يجد المواطن نفسه كالأضحية في طوابير البريد من أجل “افتكاك” راتبه الشهري فيقضي يوما كاملا في الانتظار، ويقضي المواطن ساعات أمام محطات بيع الوقود للظفر بلترات من المازوت أو البنزين مثله مثل أي مهرب مهنته الانتظار لساعات في طوابير العار هذه، وفي الشتاء ينتظر المواطن الغلبان الأيام والليالي شاحنات نافطال من أجل الفوز بقارورة غاز، لأن قدره أن يبقى “واقفا” طيلة نصف قرن من أجل البلد وحتى لا يوصف بالمشاغب الذي تطبق عليه قوانين الإخلال بالنظام العام.
وفي الأسواق يشتري المواطن البطاطا التي تآكلت بفعل التبريد بـ 80 دينارا، مثلما يشتري الطماطم بـ 140 دينارا وكأننا بلد لا وجود فيه لليابسة، تماما مثلما يشتري السمك بـ 400 دينار للكلغ وكأننا بلد من عمق الصحراء لا بحر ولا ساحل فيه.
في المستشفيات يمكن لمن كتبت عليه الأقدار دخول هذه المقابر أن يموت مختنقا من مشاهد الإهمال والأوساخ وغياب الوازع الأخلاقي والديني والانساني إن صح التعبير.. مستشفياتنا يمكن أن تتحول إلى غرف إعدام فهي تصلح لكل شيء إلا لأن تكون “سبيطار” ..
في الشارع هنالك أكثر من مظهر يبعث على القلق، شارعنا بلا أخلاق وبلا هيبة، حيث يمكن لك أن تعاين كل المظاهر السلبية والسلوكيات والتصرفات غير الأخلاقية، شارعنا قمامات وكتابات حائطية وألوان متنافرة، فهو الشارع الوحيد في العالم الذي تصاب فيه بأمراض التنفس..
في البلديات يموت المواطن هما من صعوبة الحصول على شهادة للحالة المدنية، مثلما تموت في محاكمنا هما لأنك ستضطر لقطع مسافة طويلة قبل العثور على طابع جبائي، وفي مراكز الضمان الاجتماعي عليك أن تنتظر يوما كاملا في طابور المراقب الطبي للحصول على تأشيرة حسن النوايا لوصفتك الطبية ونحن البلد الوحيد الذي تطالبنا فيه التأمينات بأن لا نمرض أكثر من 3 مرات في الثلاثة أشهر رغم وجود المحفّزات لأن نمرض كل يوم.. وفي الانتخابات إن لم تقاطعها جملة وتفصيلا، فإنك ستضطر لأن تتوجه من مركز إلى آخر للعثور على اسمك أو ربما لا تعثر إلا على اسم أحد الأموات الذين تعرفهم.. أليس هذا دليلا كافيا على أن المواطن هو الأضحية الوحيدة في البلد.
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2012-10-25, 00:56
المواطن الأضحية
العرض العادي
