ما أكثر النصوص في القرآن والسنة التي تكرم المرأة وتوصي بها خيرا, نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر, أن الله-عز وجل- لما أراد أن يضرب مثلا صريحا للمؤمنين ضربه بامرأتين, وليس برجل, وما في ذلك من تكريم للمرأة,
يقول الله-عز وجل-: "وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون, إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة, ونجني من فرعون وعمله, ونجني من القوم الظالمين, ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها, فنفخنا فيه من روحنا, وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين" (التحريم 11, 12)
وقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: "استوصوا بالنساء خيرا"
هذه النصوص وغيرها ترد على من يزعم أن الإسلام يهين المرأة أو ينتقص من شأنها, ومن ثم فمسألة ضرب الزوج لزوجته هي مسألة لا يمكن أن تفهم خارج هذا التوجه العام للإسلام الذي يكرم المرأة ولا يهينها, ولنرجع سويا إلى ملابسات الآية التي ذكرت هذا الأمر, الله-عز وجل- يقول: "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن, فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا, إن الله كان عليا كبيرا, وإن خفتم شقاق بينهما, فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما.."
(النساء 34, 35)
فالزوجية في الإسلام حقوق وواجبات, ومسألة الضرب تأتي في سياق الحديث عن المشاكل التي قد تنشأ بين الزوج وزوجته, عندما ترفض الزوجة أن تعطي الزوج حقا من حقوقه, , وقد وضع القرآن الكريم للزوج استراتيجية التصرف مع زوجته في مثل هذه الحالات, فبين أن على الزوج أن يحاول علاج هذه المشكلة
من خلال أربع مراحل مرتبة, بحيث لا يجوز اللجوء لمرحلة متقدمة قبل استخدام المرحلة التي قبلها, فإن انتهت المشكلة باستخدام هذه المرحلة فهو المطلوب, وإن لم تحل المشكلة يتم اللجوء إلى المرحلة التالية, هذه المراحل هي:
*مرحلة الوعظ: أن يعظ الزوج زوجته, وأن يبين لها خطأها, فكما أنه لا يجوز له أن يمنعها حقها فلا يجوز لها أن تمنعه حقه, وأن يبين لها خطورة عملها هذا على بناء الأسرة وتهديده لكيانها, وأن المعاشرة يجب أن تكون بالمعروف, وأن يخوفها بالله.
*مرحلة الهجر في المضجع: إن لم تستجب المرأة لوعظ زوجها, فله أن يلجأ إلى المرحلة التالية وهي ألا يعاشرها معاشرة الأزواج وأن يهجرها في الفراش, لعلها حينئذ تدرك خطورة الأمر.
*مرحلة الضرب: وهي آخر وسائل العلاج التي يمكن اللجوء إليها, بعد فشل كل المحاولات الأخرى, والضرب المقصود هنا هو الضرب الرمزي الذي هدفه إشعار الزوجة أن السيل قد بلغ الزبى, وأن الزوج لم يعد يحتمل هذا الوضع وأن عليها أن تراجع نفسها لأنها الفرصة الأخيرة, والضرب هنا يكون, كما قال عدد من المفسرين, بسواك أو ما شابه, كالقلم مثلا, وما يدل على أن الضرب الذي يروج له البعض ليس واردا أبدا
كما لا ننسى أن النبي-صلى الله عليه وسلم- هو النموذج العملي والحركي للقرآن لم يؤثر عنه قط أنه ضرب واحدة من أزواجه, مع العلم بأن أكثر من موقف مماثل لما يقع بين الأزواج قد وقع بينه وبين بعض أزواجه, فما رفع يده على امرأة أبدا, روى الإمام مسلم في صحيحه أن عائشة-رضي الله عنها- قالت: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده, ولا امرأة ولا خادما, إلا أن يجاهد في سبيل الله "
فهلا كنا قدوة لخير الناس أجمعين؟؟؟