رواية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الثّقافة والأدب > خيمة الأدب والأُدباء

خيمة الأدب والأُدباء مجالس أدبيّة خاصّة بجواهر اللّغة العربيّة قديما وحديثا / مساحة للاستمتاع الأدبيّ.

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

رواية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-02-21, 07:54   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
close friend
عضو جديد
 
إحصائية العضو










Flower2 رواية

معاناة الشعب الجزائري
كانت المرأة التي يكون زوجها أو ابنها ملتحقا بالجبل لا تقدر على لبس الحايك و هو لحاف طويل أبيض اللون تستر المرأة الجزائرية به نفسها ؛ فتضطر للسترة بقطعة
قماش طويلة منعا لنفسها من الفرح إلى حين عودته ؛
كما ان شكله كلباس رث فلا يُظهر جمال المرأة و لا يلفت انتباه القُومية الخونة ( فالقُومية أو الحرْكَة كانوا أناس جزائريين لكن عملاء لفرنسا ) ، و هذا ما كانت تستعمله عائشة زوجة أبا القاسم كلحاف و والدته ؛ التي لجأت إلى واد بعيد لتبكي فيه فلا تخشى أن يُسمع صوتها ؛ فقد كان كل من لديه قريب بالجبل يجاهد ضد فرنسا عليه أن يحتاط بأن لا يعرف العسكر بذلك حتى لا يأخذوه كنقطة ضعف يهددون بها المجاهد ليسلم نفسه و لذا فقد كانت الأم لا تُخبر أحدا ؛ إلى أن جاءها خبر من عدو لهم خائن يعمل لصالح فرنسا الحرْكي مثلما كانوا يسمونهم و قال لها :
ـــ لقد شبت معركة بين فرنسا و الجزائريين و قُتل ولدك أبا القاسم بخضمها.
لم تقل مريم شيئا حتى لا يشعر بها أحد و يأتي العسكر لأخذ عائشة و أولادها آخر ما تبقى لها ، فركضت إلى الوادي مكانٌ بعيد و هنا أجهشت باكية فلم يكن يسكن أحد هناك ؛ فبإمكانها أن تصرخ و بإمكانها أن تُخرج كل الأحزان التي تكبتها منذ بدء هذه المحنة التي طالت عليها كثيرا .
لمريم والدة أبا القاسم أربعة ذكور محمد ؛ علي ؛ أبا القاسم و عمر و بنتين خطفهما المرض منها لأنها لم تكن تملك المال لمعالجتهما و بعدها قُتل الثلاثة فلم يكن لها أمل بالحياة إلا أن تعيش لأجل أبا القاسم فاهتمت بأولاده إلى حين عودته لكنه لن يعود هو الآخر لمن ستحيا و كيف ستتمكن من العيش دون أمل و أثناء هذا الفيض من الدموع و الصراخ يمر احد معارفها إبراهيم فيسمع بكاء ناحية الوادي فيتجه إليه كي يتفاجأ بها و اقترب منها مستغربا و هو يسألها عن سبب البكاء و سبب تواجدها هنا بمكان منعزل ، لقد كان إبراهيم من المقربين إلى المجاهدين فيأتي أحيانا بأخبارهم إلى الأهالي حتى لا يقلقوا :
ـــ لماذا تبكي يا أختي مريم ولماذا أنت هنا وحدك بهذا المكان الموحش ؟
فتنظر إليه و هي لا تقوى على أن تنطق بها ؛ فاقترب أكثر و هو يُصر على معرفة ما يحدث ثم نطقت بصعوبة :
ـــ قيل لي أن ولدي قُتل فماذا بقي لي أنا .
علت على ملامح إبراهيم علامات الاندهاش و هو يقول :
ـــ من هذا الكاذب الذي أخبرك بذلك ؟
قالت بصوت مبحوح يائس :
ـــ احمد علي قدم الدشرة و عند وصوله إلينا قالها و كأنه سعيد بذلك .
اشتدت حدة صوت إبراهيم و هو يقترب منها :
ـــ الكاذب الملعون ذلك الخائن كان يود أذيتكم بهذا فكيف تصدقونه ؟ فالبارحة كنت بصحبة المجاهدين و أبا القاسم وسطهم بخير و لم يشارك بهذه المعركة لأنه كان مكلف بأمر أهم مع الجبهة بمناطق بعيدة أخرى و لو كان حدثا كهذا وقع فأنا أول من سيعلمه و أول من يخبركم .
فرفعت مريم رأسها و هي تنظر إليه غير مصدقة :
ـــ أحقا ما تقول ؟ ولدي لازال حيا ؟
فابتسم :
ـــ أجل .
و فجأة تغيرت ابتسامته لغضب و هو يبتعد عنها :
ـــ سأذهب إلى ذلك الخائن الذي لا يتنمر إلا على النساء بغيابنا .
ثم يستدير ناحيتها :
ـــ عودي أنت الآن إلى البيت و مرة أخرى لا تصدقي إلا الأخبار التي آتيك بها أنا .
عادت مريم كمن يولد من جديد و هي لا تعلم هل ما حدث من ساعتين فقط كان كابوسا و استفاقت منه أم انه حقيقة .
فمعاناة مريم و عائشة هي معاناة كل جزائري فارقه أحد من أقاربه كي يلحق بالجبل للجهاد .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
عائــــــــشـــــة الآية الربانية
عائشة امرأة شهد لها الكل بجمالها الأخَّاذ و لذا كان يتهافت الكثير من الخطاب عليها ؛ فكان والدها يتردد كثيرا في قبول احدهم دون أن يُغضب الآخر و اشتد الحديث عنها بين الرجال الذين يرغبون بها كزوجة و أُما لأبنائهم ؛ بهذا كان حتما طبيعي أن يصل الأمر إلى النساء و تشتد غيرة قريناتها فكانت كل بنات عمها يتساءلن :
ـــ بماذا تتميز عنا و لماذا الكل يسعى لخطبتها ؛
إلى اليوم الذي تعارك فيه خطيبين كل واحد منهما يقول :
ـــ هي لي ....
و ارتفع صوتهما و شب العراك بينهما إلى درجة رفع السلاح و التهديد بالقتل و كل واحد يقول :
ـــ أنا الأول الذي تقدم لخطبتها فأنا الأحق ....
فأصبح أحد الاثنين يقول :
ـــ إذا أخذها أي أحد سأقتله ....
أثار كل هذا غيرة أمَّر بنفوس فتيات ينتظرن دورهن بالزواج فلم يكن من تأثير العين على عائشة إلا أن قرر والدها عدم تزويجها لأي من الخطاب و أصبح يقول :
ـــ ليس لي بنات للزواج .... كانت لي ابنة اسمها شريفة و قد تزوجت و انتهينا ....
سرت قريباتها من هذا القرار الذي استغربته عائشة و لكنها تقبلته بصدر رحب كعادتها فقد كانت فتاة هادئة الطبع و ذات حكمة و فراسة و بذلك لم يكن الجمال الخارجي فقط هو ميزتها بل و أيضا جمالها الروحي و العقلي ، كانت بيضاء البشرة ناعمة الملمس و كان شعرها الناعم أشقرا طويلا ؛ لم يكن طولها مبالغ فيه كما لم تكن بحاجة للبس الكعب العالي كي تظهر بين النساء ؛ ذات جسد رشيق و عيون فاتحة اللون بوجه بيضاوي و ثغرها ذا شفتين صغيرتين ؛ وجها بشوشا و طلقا على الدوام فلم يكن بإمكانك أن تلمح علامات الغضب أو الضيق على ملامحها حتى و إن كانت كذلك ؛ فكان هذا أكثر ما يحبب الناظر إليها فقد أحسن المولى خَلقها و خُلقها ، إن سمات و مزاج أي شخص تنعكس على وجهه لكن عائشة كانت تبدو دوما مرتاحة فكان يصعب على الشخص معرفة مكنونات نفسها من انزعاج و غيره .
تزوجت بعد ذلك كل فتاة كانت تحسدها على تهافت الخطاب عليها و ظلت تنتظر نصيبها إلى أن رضي والدها كي يكون هذا الشاب الوسيم هو رفيق دربها ؛ فقد وافق الوالد على تزويجها إلى أبي القاسم الولد الثالث لأمه فلم يكن والده موجودا لحضور هذه المناسبة المهمة فكانت مريم الأم هي الرجل و المرأة بعائلتهم .
كانوا أربعة إخوة ؛ كما لم تكن الفرحة تسع أبا القاسم فالمرأة التي كثر الحديث عنها بين النساء و الرجال و التي سيفوز بها كانت من قدره و هو الذي لم يكن يخطر بباله هذا النوع من الأحاديث فقد كان رجلا مستقيما و لا يحب الخوض في تلك المواضيع التي يخوض فيها من هم أقرانه ؛ بل ظل يعتبر هذه الأمور مكتوب و نصيب ليس إلا ؛ و هكذا كان مكتوبه و نصيبه هذه الفتاة الشابة الجميلة و هذه الصبية الفذة .
و أخيرا ... اقترب موعد الزفاف ؛ فقد كانت عائشة تُحدث إحدى بناتها بعد سنوات طوال من زواجها :
ـــ كثرة الحسد و الغيرة من قريباتي و كل من سمع بكثرة خُطابي جعل زواجي يتأخر في حين كل من غارت مني و حسدتني تزوجت فيما بعد و بقيت أنا ببيت أبي فحتى أختي الوحيدة أذكر يوم أن خاصموها أهل زوجها لأنهم أرادوا أيضا خطبتي لكنني رفضت لكوني كنت أرى كيف كانوا يعاملونها فكيف أقبل أن أرمي بنفسي إلى الهلاك فالزواج بالنسبة لي استقرار و تفاهم و أهم شيء الاحترام .
فقالت ابنتها :
ـــ لكنك لم تتضايقي بتأخر زواجك بعد كل تلك الأحداث ؟
ابتسمت ابتسامتها الهادئة :
ـــ ألست فتاة فرحتها الكبرى ليلة زفافها ... طبعا تضايقت كثيرا و حزنت لكن بداخلي و حدثت نفسي يا الهي كم صرخت الكثير من الفتيات و قلن لما هي بالذات و ها هن قد تزوجن قبلي و بقيت أنا سنوات بعدهن ؛ فهل تذكرتني أي واحدة منهن و قالت حرام علينا كم حسدناها فآذيناها أبدا بل كل واحدة لم تكن تفكر إلا بنفسها .
اقتربت ابنتها و رفعت ذراعيها لتحيط أمها بهما و هي تقول لها :
ـــ لكنك الأجمل فلازالت كل واحدة تقول كم كانت عائشة جميلة ... فأقول أنا بل لازالت جميلة .
فتضحك عائشة :
ـــ جميلة ؟ و وجهي تملئه هذه التجاعيد فالعجوز عجوز و لا جمال لها .
ـــ و الله يا أمي كنت و لازلت أراك دوما الأجمل .
ـــ لأنني والدتك .
ـــ بل لأنك حقا جميلة و بشهادة الكل حتى من يحسدونك .
تتنهد :
ـــ إييه ... لازلت إلى الآن محسودة و لذا لا أشفى أبدا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ








 


رد مع اقتباس
قديم 2009-02-21, 07:57   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
close friend
عضو جديد
 
إحصائية العضو










Flower2 تكملة الرواية

أبـــــــــــا الـــــــــقــــــــــاسم
لم يصدق عينيه عندما لمح الكلب يسرق خبزة كسرة من العجوز التي كانت تخرجها من الفرن الطيني و ركض هاربا فركض وراءه أبا القاسم و كلما كان الكلب يزيد من سرعته يزيد أبا القاسم من إصراره على أخذها منه فقد كان يرى انه أحق بها منه ؛ إلى أن امسك به فأخذها من فمه عنوة و رمى التي كانت ناحية فم الكلب كي يأكل ما بقي منها و بعد أن أكملها وضع يده بجيبه كي يعود أدراجه و هو يدندن ، لم يكن حجم الخبز كبيرا لكن الجوع الذي تسببت به فرنسا بعث القناعة بنفس الشعب الجزائري .
كان أبا القاسم رجلا فارع الطول فارغ الجسد كما هو حال أغلبية الجزائريين منذ دخول فرنسا ؛ ذا أنف طويل و شعر أسود قليل التجعيد و ذا بشرة تميل إلى البياض ؛ لم يكن يبدو على ملامح وجهه العُبوس رغم الفقر الذي أوصلتهم إليه فرنسا ؛ فرغم الأراضي الواسعة التي كان يمتلكها جده الذي كان معروفا بشرائه للأراضي الشاسعة كثيرا و الذي لم تكن كلمة بيع تتواجد بقاموسه التجاري لكن كانت تكفي بعض السنوات من النهب من فرنسا و إخراج كل خيرات البلاد إلى ما وراء البحر كي تصبح العائلة شبه فقيرة و بعد سنوات أخرى حقا فقيرة .
كان أخاه الأكبر محمد متزوجا من فترة غير قليلة لكنه لم يرزق بولد و أما أخاه علي فلم تكن له غير بنت واحدة ؛ أما عمر فلم يكن قد بلغ سن الشباب بعد ؛ كما أنه لم يكن مستعدا ماديا بعد للزواج فعليه العمل أكثر مثل إخوته ليتمكن من ذلك .
محمد رجل طويل القامة هادئ الطبع شديد التعلق بفنجان القهوة فقد كان هذا الفنجان يكفيه و يغنيه عن أي شيء آخر لذلك لم يكن يسأل عن أي شيء بعد عودته من عمله بالأرض إلا أن يشربه و هو يجالس نفسه ؛ لم يكن أيضا يتذمر لعدم رزقه بالأولاد فهو يعتقد أنه ربما قلة الحاجة التي يعيشونها حرمته لكي لا يتعذب أولاده معه و يعيشون نفس الحرمان .
في حين أن أبا القاسم كان يرى أن قدوم الأطفال مباشرة بعد الزواج نعمة و ضرورة تجعل الرجل يتمسك ببيته أكثر و يعرف معنى المسؤولية ، حتى قبل أن تلد زوجته عائشة كان عندما تقسم لهم والدتهم الخبز صباحا يدخل غرفته كي يسلم قطعة الخبز لها فهو عند خروجه سيتدبر أمره مثلما فعلها من قبل مع ذلك الكلب و في كل يوم سيجد سبيلا ما لكن هي ليس لها طريقا آخرا كونها امرأة و كونها لازالت عروسا فلا يمكنها الابتعاد كثيرا عن البيت .
كانت والدتهم مريم تقسم الخبز للأبناء الأربعة بالتساوي خبزتين بينهم و بعد خروجهم تقسم لكناتها الثلاث و هي معهن بالتساوي الخبزة الأخيرة المستبقاة لكن نصيب الرجال كان الضعف لأنهم يتعبون خارج البيت أكثر فعملهم كان حقا شاقا فكان يتطلب طاقة جسدية أكثر في حين عمل النساء فأقل ، لكن مريم لم تكن تعلم أن أبا القاسم لم يكن يأكل من نصيبه أي شيء بل يسلمه لزوجته و يخرج لعمله و ربما كان باقي إخوته يفعلون أيضا ذلك مع زوجاتهم لكنهن لا يتحدثن مخافة أن تلومهن مريم فهي تعلم أن على الرجل التغذية جيدا حتى لا يتكاسل بعمله فيُطرد أي أنها تفكر لما هو أبعد من ما تعتقده زوجات أبناءها .
بعد أن رزق أبا القاسم بالبنت الثانية حورية التي أسماها على اسم أخته الصغرى المتوفاة و التي كان يعزها كثيرا و حزن لطريقة وفاتها ؛ اتصل به أحد الثوار للانضمام إليهم و أفهمه أن الحالة التي نعيشها تسببت فيها فرنسا و أنه بإمكاننا التخلص من هذا الوضع المزري و لكن بالجهاد و غير هذا لن ينفع فلم يتردد أبا القاسم للحظة بل وافق مباشرة حتى أنه لم يستشر أحدا كي يظل الأمر سرا ؛ فقد كان يقوم بالعمل السري لصالح المجاهدين دون الانضمام إليهم بالجبل و فور أن علم محمد بالأمر تضايق لشدة خوفه مما سيحل بهم إن علم العسكر فهو لا يخشى أي شيء بقدر خشيته على النساء ثم أن تعذيبهم لن يكون بالشيء الهين و ظل مكدر المزاج و هو يرى أخاه يعود البيت متأخرا و أحيانا أخرى يغيب دون أن يعرفوا أين ذهب ؛ صحيح أن أبا القاسم كان الأشطر بالرغم من كون محمد هو الأكبر لكن بالرغم من ذلك لم يكن يترك فرصة دون أن يحاول تذكرة أبا القاسم ببطش فرنسا إن علمت ، لكن هل يترك أبا القاسم هدفه السامي لخوف أخيه و تحذيراته ... أبدا فقد كان أكثر شجاعة منه و لذا اختاره المجاهدون فهم يدرسون شخصية الرجل قبل الاتصال به.
لم يكن أبا القاسم يخبر والدته بعمله السري فقد كانت امرأة طيبة القلب و كلما يضحك إنسان ما بوجهها تصدقه فقد تفشي له السر دون شعور منها لذا ظل الأمر سرا على الكل إلى اليوم الذي تلقى أمرا بمغادرة البيت و التواجد بالمكان المتفق عليه بأحد الجبال ؛ ركض يومها محمد إلى أخيه ناسيا الخلافات التي كانت بينهما و قال له :
ـــ يا ابن أمي سمعت كلاما و لا أعرف مدى صدقه؛ صحيح أنني لم أكن أريدك أن تنضم إلى المجاهدين ليس لضعف وطنيتي و لكن لدينا نساء و أولاد فما مصيرهم ؟؟؟
و أنت تعرف العسكر لا ملة لهم و لا دين و الذكي من يخشى من لا يخشى الله لأنه لن يفعل معه إلا ما هو مشين ؛ لكنني اليوم سمعت أحدهم يقول أن أمرك ظهر فاهرب و انضم إليهم بالجبل ربما هو أأمن لك فإن أمسكوا بك لن يرحموك و أنت تعلم تعذيبهم قبل قتل أحدهم .
لم يشأ أبا القاسم أن يخبر محمد أن المجاهدين اتصلوا به لأن هذا الخبر هم أيضا وصلهم من بعض من يعملون معهم بالسر و هم يقيمون وسط العامة و قريبين من العسكر ؛ لكنه أحس أن أخاه لم يكن يعترض على الجهاد و لكن خوفا من ما نرى بمن تم القبض عليهم و ما فُعل بهم و بعائلاتهم و هنا فقط أحس أنه آن الأوان ليخبر أهله و يستسمح والدته لأنه لم يخبرها من قبل لسرية الأمر أولا و لعدم شغل بالها طويلا ثانيا.
انقبض قلبها و هي تسمع منه ذلك الخبر :
ـــ مغادر ؟ و الليلة ؟
ـــ أجل
طأطأ رأسه و هو لا يقدر على النظر إليها فقد كانت عيناها تذرف دموعا حارة كما انه كان يعلم أنها لن تعترض و لن تقف أمام وطنيته و جهاده لكن مهما كان عقلها كبيرا فهي هنا أما فقط و لن تحس و لن تفكر إلا تفكير الأم فمن قال أن الولد إذا كبر يكبر بعيني أمه ؛ فهو سيبقى بنظرها دوما لازال صغيرا و بحاجة للحماية و هو هنا يقول سيحمل سلاحا و يحارب دولة ؛ جيوشا مسلحة بالطائرات و الدبابات في حين لا يملك ولدها غير بندقية صيد سلموه إياها ؛ من يحميه إذا ابتعد عنها بأعالي الجبال و من يعطيه قطعة الخبز صباحا ليتقوت بها و من سيتمكن من النوم قرير العين بعد رحيله .... ظل كل هذا يتخبط بفكر مريم و لكنها لم تمنعه ثم سألته إن كان قد أخبر عائشة فقال :
ـــ لا فأنت أول من أخبرت بعد إخوتي لأنني أوصيتهم بكم خيرا .
ـــ إذن أخبرها و هي الآن تحت وصايتي إلى يوم عودتك منتصرا بإذن الله .
كانت عائشة تعلم عن زوجها و عن عمله السري لكنها لم تكن تتحدث و لا حتى معه عن ذلك مخافة أن تسمع الجدران حديثهما فكانت تكتم الأمر دون أن يعلم أنها تحس بما يفعل؛ تدركه خفية ثم أنه إذا اقتنع بأمر ما لن يحيده عنه أي أحد فقد كان عنيدا لذا اكتفت مثل والدته بأن طأطأت رأسها و هي تقول :
ـــ و لكن هل ستغيب طويلا ؟
اقترب منها و هو يضع يده على كتفها :
ـــ لا أعلم لكن أمي معكن أنت و البنات و أنت تعرفينها قوية و يُعتمد عليها ثم أنها حنون حتى و إن كنت تعتقدينها قاسية و سترين .
تنهدت حسرة :
ـــ أعلم و لكن مكانك لا يملأه أحد أنت تعي ما أقول .
كانت هذه اللحظات صعبة على أبي القاسم كثيرا فقد كان يعلم أن توديعه لوالدته و زوجته ثم ابنتيه من أصعب ما يمكن أن يحدث له فلم يكن يخشى الصعود إلى الجبل و بدء الكفاح المسلح بقدر خشيته من هذا الوداع .









رد مع اقتباس
قديم 2009-02-21, 08:53   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الأخ سعيد
قدماء المنتدى
 
الصورة الرمزية الأخ سعيد
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المصمم المحترف وسام الحضور المميز في منتدى الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي










رد مع اقتباس
قديم 2009-02-21, 15:54   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
close friend
عضو جديد
 
إحصائية العضو










Flower2 تكملة للرواية

انــتـقـام فــرنـسا



ذاع صيت أبا القاسم بعد فترة قصيرة بين الناس من من يعرفونه و عرف ببسالته في القتال فكانت كل الأخبار بقدر ما تفرح محبيه و تجعلهم يفتخرون بين الشعب بنسبهم الذي يربطهم به إلا أنهم كانوا يخشون أن تعرف فرنسا أن هذا البطل المغوار هو منهم ؛ لكن بالرغم من كونه كان يلقب باسم آخر و هو خير الدين و ذلك لكي لا يعرف أي أحد اسمه الحقيقي فيصلون إلى عائلته ؛ إلا أنه فيما بعد عُرف التحاق أحد أبناء مريم بالمجاهدين فبدأت المشاكل تنصب على كل أفراد عائلته و حتى الأقارب ، كان ذلك فجرا عندما ارتفع صوت الأذان و خرج محمد ليتوضأ فبينما هو جالس و بين يديه إناء الوضوء دخل العسكر فجأة و قذفوه بالرصاص فسقط شهيدا ثم قاموا بحرق البيت الذي لحسن الحظ لم يكن به إلا مريم التي ركضت تبحث عن فاطمة في الوقت الذي كانت زوجة محمد أخرجتها معها أما البقية فلم يكونوا بالبيت ؛ بعدها غادر العسكر المكان كأنهم لم يفعلوا شيئا و كأنهم أرادوا بهذا تحذيرا لأبي القاسم و انتقاما منه على المعركة التي أردى المجاهدين فيها الكثير من الفرنسيين و خرج كل أفراد عائلته مبتعدين عن الحريق الذي أباد البيت ؛ لكن لم يجرأ أحد من باقي السكان على الخروج عند سماع صوت الرصاص فقد كانوا يعرفون أن العسكر لن يرحموا كل من يجدونه بطريقهم فكانت أول رسالة تصل أبا القاسم بعد رحيله هو استشهاد أخيه الأكبر .


كان علي أحيانا يبيت عند عمه احمد لبعد المسافة و الذي كان يعمل عنده ؛ لذا كان غائبا عند حدوث ذلك الشرخ الكبير بقلب مريم .


بالرغم من خوف الناس إلا أنه بسرعة البرق انتشر الخبر الذي وصل إلى علي فركض عائدا إلى بيته ليهتم بدفن أخيه و جنازته مع بعض من أبناء عمه كي يتفاجؤوا و هم في طريقهم بالعسكر ينتظرونهم ؛ فتم استشهادهم جميعهم و هم عزل دون سلاح ، لم تتمكن مريم من رؤية ولدها هذا أبدا و ذلك لحرق جثثهم و رميها ؛ لكن من رأى العسكر يفعلون ذلك أسرع إلى الأهالي لإخبارهم بأنهم قتلوه و هو عائد فكانت الجنازة جنازتين .


ظلت مريم تنتظر عودة ولدها علي مساء و هي تتأمل و تقول :


ـــ ربما ولدي علي لم يكن معهم و قد شبه لهم .


لكن جاءها من يؤكد لها و ينفي أملها و هنا سلمت أمرها لله و احتسبته عنده إنه ثاني شهيد تدفع ثمنه لكونها سمحت لأبي القاسم بالجهاد .


كان أبا القاسم يأتي بأوقات قليلة جدا ليسلم على أهله و يشبع شوقهم فلم يكن سفره لأيام بل أن الحرب بين الجزائر و فرنسا لازالت دائرة و ستظل ، كان كلما أراد زيارتهم أمَّن له المجاهدون الطريق بالمساعدة مع بعض الأهالي المتفائلين بالنصر فلم يكن كل الناس يعتقدون أن فرنسا ستُهزم من شباب لم يتعلم و لا يملك سلاحا و لا طعاما ، كما كان هناك من يخشى التعذيب فكل من يساعد المجاهدين عليه السلام أي أنه لن يعود إلى بيته و إن عاد ففي حالة يتمنى فيها الموت .


إلى اليوم الذي كانت فيه عائشة حامل بولدها الثالث محمد فأصبحت تتوارى عن الأعين حتى لا يلاحظ أحد بطنها فإن كانت حامل فمؤكد أنها كانت ترى زوجها و هنا تفتح على نفسها بابا من الاستجواب ثم التعذيب إلى أن يجدوا مكانه أو يتركوها جثة هامدة .


اضطرت عائشة للعودة ذلك اليوم من بيت والديها ؛ يوم الشهيدين كي تظل بغرفتها حزينة و خائفة ؛ ماذا سيحل بهم فهاهم العسكر يقتلون بعد كل معركة واحدا منهم و هي زيادة على ذلك حاملا من زوجها فكيف سيكون الوضع و هل هناك تكهربا أكثر مما يحدث الآن و تحس بشوق لأبي القاسم كي يشاركها هذه الهموم و يقاسمها المشورة فهي لا تعلم كيف ستتصرف عندما يولد الولد فسيسألونها متى كان يأتي و أين هو الآن و كيف كنتم تخفونه حتى لا يشعر به احد .... أسئلة لا يجب أن تجيب عليها و إلا كشف مكان المجاهدين و كل من يساعدهم و كان الوسيط بينهم و لن تكون مجزرة كمجزرة اليوم بل مجازر عدة ..


ـــ يا الهي خذ بيدي ...


تقولها عائشة و هي ترتجف ثم خرجت لتواسي مريم على مصابها الجلل و هي تحدث نفسها :


ـــ آآآخ يا أمنا مريم فراق أبا القاسم ثم استشهاد محمد أمام عينيك و الآن علي الذي لن تريه أبدا ... أي صبر و أي تصبر فليرحمك الله و يلطف بك و بنا ...


فتخرج و هي لازالت تحدث نفسها فور أن رأت عمر يدخل :


ـــ يا الهي احفظه ... كم أحب هذا الولد إنه كأخي الصغير يا الهي لا تحرمنا منه مثلما حُرمنا من محمد و علي يرحمهما الله .


تجلس بالقرب من الأم المذبوحة تواسيها و تواسي نفسها معها و لم تكتفي إلا بوضع يدها على كتفها إيحاء بأنها معها لأنها كانت تستقل كل كلام يمكنها أن تقوله بهذا الموقف و استمرت في البكاء و هي تعلم أن الدمع إن مُنع أصبح جمرا يحرق الكبد لذا تركت مريم تبكي و بكت هي إلى جوارها .
كانت عائشة تناشد نفسها لتصبر و لا تظهر ضعفها أمام مريم :
ـــ يا الهي رغم فرحتي بما يتحرك بجوفي إلا أنني لا أحس بهذا الجسد الحامل حاملا لجنين فحسب بل حاملا لخوف و فزع لن يفارقاني ... هل ألومك يا أبا القاسم لإقحامك لنا بأفقك أفق الحرية الذي جعلك تحلق بعيدا عنا لتهديه لأرض الجزائر أم علينا التحليق معك آملين بأن تنقشع هذه السحابة عنا بالقريب العاجل ... آآآآخ من أين لي بالصبر لأمد بعضا منه لمريم ؟ من أين ؟



وصل الخبر أبا القاسم لكن رغم حزنه لم يزده ذلك إلا إصرارا على مواصلة الجهاد و نيل الحرية و الاستقلال الذي يريح الجزائر إلى الأبد .


ثم قام بإرسال تعزية مع احد النازلين فور أن أتيحت له الفرصة كي يوصلها الرسول إلى أخيه عمر الذي كان يعمل راعي غنم و يقوم أحيانا بتوصيل بعض الأخبار للأهالي أو المجاهدين فقد كان شبيها بأخيه بشطارته بأي عمل و بشجاعته بعمله السري مثلما كان يفعل أخاه قبل التحاقه بالجبل و بتحمله المسؤولية كاملة فلم يعد غيره رجل البيت ؛ من عليه أن يكون حنونا على أمه التي فقدت قطعتين من قلبها بيوم واحد و قطعة أخرى كانت قد ابتعدت بأعالي الجبال لا تعرف عنها شيئا إلا عندما يأتي العسكر و يفعلون بالأقارب أفعالهم فهنا تتأكد انه لازال حيا و أنه أحرق قلوبهم مثلما يحترق قلبها كل يوم على فلذات كبدها .


أرسل أبا القاسم كلمة لأمه كي تصبر :


ـــ إن يوم القيامة يُبعث المرء على الحالة التي توفى عليها و محمد قُتل و هو يتوضأ فانظري أي صورة جميلة و رائعة سترينه عليها يوم القيامة .



ها قد جاء دور الأعمام أيضا لأن أحد إخوتهم عبد الرحمان التحق بالجبل هو الآخر مثل ابن أخيه فسجنوا أخاه محمد و احمد و بعضا من أبناء عمهم و كل من كان يحمل اسما عائليا مماثلا لهم فتم تعذيبهم و لكل واحد كان نصيب بل و وصلوا حتى إلى بعض من أصهار أبا القاسم ؛ فكان هارون هذا صهرا له و لشدة ما لاقى من التعذيب بالكهرباء ففور خروجه عاد إلى بيته و طلب منهم أن يذبحوا له دجاجة و يأتوه بها كاملة ثم يذهبوا عنه ليتركوه بحاله فكانوا يقولون أهله أفقده تعذيب الكهرباء عقله فهو لم يكن يريد أي شيء إلا أكل دجاجة لوحده و ظل حاله كذلك حتى بعد الاستقلال .



لكن هل تنسى فرنسا أمر أبا القاسم .... أبدا فلم يكن قتل أخيه الأكبر و الثاني يشفي غليلهم ففور أن وصلهم خبر المعركة التي جرت بمنطقة أخرى سألت عن من كان بها و أخذت كل الأسماء التي تمكنت من الحصول عليها كي تجري بحثها كما هو الحال بعد كل معركة كي تنتقم من العزل كونها لا تقدر على أن تواجه المجاهدين فلا يبقى لها سبيل إلا الأهالي رجالهم و نسائهم .


بعد استشهاد محمد عادت زوجته إلى بيت أهلها وحضرت أرملة علي أيضا نفسها للمغادرة بعد أن مضت أشهر العدة فقد كانت هي الأخرى ببيت أهلها عند استشهاده ،


لكن أبا القاسم لم يأت هذه المرة و غاب طويلا لأن الحراسة كانت أشد من ذي قبل فلم يتمكن من تعزية أهله و لو برسول من بعيد لأجل بعض من أقاربه آخرين و صارت كل الأعين منصبة على عمر فلم يبق غيره ؛ لكنه ولد صغير فلم يكن قد تجاوز الرابعة عشرة من عمره .



هدأت الأوضاع لفترة ملحوظة فقد كان الجيش الوطني يدرس و يحضر لإستراتيجية جديدة و بذلك دامت هدنة قصيرة بحي أبا القاسم و كانت هذه فرصة كي تتحول الأعين عن عائشة و تتمكن من الولادة بأحد بيوت أقارب أبا القاسم ، ذلك بأن ذهبت مريم و رتبت الموعد مع الزهراء ابنة عم عائشة و زوجها عمي حنون ابن عم أبا القاسم كانا زوجين رائعين فقد كانت عائشة تحبهما كثيرا و ترتاح لهما ؛ كانا زوجين لم يرزقا بولد أبدا فكانت هذه فرصتهما ليحظيان بولد من عائلة احترموها دوما .


كان يجلس يومها أبا القاسم واضعا يده على خده و هو يتذكر أخاه محمد كم كان يتعبه كي يتمكن من إيجاد عمل مناسب له فمشكلة محمد أنه لا يملك صبرا طويلا رغم طبعه الهادئ و أينما ذهب يعود خائبا خاوي اليدين لا مال و لا خبز في حين أينما اتجه أبا القاسم عاد محملا إما بأكل من أحد الباعة الذي يسهل عليه إقناعه أنه سيدفع له فور أن يجد عملا آخرا فكان يتم تصديقه كونه معروفا بجديته بالعمل في حين محمد لم يكن محظوظا كثيرا أينما حل ؛ لذا لم يكن يقبل أحد إعطاءه أي شيء فهو معروف بقلة عمله، إلى اليوم الذي أخذه أبا القاسم معه إلى أحد الفرنسيين المعمرين و طلب عملا فقبلوه على الفور و تم تسجيل اسمه لكن خطة أبا القاسم كانت أن سجل اسمه و لكن ترك أخاه و غادر خلسة و هو يقول له :


ـــ إياك أن تضيع هذا العمل أيضا ركز جيدا و تعلم الصبر .


بدأ الكل عمله و لكن سرعان ما بدأ الملل يسري إلى محمد فأراد الاستراحة لكن موعدها لم يكن قد حان بعد فتظاهر بجلبه لعلبة الشمة من جيبه و يجلس ليضربها ضربتين أو ثلاث قبل أن يفتحها حتى لا يتساقط منها و لو القليل على الأرض و يُحضّرها ليضعها بفمه أو تحديدا تحت شفته العليا و هي كانت بمثابة السيجارة من أدمن عليها لم يتركها ؛ محاولا بذلك تضييع أكثر وقت كي يتمكن من الراحة و الاستمرار بعدها فلم يكن من النوع الذي يحب العمل الشاق و هنا لفت انتباه الفرنسي المعمر فصرخ راكضا اتجاهه :


ـــ من أحضر هذا إلى هنا ؟


فقال له رئيس العمال :


ـــ أنت سجلته يا سيدي .


فنظر إليه غاضبا :


ـــ و هل أنا حمار حتى أُشغل عندي حمار؟؟؟


هنا ضحك أبا القاسم بصوت عال فقد قص عليه يومها هذه القصة أخاه و صاحبه و هما يضحكان طبعا بعد أن تم طرد محمد من يومه الأول كعادته .


فترحم عليه و هو يبتسم ابتسامة حزينة :


ـــ شر البلية ما يضحك .


بهذه اللحظة كان قد وصل أحدٌ من رعاة الغنم ليخبره أنه ولد له ولد فأسماه محمد .



في بداية صباح جديد بدأ تحضير مجموعة أبا القاسم لكن ليس تحت قيادته ؛ للهجوم على ثلاث شاحنات عسكرية تحمل مساجين جزائريين يأخذونهم إلى مناطق وعرة بالجبل و ذلك لفتح طرق جديدة تسهل على الفرنسيين المرور عليها بمراكبهم الحربية للوصول إلى أماكن تواجد الثوار ، أثناء قيام المساجين بأعمالهم من تسوية للأرض و غيرها بدأ المجاهدون إطلاق النار على العسكر الفرنسي الذي أردوا منه 17 عسكريا و أسروا واحدا لكن تمكن آخر من الفرار ؛ حارقين للشاحنات غانمين من هذه المعركة 18 سلاحا متنوعا ، بعدها سمحوا للمساجين استرجاع حريتهم ، فلم يصب منهم بهذه الهجوم أي أحد.



ثم بعد شهر و بمناطق أخرى حاولت مجموعة أبا القاسم الاستفادة مجددا من نقل الفرنسيين للمساجين الجزائريين للجبل بغرض العمل على استحداث طرق أخرى و قد كان ذلك مع اقتراب بزوغ الفجر بينما يتربص الثوار بهم و هم قادمون بشاحناتهم و آليات البلدوزر المصنوعة لأعمال مماثلة فانطلق تبادل الرصاص بين الفريقين كي يسقط عدد كبير من الشهداء و ثلاثة فرنسيين مع إطلاق للمساجين و غنيمة 49 بندقية صيد .



إن المعارك التي كان يدخلها أبا القاسم ليس بالضرورة أن لا يفقدوا فيها عددا من إخوتهم فهذه ضريبة الحرية و الجهاد و لكن الأكيد أنهم كانوا دوما حريصين على أن يكون فوزهم دون خسائر بشرية أو مادية و إن كانت الشهادة لا تعد خسارة .



لكن الجيش الجزائري كان دائما قادرا على التوقف لهنيهة لاسترجاع أنفاسه و التفكير مليا لوضع استراتيجيات تجدد العزيمة و تقوي الفرق التي كان يوزعها هنا و هناك بكل أنحاء الجزائر و اللجوء أحيانا لطرق تبدو للناظر تسلية لكنها تهدف إلى ما هو أبعد .




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ









رد مع اقتباس
قديم 2009-02-21, 18:39   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
kada70
عضو مبـدع
 
إحصائية العضو










Icon24

شكرا أيتها الأخت على هذاالنص الجميل ولكن عليك أن تعرفي أولا
ماهي الرواية إن كنت حقا تعتقدين أن نصك رواية
لأني أعتقد أنه جزء من الرواية وليس الكل أو قولي قصة طويلة هذا من جهة
أم من جهة فأنني أشكرك على قدرة الحكي التي تمتلكينها والتي تنم على أنك تستطيعين أن تكتبي يوما رواية بمعنى الكلمة
لاحطت صعوبات في التحكم في السارد الذي يبدو عارفا لكل شيء كما لاحظت بعض التضيق على الشخصيات
لأن الرواية تتطلب أن تمتلك شخصياتها الحرية على كي تصارع من أجل أن تصل إلى مصائرها لا أن يبقى السارد يدفعها او ينوب عنها
هذه بعض الملاحظات أرجو أن تجد عندك القبول لأن نصك رغم كل شيء فهويقدم أشياء عن تاريخ لا يجب أن ينسى
شكرا بالمودة الدائمة










رد مع اقتباس
قديم 2009-02-21, 19:11   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
close friend
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

اجل هي جزء و ليس كل فاصبر










رد مع اقتباس
قديم 2009-02-21, 19:29   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
close friend
عضو جديد
 
إحصائية العضو










Flower2 تكملة للرواية

مــبــاراة كــرة قـــــدم



أقامت قيادة الولاية الرابعة مباراة لكرة القدم بين فريقي المولودية من كتيبة الحمدانية التي كان ينضم إليها أبا القاسم و فريق من كتيبة الكومندو ؛ بتواجد جمهور قدر ب 330 مجاهد لتشجيع اللاعبين و بعث الحماس و الترويح على الأنفس للثوار بمنطقة الضاية و هي منطقة جبلية تزداد بهاء بالشتاء عندما تزينها الثلوج و بمروج خضراء إذا ما زالت و ذابت ، ثم بعد فوز المولودية على الفريق الثاني تم اجتماع القيادة كي تولد كتيبة اليوسفية بهذا الحفل الجميل كتيبة جديدة تعد نتاج الكتيبتين و ذلك لتعزيز و تقوية مجموعة من الجيش الجزائري المتمركز بمنطقة وسط الوطن و الذي ازداد ثقل حمله لشساعة المناطق التي يتكفل بها و ازدياد عدد العسكر الفرنسي و ضغطه الشديد عليهم .


بهذا التجمع الضخم لم يكن ليخفى على فرنسا كل ذلك خاصة أثناء ارتفاع صوت المشجعين للمباراة بعددهم الكبير ؛ فكان يعلم المجاهدون أنها ستحاول محاصرتهم للنيل من الكتائب الثلاث المجتمعة بمكان واحد و قد كان هذا العرس البهيج للعسكر فرصة لا تعوض .


بعد انتهاء المباراة و بلوغ القادة مآربهم انقسمت الكتائب الثلاث كل باتجاه مخالف لمنع العسكر الفرنسي من اللحاق بهم ، لكن لم تسلم منه ببداية الأمر إلا كتيبة اليوسفية و الحمدانية التي تم حصارها هي الأخرى بعد ذلك لمدة ثلاث أيام لا يصلهم لا أكل و لا ماء إلى أن تمكنت من فك الحصار اليوم الرابع بعد تعب العسكر منه كما تمكنت الكتيبة الأخرى أيضا من المواجهة و الفرار كعادتها .


إن غرض الثوار من هذه المباراة كان الترويح عن المجاهدين بمباراة لا يهم الرابح فيها كون الفريقين رابحين لأن نتيجتها كانت التتويج بكتيبة أخرى ثم إراحة الثوار من منظر الدماء و عيش وقت كله إثارة و جمال ضمن جو من الرياضة ، أما الهدف الآخر فكان تعزيز جيش الثوار مثلما كان الجيش الفرنسي يعزز قواته أكثر فأكثر ، فكانت فائدة لهم معنوية و مادية حتى و إن دفعت كتيبة الحمدانية فيما بعد ثمنها بأن جُوعت لثلاثة أيام تحت حصار زال بدون خسائر ؛ بعد أن اعتمد الثوار الصيام تلك الأيام و بهذا ما كان للحصار من أثر سلبي عليهم كونهم تمكنوا بعدها من إرسال مجموعة منهم للهجوم على أحد المراكز الفرنسية بمساعدة بعضا من المناضلين و عامة الناس لجمع المؤونة من ذلك المركز و قد تم ذلك بفوز منهم .






ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ









رد مع اقتباس
قديم 2009-02-21, 19:34   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
close friend
عضو جديد
 
إحصائية العضو










Flower2 تكملة للرواية

الــــبـطـل الـصـغـيــــر



عمر ولد طويل القامة عريض المنكبين شديد بياض البشرة ذا شعر أشقر .


كان عمر الصورة المصغرة لأبي القاسم بشخصيته و كانت كرة القدم هواية له تأسره و تخفف عنه مآسي الحياة التي يكابدها من بزوغ الفجر إلى أن تعانق الوسادة رأسه ليلا و هو يفكر بلقمة عيش الغد لمن أصبح يعولهم ، فاستمر بمشاركاته مع فريقه ظنا منه أن هذه الرياضة التي شغفته و خطفت قلبه ستكون له باب رزق كما هي باب ترويح و استمتاع لكنه بعد أول مباراة يشارك بها ضد فريق من دائرة العفرون لاحظ المال البخس الذي حصل عليه بعد فوز الفريق المشارك به فكان هذا نذيرا له أن لا مفر للجوء للأعمال الشاقة متذكرا فاطمة و حورية فعاد تاركا لرياضة أحبها حبا جما فاعتقد أنه ستعطيه ما يكفي لأهله مثلما كان هو يعطيها كل اهتمامه و عشقه .



وصل يومها البيت قائلا :


ـــ لن أعود للفريق و لا لرعي الغنم بل سأبحث عن عمل أشق و كسب أفضل لأجل هاتين الأختين فأنا لا أريد أن تستيقظ الواحدة منهما و لا تجد ما تأكل إنهما أختين لي عوضا عن الأخوين محمد و علي يرحمهما الله فسأدللهما قدر استطاعتي .


فكان عمر أخاهما الأكبر .



قرر البحث عن عمل آخر لعله يحصل على أجر أعلى فلجأ إلى الأشغال الشاقة حيث ينقل قطع الصخور التي تقسم للتمكن من حملها لعله يحسن وضعيتهم المادية لأن أجر هذا العمل كان أفضل بقليل .


إلى اليوم الذي كانت الخيانة التي أعلمت العسكر انه يعمل لصالح المجاهدين ، أخذوه إلى السجن لكنهم تركوه بعد التعذيب و فور عودته علم بالمخطط الذي كان من القُومية المتسببين بهذه الخيانة لغرض بنفس كل واحد منهم ؛ فقد كانت لديه بقرة اشتراها بعد تعبه الدءوب بالأشغال الشاقة التي قاسى فيها كثيرا و عندما اقترح عليه احد القُومية أن يشتري منه دراجته مقابل البقرة وافق لأنه كان بحاجة لشيء يركبه ليصل إلى عمله الشاق كمشقة طريقه البعيد المسافة و يكون له منها فوائد أخرى فوافق و لكنه لم يكن يعلم ما يخبئه له هؤلاء الخونة إلى اليوم الذي استلم دراجته فأخبروا العسكر بأنه يعمل لصالح المجاهدين و هم يجهلون أنه حقا يعمل لصالحهم فأخذوه ليسجن و يعترف و هنا ذهب القٌومية إلى بيته فأخذوا الدراجة و قالوا انه سرقها من القُومي فلان كي لا يستطع منعهم .


فقالت عائشة :


ـــ اذكر يوم جلس بالقرب من رماد تبقى من طبخنا عليه بعض الخبز و هو يقلبه بعود حطب صغير فكانت دموعه تمتزج بالرماد فيقلبه من جديد و هو يبكي


و يقول:


ـــ أنا يقال عني سارق ؟ أنا الحر ابن الحر؟ أنا من لا يرضى إلا بالحلال ؟



ثم مرت الأيام و هو يحاول الكد من جديد بعد أن كان تعبه بالأشغال الشاقة يزداد خاصة بوجود القٌومية ، لم يكن هناك من كان يساعد فرنسا و يقويها بقدر هؤلاء القُومية و كان يومها يعمل بمشغل الحجر كعادته و أثناء نقله للحجر على ظهره النحيل صرخ بوجهه احد القٌومية أحمد الأخضر :


ـــ حمّل الأحجار يا عميل الفلاّقة .


فقال له عمر:


ـــ سيأتي اليوم الذي يأتي فيه من يحمل عليكم الحجر .


كانت هذه فرصة للقُومي احمد الأخضر كي يترجم كلامه ترجمة تناسبه للوشاية به انه يعمل لصالح المجاهدين فقال للمعمر الفرنسي :


ـــ أسمعت .... لقد قال لك انه سيأتي اليوم الذي يتواجد فيه الفلاّقة بيننا و من بينهم أخيه فينتصرون عليكم و يجعلونك تحمل الحجر يا سيدي مثلما يفعل هو الآن ؛ أتسمع انه يعترف علنا أنه عميل للمجاهدين يكفي ان أخاه من الفلاّقة .


هنا اتصل الفرنسي المعمر بالعسكر و اخبرهم بأمر عمر و تهديداته فأخذوه مباشرة إلى السجن ليلقى عذابه بالكهرباء فقد ظل تعذيبه طويلا و لكنه رفض أن يعترف انه كان يوصل لهم الأكل و الأخبار فتم حرقه بالكهرباء مرارا و هو يقول :


ـــ لا اعرف أحدا من المجاهدين .


ثم أتوه بأحد من من كان يعمل مع المجاهدين و استسلم بعد التعذيب فقال :


ـــ اعرف هذا الشاب إنه عمر فقد كان يأتينا بالأكل و بالأخبار مرارا .


لكن برغم هذه المواجهة ظل مصرا على الرفض و الإنكار كي تكون آخر حرقات الكهرباء هي القاتلة حيث رموه وسط حقل كان قد تم حصاد الزرع فيه و تعمدوا أن يتواجد بعضا من اثر حبوب القمح بفمه كي إذا نقلوه إلى أهله يقول العسكر وجدناه يسرق فرميناه بالرصاص و هو يحاول الهرب كما وضعوا منشارا بالقرب منه ليوهموا أهله و الناس أنه كان يسرق من شجر البرتقال لكن وجهه و جهة جسده اليمين كانت كلها حروق من اثر التعذيب فقد كان باديا عليه انه قتله عسكرُ فرنسا أثناء التعذيب عندما رفض الاعتراف .


عندما اخرج الناس جثة عمر من الحقل متجهين إلى المقبرة ليوارى التراب صرخت كل النسوة لكن مريم كما فعلت بولدها الأول و الثاني لم تصرخ بل كانت دمعاتها تنزل بصمت و هي تتجه لإناء الماء كي تتوضأ و تصلي ركعتين و هذا الأمر الذي كانت تستغربه كل من قريباتها و جاراتها .


قضى الحَرْكة الذين سرقوا من عمر دراجته النارية التي اشتراها مقابل البقرة الليل كله يلعبون بها أمام بيته فلم يكن يُسمع بذلك الليل الحزين سوى صوت الدراجة النارية محاولة من الحَرْكة لإثارة غيظ والدته و أهله كونها كانت ملكا له و كأنهم أرادوا القول :


ـــ ها قد قُتل هو و ها نحن نلعب بما امتلك من عرق جبينه .


فكان هذا الصوت يقهر مريم و عائشة أكثر من أي شيء آخر .


بعد استشهاد عمر بسن الثامنة عشر استمرت مريم بعملها و حاولت عائشة إقناعها كي تتركها تخرج للعمل فلم يكن أجر عملها بالحقل يكفي لكنها رفضت و قالت سنتدبر أمرنا بهذا العمل إلى أن نجد حلا ما لكن خروجك للعمل و أنت لازلت صغيرة و جميلة قد يزيد الطين بلة ؛ حاولت عائشة إقناعها بأنها ستخفي جمالها و شبابها مثلما تفعل عادة عندما تخرج لحاجة ما لكن أثناء محاولاتها هذه وصل الرزق من حيث لا يُحتسب فقد أرسل المجاهدون لهم بعضا من الأكل مع أحد الرعاة الذين كانوا يقومون بتوصيل الأخبار إليهم و ظل الأمر كذلك لفترة غير وجيزة حيث بدأ الشك ينتاب بعض القٌومية الذين قاموا بتسريب هذا الشك إلى العسكر فاستمروا بالقدوم إليهم لمعرفة من أين لهم بالقوت و اتهموهم بأنهم يتلقون المساعدة من المجاهدين أو الفلاّقة مثلما تسميهم فرنسا لعلهم يعترفون تحت تأثير الخوف فسأل العسكري عائشة و هو يدخل بيتهم فجأة مع رجاله دون استئذان :


ـــ من أين لكم بهذا الأكل ؟


فقالت عائشة :


ـــ إن والدتنا مريم تعمل كما تعلمون .


فقال و هو يتجه ناحية الباب :


ـــ إذن سنمنعها عن العمل و سنرى من سيوصل لكم الأكل .



لمعرفة حقيقة الأمر منعوا مريم من العمل و رحّلوهم إلى مكان جميع ساكنيه قُومية و هنا اضطرت عائشة للبدء بصناعة الغربال و بيعه أو استبداله مقابل بعض من القمح و أحيانا أخرى بغزل الصوف و لكن ذلك لم يكن كافيا فكان يشتد عليهم الجوع في أغلب الأحيان إلى درجة أن بعضا من زوجات القُومية كن يشفقن عليها و على أولادها و على مريم التي لم تجد ما تفعل بمحاصرتهم لها من كل ناحية فكن يرسلن لهن بعضا من الأكل خلسة دون علم أزواجهم .



لم يكن هينا على عائشة نسيان كل هذا حتى أبسط المواقف ففور أن يثير معها احدهم هذه المواضيع تنطلق بلسان سلس و كأنه لم يمر على ذلك أربعين سنة .


و هاهي تذكر بعضا منها من جديد فتقول :



ـــ يااااه لم أنس يوم كنت ألقي النظر من ثقب كنا قد جعلناه بالغرفة و أنا أراهم يحيطون بعمر من كل ناحية أحسسته بطلا رغم صغر سنه فلو لم يكونوا يخشونه لما أحاطوا به بأسلحتهم من كل ناحية لقد كان ولدا بالثامنة عشر من عمره و لكنهم حاصروه طول الطريق لأنه البطل و هم الكلاب فكان هناك من كان على يمينه و من على يساره و من أمامه و من خلفه تخيلي و هو ولد صغير نحيل الجسد منهكا من حمل الأحجار ليعول أختين له مع أمهما و أما عجوزا تجر قدميها كل صباح يمنة و شمالا لتأتينا ببعض اللقيمات .


كان واضحا أن عائشة اعتبرته أخا لها أو ربما ابنا مثلما اعتبر هو بنتيها أختين له أو حسنتين بالدنيا يريد تدليلهما مثلما قال لها يوم ترك فريق كرة القدم هذه الرياضة التي كان يحبها كثيرا و يتقنها أيضا :


ـــ أتذكرين ...عندما حدثك أهلي عن موت الأختين قبل ولادتي و ها قد جاءت أختين كحسنتين من الله .


فهي تذكر يوم دخل البيت متعبا و هو يقول :


ـــ كم أن حمل الحجر شاق .


فقالت له :


ـــ لازلت صغيرا على هذا العمل ؛ لم لا تعود إلى رعي الغنم و يبارك لنا الله فيه أم بسبب الإشاعة التي أطلقها البعض أنك ترعى الغنم المسروق لعائلة المايد .


فقال :


ـــ سمعت البارحة بعد صلاة العصر مَن أمّنا بالصلاة و هو يتحدث مع أحدهم ينصحه بعدم ترك أخواته البنات مهما لاقى منهن يقول أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال من كانت له أختين فأحسن إليهما دخل الجنة و هاتين أختين لي .


ثم انتشر خبر هجوم العسكر على عائلة المايد عائلة غنية جدا فقد أفسد عليها القُومية و كشفوا أمرها بأنها تساعد المجاهدين بالمؤن و غيرها فأحرقوا البيت و رضيعا حاولت أمه خدوجة أن تنقذه فلم تتمكن لا من ذلك و لا من إنقاذ نفسها حيث استشهدت معه و هي من تحمل اليوم إحدى المدارس بمدينة موزاية اسمها مدرسة خدوجة بن قبايلي .


ثم قالت عائشة و هي تمسك بإطار نظاراتها :


ـــ كان عمر طويل القامة لذا اذكر عندما كانت قدميه خارجتين من المحمل الذي يوضع فيه الموتى .


فاقتربت ابنة عائشة منها لتحضنها لشدة تأثرها بما تسمعه منها .


فابتسمت عائشة :


ـــ إن للثقب هذا قصة طريفة حدثت بسببه ....


ـــ جميل أن تكون هناك بعضا من الطرافة بحياتكم رغم كل ما يحيط بكم من أهوال يومية بل لحظية .


ـــ نعم ... لا نعلم أمام من تحدثت جدتك مريم وابنة عمي الزهراء من ساعدتني بولادة محمد ؛ عن الثقب فعلم به رجل فرنسي يقال له وليد رْمُو فقدم إلينا مع مجموعة من العسكر فلم نحس به إلا و هو يدخل صارخا ضاربا الباب برجله :


ـــ أين انتم أين انتم ؟











رد مع اقتباس
قديم 2009-02-21, 19:43   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
close friend
عضو جديد
 
إحصائية العضو










Flower2 تكملة للرواية

فخرجت إليه من غرفتي فقد كان لنا في البيت الجديد أو قولي في الكوخ الجديد ثلاث غرف غرفة لنا و غرفة لابنة خالتي سعدية و غرفة للزهراء ابنة عمي مع زوجها حنون و أحيانا ابني محمد يكون معهما فقلت له :


ـــ ذهبت أمي مريم للعمل .


فغضب أكثر و قال :


ـــ لا يعملون اليوم .


بهذه اللحظة خرجت الزهراء من غرفتها لإنقاذي من هذا الموقف المحرج كونها تعلم أنني وحدي و قالت له :


ـــ ذهبت لإحضار الحليب للصغير محمد .


ثم اقتربت منه و هي ترتجف خوفا و قالت :


ـــ هل اذهب لإحضارها ؟


فصرخ :


ـــ اذهبي بسرعة ماذا تنتظرين ........


فعندما وصلت إليها قالت لها :


ـــ وليد رْمُو وليد رْمُو ...


و لأنه كان معروفا بشدة بطشه فكان يكفي ذكر اسمه كي تقفز مريم من مكانها ثم قالت لها و هي تلم أنفاسها :


ـــ انه بالبيت عندنا و هو يسأل عنك أسرعي لقد قلت له انك ذهبت لإحضار الحليب فلو قلنا كي تجالسي النساء فسيشكون بك و يقولون انك تعملين مع المجاهدين و ذهبت لنقل الأخبار .


عند خروجهما عادت و هي تقول :


ـــ و أين الحليب ؟ سيسألني عنه .....


فأمسكت بيدها المرتجفة فنجانا صغيرا جدا من الحليب و كانتا الاثنتين تحاولان الإسراع خاصة و أن عائشة كانت وحدها بالبيت مع أبناءها و هنا انفجرت عائشة ضحكا فنظرت إليها ابنتها مستغربة :


ــ أبموقف كهذا تضحكين إنني أراه موقفا مخيفا فأنت تقولين أن وليد رْمُو رجل بدون رحمة .


فقالت عائشة :


ـــ كانت الزهراء امرأة مضحكة فهي تقول و أنا في طريقي إلى مريم تبولت كل الطريق من شدة الخوف و عندما وصلت و أخبرتها عدنا ركضا فكان الحليب يتدفق و يتطاير من الفنجان و أما أنا فعاد البول ليتدفق مني إلى أن وصلنا إليهم و قد انعدم الحليب من الفنجان و انعدم البول مني .


ـــ هههههه .... نعم اذكر خالتي الزهراء فقد كانت امرأة صاحبة نكتة و أسلوبها لا يقاومه احد فلا يضحك ... ثم ماذا ؟


ـــ أبدا أثناء غيابهما قال لي صنعتم ثقبا ببيت الخلاء لتتجسسون به علينا .


فقلت له :


ـــ و هل نحن فئران كي نصنع ثقبا و نلقي النظر منه ؟


فرفع يده ليضربني على ردي هذا فابتعدت عنه فكأنما تمايل ناحية الباب الخارجي و كاد أن يقع خارج البيت و خرج مباشرة .


ـــ هكذا بكل بساطة ؟


ـــ اجل ربما كان لطف من الله بي و بنا جميعنا فقد كان عمر بهذه الفترة مسجونا و لم يكن معنا احد .


فانفجرت الابنة بالضحك و هي تقول :


ـــ اعتقدت أن النهاية ستكون مأساوية و أنت أتيتني بنهاية غريبة و مضحكة ..


لكن و الثقب ؟


ـــ بعد وصوله إلى الباب بتلك الطريقة الغريبة و المضحكة أمر جنوده بغلقه و انصرف.


ثم استمرت ابنتها بالأسئلة :


ـــ لم أكن أعلم أن جدتي كانت تعمل أيضا .


ـــ بلى فقد كانت تعمل بقطع العطرشة و التقاطها و هي نوع من النباتات ...


تضاف قطرة من زيت العطرشة للعطر فتعطي رائحة قوية و زكية فهي لصناعة زيوت العطور و تضاف لوقود الطائرات و قد كان سعرها غاليا و لازال و تعد تجارة ناجحة لمن يمتهنها ، كما تساعد من أصابه حرق بان توضع على حرقه فيختفي أثر الحروق تماما ؛ خاصة عندما سجن عمر باعتقادك من كان يعولنا فالكل فقير ، أذكر كيف كانت أصابعها دائما تربطها ببعض من قطع الأقمشة التي تجدها هنا و هناك فاستعمالها للمقص يوميا و طول النهار كان يؤذي أصابعها .


ثم تستمر عائشة بكلامها عن أحداث بتلك الحقبة :


ـــ كان ابن خالتي سعيد مع القُومية و هو أخو سعدية لكنهما نقيضين فكانت مشكلته انه كلما يولد له ولد يتوفى و عندما مرض ولدي محمد ذهب حنون زوج ابنة عمي الزهراء لأحد الرقاة فكتب له حرز كان على شكل ورقة مكتوب عليها بعض من الآيات و الأدعية و قال له امسح ما هو مكتوب بهذا الحرز في زيت الزيتون و بعدها قم بدفن تلك الورقة عند حد من حدود أي أرض فيحد الله من مرضه بذلك فشاهده القُومية و هو يدفن الورقة الممحية بزيت الزيتون فأرادوا به سوء لأنه من أقارب أبا القاسم فقد كان ابن عمه و يحبه حقا ففور أن مرض ابن سعيد الولد الوحيد الذي كان يأمل أنه سيعيش خاصة و أنه الوحيد الذي تجاوز الثلاث سنوات ذهب إليه القُومية و أوهموه أن فلان ابن عم أبا القاسم هو من فعل بولدك هذا فهو من وضع الورقة بذلك المكان الذي كان يلعب فيه ولدك فنقل مرض ولده إلى ولدك فمرض و هنا اشتد غضبه و تملكه الشك فطلب منهم إحضار حنون و عندما سأله قال له :


ـــ أنا لم أفعل شيئا فإذا شئت أخذتك إلى هذا الراقي و هو سيخبرك حقيقة الأمر فمحمد ابن عائشة أصيب بحمى شديدة فقلنا ربما هي عين فرقينا له و كتب لنا بعضا من القرآن في ورقة و مسحناها بزيت للدهان ثم لأن الورقة بها قرآن وضعناها بحد لإحدى الأراضي فأنا لا اقتربت من ولدك و لا فعلت به شيئا .


تقدم احد القُومية ليمسك به و هو يريد ضربه فقال لهم :


ـــ اتركوه فلا ذنب له بل أم الولد هذا هي السبب أحضروها إلي ،


قدم إلي القُومية آمرين بمرافقتهم إليه و أثناء تهديده لي و رغبته بأذيتي و أذية ابني مرت أخته سعدية و هي عائدة من عملها فرأتني فأسرعت إلي و تفاجأت عندما وجدت أخاها يريد أذيتي فصرخت بوجهه :


ـــ أهذا أنت ؟ أنت تفعل هذا بابنة خالتك ألا تخجل من نفسك و تهينها أمام كل هؤلاء القُومية .


فانفجر كل القُومية ضحكا و هم يقولون :


ـــ ابنة خالته ابنة خالته هههههه .....


فقال لها و هو لا يزال مقتنعا أنها السبب في فقدان ابنه :


ـــ لقد تسببت في مرض ولدي الوحيد الذي لم أهنئ به طويلا ولدها شفي و ولدي مرض و سيموت في أية لحظة ....


فغضبت منه أخته أكثر و هي تقول :


ـــ و هل هي قتلت لك أولادك .... و هل هي أمرضت ولدك .... ألا تخجل من نفسك ؟


و مسكت بيدي تقول عائشة و هي تقول :


ـــ هيا دعينا نذهب .


فصرخ بوجهها :


ـــ ياك أنا ما شفتو بداري حتى انعمى عين حماري ....


لكنها لم تعره اهتماما و مضت تجرني وراءها و تقول لي :


ـــ لا تهتمي لما يقول هذا رجل مجنون .



بينما كان هذا حال عائشة و الشعب مع خونة الجزائر بأفعال و تصرفات منهم لا يتوقعونها كان الثوار أيضا يفعلون ما لا يتوقعه الفرنسيون منهم للنصر و إحقاق الحق ؛ لذا كان من بين أحد مخابئهم بيت يقابل الثكنة العسكرية مباشرة ؛ لامرأة عجوز ينادونه ماما بمدينة قوراية و بهذا فكان دخولهم على أعين الجنود الفرنسيين الذين ما كان ليخطر ببال احدهم ان المجاهدين سوف يخاطرون بالتواجد ببيوت قريبة من مراكز و ثكنات عسكرية ؛ ففور وصولهم عادة تذهب النسوة من أهل البيت للسلام عليهم كأنهم من أقاربهم فيبعدون بذلك الشكوك أكثر و أكثر ، بإحدى المرات و هم يتجهون إلى بيتها ليلا بعد قيامهم بإحدى العمليات تفاجئوا بمن ينادي عليهم ؛ كان احد الحركة رافعا صوته عند شكه بهم بكلمة فرنسية تعني توقف يستعملها الجنود الفرنسيين ؛ كان ذلك لإخبار العسكر بشكل غير مباشر أنهم أشخاص مشكوك فيهم فيتم تفتيشهم :


halteـــ


لكن الثوار أسرعوا إليه عائدين و أمسكوا به بنية أخذهم له معهم حتى لا يفضح أمرهم ؛ فحاول فك أسره منهم محاولا الهرب فاضطروا إلى اتخاذ قرار قتله ذبحا كونهم لا يقدرون على إطلاق النار فيُعرف بوجودهم ؛ عندما تردد احد المجاهدين المكلف بذلك تقدم أبا القاسم ممسكا بخنجره و ذابحا له بسرعة شديدة خاصة و أنه كان يجب أن لا يتأخروا باللحاق بالبيت قبل لفت الانتباه من شخص آخر علما أن المنطقة قريبة جدا من الثكنة العسكرية التي تكون حولها حراسة مشددة ؛ لضيق الوقت لم ينتبه أبا القاسم للدم الذي لطخ حذاءه و هو يذبح الحركي الخائن و وصلوا البيت متلقين لترحيب أهله بالشكل المعهود .


دخل الثوار ؛ بينما هم يتخلصون من أحذيتهم لترتاح أرجلهم و لكون هذه العادة هي من عادات الجزائريين كاحترام لأهل البيت لمح ابن السيدة ماما الدم بحذاء أبا القاسم فسأله :


ـــ أ ليس هذا دم بحذائك ؟


تفاجأ أبا القاسم برؤية الدم و بدقة ملاحظة الرجل لكنه لم يبدي ذلك فنفى مبتسما و هو يرفع رأسه بعد نزعه للحذاء :


ـــ أجل إنه دم فقد أصبت بالرعاف منذ قليل فقطر الدم من انفي على حذائي و نحن قادمون إليكم ؛ ماما أرجوك اطلبي من احدهم ليأتيني بقليل من الماء كي أنظفه .


استغرب الرجل إجابة أبا القاسم كون الفصل كان فصل شتاء و عادة ما هو معروف أن المرء قد يصاب بالرعاف لكن بفصل الصيف لكنه لم يعلق على ذلك بشيء .


تمت ضيافة الثوار مثلما هي العادة و استيقظ الرجل ابن العجوز المضيفة لهم كي يخرج لشراء الحليب و الزبدة ، بينما هو يمر بالشارع تفاجئ بالعسكر الفرنسي ينتشر بكل مكان باحثين عن من قتل عميلهم الليلة الماضية خاصة و انه كان قريبا من الثكنة أي من بيتهم فاستنتج الرجل أن المجاهدين من فعلوا ذلك و عادت إلى ذهنه صورة الحذاء الملطخ بالدم فعاد أدراجه يحمل زجاجة الحليب و الزبدة غاضبا لإحساسه أن ضيوفه لم يكونوا صادقين معه .


دخل الرجل البيت قائلا :


ـــ يبدو أن احدهم قتل رجلا ذبحا و الجنود الفرنسيين يبحثون بكل مكان .


استفسر أبا القاسم منه عن كل التفاصيل و كل ما رآه دون ان يخبره أنهم من فعلوا ذلك كون أن عملهم كان يفرض عليهم هذه الإستراتيجية التي يتبعونها دائما و هذه السرية حتى مع المناضلين الذين يؤوونهم .


عند تقديم القهوة للضيوف سُأل كل واحد كيف يريد قهوته فطلب أبا القاسم كوبا من الحليب مضافا له بعضا من الملح فاستغرب أهل البيت ذلك قائلين :


ـــ حليب بالملح ؟ نقدم الحليب بالسكر عادة أو بدونه أو ببعض من القهوة لكن حليب بالملح ؟ فهذا لم نسمع به من قبل .


ابتسم أبا القاسم و هو يقول :


ـــ هذا ما تعودنا عليه بالبيت منذ صغرنا تعرفين لكل بيت عاداته .


لم يكن يرغب أبا القاسم إعطاء تفاصيل كثيرة عن منطقته و عاداتها حتى لا يُسأل عن اسمها فقد كان الثوار يحتفظون بأسرار حياتهم الخاصة من شدة الحذر ؛ هذا حتى مع المناضلين الداعمين لهم فلم يكن بإمكان احد منهم ان يعرف الاسم الحقيقي للمجاهد و لا اسم عائلته أو أين تقطن مخافة إذا ما تم إلقاء القبض عليهم فقد يكون التعذيب غير مطاق لبعضهم فيفشي بكل أسرار المجاهدين ، لذا اكتفى أبا القاسم بالقول انه تعود ذلك منذ الصغر ببيته و لم يقل بمنطقتهم التي يشتد الفقر فيها فكانوا يعتمدون هذه الطريقة لأنهم عادة يضيفون بعضا من الماء إلى الحليب حتى تزداد كميته فتكون كافية لهم لكن يتغير طعمه و لا يمكن شربه و تلذذه إلا ببعض من الملح فأصبحت عادتهم وضع الملح بالحليب .


ظلت السيدة ماما تكرر :


ـــ أ متأكد أنت يا ولدي فلم نسمع بهذا من قبل ... ثم كيف سيكون طعمه بالملح ؟


هنا ظهر غضب ولدها الذي كان يتحفظ به منذ خروجه صباحا و معرفته لحقيقة الدم على الحذاء قائلا :


ـــ ضعي له الملح بالحليب مثلما يطلب يا أمي فالظاهر أنه متعود على أمور غريبة كثيرا .... فهو يصاب بالرعاف شتاء و إن كان عادة لا يحدث للبعض إلا صيفا و يشرب الحليب بالملح و إن كنا لم نسمع بهذا من قبل إلا منه ..... إن عادات بيتهم واضح أنها تختلف عنا بكل شيء ...


كانت نبرة الرجل تُظهر نوعا من الاستخفاف و الغضب بآن واحد .


ثم مسك الجريدة ليقرئها فاقترب منه أبا القاسم قائلا :


ـــ اخبرنا بما هو مذكور بالجريدة و آخذا كل تفكيرك .


فقال له بنفس النبرة :


ـــ إنهم يتحدثون عن جماعة مجاهدين متجهة لبيت مقابلا لثكنة عسكرية و بطريقها قام أحدهم بذبح احد الخونة و رميه بعيدا عن الطريق عند اعتراضه لطريقها ثم دخل أفرادها إلى أهل البيت دون ان يخبروهم بما حدث و لم يعلم صاحب البيت بالأمر إلا صباحا عند خروجه لشراء الحليب و الزبدة إكراما لهم بالوقت الذي هم لا يؤمنونه على سرهم ثم يدعون ان الدم على حذاء احدهم من أثر الرعاف شتاء .


ابتسم أبا القاسم لحكمة الرجل و اكتفى بالقول :


ـــ ليس عدم ثقة و لكن هذه إستراتيجيتنا حماية لكم و لنا صدقني ... فلا احد يعلم ما هو ممكن ان يحدث مستقبلا .


لم يقل الرجل شيئا فاستمر أبا القاسم :


ـــ ثم إخبارنا لكم ماذا كان سيفيد ؟


فنظر إليه و هو لا يزال متضايقا :


ـــ على الأقل أكون على علم فلا أحس نفسي كالأبله ؛ فربما كنت سأقرر عدم الخروج لأنه قد أتعرض للقبض كون الحادثة كانت قريبة منا ؟


فأفحمه أبا القاسم برد :


ـــ بل الطبيعي هو ان تخرج مثل عادتك دون ان يظهر عليك الخوف أو الارتباك فلو كنت تعلم ربما كنت ستلفت الانتباه أكثر خاصة و ان البيت يقابل الثكنة فربما تعودوا على رؤيتك كل صباح تشتري الحليب و الزبدة ثم بهذا الصباح المذبوح تختفي للعيان فقد يشك احدهم بك و أنت لا تدري .


اقتنع الرجل بحجة أبا القاسم الذي كان طليق اللسان و مقنعا كعادته ، ثم قال :


ـــ أنا اعتقدت أنها عدم ثقة بنا خاصة و أنني قد سألتك فكذبت علي .


ابتسم أبا القاسم و هو يضع يده على كتفه :


ـــ لو لم نكن نثق بكم فما كنا لننام عندكم نوم الرضيع بين أحضان أمه و ما كنا لنأوي إليكم من حين لآخر .


ابتسم الرجل :


ـــ اجل هذا صحيح ... إنه الشيطان ينزغ بيننا فانا أصبح تفكيري يذهب و يجيء من وقتها لكنني كنت مخطئ و الحق معكم فلو علمت ربما كنت سألتفت بطريقي يمنة و شمالا و تصرف كهذا كان سيكون مريبا .


ـــ لا عليك أنا أعي تماما ما تقول ... ثم أنني لو كنت مكانك ربما كنت سأتصرف مثلما تصرفت أنت .









رد مع اقتباس
قديم 2009-02-21, 21:26   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
kada70
عضو مبـدع
 
إحصائية العضو










افتراضي

معبر جميل
أتمنى ان نقرأ الباقي










رد مع اقتباس
قديم 2009-02-22, 19:16   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
close friend
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لمرور الاخ
said0326
و شكرا لمدخلاتك اخي
KADA70
اتمنى متابعاتكم دائما










رد مع اقتباس
قديم 2009-02-22, 22:16   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
close friend
عضو جديد
 
إحصائية العضو










Flower2 تكملة للرواية

ذكــريـــات
ـــ ما قصة الغوايش التي كانت لديك يا أمي ؟
لم تكن عائشة تأخذ مهلة من الوقت كي تتذكر أو تتساءل كيف ستتحدث إذا سُألت عن حياتها فقد كانت كل لحظة تعبت فيها في حقبة الاستعمار لا تزال راسخة بذهنها و لذا مباشرة قالت :
ـــ الغوايش نعم ؛ بعد مرض أختك حورية كان خلخال عرسي هو آخر ما تبقى لي من زينة فقد أهلكنا الفقر ، لكن كان علي العمل لكسب لقيمات لأختك فاطمة و حورية فلم يكن محمد قد وُلد بعد و أيضا جدتكم يرحمها الله فبرغم طبعها الحاد الذي سببه كل ما رسمته لها الحياة من لوحات فنية باهتة الألوان و قاتمة لا تبعث على الزهو و الفرح كانت لي خير ونيس أثناء غياب والدكم و سندي الوحيد .
فتُقاطعها ابنتها :
ـــ لماذا لا تقولين غياب أبا القاسم أتخجلين من ذكر اسمه أمامنا ؟
تبتسم بلطف :
ـــ هذا ما عودتني عليه جدتكم مريم يرحمها الله فلم يكن مسموحا للمرأة أن تنطق اسم زوجها احتراما لأهله و له فكان عليها الحياء حتى بالاسم .
تغير الفتاة وضعية جلوسها و هي تقول كمن يعترض :
ـــ عذرا يا أمي و لكنني أراه غباء فلست أفهم ما دخل الحياء بالاسم فلماذا يحمل كل إنسان اسما إذن ؟
تُحرك عائشة إطار نظاراتها الطبية من جديد و هي تقول لها :
ـــ عيب عليك يا ابنتي فلم يكن أجدادك أغبياء و لكن شدة احترامهم للرجل و تعليمهم للمرأة على أن تحترم زوجها هو من جعلهم يتعودون على ذلك .... أه .. لكن من يهتم الآن فالمرأة ليس فقط تناديه باسمه أمام أهله و إنما أيضا تصرخ بوجهه و الله يحفظنا فقد تقول له أنت تكذب في حالة ما إذا كان يتحدث بإحدى المواضيع و بالغ .
ـــ ههههه و أنت طبعا لم تفعلي أبدا هذا مع والدي .
ـــ أعوذ بالله عيب يا ابنتي عيب .
ـــ اعلم يا أمي .. فأنت حتى بعد رحيل جدتي لازلت لا تنطقين اسمه أمامنا فكيف أن تصرخي بوجهه و إذا بالغ في الحديث تقولين ربما اخطأ .
ـــ و هذا ما يجب أن يكون .
ـــ و لكن لم تخبريني كيف تحصلت على المال ؟
ــ اذهبي و القي نظرة على القدر فقد يحترق .
تقوم ابنتها مسرعة إلى المطبخ و هي تقول قبل دخوله :
ـــ طبعا و إلا غضب أبا القاسم إذا احترقت الأكلة أو أقول السي بلقاسم ....
ثم عادت بعده مباشرة لتستلقي بجنب والدتها على السرير :
ـــ إه ... أمي كيف اشتريت الغوايش ؟
ـــ من صناعتي للغربال ، كنت أطعم من هذه الحرفة إخوتك إذا أعطوني قمحا مقابل ذلك و لكن لا أعلم كيف تمكنت من شراء الغوايش التي كانت من فضة و تصدقت بها يوم الاستقلال لبناء البلد مثلما طُلب منا .
كان الخلخال نوعا من الزينة التي تضعها العروس برجلها كي يُحدث صوتا و هي تمشي و كان يُعد من الفضة و لكن عندما مرضت حورية كثيرا اضطرت عائشة لبيعه كي تعالجها فلم يكن يبقى عند عائشة شيئا تبيعه غيره ، كان عزيزا عليها كثيرا و لكن معزة ابنتها أغلى، حورية الطفلة الثانية لها من أبي القاسم ، كانت بالرابعة من العمر فتاة شديدة الشبه بأمها غير أن لون بشرتها تميل إلى الاسمرار قليلا فكان هذا يزيدها جمالا فقد كانت بشرتها أكثر صفاء وكما هو حال أغلبية من أنعم الله عليهم ببشرة سمراء رومانسية ؛ أجل فقد كان دوما أصحاب البشرة السمراء نساء وحتى شبابا الأكثر تغزلا بهم ؛ و رموشا طويلة غزيرة و لكن هذه الفتاة الكثيرة التعلق بوالدها لم تكن تعي ما يحدث لذا لم تعرف قيمة هذا الخلخال عند والدتها إلا عندما كبرت و أخبرت أبناءها عنه و هي في الأربعين من عمرها تُخبرهم عن بعض ما تذكره من طفولتها القاسية و أنهم يعيشون نعيما الآن بظل الاستقلال بعكس ما عانته ؛ فعليهم حمد الله عليه كل حين .
كانت عائشة تقوم بصنع الغربال للنساء و لا تتقاضى عليه أجرا بل كمية من القمح تصنع منه خبزا لأولادها و بعد فترة رُزقت بولد آخر أسمته محمد فقد كان معروفا عندهم انه أول مولود من البنات تُسمى فاطمة أو فاطمة الزهراء و أول مولود من الذكور يُسمى محمد أو أحمد و لأنه على اسم عمه محمد الشهيد فكان محمد بعد بنتين جميلتين عاشتا فقرا قاسيا مع أمهما التي لم تكن تحب ذكر حالتهم عند زيارتها لوالديها؛ فقد كانت عائشة فور وصولها عند أهلها تسأل عن أحوالهم أكثر مما تشتكي من ضيق الحال بحياتها لكن ميلود الوالد الذي تجاوز الثمانين يُحس بابنته فيطيل السؤال عنهم و تستمر هي في شكر الله و حمده ؛ ربما أكثر ما كانت تشكو منه هو شدة شقاوة ابنتها فاطمة لكونها لا تسكت أبدا ليلا و نهارا فاطمة فتاة شديدة البياض و شعر أشقر كوالدتها ذات انف طويل ربما شبها بوالدها و حاجبين رقيقين مرسومين كالهلال و عمره يومين .
ـــ لقد أتعبتني يا والدي إنها لا تتوقف عن البكاء و هي بين ذراعي و هي بفراشها ... ليلا و نهارا إنها حقا شقية .
بعد تناولهم للعشاء تُطعم عائشة فاطمة حليبا من صنع رباني و ذلك من ثديها و تظل الطفلة هادئة فيُلفت هذا انتباه الوالد :
ـــ الم تكوني تقولين أنها شقية و لا تسكت ؟
تمد عائشة يدها إلى فاطمة لتلف اللحاف عليها و هي تقول :
ـــ أجل عندما أكون ببيتي لا تسكت و لكن عندما آتي إليكم لا أعلم لماذا تصبح هادئة كما ترى .
فتفطّن الوالد لما يحدث و قال لها :
ـــ ألهذا الحد أنتم فقراء يا ابنتي ؟
فتخشى عائشة أن يعلم والدها بالأمر و يقلق عليها فتُسرع بالقول :
ـــ لا يا والدي نحن بخير و الحمد لله .
كانت حقيقة الأمر أنها حقا تعيش فقرا شديدا فلم يكن أبا القاسم رجلا ذا مال فقد توفي والدهم و هم صغار و تكفلت أمهم مريم بهم و لم يكن لها عائل ؛ فمن أين لهم بالمال ، حتى الإرث الكبير الذي كان من نصيبهم ضاع بين الأعمام فلم يكن له و لإخوته أي نصيب .
كانت فاطمة ببيت أبيها يشتد عليها الجوع كون أمها لا تأكل فمن أين تصنع لها حليبا تسقيها إياه من ثديها و لذا لا تتوقف عن الصراخ جوعا و ليس شقاوة في حين عندما تتواجد ببيت جدها و تأكل عائشة و تشبع فيمكنها بذلك أن تُدر بالحليب الذي يشبع الصغيرة فتبقى هادئة هانئة ، لكن عائشة كعادتها شدة احترامها لوالدها و خوفها من أن يقلق عليها جعلاها تكتم الأمر عنه فهي ترى أنه يكفيه أن يتكفل بشراء الأقمشة لها لتصنع منها ألبسة و بعضا من الألبسة و هي عائدة إلى بيت زوجها فلم يكن هو الآخر غنيا و لكن كانت تُطرح البركة بماله كثيرا اعتقادا منها .
ميلود رجل شديد الاحترام من الناس فلا يقام شيء بمنطقتهم إلا بحضرته كان يقول الشعر الملحون و هذا أول ما ورثته عنه عائشة ابنته (التي كانت تقوله من حين لآخر بكل مناسبة تحدث خاصة المناسبات التي كانت تتألم فيها فتخرج منها أبياتا تنفس بها عن ما بداخلها ) توفى كل إخوته قبله فتكفل بكل الأيتام الذين تركوهم من أولاد و أحفاد ، عاش طويلا إلى أن تجاوز السنة الخامسة بعد المائة .
عاش طويلا و لم يكن له غير بنتين شريفة و عائشة و أتى بعدهما احمد .
كما كان يُلقب بالمقدم لأن كل القوم كانوا يقدمونه بكل أمر كان إما أمرا يخصهم ببيوتهم أو أمرا عاما بين الناس لحكمته و فراسته .
كان لميلود من زوجته الأولى المتوفاة ولد واحد و لكن لم تنس عائشة يوم كانت صغيرة جدا و قد أمرت فرنسا بأخذ شباب الجزائر للمشاركة بالحرب العالمية الثانية و لم يكن وقتها لميلود إلا هذا الولد الذي كان يكنى بمحمد و هو لا يرغب بمساعدته للاستعمار الذي وعد كذبا أنه :
ــــ بعد مشاركتكم لنا بهذه الحرب ضد النازية سنمنحكم الاستقلال .
ميلود الرجل الحكيم الذي رفض و ادعى فقدان البصر من سنوات من قبل عندما كانت فرنسا تجبر الشباب الجزائري للتجنيد فقال أنه لا يملك إلا هذا الولد فمن سيهتم به و هو الكفيف الأعمى ، لكن العسكر الفرنسي كان لئيما فلم يكن يصدق كل ما يقال له من الجزائريين لذا أتوا الجنود الفرنسيين بشمعة و هم يريدون بذلك التأكد من صحة كلامه و قربوها من عينيه فظل ميلود صابرا لا يحرك جفنا مخافة أن يكشفوا أمره إلى ان اقتربت الشمعة من عينيه قربا شديدا فلامست أهدابه فكادت أن تحرقه و هو لا زال يتظاهر بعدم رأيته لها و للهيبها الذي ما كان سيعادل لهيب قلبه إذا فقد ولده لأجل فرنسا و هنا أحس الجنود الفرنسيين أنه صادق لكنهم أخذوه رغم ذلك ؛ فأشعر قائلا عندما كان يشتاق إليه فيلومونه الناس على شوقه هذا قائلين أنه مبالغ فيه فكان من بين ما قال :
خُوتي خُوتي يا الي راكم حُضاروانا ولدي طار من قدامي صد
خلىَّ النيران شاعلة بلا دخـــــــان و الله لحتى اجربوها بالواحد
أي أنه سيجرب كل واحد فيكم هذا الإحساس الذي أشعر به الآن و تلومونني عليه و لن يكون ذلك إلا يوم يكبر أولادكم فتجبرهم الحكومة الفرنسية أيضا على الالتحاق بجيشها للتجنيد .
ثم كان كلما يرى الجمع من أخواله الملقبين بالأشواف و أقاربه مجتمعون عدى ولده الذي يفتقد بقوة فكان يقول :
ما اعظم يوم الخميس يا ذوك الخُطار و الدنيا جاية ارْدافـــو تــشاهد
احسبناهم قع جاوا فلان و فلان و مـن الأشواف كاملين قعــد واحــد .
سيدي قدور ياااه يا مول الــــــبــرهانو يا مول الزاوية ألي ثم تعبد
عاوني في النصارى و الكــــفــــــــار يهديهم ربي ايجيني مــــحـمد .
كان ميلود محقا في ما اعتقده فلم تكن فرنسا إلا ناقضة للوعود مثل عادتها فقد كان ردها على مساعدة الجزائريين بحربها ضد النازية هدية غير متوقعة فكانت مجازر قالمة و خراطة ؛ حيث أبادت 45000 امرأة و طفلا و شابا و شيخا من المدنيين في أقل من أسبوع بعد انتصار الحلفاء على دول المحور أثناء الحرب العالمية الثانية باليوم الثامن من شهر ماي سنة 1945 م مجازاة لهم على ما قدموه من فلذات أكبادهم بتلك الحرب فكان بهذا ميلود أدرى من من اعتقدوا أن فرنسا ستهبهم الحرية عقب هذا النصر الذي توجته بمجازر لجثث الأطفال و النساء .
فقال احدهم وقتها لميلود :
ـــ لهذا نحن نلجأ لشيخنا ميلود و نقدمه بكل أمورنا لأنه حكيم ذا بعد نظر و ذا فراسة لما يمكن أن يحدث مستقبلا .









رد مع اقتباس
قديم 2009-02-22, 23:00   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
close friend
عضو جديد
 
إحصائية العضو










Flower2 تكملة للرواية

مــارابـــو
ـــ مرت علينا أحداثا كثيرة غريبة .
تقول عائشة تتوقف كمن يفكر أو ربما كشارد لا يقدر ان ينسى كلما سُأل عن حياته :
ـــ و لكن اغرب ما اذكر هو عندما ألقى العسكر القبض على عبد القادر مختار فقد كانوا يُكبلونه ليلا و عند قدومهم صباحا يجدونه مفكوك القيود دونا عن أصحابه و تكرر الأمر عدة ليال فأطلق العسكر سراحه فيما بعد و طلبوا منه أن يبقى معهم تبركا به و قالوا هذا مارابو أي رجل مبارك و محفوظ من الأسياد و البسوه لبسهم و سلموه سلاحا كي يعمل معهم لم يقل عبد القادر شيئا و لم يكن يعلم أي شخص فينا إلى يومنا هذا ما إذا كان قد تعاون مع فرنسا حقا أم انه كان يتظاهر بذلك .
فاعتدلت ابنتها بمجلسها :
ـــ لكن ما الذي فعله فجعلك تعتقدين هذا ؟
تعود عائشة لتعديل نظارتها كعادتها و هي تقول :
ـــ أذكر عندما كان يُرسل إلي من القُومية كي اذهب إليهم ؛ كنت أخاف كثيرا بل أرتعب فاذهب و أنا أدعو طول الطريق بأن يحفظني ربي و يسترني فقد كانوا يفعلون بكل امرأة غاب رجلها ما لا يمكنني ذكره لك و لكن فور أن أراه أحس و كأنني رأيت أبًّوي من شدة إحساسي بالأمان و هو أيضا كان فور أن يراني يتظاهر بالغضب أمامهم و يصرخ بوجهي و هو يقول :
ـــ أيتها الغبية من الذي طلب منك الحضور نحن لم نطلبك هيا اغربي عنا لم يكن ينقصنا غيرك هيا اذهبي .
و يدفعني بعيدا عنهم و بذلك لا يقترب أي واحد منهم صوبي ، لقد كان سترا لي بفضل الله و لكن كنا نسمع عن الكثير من النساء كم تعرضن للاعتداء من هؤلاء الكلاب .
كم تعرض الشعب الجزائري للنهب و الاضطهاد و كم أهانته فرنسا ... كم اعتدت على نساءه و كم جهّلت أبناءه و كم قتلت منه ليس مليون و نصف بل الملايين الذين لم يتم تسجيلهم .
فرنسا من يتباهى كل من درس بها أو من أقام فيها و كم سموا عاصمتها بمدينة الملائكة و عالم العطور الراقية .
فرنسا من استحيت نساء و قتّلت أطفالا من قللت احتراما لشعب كان يعيش بنعيم و لكونها لم تكن تقدر على سداد دَينه لجأت لاحتلاله ، أجل فقد كانت مدينة للجزائر بدَين طال أمده و عندما طالبها الباي الجزائري برد الدين تحججت بحادثة المروحة و أنزلت سفنها بسيدي فرج سنة 1830 كي تبدأ رحلة النهب العلني و التقتيل المباح و الحرمان الذي ألقته على شعب لا حول له و لا قوة إلا انه أراد استرجاع ماله الذي أعارها إياه .
فرنسا السارقة فرنسا القاتلة فرنسا من عيّشت شعبا بأسره جهلا دام قرنا و اثنان و ثلاثين سنة ثم ادعت أنها دخلت لتعليمه و إخراجه من الأمية و الجهل ، فلم تكن سرقتها لخيراته كافية بل و منعه من التعلم ؛ أبسط الحقوق لكل إنسان ؛ فجعلت منه شعبا محروما ماديا و علما ، لكن الشعب المحاصر من كل ركن تمكن من التغلب على كل ذلك و تعلم و قاوم و انتصر و لو بعد طول انتظار ، ثم يقال اليوم فرنسا بلد الحقوق و بلد الحرية و بلد التطور و هي من بَنت كل صغير و كبير بباريس و غيرها من خيرات الجزائر فكم حمّلت من خيرات هذا البلد الثمين و قطعت البحر لتُعمر بلدها فكل ما يوجد بباريس هو من الجزائر و كل ما يوجد بفرنسا هو من الجزائر .
لم يكن بإمكان أي شخص أن يبيت عند أقاربه أو حتى جاره إلا بتصريح من العسكر فلو تمر دورية الليل و يجدون بالبيت أحدا زيادة عن العدد المسجل لديهم فإنهم يفتحون تحقيقا طويلا و شديدا لمعرفة سبب وجوده هنا ، أما إذا أراد احدهم الذهاب إلى احد أقاربه بقرية أخرى فعليه طلب تصريح مسبق و أن يحدد الأيام التي سيقضيها هناك و يُنظر فيما بعد بأمره و إذا وافقوا فعليه أن يكمل كل الأيام التي طلبها لأنه إذا عاد قبل موعده فيُفتح تحقيقا آخر ليذكر سبب سرعة عودته و تغييره لبرنامجه و ذلك لشدة شكوكهم بكل ما كان يحدث من صغيرة و كبيرة ؛ مثلما كان يقام تحقيقا للتعريف عن سبب الزيارة فلم يكن يحق للجزائري التحرك و لو شبرا بأرضه إلا بتصريح من العسكر الفرنسي عسكر بلد الحرية و التطور و الانفتاح .
لذلك كان عندما يشتد الجوع على عائشة و أبناءها تجد صعوبة في طلب التصريح للذهاب إلى أحد أقاربها في الوقت الذي كان أبا القاسم يتنقل مع الجنود من جبل إلى آخر و أحيانا من مدينة إلى أخرى لخوض المعارك فقد كان هو يسعى لنيل حرية الشعب و تسعى عائشة لسد ثغرة غيابه بشتى الطرق بالرغم من أن مريم والدته لم تكن تتركهم فقد كانت مسؤولة عليهم بغياب ولدها و لكن ما عساها أن تفعل أكثر .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ









رد مع اقتباس
قديم 2009-02-22, 23:09   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
أسامة بن نونة
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية أسامة بن نونة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووور










رد مع اقتباس
قديم 2009-02-23, 19:55   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
close friend
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لمرورك اسامة بن نونة لكن كنت اود مشاركة اقوى من شكر










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:57

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc