه (وحدة سياسية) قبل أن يعرفه اليونان وكانت مدنهم تتمتع باستقلال ذاتي. وقد توحدت البلاد على يد الملك مينا 3200 ق.م وقضى على الفرقة نهائيًا ومنذ ذلك الوقت تمسك المصريون بهذه الصورة الوحيدة للمجتمع المصري، ولم يقبلوا صورة أخرى برضاهم بل كافحوا كل ألوان التجزئة والفرقة في تاريخهم. وهذا الإصرار على وحدة المجتمع المصري هو أول صفات هذا المجتمع وهو سر حضارته المبكرة واستمرار شخصيته، رغم موقعه كمعبر بين الشرق والغرب فقد عمل هذا الإصرار على وحدة المجتمع طوال التاريخ المصري بصورة فريدة، وبذلك يسر التجانس العنصري والثقافي وأكد التعاون الاجتماعي ووطد النظم الاجتماعية على مستوى الدولة( ). وبفضل الزراعة وارتباطها بفيضان النيل اهتدى المصريون إلى التقويم الشمسي حيث جعلوا السنة 365 يومًا، كما اهتدوا إلى العلوم الهندسية الخاصة بإنشاء الترع وتنظيم الري وتخطيط الأحواض وبناء المدن وتشييد المعابد والهياكل والمقابر والأهرامات وابتكروا الآلات الزراعية ومخازن الحبوب، كما اتقنوا منذ وقت مبكر بعض الصناعات كالفخار والجلود وغيرها وعرفوا الكتابة وصناعة الورق، وقد بلغ فن النحت المصري والعمارة كما لهما في الدولة القديمة لارتباطهما بالدين( ). - النظام الأسري: حظيت النساء في مصر القديمة بالمساواة الكاملة تقريبًا مع الرجال. وتمتعن باحترام كبير، حيث الوضع الاجتماعي يحدده مستوى الشخص في السلم الاجتماعي وليس نوع الجنس وتمتعت نساء مصر بقدر أكبر من الحرية والحقوق والامتيازات مقارنة بما عرفته نساء الإغريق. وحظي عدد وافر من الربات بالتقديس عبر تاريخ مصر. وكان إظهار عدم الاحترام لامرأة، وفقًا لقانون (ماعت) يعني معارضة أسس المعتقدات المصرية والوجود المطلق. وأجاز المصريون للمرأة أن تصبح وريثة للعرش، إلا أن الرجل الذي تختاره زوجًا لها هو الذي يصبح حاكمًا أو فرعونًا. وتتمثل مهمتها في الحفاظ على الدم الملكي واستمراره. وتمتعت النساء بالعديد من الحقوق القانونية، مثل المشاركة في التعاملات التجارية، وامتلاك الأراضي والعقارات الخاصة، وإدارتها وبيعها. وكان للناس حق ترتيب عمليات التبني، وتحرير العبيد، وصياغة التسويات القانونية، وإبرام التعاقدات. وكن يشهدن في المحاكم، ويقمن الدعاوي ضد أطراف آخرين، ويمثلن أنفسهن في المنازعات القانونية من دون حضور قريب أو ممثل لها من الرجال. وفتح باب العديد من الوظائف المهنية أمام النساء مثل النساجة والحياكة والقابلة ومستشارة الفرعون، واستطعن أيضًا تولى مناصب عليا في المعبد، مثل الراقصات أو كبيرة الكاهنات وهو منصب بالغ الاحترام. ولم يكن مستغربًا أو محظورًا أن ترتقي امرأة عصامية من ناحية الوضع الاجتماعي أو المنصب فمن بين النساء الشهيرات من خارج الأسرة الملكية امرأة تدعى (بنِتِ) بكسر النون والباء. كانت متزوجة من حاكم أحد الأقاليم خلال عهد الأسرة السادسة، وقد حملت (بنِِتِ) أعلى الألقاب مكانة، لقب الحاكم، والقاضي ووزير الفرعون. واتيح للنساء العمل كاتبات وطبيبات وأن كن بأعداد أقل من نظرائهم الرجال. وترجع السجلات التي ورد فيها أسماء طبيبات إلى الدولة القديمة. ومن هؤلاء الطبيبات السيدة (بيشيشت) التي عاشت إبان عهد الأسرة الخامسة، وحملت لقب (رئيسة الأطباء) وفقًا للنقش الموجود على شاهد قبرها.( ) - الحياة العائلية: حظيت علاقة الزواج بأقصى قدر من الاحترام. ويتم الزواج عادة بين نفس الطبقة الاجتماعية، غير أن قواعد خاصة تطبق على أفراد الطبقة العليا، وبوجه خاص داخل الأسرة الملكية، حيث يجوز للرجل اتخاذ أكثر من زوجة واحدة، كما يحدث الزواج غالبًا بين أبناء العمومة وغيرهم من ذوي القربى القريبين (أو البعيدين). وكانت حالات الاقتران بين الأخوة تحدث داخل الأسرة الملكية فقط. فتتزوج الابنة الكبرى للفرعون غالبًا من شقيقها أو أخيها غير الشقيق. بهدف الحفاظ على السلالة الملكية. وفي مصر القديمة، كان الزوجان يشيران في حب على بعضهما البعض بلفظ (أخ) أو (أخت) وأثناء الدولة الحديثة، كانت لفظة (أختي) مرادفًا للفظة (عزيزتي) أو (زوجتي). - زوجة واحدة ثم زوجات: كان للفرعون أن يتخذ زوجة رئيسية، وعدة زوجات أقل مرتبة يتخذهن من بناته أو أخواته، فضلاً عن العديد من الخليلات. وكان لدى (رمسيس الثاني) سبع زوجات أساسيات، وعدة زوجات ثانويات، وجناح للنساء يزخر بالخليلات الشرعيات ويعتقد أن وجود أجنحة للنساء يرجع إلى عصر الأسرات الأولى. فكانت الأميرات الأجنبيات يصبحن غالبًا حريم الفرعون، كزوجات سياسات أرسلهن آباؤهن لتعزيز التحالف الدبلوماسي بين الحاكمين. وشملت المرشحات للحريم الملكي الراقصات، وغيرهم من الجميلات اللاتي يلفتن نظر الفرعون ويجوز أن يحسب أبناؤهن ضمن الأسرة الملكية، أو لا بناء على اختيار الفرعون. وكانت الفتيات يتزوجن في سن مبكرة تتراوح بين الثالثة عشر والخامسة عشرة، وغالبًا ما تتزوج بنات الفلاحين في الثانية عشرة، وبوصولهن إلى سن الثلاثين يكن قد أصبحن جدات. وكان المتوقع أن يتخذ الشاب زوجة له بمجرد أن يمتلك السبل المادية لإعالة حياتهما معًا وبناء أسرة.( ) وبينما اعتبر اختيار الشريك اختيارًا حرًا للزوجين عادة، فإن معظم الارتباطات يرتبها زوج المستقبل مع والد العروس الصغيرة، ومع ذلك يتعين موافقة كل من المرأة والرجل على الزواج الذي يتم بموجب عقد يجوز إلغاؤه أو إنهاؤه فيما بعد بالطلاق. وخلال الحقبة المتأخرة أصبحت لعقود الزواج صياغة متعارف عليها. وليس هناك دليل يثبت وجود حفلات للزواج في مصر القديمة. إنما يقام حفل كبير بعد الزفاف يتلقى فيه المتزوجان حديثًا الهدايا ويشاركان مع الأسرة والأصدقاء في الاحتفال بالزواج. وتنتقل العروس إلى بيت الزوج، الذي يضم غالبًا عائلته أيضًا. وتتولى العروس الجديدة دورها باعتبارها (سيدة البيت) أو (بينت بر) ولا يسع المرء سوى أن يتعجب من قاموس الحياة في تلك الأسر الجديدة، حيث ينهي اعتبار الحماة كسيدة لبيتها. - الطلاق: ولم يكن الطلاق شائعًا بين المصريين القدماء، ولكن في حالة حدوثه يحق للزوجة السابقة الاحتفاظ بما كانت تملكه عند زواجها بالإضافة إلى ثلث العقارات والممتلكات المشتركة التي كسبها الزوجان أثناء فترة الزواج. وتؤول حضانة الأبناء للأم (مات). وكان الطلاق في حد ذاته شأنًا بسيطًا وخاصًا، يتمثل في إعلان بإنهاء العقد والارتباط أمام شهود وبمجرد إنهاء هذا الإجراء يصبح كل من الشريكين حرًا في الزواج مرة أخرى. وإذا كانت الزوجة غير مخلصة لا تستحق المساندة، بل إنها غالبًا ما تخضع لعقوبة جدع الأنف المؤلمة والمشوهة. ولأن الخيانة من جانب المرأة من شأنها إثارة شكوك حول أبوة الطفل، فإن النساء تتعرض لعقوبة أشد من عقوبة الرجال بسبب الخيانة. وفي حالة وفاة الزوج، تستحق الزوجة ثلثي أملاكهما المشتركة، ويقسم الثلث الباقي بين الأبناء ويليهم أخوة الزوج. وقبل وفاة الرجل، يجوز له أن يتبنى زوجته كابنة له (سيت) حتى ترث نصيبًا أكبر، وليس فقط كقرينة له، بل كوريثة أيضًا.( ) واعتبر المصريون إنجاب وريث ذكر مهمة رئيسية للزوجة ويشكل الفشل في أدائها سبباً للطلاق. وكان الزوجان يشجعان على الإنجاب بمجرد زواجهما. فالأبناء يعتبرون أعظم النعم، وكانوا يقولون أن الآلهة تبتسم لأجل أولئك الذين يعولون أسراً كبيرة العدد. ويمكن لبعض الأسر أن تفاخر بأن لديها 10 أو 15 طفلاً بينما كانت الآلهة تتجهم في وجه البيت الذي يخلو من أصوات ضحك الأطفال وكان من المفترض أن يلجأ الزوجان العقيمان إلى التبني إذا لزم الأمر لتعويض النقص فأي إعجاب واحترام ناله رمسيس الثاني، وهو الذي يردد أنه كان أبا لمائة ابن على الأقل وخمسين ابنه. وإذا وجد زوجان صعوبة في الإنجاب، فبإمكانهما اللجوء للسحر. وتشمل طقوسه جلوس المرأة الراغبة في الحمل في وضع القرفصاء فوق بخار مزيج من الزيت والبخور فإذا تقيأت من الروائح الناجمة عن هذا الخليط تعتبر قادرة على الحمل، أما إذا لم تتقيأ، فيعتقد أن رائحة المزيج حبست داخل جسد المرأة بما يمنعها من الحمل. ويتضرع الزوجان المحرومان من الإنجاب للإلهات طلباً للعون الإلهي. وتكتب الرسائل وتوضع فوق مقابر الأقارب الراحلين. وإذا فشلت كل هذه السبل، يصبح التبني البديل الأخير. وكان للأبناء أهمية قصوى، فهم يعينون الوالدين عندما يتقدمان في السن. وفي حال عجز الزوجين عن إنجاب ذكر يرعاهما عندما يتقدم بهما العمر، يجوز للزوج بموافقة الزوجة إنجاب ابن من زوجة ثانوية أو ذات منزله أدنى، وربما تكون خادمة أو جارية فإذا جاء الطفل ذكر يتبناه الأب وزوجته العاقر. وإذا لم يكن للفرعون أبناء ذكور تنتقل وراثة العرش إلى الرجل الذي تتزوج منه كبرى بناته، أو إلى ابن ينجبه الفرعون من زوجة ثانوية. - الأطفال هم المستقبل: تعتمد تسمية الطفل على أسماء المعبودات، التي يعتقد أنها تحمى الأطفال الذين يحملون أسماءها، وعلى سبيل المثال ميريت أتون (محبوبة أتون) وسيت آمون (ابنة أمون) ورع حتب (رع راض). وكثيراً ما تختار الأسماء لتضفي على الأبناء صفات معينة يرغب فيها الوالدين، فعلي سبيل المثال. نفرحتب (جميلة وراضية)، وسينب (وافر الصحة). كما شاع إطلاق أسماء تدليل الحيوانات الأليفة على الأبناء مثل (ميوشيرى) (القطيطه الصغيرة). وفي طبقات المجتمع الدنيا تتولي الأم تربية الأطفال، بينما في الطبقات العليا توفر الخادمات الرعاية اليومية للطفل. ويتولي الأبناء مسئولياتهم في الحياة عند سن مبكرة، ويسلك البنين والبنات مسالك مختلفة. فالبنون يتعلمون تجارة أو حرفه من الأب (ات) أو من عضو أخر من أعضاء الأسرة أو من حرفي أو فنان أو نجار أو صانع فخار. ويتوقع من الصبى أن يسير على خطى والده، ويتولي المهمة المقدسة المتمثلة في أن يمنح الحياة لاسم والده بعد انتقال الأب للعالم الآخر. أما الفتيات فيتلقين تدريبهن في البيت، بينما يساعدن في أعمال المنزل وعند الحاجة يسهمن أيضاً في العمل بالحقل. وتتعلم الفتيات من أمهاتهن أعمال البيت من طهى وحياكة ونسيج وتنظيف. كما يتعلمن فنون العلاج والرقص والموسيقى والغناء، فضلاً عن تعلم أساليب التعامل في الحياة والتجميل، وتربية الماشية إلى جانب كيفية أن تصبح الفتاة زوجه وأما مثالية. وعند وفاة الأبوين، يرث الأبن الأرض بينما ترث الابنة المجوهرات والأثاث وأدوات المنزل، وإذا لم يكن هناك أبناء في الأسرة تصبح الابنة مالكة كل شئ ( ). وكانت أسر الطبقة العليا وحدها هي القادرة على إرسال أبنائها للمدرسة. ويتلقى أبناء الفرعون تعليمهم وتدريباتهم في فصول دراسية بالقصر الملكي، أما الأولاد الآخرون من أبناء الطبقة العليا، فلهم من الحظ ما يتيح إرسالهم إلى مدارس المعابد، منذ سن الثامنة تقريباً وكان الصبية، سواء من يتلقون التعليم في القصر أو على أيدي كهنة مدارس المعبد، يتعلمون الفضائل مثل آداب السلوك والأمانة والقراءة والكتابة والحساب والتاريخ والجغرافيا والدين ( ). وكرس بتاح حتب نفسه لتعليم الأطفال لاعتقاده أنه وريث الحكمة على الأرض، وكان يؤمن بأن العقاب البدني يحث على الفضيلة فيجب الالتزام بقانون السماء والأرض الذي يخبرنا أن نتعلم عن طريق التألم والمعاناة يقول (إن كل طفل في بدء تطوره ليس إلا حيواناً تقريباً،والنتيجة المترتبة على ذلك أنه إذا أهملت العصا فسد الطفل، فيجب أن يتعلم الصغير كيف يطيع بالسوط تماماً كالحصان الجموح، لكن بالإضافة إلى العقاب فالطفل في حاجة إلى النصح، فعليه أن يتعلم النظرة الفلسفية إلى الحياة، فالنظرة الفلسفية هي أحسن ميراث أستطيع أن أتركه لابني ( ). - الملكــات: شغلت المرأة في مصر القديمة بصفة عامة مكانة لم تصل إليها المرأة في أى مجتمع معاصر لها وإن اختلفت هذه المكانة من عصر إلى آخر. وقد استخدم المصرى القديم ألقاب مثل (زوجة الملك) (سيدة كل السيدات) (سيدة السيدات) (سيدة زوجات الملك) (الأخت الملكية والزوجة الملكة) (الزوجة الملكية الأولي). وفى عصر العمارنة كان يطلق على الملكة أيضاً (كبيرة حريم الملك) (كبيرة حريم الآلة) وألقاب أخرى في نهاية الدولة الوسطى (الأميرة الوراثية) (عظيمة المديح) (عظيمة الحسن) (أميرة كل النساء) (أميرة البلاد كلها). ( ) حتشبسوت: 1490-1468ق. م.، استطاعت أن تحكم مصر طيلة عشرون عاماً وفقاً للأسطورة، أعلن (آمون – رع) أمام مجمع الآلهة أن مصر يجب أن تحكمها ملكة عظيمة وتقدم (تحوت) وحدد المرأة التي ستنجب هذه الملكة بأنها زوجة (تحتمس الأول) السيدة الجميلة التى تدعى (أحمس) والتي يعنى أسمها (المولودة للقمر) واستدعى (أمون – رع) (خنمو) ليصنع على دولاب فخاره جسد والتي ستولد من الملكة (أحمس) والتي ستصبح ملكة عظيمة على مصر. وفى عام 1504 ق. م.، أصبحت الملكة حتشبسوت في سن الثالثة والثلاثين أول امرأة ترتدى التاج المزدوج أو (بشنت) تاج الأرضيين. ويعنى أسمها (في مقدمه النساء النبيلات). وكثيراً ما صورت حتشبسوت نفسها في هيئة رجل، بل ذهبت أبعد من ذلك إلى حد ارتداء الثوب الفرعونى التقليدى للرجال فضلاً عن اللحية المزيفة( ). وكانت حتشبسوت امرأة قوية الإرادة لم تترك أحداً يتدخل في خططها أو يعوق طموحاتها. وشهدت مصر ازدهاراً تحت قيادتها، ونالت احترام شعبها الشديد وإعجابه، وانتعش الاقتصاد ولم تقع أى حرب خلال عهدها. وأثبتت سيادتها بإعداد وتمويل مشروعات عامة ضخمة لترميم المعابد والآثار التي ضربها أو دمرها الهكسوس ودشنت أيضاً عدة مشروعات للبناء. وفي 1493 ق. م، وخلال العام السادس أو السابع من حكمها، امرت بإعداد أسطول من خمس سفن وشاركت في بعثة تجارية إلى بلادبونت وجلبت البعثة معها شحنات ضخمة من العطور والذهب والابنوس والعاج( ). - نفرتيتى: اسم نفرتيتى يعنى حرفياً الجميلة قادمة، وقد لقبت نفرتيتى بعده ألقاب (الزوجة الملكية العظمى) (سيدة مصر العليا والسفلى) (سيدة الأرضيين) (الأميرة الوراثية). وتعد الملكة نفرتيتى من أهم الشخصيات في عصر العمارنة واقترن اسمها عالياً باسم زوجها اخناتون على النقوش. ومثلت بوجهها معه في أغلب المناظر سواء الأسرية أو الرسمية. وكان لنفرتيتى دورها في الحياة العامة والسياسية وهناك الكثير من الأمثلة التى تدل على ذلك حيث تظهر الملكة تقوم بأعمال كانت مخصصة فيه للملك مثل ضرب الأعداء وقيادة العربة الملكية شأنها شأن الملك وتوزيع الذهب على كبار الموظفين. أحمس – نفرتيرى: الملكة أحمس نفرتيرى ابنه (سقنرع تاو الثانى) والملكة (أحوتب) من الأسرة السابعة عشرة. وعندما مات (سقنزع تاو الثانى) ميتة عنيفة في قتال الهكسوس، نسب إلى (أحوتب) تشجعيها للقوات المصرية على مواصلة القتال. وعاصرت الملكة أحمس نفرتيري الكفاح ضد الهكسوس مثل الملكة (حوتب) وكان لشخصيتها النشطة دور هام في عملية إعادة البناء الكبير في تلك الفترة التى أعقبت النصر على الهكسوس( ). - كليو باترا السابعة الأسرة البطلمية 69-30 ق.م.: كليو باترا السابعة المقدونية، المولودة في الإسكندرية، آخر فراعنة مصر. وكانت كليو باترا السابعة التى يعنى أسمها (مجد والدها) امرأة ذكية، ذات شخصية كارزمية كرست نفسها لمصر، ورثت كليو باترا السابعة الحكم في سن الثامنة عشرة بعد وفاة والدها بطليموس الثانى عشر ولما كانت التقاليد أن تتولى الحكم بمفردها، عين شقيقها بطليموس الثالث عشر ذو الاثنى عشر عاماً شريكاً لها فى الحكم، لكن طموحات كليوباترا السياسية دفعها إلى الإزاحة بشقيقها. وبعد موت قيصر أخذت تباشر حكم البلاد. ونظمت الضرائب واهتمت بالزراعة والرى وقوت جسور القنوات المهملة وحققت قدر من الرخاء والطمائنينة واكتسبت محبة الناس وولائهم لها. وكانت امرأة ممتازة لصفاتها الشخصية وقوه أعمالها. ولم ينجز أحد من الملوك من أسلافها مثل تلك الأعمال العظيمة التى أنجزتها، فقد زادت من تجميل الإسكندرية وشجعت العلماء والمشتغلين بالعلوم الكيميائية والرياضيات والفلاسفة، ورعت فنون التصوير والنسيج، كما شجعت أيضاً الصناعات المحلية( ). - المرأة فى حكم وأمثال الفراعنة: - الزوجة الصالحة هبه من الإله لمن يستحقها. - يا ولدى إذا كنت عاقلاً فأسس لنفسك بيتاً وأحب زوجتك من قلبك، أملأ بطنها واكس ظهرها واشرح صدرها. إياك أن تقسو عليها فإن القسوة خراب للبيت الذى أسسته فهو بيت حياتك. لقد اخترتها أمام الله فأنت مسئول عنها أمام الإله). - إذا أردت رضا الله فأحب شريكه حياتك اعتن بها تعتن ببيتك وترعاه. قربها من قلبك فقد جعلها الإله توأماً لروحك. - إذا أسعدتها أسعدت بيتك وإذا أسعدت بيتك أسعدت نفسك زودها بكسوتها ووسائل زينتها وزهورها المفضلة وعطرها الخاص فكل ذلك سينعكس على بيتك ويعطر حياتك ويضفى عليها الضوء أسعدها مادمت حياً فهي هبه الإله الذي استجاب لدعائك بها عليك فتقديس النعمة إرضاء للألهة. ومنعاً لزوالها. (الحكيم سنب حوتب لابنه). - ولتكن شريكة حياتك التي تختارها امرأة قنوعة ومتواضعة في أحلامها ومطالبها وسعة تفكيرها. كبيرة القلب. امرأة يجعل منكما الرباط المقدس روحاً واحدة وقلباً واحداً وأمالاً واحدة تربطها الثقة المتبادلة. - علموا المرأة يتعلم الرجل.. ويتعلم الشعب (كاجمنى). - إذا أحببت فتاه وبادلتها حب بحب فإياك أن تخونها. إن الحفاظ على الرباط العائلى المقدس حياة للمجتمع. إذا اقترفت هذا الجرم خنت المروءة وأغضبت الإله وجلبت على نفسك العار والضرر والاحتقار. (بتاح حوتب)( ). - يا بنى.. الزواج هو رحلة العمر في بحر الحياة إن تلك الرحلة تحتاج إلى زاد حتى تنتقل بأمان إلى شاطئ نهر الحياة. تحتاج إلى زاد من الثقة والصبر والتسامح تحتاج إلى زاد من قوة السواعد المشتركة التي تمسك المجدافين حتى يضربا صفحة الماء معاً فتحتفظ السفينة بتوازنها وتحنى لها العاصفة رأسها فتشرق الشمس بعدها فيساعد النسيم على أمان سير السفينة وهو يداعب شراعها ليكن ساعدك قوياً فلا تيأ س ولا تترك المجداف حتى لا تسير السفينة على غير هدى إنها رحلة العمر فليباركها الإله يا ولدى. (برديات العمارنة) - الأم هبه الإله. ضاعف لها العطاء فقد أعطتك كل حنانها، ضاعف لها الغذاء فقد غذتك من عصارة جسدها. أحملها فى شيخوختها فقد حملتك في طفولتك أذكرها دائماً فى صلاتك وفى دعائك للإله الأعظم فكلما تذكرتها تذكرتك وبذلك ترضى الإله. فرضاؤه يأتي من رضائها عنك. - الأم هبه الإله للأرض. فقد أودع فيها الإله سر الوجود فوجودها استمرار لوجود البشر. - لا تنس أمك وما عملته من أجلك ضاعف لها غذاءها. أحملها كما حملتك فإذا نسيتها نسيك الإله. لقد حملتك تسعة أشهر وحينما ولدت حملتك ثانية حول رقبتها وأعطتك ثديها سنوات لم تشمئز من قذارتك ولما دخلت المدرسة وتعلمت الكتابة كانت تقف بجوار معلمك ومعها الخبز والحبة جاءت بها من البيت. (بردية الحكيم آني) - إذا مات الأب هتفت الملائكة مات من كان يكرمك الناس من أجله. وإذا ماتت الأم هتفت الملائكة ماتت من كان الآلة يكرمك من أجلها( ). (بردية الحكيم آني) النظام الأخلاقي: إن المطالع لكتاب (أدب الحكمة) عند الفراعنة يعثر على كثير من المفاهيم الأخلاقية المرتبطة بعقيدة البعث أو بيوم الحساب بعد الموت. فالسلوك المستقيم هو إقرار للنظام الأخلاقي الذي وضعته الآلهة (ماعت) Maat في بداية الخلق وهي ربة الحقيقة والعدالة والوفاق. وهناك نصوص تمتدح فضائل كالتواضع وضبط النفس والحكمة والصبر. وقد عرف المصريون الضمير منذ أقدم العصور ووصفوه (إن قلب الإنسان هو إلهه الخاص، وإن قلبي قد رضي عن كل ما عملته وكل من رضي قلبه عما عمله التحق بمرتبة الآلهة). ويلاحظ أن معرفة المصريين ما للقلب أو الضمير من دور بارز وحاكم في عملية تبرئة الميت أمام الإله الأكبر أو عدم تبرئته كان له شأن عظيم في إذاعة الاعتقاد بالمسئولية الخلقية وأوجدت شيوعاً عاماً عن القيمة البالغة للفضائل الخلقية التي تتمثل في الاستقامة والحق والعدل والتي بفضلها يصبح الفرد مقرباً لدى الإله أوزيريس أو رع. وكان المصريون القدماء يرون أن القتل والسرقة وأكل مال القاصر واليتيم والكذب والخداع والزنا وهتك العرض وشهادة الزور وانتهاك حرمات الموتى ونبش القبور من كبائر الإثم. وتمثلت الأخلاق المصرية في البداية بالمحافظة على العادات والأواصر الأسرية والبر بالوالدين واحترامهما. وكان البر بالوالدين من أهم الفضائل الخلقية التي يحرص عليها المصري القديم، لذا فإن مواعظ (آني) لابنه خنس حوتب تركز على الرابطة الأسرية وتكريم الأب والأم وتذكر بفضل الأم عليه. ومن تعاليم المفكر آني إلى ابنه خنس حوتب يوصيه بمساعدة المسنين والفقراء والمحتاجين لأن النعمة لا تدوم ولأن الموت هو نهاية المطاف، وصاحب القلب القاسي لن ينال عطف الإله في الآخرة( ). وكان بتاح يحث على تعلم وتعليم الفضيلة (فضيلة ضبط النفس)، ويقول: إذا كنت ذا سلطان فاسع لأن تنال الشرف عن طريق العلم ورقة الطباع، احذر أن تقاطع الناس وأن تجيب على الأقوال بحرارة، ابعد ذلك عنك وسيطر على نفسك). ويقول أيضاً: (ولتكن أعمالك في مناسباتها وكلماتك في موضوعها، اكبح جماح نفسك والجم لسانك). وهناك مختارات من الأدب الفرعوني القديم عن فكرة الحساب في الآخرة (عقيدة الثواب والعقاب كما جاء في كتاب الموتى في دخول قاعة الصدق (الحق) ودفاع عن النفس يوم الحساب. - إني لم أرتكب ضد الناس أي خطيئة - إني لم أسرق. - إني لم أرتكب القتل - إني لم أسبب تعساً لأي إنسان. - إني لم أرتكب الزنا - إني لم أترك أحداً يتضور جوعاً. - إني لم أفعل ما يمقته الإله - لم أغتصب طعاماً - إني لم أنطق كذباً - إني لم أنقص مكيال الحبوب. - لم أكن طماعاً - إني لم أسب - لم يكن صوتي عالياً فوق ما يجب - لم أكن متكبراً. - فمي لم يثرثر - لم أعب في الذات الملكية ( ). النظام الديني: لقد كان أثر المفكرين القدامى من الكهنة المصريين في مجال النظم الدينية والأدبية كبيراً ففي مجال علم الاجتماع الديني يظهر إسهام الحضارة والفكر الاجتماعي المصري، حيث ترجع فكرة وحدة الله، فالثورة التي قام بها إخناتون الكاهن المصري، الذي أصبح فيما بعد امنحتب الرابع كانت تستهدف إحلال فكرة الوحدانية، مكان فكرة الآلهة المتعددة. وأصبح الآن معظم المشتغلين بالدراسات المصرية القديمة يذهبون إلى أن الديانة الموسوية إذ نادت بالوحدة، إنما كانت متأثرة في ذلك بهذه الثورة ومما كان سائداً في مصر منذ القرن الخامس عشر قبل الميلاد من حركة تدعو إلى تمجيد إله أعظم يعتبر إله الآلهة ورب الأرباب ومعظمهم لا يتردد في القول بأن موسى عندما خرج من مصر إنما كان حاملاً معه هذا التراث المقدس وما نادت به الثورة الدينية المقدسة من وحدة الله التي حدثت قبل ظهوره بقليل، والتي كان العقل المصري مشبعاً بها وبمقدساتها في ذلك الوقت، حتى إن هؤلاء المؤلفين ليعقدوا موازنات بين بعض الأناشيد الدينية المصرية وبعض الأناشيد والفصول التي أتت في العهد القديم ومزامير داود وهي موازنات تبين أن ثمة نصوصاً بأكملها من الكتب السماوية اليهودية تكاد تكون قد نقلت في معناها وفي مبناها من الأناشيد والأفكار المصرية ( ). ومن هذه الأناشيد مثلاً التي قيلت في مدح الإله – الشمس أو آمون رع، ثم أنشودة اخناتون في مدح الإله – الشمس والأنشودة ترجع إلى القرن الخامس عشر قبل الميلاد ولا زالت موجودة للآن على ورق البردي في متحف القاهرة، ففي أنشودة رع نجد أن المصريين يخاطبونه بأنه (أعظم شخص في السموات وأقدم شخص على الأرض وسيد كل المخلوقات) وأنه (وحيد بين الآلهة) وهو أيضاً (سيد الحقيقة) (ووالد الأرباب وهو الذي شكل الآدميين وخلق الحيوانات) وهو إلى جانب ذلك خالق كل شيء (قاهر السموات) (فاضل). وهذه النصوص وغيرها قد عرفت عند الإسرائيليين منذ زمن طويل قبل ظهور المزامير نجد أن نفس الأوصاف التي يطلقها المصريون على الإله آمون رع هي نفسها التي أطلقها الإسرائيليون على الإله يا هوه أو الرب: من في السموات يمكن أن يقارن بالرب؟ من ذا الذي يشبه الرب بين أبناء الآلهة؟ (المزمار 99-6) ولا شبيه لك بين الآلهة أيها السيد (86-8) وفي المزمار (31-5) قيل: (أيها الرب أنت إله الحقيقة). ولعل الفكر الديني المصري يمثل التطور المعروف في الاجتماع الديني من الاتجاه عن عبادة الماديات إلى عبادة الروحانيات ثم من التعدد للوحدة، فالمصريون القدامى قد بدأوا بعبادة مظاهر الطبيعة المادية لذاتها مثل النيل والشمس وبعض الحيوانات ثم انتقلوا من ذلك إلى تقديس هذه الآلهة بوصفها رمزاً لآلهة روحية وأخيراً أحلوا الوحدة محل التعدد على أثر ثورة إخناتون وما سبقها من مقدمات( ). وكان اختراع الكتابة جزءاً هاماً من التقدم الذي تم مع بداية العصر التاريخي (3000 ق.م) وتمثل ألواح (مينا أو نارمر) مرحلة أولية في الكتابة الهيروغليفية. فقد نظر المصريون إلى الإله تحوت Thoth كاتب الآلهة على أنه مخترع الكتابة، لكنهم ربطوا بين وظيفته ووظيفة زميلته الإله سيشات Seshat الكاتبة وسيده دور الكتب أي المكتبات، وكان يعهد إليها بأرشيف الحوليات الملكية. ولاشك أن الكتابة كانت دائماً هامة في الطقوس الدينية. والكهنة كانوا يقرأوا التعاويذ من نصوص مكتوبة على أوراق البردي، كما احتفظت النقوش المنحوتة على الحجر بأسماء الأشخاص الذين دفنوا في المقبرة ثم أضيفت بعض التعاويذ التي تضمن استمرار تقديم القرابين، مثلما تضمن الهناء أو السعادة الأبدية للمتوفى. كما كانت تكتب هذه النصوص والمتون على مجموعة من أوراق البردي ثم تودع القبر مع المتوفى، وقد أطلق عليها (متون التوابيت). أساطير الخلق: إن الصدارة في أي مجمع للآلهة تكون هي المسئولة عن الخلق، وكانت أسطورة (هليوبوليس) أوسعها انتشاراً، وتقول هذه الأسطورة إن الإله الخالق هو أتوم Atum الذي اتحد في هوية واحدة مع إله الشمس رع. وتقول الأسطورة أن (أتوم) خرج من عماء المياه الذي يسمى Nun ثم ظهر فوق تل وأنجب بغير زواج الإله شو Shu الهواء. والإله (تف نون) أو تفنت Tefenet (الرطوبة) وكان إله الهواء (شو) هو الذي زج بنفسه بين آلهة السماء نوت Nut وزوجها إله الأرض جب Geb، وبذلك فصل السماء عن الأرض وهكذا كانت بداية خلق الكون من انبثاق الأرض من الماء عظة لأن المصريين كانوا يستهلون أفكارهم من جزر الطين التي تظهر في النيل. وعندما تأمل المصريون خصوبة أرضهم أدركوا أن النيل والشمس مسئولان عن هذه الخصوبة، وارتبط فيضان النيل باسم الإله (حابي) ( ). أما بالنسبة للشمس، فالإله (رع) إله هليوبوليس هو الذي يمثل أساساً قوتها في مجمع الآلهة. وقد استخدم المصريون لفظ (رع) كاسم عام يعني (الشمس) ثم توحد (رع) مع آتون في صيغة واحدة هي (رع – آتون) وقد أصبح فرعون يسمى (ابن الإله رع)، كما ارتبطت فكرة العدالة ونظام العالم باسم (رع) ونظر المصريون إلى الآلهة ماعت Maat ربة العدالة والحقيقة على أنها ابنته( ). الطقوس الجنائزية: دأب المصريون على الاهتمام الشديد بالاحتفال بدفن الموتى، إذ اعتقدوا أن سعادة الشخص الميت في المستقبل تتوقف على هذا الاحتفال، وعلى المعتقدات المرتبطة بالطقوس، كان الميت يدفن دائماً ولا تحرق جثته. وتشمل هذه الطقوس على ممارسات التطهر والقربان. واعتقد المصريون أن من المهم الاحتفاظ بالجسد نفسه وقد ساعدهم على ذلك جفاف التربة في الأماكن الصحراوية لدفن الموتى، وقد كان الأسلوب المتقن في عملية التحنيط يستلزم إزالة المخ والأمعاء، كما يستلزم أحياناً في حالة الذكور إزالة الأعضاء الجنسية ثم يوضع على الجسم من الخارج النطرون (أو الصو |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 9 | |||
|
![]() وكان ابنه مردوخ Marduk هو الذي عهد إليه برئاسة مجمع الآلهة كله عندما كانت مدينة بابل هي مركز الدولة القوية التي سيطرت على معظم بلاد ما بين النهرين، وفي ذلك الوقت كان الإله نابوا Nabu ابن مردوخ هو راعي العالم لاسيما الفلك، وفنون الكتابة وقد استولت الآلهة العظيمة عشتار بالتدريج على وظائف كثيرة من الآلهات الإناث السابقات وأصبح اسمها مرادفاً للفظ (الالهة) في حين أنها كانت هي نفسها راعية الحرب والحب في آن معاً.
أما آشور فقد كانت آلهة أخرى موضع تقدير وتبجيل عندها فإله الجو (حدد) يركب العاصفة وهو يرعد كالثور، ممسكاً في يده بشوكة البرق، وعلى الرغم من أنه يجلب الخراب والدمار عن طريق ما يسوقه من فيضانات فإنه كان أيضاً شخصية محبوبة تجلب الرخاء عن طريق المطر. ولقد احتاجت آشور باستمرار لتأكيد وضعها السياسي والاقتصادي أن تقوم بحملات عسكرية مستمرة، ولهذا نرى آلهتها تتسم بسمات عسكرية مثل نينورتا Ninurta إله الحرب والصيد وربما هو نفسه نمرود Nimrod الذي يذكره الكتاب المقدس ( ). وظهرت أساطير حول أصل العالم وكيفية خلق السموات والأرض، فالبطل (مردوخ) حارب تعامة أوتيمات Tiamat ((تنين البحر) ومعناها الحرفي أليم أفعى الظلام، وقتلها ثم شقها إلى نصفين، فانفتحت كالصدفة فصنع السماء من نصفها الأول والأرض من نصفها الثاني. وتصور ملحمتا أتراجيس وجلجاميش الطوفان على أنه عقاب أنزلته الآلهة بالجنس البشري. ولقد ظفر البطل في كل ملحمة منهما بالخلود وبقى بفضل ما قدمه له الإله إنكي من تحذيرات (أو الإله أيا Ea) وكذلك عن طريق بناء سفينة تهرب عليها عائلات البشر والحيوانات. الملك مثل الآلهة على الأرض أو أنه ينوب عنها، فقد منحته الآلهة السلطة لكي يتصرف نيابة عنها، وهي تتوقع منه أن يعامل الناس بالعدل وبلا محاباة، بحيث يدافع عن الضعيف أمام القوي، وأن يكون نصيراً لليتامى والأرامل، وقد كان يوجه الاعتبارات الأخلاقية لما تجلبه من رضا الآلهة وبركاتها وما يمنع لعناتها، وقد كانوا يعتقدون أن سلامة الملك تقوم عليها سلامة الجماعة، ولهذا فإنها تتخذ إجراءات عامة لضمان ذلك. وما يقوم به الملك طوال حيواته من أعمال يحكمه طقوس دينية واحتفالات تضمن طهارته وتحرس شخصه والملك يعهد إلى كهنة مختصين ببعض الواجبات الخاصة وتقديم القرابين والمسح بالزيت وتلاوة التعاويذ والرقى عن طريق الغناء والإنشاد الديني( ). الخطيئة والعذاب: هناك أخطاء تستوجب القصاص الإلهي في صورة المرض أو الاضطراب، بل وحتى الموت. أما نتائج الأفعال الحسنة فكانت تسجل أيضاً. وهنا نصوص من التعاويذ تصف الإثم بأنه ذلك الذي يأكل ما حرمه على آلهة أو يحتقر آلهته أو يسخر منها، أو ينطق بالباطل ولا يحكم بالحق، وهو الذي يظلم الضعيف ويباعد بين الابن وأبيه وبين الصديق وصديقه ولا يعتق الأسير، ويمكن أن تغفر هذه الخطايا بتلاوة تراتيل التوبة والصلاة أو النواح، كذلك يمكن التحرر فيها بتقديم قربان التكفير( ). الطاعة جوهر الحياة الفاضلة عند العراقي القديم: آمن إنسان وادي الرافدين بأن كل ما في الكون يسير حسب (خطط) إلهية تستند على قواعد ونواميس مقررة وما على الإنسان إلا ينقاد لها طائعاً مختاراً لأن الآلهة استهدفت من ورائها خير الإنسان وعدالته، كما استهدفت تسيير الكون دونما اضطراب أو خلل فوضعت له نظاماً دقيقاً عادلاً من أجل الحفاظ على التوازن والانسجام الكلي فيه، ما على الفاضل إلا طاعته. واحتلت فضيلة (الطاعة) الواعية موقعاً مهماً في الأخلاق الرافدية تعضدها مفاهيم خلقية ظهرت في مجرى التطور اللاحق لمدارك ووعي الإنسان الرافدي، أهمها (فضيلة الانسجام والتوافق) والحياة الفاضلة هي الحياة "المطيعة" والعصر الذهبي هو عصر الطاعة حيث تندرج فيه هذه الفضيلة من دائرة الأسرة، فالمجتمع، فالدولة والنظام وفق سلطة موجهة، إذ يستحيل في عرف العراقيين القدماء وجود عالم منظم دون سلطة تكون دائماً على (حق) لأنها تطبق (القانون العام) و(النظام الإلهي)، وعلامة التنظيم في حياة الفرد هي الطاعة والتخطيط للمستقبل من أجل حياة أفضل، ومركب الطاعة والتخطيط هو الصحة والعمر الطويل والمركز المرموق والأبناء الكثر، والمال. وهنا نشيد يصف عصر الطاعة: يوم يحج المرء عن السفاهة إزاء غيره، ويكرم الابن أباه يوم تبين الاحترام جليا في البلاد، يتحمل صغيراً لقدر الكبير يوم يحترم الأخ الصغير... أخاه الكبير ويرشد الولد الأكبر الولد الأصغر، ويتمسك الأخير بقراراته ويوصي العراقي القديم دائماً بأن (اسمع كلام أمك كما تسمع كلمة إلهك)، (واحترم أخاك الأكبر)، (واسمع كلمة أخيك الأكبر كما تسمع كلمة أبيك)، (ولا تغضب قلب أختك الكبرى). وما طاعة المرء للإفراد الذين يكبرونه سنا في العائلة إلا البداية، فوراء العائلة دوائر أخرى الدولة والمجتمع والملك( ). والعراقي القديم ينظر إلى الجمهور الذي لا قائد له نظرة الاستياء والشفقة، ونظرة الخوف أيضاً. والجنود بلا ملك غنم بغير راعيها. ولذا يستحيل وجود عالم منظم إذا لم تفرض عليه سلطة عليا إرادتها والفرد هنا يشعر بأن السلطة دائماً على حق (أوامر القصر) كأوامر الإله لا تتبدل، كلمة الملك حق، ونطقه كنطق الإله لا يغيره شيء( ). الفكر الفارسي : الزراد شتيه الزرادشتيه من أقدم الديانات الفارسية، ومؤسسها زراد شت أو زور استر Zoroaster وهو الاسم الذي ذاع استخدامه عند اليونان. وعاش زرادشت في منتصف القرن السابع قبل الميلاد، وتوفي عام 583 ق. م، وكان يقيم بازريمان وقد انتشر الدين الذي بشر به من بلخ إلى فارس وذلك على أثر إيمان الملك الفارسي به. وظهر زرادشت بين أسلافه الميديين والفرس وجد بني وطنه يعبدون الحيوانات كما يعبد أسلافهم، ويعبدون الأرض (أنا هيتا) آلهة الخصب والأرض ويعبدون (ميثرا) إله الشمس و(هوما) الثور المقدس، ولقد ضاق زرادشت ذرعاً بتلك الآلهة البدائية وراح يثور على الكهنة ويعلن أنه ليس في العالم إلا إله واحد هو (أهورمزدا) إله النور والسماء وأن ما عداه ليست إلا مظاهر له وصفات من صفاته. وقد جمع أصحاب زرادشت أقواله وأفعاله وأدعيته في الكتاب المقدس المسمى (زندافستا) Zend Avesta أو (الابستاق). والفكرة السائدة في الكتاب المقدس هي ثنائية العالم الذي يقوم على مسرحه صراع بين الإله أهورامزدا والشيطان أهريمان، وأن أفضل الفضائل هما الطهر والأمانة ويؤديان إلى الحياة الخالدة. وأهورمزدا إله الكون كله الذي ليس له شريك وله خصم هو دون في الرفعة وهو أهريمان إله الشر الذي سينهزم على مر الزمان، وأهورامزدا هو دائرة السموات كلها نفسها، يكتسي بقية السموات الصلبة يتخذها لباساً له، وجسمه هو الضوء والمجد الأعلى، وعيناه هما الشمس والقمر ولقد جعل زرادشت من النار الصادرة من الإله أهورامزدا عنصراً مشتركاً بين جميع الموجودات كل شيء يخرج منها، وكل شيء يعود إليها، فهي جوهر وماهية هذا الشيء، إذ أن أهورامزدا قد احتوى على الوجود كله. إنه يعيش في وحدته المترفعة محتوياً على أفكار الخلق الروحي والمادي في عقله، فعقل أهورامزدا بمثابة العالم المعقول الذي يحتوي على أصل الأشياء والأفكار، وأنه عندما تفيض من نوره الأشكال المتعددة تكون بمثابة مرآه لذاته. إن إله زرادشت يسمو على كل شيء وقد عبر عن هذه الفكرة بعبارات لا تقل جلالاً عما جاد في سفر أيوب يقول: (هذا ما أسألك عنه فاصدقني الخير يا أهورمزدا منذ الذي رسم مسار الشموس والنجوم، منذ الذي يجعل القمر يتزايد ويتضاءل؟ ومنذ الذي رفع الأرض والسماء تحتها وأمسك السماء وارتفع؟ منذ الذي حفظ المياه والنباتات؟ ومنذ الذي سخر الرياح والسحب سرعتها؟ ومنذ الذي أخرج العقل الخير يا أهورامزدا( ). إن الأساس الذي قامت عليه الزرادشتيه هو مبدأ تعميم الخير وإبادة الشر، وأنه من الوسائل الضرورية لتحقيق هذه الغاية هو تقوية النوع الإنساني ونشر الخصوبة والعمران على الأرض وكذلك وحد زرادشت بين الإله (مازدا) وبين (الخير) وجعلهما اسمين لمسمى واحد، ونتيجة لذلك أصبح الخير قلب الديانة الزرادشتيه وسيعم الكون كله عندما تسود الفضيلة وينهزم (أهريمان) إله الشر). ويعلى زرادشت من شأن إله الخير على إله الشر من ناحية الأخلاق والأبدية، بيد أن هذا الإله مع علوه وسموه وجلاله لم يسلب القوة والإرادة من البشر حتى الأشرار منهم، بل ترك لهم قدراً من الإرادة يكاد يساوي إرادته حتى يكونوا كاملي الحرية في الاختيار. ورأى زرادشت أنه لكي نفهم الله ونعرفه حق المعرفة يجب أن نتعلم كيف نفهم إخواننا في الإنسانية وفي طريقنا إلى هذا الفهم لابد أن نمر بعدد من علامات الطريق (العدالة – التعاون – الإيمان – السعي وراء الكمال). وعن المصير الأخروي للروح فنجد صورة للثواب والعقاب، فيذكر زرادشت أنه عندما تنتهي مهمتنا في الحياة فيستدعي كل إنسان ليقدم حسابه عن عمله، وكان لابد لأرواح الموتى بأجمعها أن يجتاز قنطرة ممتدة فوق الجحيم، تجتازها الأرواح الخيرة الطيبة حيث يستقبلهم (أهورامزدا) إله النور وهناك يعيشون حياة كلها سعادة وغبطة في كنف الإله مازدا إلى أبد الدهر. أي أن الروح الطيبة تلقاها وترحب بها فتاة عذراء ذات قوة وبهاء وهناك تعيش مع أهورامزدا سعيدة منعمة إلى أبد الدهر. أما الأشرار فإنهم يسقطون في هوة من الظلمة في خارجها يطمعون سماً زعافاً، أما من استوت حسناتهم وسيئاتهم فإنهم يضعون في مكان فسيح بين السماء والأرض يقاسون فيه ألم الحر والبرد ويحسون بجميع التغيرات الجوية ويظلون ينظرون في أمل ورهبة الحكم الأخير على مصيرهم وكان من الطقوس والممارسات الشعائر المتعلقة بالزرادشتيه أنهم كانوا يتخذون النار إلهاً يعبدونه ويسمونه (أنار) وينشئون المذابح المقدسة ويوقدون فيها النيران تكريماً (لأهورامزدا) فضلاً عن أن كل أسرة كانت تجتمع حول موقدها في سبيل أن تظل نار بيتها موقدة لا تنطفئ أبداً( ). ومن أهم التعاليم الأخلاقية الزرادشتيه ما يلي: - الحفاظ على ما يسمى بحسن السمعة حتى يمكن أن تفوز بالاحترام. - أن تتجنب كل الظروف التي تجعلك تتردى في الخطايا. - أن تعترف علانية بالخطايا التي ارتكبتها، إذ بتخلصك مما هو شر يبقى على عقلك صافياً. - يجب على الفرد أن يكون ورعاً تقياً مطيعاً لكل من معلمه وكاهنه وأن يكون قدوة للجميع. - واجب الإنسان عندهم أن يفعل الفضيلة ويقول الصدق والحق. - عدم الخروج على القوانين التي وضعها إله الخير (أهورامزدا) ليجنب نفسه ومجتمعه سخط إله الشر ومن ثم فهو يعمل على انتصار الخير على الشر. - إن على الإنسان واجبات ثلاث أن يجعل العدو صديقاً وأن يجعل الخبيث طيباً وأن يجعل الجاهل عالماً. - الالتزام بالفضائل ولذلك فإن واجب الإنسان أن يتجه إلى عبادة الله بالطهر والتضحية والصلاة ( ). وقد مارس زرداشت أو زوراستر Zoroaster نشاطه في شمال شرق إيران، ووصلتنا تعاليم زاردشت في سبع عشرة ترنيمة من ترانيم المسماة جاثا Gathas وعلى الرغم من أنه يصعب ترجمتها فإن حماسه وحبه لله وحكمته كانت أموراً مذهلة. إن الله عند زاردشت هو السيد المهين الحكيم، أهورمزدا، خالق السموات والأرض، وهو الأول و الآخر، ومع ذلك فهو أيضاً الصديق الذي دعاه من البداية، ولا يمكن أن تكون لله علاقة بالشر، فروحه المقدسة هي التي تقيم الحياة وتخلق الرجال والنساء. وتعارضه الروح الشريرة أو القوة المدمرة التي تتسم بالنوايا الشريرة، والتكبر والكذب، وعلى البشر أن يختاروا بين هاتين القوتين المتعارضتين أو بين التوأم من الآلهة، فإن سلكوا طريق الشر فسوف تمتلئ حياتهم بالأفكار الشريرة والكلمات الشريرة والأعمال الشريرة وإن سلكوا طريق الحق فسوف يشاركون في العقل الخير، ويبلغون الكمال والخلود والورع. والله هو الموجود الأعظم والأفضل والأسمى من حيث الفضيلة والاستقامة والخير، والله لا يمكن أن يكون مسئولاً عن الشر، لأن الشر جوهر مثله مثل الخير، وكل منهما يرجع في النهاية إلى سبب أول هو الله، والشيطان أهرمان Ahriman الموجود بصفة مستمرة والمسئول عن كل شرور العالم، وعن الأمراض والموت والغضب. وبما أنهما جوهران متعارضان تعارضاً أساسياً فهما لا محالة يشتبكان في صراع. وهناك صراع بين الله والشيطان، وسوف ينهزم الشيطان في النهاية. وزاردشت لم يقابل بين الروح والجسد كما فعل القديس بولس، لأن النفس والبدن وحدة واحدة، وإذا ما انسحب المرء من العالم كما يفعل الناسك، فإنه بذلك ينبذ عالم الله. ومن هنا كان الزهد خطيئة كبرى مثله مثل الانغماس في الشهوات( ). وعلى الرجال واجب ديني يفرض عليهم أن تكون لهم زوجة وأطفال وبذلك يزيدون من أتباع ديانة الخير ومن المؤمنين بالأفعال المقدسة. كذلك حرث الأرض وفلاحها ورعي الماشية، ولما كانت الصحة هبة من الله، فإن على جميع البشر أن يسعوا إليها لكي تصح أجسامهم (فالعقل السليم في الجسم السليم، وهذا بدوره يمكن الإنسان من القيام بالأعمال الصالحة). وللزرادشتيه أخلاق اجتماعية قوية، وفي مقابل الهندوسية، نجد أخلاقياتها في أساسها إيجابية فعالة، فالعمل هو ملح الحياة. لكن خلق الشخصية لا يعبر عنه فقط فيما يفعل المرء ويقوله، بل بأفكارهما. ولابد للناس أن يقهروا بعقولهم الشكوك والرغبات السيئة، وأن يقهروا الجشع بالرضا، والغضب بالصفاء والسكينة، والحسد بالإحسان والصدقات، والحاجة باليقظة، والنزاع بالسلام والكذب بالصدق( ). الفكر العبري إن تاريخ الإسرائيليين القديم يستحيل إثباته من أي مصدر غير (العهد القديم) ومحال علينا أن نعلم عند أي نقطة يبدأ ذلك التاريخ في ألا يكون مجرد أساطير من نسج الخيال، فربما جاز لنا أن نقبل (داود) و(سليمان) على أنهما ملكان لهما وجود فعلي، لكن أول مرحلة نصل إليها بحيث نجد أنفسنا إزاء شيء لا شك في حقيقته التاريخية، نرى عندها أن ثمة مملكتين قد قامتا بالفعل، وهما مملكة إسرائيل، ومملكة يهوذا، فأول شخص مذكور في العهد القديم ممن تؤيد وجودهم وثائق غير العهد القديم نفسه هو أهاب Ahab ملك إسرائيل الذي ذكر في خطاب أشوري عام 853 ق. م فقد انتهى الأمر بالآشوريين إلى غزو المملكة (الشمالية) سنة 722 ق. م، وبعدئذ أصبحت مملكة يهوذا وحدها هي التي تصون الديانة والتقاليد الإسرائيليتين، ذلك أن مملكة يهوذا قد أفلتت من اعتداء الآشوريين بعد أن كادت تقع في نطاقهم، إذ بلغ سلطان الآشوريين ختامه باستيلاء البابليين والميديين على نينوي سنة 606 ق. م. غير أن (بنوخذ نصر) قد استولى سنة 586 ق. م على أورشليم، ودمر المعبد وأبعد جانباً كبيراً من سكانها إلى بابل، ثم سقطت مملكة بابل سنة 538 ق.م حين اغتصب كورش ملك الميديين والفرس بمدينة بابل، وأصدر كورش سنة 537 ق. م مرسوماً يبيح لليهود العودة إلى فلسطين، فعاد الكثيرون منهم تحت قيادة (نخمتا) و(عزرا) وأيد بناء (المعبد) وأخذت العقيدة اليهودية الأصلية تتبلور في نصوص محدودة. ولقد طرأ على الديانة اليهودية تطور غاية في الأهمية، إبان فترة الأسر، وقبلها إلى حين وبعدها إلى حين فمن الوجهة الدينية، يظهر أنه لم يكن أول الأمر اختلاف كبير بين الإسرائيليين وبين القبائل المحيطة بهم فلم يكن (يهوا) بادئ ذي بدء سوى إله قبلي يقرب إليه أبناء إسرائيل، لكن أحداً لم ينكر أن قد كان ثمة آلهة أخرى، وأن عبادة الناس لهذه الآلهة كانت قائمة، فإذا ما جاءت (الوصية) الأولى تقول (لا ينبغي لك أن تعبد آلهة من دوني) فإنما كانت بذلك تعبر عن حقيقة جديدة بالنسبة للعصر الذي سبق الأسر مباشرة، فإنك لتجد في أقوال الأنبياء السابقين نصوصاً كثيرة تؤيد هذه الحقيقة، فالأنبياء في هذا العصر هم أول من راح يعلم الناس بأن عبادة الآلهة الوثنية خطيئة وأذاعوا في الناس بأن النصر في حروب ذلك الزمان التي لم تنقطع، مرهون برضا (يهوا) ولا يتردد (يهوا) في منح رضاه عن الناس إذا هم كرموا آلهة أخرى سواه، والظاهر أن (إرميا) و(حزقيال) هما اللذان ابتكرا الفكرة القائلة بأن كل العقائد الدينية باطلة إلا واحدة وأن (الله) يعاقب على الوثنية( ). تروي الأسفار السبعة الأولى في العهد القديم أن العبرانيين انحدروا من إبراهيم زعيم آرامي من عشيرة كان موطنها الأول في أقصى الجنوب من أرض الجزيرة بإقليم (أور). وينسب العبرانيون إلى تاريخ أبي إبراهيم زعامة القبيلة أثناء هجرتها نحو الشمال وبعد وفاة تارح قاد ابنه إبراهيم جزءاً من هذه القبيلة متنقلاً به في صحراء الشام بين الجنوب والغرب ملتمساً مواطن الكلأ لماشيته حتى وصلوا تخوم مصر، وسمح لهم المصريون بالإقامة، فأقاموا زهاء سنة ثم تابعوا تجوالهم، كعادةالرعاة، فأخذوا يزرعون صحراء الأردن شرقاً وغرباً، وكانت هذه المنطقة تموج بعديد من القبائل السامية مثل الآمونيين والعموريين والأدوميين والخبيرو والأرامين والمؤابين والعماليق، وكانت هذه القبائل في صراع دائم، وقد لجأت قبائل يوسف العبرية إلى مصر وسكنت شرق الدلتا. وكان يسكن المنطقة الداخلية من فلسطين القبائل الكنعانية، وكانت فلسطين نفسها تسمى (أرض كنعان) أما الساحل فكانت تسكنه قبائل الفلسطين الكريتية التي هاجرت من الجزر الايجية وخاصة كريت نتيجة غزو موجات من الآرين الذين زحفوا جنوباً على هذه الجزر ونهبوا كنوس عاصمة كريت 1400 ق. م ودفعوا أهلها إلى الهجرة بأعداد وفيرة إلى سواحل البحر المتوسط الشرقية والجنوبية حيث فلسطين ومصر وأسسوا مدن غزة وجات وأسدود وعسقلان وعترون. وتحالفت القبائل العبرية التي كان يقودها إبراهيم مع قبائل الحابيرو الذين استعانوا بالخيانة والغدر لاحتلال فلسطين التي كانت تابعة لمصر في القرن الرابع عشر قبل الميلاد. وتزعم موسى ثورة من قبائل يوسف في مصر في عهد مرنبتاح بن رمسيس الثاني هرباً مما لاقوه من انتقام رمسيس الثاني نتيجة غدرهم بالمصريين. وكان موسى قبل ذلك قد وثق صلاته بقبائل البدو بزواجه من ابنة زعيم قبيلة مدين واستطاع بعد هروبة من مصر أن يجمع بعض القبائل البدوية في شعب واحد بعد تجوال طويل في شبه جزيرة سيناء واتخذوا لهذا الشعب إلهاً خاصاً هو (يهوه) استعاره من قبيلة كانت تسكن حول جبل في سيناء. إذ رأى موسى تشابهاً بين معتقداتها والمعتقدات السامية الشائعة، ونشأت اليهودية من الجمع بين اعتبار (يهوه) إلهاً واحداً وبين طقوس العبادة في المعابد التي اقترحها حزقيال ( ). وقاد موسىجموع شعبه إلى واحة قادش وعبرت قبائل يوسف نهر الأردن بزعامة يشوع، ولكنها لم تصادف نجاحاً تاماً. فاضطرت إلى الدخول في معارك ضارية مع القبائل الأخرى. واتخذت بعض القبائل الكنعانية (يهوه) إلهاً لها وتولى قادتها (القضاة) شئون الحكم فيها، وانضمت إلى القبائل العبرية في حروبها. وطال الصراع بين العبرانيين وحلفائهم الكنعانيين والفلسطينيين وأدى هذا الصراع إلى أن تستقر بعض القبائل في الشمال مكونة دولة يهوذا، وأن تستقر بعض القبائل في الجنوب مكونة دولة إسرائيل، وتفصل بين المجموعتين قبائل كنعان المستقلة في الداخل والقبائل الفلسطينية على الساحل. آخر تعديل عزة النفس 2010-10-23 في 16:52.
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 10 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 11 | |||
|
![]() قوة الدفع وحركة الحياة، وهذه الواحدية التي يسمونها تاو Tao.
وكانت أفكار هؤلاء التاويين هي التي أوحت في النهاية بالديانة التاوية وذلك جانب من الحياة الدينية الصينية يمكن أن نقول عنه إنه جانب صوفي. لقد الهمت الكونفوشوسية ديانة الأخلاق والسلوك الاجتماعي، وكانت لها جذور في ديانة القدماء الأرستقراطية. أما التاوية فقد ألهمت ديانة التصوف، وأصولها أقرب إلى الديانة الشعبية عند القدماء ( ). فقد دعا (لاوتسو) الذي ولد في أواخر القرن السادس قبل الميلاد، إلى حياة بسيطة ومتناسقة حينما يتم التخلي فيها عن دافع الربح، وتنحية الحذق جانباً، والتخلص من الأنانية، وتقليل الرغبات. وقد ذهب يانج تشو Yang Chua حوالي 440 – 366 ق. م إلى القول بأنه لا يعطي شعرة واحدة لقاء أرباح العالم بأسره، وقد ذهب إلى أنه مادام الطمع وحب اكتساب المال يشكلان دوافع الأفعال الإنسانية، فليس هناك أمل في تحقيق السلام والرضا، وبناء على هذا فقد دعا إلى المبدأ القائل بأنه لا ينبغي القيام إلا بتلك الأفعال التي تتسق مع الطبيعة ( ). وتنشد التاوية خلافاً للكونفوشوسية، مبادئها وقواعدها الخاصة بالحياة الإنسانية في الطبيعة لا في الإنسان، ومن هنا فإن هذه الفلسفة تؤكد على الأسس الميتافيزيقية للطبيعة بدلاً من التشديد على المجتمع الإنساني. وبينما شددت الكونفوشسية على خير البشر الأخلاقي باعتباره مفتاحاً للسعادة، أكد التاويون على تناسق الطبيعة وكمالها. وقوام الموقف التاوي هو أن حيل البشر وأفاعليهم تفضي إلى الشر والتعاسة. ويرى لاوتسو Lao Tzu أن الحياة المثالية هي الحياة البسيطة التي يتم فيها تجاهل الربح والتخلي عن الحذق والتقليل من الأنانية إلى حدها الأدنى، وكبح جماح الرغبات، ويمكن تلخيص تعاليم لاوتسو للحفاظ على الحياة الإنسانية ورفع مستواها فيما يلي: - يتحرك الناس بصفة عامة لتحقيق رغباتهم. - ينتج عن محاولات الأفراد العديدة لإشباع رغباتهم حدوث التنافس والصراع. - لإقرار السلام والتناسق بين الأفراد الذين يكافحون لإشباع رغباتهم يتم التوصل إلى معايير للاستقامة والأخلاق الإنسانية. - من الواضح أن وضع المعايير الأخلاقية لا يحل المشكلات، ذلك أن التنافس والصراع يبقيان على حالهما، والقواعد تنتهك، ويتم إقرار قواعد جديدة لحماية القواعد القديمة، ولكن القواعد القديمة والجديدة تنتهك وتظل الرغبات دونما إشباع بينما يتدعم الشر واقتراف الخطأ. - بما أن التوصل إلى معايير أخلاقية لا يحل المشكلة، فإن الحل يكمن في التخلي عن هذه المعايير - لا يمكن التخلي عن الأفعال الصادرة من الرغبات إلا عندما يتبنى الناس (الطريق السهل) للفعل. - الطريق السهل في الفعل يفترض مقدماً التناغم مع الكون والتصرف وفقاً للنظام الكوني الشامل. - ينبغي أن يكون تنظيم المجتمع وحكم الناس وفقاً للطريق الطبيعي السهل، كما ينبغي أن يدعم الطريق الطبيعي في نفوس الناس. - ويشير شوانج تسو Chuang Tzu 369 – 286 ق. م إلى أن السعادة الحقيقية تعتمد على تجاوز عالم التجربة العادية ومعرفة ذات المرء وتوحيدها مع لا تناهي الكون ( ). وتقوم التاوية Taoism على مبدأين الأول (Tao) ومعناه القانون السماوي الأعظم، وهو أصل الحياة والنشاط والحركة لجميع الموجودات في السماء والأرض، ولكنه ليس متعالياً على الموجودات، بل هو فيها نفسها. والمبدأ الثاني (Te) ومعناها الاستقبال أي أن الأشياء تستقبل حياتها ونشاطتها وشكلها ولونها بفضل (التاو)، وعلى هذا النحو يمكن فهم التاويه على أنها قريبة الشبه بمذهب وحدة الوجود Pantheism الذي يوحد بين الخالق والمخلوق من جهة، وأيضاً قريبة الشبه من مذهب الحلول الذي يذهب إلى أن الخالق حال في كل الموجودات. وقد استخدم لاو – تسي الطاو بمعنى المطلق The absolute فهي مادة أساسية تصنع منها كل الأشياء. ويرى لاو تسو أن (التاو) هو المبدأ الذي يعمل على أساسه كل موجود، والحقيقة أو المعرفة عند التاويين لا يمكن الوصول إليها بالعقل أو المنطق، ولا بالمعرفة التحليلية بل بالكشف الصوفي أو بالاستشراق، فالمعرفة لا تحصل بالعلم والاستدلال وإنما هي إلهام وكشف، فهي معرفة صوفية. وبينما دعت الكونفوشية إلى العمل والاجتهاد اتخذت الطاوية موقفاً سلبياً فلم تشجع على العمل واقتصرت على التأمل والتجربة الصوفية ( ). وبينما اعترفت الكونفوشية بنظام الطبقات ووجدت في هذا النظام أساساً هاماً للاجتماع، رفضت التاوية الاعتراف بالنظام الطبقي، فالجميع في نظرهم متساوون لأن السماء لا تفرق بين شخص وآخر. وقد رفض لاو تسي التمايز الاجتماعي ولذلك نصح الحكام بالامتناع عن ألقاب الشرف التي تميز بعض الناس وتلحق أبلغ الأضرار بالمجتمع. ويرى لاو – تسي أن الحاكم ينكر ذاته في علاقته بالشعب، يقول (على الحاكم أن يتواضع أمام رعاياه، ومن يتصدى لقيادة شعب فمكانه آخر الصفوف)( ). منشيوس 371-289 ق. م ولد منشيوس بعد وفاة كونفوشيوس بقرن، وقد ولد عام 390 ق. م، وتوفي عام 305 ق. م. وكان مثل كونفوشيوس سليل طبقة أرستقراطية. وقد جمع أتباعه أقواله وتعاليمه في كتاب بعنوان (أعمال) وهو يسير على غرار كتاب (المختارات) لكونفوشيوس، فهو يحتوي على أقوال للمعلم على شكل جمل وفقرات وحكايات توضيحية وحكم وأمثال سائرة وما شابه ذلك. اهتم منشيوس بالعدالة، الاهتمام بالناس العاديين أو الشعب في مقابل الأرستقراطية واهتم بضمان وصول الشعب إلى حقوقه، وهذا هو واجب الأمير، ثم إن السماء هي حارسة الشعب، وهي تبدي استياءها و غضبها عندما يعاني الناس. ولقد كان لدى منشيوس الشيء الكثير ليقوله عن الاقتصاد، وعنده أن حلقة الاتصال بين الاقتصاد والأخلاق حلقة محكمة: فالذهن الثابت بلا معيشة ثابتة أمر مستحيل، وهكذا يصبح هدف الحكومة هو توفير ضرورات الحياة بكميات كافية). والرجل المهذب عند منشيوس (هو الذي يكون مهذباً بحق) فلا يكفي أن يكون قادراً على تحقيق الخير، بل يجب أن يكافح لتحقيقها بالفعل. والأمير الذي تتحقق فيه هذه الصفات هو الذي يحقق أهداف الحكم الملكي الصحيح، وهي رفاهية الدولة. ورأى أن الحكم ينبغي أن يعتمد على المصداقية وليس القوة البدنية أو الإكراه أو القوة، أي الحكم عن طريق فضيلة علياً بدلاً من الحكم عن طريق القوة. أما التزامات الطاعة والولاء البنوي فهو يلقي تأييداً خاصاً عند منشيوس، وإذا كانت إحدى الفلسفات المعارضة تذهب إلى (أن الناس ينبغي أن يحبوا بعضهم بعضاً على قدم المساواة، فإن منشيوس يرى تعارضاً بين (الواجب الأسري الخاص) وتدرج العواطف بأولياتها من حيث كبر السن، والتماسك الاجتماعي الذي يكفل ذلك، وبين (حب البشرية بأسرها) وهو الحب الذي رأى أنه يدير التنظيم الاجتماعي للأسرة والدولة ( ). كانت الطبيعة البشرية عند منشيوس خيرة بفطرتها فيشد على صدق خيريتها الفطرية وجود إحساس عام شامل عند الناس بالتقارب وبالصواب والخطأ، ووجود هذا الإحساس يجعل الموجودات البشرية مختلفة عن غيرها من الكائنات الحية الأخرى، بيد أن الطبيعة البشرية يمكن أن تشوه أو تصاب بالضمور والاختفاء ما لم ترب على نحو قويم. وتعتمد تربية الطبيعة البشرية على حماية الذهن، وذلك لأن العقل هو مستقبل العدالة الإنسانية والطبيعية. والطبيعة والعقل يحددان من نحن وماذا نكون. فقدرنا هو الذي يتحكم في خطنا ويحد فرصنا في الحياة. ولقد كان القدر أو المصير في يد صاحب الإقطاعية، وكان منحة من ابن السماء بوصفه نائباً عن السماء في حكم الإقطاعية. ثم أصبح في الاستخدامات الأوسع هو نصيبنا في الحياة أو المصير الذي رسمته السماء. وإذا كان الناس قادرين على حماية عقولهم وتحديد سلوكهم، فإنهم لا يستطيعون تحديد مصيرهم الذي هو بين يدي السماء. وهكذا اعتقد منشيوس أنه على الرغم من أن جميع البشر بفطرتهم خيرون، فإن حقيقة هذا الخير يرتبط بمعرفة الذات وتهذيب النفس ( ). يرى منشيوس أن الاستقامة هي قبل كل شيء آخر تحتوي المفتاح المفضي إلى تنمية الخير، فالخير هو أساس الطبيعة الإنسانية. والاستقامة أي صحة الأفعال تخلص العالم من الشرور. ويختلف منشيوس مع كونفوشيوس فيما يتعلق بالطبيعة البشرية والعلاقة بين الخير والصواب، فقد ذهب كونفوشيوس إلى القول بأن الناس لديهم (إمكانية) بالنسبة للخير، أما كنفوشيوس فذهب إلى أنهم يحظون بـ (خير فعلي) كجزء من طبيعتهم. ونظر كونفوشيوس إلى الخير والصواب على أنهما شيء واحد، بينما ميز منشيوس بينهما ولم يذكر منشيوس فحسب أن الناس يحظون بخير فطري، وإنما طرح حججاً لتأييد وجهة النظر. فالبشر أخلاقيون بالفطرة، وبسبب هذا الخير الفطري، فإنهم يعرفون الصواب والخطأ، ويستشعرون الشفقة والتوقير والتواضع، ويعرفون الشعور بالخجل، وهذا يعني أن بمقدورهم التمييز بين الصواب والخطأ، وتلك ناصية أساس الحكم الأخلاقي والشخصية الأخلاقية ( ). هسون تو: 312 – 238 ق. م: أصبحت الكونفوشية عند (هسون تو) في مثل هذا الجو العقلي الصارم أكثر عقلانية وأكثر مادية، صارت السماء غير مشخصة، وغدت هي الطبيعة، والطبيعة البشرية التي هي أبعد من أن تكون خيرة بالفطرة كما ذهب إلى ذلك متشيوس، كانت في أساسها شريرة في رأي هسون تو. وربما كانت كونفوشية (هسون تو) أقل من غيرها تعالياً (ترنسندنتالية) وأكثر تركيزاً على الجانب الإنساني، فقد بدأ من مقدمة قاسية تقول إن البشر ولدوا شريرين لكنه في الوقت نفسه يؤكد بقوة عن اعتقاد بأنه في استطاعتهم أن يصبحوا أخياراً بالتربية والتهذيب الأخلاقي، وتستمد التربية والتهذيب الأخلاقي من النصوص الكلاسيكية ومن النظر إلى حكماء الماضي باعتباره قدوة، وهؤلاء الحكماء لا يختلفون عن سائر البشر في طبيعتهم ومواهبهم الأساسية، وإنما هم نماذج لما يمكن للمرء بلوغه بالفهم والبصيرة الأخلاقية، إذ هو استخدم العقل استخداماً سليماً. ومادام النظام الأخلاقي والكمال البشري يبدآن من العقل، فإن العقل البشري يصبح في نظر (هسون تو) مركزاً للكون، ولقد قادته هذه الفكرة إلى نظرة إنسانية وعقلانية للدين، فأدان بغير تحفظ بعض الممارسات الدينية واعتبرها من قبل الخرافات، ومن ذلك الصلاة استجلاباً للمطر، وطرد المرضى بالرقى والتعاويذ، وقراءة بخت المرأ من ملامح وجهه. لكنه أباح غير ذلك من أمور كالتنبؤ بالغيب، شريطة أن تقوم التأويلات على ضوء العقل البشري، كما أنكر وجود الأرواح الشريرة والأشباح الضارة وأصحبت أرواح الأسلاف وقوى الطبيعة عند (هسون تو) تجليات للسمو الخلقي وبالفهم الكامل للطبيعة يستطيع الناس في رأيه أن يسيطروا على الكون وعلى بيئتهم ( ). وعارض هسون تو آراء منشيوس وقال إن الطبيعة الإنسانية شريرة أصلاً، ومن خلال المؤسسات الاجتماعية والثقافية يصبح الناس أخياراً، فالبشر يمتلكون فعلاً بدايات الشر في رغبتهم الكامنة في الربح والمتع. ومع ذلك فإنه من الممكن لكل شخص أن يصبح حكيماً، ذلك أن كل شخص يحظى بالعمل ومن خلال إعمال العقل يظهر الخير، فيما يقول هسون تسو. وقد قال منشيوس إن البشر يولدون أخياراً، ويقول هسون تسو إنهم يولدون أشراراً، وقال منشيوس إن المجتمع والثقافة يجلبان الشر، يقول هسون تسو إن المجتمع والثقافة يجلبان الخير، بينما يقول منشيوس إن أي شخص يمكن أن يصبح حكيماً بسبب خيره الأصلي، فإن هسون تسو يقول إن أي شخص يمكن أن يصبح حكيماً بسبب عقله الأصلي وقابليته للتربية. وقد أوضح هسون تو إنه إذا كان البشر يولدون أخياراً، فإن بمقدورهم أن يصبحوا أخياراً، وهو يذهب إلى القول بأن الخير يجيء كنتيجة للتنظيم الاجتماعي والثقافي وكيف يجلب التنظيم الاجتماعي الخير؟ يجيب هون تسو إن التنظيم الاجتماعي يقتضي قواعد للسلوك وأتباع هذه القواعد من شأنه أن يجلب الخير. ونظريته هي أن الناس يولدون برغبات لا يتم إشباع بعضها عادة. وعندما تظل الرغبات غير مشبعة، فإن الناس يبذلون قصارى جهدهم لإشباعها، وعندما يقوم عدد كبير من الأشخاص ببذل قصارى جهدهم لإشباع رغباتهم المتضاربة دون قواعد أو قيود ينشأ تنافس وصراع يجلبان الفوضى، الأمر الذي يضر بالجميع، ومن هنا فقد قام الملوك الأوائل بوضع قواعد للسلوك تضم الأنشطة المتضمنة، وفي محاولة إشباع الرغبات، وبهذه الطريقة استخدمت القواعد المختلفة المطلوبة للحياة الاجتماعية، وبمقتضى هذه الطريقة في التفكير فإن الخير الأخلاقي قد تم جلبه نتيجة لتنظيم السلوك الإنساني الذي تقتضيه الحياة الاجتماعية ( ). الفكر الاجتماعي في حوض نهر السند Indus Valley الهند أو شبه القارة الهندية هي موطن الهندوكية Hinduism ثالثة أكبر الديانات التي عرفها العالم، كما تحتل في الوقت نفسه موقع القلب بالنسبة إلى الديانة الرابعة ونعني بها البوذية Buddhism. ويقسم علماء الأديان الديانات الهندية القديمة إلى ثلاثة أقسام هي: الفيدية Vedism والبارهمية Brahmanism والهندوكية Hinduism ويؤكد العلماء أن أفضل المصادر التي تمكن من الوقوف على ملامح الفكر الاجتماعي والديني في الهند هي نصوص وترانيم الفيدا Vedas التي تعتبر أول كتب الهندوس وأقدسها لدرجة أن وصفها البعض بأنها إنجيل الهند. والفيدا بحكم تعريفها أو معناها الذي يعني المعرفة القدسية التي يفترض أنه يوحى بها إلى نفر متميز من البشر الموهوبين ليقوموا بنقلها إلى الأفراد العاديين. وتتكون الفيدا من أربعة كتب أساسية: 1- الرجفيدا Rig – Veda والتي تعني أغنية المعرفة. 2- ياجور فيدا Yajur Veda أو معرفة الطقوس. 3- ساونا فيدا Sawna Veda الأناشيد الخاصة التي يلقيها الكهنة في الاحتفالات المقدسة. 4- آثارفا فيدا Atharva Veda يحتوي على الأدعية والطقوس التي تقام داخل البيوت. والرجفيدا تشرح دقائق الشعائر والقرابين البراهمية، وتشمل أناشيد وترانيم مرفوعة إلى إله المطر أندرا Andra الذي يعتبر أعظم( ). وفي الرجفيدا يتصور مجتمع الآلهة على أنهم أسرة واحدة، فهم جميعاً أطفال الدايوس Dyaus فهو إله السماء الذي أصبح رباً للأرباب. ويعتبر دايوس هو الخالق للكون، وقد كون اتحاداً مع باراتيفي Prathive الأرضي فأنجبا أندرا Indra إله العواصف والمطر الذي يحطم بقوته الخارقة وبسيطرته على الرعد والبرق أعداء الآريين. ثم هناك أيضاً آلهة السماء مارونا التي تبث روح النظام، وأجني Agni النار أو إله النار بكافة صورها. أما الكتاب الثاني ياجورفيدا فهو عبارة عن مجموعة من الأناشيد والأغنيات التي يتعين إنشاءها والتغني بها عند تقديم القرابين والأضحيات للآلهة. ويتضمن الكتاب الثالث الذي يعرف باسم ساونا فيدا Sawna Veda تلك الأناشيد الخاصة التي يلقيها الكهنة في الاحتفالات المقدسة. وهي أناشيد على قدر من السرية، ولذا فهي لا تخرج عن طائفة الكهنة وتلقن ترانيما للتلاميذ الذين يعدون للانخراط في الطبقة المغلقة. أما الكتاب الرابع آثارفا فيدا Atharva Veda وهو يحتوي على الأدعية والطقوس التي يقيمها ويؤديها الأفراد في داخل بيوتهم أثناء صلواتهم وتقربهم إلى الآلهة، وكذا أدعيتهم والتي يستهدفون بها إبعاد الشياطين أو الأرواح الشريرة التي تؤتمر بأوامر سيفا Siva أوتشيفا Shiva الذي يرمز إلىالموت والمعارك والقوة المدمرة ويرتبط على أية حال بإله الشمس فيشنو Vishnu حيث يتصل اتصالاً مباشراً ببراهما Brahma. ومن الواضح أن دور الدين كان متعاظماً في المجتمع الهندوسي، ويظهر في حقيقة أن هذه التصورات العقيدية والأفكار المرتبطة بالآلهة التي تعتبر في مجملها من أبعاد الديانة البراهيمية إنما تتصل اتصالاً مباشراً بقانون مانو Manu وهو القانون المدني (الوضعي) الذي ينظم حياة الأفراد والجماعات على أساس نظام الطوائف والطبقات الاجتماعية الذي وإن كانت العوامل الاقتصادية والقرابية تقوم بدور كبير إلا أنه يقوم أصلاً على أساس ديني هو بلا شك الذي يعطي نظام الطوائف ما نراه فيها من طابع الصرامة والجمود، فالإله براهما نفسه هو مصدر كل هذه القوانين وقد سعت جماعة من أئمة البراهمة إلى وضع مجموعة من التشريعات الوضعية للحفاظ على الأوضاع الاجتماعية التي كانت سائدة في صورة تحوطها القداسة والتبجيل ( ). النظام الطبقي في الهند: ميز الآريين أنفسهم في أربع طوائف رئيسية هي: - رجال الدين الذين يحتلون قمة الهرم ويصيرون بذلك أكثر أفراد المجتمع امتيازاً، حيث لهم وحدهم حق السلطة، وعلى الآخرين واجب التقديس والاحترام. - طبقة الحكام والجند وهؤلاء أقل من سابقيهم في المنزلة الاجتماعية. - المزارعين والجند تأتي بعد الطبقتين المتميزتين إلى ابعد الحدود طبقة المزارعين والجند، وهاتان تمثلان في الحقيقة عصب الحياة الاقتصادية في المجتمع الهندي حيث يعمل أفرادها في التجارة والصناعة وفلاحة الأرض وتربية الماشية. - المنبوذون: وهم الأفراد الذين يحرمون من ممارسة أي حق من الحقوق المدنية والسياسية. ولا شك أن نظام الطوائف في الهند إنما يعكس في آخر الأمر جوهر الفلسفة الهندية ذاتها التي تؤمن بالقدر والمصير باعتبار أن الآلهة أدرى بما هو في صالح البشر، ولهذا وضعت كل إنسان في المكان الصحيح الذي يتعين عليه الرضا تحقيقاً لانسجام المجتمع( ). وتعتبر الحياة في الهند القديمة ربيبة البراهمية، بمعنى أن الاعتقاد الذي ساد في تلك الحقبة الموغلة في القدم هو أن مصدر هذه القوانين المنظومة في قصائد وأشعار كان الإله براهما نفسه، وإن كان من المحقق أن هذه المجموعة التشريعية الوضعية كانت من صنع جماعة من أئمة البراهمة حاولوا الحفاظ على الأوضاع الاجتماعية التي كانت سائدة في صورة جامدة مقدسة، وكان أهم ما يميز البناء الاجتماعي في المجتمع الهندي القديم ارتكازه على النظام الطائفي المغلق، وهذا النظام يدعمه الدين البراهمي، فقد شاءت الإرادة البراهمية أن يوضع سلم طبقي للناس، في قمة الهرم يتربع رجال الدين من البراهمة وهم أكثر أفراد المجتمع امتيازاً ولهم وحدهم حق السلطة وواجب التقديس والاحترام. وهم يعتمدون على من يليهم في المنزلة الاجتماعية من طبقة الجند المعروفة باسم الكشائرين، وهؤلاء وأولئك يعيشون على ما تنتجه الطبقة الأدنى من التجارة والصناعة وفلاحة الأرض وتربية الماشية، ويأتي في الدرك الأسفل من السلم الطبقي طائفة المنبوذين المعروفين باسم السودرا وهم الأفراد المحرومون من ممارسة أي حق من الحقوق المدنية أو السياسية( ). وبالرعم من صرامة هذا التسلسل الطبقي نجد أن المنزلة الاجتماعية لكل طائفة قد تطورت تبعاً للظروف السياسية، فنجد مثلاً أن الزعامة كانت لطبقة الكشائرين المحاربة، أثناء اشتعال الحروب الوطنية التي نشأت بين السكان الأصليين والنازحين المهاجرين، ومن المحتمل أن يكون خوف الأجناس النازحة إلى الهند على خصائصهم السلالية وثقافتهم الراقية، كان من أهم الحوافز لهم على وضع نظم المحرمات المقدسة Tabao التي تحرم عليهم التزاوج أو الاختلاط بغيرهم من السلالات الأخرى وخاصة من القبائل الوطنية التي كانت تسكن |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 12 | |||
|
![]() الهند. وبهذا استطاعت الطبقات البراهمية الدينية والغازية صاحبة السيادة والسلطة في عزلة أرستقراطية عن بقية قطاعات البنية الاجتماعية الأمر الذي أظهر النظام الطائفي على أنه أداة تعويق للتطور الاجتماعي، ووسيلة جمود في المجال الحضاري ( ).
الهندوسية: الهندوسية هي اتباع أو عبادة الإله فيشنو Vishnu أو شيفا Shiva أو الآلهة شاكتي Shakti أو تجسيداتهم أو مظاهرهم أو ازواجهم أو ذريتهم. وهكذا يندرج ضمن الهندوسيين عدد كبير من اتباع عبادة راما وكرشنا Rama & Krishna (وهما تجسيدان لفشنو) واتباع عبادة درجا Darga وسكاندا Skanda وجانيشا Ganesha وهم على الترتيب زوجة شيفا وابناه. إشعال النار المقدسة: يوجد في البيت الأري نار مقدسة تشتعل منذ بداية إنشائه، أعني خلال حفل الزواج وهي ليست ناراً عادية، ينبغي ألا تستخدم في إعداد الطعام أو الأغراض المنزلية الأخرى، وكذلك ينبغي إشعالها بأنواع خاصة من الخشب، وبطريقة معينة هي حك العصى ببعضها، وينبغي ألا تترك حتى تخمد. ولابد أنه يتقدم رب الأسرة لهذه النار يومياً بقرابين للآلهة بل إنه في الواقع ملزم بالقيام ثلاث مرات في اليوم. عبادة البراهمان Brahman روح العالم وقوامها تعاليم الفيدا أو تلاوتها، وعبادة آباء بتقديم الطعام والماء لتغذيتهم، وعبادة الآلهة بإحراق القرابين، وعبادة بهوتاس Bhutas (وهي الموجودات الحية أو الأرواح) بنشر الحبوب في الجهات الأربع والمركز وفي الهواء، وعلى أواني المنزل، ووضع الطعام على عتبة الدار للمنبوذين والحيوانات والطيور والحشرات. وأهم الواجبات التي يلتزم بها رب الأسرة فهي واجبات نحو الآباء أو الأسلاف، فهو ليس ملزماً فقط بأن يقدم القرابين من الماء أوالطعام يومياً إليهم، وإلى روح البيت التي تسكن الركن الشمالي الشرقي من المنزل، بل إن عليه أيضاً أن يقدم لهم البندا Pinda أي كره الأرز Rice – Ball في يوم ظهور القمر الجديد من كل شهر. وتسمى العناصر الرئيسية في هذا الاحتفال شراذا Shradha ويجلس فقهاء البراهمة في مكان مكشوف. ويفتتح رب الأسرة الاحتفال وينهيه بحرق قرابين للآلهة في النار المقدسة. لكن الحدث الرئيسي هو التقرب للآباء، فهو يصنع ثلاث كرات أرز وتذهب هذه إلى الموتى الثلاثة من أسلافه الأب، الجد، وأب الجد. وهذه النظرية الخاصة بالشراذا Shradha هي أن يقدم الأحياء الطعام إلى الأسلاف الذين يقطنون (عالم الآباء) ويضفي الأسلاف النعم على أحفادهم الأحياء بمنحهم إياهم النجاح والازدهار والذرية ( ). وهكذا تكون (شراذا) هذه هي همزة الوصل بين الأحياء والأموات، وهي التعبير عن التعاون المتبادل بينهم. غير أن هذه العلاقة يمكن أن تنقلب رأساً على عقب إذا لم تؤد الطقوس الجنائزية المناسبة للميت، فما لم يستقر أرواح الموتى في عالم الآباء تظل عرضة لأن تصب البلاء على رؤوس نسلها الذين لم يقوموا بإطعامها عن طريق القرابين، أو ضمان انتقالها إلى عالمها المناسب. قوانين الزواج: ليس الزواج ضرورة مقتصرة على عبادة الأسلاف، بحيث ينبغي على الرجل أن يتزوج لينجب ابناً يواصل العبادة، ويقدم البندا (أقراص الأرز) لكي تستريح روح ابنه، وإنما الزواج ضرورة مطلوبة لذاتها أيضاً، فليس ثمة ما يبرر الاعتقاد بأن الرجل المتزوج هو وحدة القادر على تقديم قرابين الطعام للأسلاف، وعندما يصبح أرملاً فإنه يتخلى لابنه عن رئاسة الأسرة، وعن القيام بدور الكاهن المسئول عن نارها المقدسة ويقرر التقاعد. فالزواج في النظام الهندي إجباري للجميع، والرجل الأعزب طريد الطبقات ليس له في المجتمع مكانة ولا اعتبار، وكذلك الفتاة إن طال بها الأمد وظلت عذراء بغير زواج على أن الزواج لم يكن يترك لأهواء الفرد يختار من يشاء، فهو لا يستطيع أن يتزوج كيفما اتفق، لأن الزوجة الكفء المساوية في المولد والمنحدرة من أسرة أرية أتمت عملية الترسيم وغيرها من الطقوس، هي وحدها القادرة على ممارسة الطقوس المنزلية دون أن تدنسها، وهي وحدها القادرة على إنجاب الابن الطاهر النقي المؤهل لمواصلة عبادة الأسلاف بعد والده. قانون الأسرة الهندوسية: رب الأسرة هو كاهن دينها وهذا المنصب وراثي –عبادة الأسلاف فيها- وهذه الخاصية تؤول إلى أولئك الأكفاء القادرين على تقديم القرابين إليه بعد الموت وإلى أسلافه، أي إلى أبنائه المتزوجين قبل غيرهم. وفي حالة نقص النسل في نوع الذكور يؤول الإرث إلى أولئك الذين قدموا (البندا) إلى واحداً أو أكثر من الأسلاف، ذلك لأن الإرث يحمل معه الالتزام بتقديم البندا. ولهذا السبب فإن البنت لا يمكن أن ترث مادام الذكور وحدهم قادرين على تقديم القرابين ( ). الأهداف الإنسانية: يتعين على المرء لكي يتم تنظيم حياة الفرد ومؤسسات المجتمع، أن يكون في المقام الأول واضحاً فيما يتعلق بالأغراض الأساسية للحياة. وقد تم إنجاز ذلك في الهند، من خلال بحث الأهداف الرئيسية في الحياة، التي من شأنها أن تسهم في كل من رخاء المجتمع أو تحقق سعادة الفرد. ولكل إنسان أربعة أهداف أساسية في الحياة (العيش الفاضل، وسائل الحياة، المتعة، تحرير النفس) وهذه الأهداف يكافح للوصول إليها، لأن الإنسان مركب من وجود عضوي وروحي، فإن من الضروري إشباع الحاجات العضوية والروحية. اليوجا: الطريق إلى ضبط النفس: أساليب ضبط النفس المعروفة باسم اليوجا Yoga وهي ممارسة مطلوبة لتحقيق الحكمة التي من خلالها يمكن القضاء على الجهل الذي يتسبب في الخلط بين الروح والمادة، ويمكن إدراك الطبيعة الجوهرية للذات باعتبارها (الروح). وتبدأ اليوجا بمجموعة من الأوامر الأخلاقية يقصد بها إعادة توجيه إرادة الشخص وأعماله، فبدلاً من التصرف انطلاقاً من قوى الأنا العمياء، فإن الشخص يتصرف انطلاقاً من التعاطف حيال رضاء الآخرين. ويستبعد كافة التصرفات التي تؤذي الكائنات الأخرى، وكل الأعمال التي تقوم على أساس الكراهية وسوء النية. والتخلص من النوازع الأنانية للأنا. وكذلك يتعين تجنب الكلمات التي تؤذي الآخرين والحديث الأجوف والثرثرة الخرقاء، كما يستبعد ما هو ملك الآخر أي لا ترغب فيما يملكه شخص آخر، بل ينبغي القضاء على الرغبة بأسرها في امتلاك الخيرات، حتى ما يدعى بـ (الملكية المشروعة) ويقضي هذا المبدأ بأنه بينما يجوز استخدام كل ما هو ضروري للحياة من قبل أي شخص يحتاجه، فإن مبدأ الملكية نفسه هو تعبير عن الطمع. كما أن من يمارس اليوجا ينبغي أن يلتزم العفة ولا يمارس النشاط الجنسي، لأن ممارسة الجنس يمثل لوناً من القيد والعبودية. فممارسة اليوجا تقضي على الدوافع التي تؤدي إلى النشاط المحرم وتقوم بإحلال الحب المفعم بالتعاطف محل الرغبة والكراهية كمنبع أساسي للفعل، فإن من يمارس اليوجا يخطو خطوة أولى رائقة نحو التحرر. وكذلك فإن ممارسة اليوجا تدفع المرء لأن يكون أكثر روحانية والنقاء الداخلي، فمن يمارس اليوجا يقضي على كل الآثار المترتبة على الأفكار والأفعال السابقة. وكذلك تؤدي ممارسة اليوجا إلى الرضا والقناعة والزهد والتقشف وكبح جماح الشهوات ونكران الذات ( ). وقد ساد التفكير الهندوسي نزعتان فيما يتعلق بالألوهية، وهما نزعة التعدد أي تعدد الآلهة في المرحلة الأولى حيث عبدوا مظاهر الطبيعة من جبال وأنهار وحيوانات ونار، واعتقدوا أن لهذه المظاهر الطبيعية أرواحاً فجعلوا لكل مظهر من مظاهرها إلهاً يعبدونه، نزعة أخرى مقابلة للنزعة الأولى وهي نزعة الوحدانية، وتلك كانت في المرحلة الثانية من حياتهم، فقد تخلوا عن عبادة الآلهة المتعددة ليعبدوا إلهاً واحداً. أي أنهم جمعوا الآلهة المتعددة في إله واحد ورأوا فيه خالق للعالم وحافظ له ثم يهلكه ويرده إليه في نهاية المطاف، وأطلقوا عليه ثلاثة أسماء فهو (براهما) من حيث هو خالق أو موجود، وهو (فشنو) من حيث هو حافظ، وأخيراً هو (سيفا) من حيث هو مهلك. فكأن الهندوس قد آمنوا بثالوث مقدس مؤلف من: براهما: سيد جميع الآلهة وهو القوة الخالقة في الطبيعة. فشنو: إله الحب ويعاون المصابين ويذود عن الفقراء ويبعث الموتى من القبور. وسيفا أو شيو: فهو إله الإرادة ولا تظهر عادة إلا في ميادين القتال والمنازعات، فهو يمثل الدمار ويضع نهاية لكل شيء ( ). الكرما: Karma كلمة سنسكريتية معناها الحرفي (الفعل) وهو من أهم العقائد في الديانة الهندوسية، قانون الجزاء المسيطر على حياة سائر الأحياء، في الكون، ليس لأحد أن يتخلص منه، فالحياة بمثابة حلقة في سلسلة حياة يحياها المرء يحددها فعله في الحياة السابقة. وهذا القانون هو المسئول عن الثواب والعقاب وإليه يرجع اختيار الصورة التي تتناسخ فيها الأرواح على أساس ارتباط المعلول بالعلة فتناسق الروح تلقائياً داخل إطاره للتلبس بالجسد الجديد الذي تتوافق ملابسات حياته مع الميول الذاتية لهذه الروح ومع أعمالها في دورة حياة سابقة. تناسخ الأرواح: Transmigration يرجع اعتقادهم في التناسخ إلى سببين: أولهما أن الروح عندما تفارق الجسد لا تزال على صلة بالعالم المادي بما فيه من شهوات وملذات لم تتحقق بعد، وثانيهما أن النفس خرجت من الجسم وعليها ديون كثيرة لابد من أدائها وأن تتذوق ثمار أعمالها التي قامت بها في حياتها السابقة. فالأرواح لا تموت ولا تفنى أبدية الوجود، لا سيف يقطعها ولا نار تحرقها ولا ماء يغرقها ولكنها تنتقل من بدن إلى بدن كما يستقبل البدن اللباس إذا بلي وتترمى النفس في الأبدان المختلفة كما يترقى الإنسان من طفولته إلى شباب إلى كهولة إلى شيخوخة، وذلك أن النفس طالبة للكمال مشتاقة إلى العلم بكل شيء، وهذا يحتاج إلى زمن فسيح، ولما كان عمر الإنسان قصيراً كان لابد أن تنتقل النفس من بدن إلى بدن، وفي كل بدن تستفيد تجارب ومعلومات جديدة ( ). فالأرواح الباقية تتردد بين الأبدان البالية من الأذل إلى الأفضل دون عكسة تترقي النفس في الكمال حتى يتحقق شوقها إلى علم ما لم تعلم، وتستوفي بذلك شرف ذاتها. وحدة الوجود: ساد مذهب وحدة الوجود في العقيدة الهندوسية، فهم يوحدون الله والعالم ويزعمون أن كل شيء هو الله، ويردون كل شيء إلى الله ويعتقدون أن براهمان هو الحقيقة الكلية وأن جميع الأشياء الأخرى ليست سوى أعراض ومظاهر لهذه الحياة الحقيقية. فالحياة كلها مظاهر لتلك القوة الوحيدة الأصيلة (براهما) فالجبال والبحار والأنهار تنفجر من تلك الروح المحيطة المستقرة في الأشياء وليست الروح الإنسانية إلا جزءاً من الروح الإلهية (براهمان) ( ). الجينية Jainism من المذاهب الدينية في الهند، واسم الجينية مستمد من كلمة Jina ومعناها القاهر أو المنتصر أو البطل في اللغة السنكريتية، وهو وصف أطلقوه على معلميهم الكبار الذين يسمون (تيرثانكارا) Tirthankara الذين رسموا الطريق إلى الخلاص من التناسخ. ويعتبر مهافيرا Mahavira مؤسس المذهب الجيني، وعاش مهافيرا حياة الزهد والتنسك وأعلن عن رغبته الشديدة في التخلي عن الملك والألقاب ومتاع الدنيا والدخول في حياة الرهبنة. الألوهية: أنكر مهافيرا وجود إله ذلك أن الاعتراف بوجود آلهة قد يخلق طبقة براهمة أو كهنة تمارس استبداداً على الناس وقرر أنه لا يوجد روح أكبر أو خالق أعظم لهذا الكون. ولقد ترتب على عدم اعتراف مهافيرا وأتباعه بالإله والآلهة سلبيات كثيرة متعلقة بالعقائد منها عدم قولهم بالصلاة وامتناعهم عن تقديم القرابين. والكرما تعني عندهم كائن مادي كثيف ينزلق إلى الجسم ويخالط الروح المنيرة بطبيعتها، ويحجب نورها بكثافة، ولا سبيل لتحرير الروح إلا شدة التقشف والحرمان من الملذات، ولكي تتخلص الروح من الكارما يظل الإنسان يولد ويموت حتى تطهر نفسه وتنتهي رغباته ومعها حياته المادية، فيبقى روحاً خالداً في نعيم خالد، وهذا الخلود في النعيم يسمى عندهم النجاة، وهو ما يعادل الانطلاق في الهندوسية والنرفانا في البوذية. وخلاص النفس وتحريرها من ربقة الجسد، إنما يكون بالزهد والتجرد من الدنيا حتى العري، فالنجاة خلاصة من الجسد، ولذلك كان الانتماء غاية أو جائزة لا يحصل عليها إلا الخاصة، ومن شروط النجاة أو سبيل الوصول إليها وقتها أنه يتحتم على الناسك ألا يوقع أذى بإنسان أو حيوان، فالحياة بكافة أشكالها مقدسة مصونة ولا يجوز الاعتداء عليها، وعلى ذلك يحرم قتل الحيوان، وبالتالي أكل اللحوم. ومن شروط النجاة قهر جميع العواطف والمشاعر والحاجات لكي لا يحس الراهب بحب أو كره ولا بسرور أو حزن ولا بحر أو برد ولا بخوف أو بحياء ولا بجوع ولا عطش ولا بخير أو شر، ومن أجل طهارة الروح، فضرورة تمسك المريد بالخلق الحميد والإقلاع عن الخلق السيء وتجنب الأذى والضرر لأي كائن حي والتحلي بالفضائل التالية (العفو – الصدق – الاستقامة – التواضع – النظافة – ضبط النفس – التقشف الظاهري والباطني – الزهد – اعتزال النساء – الإيثار – السيطرة على متاعب الحياة وهمومها – القناعة الكاملة – الطمأنينة – الطهارة الظاهرية والباطنية). وكذلك تجنب الكذب – السرقة – الخيانة – الجشع – العنف .. إلخ ( ). البوذية: ظل التفكير الاجتماعي الذي ارتبط بالهندوكية مسيطراً في الهند إلى أن بدأت في الظهور تعاليم البوذية التي تنسب إلى جواتاما بوذا مؤسسها في القرن الخامس قبل الميلاد. وبوذا ينتمي إلى عائلة نبيلة هي عائلة جواتما Gautama وأطلق عليه منذ مولده في نيبال حوالي 565 ق. م اسم سيداهارتا Siddahartha وإن كان قد اشتهر مع ذلك بنسبته إلى العائلة التي عاش في كنفها حتى بلغ الخامسة والعشرين من عمره عيشة مليئة بالرفاهية. ولكن فجأة ترك زوجته وابنه وعائلته كلها ليبدأ حياة العزلة والتقشف ليستغرق في النهاية في التأمل تحت شجرة الحقيقة Bo – Tree حيث تكشفت له أصول الدين البوذي ومعالمه، وبزغت في نفسه النيرفانا Nervana التي أدرك في ضوئها أن العالم بكل ما فيه إنما ينتهي مآله للعدم. ويتمثل الاعتقاد الأساسي في البوذية في أن الذات الإنسانية وشهواتها وملذاتها هي السبب فيما يعيشه البشر من شقاء وألم، فقد انتهى إلى أن الخلاص من كل هذا إنما يتوقف على القدرة على نبذ هذه الذات وملذاتها، وذلك هو السبيل الوحيد للتحرر من الألم المتمثل في سجن تطلعات النفس المادية. وقد دعت البوذية إلى القضاء على مظاهر المغالاة والتطرف في التفرقة بين الطوائف المختلفة من حيث الحقوق والواجبات والمسئوليات والالتزامات. وفي هذا الصدد نجد له موقفاً محدداً من البراهمية التي وضعت للناس أقدارهم المحتومة، ثم حثت على التقرب للآلهة وطلب المساعدة منها مؤكداً بذلك نظرة جديدة إلى العالم، حيث رأى أنه أزلي أبدي والأفراد والأشياء تولد وتعيش وتفنى لكي تولد من جديد في سلسلة متصلة لا أول لها ولا نهاية، وبذا تبدو الحوادث وكأنها سلسلة من العلل والنتائج التي تتبادل الفعل والتأثير. وهي نظرة تختلف مع ما ذهبت إليه البراهمية التي أكدت على أن الإنسان إنما يفعل الخير خوفاً من أن يستحيل بعد الموت إلى حيوان( ). ثمة أساس أخلاقي في البوذية لم تلتفت إليه البراهمية يقوم على إدراك الإنسان لحقيقة الدهارما Dharma التي تعني الوسطية في تناول الأمور حتى بين المادية والانغماس في إشباع الغرائز والزهد والتقشف. أو هي بمثابة مبدأ نظري يتجسد في مجموعة من التعاليم التي تقدم للإنسان وسائل الاكتساب عن طريق التعلم والامتثال للقواعد التي تسير بموجبها الحياة الصحيحة. وقد وضع الإله ياما Yami نظام العالم أو الكرما Karma ليؤكد أن كل إنسان لابد أن يلقى ما يتكافأ مع ما قدمت يداه إن خيراً أو شراً. ومع أن هناك من يرى أن مثل هذه الفلسفة التي تنطوي عليها الكرما إنما تعكس ملامح نفعية بحتة، وذلك على اعتبار أن الإنسان لاشك سوف يحسب أفعاله في ضوء ما سيعود عليه وعلى الآخرين من خير ومنفعة إلا أن مثل هذه النظرة لا تخلو من مغالاة حيث لا تضع اعتباراً كثيراً لطبيعة الإنسان الاجتماعية. ولعل الشيء الواضح هو أن البوذية لها موقف خاص من فكرة الآلهة ذاتها، حيث لا نلمح فيها ذلك التقديس والخضوع التام لها، وإنما في الوقت الذي لم تتجاهلها فيه تماماً، فقد أفسحت للإنسان مجالات الفعل والاختيار. وقد يكون صحيحاً أنها انتهجت في ذلك طرقاً تدور حول مجاهدة النفس وتعتمد على أساليب التقشف والزهد والتأمل، ولكنها وضعت قواعد سلوكية عملية يجب أن يلتزم بها الأفراد لكي يحيوا حياة فاضلة. فالبوذية ولو أنها سعت إلى ابتعاد الناس عن شئون الحياة الدنيوية، إلا أنها أعلنت في الوقت نفسه مبادئ الإنسانية التي تدعو إلى نبذ الطبقية والقضاء على المزايا الوراثية وهو ما تنطوي عليه الكرما التي تذهب إلى أن الناس قد وجدوا في الأصل متساويين، وقد عملت البوذية على خلاص المجتمع من براثن النظام الطائفي الطبقي عن طريق هذه العقيدة البراهمية التي تزعم أن البراهمي من طبيعة مقدسة وأن المنبوذين يعيشون على هامش الحياة محرومين من كل الحقوق من طبقة دنسة، لذا حرمت عليهم حتى ممارسة الشعائر الدينية، كذلك أوضحت البوذية أن صفات اللاهوتية والقدسية ليست أبداً صفات وراثية أو فطرية تختص بها |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 13 | |||
|
![]() السلالة البراهمية وإنما في استطاعة الإنسان أياً كانت الطائفة أو الطبقة التي ينتمي إليها أن يكتسب مثل هذه الصفات عن طريق ما يكتسبه من فضائل سلوكية وعملية في مقدمتها الوسطية والاستقامة والتأمل والحكمة ( ).
تعاليم بوذا في جملتها تمثل ثورة جذرية على الأسس الاجتماعية التي ارتكزت عليها الديانة البراهمية، تلك الديانة التي أقامت في المجتمع الهندي القديم نظاماً عبودياً ليس له مثيل، وكان أول الآراء التي دعت إليها البوذية هو القضاء على مظاهر المغالاة في التفرقة بين الطوائف من حيث الحقوق والالتزامات، وانتهجت في سبيل ذلك أساليب حول تلك المجاهدات الصوفية والأساليب التقشفية، ومحاولة خلاص الفرد من نزواته وشهواته الملحة، وليس معنى ذلك أن البوذية تعني بالتأملات العقلية والتصورات الميتافيزيقية إنما إذا نظرنا إليها من وجهة نظر تحليلية ألفينا أنها مجموعة من القواعد السلوكية العملية التي يجب علىالفرد التزامها لكي يحيا حياة فاضلة خلواً من الآلام والآثام، والسبيل إلى ذلك هو أن يسلك الفرد سلوك العدل والإخاء بعد التحرر من الشهوات ومن هنا امتزجت البوذية بالآراء الصوفية. ومن ناحية أخرى، فإن البوذية وإن كانت قد أبعدت الناس عن التفكير في شئون الحياة الدنيوية والحقوق والوجبات الاجتماعية، إلا أنها أعلنت في نفس الوقت مبادئ الإنسانية التي تدعو إلى نبذ الطبقية وتقضي على المزايا الوراثية، فهناك قانون أبدي أطلق عليه مصطلح الكرما Karma ووفق هذا القانون، وجد الناس متساويين في الخلقة والحقوق بقدر مساواتهم في حظوظهم من الآلام، إن الوجود مرتبط بالألم والرغبة في الحصول على أي شيء تنطوي على عنصر الألم لهذه الرغبة، ومن ثم كان القصد في الرغبات والشهوات وسيلة فذة للتقليل من شقاء الحياة وهمومها، وتنتهي هذه الفلسفة السلوكية إلى شبه إنكار للشخصية الإبداعية الإيجابية، وإلى إعلاء لنظرية التوسط والاعتدال في أمور الحياة، ومن هنا جاء التفكير الاجتماعي البوذي ذا طابع أخلاقي سلوكي يعمل على خلاص المجتمع الهندي من براثن النظام الطائفي عن طريق هدم العقيدة البراهمية التي كانت تزعم أن البراهمي من طبيعة مقدسة، وأن السودرا من طبيعة مدنسة يحرمه من ممارسة الحياة الدينية، وأثبتت بالتفسيرات العقلية لأسفار الفيدا Vidas التي يقدسها البراهمية والقوانين المانوية التي تنظم حياتهم الاجتماعية، إن اللاهوتية والقدسية ليست صفة ولادية أو فطرية للسلالة البراهمية، وإن كل الطبقات تتساوى في طبيعتها الحيوية والاجتماعية وإنه في استطاعة أي إنسان أيا كانت الطائفة التي ينتمي إليها أن يكتسب هذه الصفة عن طريق فضائل سلوكية عملية هي الاستقامة والتأمل والحكمة( ). والجوهر الأساسي لمذهب (بوذا) هو فكرة الألم، فالوجود الإنساني بعيد عن الكمال، وحتى أسعد الناس وأوفرهم حظاً يتعين عليه التسليم بقدر من البؤس أو التعاسة. ولا شك أن هذه الفكرة قد ترسخت لديه منذ الصغر، فقد أحس بما يشوب من نكد وكد وتعب وشعر بما يصاب به الإنسان من مصائب تبليه بالشيخوخة والمرض والموت، ومن ثم أهدته خبرته إلى أن الحياة أساسها الألم ولا تبعث إلا على الحزن، ولا يمكن للإنسان الخلاص منها ما لم يبحث عن علة هذا الألم وأسبابه الحقيقية. يقول: (أيها الرهبان أو النساك هذه هي الحقيقة المقدسة عن الألم: المولد ألم، والهرم (الشيخوخة) ألم والموت ألم، والاجتماع بغير المألوف ألم، وعدم الحصول على ما يهوى ألم). لقد بحث بوذا عن علة الألم وأسبابه الحقيقية في الوجود أو العالم فوجدها ترجع إلى كل من الشهوة والجهل. أما الشهوة وخصوصاًَ شهوة الحياة التي تسبب الولادة بعد كل موت، فالجهل يدفع الإنسان إلى حب الحياة والتعلق بمفاتنها وتمعن الشهوة في طلب المزيد من اللذة والشهوة، وعلى من يعرف أن الجهل هو سبب شقائه وعلة عودته إلى الحياة فيجب عليه أن يبحث عن المعرفة الحقة التي تمحو جهله ليخلص من الآلام. يقول: (أيها الرهبان، هذه هي الحقيقة المقدسة عن مصدر الألم الطمأ، الشهوة، الهوى، الرغبة في التلذذ، فالهوى والشهوة يجران من مولد إلى مولد، ومن ألم إلى ألم). وسبب الألم هو ميل الإنسان إلى الشر وإلى الملذات الحسية ( ). ويقوم الطريق النبيل على حقائق مقدسة: - العقيدة الصادقة (سلامة الرأي) - النية الصادقة (سلامة النية) - القول الطيب (سلامة القول) - الفعل الحسن (سلامة الفعل) - العيش السوي (سلامة العيش) – الجهد القيم (سلامة الجهد) الوعي السليم (سلامة الوعي) – التأمل الصالح (سلامة التركيز) والإيمان بهذه العقيدة لا يكفي طالما كان سلوك الفرد غير فاضل، ولذلك يجب أن يكون صافي النية، لا يكن للغير أي شراً وحقداً وحسد، يحب خير للجميع ويعمل لخير الغير والآخرين على الدوام، وذلك لا يتحقق ما لم يتجنب الكذب والنفاق والرياء والنميمة والغيبة، يتوخى الصدق في القول ويبعد عن لغو الحديث، فلا يسب أحداً سباً يشين سمعته ويخدش كرامته، كما يجب أن يكون سلوكه فاضلاً لا يأتي بمنكر الأفعال، ولا يعتدي على حقوق الغير ولا يقتل أي كائن حي، ولا يسرق ولا يغش ولا يتعاطى الخمور والمخدرات ولا يزني، أي أن السلوك على نحو أخلاقي يعني سلامة القول وسلامة الفعل، ووسائل الكسب العيش. ووجد بوذا أن طريق الخلاص لا يمكن للإنسان بلوغه إلا إذا تخلص من النواقص: الوهم – الشك – العمل لكسب القوت – الشهوة الجنسية – الكراهية والحقد – حب الحياة الأرضية – الرغبة في الحياة السماوية – الكبرياء – الغرور. وقد أحدث بوذا ثورة دينية قلبت الأوضاع الدينية والاجتماعية المألوفة رأساً على عقب، وحارب نظام الطوائف، فلا وجود لطبقة البراهمة أو الكهنة ورجال الدين، وما كانوا يتمتعون به من حظوة ونفوذ وسطوة. فقد نادى بالمساواة بين جميع الأفراد وإنه لا فرق بين الطبقات الثرية والطبقات الدنيا إلا بالجهاد في سبيل تحقيق النرفانا التي لا يمكن الوصول إليها إلا بالجهد الذاتي. خواطر وتأملات وعظات هندية قديمة من إنجيل بوذا - العالم مملوء بالشر والعذاب لأنه مملوء بميول الإنسان إلى الشر وبالملذات الحسية، الناس ضائعون ضالون تائهون لأنهم يفكرون بأن الضلال والغواية أفضل بكثير من الحقيقة - سبب الألم هو ميل الإنسان إلى الشر وإلى الملذات الحسية. - ارفضوا جشع أنانيتكم تصلوا إلى حالة الفكر الهادئ الذي يصنع الطيبة والرفق والحكمة والتساهل. - لا تخادعوا، لا تحتقروا ولا تمقتوا بعضكم البعض، وفي أي مكان وجدتم، لا تغضبوا لا تشتموا ولا تهينوا ولا تحقدوا. - ازرعوا اللطف والعطف والرفق يميناً وشمالاً، وفي كل مكان. - إن قاعدة الحياة التي هي دائماً الأحسن والأفضل هي الامتلاء بالمحبة، اطرد من قلبك الغضب والحسد والغيرة. - الشر هو القتل والسرقة والفجور والكذب والاغتيال والحق والإيمان بعقائد باطلة( ). - الخير هو الامتناع عن القتل والسرقة والفجور والكذب. - خطايا الجسد الثلاث هي: القتل والسرقة والزنا. - خطايا اللسان الأربع وهي: الكذب والافتراء والشتم والكلام بالباطل. - خطايا الفكر الثلاث وهي الطمع والبغض والضلال ( ). الطريق البوذي أ- الأخلاق ب- التأمل ج- الحكمة إن الوصف الأساسي للطريق البوذي هو أنه ذو ثلاث شعاب هي: الأخلاق والتأمل والحكمة، وهي ليست ثلاث مراحل متعاقبة يمر المرء بالواحدة منها تلوا الأخرى، وإنما هي شعاب أو دروب نسير عليها جميعاً في وقت واحد. أ- الأخلاق: يعبر عن القواعد الأخلاقية الخمس الأساسية – بالنسبة للرهبان ولعامة الناس على حد سواء في صيغة تستخدم بانتظام في العبادات اليومية، ويمكن ترجمتها على وجه التقريب كما يلي، أتعهد بالإحجام عن إلحاق أي أذى بالكائنات الحية، وأن لا آخذ شيئاً لم يعط لي (أي أن أمتنع عن السرقة)، وبأن أمتنع عن الممارسات الجنسية اللاأخلاقية، وعن الكذب، وتناول الخمر والمخدرات التي تذهب العقل. وهناك درجة أكثر تقدماً في النظام الأخلاقي يتبعها البعض من عامة الناس وتعتمد على مراعاة ثلاثة مبادئ إضافية هي: أن أمتنع عن تناول الطعام بعد الظهر، وأن أمتنع عن الرقص والغناء وألعاب التسلية، وأن أمتنع عن استخدام أكاليل الزهور أو مستحضرات التجميل، وأن لا أتزين بأي نوع من أنواع الزينة، وكذلك الامتناع عن قبول الذهب والفضة والامتناع عن استعمال فراش وثير. ب- التأمل: السلوك الحق ينبغي أن يصحبه الفكر الحق أو المواقف الحقة، والفكر والعمل مرتبطان بالوجود الحق، لأن تنمية الفكر الحق هي من أول أهداف التأمل. ج- الحكمة: السمات الرئيسية للحكمة التي أعلنها بوذا هي أن الحياة فانية (والكل زائل) فلا شيء يمكن أن يبقى نفس الشيء أو أن يظل على حاله، فالكون كله الذي يمثل الإدراك الحسي هو في حالة تدفق مستمر والناس لا ينظرون إلى الأشياء على أنها دائمة إلا على سبيل الخطأ ( ). وتشمل الحكمة كلاً من الفهم الصحيح للأشياء على ما هي عليه، والعزم على السلوك طبقاً لهذا الفهم. وتكشف الحكمة عن طبيعة الأشياء وأسباب المعاناة، ولكنها لا تتوقف عند هذا الحد، وإنما هي تعبر كذلك عن نفسها في التصميم على قهر المعاناة من خلال تنحية الرغبة الأنانية، ويتضمن هذا التطعيم غرس حب شامل في عمقه ومداه، يكشف عن نفسه في الشفقة واللا أذى، حيث يتم التخلي كلية عن الرغبات الأنانية وسوء النية والكراهية والعنف، عندما نبلغ الحكمة. والسلوك الأخلاقي هو في آن واحد انعكاس للحكمة والانضباط وشرط لهما، فالشخص الحكيم هو وحده الذي يمكن أن يكون خيراً، والشخص الخير هو وحده الذي يمكن أن يكون حكيماً، وكل من الحكمة والخير يقتضي الانضباط، وبناء على هذا فإن المرء بدأ وينتهي بالأمور الثلاثة بصورة متزامنة، والسلوك على نحو أخلاقي يعني سلامة القول وسلامة الفعل وسلامة كسب العيش. وسلامة القول تعني بصفة عامة تجنب كل قول يفضي إلى التعاسة واستخدام العبارات التي تجلب السعادة. ويشمل تطبيقه السلبي. - لا كذب - لا نميمة ولا اغتياب ولا حديث قد يجلب الكراهية أو الغيرة أو العداء أو الفرقة بين الآخرين. - لا حديث يتسم بالشدة أو الوقاحة، ولا حديث يشوبه الخبث، ولا أسلوب ينقصه الأدب أو الاحتشام. - لا ثرثرة نابعة من الكسل أو الخبث أو الحمق. وسلامة السلوك تعني تجنب القتل أو الإيذاء، والتعفف عن السرقة والغش والنشاط الجنسي غير الأخلاقي وهو على الصعيد الإيجابي يعني أن سلوكيات الفرد ينبغي أن تهدف إلى دعم السلام والسعادة للآخرين. أما سلامة العيش فهي تمد نطاق مبدأ السلوك الحق إلى المهنة التي يختارها المرء على امتداد حياته، وبناء على هذا فإنها تستبعد المهن التي من شأنها أن تؤذي الآخرين، مثل الإتجار في الأسلحة النارية و الخمور والمخدرات والسموم والقتل والدعارة .. إلخ. وسبل كسب العيش التي تنشر السلام والخير ( ). مذهب السيخ Sikhism ولد المعلم الروحي ناناك Nanak عام 1469م، والمكان الحقيقي الذي ولد فيه موضع خلاف، ولكن لا يمكن أن يكون هناك شك في أن والديه ينتميان إلى قرية تلفاندي Talivandi التي تبعد أربعين ميلاً عن جنوب غربي (لاهور) وتعرف الآن باسم ننكانا – صاحب Nankana – Sahub، ولقد قضى ناناك طفولته وشبابه في هذه القرية ولم يتركها إلى بعد أن تزوج وأنجب غلامين. ثم انتقل ناناك وهو لا يزال شاباً إلى مدينة سلطانبور Sultanpur وفي أواخر عام 1500 غادر هذه المدينة وتبنى حياة الزهاد المتجولين داخل الهند وخارج حدود الهند. مع بداية أول مؤلف تم تسجيله من كتب السيخ المقدسة نجد فكرة واحدانية الله، فالله عند المعلم (ناناك) واحد، وهو الخالق، المفارق المتعالي الذي يجب أن يرتبط به ارتباطاً وثيقاً أولئك الذين يبحثون عن الخلاص. ويصف المعلم ناناك الله بأنه الواحد الذي لا شكل له، وهو الأزلي وهو (ما لا يوصف)، والله حاضر في كل مكان وموجود في كل مكان. طريق الخلاص: إن العقبة الرئيسية التي تعوق عملية السعي إلى الخلاص هو الوضع البشري، فالناس في ضلالهم واقعون في عبودية العالم، لأن ولاءهم للعالم ولقيمة، وهذا التعلق بالعالم يسجنهم داخل دورة تناسخ لا نهاية لها من الميلاد والموت. فالناس يسعون إلى تحقيق الخلاص عن طريق التعلق بالقيم الدنيوية، ولذلك فهم ضحايا الوهم الذي يصور لهم أن التعلق بالقيم الدنيوية هو الحقيقة في ذاتها. وهذه الحالة من الضلال أو الوهم تمنع الكشف أو التجلي الإلهي. وعلى الإنسان أن يتجاوز هذا العالم الدنيوي بنظام العبادات والزهد لكي تجد الروح اتحادها الصوفي بالله، وتبلغ الروح مرحلة الانعتاق باندماجها في الله ( ). الفلسفة اليونانية - طاليس: أدرك طاليس 546 ق. م أن الماء ضروري لحياة الإنسان والحيوان والنبات وإن شيئاً ما لا يمكن أن يثمر أو يتوالد بدون الماء، كما أننا نجد أن البذور الأصلية لجميع الأحياء تحتفظ بقدر من الرطوبة. ويذكر أرسطو أن طاليس هو القائل: (بأن الماء هو العلة المادية للأشياء جميعاً، وأن الأرض تطفو فوق الماء، وأن للمغناطيس قوة حيوية، وأن العالم مليء بالآلهة). فما معنى قول طاليس أن الماء هو العلة المادية للموجودات؟ يقصد بذلك الإشارة إلى أن الماء هو المادة الأولى الخام لجميع الأشياء، هذه المادة تتشكل بعد ذلك وتتخذ صوراً أو هيئات مختلفة. وكأن طاليس يريد أن يصل إلى مبدأ أول مادي يفسر به التغيرات المختلفة التي تطرأ على الظواهر الطبيعية، فرأى أن الماء هو العنصر الوحيد الذي يمكن أن يتخذ أشكالاً مختلفة، فقد يتحول هذا السائل إلى مادة غازية أو إلى مادة جامدة التراب والثلج، ويذكر طاليس أنه رأى بنفسه كيف تتم هذه التحولات في الطبيعة وكيف أن هذه التحولات تبدأ من الماء لتعود إلى الماء، فالماء يتحول بفعل الحرارة إلى بخار، ثم يعود ليتساقط على هيئة مطر، ثم يتحول بعد ذلك إلى تراب يتحول إلى ماء كما نشاهد في الينابيع الأرضية مثلاً، ومن ناحية أخرى فقد أوحت إليه ظاهرة التبخر القول بأن الرطوبة المتصاعدة من البحر على هيئة بخار هي التي تحفظ نار الأجسام الإلهية السماوية( ). وينسب أرسطو لطاليس قوله: (بأن العالم مليء بالآلهة)، ويفسر أرسطو هذا القول بأن طاليس ربما يعني بذلك أن للعالم نفساً، أو هناك عقل للعالم، فهناك عقل إلهي أوجد الأشياء من الماء، وقد أرجع طاليس الظواهر الكونية إلى أصل واحد على أساس منطقي، والنظر إلى العالم على أنه وحدة متناسقة في الوجود ( ). انكسمندر: يرى أن الأشياء كلها مستمدة من عنصر أول أوحد، لكن هذا العنصر ليس هو الماء كما ظن طاليس، ولا هو أي عنصر آخر مما نعرف، بل إنه لا نهائي وخالد ولا حدود لزمانه، وهو (يحتوي على العوالم كلها) ذلك لأنه ظن أن عالمنا هذا إن هو إلا عالم واحد من طائفة كبيرة، وهذا العنصر الأول يتحول إلى العناصر المختلفة التي نألفها، ثم تتحول هذه العناصر المألوفة أحدها إلى الآخر، وله في ذلك عبارة هامة تستوقف النظر (إن الأشياء تعود فترتد إلى العنصر الذي منه نشأت، كما جرى بذلك القضاء، لأنها تعوض بعضها بعضاً، ويرضى بعضها، لما وقع منها من إجحاف، كما يقضي بذلك أمر الزمان). ففكرة العدالة، سواء في ذلك العدالة الكونية والعدالة الإنسانية، قد لعبت دوراً في الفلسفة اليونانية، وقد عبر انكسمندر عن فكرة العدالة بأنه لابد أن يكون هناك نسبة معينة من النار ومن التراب ومن الماء في العالم، لكن كل عنصر من هذه العناصر (وقد تخيلها آلهة) لا يغني عن السعي في سبيل اتساع رقعة ملكه، غير أن ثمة نوعاً من الضرورة أو القانون الطبيعي لا ينفك يرد التوازن إلى حيث كان، فحيث كان نار مثلاً نرى الآن رماداً، والرماد من التراب – هذه الفكرة عن العدالة، والعدالة هنا معناها عدم مجاوزة الحدود المفروضة منذ الأزل، هي من أعمق العقائد اليونانية، وكانت الآلهة خاضعة لحكم العدالة خضوع البشر له. وكان لانكسمندر حجة يدلل بها على أن العنصر الأول لا يمكن أن يكون ماء ولا عنصر آخر غير الماء مما نعرف لأنه لو كان من هذه العناصر عنصر أولي لاكتسح العناصر الأخرى، ويروي عنه أرسطو أنه قال: إن هذه العناصر المعروفة لنا يعارض بعضها بعضاً، فالهواء بارد والماء رطب والنار حارة، وعلى ذلك فلو كان أحد هذه العناصر لا نهائياً، لزالتا العناصر الباقية قبل اليوم) وإذن فلابد أن يكون العنصر الأولي محايداً في هذا الصراع الكوني( ). ويقول انكسمندر إن اللامتناهي هو العلة المادية والعنصر الأول في وجود الأشياء جميعاً، ورفض القول بأن اللامتناهي ماء أو أي عنصر آخر، إذ أنه في نظره جوهر مختلف عن كل هذه العناصر. وهذا اللامتناهي أزلي لا زمن له تصدر عنه كل السموات والعوالم الموجودة في هذه السماوات ويوضح انكسمندر أن هناك شيء أزلي لا يفنى هو مصدر الأشياء جميعاً وترجع إليه هذه الأشياء، فهو معين لا ينضب. والواقع أن موقف انكسمندر تطور طبيعي لفكرة طاليس، لقد رأى انكسمندر أن الماء لا يمكن أن يكون مصدراً لجميع الموجودات، ولابد أن تكون العلة الأولى شيئاً عاماً يقبل التشكلات المختلفة، كما يقبل الأضداد، وإذن فقد قال باللامتناهي السابق على العناصر، أما هذه المادة اللامحدود فإنها تشتمل على الأضداد، ويظل النزاع مستمراً بين هذه الأضداد، إذ أن كلا منها يحاول التغلب على ضده، فيتغلب الحار على البارد في فصل الصيف مثلاً، ويحدث العكس في فصل الشتاء، وينتهي هذا الصراع في الغالب لمصلحة أحد الطرفين لمدة موقوتة ليعود فيتلاشى في المادة الأولى( ). |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 14 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 15 | |||
|
![]() شيء موجود، يدور حوله الكلام)( ). |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
الاجتماعي, الحضارات, الفكر, القديمة |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc