ماذا يقول سمو أمير قطر، عراب الثورات العربية، الذي بذل "ملكه" وماله و"جزيرته" وموزته، وكل ما يملك في سبيل إسقاط النظام السوري الملعون، والذي لم يكتف بتمويل المعارضة السورية، وتسليح الجهاديين لإسقاط بشار الأسد، بل طالب ويطالب المجتمع الدولي بالتدخل عسكريا في سوريا؟!
ماذا يقول، وبماذا يرد على أوباما، الذي خرج علينا في حملته الانتخابية، وقالها بصريح العبارة، إن القدس هي عاصمة إسرائيل، مثلما قال خصمه ميت رومني، مع أن الرجل كان دائما يرفض اتخاذ موقف من هذه القضية، ونقض عهده للعرب عندما صرح في بداية عهدته الرئاسية بأنه سيعمل على تفعيل مسار السلام ووعد العرب بتغيير نظرة أمريكا لهم في خطاب شرم الشيخ الشهير غداة توليه مقاليد البيت الأبيض.
إلا أن قضية السلام في الشرق الأوسط لم تعرف تقدما يذكر على أرض الواقع طوال السنوات الأربع التي قضاها الرجل في البيت الأبيض، وذهبت كل وعوده بعهد جديد للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط خلال حملته الرئاسية السابقة هباء منثورا؟!
ماذا يقول حامي حمى العرب؟ ماذا تقول العاربة والمكربة بشأن هذا التصريح؟ وهو الذي راح يطبق المشروع الأمريكي للمنطقة بأمانة من سوريا إلى اليمن إلى تونس، مرورا بليبيا ومصر؟!
لا أظن أن الأمير الثري، الأمير السعيد بالدور الذي أسندته إليه وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون والمتمثل في السهر على قلب الأنظمة العربية وإضعاف دولها، فهم ماذا يعني أوباما بتصريح كهذا. لن يفهم طبعا أن أوباما قال للعرب، كل العرب، أمراءهم وملوكهم وجواريهم وكلابهم وحميرهم، ونفطهم وتاريخهم وصحاريهم ورمالهم... إن "كمشة" يهود خير من "شكارة" عرب!؟
أوباما قال بهكذا تصريح، لعرابي الثورات العربية، شكرا لكم لأني استعملتكم كيفما شئت! والآن لا شيء يعلو فوق إسرائيل!
فمصر الإخوانية لم تختلف عن مصر مبارك، وها هو الرئيس الإخواني يطبق دروس كلينتون كتلميذ نجيب، ويبعد ويعين ويقيل ويعيد مثلما أشارت عليه أمريكا، وها هو يعيد السفير الإسرائيلي إلى القاهرة معززا مكرما، ونسي أن رصيده التاريخي إنما كسبه من وراء بغضه لإسرائيل!؟
وليبيا الثورة، تتبول على مقولة القذافي "طز في إسرائيل" وهي تستعد لفتح سفارة الدولة العبرية في طرابلس.
وصدق مرة أخرى برنار هنري ليفي، اليهودي الفرنسي، الذي قاد الحرب على القذافي جنبا إلى جنب مع الناتو، وبشر إسرائيل في لقاء بجامعة تل أبيب أنه إنما فعل هذا من أجلها!
وأمام هذا الحب المفاجئ للكيان الصهيوني لا يمكن أن يكون أوباما أكثر عروبة من العرب!
فماذا لو خصص الأمير السعيد كل هذا الجهد، وهذه الأموال لقدس العروبة؟ وماذا لو بذل العاهل السعودي وحامي الحرمين جزءا من ماله لاستعادة ثالثهما إلى المسلمين وليكن خادم الثلاثة؟!
ماذا لو اجتمعت القوى التي حاربت عبد الله صالح والقذافي والتي تحارب الآن في سوريا، وراحت لاسترجاع القدس؟ أليست القدس أولى بالجهاد؟!
الربيع العربي قبر إلى الأبد قضية العرب الأولى فلسطين، لما أشعلت أمريكا النار في كل عاصمة عربية وألبت الشعوب على أنظمتها، ونقلت بهذا مركز النزاع من فلسطين إلى كل شبر في البلاد العربية؟
فهنيئا لأوباما وهنيئا لإسرائيل! وتبا لأمير قطر وللعرب جميعا!؟
حدة حزام