ان الحمد لله ، نحمده و نستعينه ، و نستغفره ، و نعوذ بالله
من شرور انفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له
و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أن محمدا
عبده و رسوله صلى الله عليه و على آله و أصحابه و من تبعهم
بإحسان الى يوم الديـــن و سلم تسليما كثيرا ، أما بعد ..
ِِْ~ِْْ~ِِْ~ِِِ~ْْْ~ِِِ
الآن وقد سكن الوجود وقلة حركة كل موجود ، واختلى الأحبة والخلان وساد الصمت الأرجاء والاركان ،،
وبقي حثيث الزرع يناجي في خشوع ضفاف الأنهار والوديان ، وفي الأفق البعيد همس يداعب الظلام بطله نجمان يتسامران ،،
وأن منزوِ في ركني هذا في هذه الزاوية شارد الذهن مشتت الوجدان ،،
أنظرك أيها القمر ... أيها الوجود المعذب ،،
أنظرك وقد إكتمل قرصك واستوى نورك، وظهر للكون رونقك وجمالك وسرورك ،،
أنظرك وما أراك سوى مثال الإنسانية في أرض البشر نقص بعده كمال وكمال ليس بعده سوى النقص ،،
ينقص نورك لتزداد أعمار الناس ويزداد نورك لتنتقص أعمار الناس، يعدون بك الأيام وتعد عليهم الأنفاس ،،
فدعني أيها الصديق الكريم أبثك في ساعتي هذه نجواي وما يتخالج في دواخلي من فيض إحساس ،،
لست اليوم هنا أشكوك همي وحزني أيها القمر فإني أسقيتها دواء الصبر حتى تصبرت عليها ، ودثرتها برداء الكبرياء حتى استسغرتها ،،
وإنما أنا اليوم حبيس هم شجي، وجرح قَصِيّ، و ألم لا يبرح مكانا في جسد أمتي حتى يطأ موضعا آخر ،،
وما عمر الواحد من بني أٌمتي إلا بمقدار ما تخرج كلمة حق من فم قائلها، إن هو قالها ترحم بها على نفسه ، وختم بها صحيفة أعماله .
وليست الكلمة لمن تعمق في فهمها مجرد حروف تخرج من حفرة الحلق التي ما استطاع الزمان بظروبه وأزمنته أن يملأها ،،
رغم ما تئد فيها نفس الأبي كل يوم من كلمات النفاق والتملق والرياء فلا ينطق حرفا منها ،
ورغم ما تئد فيها نفس الخبيث من كلمات الحق والإعتراف والإمتنان فلا ينطق منها حرفا ،،
هي الكلمة أيها الصديق في فهم من وعو وعرفوا، اللغة التي تبني الأمم وتنشء الحضارات ،،
فأنّا لنا أن نعيش أيها الصديق دون أن نعتمد في تواصلنا على الكلمة ، الكلمة التي حباها الله بالتكريم فكانت اللبنة الأساسية في أصل كل بناء °اللغة °
وإن كنت تريد أن تعرف قيمة أي أمة وأثرها، فانظر إلى قيمة اللغة فيهم وأثرها ،،
وإن لغة نزل بها أشرف وأطهر كتاب إلى هذه الأرض ، للغة تستحق من أهلها أن يحفظوها في مقل العيون ، وأن يكتبوها بمداد الدمع و الدم .
وإني أبكي في ساعتي هذه لغتنا أيها القمر، لغة زهد فيها الكبار واستقلها الصغار رغم ما جاءت به من قصص وأسرار وفيض أخبار .
والكلمة في ضرب آخر من ضروب الفهم يا أيها الصديق هي أصل كل فكر حضاري و ألفة و تفاهم اجتماعي °الحوار°
فمتى طمست قيمة الكلمة ، وضربت مكانتها، حضر الغش والخيانة وتدخلت الارتجالية والكذب ،،
ومتى انعدم التحاور بالكلمة والحجة والدليل ، تدخلت الأيدي والأرجل ، وحضرت الدبابة والبندقية ،،
إن الحوار أصل كل تواصل سليم ،و أصل أي بناء على أسس صحيحة ، ومتى غُيب الحوار أو غاب عمت الفوضى وضاعت الأهداف و اندثرت القيم ومعها الأمم .
لكن ما يضنيني ويحزنني ويشجيني ضرب جديد من ضروب الكلمة أيها الصديق ، ضرب يجعل لكل كلمة حق تقال ثمن يدفع،،
أي نعم أيها الصديق ثمن الكلمة الباهض الذي تدفعه أمتي اليوم ، وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا الله و نبتغي الحرية ، فكانت قولتهم عند جلادهم جناية وقضية،،
وراح القصف ينال العمران والبنيان والمآذن والمخازن ، وراحت أشلاؤهم تعم المكان وصرخاتهم تهز الكيان، وقولهم حسبنا الله الواحد الديان ،،
هو ثمن الكلمة الحق في زمن الباطل أيها الصديق ،ولا شك هناك فرج في النهاية لهذا الضيق.
واها منك يا أيتها الحياة الدنيا، تقتلين بالكلمة، وتجرحين بأخبارها، ولا تُؤتين عسل الحرية إلا بعد لسع طويل .
اشحت بنظري عن القمر هنيهات معدودة وعدت إليه وإذا به يتستر خلف سحابة صيف عابرة .
فرحت أسائل نفسي هل تراه يخاف ثمن الكلمة أم أنه يستحي أن عيناه لكل ما يحدث لأمتي ناظرة .
ِِْ~ِْْ~ِِْ~ِِِ~ْْْ~ِِِ
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2012-09-15, 10:02
~ْ~عــلـى حــدود ° كـلـمـة °. ! ~ْ~
العرض العادي
