![]() |
|
منتدى اللّغة العربيّة يتناول النّقاش في قضايا اللّغة العربيّة وعلومها؛ من نحو وصرف وبلاغة، للنُّهوضِ بمكانتها، وتطوير مهارات تعلّمها وتصحيح الأخطاء الشائعة. |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
النّحوُ العربي : ادّعاءُ صعوبتِهِ ، وطريقُ معرفتِهِ ..
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() ومهمةُ المُعْرِبِ أن يعرفَ اللغةَ وأساليبها ويقيسَ عليها. والإعراب في اللغة: البيانُ، وهو مصدر: أَعْرَبَ، أي: أبان. وإنما سُمي المُعْرِبُ: مُعْرِباً؛ لأن الإعراب إبانُة المعنى، والكشفُ عنه، من قوله صلى الله عليه وسلم [13]: "الثَّيِّبُ تُعْرِبُ عنْ نَفْسِهَا"[14]. وفي العرف: هو التطبيقُ على القواعد النحوية، يقولون: أعرِبْ كذا وكذا. والإعرابُ من خصائص اللغة العربية، وهو ثمرة النحو، وَلُبُّ لُبابِه، وهو الفارق بين المعاني المتكافئة في اللفظ. أوضِّحُ ذلك بمثالين مشهورين عند النحاة: المثال الأول: ما أحسن زيد، وفيه ثلاثةُ أَشْكَالٍ. 1- ما أحسنَ زيداً، بفتح (أحسنَ)، ونصبِ (زيداً)، و(ما) نكرة تامة بمعنى (شيء) مبتدأ، فالأسلوب يفيد التعجب[15]. 2- ما أحسنُ زيدٍ؟ برفع (أحسنُ)، وجرِّ (زيدٍ)، و(ما) استفهام، فالأسلوب يفيد الاستفهامَ. 3- ما أحسنَ زيدٌ، بفتح (أحسنَ)، ورفع (زيدٌ)، و(ما) نافية، فالأسلوب يفيد النفي. فهذه الأشكال الثلاثة متكافئة من جهة اللفظ، ومختلفةٌ من جهة المعنى، بسبب اختلاف الحركات. وفي هذا الموطن قِصَّةٌ طريفةٌ لعلَّها كانتْ من الأسباب الداعية لوضع علم النحو. قال أبو البركات الأنباريُّ: يُرْوى أنَّ أبا الأسود الدؤلي قالتْ له ابنته: ما أحسنُ السماءِ؟ فقال لها: نُجُومُها فقالت: إني لم أُرِدْ هذا، وإنَّما تَعَجَّبْتُ من حُسْنِها، فقال لها: إذنْ فقولي: ما أحسنَ السماءَ[16]. المثال الثاني هو: لا تأكلِ السمكَ وتَشْرَب اللَّبَنَ، وفيه ثلاثة أشكال أيضاً: 1- (وتشربُ) بالرفع، فيجوز في ذلك وجهان: – أن تكون (الواو) للاستئناف، وجملة (تشربُ) خبرٌ لمبتدإِ محذوفٍ، أي: ولك شُرْبُ اللبن، ويكون النهي عن الأول فقط. – وأن تكون (الواو) للحال، وجملة (تشربُ) خبر لمبتدإِ محذوف، ويكون النهي عن المصاحبة. 2- (وتشربَ) بالنصب، فتكون (الواو) للمعية، و(تَشربَ) فِعْلُ مضارعٌ منصوبٌ بـ(أن) مضمرة بعد (واو) المعية، ويكون النهي عن الجمع بينهما. 3- (وتشربٍ) بالجزم، فتكون (الواو) عاطفة، و(تشربِ) فعل مضارع، معطوف على (تأكل)، والمعطوف على المجزوم مجزوم، وحُرِّكَ بِالكسرِ لِلتَّخَلُّصِ من التقاء الساكنين، وهذا من عطف الفعل على الفعل، للتشريك في النهي[17]. فَتَسَبَّبَ عن تغيير حركات (تشرب) اختلافٌ في المعنى. والأمثلة في ذلك كثيرة. ولابُدَّ للمعرب من إتْقَانٍ تامٍّ لقواعد النحو، وذلك بأن يكون قد تَلَقَّى من نَحْوِيٍّ بارعٍ كتاباً جامعاً في النحو العربي، كـ((أوضح المسالك)) لابن هشام، أو أي شرحٍ من شروح ((الألفية)) أو غير ذلك. قيل : العلمُ ما يؤخذ من أفواه الرجال؛ لأنهم يحفظون أحسنَ ما يسمعون، ويقولون أحسنَ ما يحفظون[18]. ثم يتعداه بالقراءة في كل فترة، وقد قالوا: لأَنْ تَقْرأَ كتاباً واحداً مرتَيْنِ، خيرٌ لك من أنْ تقرأَ كتابَيْنِ. وأما الوصول إلى الإعراب فله مراحل: المرحلة الأولى : أن يتأمل المعربُ ما يقرأُ من كلامٍ (منثورٍ أم منظوم)، أو ما يُلقى على سمعه، تأمُّلاً عميقاً، وينظر فيه نظرة تفصيلية، تُلِمُّ بالمعنى المراد. فإنَّما تُدْرَكُ الدقائقُ بالتأمُّلِ، فلهذا قيل: (تَأَمَّلْ تُدْرِكْ[19]). فإن كان الكلام قرآناً، نَظَرَ إليه بسمعه وبصره وفؤاده، لأن للقرآن الكريمِ نَحْواً خاصاً، ونظماً عجيباً، يختلف عن كلام البشر، ولا يهتدي إلى إعرابه كثيرٌ من الناس. فالنحاة البارعون لهم وجهان: وجهُ مع النحاة في نحوهم، ووجهٌ في نَحْوِ القرآن الكريم وإعرابه؛ لذلك لابُدَّ من معرفةِ سبب وروده، وفَهْمِ مراميه، قبلَ الخوض في إعرابه. وإن كان الكلام حديثاً نبوياً فلابد من الوقوف على درجته، أصحيحٌ هو أم سقيمٌ، أَمَرْوِيٌّ باللفظ أم بالمعنى؟ فإن كان مروياً في أحد الجوامع الصحيحة أو حَكَمَ الْحُفَّاظُ عليه بالصحة، وكان مروياً بلفظِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، أو بلفظِ الراوي المحتجِّ بلغتِهِ، فهو صحيحٌ فصيحٌ، يُحْتجُّ به. وللعلماءِ عناية بالغةٌ بالحديث الشريف.. وإن كان الكلامُ مثلاً من الأمثال السائرة، فلابُدَّ من استجلاءِ مورده ومضرِبه، والأمثالُ يُحافظ على موردها عند مضربها. وإن كان الكلام شعراً، فلا منَاصَ من معرفة قائله؛ للوقوف على حقيقة الشاعر، أهو ممن يُحْتَجُّ بشعرِهِ أم لا؟ فإن كان يحتج به فشعره فصيح يحتج به. وإن كان مِثَالاً، فيقاس على الأمثلة الفصيحة الصحيحة، الواردة في الدواوين النحوية. ولابد قبل الإعراب من فهم المعنى : لمعرفة وجهة الكلام، وللوقوف على المراد منه فإنهم قالوا: الإعراب فَرْعُ إدْرَاكِ المعنى، وقد يكون إدراك المعنى فرعَ الإعرابِ. وإذا اعترضتِ المُعْرِبَ، بعد ذلك كلمةٌ لم يفهم معناها فَلَيَسْأَلْ عنها جاراتها، فإن لم تُجِبْهُ فليستنبط معناها من فَحْوىَ الكلام، وما يُناسبُ المقامَ، فإن غُمَّ عليه فليستنِرْ بالمعاجم اللغوية. أجل قلت: يتأمل المعربُ الكلامَ تأملاً عميقاً، وينظر فيه نظرة تفصيلية، ولكنني لا أريد تأمُّلاً كَتَأَمُّلِ الشيخ الذي كان يتعاطى النحو بسجستان. قال ابنُ الجوزيّ: كان بسجستان شيخُ يتعاطى النحو، وكان له ابنٌ، فقال لابنه: إذَا أردتَّ أَنْ تتكلَّم بشيءٍ فاعْرضْهُ على عقلك، وفكِّر فيه بجهدك حتى تُقَوِّمَهُ، ثم أخْرِجِ الكلمَة مُقَوَّمَةٌ. فبينما هما جالسان في بعضِ الأيَّام في الشتاءِ والنَّارُ تَتِّقِدُ وقَعَتْ شرارةٌ في جُبَّةِ خَزٍّ كانت على الأب وهو غافل، والابنُ يراه، فسكتَ ساعةً يُفكِّرُ، ثم قال: يا أبتِ أريد أن أقول شَيْئاً، أفتأذنُ لي فيه؟ قال أبوه: إنْ حَقًّا فتكلَّمْ. قال: أراه حقًّا. فقال: قُلْ. قال: إني أرى شيئاً أحمرَ. قال: وما هو؟ قال: شَرَارَةٌ وقَعَتْ في جُبَّتِكَ. فنظر الأبُ إلى جُبَّتِه وقد احترق منها قطعةٌ. فقال للابن: لِمَ لَمْ تُعْلِمْني سريعاً؟ قال: فكرتُ فيه، كما أمرتني، ثم قَوَّمْتُ الكلامَ، وتكلمتُ فيه، فحلفَ أبوه أن لا يتكلم بالنحوِ أبداً . المرحلة الثانية : يَهْتَمُّ جِدَّ الاهتمام بمعرفة الأَخْبارِ، سواء أكان خَبَرَ مُبْتَدَإِ، أم خبر (كان) وأخواتها، أو خبر (إن) وأخواتها، أو وصْفاً مُعْتَمداً على استفهام. كما يهتم بمعرفة الأجوبة، سواء أكان جوابَ قَسَمٍ، أم شَرْطٍ جازِمٍ، أم شرطٍ غيرِ جازم، وعلامةُ كِلَيْهِمَا أن يتم المعنى به. المرحلة الثالثة: يُعْنَى غاية العناية بالمُتَعَلَّقات، متعلَّق الجار والمجرور، ومتعلَّق الظرف الزماني والمكاني. وأمارة الصوابِ أن يُسَلِّطَ المتعلَّقَ به على المتعلِّقِ، فيلتئم طَرَفَا الكلامِ، ويأخذ بعضهُ برقاب بعضٍ. المرحلة الرابعة: لا يتحول من إعراب كلمةٍ إلى إعراب أخرى حتى يَعرِفَ ما تحتاج إليه الأولى، كالفعل المبني للمعلوم بحاجة إلى فاعل، والفعل المبني للمجهول بحاجة إلى نائب عن الفاعل. والفعل المتعدِّي لواحدٍ أو اثنين أو أكثر بحاجة إلى استيفاء مفاعليه. وهكذا... المرحلة الخامسة: الإعراب نوعان: أولهما: إعراب المفردات إعراباً دقيقاً مع بيان المعرَب والمبنيِّ. وثانيهما: إعراب الجمل، والجملةُ إما أن يكون لها محلٌّ من الإعراب، وإما أن يكون لا محلَّ لها من الإعراب. ولابد من إحكامهما ليكمل الإعراب. المرحلة السادسة: ينتبه المعرِبُ قبل البدء بالإعراب إلى أن يُميِّزَ بين الفعل والاسم والحرف، فسببُ الشكوى من الضعف في النحو عدمُ التمييز بين هذه الأقسام، فَمَنْ لم يَهْتَدِ لأوَّليَّات العلم ضاع في ثوانيها، والتبستْ عليه الطرقُ، وحارَ في أمره، وأصبحت بضاعتُه من هذا العلم مزجاةً. المرحلة السابعة: أن يتعلم أساليب الكلام، فقد يكون للشيء إعرابٌ إذا كان وحدَه، فإذا اتَّصل به شيء آخر تغيَّر إعرابُه، فينبغي التحرزُ من ذلك. فمن ذلك: ما أنتَ؟، وما شأنُكَ؟ فإنهما مبتدأُ وخبر. فإذا قلت: ما أنتَ وزيداً؟ وما شأنُكَ وزيداً؟. فـ(أنت) مرفوع بفعل محذوف، والأصل: (ما تصنع أو ما تكون)، فلما حُذِفَ الفعلُ وَحْدَهُ بَرَزَ الضميرُ وانفصل، وارتفاعه بالفاعلية، أو على أنه اسم لـ(كان). و(شأنُك) بتقدير؛ ما يكون. و(ما) فيهما في موضع نصبٍ خبراً لـ(يكون)، أو مفعولاً به لـ(تصنع). و(الواو): للمعية، و(زيداً): مفعول معه. والأمثلة كثيرة. المرحلة الثامنة: لا يَتْركُ المعرب التَّدَرُّبَ على الإعراب، وذلك بين يَدَيْ خَبِيرٍ متمكن يرده إلى الصواب إن جانَبَهُ، ويأخذ بيده إلى شاطيء السلامة والأمان إن ابتعد عنه؛ لأنَّ هذا العِلْمَ لابُدَّ له من خبيرٍ يُوقِفُهُ على قواعده وأحكامه، ويُعْرِّفُهُ شواذَّهُ، وعِلَلَهُ، وغرِيبَه، وألغازَهُ، ومواطنَ الزَّلل فيه. أو مراجعة كُتُبِ الأعاريب، كـ((خزانة الأدب))، و((شرح أبيات مغني اللبيب)) للبغدادي – 1093هـ، و((المقاصد النحوية)) للعيني – 855هـ. والحقُّ أنه لابدَّ من الجمع بين صُحْبةِ خيبرٍ، وإدامةِ النظر في التصانيف. يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: وأخيراً : فليس في كل الأوقات يتمكن المعرِبُ من الرجوع إلى كُتُبِ النحو، واللغة، فليستنبط المعرِبُ بذوقه ما يكوُن أليقَ بالمقام، وأقربَ إلى الصواب، ولْيَقسِ الأشياءَ على الأشباهِ، والنَّظَائِرَ على النظائِر، وما لا يعرفُ على ما يعرفُ، عاملاً بقول الشاعر: وإجمالاً: فَإنْ صحَّ الْمَعْنَى صحَّ الإعرابُ، وإلاَّ فلا . |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() |
|||
![]() |
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
معرفتِهِ, العربي, النّحوُ, ادّعاءُ, صعوبتِهِ, وطريقُ |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc