الشيخ علي الطنطاوي كما عرفته - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الشيخ علي الطنطاوي كما عرفته

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-08-03, 00:47   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*Jugurtha*
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية *Jugurtha*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي الشيخ علي الطنطاوي كما عرفته

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين


الشيخ علي الطنطاوي كما عرفته

عبدالقدوس أبو صالح
المصدر: مجلة الأدب الإسلامي - المجلد التاسع
العددان الرابع والثلاثون والخامس والثلاثون 1423هـ - 2002م ص4.

إنه علي الطنطاوي شيخ الأدباء في الشام، وأديب العلماء وجاحظ القرن العشرين.

كانت أول معرفتي به في مسجد الجامعة السورية، التي سميت بعد ذلك بجامعة دمشق بعد أن كثرت الجامعات في سورية. ومع أن أول حديث سمعته منه قد مضى عليه نحو من نصف قرن، فإني مازلت أتمثله، وأتمثل فيه شخصية الطنطاوي التي لم تتغير في خاطري: شخصية الأديب المطبوع، الذي يجمع بين بلاغة الكلام وخفه الروح، وشخصية الداعية الذي يطرق موضوعه بصراحة واضحة، وجرأة نادرة مما جر عليه غضب المسؤولين في كثير من المواقف، ولكنه أكسبه محبة وشعبية ومصداقية لدى معظم الناس؛ خاصتهم وعامتهم ومثقفيهم وأمييهم، لا نستثنى من ذلك إلا أدعياء التحرر الزائف ودعاة التغريب.








 


رد مع اقتباس
قديم 2012-08-03, 00:48   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*Jugurtha*
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية *Jugurtha*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أيام لا تنسى:

وزادت معرفتي بالشيخ الطنطاوي في مدينة الرياض عندما قدم إليها سنة 1989هـ / 1963م أستاذاً في الكليات والمعاهد العلمية التي صارت بعد ذلك جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
وقد أفرد الشيخ خمس حلقات من مذكراته عن العام الدراسي الذي أمضاه في الرياض، ولكنه مع حديثه عن شعوره بالغربة وضيقه بالوَحدة، لم يذكر تلك السهرة نصف الشهرية التي كنا نعدها من أسعد الساعات وأجمل الأوقات، وكان ممن يحضر تلك السهرة عدد من الزملاء والأصدقاء الذين ذكرهم الشيخ، ومنهم الأستاذ عمر عودة الخطيب ود. مصطفى الخن، ود. محمد الصباغ، ود. محمد علي الهاشمي، والأستاذ تيسير العيتي والأستاذ مصباح السعدي، وكان الدكتور عبد الرحمن الباشا - رحمه الله - يحضرها في بعض الأحيان.

وكانت مجالسة الشيخ في تلك السهرة لا تمل، فهو قطب السهرة، وهو ينتقل في حديثه - على طريقة الجاحظ - من موضوع إلى خبر إلى شعر، ويتخلل ذلك نوادره التي منها ما يحفظه، ومنها ما يكون مما حدث معه في حياته المديدة، سواء في سلك القضاء، أم في سلك التعليم، أم في مخالطته للناس خارج إطار الوظيفة التي تحدث في ذكرياته عن كثير من نوادره الواقعية في أثنائها.

ومع أن سهرتنا مع الشيخ كانت في منزل صديق عزب فإنها كانت تتخذ أحياناً صورة تسمى بالدور، وهنا أذكر من طرائف الشيخ التي كانت بديهته تدفعه إليها، فتولد في لحظة سريعة أن دور السهرة كان في منزلي، وكان أن جلسنا على السطح، وقد صفا الجو، وطابت نسمات الصبا في ليالي الرياض، ولما فرغ الضيوف مما يقدم عادة في مثل تلك السهرة ناديت الخادمة التي كانت تعمل في منزلي، وكانت تسمى غزالة، ولما سمعني الشيخ أردد قولي: يا غزالة تعالي خذي السفرة، إذا به يقول: أي غزالة تلك التي تناديها، والله ما يحمل هذه السفرة إلا حمار، فكيف تحملها غزالة؟! وضحك الضيوف الكرام حين رأوني لا أمد يدي لحمل السفرة التي لا يحملها في رأي الشيخ إلا حمار.

وكان الشيخ على سجيته في تلك السهرة لا يتكلف، ولا يتورع أن يكون مثل شبيهه الجاحظ فيورد من النوادر ما يخطر على باله دون تحرج، وكان معنا صديق يميل إلى الرّصانة والشدة، فقال له: يا شيخ على: إنه لا يليق أن تذكر من النوادر ما لا يليق بمقامك. واستجاب الشيخ فوراً وقال له: أرجو أن تكون أميراً على. حتى إذا رأيتني أقول ما لا تراه لائقاً نبهتني فارعويت. وقبِل الزميل هذه الإمارة على الشيخ، فما مضت برهة من الوقت حتى خطرت على ذهن الطنطاوي إحدى تلك النوادر التي لا تعجب الزميل المتشدد، فقال الطنطاوي: بالإذن من الأمير سأقول هذه النادرة، ثم تكرر ذلك الاستئذان في تلك السهرة مرات ومرات، وعندئذ قال الزميل: اشهدوا أني استقلت من هذه الإمارة التي (تبهدلتُ) بها.

ومما لم يذكره شيخنا الطنطاوي في ذكرياته عن الرياض أنه لم يكن يصبر على مادة واحدة، وكان يجرب تدريس المادة أسبوعاً أو أسبوعين ثم يقول: "هذه المادة ما صلحت لي وما صلحت لها". ولما أعيا الأمر عرض على عميد الكليتين - كلية الشريعة وكلية اللغة العربية - أن يلقي محاضرة أسبوعية عامة، يدعى إليها الناس مساء، وكانت المحاضرة العامة نادرة أو قليلة في الرياض آنذاك، وقبلت إدارة الكليات والمعاهد اقتراح الشيخ، وتهافت الناس على محاضراته التي كانت فريدة في جمعها بين العلم والتوجيه، مع ما يملك الطنطاوي من سر الجاذبية في أحاديثه الخاصة والعامة، وفي مشهد الناس أو في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية.

ولكن ما هي إلا أن جاء الأسبوع الأخير من شعبان، ونحن في منتصف العام الدراسي، وإذا بالشيخ الطنطاوي يفجأ الناس بعد أن انتهى من محاضرته قائلاً: "إن هذه المحاضرة هي آخر محاضراته؛ لأنه ولأن الناس سوف يستثقلون الحضور في ليالي رمضان".
وقد حاول عميد الكلية أن يعترض على الشيخ، ولكن الناس كانوا قد نهضوا، واختلط الحابل بالنابل، وهيهات أن يسمع الاعتراض، وهيهات قبل ذلك أن يقبل به الشيخ الطنطاوي.
ولم يبق أمام إدارة الكليات إلا أن يقضي الشيخ الطنطاوي ما بقي من شهور الدراسة مستشاراً متفرغاً من التدريس والمحاضرات.










رد مع اقتباس
قديم 2012-08-03, 00:49   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*Jugurtha*
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية *Jugurtha*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

فيض الذكريات:

وانتقل الشيخ من الرياض إلى جدة في مطلع العام الدراسي التالي، وصرنا لا نلقاه إلا في زيارات قليلة أثناء العمرة أو الحج، نزوره في بيته، أو نراه في زاويته المعتادة قرب الإذاعة في الحرم. وكان مما يعوضنا عن قلة لقاءاتنا به أننا كنا ناره ونسمعه مع آلاف الناس في برنامجه الأسبوعي في الرائي السعودي، هذا البرنامج العجيب الذي استمر نحو من ربع قرن، ولا يماثله في استمراره في العالم إلا برامج معدودة على أصابع اليد الواحدة، وكان تعلق الناس بهذا البرنامج مع برنامجه الآخر "على مائدة الإفطار" أمراً تحار العقول في تفسيره، إذ تعلق الناس به من مختلف الطبقات وشتى الأعمار.

ولما أردت أن أكتب عن الشيخ الطنطاوي كما عرفته، بدأت بالرجوع إلى "ذكريات الطنطاوي" التي صدرت في ثمانية أجزاء كاملة وكان هدفي أن أطلع على ما كتبه عن العام الدراسي الذي نعمنا فيه بزمالته في الكليات والمعاهد العلمية. وكنت قد اطلعت على الذكريات اطلاع العجلان، ولم أتجاوز قراءة الجزء الأول منها، وها أنا ذا أراني أقلب في فهارس الكتاب، وأغرق في قراءة كثير من حلقاتها حتى شغلت بها نحواً من يومين أو أكثر، وقد نقلتني هذه الذكريات إلى بلدي الحبيب، وإلى دمشق بخاصة، حيث يصف الأديب الكبير دمشق؛ دورها وأحياءها، وبساتينها وغوطتها وكتاتيبها ومدارسها وجامعتها الناشئة، كما صور أفراحها ومآسيها والأحداث والوقائع التي شهدها أو أسهم فيها.

نعم لقد تحدث الطنطاوي عما مر بسورية في أيام الاتحاديين العنصريين، وفي زمن الفرنسيين المستعمرين، ثم تحدث عن الجلاء والاستقلال، وتحدث عن الوَحدة والانفصال، وكان لفلسطين في غمار تناوله للحياة السياسية النصب الأوفى.

وتحدث في الحياة الاجتماعية عن مجالس الخاصة وسهرات الناس، وعن الأعراس والمآتم، وعن قضية السفور والحجاب، وندب نفسه مدافعاً عن الفضيلة، وبخاصة في رسائل الإصلاح التي نشرها.
وتحدث عن الحياة الأدبية مبيناً رأيه في الأدب، في معرض رده على الأستاذ شفيق جبري الذي كان من دعاة الفن للفن، وكان من قول الطنطاوي "إن الأدب لا يجدي إن لم يكن أدب الحياة، ولا يكون أدبَ الحياة حتى يُحكِم صلته بها، ويداخلها، فيعرف مواطن الخير فيها فيدل عليها، وأماكن الشر فينفر منها"
[1].

وكان مما قاله عن الحياة الأدبية في سورية: "والحياة الأدبية في الشام أحوج ما تكون إلى المداواة والعلاج، إن كان في الشام حياة أدبية لها وجود، ولها آثار يستطيع الناقد أن يصفها ويتحدث عنها. وأنا أشك في وجود هذه الحياة، فلا أستطيع أن أجزم بوجودها لأني لا أرى أي عَلاقة من علاقات الحياة في أدباء دمشق وأدبها، ولا أستطيع أن أنفيها؛ لأن في دمشق أدباء كباراً معروفين، ولأن دمشق - كما يعرفها الناس جميعاً - عاصمة من عواصم البيان العربي. وإنما أقول: إن أدباء دمشق في منزلة بين الموت الكامل، والحياة الصحية، هي كالسبات العميق، والنوم الطويل، وإلا فما يصنع كتاب دمشق وشعراؤها؟! وأين هي منتجاتهم الأدبية؟! وهل يكفي شاعراً أن يقول كل سنتين قصيدة واحدة، تضطره إليها المناسبات اضطراراً، ثم لا يكون في القصيدة أثر من نفسه، ولا تصف شيئاً من عواطفه؟!

وهل يكفي الكاتب أن ينشر كل عام مقالة تطلب منه، أو مقدمة كتاب يسأل كتابتها؟! بل هل يستطيع أن يملك لسانه الشاعر، فلا يقول شيئاً، وهو يرى كل يوم ما ينطق الصخر بالشعر، من مصائب الأمة ونكباتها، بل من همومه هو ومتاعبه، وما يشاهده في حياته في بيته، وحياته في عمله؟!
[2].










رد مع اقتباس
قديم 2012-08-03, 00:51   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*Jugurtha*
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية *Jugurtha*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

موقف من الأدب:

وتحدث الطنطاوي عن غلبة المذهب الرومانسي على الشعراء الشباب في الشام، وهاجم ما فيها من السَّوْداوية والتشاؤم واليأس والانزواء في الأبراج العاجية فقال: "ولكن الغالب على أدبهم المذهب الرومانسي. وقد حملت على هذا المذهب بسلسلة من المقالات عنوانها "الأدب القومي". إلى أن قلت: من الذي حجب عن عينيك - أيها الشاعر - ملذات الحياة ومفارحها، ولم يُرِك إلا آلامها وأحزانها؟! لماذا ترى سواد الليل ولا ترى بياض الضحى؟! لماذا تصف بكاء السماء بالمطر في الشتاء، وتدع ضحك الأرض بالزهر في الربيع؟! لماذا تصور حشود المآتم، وتهمل حفلات الولادة؟! الدنيا ليل ونهار، وشتاء وربيع، وموت وولادة، إنها كالقمر، له جانب مظلم وجانب مضيء، فمن ملأ قلبه ظلام اليأس لم ير إلا الجانب المظلم مع أنه خفي لا يُرى.
لا تعش لنفسك وحدها، بل عش لها ولأمتك، فكر بعقلها، اشعر بشعورها، وأدِّ ما يجب عليك لها، أما أن تقول: هذا حبي، وهذه عاطفتي، فاشتغلوا بها معي، فلا. إن أدبك يكون إذن مخدِّراً للحس الوطني.
حسبنا بكاء ويأساً، ورثاء للماضي، وفزعاً مما يخبِّئ لنا المستقبل. كفى تبرماً بالحياة، وشكوى منها، ودعونا من أدب لامارتين وموسيه"[3].
وتحدث الشيخ الطنطاوي عن أدب الحداثة المنحرفة، وليس عن الحداثة بمعنى التجديد، إذ كان الطنطاوي من دعاة التجديد في الحياة الأدبية.

وها هو ذا يقول في معرِض حديثه عن زيارته لوالد الشاعرة نازك الملائكة: "وقد نشرت أول العهد بها في الرسالة شعراً نفيساً، أثار إعجابنا وتقديرنا، لا هذا الشعر الذي سمَّوه حراً، أو شعر الحداثة، فهل يبقى الحدث حدثاً أم يشب ويعقل. وسمَّوه حراً، ومن الحرية ما هو فوضى. فإن رأيت الجند يمشون صفاً واحداً مرتباً منظوماً نظم اللآلئ في العِقد. فخرج واحد منهم على الصف وعلى نظامه، فمشى على غير مِشيتهم، وبسرعة غير سرعتهم. أليس هو ما يسمونه بشعر التفعيلة؟! شعر تفعيلاته صحيحة الوزن، ولكن لا ارتباط بين أبياته ولا تناسق بينها. وإن الشعر الحق هو الذي يثير الشجون، ويحرك العواطف، مع اتساقه في الآذان ومحافظته على الإيقاع.

إن علينا أن نقول الحق ولو على أنفسنا، والحق أن معاني الشعر الغربي - الفرنسي أو الإنجليزي - أوسع مدى وأكثر عمقاً، وأن ميزة شعرنا في النظم، في الموسيقى الشعرية، تلك هي الميزة التي يحاول هؤلاء أن يحرمونا منها"[4].

وقال في معرض حديثه عن كتب المطالعة: "جنبوا كتب المطالعة هذا الأدب الذي تسمونه يوماً بأدب الحداثة، ويوماً بالشعر المنثور، ويوماً بالنثر المشعور - كما قال المازني رحمه الله مازحاً ساخراً لما سألوه عنه - ويوماً بقصيدة النثر، وكل ذلك من مظاهر العجز عن نظم الشعر البليغ، كالثعلب لما لم يصل إلى عنقود العنب، قال: إنه حامض. واختاروا لهم مما يقوي ملكتهم العربية؛ لأن العربية والإسلام لا يكادان يفترقان.

لقد حاقت بالعربية نكبات، واعترضت طريقها عقبات، ونزلت عليها من نوازل الدهر المعضلات، ولكن ما مر بها يوم هو أشد عليها وأنكى أثراً فيها من هذا الأدب المزوَّر الذي سميتموه بأدب الحداثة. إنه ليس انتقالاً من مذهب في الشعر إلى مذهب، ولا من أسلوب إلى أسلوب، ولكنه لون من ألوان الكيد للإسلام. بدأ به أعداؤه لما عجزوا عن مس القرآن؛ لأن الله الذي أنزله هو الذي تعهد بحفظه، فداروا علينا دورة، وجاؤونا من ورائنا.
وكذلك يفعل الشيطان، يأتي الناس من بين أيديهم وعن أيمانهم ومن وراء ظهورهم، فعمَدوا إلى إضعاف الإسلام بإضعاف العربية"[5].










رد مع اقتباس
قديم 2012-08-03, 00:52   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*Jugurtha*
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية *Jugurtha*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عاشق مكة:

مع أن معظم ذكريات الطنطاوي كانت عن الشام وعن دمشق خاصة فإنه تحدث عن ذكرياته في المملكة العربية السعودية التي أقام بها نحواً من ست وثلاثين سنة امتدت إلى آخر حياته، وقد عاصر فيها أربعة ملوك أحبهم وأحبوه، كما أحبه عامة الناس في المملكة وخاصتهم، وكان برنامجه الأسبوعي "نور وهداية" وبرنامجه الرمضاني "على مائدة الإفطار" مهوى الأفئدة.

وقد أشرت في مطلع هذا المقال إلى بعض ذكرياته في السنة الأولى التي قدم فيها إلى المملكة سنة 1383هـ/ 1963م، وقد خصص معظم الجزء الثامن من ذكرياته للحديث عن ذكريات إقامته في المملكة، وكان من أجمل ما استهل به ذكرياته عن مكة قوله: "أريد أن أكتب عن المملكة، عن مكة، عن العاصمة الروحية لها ولبلاد المسلمين كلها، وأنا حين أهم بالكتابة عن بلد لا أصف طبيعة أرضه، ولا تحديد مساحته وحاصلاته، ولكن أحاول أن أصف مدى شعوري به، ومبلغ ما له في نفسي.

وهل أستطيع أن أصور المشاعر والعواطف التي ينطوي عليها قلبي لمكة أمِّ القرى، وقبلة المسلمين، ومبعث النور، وأحب البلاد إلي بعد بلدي؟! لا، بل قبل بلدي، فهي بلدي الأول، وبلد كل مسلم، ما يسرني أن يسلم بلدي بأذاها، بل إني أدفع عنها الأذى ببلدي وداري وأهلي؛ لأنها إن سلمت فكل شيء سالم، وإن أصابها شيء لم يسلم لنا بعدها شيء؛ لأنها تكاد تكون لنا كل شيء.
أرأيتم المغناطيس كيف يجذب قطع الحديد من حوله، كذلك تجذب مكة الناس، ولست أدري لماذا يذهب أهلها، فيسيحون في البلدان، والبلدان كلها تكون كل سنة هنا؟!. تدور حول هذا البيت من الغرب إلى الشرق، كما تدور الأفلاك على قطبها. فكأن كل حاج كوكب، وهذا المطاف هو الفضاء الأرحب الذي تسبح فيه النجوم والكواكب"
[7].

ومع أن ذكريات الشيخ الطنطاوي عن المملكة تختلط أحياناً على طريقة الاستطراد بذكرياته السورية فإننا نجد في عناوين ذكرياته عن المملكة ما يلي: (كيف جئت إلى المملكة)، (الدراسات العليا في المملكة)، (الفقيدان الوزير والمدير) - وهما معالي الشيخ حسن آل الشيخ وزير المعارف، والشيخ عبد الرحمن بن صالح التونسي مدير مدارس الثغر - (تعليق على التلبية في الحج)، (في كلية التربية).
وهكذا عرفت الشيخ الطنطاوي عندما كنت طالباً في الجامعة السورية، وعرفته في مدينة الرياض، وعرفته كما عرفه الناس من خلال ما قدم في الإذاعة والرائي على مدى عقود من السنين، ثم من خلال ذكرياته التي أزعم أني اطلعت عليها وقرأت كثيراً من حلقاتها أثناء كتابتي لهذا المقال.
ويتراءى لي الطنطاوي كما يتراءى لكثير ممن عرفوه شيخ الأدباء في الشام وأديب القضاة وجاحظ القرن العشرين.
وقد عاش الطنطاوي حياة حافلة مديدة زادت على تسعين عاماً، ومارس مهناً متعددة؛ التجارة، والتعليم، وإمامة المسجد، والصحافة، والقضاء، ثم انتهى إلى التدريس الجامعي.










رد مع اقتباس
قديم 2012-08-03, 00:54   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*Jugurtha*
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية *Jugurtha*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

موقف شجاع:

وكان الطنطاوي في شبابه مثالاً للرجل العصامي، وكان شديد الثقة في نفسه، وكان صريحاً لا يعرف المجاملة والمداراة، وكان سريع الغضب سريع الرضا، ملولاً لا يكاد يصبر على طعام واحد، ثم هدهدت الأيام من غَربه، وزادته حكمة ورصانة، لكن بعض ملامح شبابه ظلت كامنة كالجمر تحت الرَّماد، حتى أصبح مثل صديق ابن المقفع الذي قال فيه: "وكان يُرى متضاعفاً مُستَضعفاً، فإذا جد الجِد فهو الليث عادياً".

ذلك أن خصلة الشجاعة والجرأة لم تفارق الطنطاوي في حياته كلها، وكانت هذه الشجاعة أجلى ما تكون أمام الحكام، حينما يرى جَوراً في الحكم، أو انحرافاً عن جادة الدين والخلق، ومواقفه في ذلك مشهودة ومشهورة أمام أديب الشيشكلي - الحاكم العسكري في سورية - وأمام الحسيني - قائد الشرطة فيها - وأمام السراج - رئيس المخابرات في أيام الوَحدة بين سورية ومصر - وأمام كمال الدين حسين - عضو قيادة الثورة ووزير المعارف في أيام الوحدة - ولنستمع إلى قوله في مقابلته له مع وفد من العلماء: "نحن ما جئنا من أجل الرواتب، ولكن جئنا مدافعين عن الدين وعن الأخلاق، ومطالبين بالإصلاح. هل تعلم سيادتكم أننا لسنا هنا أحراراً، كل واحد منا مراقب، يبعث إليه من يحصي عليه حركاته وسكناته، فكيف نعيش مطمئنين آمنين ألا تصيبنا جائحة؟! حتى أنت، إنَّ معك اثنين يراقبانك، ويرفعان عنك تقريراً بكل ما تقول أو تفعل، وهذا التقرير لا يرفع إلى سيادة الرئيس، بل إلى رب الرئيس ورب العالمين، يعلن على رؤوس الأشهاد يوم المعاد، يوم لا ينفع مال ولا بنون، ولا وزارة ولا رياسة، فأرجو ألا تهيئ جواباً يرضينا الآن، بل تُعِد الجواب لرب العالمين يوم الحساب"
[8].










رد مع اقتباس
قديم 2012-08-03, 03:44   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
rahabi
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2012-08-03, 08:48   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
abderrahmanovic
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2012-09-08, 17:22   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة *Jugurtha* مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين


الشيخ علي الطنطاوي كما عرفته

عبدالقدوس أبو صالح
المصدر: مجلة الأدب الإسلامي - المجلد التاسع
العددان الرابع والثلاثون والخامس والثلاثون 1423هـ - 2002م ص4.

إنه علي الطنطاوي شيخ الأدباء في الشام، وأديب العلماء وجاحظ القرن العشرين.

كانت أول معرفتي به في مسجد الجامعة السورية، التي سميت بعد ذلك بجامعة دمشق بعد أن كثرت الجامعات في سورية. ومع أن أول حديث سمعته منه قد مضى عليه نحو من نصف قرن، فإني مازلت أتمثله، وأتمثل فيه شخصية الطنطاوي التي لم تتغير في خاطري: شخصية الأديب المطبوع، الذي يجمع بين بلاغة الكلام وخفه الروح، وشخصية الداعية الذي يطرق موضوعه بصراحة واضحة، وجرأة نادرة مما جر عليه غضب المسؤولين في كثير من المواقف، ولكنه أكسبه محبة وشعبية ومصداقية لدى معظم الناس؛ خاصتهم وعامتهم ومثقفيهم وأمييهم، لا نستثنى من ذلك إلا أدعياء التحرر الزائف ودعاة التغريب.
يقول يوغرطة هداه الله:
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=1077125&page=8نحن قرأنا في القرآن أن الله يخلق الإنسان في أحسن تقويم وأنت تقول لي أن الله هو الذي يخلق المعوقين واصحاب العاهات أي عقيدة هذه التي تدعون لها ؟

أليست هذه زندقة إنه ينكر أن الله خالق كل شيئ؟

سؤال مهم لك يايوغرطة
من الذي يخلق المعوقين واصحاب العاهات؟

قال الله في الزمر:الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل ( 62 )

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=1077125&page=8









رد مع اقتباس
قديم 2012-09-08, 17:54   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
kokotg
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية kokotg
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله كل خير










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الشيخ, الطنطاوي, عرفته


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:04

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc