كان أحب الدروس إلي درس اللغة ودرس النحو والصرف
مقرر اللغة العربية في الصف الأول كتاب الدكتور عبد الرحيم "دروس اللغة العربية 1,2"
الجزء الثالث هو مقرر الصف الثاني
أستاذ اللغة العربية
هو الشيخ مكرم حفظه الله خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية
كان ذا وجه باسم طويل القامة سمين الضواحي
ومقرر النحو والصرف في الصف الأول كتاب "مجموعة النحو"
يشتمل على تسعة كتب في موضوع النحو والصرف
1-ميزان الصرف 2-أجناس 3-أجناس الكبرى
إلى هنا ينتهي مقرر الصف الأول
4-وزنجان 5-عوامل مقرر الصف الثاني
وبقيته ليست بمقررة
وهي الكتب 6-تقويم اللسان 7-تحفة 8-قطر الندى 9-شواهد القطر
والكتاب أمره مشهور في جنوب الهند وسريلنكا
وأستاذ النحو والصرف في الصف الأول
هو الشيخ مصطفى خريج الجامعة الاسلامية بالمدينة النبوية
كان الشيخ رقيق القلب حفظه الله
أما في الصف الثاني فكان أستاذ النحو فيه
الشيخ أدهم خريج جامعة الملك سعود
كان صبيح الوجه ذا مزاح مع الطلاب
ومع ذلك فهو شديد في الدرس
فإنه إذا دخل الفصل يأخذنا الرعب
ولكنا لا نريد غيابه لجمال كلامه وحسن نظامه حفظه الله
ومقرر الصف الثالث والرابع قطر الندى للإمام ابن هشام الأنصاري رحمه الله
ولعله كان هو المقرر في الصف الخامس أيضا
وكان أستاذه الشيخ أنصار خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية
تخصص القرآن وتفسيره وقراءاته
كان ذا مهارة فائقة في النحو ويدرسنا على ظهر قلب
لا ينظر إلى الكتاب إلا ليعرف مواضيع المسائل
ويوما صلى بنا بقراءة ورش عن نافع حفظه الله
مع ذلك كان الشيخ متواضعا جدا ولي معه مواقف رائعة
سآخذكم معي لنمر بها إن شاء الله
ومقرر الصف السادس أظه شرح ابن عقيل
وكان أستاذه الشيخ أنصار نفسه
سبب نسياني بعض المقررات
أنه تدهور إيماني بهذه المقررات في المعهد لأسباب كثيرة ستعرفها إن شاء الله
أما الصف السابع وهو آخر السنوات الدراسية فلم أدخله
وحتى نصف السنة السادسة الأخيرة فلم أكن فيها
وقد عُزلت عن المعهد لأسباب ستعرف تفصيلها
ويعلم الله مقاصدها والله حسيبنا وهو أحكم الحاكمين
أول درس صرفي بدأ
بـ فعل ,فعلا ,فعلوا ,فعلت ,فعلتا ,فعلن
فعلت ,فعلتما ,فعلتم ,فعلت ,فعلتما ,فعلتن
فعلت ,فعلنا
لماذا نحفظ هذه ؟ لم تسمى هذه ميزانا؟
ما هي المواد التي نزن به؟ سؤال بعد سؤال دار في قلبي
حتى حفظنا أكثر من مائتي وزن من "فعل"
ما أشقها في تلك الأيام
وما أسهلها على لساننا اليوم
جننا في حفظها
فكنا نزن الأسماء التاملية بهذا الميزان ليسهل علينا
"آنْ" اسم لمسمى "الرجل" باللغة التاملية
فمن جنونا نصرفه ونزنه بالميزان الصرفي
مثل:-إذا كان درس ذلك اليوم "فَعَلَ يَفْعُلُ"
نحفظ فعلا على هذا الميزان نحو
نَصَرَ ,يَنْصُرُ ,نَصْراً ,فهو ناصِرٌ
نُصِرَ ,يُنْصَرُ ,نَصْراً فهو مَنْصُوْرٌ........
نخرج من الفصل للفسحة
فترى كل كائن لا نعرف أسماءها باللغة العربية
يفر منا كأن هؤلاء تقول "جاء الإرهابيون فلا يتركنا
حتى يقيدونا ويزنونا بميزانهم السلاحي الذي اخترعوه اليوم
ويغيروا كل معالمنا"
ولكنا نلقي القبض على أحد منهم
ونضع على ميزاننا ونزن
آنَ ,يَؤُوْنُ ,أَوْنا فهو آنٌ (رجل في التامل)
أُوْنَ , يُآنُ ,أَوْناً فهو مِيْنْ (سَمك في التامل)
هذا لا نزها وفق الميزان ولكن لمجر الوصول إلى الأسماء التاملية
وهذا التطبيق قد جعلنا نعد هذا الدرس من أسهل الدروس
وإنا لنستطيع اليوم أن نؤديها على ظهر قلب بدون أي مذاكرة أو مراجعة
بكل أبوابه من الأصول والمتفرعات منها والشواذ والمطردات والملحقات بها
واللوازم والمتعديات-الحمد لله-
كنت أدخل المكتبة كل يوم
وأسرع إلى رف قسم اللغة والنحو
أجلس على الأرض
آخذ كتابا وأضع كتابا
وأنا لا أدري ما أخذت مما وضعت ولكني قرأت
ولا أدري هل أقرأ أم أصرخ
أكتب الألفاظ العربية في ورقة بيضاء بسوداء أو زرقاء
بأحرف عربية مضحكة ولكن...
إذا مشى الرجل مشية الطفل فهو ضُحْكة
وأما إذا مشى الطفل تلك المشية فهي عجب وضُحُكة
كنت أعتاد الذهاب إلى المكتبة
كان يحضنا الأساتذة على حفظ كثير من الألفاظ العربية
صدق أو لا تصدق
أني في يوم ما حفظت أكثر من ستمائة كلمة أديتها على ظهر قلب
ولكن لم أستطع إنقاذها من النسيان الإرهابي
وقد اختطفت أكثرها (ابتسامة)
كانت في المكتبة مجموعة "أجزاء قصص صغيرة" للصغار
نسميها "صندوق الدنيا"
وكانت قراءتها شبه واجب علينا
يستعير كل واحد من زملائي جزءا منها
وأنا مثلهم ولكني طماع في أن أفوقهم في كل شيء
وأنتم أيها الإخوة المتابعين تعرفون السبب
لا أقرأ جزئي ولكني أسرع إلى كتابة الكلمات التي تحتويها القصة
ثم أمكث حتى إذا خرج زملائي من الفصل إلى أكلَة الظَّهيرَة (الغداء)
آخذ أجزاءهم (وأكثرهم يعلمون عملي هذا)
وأكتب كلمات قصصها
وكتابتها لا تأخذ وقتا طويلا
لأن صفحات الجزء الواحد لا تتجاوز عشرا
ولكن هذا العمل قد يأخذ أسبوعا
فتجمعت في مذكرتي وذاكرتي ألفاظ كثيرة
أول جزء قرأته هو "تيتي والبطة" ثم"الأرنب والجزرة"
وكنت أستعير دفاتر الكلمات العربية
من طلاب الصف الثاني ثم الثالث ثم الرابع
وأسجلها في دفتري وأحيانا في ورقة منزوعة من الدفتر
كنت دائما في كل صلاة بعد التسنن
آخذ ورقة من جيب القميص وأراجع الكلمات التي فيها
ثم أدخلها فيه وآخذ من جيب البنطلون ورقة وأراجع الكلمات التي فيها
ثم أدخلها فيه وآخذ الدفتر وأراجع الكلمات التي فيها
أغدو بذاك الدفتر وتلك الورقات وأروح بها
ويوما لما كنت عند رف قسم اللغة العربية في المكتبة
وقعت عيناي على كتاب كبير الحجم
أسمر اللون أو بني اللون
اشتقت إليه بدون سبب
اسمه "اللهجة" تصفحته من البداية إلى النهاية سطحيا
ثم أغلقت الكتاب .وحين انتهيت من القراءة
عرفت أنها باللغة العربية !!!!!!!!
حزنت حزنا شديدا .
لماذا لا أستطيع فهم الكتب العربية؟
أين ذهبت الكلمات التي حفظتها؟
تساؤلات دارت في قلبي
وجدت أجوبتها في الأيام التالية
ويوما لما كنت عند رف قسم اللغة العربية في المكتبة
وقعت عيناي على كتاب فضي اللون في وسط الغلاف
ذهبي اللون في حرفه
متوسط الحجم
أخذته وقرأت موضوعه "المنتخب من غريب كلام العرب"
تصفحته ففهمت شيئا
وذلك أن هذا الكتاب يحتوي على كلمات مترادفة
ولكنها غير مستعملة أي غريبة
كدت أن أطير فرحا
كتبت منه كثيرا من الألفاظ الغريبة
مثل "أبو عثمان" كنية حنش –حية عظيمة سوداء
فحدثت طريفة لهذا الاسم
يوما أمرنا أستاذ اللغة بكتابة بعض الجمل باللغة العربية
فكتبت جملة :-
"ضربت أبا عثمان الذي كان تحت سريري"(أو نحوها)
فدعاني الأستاذ كأنها ساءته فقال" ماهذا؟"
فقلت "أبو عثمان كنية الحية"
فضحك الأستاذ حفظه الله وآجره الله أجرا حسنا
وما مثلي ومثله إلا كالذي وقعت بيده لؤلؤة صناعية فظن أنها تعجب الغواص
حفظت من هذا المنتخب أفعالا لنزول المطر مثل هطل, ونزل ,أمطر....
و تركته بعد هذا ولعلي عدت إليه بعد هذه مرات قليلة
ثم عرفت أن هذا الكتاب الذي بعثرته (لا أقول قرأته)
للإمام أبي الحسن علي بن الحسن الهنائي المعروف بكراع النمل (ت 310هـ)
__________________