كنت فيما سبق قد طرحت موضوع يبين فيه الأخطاء العقائدية التي وقع فيها ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري بشرح صحيح البخاري والتي أوّل فيها العديد من صفات الرب تبارك وتعالى بدون دليل يعضد هذا التأويل وإنما هي الأراء التي ما أنزل الله بها من سلطان :
وفي هذا الموضوع ونصحا لله ولرسوله وللمؤمنين سوف أتحفكم بكتاب يتظمن الكشف عن الأخطاء العقائدية التي وقع فيها النووي صاحب كتاب شرح صحيح مسلم حتى يكون طالب العلم على دراية تامة بهذه الأخطاء فلا يقع فيما وقع فيه النووي من تأويل للصفات وإجاز للتبرك بالآثار مما لم يدل عليه كتاب ولا سنة وإنما أتّبع فيها النووي سنن من كان قبله من أهل الكلام فأفتى برأيهم (ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)
بارك الله فيك أخي الكريم و للفائدة ننقل من كلام العلماء بما يثري الموضوع .
العلامة ابن عثيمين السلفي الاثري رحمه الله و هو يتكلم عن الحافظ النووي رحمه الله
قال العلاَمة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - ( .... و هو - رحمه الله - يعني النووي - مجتهد , و المجتهد يخطىء ويصيب , و قد أخطأ - رحمه الله - في مسائل الأسماء و الصفات , فكان يؤوَل فيها لكنَه لا ينكرها , فمثلا : (استوى على العرش) يقول أهل التأويل معناها : استولى على العرش , لكن لا ينكرون : (استوى) لأنَهم لو أنكروا الاستواء تكذيبا لكفروا , فهم يصدَقون به , و لكن يحرفونه . و مثل هذه المسائل التي وقع منه - رحمه الله - خطأ في تأويل بعض الصفات إنَه لمغمور بما له من فضائل و منافع جمَة , ولا أظنَ أن ما وقع منه إلاَ صادر عن اجتهاد و تأويل سائغ - ولو في رأيه - و أرجوا أن يكون من الخطأ المغفور, و أن يكون ما قدَمه من الخير و النَفع من السعي المشكور , و أن يصدق عليه قول الله تعالى : { إنَ الحسنات يذهبن السيئات }
و لقد ضلَ قوم من خلف الخالفينالذين أخدوا يسبَونه سبَا عظيما حتَى بلغني أنَ أحدهم قال : يجب أن يحرق شرح النوويَ على صحيح مسلم , نسأل الله العافية , فالنوويَ نشهد له فيما نعلم بالصلاح و أنَه مجتهد ..................) " من شرح الأربعين ص : 7 - 8 "
و هذا كلام العلامة الفوزان السلفي الاثري حفظه الله.
هل ابن حجر والنووي والبيهقي من الأئمة؟
العلامة الفوزان يجيب..
س/ بعض الناس يبدع بعض الأئمة كابن حجر, والنووي, وابن حزم, والشوكاني, والبيهقي فهل قولهم هذا صحيح؟
ج/ لهؤلاء الأئمة من الفضائل والعلم الغزير والإفادة للناس والاجتهاد في حفظ السنة ونشرها والمؤلفات العظيمة ما يغطي ما عندهم من أخطاء رحمهم الله تعالي.
وهذه الأمور ننصح طالب العلم أن لا يشتغل بها لأنه يحرم العلم والذي تبع هذه الأمور على الأئمة سيُحرم من طلب العلم فيسير مشغولا بالفتنة ومحبة النزاع بين الناس, ونوصي الجميع بطلب العلم والحرص على ذلك والاشتغال به عن الأمور التي لا فائدة منها.
والنووي وابن حزم وان حجر والشوكاني والبيهقي هؤلاء أئمة كبار محل ثقة عند أهل العلم ولهم من المؤلفات العظيمة والمراجع الإٍسلامية – التي يرجع إليها المسلمون – ما يغطي أخطاءهم وزلاتهم – رحمهم الله -.
ولكن أنت يا مسكين ماذا عندك؟ يا من تتلمس وتتجسس على ابن حجر وابن حزم, ومن ذكر معهما, ماذا نفعت المسلمين به؟!.
ماذا جمعت من العلم؟! هل تعرف ما يعرفه ابن حجر والنووي؟!
هل قدمت للمسلمين ما قدم ابن حزم والبيهقي؟!.
سبحان الله!!! رحمه الله امرأً عرف قدر نفسه, قل علمك فتجرأت, وقل ورعك فتكلمت.
المصدر: الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة
سؤال 100 ص 220.
الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله
ما رأيكم - حفظكم الله - فيمن يحذر الناس من كتب ابن حجر والنووي ؛ لأن فيها شيئا من التعطيل، بل ربما أمر بإحراقها، ووصفهم بأنهم من أهل البدع؟
هؤلاء والعياذ بالله عندهم غلو، وهؤلاء مخطئون خطئًا عظيما كبيرا، فكتاب فتح الباري لابن حجر كتاب عظيم، ما زال العلماء في كل عصر ومصر بعده ينهلون من معينه، ويستفيدون منه، فهو كتاب عظيم من أعظم الكتب، أما الأخطاء في مسألة العقيدة فممكن تلافيها، ما زال العلماء ينبهون عليها, وهؤلاء الأئمة لم يتعمدوا هذا الخطأ وهم علماء كبار أجلاء، نرجو الله أن يغفر لهم، فهم نشئوا على هذا وصاروا يؤولون في بعض الصفات، لكن ليس معنى هذا أن يهجر الكتاب، هذا كتاب عظيم.
وكذلك النووي في شرح مسلم سلك هذا المسلك في الصفات، لكنه كتاب عظيم في معاني الحديث والاستنباطات وفي الأحكام الفقهية، فهي كتب عظيمة، كيف يهدر ما فيها من العلم من أجل أشياء يسيرة ممكن تلافيها، وممكن التنبيه عليها، هذا غلط كبير، وهؤلاء الذين يفعلون ذلك جهلة سفهاء، والذين يحرقونها، ويحذرون منها كذلك، أما الأغلاط فليس هناك أحد يسلم من الغلط، ليس هناك كتاب معصوم إلا كتاب الله.
أما لو كتاب أكثره فيه أخطاء وأغلاط عظيمة مثل كتاب الزمخشري " الكشاف "، أو كتاب " مفاتيح الغيب " للرازي هذا خطير يؤثر على طالب العلم المبتدئ، فلا ينبغي لطالب العلم المبتدئ أن يقرأ فيهما؛ لأنه يدعوك إلى مذهبه، يدعوك للقول بالحلول، وإنكار وجود الله، يدعوك إلى تعلم السحر، فلا يصلح أن يقرأ ذلك إلا طالب العلم الذي عنده بصيرة.
أما كتاب فتح الباري لابن حجر كتاب عظيم، نفع الأمة، جلس في شرحه سبعة عشر عاما، رحمه الله، من أنفع وأحسن الكتب، ولا يستغني عنه طالب العلم، كذلك شرح صحيح مسلم للنووي.
والذي يحذر الناس من هذين الكتابين أو يحرقهم، هذا سفيه جاهل، يجب أن يؤخذ عليه، ويؤدب ويعزر حتى يرتدع عن هذا العمل المشين، ويرفع به إلى ولاة الأمور، إلى المحكمة حتى يحكم عليه بالتعزير والتأديب، حتى يتوب من هذا العمل المشين.
(( ما قولكم فيما يحصل من البعض من قدح في الحافظين النووي وابن حجر وأنهما من أهل البدع ؟ وهل الخطأ من العلماء في العقيدة - ولو كان عن اجتهاد وتأويل - يلحق صاحبه بالطوائف المبتدعة ؟ وهل هناك فرق بين الخطأ في الأمور العلمية والعملية )) ؟
فأجاب بقوله : (( إن الشيخين الحافظين ( النووي ، وابن حجر ) لهما قدم صدق ونفع كبير في الأمة الإسلامية ، ولئن وقع منهما خطأ في تأويل بعض نصوص الصفات ، إنه لمغمور بما لهما من الفضائل والمنافع الجمّة ، ولا نظن أنّ ما وقع منهما إلا صادر عن اجتهاد وتأويل سائغ - ولو في رأيهما - ، وأرجو الله تعالى أن يكون من الخطأ المغفور ، وأن يكون ما قدماه من الخير والنفع من السعي المشكور ، وأن يصدق عليهما قول الله تعالى : { إن الحسناتِ يُذهبنَ السّيئات ) ، والذي نرى أنهما من أهل السنة والجماعة ، ويشهد لذلك خدمتهما لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحرصهما على تنقيتهما مما ينسب إليهما من الشوائب ، وعلى تحقيق ما دلت من أحكام ، ولكنهما خالفا في آيات الصفات وأحاديثهما أو بعض ذلك عن جادة أهل السنة ، عن اجتهاد أخطئا فيه ، فنرجو الله تعالى أن يعاملهما بعفوه )) ثم أجاب عن السؤال الثاني والثالث .
انظر كتاب : " العلم " للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - ص 191 - 192
وأيضا سئل الشيخ ابن باز - رحمه الله - :
سائل يقول : ( هناك من يحذر من كتب الإمام النووي وابن حجر رحمهما الله تعالى، ويقول: إنهما ليسا من أهل السنة والجماعة، فما الصحيح في ذلك ) ؟
الجواب : ( لهم أشياء غلطوا فيها في الصفات، ابن حجر والنووي وجماعة آخرون، لهم أشياء غلطوا فيها، ليسوا فيها من أهل السنة، وهم من أهل السنة فيما سلموا فيه ولم يحرفوه هم وأمثالهم ممن غلط ) .
المصدر : مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد الثامن والعشرون .
و قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه للنووية - الحديث 28 -:
ولكن الذي يعذر صاحبها فيها لا تخرج عن كونها ضلالة، ولكن يعذر الإنسان إذا صدرت منه هذه البدعة عن تأويل وحسن قصد.
وأضرب مثلاً بحافظين معتمدين موثوقين بين المسلمين وهما: النووي وابن حجر رحمهما الله تعالى .
فالنووي: لا نشك أن الرجل ناصح، وأن له قدم صدق في الإسلام، ويدل لذلك قبول مؤلفاته حتى إنك لا تجد مسجدا من مساجد المسلمين إلا ويقرأ فيه كتاب (رياض الصالحين)
وهذا يدل على القبول، ولا شك أنه ناصح، ولكنه - رحمه الله - أخطأ في تأويل آيات الصفات حيث سلك فيها مسلك المؤولة، فهل نقول: إن الرجل مبتدع؟
نقول: قوله بدعة لكن هو غير مبتدع، لأنه في الحقيقة متأول، والمتأول إذا أخطأ مع اجتهاده فله أجر، فكيف نصفه بأنه مبتدع وننفر الناس منه، والقول غير القائل، فقد يقول الإنسان كلمة الكفر ولا يكفر.
أرأيتم الرجل الذي أضل راحلته حتى أيس منها، واضطجع تحت شجرة ينتظر الموت،فإذا بالناقة على رأسه، فأخذ بها وقال من شدة الفرح:اللهم أنت عبدي وأنا ربك،وهذه الكلمة كلمة كفر لكن هو لم يكفر،قال النبي صلى الله عليه وسلم : "أَخطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَح" [1][205] أرأيتم الرجل يكره على الكفر قولاً أو فعلاً فهل يكفر؟
الجواب:لا، القول كفر والفعل كفر لكن هذا القائل أو الفاعل ليس بكافر لأنه مكره.
أرأيتم الرجل الذي كان مسرفاً على نفسه فقال لأهله: إذا مت فأحرقوني وذرُّوني في اليمِّ - أي البحر - فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين[2][206]، ظن أنه بذلك ينجو من عذاب الله، وهذا شك في قدرة الله عزّ وجل، والشك في قدرة الله كفر، ولكن هذا الرجل لم يكفر.
جمعه الله عزّ وجل وسأله لماذا صنعت هذا؟ قال: مخافتك. وفي رواية أخرى: من خشيتك، فغفر الله له.
أما الحافظ الثاني: فهو ابن حجر- رحمه الله - وابن حجر حسب ما بلغ علمي متذبذب في الواقع، أحياناً يسلك مسلك السلف، وأحياناً يمشي على طريقة التأويل التي هي في نظرنا تحريف.
مثل هذين الرجلين هل يمكن أن نقدح فيهما؟
أبداً، لكننا لا نقبل خطأهما، خطؤهما شيء واجتهادهما شيء آخر.
أقول هذا لأنه نبتت نابتة قبل سنتين أو ثلاث تهاجم هذين الرجلين هجوماً عنيفاً، وتقول: يجب إحراق فتح الباري وإحراق شرح صحيح مسلم، -أعوذ بالله- كيف يجرؤ إنسان على هذا الكلام، لكنه الغرور والإعجاب بالنفس واحتقار الآخرين.
والبدعة المكفرة أو المفسقة لا نحكم على صاحبها أنه كافر أو فاسق حتى تقوم عليه الحجة، لقول الله تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ) (القصص:59)
وقال عزّ وجل: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)(الاسراء: الآية15) ولو كان الإنسان يكفر ولو لم تقم عليه الحجة لكان يعذب، وقال عزّ وجل: (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ )(النساء: الآية165) والآيات في هذه كثيرة.
فعلينا أن نتئد وأن لا نتسرع، وأن لا نقول لشخص أتى ببدعة واحدة من آلاف السنن إنه رجل مبتدع.
وهل يصح أن ننسب هذين الرجلين وأمثالهما إلى الأشاعرة، ونقول: هما من الأشاعرة؟
الجواب:لا، لأن الأشاعرة لهم مذهب مستقل له كيان في الأسماء والصفات والإيمان وأحوال الآخرة.
وما أحسن ما كتبه أخونا سفر الحوالي عما علم من مذهبهم، لأن أكثر الناس لا يفهم عنهم إلا أنهم مخالفون للسلف في باب الأسماء والصفات، ولكن لهم خلافات كثيرة.
فإذا قال قائل بمسألة من مسائل الصفات بما يوافق مذهبهم فلا نقول: إنه أشعري.
أرأيتم لو أن إنساناً من الحنابلة اختار قولاً للشافعية فهل نقول إنه شافعي؟
الجواب:لا نقول إنه شافعي.
فانتبهوا لهذه المسائل الدقيقة، ولا تتسرعوا، ولا تتهاونوا باغتياب العلماء السابقين واللاحقين، لأن غيبة العالم ليست قدحاً في شخصه فقط، بل في شخصه وما يحمله من الشريعة، لأنه إذا ساء ظن الناس فيه فإنهم لن يقبلوا ما يقول من شريعة الله، وتكون المصيبة على الشريعة أكثر.
ثم إنكم ستجدون قوماً يسلكون هذا المسلك المشين فعليكم بنصحهم، وإذا وجد فيكم من لسانه منطلق في القول في العلماء فانصحوه وحذروه وقولوا له: اتق الله، أنت لم تُتَعَبَّد بهذا، وما الفائدة من أن تقول فلان فيه فلان فيه، بل قل: هذا القول فيه كذا وكذا بقطع النظر عن الأشخاص.
لكن قد يكون من الأفضل أن نذكر الشخص بما فيه لئلا يغتر الناس به، لكن لا على سبيل العموم هكذا في المجالس، لأنه ليس كل إنسان إذا ذكرت القول يفهم القائل، فذكر القائل جائز عند الضرورة، وإلا فالمهم إبطال القول الباطل، والله الموفق.
[1] [205] أخرجه مسلم – كتاب التوبة، باب: الحض على التوبة والفرح بها، (2747)،(7)
[2] [206] أخرجه البخاري – كتاب: أحاديث الأنبياء، باب، (3481). ومسلم – كتاب: التوبة، باب: في سعة رحمة الله تعالى وأناه سبقت غضبه، (2756)،(25)
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية