اعلـم أن هنـاك فـرقاً بين لفـظ الكفـر إذا جـاء بصيغـة الاسـم النكرة (ككُفْر، وكافر، وكُفار، وكافرون)، وإذا جاء بصيغة المعرفة بدخول (أل) على الاسم النكرة (كالكُفْر، والكافر، والكفار، والكافرون).
وفي هذا قال ابن تيمية (وفَرْقٌ بين الكفر المعرف باللام كما في قوله صلى الله عليه وسلم «ليس بين العبد وبين الكفر أو الشرك إلا ترك الصلاة» وبين كُفر مُنكَر في الاثبات) (اقتضاء الصراط المستقيم) ط المدني، صـ 69.
فإذا جـاء الكفر بصيغة النكرة احتمل أن يُراد به الكفر الأكبر أو الأصغر، وهذا في السنة فقط، أما في القرآن فسواء جاء بصيغة النكرة أو المعرفة فالمراد به الكفر الأكبر.
أمـا إذا جـاء الكفـر بصيغـة المعرفـة، فإنـه لايـُراد بـه إلا الكفـر الأكبر، وذلك لتصدير الاسم بالألف واللام المؤدية لحصول كمال المسمى، وهذا لاخلاف عليه بين أهل العلم بلغة العرب. فإنك إذا قلت «عمرو الشجاع» أفدت أنه الكامل في الشجاعة، فتخرج الكلام في صورة توهم أن الشجاعة لم توجد إلا فيه لعدم الاعتداد بشجاعة غيره لقصورها عن رتبة الكمال، وهذا بخلاف قولك «عمرو شجاع»، فظهر بذلك الفرق بين الاسم النكرة والمعرفة في إفادة كمال المعنى. انظر (الإيضاح في علوم البلاغة) للخطيب القزويني، ط دار الكتب العلمية 1405هـ، صـ 101، وانظر (الصلاة) لابن القيم، ط دار الكتب العلمية، صـ 18.
وعلى هذا فقولك (فلان الكافر) هو إخبار عنه وحكم عليه بأنه كافر كفراً أكبر، لكون الخبر عنه جاء معرفاً بأل الدالة على حصول كمال الكفر فيه، والدالة على بلوغه الغاية في الكفر. وكذلك في قوله تعالى (فأولئك هم الكافرون) هو إخبار عن أولئك بأنهم قد بلغوا الغاية في الكفر، وهذا هو الكفر الأكبر.
وفي تقرير هذه المقدمة:
* قال ابن تيمية رحمه الله (وفَرْقٌ بين الكفر المعرف باللام كما في قوله صلى الله عليه وسلم «ليس بين العبد وبين الكفر أو الشرك إلا ترك الصلاة» وبين كُفر منكر في الاثبات) (اقتضاء الصراط المستقيم) صـ 69.
* ومـن فتـاوى اللجنـة الدائمـة بالسعوديـة، (ورد فـي جـواب الفتـوى (5226) (أمـا نوع التكفير في قوله تعالى «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون»، فهو كفر أكبر) إفتاء: عبدالله بن قعود، وعبدالله بن غديان، وعبدالرزاق عفيفي، وعبدالعزيز بن باز، (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء) جمع الدويش، 2/ 93.